-->

رواية جديدة طُياب الحبايب مكتملة لرضوى جاويش الفصل 45 - الجمعة 4/7/2025

 

قراءة رواية طُياب الحبايب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية طُياب الحبايب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رضوى جاويش


الفصل الخامس والأربعون


تم النشر الجمعة 

4/7/2025

ـ وانفرط العقد.. 


الرسلانية ١٩٦٥..

حين تأكد لها أن الطريق خالِ، وأن الجميع في شغل عنها، تسللت في خفة نحو حجرته، دخلتها في حذر.. متجهة صوب قميصه المعلق على المشجب، دافعة بما كانت تحمله بكفها في حرص لعمق جيبه الخارجي، لتعود سريعا لحجرتها متنفسة الصعداء أنها أتمت الجزء الأهم من وجهة نظرها.. وأن الباقي هي قادرة عليه.. هكذا صورت لها نفسها.. منتظرة بفارغ الصبر أن يأتي الموعد الذي عليها الذهاب فيه لتعرف نتيجة فعلها.. 

تنبهت أنه عاد لحجرته قادما من حجرة أمها.. ولم يغب طويلا بها.. بل خرج مسرعا منها للخارج.. فاستعدت لتلحق به.. 

تجملت واضعة أفضل أثوابها.. مندفعة في حماس تتبعه، حتى إذا ما وصلت للموضع المنشود، حتى همست في رقة: ازيك يا رؤوف!.. 

تنبه رؤوف لحضورها، رادا تحيتها، مخرجا خطابها من جيب قميصه، معيده لها في هدوء، مبتسما في ثقة، قائلا: الچواب ده لجيته فچيبي، جلت اكيد چه بالغلط.. أصلك مش ممكن برلنتي تربية عمتي صفية وعمي مختار، تكون هي اللي حطت الچواب ده فچيب خطيب أختها التوأم.. ولا ايه يا بت عمتي!.. 

هم رؤوف بالرحيل، لتستوقفه برلنتي مؤكدة في صلف: لا أنا اللي كتبته، كتبت كل حرف فيه من جلبي.. وحطيته في چيبك بيدي.. وجاصدة كل كلمة جريتها فيه.. 

تطلع رؤوف نحو برلنتي في صدمة: أنا مش قادر اصدج.. عارفة إني رايد أمينة من زمن.. وطلبتها من عمتي من بعد الثانوية العامة واحنا فحكم المخطوبين وعلى چواز متأچل لحد ما ربنا يئذن في رچعة عمي مختار م اليمن.. وبشفا أمي م اللي صابها.. وچاية تجولي ريداك.. واطلب يدي.. وكلام فارغ.. كنك اتچنيتي!. 

هتفت برلنتي في نبرة مقهورة: ايوه اتچننت، وهعمل أي حاچة بس ترضى بيا، أنا بحبك من زمان يا رؤوف.. وبعدين فيها ايه لما ترچع فكلامك وتجول لهم أنا رايد برلنتي مش أمينة.. متفجتوش وهي مش مناسبة ليك.. ايه فيها!.. بتحصل عادي..

تطلع رؤوف نحو برلنتي في تعجب، فما كانت تخبره به اللحظة، شيء لا يمكن تقبله، وما كان له رغبة في الانتظار وسماع المزيد من هذا الهراء.. ما دفعه ليهرول مبتعدا لا يعبأ لنداءاتها التي حاولت إيقافه.. تاركا برفضه.. ندبة لن تمح أبدا عن جدار القلب.. 

❈-❈-❈

القاهرة ١٩٦٥.. 

هتف صبرة العدوي وهو يدخل لمكتبه المشترك مع فضل وعدد من الصحفيين، هاتفا وهو يلوح بجريدة ما ملقيا بها في استهتار على المكتب: اللي اسمه أبو صباع ده ولا أبو دراع شكله مش هيجبها البر.. مقالاته عاملة قلق.. عامل نفسه الفهامة الوحيد فالبلد.. وإن أصحاب القرار مش عجبينه.. 

مستطردا وهو يتطلع إلى فضل بنظرة جانبية لها مغزى لا يمكن تجاهله: مش هيخرس إلا لما يقطعو له دراعه التاني.. ولا ايه يا فضل! 

تطلع نحوه فضل في لا مبالاة، مجيبا في استهانة: مش هيخرس إلا لو قطعو دراعه.. مش الأولى يقطعو لسانه عشان يخرس.. ولا ايه يا أستاذ صبرة!.. 

قهقه الزملاء على مزحة فضل، بينما ظل صبرة على نفس بروده متسائلا: ألا هو ليه مسمي نفسه أبو دراع!.. هااا!.. 

هم فضل بالإجابة إلا أن رئيس التحرير دخل الغرفة مجيبا: يمكن يكون اسم العيلة! أو يمكن عشان عايز يجيب حقه بدراعه!.. كل ده جايز.. 

ثم استطرد رئيس التحرير جاذبا الحوار بعيدا عن أبو دراع وسيرته، موجها حديثه لفضل متسائلا: ايه يا فضل! أنت ايه اللي مقعدك لحد دلوقت.. مش قلت عندك ميعاد مع الدكتور!.  

نهض فضل من خلف مكتبه، مؤكدا: ايوه، أنا فعلا لازم أقوم وإلا هتأخر.. 

ليستوقف رئيس التحرير فضل، بعد خروجه من المكتب، متسائلا في مودة: ايه الأخبار يا فضل! معقول مع الدكاترة دي كلها.. مفيش تحسن ولا حتى بسيط!.. 

تنهد فضل مؤكدا في حزن: مفيش دوا جايب نتيجة.. بقالنا شهور على كده.. ألم بطنها زي ما هو.. بقت عايشة ع المسكنات.. ومحدش عارف عندها ايه.. اهو الدكتور ده اللي ريحين له.. الكل شكر فيه.. ويا رب يكون على أيده الشفا.. 

همس رئيس التحرير: إن شاء الله.. روح عشان متتأخرش.. 

مر فضل على فايزة بشقتهما بمصر الجديدة ومنها لعيادة الطبيب، الذي فحص فايزة في هدوء ممل، متطلعا نحو بعض التحاليل الطبية وصور الإشاعة السينية، وأخيرا عاد خلف مكتبه، يخط بعض الكلمات باللغة الإنجليزية على ورقة بيضاء، أعطاها لفضل مؤكدا: متقلقوش بسيطة.. تاخد بس الأدوية دي وبعد فترة بسيطة هتتحسن إن شاء الله.. ألف سلامة.. 

كانت كلمته إيذانا بانتهاء وقتهما، فخرجا في هدوء من غرفة الكشف، ومنها للخارج.. إلا أن الممرض اندفع خلف فضل مطالبا: يا أستاذ.. شكلك نسيت حاجة في اوضة الكشف!.. 

اكد فضل: هشوف نسيت ايه وراجع لك على طول.. استريحي هنا..

اندفع فضل للداخل، وما أن عاد للطبيب حتى همس له في نبرة آسفة: أنا مرضتش أقول الحقيقة قدام المدام.. بس للأسف كل الاشاعات والتحاليل بتأكد حاجة واحدة بس.. ورم ولابد من استئصاله.. 

همس فضل في ذعر: ورم! وده ممكن يهدد حياتها!.. 

أكد الطبيب: للأسف أيوه.. عشان كده كل ما اسرعنا في إجراء العملية كل ما كان أفضل.. 

سأل فضل: وإجراء العملية ده هيخلي صحتها تمام بعدها!.. 

همس الطبيب: نتعشم.. طالما الورم حميد.. ومنتشرش بشكل يصعب السيطرة عليه.. وللأسف ده مش هيظهر إلا فالعملية نفسها.. 

هز فضل رأسه متفهما، شاكرا الطبيب قبل أن يغادر راسما على وجهه ابتسامة مفتعلة، ما أن واجه فايزة، التي تعجبت من تأخره، ليجيبها في هدوء: سألت الدكتور على شوية حاجات كده كنت بحس بها.. وقلت بالمرة يكتب لي دوا معاكي... 

وتطلع نحوها وهما يهمان بالخروج من البناية هامسا في غزل: شكلي بكبر يا فوز، لكن انتي عيني باردة عليكي.. بنت تمنتاشر.. 

قهقهت فوز ساخرة: بكاش، وأنا وأنت عارفين إني كبرت زيك.. ده أنا بيني وبينك ميجيش تلت سنين فرق.. 

همس فضل في عشق: بيني وبينك دنيا مكنتش هعيش أجمل منها.. سامعة يا فوز!.

أرهفا السمع وهما يسيران على رصيف شارع الجمهورية.. فؤاد سابقا.. بوسط البلد.. وإحدى المقاهي القريبة نوعا ما يبث مذياعها اغنية لأم كلثوم، ليصاحبها فضل الغناء بصوت عالِ، تصاحبه ابتسامة فوز الخجلى من نظرات المارة على أفعال زوجها المجنونة، والتي تعشقها على الرغم من تطرفها، شاديا في صوت جهوري: 

أمل حياتي يا حب غالي ما ينتهيش..

يا أحلى غنوة سمعها قلبي ولا تتنسيش..

واقترب فضل من فايزة مترنما في شجن: 

خد عمري كله.. بس إنهاردة.. بس إنهاردة.. 

خليني أعيش، خليني أعيش.. 

ثم تحشرج صوت فضل، وهو يضم ذراع فايزة بكلتا ذراعيه، هامسا: خليني جمبك..خليني.. في حضن قلبك.. خليني.. 

ربتت فايزة على كف فضل المتشبثة بها، هامسة تسأل، وهي تطل لعمق عيني زوجها: الدكتور قال لك ايه عليا يا فضل!.. 

سال دمع فضل رغما عنه، وهمس معترفا: كل خير، بس لازم عملية يا فوز.. حاجة بسيطة عشان يشيل اللي كان مسبب لك المغص الشديد ده.. وبعدها هتقومي تجري وتبقي زي الفل.. 

ساد الصمت لبرهة، وما أن هم فضل بقطعه، حتى هتفت هي معاتبة: وقفت غنا ليه!..

همس فضل معترفا بشجن: شبعت م الغنا يا فوز.. كفايانا أغاني.. 

همست فايزة وهي تتشرب ملامحه في هيام: اللي زيك عمره ما يشبع ما الغنا.. اللي زيك اتخلق عشان يغني يا فضل.. 

وبدأت هي تغني، مكملة اغنية أم كلثوم، حيث توقف: وسبني أحلم سبني.. يا ريت زماني.. يا ريت زماني.. ميصحنيش.. ميصحنيش.. 

قهقه فضل على ضياع رزانة زوجته المعتادة، والتي انقلبت بعدوى منه لمجنونة مثله.. 

لكن بغتة وبلا سابق إنذار.. توقفت إحدى السيارات لينزل منها عدة رجال مفتولي العضلات.. جذبوا فضل في قوة، دافعين به لبطن السيارة القاتمة اللون.. مصحوبا بصرخات فايزة باسمه.. وكذلك صرخات فضل باسمها في ذعر على مصيرها.. حين دفع بها أحد الرجال بغلظة.. لتسقط أرضا.. 

❈-❈-❈

الرسلانية مطلع ١٩٦٦..

ما حدث، كان وضعا عبثيا على كل الأحوال.. أن يُعتقل فضل، وتصر فايزة بعدها على إتمام زواج رؤوف وأمينة على الرغم من غياب أبيها هي الآخرى.. ذاك كان الجنون بعينه.. فلم يدرك مخلوق مرض فايزة ولا حاجتها إلا إجراء جراحة عاجلة، إلا حين اضطرت لإخبار الجميع بنفسها ليكن ذاك شرطا لاتمام الزفاف في أقرب فرصة.. وقد كان.. كان زفافا بسيطا جمع العائلة فقط بلا أي غرباء.. والشيخ معتوق الذي تولى إجراء الصيغة الشرعية لعقد القران.. برفقة زوجته خديجة.. التي لم تكن تفارقه أبدا.. وكأنما علم كلاهما أن ما من أمل في انجابهما الأطفال، فتعلق كل منهما بكف الآخر كطفله.. وأصبحت خديجة ظلا للشيخ معتوق أينما حل.. 

هجع الجميع.. بعد ليلة مرت بلا ضجيج معتاد لزفاف كان من المفترض أن يكون من أكبر حفلات الزفاف في البر كله، فها قد جُددت الصلة والنسب بين عائلتي الرسلانية والحرانية.. للمرة الثالثة في تاريخهما المشترك.. 

لتتسلل برلنتي التي كان الغل يأكل قلبها على ما آل إليه حالها بعد أن رفضها رؤوف مفضلا عليها أختها.. هي تحبه.. بل تعشقه.. فلمَ فعل بها هذا! وما الفارق بينها وبين أختها حتى يتركها ويختار توأمتها!.. ما الذي وجده فيها ولم يجده بها!. أسئلة كثيرة دارت بخلدها وهي تخرج في حذر من حجرتها التي أصبحت لها وحدها الآن، بعد انتقال أمينة لحجرة زوجها التي كانت بنهاية الرواق.. هناك.. وحيدة ومتطرفة وخاصة جدا حتى تهب للعروسين الكثير من الخصوصية بعيدا عن باقي غرف السراي.. لكم كان ذاك الخاطر يغذي احساس الغل الذي يتعاظم داخلها اللحظة، وهي تتذكر أن أمينة وليس هي.. من تنعم بقربه الآن وتنل محبته واهتمامه!.. سارت مبتعدة، تحاول أن تتخلص من أحاسيسها تلك التي تكاد أن تقتلها، مدركة أن رسالة نجيب جاءت في الوقت المناسب لها تماما.. لأن بقاءها هنا فالسراي لم يعد يطاق، ولن تقدر على رؤية الزوجين السعيدين قبالتها في الذهاب والأياب.. ذاك أمر يفوق قدرتها على التحمل.. تسمرت موضعها ما أن همس صوت باسمها مستوقفا، ما دفعها لتستدير حتى تكتشف أن جدتها أنس الوجود هي من تنادِ، حاولت أن تستر تلك الحقيبة التي تحمل، حتى لا تلفت انتباه جدتها الغالية، والتي أمرتها بأن تتبعها لحجرتها.. 

سارت برلنتي في طاعة خلف أنس الوجود، التي جلست على مقعدها المفضل معاتبة برلنتي ما أن وقفت أمامها منكسة الرأس في خزي: عايزة تمشي يا برلنتي! للدرجة دي أمك هانت عليكي!.. مش كفاية وضعها بعد رحيل مصطفى.. ومن بعده ابيك مختار الذي لم نسمع منه أو عنه خبرا منذ سنوات ولم يعد.. ولازلنا على أمل عودته بعد انتهاء الحرب.. حتى تزيدي من اوجاعها بهروبك للزواج من نجيب.. نجيب يا برلنتي.. قاتل ولدها الوحيد.. 

لم تنطق برلنتي حرفا، لتستطرد أنس الوجود في هدوء: نجيب ولد جيد.. طيب القلب له اب قاسي.. وما حدث كان قضاء وقدر.. كلنا نعلم هذا.. لكن من يقنع صفية!.. ولا لوم عليها.. فمع كل نظرة نحو نجيب ستتذكر مصطفى.. 

همست برلنتي: بلاش السيرة دي يا آنّا.. بلاش سيرة موت مصطفى.. نچيب مكنش يجصد.. ده جعد جافل على روحه لشهور بعد اللي حصل.. 

تطلعت أنس الوجود نحو برلنتي متسائلة: وإنتي بتحبي نجيب للدرجة اللي تخليكي تختفي من حياة أهلك وتهربي معاه!.. بتحبيه برلنتي، ردي!.. 

أكدت برلنتي مقرة: ايوه بحبه يا آنَا.. بحبه وبعده عن الرسلانية زي رغبتي فالبعد عنها أنا كمان.. 

هتفت جدتها في حسرة: عشان رؤوف أختار أمينة لمشاركتها حياته!.. 

شهقت برلنتي في صدمة، لتبتسم أنس الوجود مشيرة لها، لتجلس قربها في هدوء، هاتفة تبلغها: هل تعتقدي أن ما من أحد جرب العشق سابقا!.. وكان على استعداد لفعل اي حماقة في سبيل الهوى!.. أنا فعلت ما لديك نية لفعله.. وهربت بالفعل..

شهقت برلنتي مجددا: إنتي يا آنَا!..

أكدت أنس الوجود: نعم أنا.. ورجال أبي كاظم باشا كانوا لنا بالمرصاد.. وعملوا على اعادتي للقصر.. وكم أنا ممتنة أنهم فعلوا.. فلولا عودتي ما جرت مسارات حياتي حتى التقيت جدك سعد باشا رسلان.. وعشت معه أروع أيام حياتي.. وصنعت معه أجمل عائلة وذكريات.. 

مدت أنس الوجود يدها بمظروف ما، هامسة: خدي.. ده جزء من أملاكي الخاصة.. شقة مصر الجديدة.. كتبتها باسمك لو فعلا ناوية على الرحيل.. لو سافرتي تبقى عارفة هتروحو على فين!.. والشقة تبقى تحت تصرفك ف أي وقت.. خدي يا برلنتي.. أنا أعرف أن ليس من السهل تغيير رأي استقر برأسك اليابس.. وهذا سبب عدم تدخلي في قرارك.. لكن لو تراجعتي عن قرارك... اعيدي الأوراق هنا على هذه الطاولة.. ولن يدرك مخلوق عن برغبتك المجنونة هذه شيئا.. 

هزت برلنتي رأسها في طاعة.. وما أن همت برلنتي بالنهوض مغادرة حجرة جدتها، إلا واستوقفتها أنس الوجود مؤكدة: انتبهي برلنتي.. لو غادرتي الرسلانية بهذا الشكل المخزي.. لن تعودي.. لن تعودي إلى الرسلانية أبدا.. اتفهمين هذا! 

تسمرت برلنتي موضعها لبرهة، قبل أن تهمس بصوت متحشرج: عارفة.. 

همست أنس الوجود: القرار قرارك.. 

هزت برلنتي رأسها في تفهم، قبل أن تغادر حجرة جدتها، وهي في تيه.. لتهمس أنس الوجود في حسرة: روحي يا برلنتي.. يمكن يكون في ذهابك مصلحة للجميع.. آه يا سعد باشا.. وانفرط العقد من بعدك.. انفرط ومن له أن يجمعه من جديد!.. 

❈-❈-❈

القاهرة ١٩٦٦..

اتفرج ذاك الباب الحديدي عن أحد زبانية ذاك السجن الذي يجتمع فيه كل صاحب رأي عارض النظام.. ملقيا دلوا من الماء البارد على أرضية الزنزانة الرمادية الضيقة الملقى فيها وحيدا منذ زمن لا يعرف مداه.. فقد كان آخر عهد له بالحرية.. يوم أن علم بمرض فوز وضرورة إجراء جراحة عاجلة لإنقاذ حياتها.. هل قامت بالجراحة!.. هل هي بخير!.. أم أنها لم تعلم مخلوق بضرورة اجرائها من الأساس!.. هو يدرك عقل فوز ويعلم أنها قادرة على تحمل الألم دون أن تشعر من حولها بوجود ما يستحق الانتباه له.. والقلق بشأنه.. 

لم يحرك ساكنا حين وصلت المياه لما دون مجلسه متسربة إلى ملابسه، كما تتسرب الذكرى إلى طيات مخيلته.. مغمضا عينيه في تسليم، تاركا خياله يركض كفرس جموح ليصل لأيام زواجهما الأولى.. حين اكتشف نقاء صوتها العذب الذي اشجاه عمرا.. ومن هناك.. من نقطة بعيدة في آخر أروقة المخيلة.. تذكر يدها الحانية وهي تملس على ذقنه الحليق.. وكفها تجول على ظهره الذي التهب بالسياط اشهر الأسر الطويلة فأصبح أشبه بلوحة بيضاء عبث بها قلم طفل نزق بقلم لا يمكن محو أثر أحباره.. وأخيرا.. جاء صوتها الشجي يتهادى كهودج سلطاني يقترب في غنج.. وهي تدندن أغاني سيد درويش.. و..

انتفض فضل للصرخات القادمة من زنزانة قريبة، لابد وأنه وارد جديد.. كانت صرخات الشاب موجعة ترجف قلبه، وفزعت لها طيور ذكرياته فما حطت من جديد على أغصان مخيلته.. لكن الرحمات دوما ما تنزل على أصحاب الكروبات.. ليتناهى لمسامع فضل صوت دندنة قريبة.. وكأن صاحبها يحاول أن يلهي عقله عن صرخات المعذب القريبة.. ما جعله يسأل في فضول: ياللي بتدندن.. بتعرف تغني!.. حسك حلو!. 

أكد الشاب في أريحية: بيقولوا.. 

طلب فضل في رجاء: طب لجل الغاليين.. وزميلك اللي صوت صريخه ده جايب لآخر الدنيا.. علّي حسك.. وسمعنا.. أي حاجة لسيد درويش.. 

ساد الصمت لبرهة.. قبل أن يبدأ الشاب في الغناء، وعلا حسه في عذوبة: 

زروني كل سنة مرة.. حرام تنسوني بالمرة.. 

يا خوفي والهوى نظرة.. تيجي وتروح بالمرة..

حبيبي فرقتك مُرة.. حرام تنسونـي بالمرة..

            حرام تنسوني بالمرة.. 

علا صوت فضل مرددا، لتعلو الأصوات مرددة في رهبة بنبرة متقطعة.. حتى تشجعت تدريجيا صادحة من هنا وهناك.. لتغطي على صوت صرخات الشاب.. لكن السجانين كانوا بالمرصاد.. دخلوا الممر الضيق المنثور على جانبيه الزنازين الفردية الخانقة.. يضربوا على قضبان أبوابها الحديدية في قوة بغية اخراس قاطنيها عن الغناء.. الذي صدح أكثر كنوع من مقاومة سلبية ما عاد أحدهم يملك إلاها.. ليؤكد لنفسه أنه ما يزال على قيد الحياة.. 

❈-❈-❈

الرسلانية ١٩٦٦..

حقيقة هروب برلنتي كانت صادمة للجميع.. بكت أمينة بعاد شقيقة روحها، وما استوعبت سبب أقدامها على حماقة كهذه، فهي أبدا لم تبد اهتماما بنجيب، بهذا الشكل الذي ينبىء بوجود علاقة حب قوية بينهما.. قد تدفعها لارتكاب فعل مشين كهذا.. أما عن رؤوف فوحده كان يعلم أن السبب الرئيسي لفعلة برلنتي هو رفضه وتمسكها بغباء اعتقادها أنه يمكن أن يكون لها يوما ما.. وأن تكون هي بديلا عن أمينة.. واسى أمينة المغيبة عن سبب فعلى أختها.. ووضع كل اهتمامه في إقناع أمه بالاسراع في إجراء الجراحة كما وعدت بعد زواجه.. والتي كانت تتكاسل عن تحديد موعد لها مع الطبيب.. مثيرة الكثير من الجدل بينها وبين ولدها البكر.. 

أما صفية.. فكان وقع هرب برلنتي صادما.. لا لمجرد اتيان ابنتها فعلا ليس من شيم بنات العائلة.. لكن أيضا.. لاختيار نجيب من بين كل رجال العالم ليكون ذاك الرجل الذي تهبه حياتها وتشاركه حياته.. كيف استطاعت ذلك!.. كيف نسيت مصطفى أخيها هكذا بكل سهولة.. ودماءه الطاهرة ما تزال يد نجيب ملطخة بها!..

وكيف لبرلنتي أن تكون بهذه القسوة!.. وتحرمها من فرحتها كأم بزفاف ابنتها ورؤية ثمرة عمرها قبالة ناظريها بثوبها الأبيض تزف لعريسها في عز أبيها وفرحة العائلة!.. 

كان الصمت هو رد فعل صفية الظاهر على ما جرى.. لكن تلك النيران المستعرة بجوانحها لم تنطفىء يوما أو تخبو جزوتها.. 

سراي رسلان غطاها الصمت.. ونسج السكون الموجع خيوطه بين جدرانها وعلى أعمدتها.. ليصبح كل فرد داخلها.. منكبا على حزنه الخاص.. لاه به عمن سواه.. حتى إن أحدهم لم يلق بالا لسعاد التي تسللت من حجرتها.. في اتجاه الحديقة الخلفية.. ومنها لذاك السور المنخفض نسبيا عما عداه.. لتبصر صبري واقفا بانتظارها.. هامسا يسأل ما أن طالع محياها: كيفك يا سعاد!.. انوحشناكم!.. 

همست سعاد في حياء: طولت الغيبة.. 

أكد صبري: خايف حد يلمحنا سوا.. وإنتي واعية إن غرضي أكلم رؤوف من زمن.. بس الظروف عندكم مش ولابد.. وخصوصي لما سمعنا بتعب عمتي فوز.. وأكيد إنتي اللي على طول وياها.. ربنا يجومها بالسلامة.. 

هزت سعاد رأسها متفهمة لأسباب تأخره في طلبها للزواج.. مستطردا: بس خلاص.. أني هكلم أبوي.. يتفج مع رؤوف على كل حاچة.. لحد ما ربنا يئذن ويفك كرب عمي فضل بالسلامة.. 

همست سعاد في لهفة: هتكلمه صحيح!.. 

هز صبري رأسه في إيجاب مبتسما: ايوه.. يومين وهتلاجيه هنا.. ويتحجج المراد...

ابتسمت سعاد في فرحة.. مندفعة تتعثر في خطواتها.. مبتعدة عن موضع وقوف صبري.. الذي ظل يرقبها حتى غابت عن ناظريه ليعود للعرابة في نشوى بعد أن شعر أن أمنيته في الاقتران بسعاد والتي كانت تخالج صدره منذ زمن.. قد صارت قاب قوسين أو أدنى.. 

❈-❈-❈

الرسلانية ١٩٩١.. 

مع نسمات الفجر الأولى.. توقفت أصوات المعركة.. وانتشرت قوات الأمن بالجبل كله.. وتطايرت الأخبار هنا وهناك.. عن إصابة كل من النقيب سراج الحفناوي.. وكذا حبيب رسلان.. 

ليصل الخبر لقاطني السراي عن طريق شبل، الذي دخل منكس الرأس نحو التعريشة التي كانت أنس قد سكنت إليها ما أن ايقظها صوت الطلقات النارية لحظة المداهمة.. وعلمت من شبل ما كان.. فلم تبرح موضعها على أمل عودة حبيب سالما بصحبة منيرة.. لكن رؤيتها لشبل وهو قادم نحوها بهذه الهيئة لا يبشر بالخير أبدا.. ما جعلها تنتفض مسرعة صوبه، تسأله في عجالة: في أخبار يا شبل! انطق.. ايه اللي جرا!.. 

أكد شبل في حزن: بيجولوا حبيب بيه متصاب وفالمستشفى ومعاه ست منيرة رايحة عن الدنيا لما شافت أخوها ع الحال ده.. 

تمسكت أنس الوجود بأحد أعمدة التعريشة حتى لا تسقط أرضا.. تحاول التماسك حتى تستطيع قدماها حمل جسدها الذي بات ثقيلا بغتة.. هامسة تسأل شبل: حالته خطيرة!.. حد قالك أي حاجة تاني.. 

هز شبل رأسه نافيا، لتأمره وهي تدفع قدميها دفعا: طب خدني لهم..

هتف شبل: طب هشوف دكتور سرور وأستاذ مدثر عرفوا بالخبر ولا.. 

امرته أنس في حزم: خدني حالا.. وبعدين بلغ اللي تبلغه.. 

اندفعت أنس الوجود لداخل المشفى كالمجنونة تسأل عن موضع حبيب ومنيرة.. 

ليخبروها أن منيرة بحجرة عادية.. لكنها نائمة أثر الدواء المنوم الذي حقنوها به، حتى تهدأ من أثر الصدمة التي تعرضت لها.. 

أما حبيب فقد كان بالعمليات.. ووجدت مدثر وسرور بالخارج في انتظار ما قد تسفر عنه الساعات القادمة.. لتهتف أنس متسائلة في لوعة: أخباره ايه!.. محدش طلع قال حاجة!..

هتف سرور مهدئا: إن شاء الله خير.. هو نزف كتير.. وطلبو دم مرة واتنين.. وجمنا بالواچب.. وربك كريم يا أستاذة.. دعواتك.. 

لم تستطع أن تكون رابطة الجأش كعادتها، فبكت رغما عنها.. وخاصة وقد طال الوقت.. وما من أحد خرج من غرفة العمليات ليطمئن الجميع.. ما دفعها لتبتعد عن زحام المكان.. تبكي وحيدة بآخر الرواق.. تقف أمام النافذة المفتوحة مبتهلة لله أن ينجيه.. لتفاجأ بصوت يهتف متعجبا: آنسة أنس! 

تنبهت فإذا به سراج يتعكز لإصابة ما في قدمه، متجها نحو غرفة العمليات ليطمئن على حبيب، متسائلا في قلق وهو يراها تحاول إخفاء أثر بكائها: حبيب بيه خرج من العمليات بخير!.. 

هزت أنس رأسها نافية: لسه جوه.. محدش حتى خرج يطمنا.. 

هاتفة وهي تتطلع لقدمه المصابة: ألف سلامة عليك.. 

رد سراج في ود: الله يسلمك.. 

واستطرد مترددا: وآنسة منيرة، بخير!.. 

أكدت أنس: أدوها منوم عشان ترتاح بعد الصدمة اللي خدتها.. بس هو ايه اللي حصل!.. 

فسر سراج: حبيب بيه طلع ورانا الچبل واحنا بنداهمو المچرمين دول.. مع إني محذرة ميطلعش لحاله.. لكن هو أول ما سمع صوت الآنسة منيرة بتصرخ وبتستنچد به من عزت.. مستحملش.. وراح...

قاطعته أنس الوجود في صدمة: عزت ابن العمدة! معقول!.. 

أكد سراج: ايوه.. احنا كنا متابعين نشاطه من فترة.. انضم للجماعة دول من كام شهر.. وكان بيسهل لهم دخول حاجات كتير كنا بنسبها تعدي تحت عنينا.. لحد ما جت اللحظة اللي مكنش ينفع نسكت بعدها.. ووقعناهم كلهم بضربة واحدة.. وموضوع الآنسة منيرة ده مكنش فالحسبان من أساسه.. بس هي جت كده.. 

هزت أنس رأسها متفهمة، واستأذنت تاركة سراج ليرتاح، متجهة من جديد نحو الرواق المفضي لغرفة العمليات.. لتنتبه لحركة هناك.. فأسرعت الخطى مهرولة، لتجد الطبيب يخرج مؤكدا: والله انكتب له عمر جديد.. ربنا يسهل بقى في ال ٤٨ ساعة الجايين.. ويعدو على خير.. 

لحظات مرت بعد أن أنهى الطبيب حديثه مغادرا، حتى خرج حبيب جسده ممدد شاحب الوجه مدفوعا على سرير مدولب، صوب غرفة العناية الفائقة.. 

والتي ما أن نقلوا جسده على فراشها عاري الصدر.. مصاب في الجانب الأيسر من صدره، الذي غُطي بالكثير من الشاش الطبي الأبيض.. الذي لم يخفي موضع جرحه.. بأثر الدماء الظاهر.. على بقعة كبيرة به.. حتى تم وصله ببعض الأنابيب والخراطيم الطبية الموصولة ببعض الأجهزة التي تقيس بدقة مؤشراته الحيوية.. 

وقفت أنس الوجود على الحائط الزجاجي تتطلع لجسده المسجي هناك وحيدا في ذاك الفراغ البارد.. فتضرعت لله في وجل.. وسالت دموعها من جديد.. وهي غير قادرة على تحمل رؤيته بهذا الشكل.. ولا تتصور أنه قد يرحل تاركا إياها وحيدة.. أن يغادر دون أن تخبره بسرها الأعظم.. ذاك السر الذي سترته حتى عن روحها.. أن تعترف له وهي واعية مدركة.. بل ومسلمة تمام التسليم.. وهي بكامل الثقة.. أنها.. أنها عاشقة.. عاشقة له حد النخاع.. 

اقترب سرور هامسا لها في تعاطف، وهو يراها على هذه الحال، تقف منذ ساعة وأكثر لم تحرك ساكنا: تعالي ارتاحي يا أستاذة.. ليكي ساعة واكتر واجفة على حيلك.. 

هزت أنس رأسها رفضا، هامسة بصوت متحشرج: متشكرة.. أنا كويسة ومرتاحة كده..

تركها سرور ولم يرغب في الضغط عليها، لتتطلع لجسد حبيب مجددا، هامسة لنفسها: راحتي هنا جنبه، قوم يا حبيب عشان خاطري.. قوم ده أنا مصدقت لقيتك.. متسبنيش.. 

وسالت دموعها من جديد.. مع اعترافها الذي دوى بأركان روحها: أنا بحبك.. 

❈-❈-❈

القاهرة ١٩٩١..

تنهدت في ضيق، فما عاد لها القدرة على تحمل قرع الذكريات على أبواب الوعي، لتسمح لها بالخروج برأسها كحية تطل خارجة لبراح الاسترجاع.. لتبصر قبالة ناظري روحها كل ما كان.. مع وقع كلمات فيروز القادمة من نافذة أحد الجيران الذي يعشق سماعها ليل نهار.. فيضغط غافلا علي مواطن الوجع المستورة منذ سنين طويلة بطول العمر بين جنبات وروحها.. والموصودة عليها بألف باب وباب.. 

لتتهض من موضعها على طرف فراشها.. تفتح ضلفة خزينة ملابسها، مدت كفها بالعمق حيث ذاك الصندوق المخبأ في حرص.. جذبته وعادت لتجلس من جديد.. تفتح الصندوق في هوادة وكأنها تخشى أن يقفز ما بداخله بغتة بوجهها.. مدت كفا مرتعشة متناولة مظروف صغير تفضه بأعين دامعة.. لتقرأ بصوت متحشرج ما خطته يداها منذ سنوات خلت تستشعرها وكأنها بالأمس القريب" رؤوف..

عارفة إنك هتستغرب كلامي.. بس بجد كل اللي هتقراه ده حقيقة مشاعري تجاهك.. 

رؤوف أنا بحب..ك.. أيوه بحبك.. وده من زمان.. 

من زمان لدرجة إني مش عارفة من امتى.. ولا إزاي حصل ده.. بس اللي أعرفه اني طلعت للدنيا لقيتني بحبك.. 

توقفت برلنتي عند هذا الحد، وبدأت تشهق في وجع.. وسألت نفسها بصوت عالِ: كان يستحق الحب ده، كل اللي عملتيه يا برلنتي!.. عشان تهربي من حب رؤوف.. بعدتي عن دنيتك كلها.. عن أهلك وناسك.. وبلدك.. عن حبايبك اللي تهتي عن حضنهم.. وروحك اللي فضلت بردانة ولا عمرها حست بالدفا فبعادهم.. 

مسحت دموعها بظاهر كفها، وتركت رسالتها لرؤوف جانبا، لتمد يدها نحو رسالة آخرى.. فضتها تقرأ في نبرة متحشرجة تأثرا..

"برلنتي.. 

مش عارف اللي هقوله ده عندك علم به، ولا لأ.. بس مبقاش وقت عشان اخبيه أو اداريه اكتر من كده.. برلنتي .. أنا بحبك.. يمكن مقلتهاش قبل كده ولا لمحت بها عشان مكنتش عارف ايه اللي ممكن يجرا بسبب الظروف اللي حصلت من بابا تجاه خالتك وداد قبل كده.. وزاد عليها اللي عمله مؤخرا.. وفوق ده كله موضوع مصطفى .. اللي أنا عارف ومتأكد إن طنط صفية لا يمكن تقبل بوجودي قصاد عينها بسببه.. بس على كل حال.. أنا ناوي أريح الكل من وجودي.. هريح والدتك من فكرة ظهوري قدامها ولو صدفة.. وهريح بابا وابعد وأشوف طريقة أدخل بها الجامعة من غير مساعدته.. وأخيرا هرضي روحي واعرض عليكي الزواج.. والبعد معايا.. أنا ماشي م الرسلانية ومش راجع يا برلنتي.. والحاجة الوحيدة اللي واجعة قلبي هي فراق أمي.. لكن هي شجعتني لما عرفت اللي بابا عايز يعمله في مستقبلي.. 

برلنتي.. متسبنيش لوحدي.. أنا حقيقي بحبك.. ولو رفضتي مش هقدر ألومك ما هو بنات الأصول ميتعاملوش كده.. أنا عارف.. انتي تستاهلي كل حاجة حلوة.. تستاهلي يتعمل لك فرح يتحاكى به القريب والغريب.. عشان انتي برلنتي.. بس ما باليد حيلة.. أما لو قبلتي.. فهيكون ده اسعد يوم فعمري كله.. وساعتها هتلاقيني منتظرك بعد فرح رؤوف وأمينة.. عند الساقية القديمة.. عشان نمشي سوا.. وأوعدك.. لو كان اختيارك من الدنيا وجودك معايا.. عمري ما هخليكي تندمي لحظة.. إنك اختارتي طريقي وصحبتي أبدا.. بحبك.. سواء كان رفضتي أو كنت أنا من المحظوظين وربنا كرمني بصحيتك.... نجيب".. 

أنهت برلنتي خطاب نجيب زوجها، وعينيها تذرف من الدموع أنهارا.. قربت الرسالة من فمها مقبلة في شوق.. وأخيرا ضمتها لصدرها في حنين، هامسة وهي تتطلع لصورة نجيب المعلقة على الحائط قبالتها: سامحني يا مجيب.. سامحني يا أغلى الناس.. محدش عرف برلنتي ولا حبها قدك.. محدش طيب قلبي ولا سايس جروحي إلا أنت.. والله لو ينعاد العمر من تاني.. ما اختار إلا صحبتك.. وساعتها هقف قصاد الدنيا كلها عشان أحبك فالعلن.. أحبك الحب اللي تستاهله.. أحبك وأنا فخورة إني حبيبتك.. هكون اشجع وأقوى يا نجيب.. وهقول كل حاجة.. كل حاجة يا حبيبي.. 


يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رضوى جاويش، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة