-->

رواية جديدة بحر ثائر جـ2 لآية العربي - الفصل 23 - الاحد 27/7/2025

 

قراءة رواية بحر ثائر الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية بحر ثائر

الجزء الثاني 

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل الثالث والعشرون


تم النشر السبت 

27/7/2025



ستجد حولك ثلاثة أنواع من البشر 

الأول حبيب يثق فيك ثقةً لا يهزها خطأ ولا تزعزعها زلة 

والثاني غريب يطالبك بدليل كي يثق ويقتنع بك 

والثالث عدو يكذبك ولو جئت بألف برهان 

إن كنت على حقٍ اتخذ من الأول صديقًا وقدم للثاني دليلك ، واترك الثالث لهما .(بقلم آية العربي) 


تثق فيه ثقة كبيرة لم تأتِ من عشرة سنوات ولكنها وُلدت من عشرة مواقف ،تدرك جيدًا أن حالته ومطالبته بها نتجت عن خوفٍ يأبى الاعتراف به ، وإن كان قد كَتب كتابًا عن دواخل المرأة فهي تدرك دواخله دون كتاب ،تدرك أنه تعرض خلال الأسبوع الماضي لضغوطٍ لم يتعرض لها على مدى سنوات ،تدرك غيرته التي ضاعفها الحجز ،وتدرك غضبه المكبوت داخله لأنه لم يشاركها ويساندها ،ولكن يجب أن تعيده لرشده وصوابه ،هو ليس أنانيًا قط ،يجب أن يتفهم ما مرت به في غيابه ،ويتفهم مسؤوليتها كأم .


لهذا هي لم تبادر في الحديث معه بعد كلماتها الأخيرة له والتي جعلته يتجهم ويلتزم الصمت إلا من كلماتٍ قليلة أبدى فيها إعجابه بالطعام بعدما تناولا الغداء وجلس يتحدث مع معاذ ثم انتقل إلى مكالمة مرئية داخل مكتبه مع رشدي  . 


وقفت في المطبخ أمام الحوض تزفر بتنهيدة مطولة ، انتهت من ترتيب الأغراض وتنظيف المكان، ووقفت تفكر هل ستغادر وهما على هذه الحالة؟ 


تعلم أنه ينتظرها لتبدأ الحديث معه ، يتمنى لو تجره بكلمة ، لو تشاغله بنظرة ، هو يبتز مشاعرها كما لم يفعل من قبل ، حقًا صدق حينما قال أنه أصبح ابنها الصغير ولهذا ستتعامل معه بنفس المنطق. 


وجدته يخرج من مكتبه ويتجه نحوها لذا تحلت بالثبات الظاهري وظنت أنه سيعانقها لذا أغمضت عينيها تستعد داخليًا لعناقه ولكنه مر من جوارها ووقف أمام ماكينة القهوة ليعد كوبًا له  . 


أسبلت بإحباط وغيظ ولكنها لم تظهر ذلك بل التفتت تطالعه ونطقت بطبقة باردة تخفي أسفلها طبقات من الحمم البركانية : 


- ثائر هو أنا ممكن اسأل سؤال بما أنك زعلان وواخد جنب ، هو لو كان معاذ مكان مالك ووعدي كان ليه هو كنت هتاخد نفس الموقف ده ؟ 


صُدم من تصريحها  ، من المعتاد أنه كان سيتفهم مغزى حديثها ولكنه في حالةٍ غير مستقرة لذا التفت يحدق بها واستنكر مردفًا  : 


- إنتِ شايفة كدة  ؟ شايفة إني بفرق بين معاذ ومالك؟ 


هزت كتفيها وتكتفت تجابهه بثباتٍ  : 


- ماعرفش أنا بسألك، وعلى فكرة مش هزعل لو قلت إنك بتميز معاذ لإن ده طبيعي في حــ  . 


تجهمت ملامحه وقاطعها بحدة  : 


- لا مش طبيعي، بس يظهر كدة علشان أنا طالبت بجزء من حقي فيكي بقيت أب سيء  . 


إنه يلقي باللوم عليها وهي من أرادت أن تفعل لذا شعرت بالضيق لتزفر أمامه لذا عاد ينظر لماكينة القهوة ويلتزم الصمت مجددًا. 


ما تشعر به الآن لا تحبه، تعلم هذا الشعور وترفضه معه لذا قررت اتخاذ خطوة نحو قلبه وخطوتين نحو جسده حتى وقفت أمامه تلفه لها فتجاوب معها وطالعها بعبوس لتتساءل بترقب  : 


- مالك يا ثائر  ؟ فيك إيه؟ 


أطال النظر لعينيها، ربما لثوانٍ، يتفحص مقلتيها بإعجاب وشرود ، ويفكر هل من الممكن أن تتفهم ما يمر به؟ هل يمكن أن تضع نفسها مكانه؟ تفكر بعقله؟ تشعر بقلقه؟ بحالة عدم الأمان التي تمر كغيمة على حياتهما؟ 


حينما طال تحديقه استرسلت وهي تتلمس كفيه  : 


- أنا عارفة إن الأسبوع اللي بعدونا عن بعض فيه بالقوة كان صعب، وعارفة إن حجزك بالشكل ده بعد اللي عملته مضايقك، وعارفة إن دخولي في الخطة لوحدي دي حاجة مش سهلة عليك، بس إنت لازم تفهم إن مش لوحدك اللي مريت بأسبوع صعب، أنا كنت برا أه بس مسجونة في خوفي وقلقي، أنا كنت حاسة إني مكشوفة من غيرك، كنت محتجالك جدًا، كنت خايفة على اولادي أوي، علشان كدة وعدت مالك، هتصدقني لو قلتلك إني استمديت قوتي منه  . 


حدقت في مقلتيه واستطرد بنظرة ثاقبة  : 


- ماقدرش اكسره أو ازعله، لو عملت كدة مش هبقى راضية عن نفسي، ووقتها هبقى أنا اللي أم سيئة، ومن البداية خالص أنا حبيتك ووافقت على جوازنا لأني حسيت إنك اللي هتقدر تعوض الجزء اللي اولادي افتقدوه في أبوهم، فاهمني يا ثائر! 


تنفس قليلًا، ينظر لها لبرهة، يمرر كلماتها على شريط عقله، يدرك أنها محقة وعلى قناعة بأنها أمٌ رائعة لذا أردف يبوح لها بما حدث معه : 


- معاذ زعلان مني جدًا، فتحت الفيديو وحاولت اتكلم معاه، سمعني وماردش، ماكنش بيبصلي، هو مفكر إن أنا بعدت عنه فجأة. 


زفرت بضيق وتركت يده تمسح وجهها وتستغفر، ربما في هذا الجزء هي المحظوظة عنه، حيث قضت ذاك الأسبوع مع صغيريها، أما ذلك الصبي فهي لم يكن في استطاعتها الذهاب إليه قط، وها هي تحمل همه على عاتقها لذا هزت رأسها تجيبه بحزن  : 


- معاه حق يا ثائر، هو مفكر إننا بنتفسح، للأسف الضريبة اللي هندفعها مقابل المهام اللي ممكن تنطلب مننا هتكون ضريبة صعبة أوي  . 


نطق بثباتٍ وتأكيد  : 


- مافيش مهام تاني هتنطلب، أنا اتكلمت مع اللوا رشدي في ده  . 


طالعته بعمق تشعر أنه لم يلقِ ما في جوفه كاملًا لذا تساءلت  : 


- وقالك إيه؟ 


تلك المرة هو من أمسك بكفيها واستطرد بنبرة موجعة  : 


- حتى لو فيه مهام هتكون معايا أنا ، إنتِ مش هتدخلي المجال ده تاني أبدًا ، الولاد محتاجينك أكتر مني . 


هزت رأسها بلا وعيناها تخبره بألا يفعل وبنبرة رافضة قالت  : 


- لاء ، مش بعد ما قطعنا الطريق ده كله مانوصلش مع بعض ، احنا هنخلص من توماس ومارتينا وتستريح بقى ، أنا والولاد محتاجينك ومحتاجين كل لحظة نقضيها معاك . 


سحبها يعانقها ويغمض عينيه بحزنٍ وقلق ثم أبعدها يردف بنبرة متعبة  : 


- يالا علشان تروحي  . 


❈-❈-❈


عادا إلى المنزل بعدما فشلت في استقطاب معاذ ، حيث لم يذهب الصبي إلى موعده على غير عادة  . 


دلفا واتجهت ترتد على الأريكة بضيق ، لم تفلح في قتل تلك الديما ، ولم تفلح في خطف ابنها ، ولم تفلح في الوصول إلى ثائر ، كل خططها إلى الآن فاشلة. 


تحرك توماس ينظر حوله ونادى بترقب  : 


- رحمة أين أنتِ  ؟ 


لم يأتهِ رد لذا اتجه يبحث عنها في المنزل وحينما لم يجدها عاد يرتد بجانب مارتينا ويريح رأسه ويفكر لتنطق وهي تطالعه  : 


- لمَ أتيت خلفي عند منزل تلك الفرعونية ؟ كنت سأستقطبها ، صدق أنني لا اهتم بخطف معاذ بقدر ما اهتم بقتلها  ، وكنت سأفعل لولا مجيئك  . 


ضحك عليها ونطق باستفزاز وهو على وضعه  : 


- لم أرَ ذلك، لماذا تتعاملين معها كأنها غبية؟ 


صاحت بغضب وهي تلكزه  : 


- لا تمدحها أمامي، بلا، هي غبية، جميعهن غبيات هنا كتلك رحمة التي تزوجتها . 


زفر بملل ونطق وهو يلتفت لها  : 


- كفى هراءً مارتينا، خذي ابنك وارحلي دون حماقة، ودعي ديما لي  . 


نطقها يغمز بعينيه قاصدًا إثارة حنقها وقد أثاره حينما انتفضت تنهض وتود لو تنقض عليه ، نظرت له نظراتٍ مشتعلة لثوانٍ قبل أن تجده يطالعها بعينين راغبتين لذا توغلها الخبث ومالت عليه تحيطه بذراعيها وتتحدث أمام وجهه بهمس قاصدة إثارته  : 


- هل صدقت نفسك توماس؟ هل تظن أنك ستجعلها تحبك؟ 


أمال جانب فمه بابتسامة ساخرة وأجابها باستفزاز  : 


- ولمَ لا ؟ ربما فعلت ما لم تفعليه مع ثائر منذ سنوات، ثم أنه لم يعد يهمني الحب، بت مثلك مارتينا أريد فقط التملك، لهذا سأمتلكها عاجلًا أو آجلًا  . 


تبادلا النظرات وحينما لمح الجحيم يتشكل في مقلتيها نزل بنظره لمنطقة صدرها الغير مستورة ، نظرة غير بريئة قرأتها جيدًا لذا أسرعت تجلس على ساقيه وتباغته بقبلة هجومية وهي تقبض على رأسه وتحركت يديه تتلمس ظهرها قاصدًا الاندماج معها ولكنهما لم يحسبا حساب دخول رحمة من باب شقتها ، تحمل الصغير النائم وتتقدم خطوة بترت في منتصفها ووقفت تطالعهما بصدمة وعدم استيعاب  . 


أسرع توماس يلقي بمارتينا ونهض يقترب منها ويحاول تبرير ما حدث مردفًا بتبعثر  : 


- رحمة حبيبتي أين كنتِ ،انظري ما تفكرين فيه غير صحيح ، أنا لم أفعل شيئًا   . 


لم تبالِ مارتينا ووقفت تطالعها بتبجح وتشفي ثم تحركت قاصدة الغرفة لتزيد من ضغطها النفسي ، كانت عينا رحمة معلقة عليها والآخر يبرر ويحاول جعلها تصدقه ولكن هل تكذب عينيها؟ 


طالعته بعمق ، لثوانٍ تتفحصه، تفكر، لم يعد هناك مجالًا للشك، نعم كانت غبية حينما ظنته يحبها وعاد إليها ، ولكن لماذا؟ لماذا اقترب منها وأعلن إسلامه كما طلبت وتزوجها ؟ هل من أجل صغيره؟ أم هناك سببًا آخر؟ 


تجلت الدموع في مقلتيها وتساءلت بحزنٍ يكسر مشاعرها  : 


- رأيتك بعيني توماس، لا تكذب، لمــــــــــــاذا  ؟


رفع كفاه يمسك بوجهها ويحاول التلاعب بها لذا نطق معتذرًا ومؤكدًا  : 


- نعم ربما أخطأت ، أعتذر ، حقًا أعتذر منكِ لن يتكرر هذا الخطأ ولكن هي من فعلت وأنا كنت غافيًا،حسنًا أعتذر منكِ مجددًا ، ستغادر الآن ولن تأتي هنا مرةً أخرى ، أنا لا يهمني سواكِ أنتِ وصغيري هذا  . 


نظرت في مقلتيه ولأول مرة لم تستطع تصديق حرفٍ واحدٍ من كلماته لذا احتضنت صغيرها جيدًا ونطقت تحاول الابتعاد  : 


- دعني أذهب لغرفتي ، عقلي مشوش الآن . 


زفر حينما وجدها تبعده فأفسح لها المجال لتتحرك وبالفعل تحركت نحو غرفتها ووقف يتطلع على أثرها ويفكر في حلٍ لهذه المشكلة، وهل ستقتنع وتصدقه مجددًا أم أنه يجب أن يبذل مجهودًا أكبر معها؟ 


مسح على وجهه وتحرك نحو المكتب ليتناول مشروبه وتخللته بعض الراحة حينما تذكر تأثيره عليها، من المؤكد سيسيطر على عقلها كالعادة ولكن لتهدأ أولًا  . 


❈-❈-❈


بعد أن تحدثا قليلًا بشأنهما، نهض ينوي الرحيل، تطلع عليها مبتسمًا بارتياح توغله بعدما واقفت على رحلة العمرة، لم تخِب نظرته لها من البداية، هي تمتلك حنانًا مستترًا وعاطفة طفولية، لا يظهران سوى مع من يتعامل معها بطريقة معينة تحبها  .


نطق بتريث  :


- إذا احتجتي حاجة رنيلي .


ابتسمت وأومأت فتحرك خطوة لتتذكر أمرًا ما لذا نادته بشكلٍ مفاجيء تسأله بترقب  : 


- صالح، كنت هنسى، إنت وافقت على موضوع لوتشو؟ 


توقف يطالعها بملامح متأهبة ويتساءل بعدم فهم  : 


- موضوع شو؟ 


قطبت جبينها تسأله  : 


- هو داغر مقالكش ولا إيه؟ 


وقف أمامها وتوغلته الغيرة ولكنه تحلى بالثبات واسترسل مستفسرًا  : 


- قال لي على شو؟  قوليلي إنتِ. 


توترت وظنت أنه ربما صرف شقيقها النظر عن هذا التعامل لذا لم يرد إخبار صالح، شعرت أنها تسرعت وحاولت تلطيف الأمر فنطقت  : 


- هو أكيد داغر تراجع مادام ما قالكش، خلاص يا صالح ماتشغلش بالك، أنا بس فكرتك عارف . 


لم يرتح ولن يهدأ إلا إذا فهم ما يحدث لذا عاد يجلس ويشير لها بالجلوس متسفهمًا  : 


- اقعدي هان واحكيلي شو صار، بدي افهم.. 


مطت شفتيها وتنهدت ثم جلست قبالته وسردت له توضح  : 


- اللي عرفته ان داغر قابل اللي اسمه لوتشو ده بالصدفة والتاني عرض عليه عقد تعامل بين الشركتين، وقاله ان شركتهم بتدعم الشركات الناشئة وكدة هتبقى قفزة نوعية للشركة بتاعتنا، وتقريبًا داغر قاله أنه هيقولك وتفكروا بس أنا كلمته قبل ما يخرج وقلتله بلاش طبعًا، الشخص ده أنا مش بثق فيه أبدًا. 


استمع إليها بعدم تصديق وتساءل باستنكار: 


- وداغر كان بدو يفكر؟ عم يمزح هاد ولا شو؟ 


حاولت تهدئته فنطقت  : 


- خلاص روق، هو أكيد تراجع بدليل أنه ماقلكش، معلش هو ممكن بسبب مساعدته ليكم خلت داغر يصدقه، وماتنساش إن شركتهم التانية هي اللي بتدعم شركة بسمة دلوقتي . 


بات يتقلب ولم يقتنع بكلامها، بل يستنكر كيف لصديقه أن يفكر في الأمر حتى؟ 


ربما دينا تبالغ؟ ربما فهمت الموضوع بشكلٍ خاطئ ؟ زفر بضيق وأردف بهدوء ظاهري  : 


- من بعد اذنك دينا فيكي تنادي على داغر، بدي احكي معه  . 


قضمت شفتيها بتوتر ولكنها أومأت ونهضت تتحرك نحو الخارج لتنادي شقيقها. 


عادت معه بالفعل وجلس داغر يبتسم ويتساءل وهو يربت على ساق صالح  : 


- خير يا صالح، اتكلم. 


نظر صالح إلى دينا التي جلست ونطق بلطفٍ : 


- خلينا لحالنا من بعد اذنك يا دينا. 


نطقت معترضة تخشى أن يختلفا : 


- اتكلم يا صالح مهو أنا اللي سألتك  . 


بعينين يحتلهما الحزم نطق بنبرة هادئة نوعًا ما  : 


- إذا بتريدي.. 


تنهدت تومئ ونهضت تتحرك نحو الخارج وتغلق الباب عليهما ليتعجب داغر ويردد  : 


- في إيه يا صالح؟ 


تساءل بتأهب  : 


- شو موضوع لوتشو هاد ياخو؟ 


زفر داغر وتفهم سبب انزعاجه لذا اعتدل يردف  : 


- مافيش يا صالح، أنا كنت هتكلم معاك بس انشغلنا في المعدات اللي وصلت النهاردة، هو قابلنا امبارح أنا وبسمة ولقيته بيعرض عليا عرض يعنيـــــــــ  . 


- عرض شو؟  بدو يوقع تعامل معنا؟ 


نطقها صالح باستنكار ليبرر داغر موضحًا وجهة نظره  : 


- بص يا صالح، إنت عارف إن الجدع ده ماكنش بينزلي من زور، وكفاية إن الموضوع يمس اختي، بس بصراحة هو الوحيد اللي قدر يساعدنا واحنا كنا في حالة ما يعلم بيها إلا ربنا، ده يخليني اهدى من ناحيته، ولو ع المعاملة فهو مش رئيس الشركة ده مجرد مدير تنفيذي، بس إنت أكيد مستوعب يعني إيه شركة صينية عملاقة زي دي تضمن شركتنا وتتعامل مع مصنعنا، هتبقى خطوة مهمة أوي بالنسبالنا، أديك شوفت لما تعاقدوا مع شركة بسمة حصلها إيه بعد ما كانت أسهمها بتنزل  . 


لم يصدق أن داغر يفكر هكذا، هل يثق مجددًا في ذلك اللوتشو؟ 


نطق بنظرات ثاقبة ونبرة غامضة  : 


- بلكي منشان هيك ساعدنا؟ منشان يخليك تصدقه هسا ، عن جد آخر شي كنت اتوقعه أنك تصدقه، اصحى يا داغر، فـــــــــوق هاد همه الأول والأخير دينا، وأنا مستحيل احط إيدي في إيد هالصيني لو شو ما صار ، لو راح أخسر الشركة كلها ما عندي مشكلة بس مش رح أكون تحت رحمة هالخبيث. 


استنكر داغر طريقته ونطق مندفعًا  : 


- في إيه يا صالح؟ إنت بتتكلم كإني بايع اختي، انت عارف كويس لو فكر بس يقرب منها خطوة هعمل في إيه، وعلشان كدة قلت اديله فرصة، إنه ماحولش يستغل اللي عمله ولا يقرب منها تاني، وبعدين شكله داخل في علاقة جديدة، ولو إنت مش موافق على التعاقد ده خلاص براحتك بس هي كانت فرصة كبيرة لينا، وانت فاهم يعني إيه شركة زي دي تتعامل معانا  . 


طالعه بثقب ثم نطق متسائلًا بمغزى : 


- وليه إنت؟ ليه الشركة تبعتنا يللي بدو يدعمها؟ 


شرد فيه داغر يفكر في إجابة لسؤاله لذا هز منكبيه يجيبه  : 


- مايمكن عايز يثبت حسن نيته  . 


كاد صالح أن يحتد ولكنه تمالك ونهض يواجهه ويردف بشموخٍ ومغزى: 


- وانا بديش هالتعامل، وبديش افترض حسن نية هالشخص، وانت فكر منيح وشوف شو بدك تعمل  . 


تحرك بعدها يغادر الغرفة ليجد دينا تجلس في الصالة تنتظرهما لذا حينما لمحته نهضت تتجه له وتسأل بعينيها بعدما لاحظت تجهم ملامحه لتجده يردف مختصرًا قبل أن يرحل  : 


- بشوفك دينا، وصلي سلامة للخالة منال  . 


تحرك يغادر وتركها تطالع أثره بتوتر لذا التفتت على إثر صوت شقيقها تقف أمامه وتسأله بترقب  : 


- إيه اللي حصل يا داغر؟ إنتوا زعلتوا؟ 


نظر لها وكاد أن يحتد لأنها أخبرته ولكنه زفر لأن صالح كان سيعلم بكل الأحوال لذا تحرك نحو غرفته ليكظم غيظه قبل أن يطولها وليفكر جيدًا في كلمات صالح  . 


❈-❈-❈


بعد يومين 


كان الوضع فيهما على ما هو عليه 


رحمة تفكر وتدعي تصديق توماس، مارتينا تخطط لقتل ديما، صالح وداغر يتحدثان ولكن علاقتهما ترتدي قناعًا رسميًا منذ ما حدث ولكن داغر تراجع قليلًا عن موقفه. 


أما ديما فهي ليلًا مع صغارها وصباحًا في المجلة ونهارًا مع حبيبها إلى أن يُسمح له بالظهور. 


تتحلى بطاقةٍ مضاعفة كي توازن بين مسؤولياتها، خصوصًا أنه طُلب منها ممارسة عملها بشكلٍ طبيعي ضمن خطة المخابرات ليروا ما في جعبة توماس ومارتينا من أفعال  . 


ما زالا يتمتعان بحرية تقيد سعادتها، وتحيد من راحتها، باتت تنتظر لحظة القبض عليهما بفارغ الصبر  . 


كانت تجلس خلف مكتبها تتحدث مع أحد محرري المجلة والذي عُيّن حديثًا، توضح له قوانين العمل هنا وكيفية الحصول على أخبار موثوقًا منها ، وألا ينجرف وراء أي شائعة أو أي خبرٍ مضلل والأهم ألا يروج لخبرٍ يسيء للبلاد ، وأن يساهم بمقدوره في تنميتها. 


وهذا لم يكن من ضمن المهام الموكلة إليها من قبل المخابرات، بل هكذا دونت قائمة قبول العمل في المجلة حسب ضميرها، تؤمن بأن كل فردٍ في المجتمع يمكن أن يساهم في الإصلاح، تؤمن أن اتباع الضمير يقود الإنسان بفطرته للحفاظ على وطنه وتحسين صورته، تؤمن أن الشباب الصاعد هم بناة الغد لذا تسعى لتساهم من خلالهم في التجديف بهذا الوطن إلى برٍ آمن وسط عواصف تحيط به من كل جهة، ودوامات صُنعت خصيصًا لتغرقه، وتيارات هوائية قاسية تستهدف وتشكك في نهضته، ولأنها تدرك أن على متنه بعض المتعجلون للنجاة والظانون بأن سباحتهم ستنجيهم تحاول التعامل بقدرٍ عالٍ من الحكمة لذا كانت القائمة كالتالي  : 


تنعم بلادنا بخيراتٍ كثيرة وهبها الله لنا وميز بها مصرنا عن غيرها، وإحدى هذه النعم هم شبابنا. 

بناة المستقبل، درع الوطن الذي لا يقهر، نؤمن ونأمل بهم الخير دومًا، نعم ندرك صعوبة التحديات، وندرك قسوة الحياة، ونعيش الكثير من الضغوطات،ونتشارك في الفرح والألم ، ولكننا نؤمن بأن الشفق آتٍ ونراه يقترب ، مصطحبًا معه الأمل الذي لا يخيب، نرى الظلام يتبدد لذا وجب علينا أن نحيي على الفلاح، ونساهم في الإصلاح، ونكون كالجسد الواحد ونحذر من أن يصبح عقلنا كخنجرٍ في ظهر بلادنا وعليه تعلن مجلة ***** عن شروط العمل بها وهي 

يمنع نشر أي مقالٍ يسيء للبلاد بهدف الترند ولكن يمكن عرض المشكلات بهدف البحث عن حلول نشارك فيها جميعًا كشعب ودولة. 

يتم الرد من خلال مجلتنا على أي شائعة تستهدف البلاد. 

يتم مشاركة جميع الأراء الناقدة بهدف التوضيح والأخذ بها بشرط الاحترام والمصداقية. 

يسمح بنشر الفنون والأشغال اليدوية والحرفية في مختلف المحافظات وكتابة مقالات عن صانعيها. 

يتم أسبوعيًا استضافة شخصيات تُعرف عنها الحكمة والتوازن في الرأي لتلقي خطابًا من خلالها عن مواضيع هامة في مجالات عدة 

الالتزام بالوسطية المعتدلة في التعامل لا التشدد ولا التحريض والحفاظ على مستوى عالٍ من التأني والحكمة وتذكروا دومًا أننا شعبٌ مسالم لا يعتدي بل يمد يد العون للمظلوم  ويعمل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم 

"من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها" والأهم بالنسبة لنا أن يظل وطننا آمنًا مطمئنًا. 


غادر المحرر بعدما شكرها على مجهودها الرائع ومساهتمها الشريفة هي وزوجها في إنشاء مجلة مصرية تسعى لتعمير العقول  . 


كادت أن تعود لحاسوبها ولكنها وجدت من يطرق الباب فتنهدت وسمحت للطارق بالدخول ظنًا منها أنه أحد المحررين أيضًا ولكنها صُدمت حينما وجدت أمامها توماس بابتسامته السمجة يردف  : 


- مرحبًا ديما، هل لي أن أدخل؟ 


تملكها الغضب والتوتر في آنٍ وعبست ملامحها تناظره بثقب ليبتسم ويقتحم المكتب قبل أن تسمح له. 


أغلق الباب واتجه يجلس أمامها، تستطيع طرده ولكنها تحلت بالصبر والتأني لترى ماذا يريد لذا شبكت كفيها تتساءل برسمية  : 


- ماذا تريد؟ 


ابتسم يحدق بها، ثباتها، نظراتها، شموخها، ملامحها، يعيش حالة من الشغف الغير مبرر لذا نطق بنبرة خبيثة  : 


- جئت لأحذركِ، هناك من تخطط لكِ. 


لم تهتز بل ظلت صامتة تطالعه ليسترسل بتعجب  : 


- لم تعلقي ! 


كادت أن تنطق ولكنها صدمت حينما اقتحم ثائر المكتب وتقدم منه وبنظراتٍ نارية نطق  : 


- يـــــــــالا 


قالها وهو يشير بيده ورأسه نحو الخارج، لم يستوعب توماس ما يحدث إلا بعد ثوانٍ لذا نهض يبتسم ويردف معربًا عن صدمته  : 


- ثائر؟ هل خرجت؟ 


لف وجهه نحو ديما ليسألها ولكنه وجد يد ثائر تعيده إليه بقسوة ويطالعه بشراسة مستطردًا  : 


- غــــــــادر الآن  . 


شعر توماس بالإهانة، خاصةً أمامها، وضعه في هذا الموقف يشعله ويوقظ شياطينه لذا باغت ثائر بنظرة كرهٍ وأردف بنبرة تهديد  : 


- اهدأ، أتيت لأحذر ديما  . 


لم يحتمل ثائر وجوده ولا كلماته أكثر من ذلك لذا قام بدفعه نحو الخارج تحت أنظار ديما التي توترت وتملكها الخوف عليه وخطت تتبعه وتناديه بأن يتوقف ولكن غيرته وغضبه وكرهه كانوا مسيطرين عليه لذا استمر في دفعه حتى الخارج ونفضه يرفع سبابته ويحذره بلهجة قاسية  : 


- إن رأيتك حولها مرة ثانية لن أرحمك  . 


التفت ليجدها تقابله لذا سحبها معه وعاد يخطو بها إلى المكتب. 


أغلق الباب ووقف يبحث عن هدوئه أمامها كي لا يحتد عليها بينما هي تساءلت بقلق  : 


- إنت ليه ظهرت؟ اللوا رشدي قالك  ؟ 


لم يتمالك نفسه حيث أتى سؤالها في وقتٍ غير مناسب لذا نطق بحدة  : 


- علشان كدة كنتِ قاعدة مرتاحة  . 


تجهمت على الفور تعابير وجهها بالغضب، غضبها الذي ظهر في عينيها جعله يندم سريعًا لذا أحاد ببصره عنها اتجه يرتد على المقعد ويزفر ويستغفر ولكنها لم تتركه بل اتجهت تجلس قبالته وتلف وجه إليها متسائلة بحدة متعمدة  : 


- هي مين دي اللي قاعدة مرتاحة؟ 


تنفس بقوة وحاول أن يبرر لها فنطق  : 


- مش قصدي اللي وصلك، بس ليه ماطردتيهوش برا أول ما دخل؟ 


داخلها غاضب وثائر ولكنها أغمضت عينيها والتقطت نفسًا لتهدأ ثم عادت تردف بنبرة تحمل القليل من الحدة  : 


- مش هجاوبك ع السؤال ده لإن أكيد إنت عارف إجابته، بس أوعى مرة تانية تتكلم معايا بالأسلوب ده، الوضع اللي إحنا فيه أكبر مليون مرة من أفكارك، أنا مش فاهمة إنت إيه اللي حصلك بجد. 


طالعها قليلًا ثم نطق يستعطفها  : 


- اتجننت ولا إيه؟ 


لم تقع في مصيدته بل زفرت ونهضت تلتفت لتجلس خلف مكتبها وتعبث بالحاسوب لترى كاميرات المراقبة المطلة على الخارج، تخشى ردة فعل توماس بعد ما حدث. 


أما هو جلس ينظر لها ويرى أمامه ديما مختلفة نوعًا ما، أشد شموخًا وأكثر ذكاءً، ألم تعد تبالي بحزنه؟ أو تهتم لأمره؟ 


زفر يوضح بعد ثوانٍ  : 


- اللوا رشدي هو اللي كلمني وقال خلاص اتحرك عادي، وعرفني إن توماس جايلك على هنا. 


قطبت جبينها تستفهم وتحاول معرفة السبب لذا تساءلت وهي تعيد نظرها نحوه  : 


- طب ليه؟ 


نظر لها بثقب ثم شرد يردف  : 


- هنشوف  . 


زفر يسترسل بترقب  : 


- المهم دلوقتي أنا لازم اروح اشوف معاذ، هتيجي معايا  ؟ 


أومأت دون تفكير تجيبه  : 


- أكيد طبعًا، بس خلينا نعدي نشتري له هدية. 


أومأ لها وعاد يحدق بها بمقلتين ماكرتين بهما الكثير من الحديث الذي ترجمته لذا تنهدت تهز رأسها بقلة حيلة ثم نهضت تستل حقيبتها وتخطو نحوه قائلة  : 


- يالا يا ثائر، بقيت غريب فعلًا. 


أحاط خصرها بذراعه ولكنها رفعته تتكتفه وتنطق بتريث: 


- الشباب برا مايصحش، وبعدين إحنا في مصر مش في فرنسا  . 


مال يهمس عند أذنها باشتياق وعبوس وتوعد : 


- إنتِ اللي اتغيرتي، مابقتيش مهتمة بيا زي الأول، بس صبرًا  . 


تنهدت بحرارة وتوغلتها عاصفة من المشاعر حاولت السيطرة عليها حينما فتح الباب وتحرك معها للخارج  . 


❈-❈-❈


يحاول بكل الوسائل ليخفف العقاب المتوقع عن ابنه ولكن كل المحامين الذين استعان بهم يخبرونه باحتمالات بائسة بنسبة كبيرة لذا عرضوا عليه حلًا سيعرض ابنه لأقل الخسائر وهو التحدث مع ابنة أخيه ومحاولة استعطافها للتنازل هي وشقيقة زوجها . 


يقود متجهًا إليها يفكر في كيفية استقبالها، ويرتب كلماتٍ يستعطفها بها، خسر ابنه وسمعته وأسهمه، خسر كثيرًا نتيجة طمعه وطمع زوجته ولكنه لم يعترف بذلك بل يلقي باللوم على زوجته فقط لذا سيحاول مساعدة ابنه ثم سيطلقها ويعيد ترتيب أموره من جديد ولكنه يحتاج إلى ماجد ليسانده . 


توقف أسفل البناية وترجل يزفر بتوتر وينظر للأعلى نحوها، لا يعلم كيف سيستقبلونه ولكن عليه أن يحاول . 


تقدم ودلف المدخل يترقب القادم . 


كان داغر يجلس حول مائدة الطعام، يتناولون وجبة الغداء بعدما أخبرتهم ديما أن ثائر عاد وأنها ستذهب معه إلى عائلته وستعود . 


يجلس مالك يتناول طعامه ويفكر، يخشى ألا تفعل، منذ أن هاتفتهم وأخبرتهم وهو يشعر بأنها ستعود إلى ذاك المنزل وتمكث فيه وتتركه مجددًا.. 


بينما دينا منزعجة قليلًا من الفتور القائم بين شقيقها وحبيبها وتحاول البحث عن حلول ولكنها تأبى أن تصارح داغر برأيها فيظن أنها تقف مع صالح ضده. 


تجلس منال تضع اللحم لرؤية وبسمة تتناول في صمت. 


رن جرس الباب فنهض داغر وتحرك نحوه، فتحه فوجد أمامه نبيل يرتدي نظراته ويطالعه باستعلاء لثوانٍ قبل أن يردف : 


- أزيك يا باش مهندس . 


تجهمت ملامح داغر كليًا ونطق بحدة : 


- إنت إيه اللي جابك هنا؟ 


استمعت بسمة لنبرة عمها لذا نهضت تتجه لتجاور داغر وتطالعه بصدمة مردفة بنبرة هادئة : 


- خير يا أونكل؟ جاي ليه؟ 


نبرتها استفزت داغر لذا التفت لها ونطق باندفاع : 


- جاي ليه؟؟؟ جاي علشان ابنه طبعًا، مهو مش عارف يخرجه زي المرة اللي فاتت، أومال جاي علشان يشوفك مثلًا . 


تركها تتألم والتفت يعود إليه ويسترسل بنبرة حادة : 


- خد بعضك وامشي من هنا يالا، ابنك هيتحاسب على كل اللي عمله . 


لم تكن لتتنازل أو لتسمح له التلاعب بها ولكنها تريد أسلوبًا سياسيًا لذا نطقت : 


- داغر اهدى لو سمحت . 


طالعها بصدمة، ظن أنها تأثرت بمجيئه، يخشى أن ينجح في التأثير عليها لذا هاج يصيح : 


- اهدى إيه ؟ بقولك ده جاي يستعطفك،ده مهانش عليه حتى بالكذب يسأل عنك بعد ما ابنه ضربك بالنار .


عاد له يردف قبل أن يصفع الباب بشكلٍ مخزي :


- غور من هنا يالا .


صفع الباب ووقف يطالعها وهي تحدق به بأسفٍ وحزن،لا تحب هذا الأسلوب مطلقًا حتى لو كان مع من خذلها.


أسرعت منال نحوها تحتويها وتردف موبخة :


- ما براحة شوية يا داغر،كنت سيبها تتكلم معاه هي.


جن جنونه وهو يناظر والدته ونطق باستنكار :


- تتكلم مع مين يا ماما؟ ده بيتمنى موتها علشان يورثها هو ومراته وابنه،جاي يستعطفها علشان تتنازل وابنه الغندور يخرج.


ضغط عليها لذا هبت به تردف بحدة :


- أنا مش عيلة صغيرة قدامك علشان تحجم شخصيتي بأسلوبك ده، مهما كانت نيته وغرضه لازم تحترم ذكائي إنما إنت قليت مني ومن نفسك باللي عملته .


اندفعت بعدها تتجه لغرفتها وتغلق الباب وتركته يقف يصارع غضبه واندفاعه ويفكر في كلماتها ويهمس بالسب على نبيل وابنه بعدما تسببا في هذه الحالة .



❈-❈-❈


توقفت سيارته أمام منزل عائلته . 


التفتت تطالعه وتردف بترقب بعدما سرد لها ما حدث بينه وبين معاذ صباحًا : 


- ينفع تخليني اتكلم مع معاذ الأول ؟ 


التفت لها وتكتف يتساءل : 


- هتقوليله إيه؟ 


زفرت تهز كتفيها وتجيبه : 


- للأسف مضطرين نكدب . 


قطب جبينه لتتابع : 


- هو فاهم إننا كنا بتنفسح علشان كدة زعلان منك، وأكيد زعلان مني أنا كمان وليه حق، علشان كدة هفهمه إننا سافرنا فرنسا بشكل مفاجيء ومش عايزين حد يعرف علشان كنا عايزين نخلص موضوع الحضانة مثلًا، يعني لازم يفهم إننا كنا مجبرين على غيابنا ده وإلا فعلًا هيفضل خايف وزعلان وده مش في صالحنا يا ثائر،خصوصًا إنك عارف إن مارتينا بتحاول توصله . 


شرد قليلًا يفكر وشعر بالقلق حياله ليوضح مخاوفه : 


- ممكن مالك أو رؤية يتكلموا قدامه ويعرف إننا كدبنا عليه . 


زفرت توضح : 


- مهو كدة كدة لازم هتكلم مع مالك ورؤية لان لو عرف إني كنت معاهم وانت كنت في فرنسا زي ما قولنا هيزعل مني ، فهو كدة كدة إحنا مجبرين نكدب عليه . 


أومأ وتساءل : 


- طيب هتتكلمي مع مالك ورؤية إمتى؟ مافيش وقت . 


نطقت موضحة: 


- هتكلم معاهم بليل لما اروح ماتقلقش . 


هز رأسه يردف بترقب وعينيه عليها : 


- لاء إحنا هنروح ع البيت، العمال بيجهزوا الفرش دلوقتي مع أحمد، وطلبت من خالد يقف يراقبهم، هنجيب معاذ ونروح ناخد مالك ورؤية، مش هسيبك تنامي بعيد عني تاني بعد النهاردة . 


تفاجأت مما يقول وتجلت الدهشة على ملامحها ثم نطقت بحبٍ يتجدد داخلها دومًا : 


- هو انا قلتلك النهاردة إن أنا بحبك جدًا . 


ابتسم ونطق بمغزى جريء متمسكًا بهيبته : 


- مش محتاجة تقولي، محتاجة توضحي بس مش دلوقتي، لما نروح . 


ابتسمت عليه وترجلا سويًا يتشابكان ويصعدان للأعلى . 


❈-❈-❈


وصل إلى منزله، الغضب حليفه، لا يتحمل الإهانة التي تعرض لها أمامها، خاصةً من ألد أعدائه لذا فالانتقام يلوح في أفق عقله . 


دلف مندفعًا يتجاهل صغيره الذي يجلس في مقعده وحينما لمحه ابتسم له، دلف على الفور نحو المكتب وأغلق خلفه واتجه يفتح حاسوبه ويحاول الاتصال بمعاونه من الخارج على موقع تواصلهما السري . 


انتظر إجابة أحدهم وبالفعل أجابه يناظره بوضوح، ينظران لبعضهما ليلاحظ الآخر تجهم ملامح توماس لذا تساءل بترقب : 


- ماذا لديك ؟ 


ابتسم توماس ابتسامة مخيفة ونطق : 


- علمت من تسبب في فشل خطة قتل الألماني . 


تساءل الطرف الآخر : 


- من ؟ 


ابتسم توماس ونطق بشرٍ : 


- ثائر ذو الفقار . 


ضحك الآخر بتهكم ونطق موبخًا : 


- هل تقصد الكاتب الذي بينك وبينه عداوة؟ هل تريد أن تنتقم منه من خلالنا؟ 


استشاط غيظًا ونطق : 


- لا، هو من فعلها، ولدي أدلة . 


كشر الآخر عن أنيابه يستطرد ينبرة معنية : 


- ونحن أيضًا لدينا أدلة بأنك تركض خلف زوجته، كفى هراءً، إن لديك أدلة حقيقية أرسلها وإلا فأنت أصبحت ورقة مكشوفة، وأنت تدرك جيدًا ماذا نفعل بالورق المكشوف . 


صفع توماس الحاسوب وجلس يتنفس غلًا، لا يملك دليلًا ولكنه كان يود لو تنتهي حياة ثائر بعيدًا عنه من خلال تلك العصابة. 


نظر لمقبض الباب الذي يتحرك حيث حاولت مارتينا الدخول إليه وحينما وجدته موصودًا نادت : 


- توماس؟ 


أغمض عيناه للحظات ثم نهض يخطو ويفتح الباب ويطالعها متسائلًا، كادت أن تدخل ولكنها دفعها نحو الخارج وتبعها يحذرها بنظراته ألا تفعل ذلك، خاصةً وأنه يدرك شك رحمة به . 


رحمة التي أتت من المطبخ تحمل صينية وضعت عليها ثلاثة أكواب من عصير المانجو واتجهت تضعهم على الطاولة ثم اعتدلت تنظر إليهما وتتساءل بترقب : 


- ماذا هناك؟ لم تقفان هكذا؟ هيا تعالا أحضرت لكما عصير المانجو . 


استلت كوبها أمامهما ورفعته ترتشف منه ثم تحركت تجلس بجوار صغيرها وتناغشه لذا زفر توماس وأشار لمارتينا أن تجلس ففعلت وجاورها وكلٍ منهما التقط كوبه يرتشف منه تحت أنظارها. 


نطق توماس وهو ينظر نحو مارتينا بابتسامة هادئة تنافي داخله : 


- مارتينا كانت تخبرني أنها ستغادر اليوم، قررت أن تمكث في الفندق . 


اغتاظت مارتينا وكادت أن تنطق لتقاطعها رحمة قائلة : 


- لا مشكلة توماس، يمكنها البقاء، أنا أحاول أن أتقبل أن ما رأيته كان خطأ من المؤكد أنه لن يتكرر. 


تعجب توماس من هدوئها بينما عادت مارتينا ترتشف مشروبها وتضع ساقًا فوق الأخرى وهي تردف بتبجح وخبث : 


- نعم توماس، رحمة محقة، كان خطأ لن يتكرر . 


طالعتهما رحمة لثوانٍ قبل أن تنهض وتسحب صغيريها معها مردفة : 


- سأذهب لأبدل له حفاضته . 


تحركت نحو غرفة الصغير وأغلقت الباب ووقفت خلفه تتنفس بعمق بعدما ظهر خوفها حيث سيسري مفعول المنوم الآن ومن ثم السم بعدما وضعتهما في عصير المانجو حتى تتخلص منهما دون مقاومة أو صوت . 

يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة آية العربي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة