-->

رواية جديدة ميكاتو لنور إسماعيل - الفصل ١ - الجمعة 29/8/2025

 

قراءة رواية ميكاتو كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ميكاتو

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة نور إسماعيل 

الفصل الأول

تم النشر الجمعة 

29/8/2025

(مطر وردى)


إهداء //

اللى قال إنها ف كفة والعالم ف كفة كان غلطان، دا هى الكفتين والعالم والدنيا والناس 

إلى غلاوة روحي وحلاوة أيامى ونعيم الدنيا "ساجدة" بنتى الحلوة ربنا يبارك فعمرك واشوفك أحسن الناس 

  ❈-❈-❈

مرة واحدة بالعمر.. يمُر بك الشخص الذي كلما تأخرت في ترتيب الكلام يقول: لا تُكمل.. أفهم ما تريد قوله، 

‏‎مرة واحدة بالعمر..‎يمُر بك الشخص الذي كلما أخطأت يقول: لا تعتذر.. أتفهم ما حدث، 

‎مرة واحدة بالعُمر.. ‎يمُر بك الشخص الذي تَشعر أنه يَعرفك أكثر من نفسك! 

‏‎_لقائلها

❈-❈-❈

"زكى فضل مطر"

أنتظرك العمر ب أكمله حتى وأنت لا تُفكر في المجيء حتى! 


❈-❈-❈

"هيام"

لم يكن وداعًا لائقًا بِما عشناه، ولم يكن حضور لائقاً بما فى قلوبنا.. ولكنه القدر


❈-❈-❈

"زاد مطر"

أنا من اقف على محطاتى، أنا من انوى الرحيل وانا من انوى المكوث، أنا صاحبة القرار الأول والثانى والأخير

وآخر قراراتى كانت أنا لاشيء غيرى.. أنا فقط!

❈-❈-❈

الساعة الآن.. السادسة صباحاً

كرر المنبه رسالته عدة مرات، امتدت يد زاد لتطفئه بينما كانت تنعم ب نُعاس طويل هادئ، نهضت وجلست على سريرها تزيح شعرها المشعث الفوضوى للخلف وتتثائب، نظرت إلى الهاتف ورأت كم الرسائل التى فى إنتظارها ل فتحها.. مطت شفتيها ومن ثم هبطت ترتدى خُفّّيها وامسكت بريموت التحكم عن بُعد لتفتح ستائر الشُرفه الزجاجية لدى غرفتها المطلة على حمام السباحه والحديقة الكبيرة الغناء المحيطة بالقصر الذى تعيش به!

ترجلت ووقفت أمام الزجاج تترقب أشعه الشمس الخفيفه مع طيران العصافير ورفرفه غصون الأشجار.

فهى زاد مطر، بلغت من العُمر سبع وثلاثون عاماً.. ذات بشرة بيضاء وعينان سودويتان عميقتان، حاجبان كثيفان.. فم صغير وانف منصوب، طولها مناسب لوزنها الذى تحافظ عليه طيله الوقت

عزباء وتقدس حياة الوحده والحرية..تدير شركات مطر للشحن، صاحبة رأى وفكر مستقل ولديها رياده فى القياده وإدارة العمل بكفاءه فهى تربية عمها الحميدة. 

مدت يدها لتسحب إحدى المناشف وهمت بالدلوف إلى المرحاض ولكن قبل هذا سبق فعلها بالإتصال هاتفياً ب خدم القصر لتحضير وجبة الإفطار الخاصه بها ووجبه الإفطار التى تُعد خصيصاً لعمها "زكى فضل مطر".


تحممت، خرجت وارتدت ملابسها، وضعت القليل من مساحيق التجميل، صففت شعرها

وفى طريقها إلى غرفه عمها، طرقت الباب ولم يجب ف دلفت

_زكى، يا زيكووو لسه نايم!

اقتربت من فراشه لتجده يغط فى سُبات عميق، وبجانبه مجموعة من الاظرف وردية اللون واوراق الرسائل القديمه ذات اللون الأصفر، امسكت ب واحد منهم وقرأت التالى..

"مش عارفه إزاى وامتى يا زكى ممكن نتقابل، بس اللى اعرفه انى هحاول ومش هعدى الميعاد دا بالذات

وحشتنى، ووحشتنى لمسة ايدك يا حبيبي...


لم تكمل زاد قراءة الرسالة، فهى تعلم دون قراءة.. سمعت الكثير من عمها وبكل مرة تستمع للمزيد دون ضيق

وكانها اسطورة ضمن اساطير العاشقين، زكى وهيام!

دنت زاد من اذن عمها وأردفت بهدوء

_اصحى يا زكى، يلا لسه فيه دوا وأكل ورياضه ودكتور العلاج الطبيعي على وصول..


كان زكى بدء، يستعيد وعيه قليلاً، فهمست زاد ب خبث فى أذنه بصوت هادئ

_هيام!

إنتبه زكى وفتح عيناه فضحكت زاد، ساعدته فى النهوض وحينما نظر إلى وجهها إبتسم إبتسامه عريضه

وأردف لها

_هتبطلى إمتى خُبث؟ بقى بتوشوشينى ب إسمها

جلست زاد بجانبه وأخذت تذلك أحد ذراعيه وهى تتحدث

_يعنى هصحيك ازاى، ماهى شفرتك الوحيدة يا زيكو.. يلا فوق عشان لسه هفطر معاك وبعدين هنزل عالشركه


نهضت من جانبه تقوم بوضع الرسائل فى الاظرف على مرأى زكى فقال لها

_طبعاً قعدتِ تقرى المكتوب قبل م تصحينى


هزت زاد رأسها بالنفى وضحك قائله

_لا طبعاً، لأن أنا عارفه مكتوب إيه وحصل إيه وحفظاهم ومستعده أسمعهم كمان، انت بقا لسه محفظتهمش؟!


نظرت إلى عيناه بعمق، فقال زكى وهو يتهرب من نظراتها بعيداً

_حافظ حرف حرف بس برضو هفضل اقراهم وكل كلمه وكل حركه تتعاد عليّا عشان اصبر على بُعدها اصبر قلبي انها مش معايا


جلست زاد بجانبه مرة ثانية وقالت له مُتعجبه بنبرة صوت حنونة

_تفتكر ممكن حد يوصل لسنك ياعمو، ٦٥سنه ولسّه بيحب كدا؟

إبتسم زكى وأردف

_طالما قلبه لسه بيدق، يبقى هيفضل يحب.. بشرط أن الحب يكون بجد


نهضت زاد وكعب حذائها يدوى بالغرفه فى طريقها لخزانه زكى الخاصه تضع الرسائل القديمه إثر تحدثها إليه

_عشان كدا انا مش هرتبط ولا هتجوز، قصتك علمتنى ي احب واتحب واللى قدامى يتمسك بيا يا هفضل لوحدى وكدا افضل


طرقت الخادمه الباب ودلفت بوجبة الإفطار لهما، ومن ثم تناولاها حتى حان وقت الطبيب الخاص ب زكى

ف اطمأنت زاد لحاله وودعته ورحلت.

وبدء زكى فى دورة جديده من دورات علاجه.. زكى فضل مطر

بلغ من العمر خمسه وستون عاماً، صاحب مجموعة شركات مطر الكبرى للشحن والتفريغ، بدء من القاع

رجل عِصامى حتى اصبحت لديه كل هذه الثروة، غير متزوج ويعيش مع إبنه أخيه زاد بقصرة الكبير.

منذ عامان أصيب بمرض الشلل المؤقت فتقاعد بالمنزل وتولت زاد زمام الأمور، وطوال تواجده بالمنزل

إما لتلقى العلاج، او للعب الرياضه، او للجلوس لسماع مطربة المفضل عبدالحليم حافظ متصفحاً كل شئ يُذكره ب أفضل جزء بحياته.. حُبه الكبير والوحيد

أسمر البشرة، ذو شعر اجعد قليلاً يُشبه للفنان أحمد زكى بعض الشئ، حتى فى صغره كان يسمونه النمر الأسود. 

الرسائل، الاغانى، الهدايا، الاماكن.. تبقى الذكرى ونيسه الوحيد بعد الفراق!

`~`~`~


_وين رايحه تيته؟! مو قلتيلى رح تكملى لى الئصه!

قالها الصغير ناصر .. حفيد هيام من إبنتها الكبرى، كان يرفع بصره لها إثر روايتها له إحدى روايات الأطفال الشهيرة.. تنهدت وبللت شفتيها المحاطه بالتجاعيد وكسرات الوجه علامه على تقدم السِن وأردفت له

_تيته رح تشرب قهوتها ومن بعدا رح تكمل لك الئصه


تركها الصغير وترجل يلعب بعيدا بفناء المنزل الكبير، فجلست هيام تنظر إلى فنجان قهوتها الساخن.. قهوتها المُفضله والتى تُعد خصيصاً لها، الاسبريسو المختلط بمزيج قليل من اللبن، احتست القليل

وأمسكت بريموت التلفاز تقلب القنوات الفضائية حتى وقفت على فيلم من بطولة أحمد زكى، إبتسمت مع ترقرق دمعه خفيفه بمقلتيها لتعود لذكرياتها، لأيامها القديمه.. لحُب عمرها الوحيد

زكى!

عام 1990

كانت تتهيأ هيام أمام المرآه تضع حمرة الخدين والشفاه بكثرة، وتمشط شعرها على صوت اغانى عبدالحليم خصيصاً اغنية "أول مرة تحب ياقلبي"

وتتغنى معها وجسدها بالكامل يتراقص، هيام محمود حسون، سبع وعشرون عاماً، إبنه تاجر كبير يعيش ويعمل بالسعودية ويقيم هو وعائلته بها وهيام واحده منها.. تمتاز هيام بالبشرة المختلطه المميزة بين السمرة والبشرة البيضاء.. ذات انف متساوِ مع استدارة وجهها، حاجبان خفيفتان إلى حد ما تقوم برسمهم بالقلم لتوضيحهم.

وجنتين ممتلئتين، فم مكتنز وضحكه واسعه جميلة.


_عم ترجصي وصوت الاغانى عالِ، وين رايحه؟!

قالتها والدتها بعدما دلفت إلى غرفتها، ف أردفت هيام

_نازلة اشترى شوية أغراض يا أمى

_اوك بس ما تتأخرى، والبسي العباية على جسمك مايصح تنزلى بهاى ملابس


تركتها ورحلت، ف أكملت هيام م كانت تفعله حتى أنتهت وهرولت إلى السيارة، ليهبط زكى منها ويقوم بفتح الباب لها لتجلس بالخلف وهو يقف حتى دلفت للداخل ليغلق الباب ويقوم بالدوران إلى الناحية الأخرى يركب ناحية مقعد السائق ويدير المقود وانطلق..

_وحشتنى يا زكى

إبتسم زكى ينظر بالمرآه لها وأردف

_مش أكتر منى والله، أنا منتظر من امتى المشوار دا

_اتلككت ل أمى ب أى شئ ناقصنى وقولتلها هنزل اشتريه ضرورى، حكتلى ان م اتأخر

بس مو مهم، المهم إنى اشوفك واكون معك.. وين رح تودينى؟


ضحك زكى ضحكه واسعه وأردف

_لاء ماهو يتحكى مصرى يا سعودى، وبما انك مصرية ف اتكلمى مصرى

عشان افهمك اكتر


دنت هيام من مقعده وتحدثت بالقرب منه

_أنا أصلاً لو حكيت عِبرى هتفهمنى يا زكى


نظر زكى إليها مطولاً ومن ثم أردفت هى بهلع

_حاسب هنخبط فالسيارة أمامنا!


تفادى زكى الحادث فضحكت هى، اردف هو

_قولتلك متقربيش كدا، مش بعرف اتحكم ف أى حاجه.. ولا عاوزة نعمل حادثه وابوكِ يقطع عيشي ومنشوفش بعض تانى


خافت هيام فعادت للخلف وهى تردف

_لاء خلاص هقعد فى حالى

نظر زكى إلى وجهها بالمرآه وأردف

_طب قولى لعيونك يكونوا فحالهم عشان نعرف نوصل على خير..


عادت هيام من ذكرياتها وزفرت زفرة حارة ومن ثم احتست رشفه من قهوتها وعيناها مثبتتان على التلفاز، لاتراقب الفيلم.. بل تستعيد صورة سجين قلبها فى رؤية بطل العرض!

وكأن بداخلها يردد أنه من فرط انتظارها له ذبُلت، ولم تعد قادرة على مواساة نفسها، تتمني أن تأتي عاصفة شديدة إما أن تيقظها من غفلتها أو ترحمها حتى لا تكمل في هذه الحياة التالفة، تلك الحياة التي لم تعد باستطاعتها اكمالها بدونه!

❈-❈-❈

_تقصد إيه يا مستر عبدالقدوس ب أن نفتتح شركه نشاطها مُغاير لنشاطنا اللى متعودين عليه من سنين

قالتها زاد بنبرة صوت مُعترضه أثناء إجتماعها برؤوساء الأقسام بالشركة، ف أردف لها أحدهم

_أنا برضو شايف اقتراح مستر عبدالقدوس صح، إحنا لو عملنا ده هيبقى تجديد دم للشركة ودا هيبقى بمثابة عائد افضل للشركة وعملائها


وضعت إحدى رؤساء الأقسام القلم بفمها ومن ثم تحدثت

_بس أنا شايفه حاجه تانيه، احنا منعملش شركه ليها نشاط تانى.. اناشايفه ان شُغل الميديا والتليفزيون والدعاية والإعلان هو دا اللى ماشى وبيكسب بصورة مش طبيعية


نظروا إلى بعضهم البعض جميعاً ف أردفت زاد

_بمعنى إيه، ننتج فيلم ولا مسلسل

_ننتج برنامج تليفزيونى موضوعه يعمل مشاهده عالية على منصات الانترنت ودا فحد ذاته يعمل ضجه غير عادية لشركاتنا


عادت زاد بظهرها إلى المقعد وعبست بوجهها مع مطه لشفتيها تفكر، ف استرسل أحد الموظفين حديثه

_إحنا ممكن نعمل دراسه جدوى وحصر للمواضيع اللى ممكن نقدمها فى برنامج تليفزيونى وأى القنوات الفضائية اللى ليها نسبه مشاهده عالية والتقرير يبقى على مكتبك بالكتير كمان يومين

وتشوفى انتِ ومستر زكى مطر وتقرروا.. إيه رأيك يا فندم!

❈-❈-❈

قلبت زاد فنجان الشاى وقدمته إلى عمها إثر تحدثهم سوياً

_فهمت حاجه من الجنان دا؟!

إبتسم زكى وتناول منها فنجان الشاى وهو يقول

_إنتِ ايه اللى مخليكِ مش موافقه؟!


عادت زاد بظهرها للخلف ووضعت ساق على ساق وقالت

_طبيعى دا جنان وموافقش عليه، احنا شركات شحن وتفريغ مالنا ومال الميديا والتليفزيون والبرامج وقلة القيمه دى


شرد زكى بخياله واردف لها

_هما لسه هيقدموا دراسه الجدوى للموضوع صح

_بيقولوا يومين ويكون على مكتبي

_تمام، أنا شايف ان ندى فرصه للموضوع.. أنا حابب ومتحمس


نظرت له زاد متعجبه نظرة مضحكه وأردفت

_زيكو اسمحلى اقولك انك غريب.. غريب جداً

ضحك زكى وارتشف من فنجان الشاى واخذ يهز رأسه على نغمات أغنية يوم من عمرى ل عبدالحليم حافظ..

❈-❈-❈

"ديانا" 
لقد أرهقتنى من كثره اخفاقاتك في الحياه، كثرة تناولك للبؤس وكأنه جُرعة يومية.. دعنى أتوقف قليلا كى أريحك وأريح نفسى من غبائك!
                               "نبيل"
نفسيّ التي أهلكتُها في بحور الحُزن والآلامِ قد عاودتني مُجددًا، بعد بكاءٍ مريرٍ وأفكارٍ سوداوية، بعد عناءٍ سرمدي ونفسٍ مُصابة بداء الكِتمان، بعد كُل هذا سقطت! ، سقطتُ وبداخلي صرخةً قد شلَّت أركاني، أذابت ثلوجى، ّ فانهارت بعَبراتٍ مُحملةً بالأسى، ومن يا تُرى يكون بجواري بعد كُل هذا؟
'اقدم اهداء هذا الفصل الى روان الخشاب "كعبولى" التى استوحيت من صفاتها الشكلية شخصية ديانا' 
(منذ عامين)
أمام المرآه.. كان يقف نبيل يمط شفتيه، يتهيأ لزيارة عروس جديده من ضمن القائمه التى ترشحها له كل يوم والدته وشقيقاته.. فقد بلغ من العمر الثمانية والثلاثون وحتى الآن لم يرتبط ولو لمرة واحده سواء عاطفياً او بشكل رسمى..
نبيل فهمى، ثمانية وثلاثون عاماً.. يعمل_شيف_بإحدى مطاعم لدى فندق معروف، يعزف عن الارتباط او التعامل مع جنس حواء ب أكمله.. يرى الحياة بلون سودوى إلى حد ما وهذا م جعل من حوله يقدم العديد من الاقتراحات له لكى يتزوج ويغير مجرى حياته..
دلف شقيقه وقام برش بعض زخات العطر على ملابس نبيل قائلاً..
_ايوا يا عريس، جميل جدا.. يالا عشان نعدى نجيب تورتة وإحنا رايحين

إلتف نبيل له وأردف بنبرة لا مبالية
_ونجيب تورتة ليه؟ م احنا هنروح ومش هعجبها وهترفض وهنرجع قفانا يآمر عيش، هما ياكلوا التورتة وانا اقعد آكل نفسي على حقها

نظر له شقيقه متعجباً واردف
_وليه كل الافتراضات دى، العروسة دى بيقولوا مبسوطه لما شافت صورتك وعرفت صفاتك.. ابونا كلمها قبل م احنا نروح يبقى فين المشكلة
_على فكرة انا سمعت ماما وهى بتقول انها معترضه انى اكبر منها ب١٥سنه
_بس اهلها حددوا الميعاد اننا نروح ونتقدم، لو كانت هترفض كانت قالت لأهلها لاء

هز نبيل رأسه ب يأس وأردف ينظر إلى أسفل
_يعنى خلاص انتو اتفقتوا نروح!
اردف شقيقه بثقه
_المفروض
_طب افرض اول م شافتنى اعترضت على إنى ساكت وزعقت فيا زى العروسه الل قبل اللى فاتت كان اسمها ايه.. اه مجدولين

تنهد شقيقه بفروغ صبر ف أكمل نبيل
_او مثلآ قبل م نروح بدقايق يبلغونا انها ولعت فروحها ونقلوها لمستشفى الحروق زى المرحومه عروسة السما إستر
حاول فايز تهدئته ف اردف له مبتسماً
_ياعم فك احنا رايحين نخطبلك، طب استنى هقولك نكته بيقولك مرة مكوجى تاه ف الصحراء  لقى تعبان قعدوا ساعه يبخوا علي بعض، إضحك يانكد!
لم يضحك نبيل، بل لم نتفرج شفتيه من الأساس.. فأمسك فايز شقيق نبيل يديه وربت عليهما وتحدث مردفاً له
_ممكن تنفض الذكريات المنيلة دى عن دماغكيابلبل، ونبص لنص الكوبايه المليان!
_ماهو نص الكوباية الفاضى فضى لما شربته سارة على بُق واحد ومدوبه جواه سم الفران لما خطبتوها ليا غصب عنها
_يوووووه، يالا يا نبيل

قالها فايز بفروغ صبر وأخذ يجرّه إلى الخارج إستعداد للذهاب، وفى طريقهما كان الجميع يتحدث بالسيارة عداه حتى وصلوا منزل العروس ديانا..
احتسوا مشروب الضيافه، كان مجرى الحديث الترحيب والحديث عن عمل العريس وما هى خطته المستقبليه
وكان كُل هذا يجرى ونبيل على صمته، ينظر للجميع بطرف عينه حتى دلفت ديانا حاملة صنية الكيك المحلى
مع ابتسامه رقيقه فضحت اسنان بيضاء مرصوصه مع قولها
_مساء الخير يا جماعه

ديانا، ٢٣عاماً.. خريجه كلية التجارة وبدأت العمل بشركة مقاولات منذ شهور، راتبها متوسط بالكاد يُكفى احتياجاتها، ممتلئه الجسد، ذات شعر بنى اللون ولكنه خفيف الكثافه، وجهها مستدير ووجنتيها ممتلئتان
عيناها ذات لون بنى متماشى مع شعرها، ضحوكه متفائله لطيفه الشخصية تحب الطعام اللذيذ، جربت ان تلج داخل علاقات عاطفيه عديدة ولكنها فشلت، وحينما تقدم لها نبيل وافقت حتى تجرب مغامرة الارتباط الرسمى.. من الممكن ان ينجح.. ربما!
دلفت ديانا وجلست إلى اقرب مقعد وبدء الحوار وتجاذب اطراف الحديث
_بسم الصليب عليكِ ياديانا زى القمر بس يعنى عاوزة تخسي شوية

كانت مبتسمه ديانا حتى سمعت آخر كلمات والده نبيل اقتضبت واختفت بسمتها مع قولها
_والله يا طنط عاجبنى شكلى كدا ومش مضايقه حد بيه
_بتلبسي كام x
_نعم!
اردفت ديانا تجيب على سؤال نبيل متعجبه منه ف اكمل هو
_ايوة لازم اعرف مش هنرتبط، لازم اعرف مقاساتك ايه عشان نجارة اوضه النوم
دنت ديانا نحوه وقالت مستفهمه
_وهو ايه دخل اوضه النوم فمقاساتى هو انا هنام فالدولاب!

ضحك الجميع ف ارادت والده ديانا تغيير مجرى الحديث لتدعو والدة نبيل واشقاؤه للجلوس بالخارج وترك نبيل وديانا بمفردهم لأخذ مساحه من الحديث، وما ان ترجلوا للخارج فقامت ديانا بسؤال نبيل
_سيبك أنت، التورتة اللى انتو جايبينها بطعم ايه؟!
اتسعت حدقه عين نبيل وقام بالرد عليها
_سيبك بس من طعم ايه دلوقت، طبعاً انتِ عارفه انى اكبر منك ب ١٥سنه وانى بشتغل شيف ف مطعم فندق
ومرتبي يدوب ومجبتش لسه شقه والشبكه هتبقى بالتراضى كدا البسي دبله وحلق ونقفل الليلة لأن والله انا قلقان ومتشائم ومش ناقص

ضحكت ديانا ضحكه واسعه وصفقت بكلتا يديها، وقالت له
_يابنى اصبر بس، احنا نلبس الدبل ونلبس فبعض ونشوف الدنيا
_بعد كل الل قولتهولك مكمله.. طب حلو
_ماهو اسمع، أنا لازم امشى الجوازة مش كل شوية ادخل علاقه ويتعلم عليا انا عاوزة البس الدبله وننزل صورة كلبش انا وانت واعملك كابشن على صور فالفيس وانت متفكرش تعمللى لايك حتى
واغير صور البروفايل ٣مرات فاليوم ان انا مخطوبة وبحب خطيبي وخطيبي بيموت فياوانت تكون عامللى بلوك أساساً ولا شايفنى واعمل ستورى واتس بصور وكابشنز اعمل جو يعنى .. وهكذا، وأهم من دا كله انك طباخ وانا بقى بموووت ف الأكل.. فهمت حاجه؟!

ومرت الأيام، وتمت الخِطبه.. إحساس اليأس متملك نبيل بينما كانت ديانا بعالم آخر تذهب عملها تشترى بكل راتبها طعام وشيكولا، تخرج للتنزه مع اصحابها وتتحدث هاتفياً مع نبيل الصامت المحبط كالعادة 
وتمر السنوات، والوضع كما هو لا يوجد جديد.. 
وبعد عامين، يقف نبيل بالمطبخ يحضر الطعام ويتذكر كم المديونيات التى عليه لتحضير منزل الزوجيه من اثاثات لمفروشات وتسديد كافة الالتزامات.. يريد فَسخ الخِطبه ولكن اهله فى كل مرة يمنعونه فقد تم من العمر الأربعون ومازال لايستطيع تحمل مسؤليه ويهابها ك الخوف من وحش كاسر.. 
_إنت بتعيط يا شيف نبيل! 
نظر نبيل ناحية رئيسه بالعمل إثر تقطيعه للبصل ف اردف نبيل
_لا انا بس عشان تقطيع البصل 
_طب شد حيلك، الغدا قرب ينزل 

تركه ورحل، حتى أتاه صوت رنة الهاتف ب اسم ديانا ل يتأفف، فيترك مابيده ويضع سماعة الرأس ويجيبها 
_أيوة 
_اسكت مش أنا لاقيت اعلان عن حتة شقه تحفه، وايجارها زى م انت عاوز.. هو بس المقدم الل عالى حبتين 

امتعض نبيل بشفته السفلى وأردف
_كام المقدم؟!
_٥٠الف.. بس متقلقش هتعرف تدبرهم

ترك نبيل مابيده وتحدث بصوت عالى
_انا هجيب منين ٥٠الف مقدم زائد العفش والفرش والجمعيات والاقساط، ماترحمينى ابوس ايدك

تأففت ديانا منه ونفثت فى سماعه الهاتف مع قولها
_بقولك ايه، أنت تستأذن من شغلك ونروح نشوف الشقه عشان انا زهقت منك ومن إحباطك والخطوبة مش هتتفسخ يا نبيل لو عملت ايه وهنتجوز وهنكمل حتى لو أجرت عريس بدالك

اغلقت المكالمه بوجهه، ف زفر نبيل زفرة حارة ليتحدث الى نفسه
_وكمان هتجيبي عريس ايجار يا ديانا، عليكِ وعلى جوازتك السودة يابعيده
❈-❈-❈
وما زِال لدى الرغبةُ في إنهاء كل شيء دفعة واحدة، الارتباطات.. الصداقات.. المواعيد، العمل، الجدل 
أريد أن انهى كُل شئ مُلوحاً ب إحدى يداى مُردفاً بصوتٍ أجش قائلاً لا!.. لا أريد اى شئ بعد اليوم. ف ليتوقف ذلك الهُراء و ل يرحل بعيداً عنى,, 
_هو امى كانت بتاكل وهى حامل  فيّا إيه عشان تخلفنى  حزين كدة؟ كأنها كانت بتتوحم على البومات تامر عاشور!
أخذت تُقلب ديانا كوب القهوة المثلجة أمامها وهى تنظر له نظراتها الحانقه كالعادة ف أردف نبيل
_بقولك ايه يا ديانا أنا قلقان لما نتجوز نخلف عيال حزينه
رفعت ديانا شفتها العلوية ممتعضه وقالت
_اكيد هنخلف عيال حزينه مدام باباهم كًتلة كآبه كدا، فُك.. فُك الله يخليك
وضع ديانا الملعقه من يده بعدما قلب كوب الشاى أمامه منزعجاً و مُردفاً إليها
_إنتِ إيه! دهون جسمك دخلت على مُخك حجبت عنه الرؤية؟ بقالنا كام سنه مخطوبين؟ بقالنا كام سنه بنكون روحنا وبنحط القرش عالقرش وانا شغال وطالع ٤٣عين أهلى! 
لوحت ديانا بيدها قائله ونبرة صوتها قد ارتفعت قليلاً 
_يعنى إحنا اول المخطوبين ولا آخرهم! كل الشباب كدا وواحده واحده بتخلص كل حاجه.. متقرفنيش معاك لأنى أساساً قرفانه من هدومى 

نهض نبيل واقفاً مشيراً لها بإصبعه السبابة
_ماهو دى مش مقاسات هدوم عشان تطيقيها ولا دا منظر واحده قلقانه على خطيبها وعاوزة تقف جمبه وهو حزين بالشكل دا 

نهضت ديانا أمامه تتحدث بصوت جهور مما جعل من حولهم بالمقهى ينظر لهم ويلتفت إليهم 
_ماهو انت على طول حزين وكئيب، يبقى هفضل واقفه طول عمرى أما رجلى يصيبها الروماتيزم.. أنا ماشية! 
تركته ورحلت ف أخذ ينظر ناحيتها نظرة حانقه مطوله وهو يتمتم.. 
_سابتنى ومشيت كعبول هانم، سابتنى وانا حزين ومخنوق حتى الشاى مشربتوش، روحى ياشيخه ده احنا لو واكلين مع بعض سم فران مكنتيش هتعملى كده حسبي الله ونعم الوكيل. 
❈-❈-❈
_بقولكوا ايه، أنا مش عاوز أكمل!
قالها نبيل بصوت عال ف انتبهت والدته وشقيقته، ف أردفت له والدته
_مش عاوز تكمل ليه يانبيل؟ ديانا بنت كويسة ومؤدبه ومستحملاك بقالها سنتين

جلس نبيل إلى اقرب مقعد وتحدث بعدما نفث ببطء
_ياجماعه انا مبتقدمش خطوة، انا فيه حجات عليا اكبر من إحتمالى، انا مش بنت وهعنس
عشان وصلت لل الأربعين.. ديانا مخها مش هنا.. مخها فالبطاطس والكاتشب والالوان المزهزهه الل لابساها دايما.. انا مرتبي دا لا يجيب شقه ايجار ولا تمليك ولا حتى جحر فار
واصلاً بقالنا سنتين سوا مش عارف اتكيف معاها ولا مع فكره الجواز من اصله، لاهى ولا غيرها
دا الحمدالله ان غيرها كان بييجى الاعتراض من عندهم، انا خايف ومش عاوز اكمل ومش قادر

إثر تحدثهم رن هاتف نبيل ب اسم ديانا ل تحثه والدته ب أن يجيبها ف رد
_نعم ي ديانا
_اسكت شوفت لك برجك بيقول ايه دلوقت، لاقيت مغامرة هتغير مسار حياتك تمامآ.. انا من وقت م قريتها وانا مبسووطه اوى

تحدث نبيل بنبرة غير مكترثه
_وايه يبسط ف كدا،ثم مغامرة ايه.. انتِ فاكره نفسك مخطوبة ل ذاهى حواس!
انا راجل طباخ، اخرى فالدنيا اروح الكنيسة يوم الاحد، واطبخ للناس فشغلى اكل طالبينه واخد مرتبي
احطه على بعضه ف ميكفيش حاجه واحس ان كدا كدا لا اللى جاى بتاعى والل راح كُنت فيه
ف احط ايدى على خدى واشيل الهم واتنكد

لم تتركه ديانا ل يكمل حديثه ف أردفت له منزعجه
_باس باس.. انا قربت اروح اشيل المرارة منك.. سلام

اغلقت الهاتف فنظر إلى والدته قائلاً
_انا دماغى هعرف اكفى منين متطلبات الجواز وهى بتقرا الفلك!! انا عاوز افك ارجوكم
انا وصلت اربعين سنه واساسا زهقت من الدنيا
لا عاوز عروسه ولا بسبوسة

نهضت والدته من مكانها وتحدثت له فى ثبات
_نبيل، هتكمل ف جوازتك وهتكمل فجمعياتك وهنشوف الشقه الل قالت عليها ديانا
ولو سمحت تبص للدنيا بعين ناس عايشه فيها مش عين ميتين
تعبتنى

تركته ورحلت ف صمت هو بهدوء.. هدوء يخفى خلفه الكثير
 قالها عبدالرحمن منيف لا تظن الهدوء الذي تراه في الوجوه يدل على الرضا؛ لكل إنسان شيء في داخله يهزهُ

يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة نور إسماعيل، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة