-->

مجموعة قصصية جديدة طغاة التاريخ لسمر إبراهيم - الفصل 13 الملك هنري الثامن - الإثنين 4/8/2025


قراءة المجموعة القصصية طغاة التاريخ كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


المجموعة القصصية طغاة التاريخ

 مجموعة قصصية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سمر إبراهيم 


الفصل الثالث عشر

الملك هنري الثامن 

ملك انجلترا


تم النشر الإثنين 

4/8/2025




النهاردة هنتكلم عن شخصية غريبة جدا شخصية عاشت حياتها بالطول وبالعرض ضاربة بكل حاجة عرض الحائط.


هنتكلم عن  الملك "هنرى الثامن" ملك إنجلترا منذ 21 أبريل 1509 وحتى وفاته 1547م ولورد أيرلندا ثم ملكها بعد ذلك، والمطالب بحقه في تاج مملكة فرنسا. 


كان هنري الثامن ثاني ملوك أسرة تيودور خلفًا لوالده "هنري السابع".


ولد هنرى يوم 28 يونيو 1491، في قصر جرينتش، وهو الابن الثالث للملك هنري السابع والملكة إليزابيث.


هنري السابع وإليزابيث انجبوا سبعة أولاد ولكن لن يبقى منهم غير هنري وأخواته الثلاثة  "آرثر، ومارغريت، وماري"


وفي عام 1493، وهو عنده سنتين فقط، تم تعيينه مسؤولاً عن الأمن في قلعة دوفر، وأمينا على سجن موانئ سينك.


وفي عام 1494، تم تنصيبه دوقًا ليورك، وبعد كدا تم تعيينه أيرل مارشال لإنجلترا، وممثلاً للملك ورئيسًا للمجلس التنفيذي الأيرلندي.


تلقى هنري تعليمًا مميزًا على أيدي المربين، وعلشان كدا كان يجيد التحدث  باللاتينية والفرنسية والإسبانية.


هنري كان طفل مطيع بيحب الفنون والموسيقى والرياضة وكان محبوب من القصر كله، وكان جذاب و متعلم بارع جدا في الخطابة، لدرجة إن في نظر البعض "أحد أكثر الحكام الذين جلسوا على عرش إنجلترا كاريزما"


بما إن ولاية العهد كانت من نصيب أخوه الكبير  آرثر لذلك تم إعداد هنري للحياة الكنسية.


توفيت والدته الملكة إليزابيث وهو عنده ١١ سنة فقط ومن بعدها توفى أخوه آرثر وهو عنده ١٥ سنة بس ودا كان بعد أربع أو خمس شهور من زواجه من الانيرة "كاثرين أرجون" ابنة ملك إسبانيا.


(ذكرت في الفصل اللي فات إن الملكة إيزابيلا ملكة إسبانيا قبل ما تموت زوجت ولادها الخمسة زيجات ملكية ومن ضمنهم بنتها كاثرين أرجون اللي زوجتها للأمير  آرثر أمير ويلز وولي عهد انجلترا لكن القدر مأسعفوش وتوفي بعد فترة قليلة جدا من الزواج وهو عنده ١٥ سنة وكاثرين كان عندها ١٦ سنة)


بوفاة آرثر، ألقيت كل مسؤولياته على عاتق أخيه الأصغر هنري؛ فأصبح بذلك أميرًا على ويلز.


هنري السابع كان عايز يحافظ على التحالف اللي بينه وبين إسبانيا بكل الطرق وعلشان كدا بعد وفاة ابنه آرثر عرض على الملك فرديناند والملكة إيزابيلا تزويج إبنه هنري من أرملة أخيه الأميرة كاثرين أرجون.


بس كان فيه مشكلة كبيرة بتواجهم لأن كان ممنوع زواج الأخ من أرملة أخيه لوجود نص في الإنجليل تحديدًا في سفر اللاويين بيقول:


 "وإذا أخذ رجل امرأة أخيه فذلك نجاسة قد كشف عورة أخيه يكونان عقيمين"


علشان كدا الزواج ده كان لازم له إصدار  موافقة باباوية تزيل موانع زواج أمير ويلز من أرملة أخيه وعلشان ياخدوا موافقة البابا على الزواج أقسمت كاثرين أن زواجها من الأمير آرثر عمره ما اكتمل وهنا جه دور إيزابيلا اللي ضغطت على البابا "يوليوس الثاني" لحد ما أصدر مرسوم بابوي يسمح فيه بالزواج بين الأميرين وتمت الخطوبة بالفعل بعد اربع شهور من وفاة الأمير أرثر.


سنة 1505م حاول هنري إنه ميتممش الزواج ده وقال إن مراسم الخطوبة تمت من غير موافقته خصوصا إن العروسة كانت أكبر منه بخمس سنين وهو كان سنه صغير جدا لإتمام الزواج بس الخطوبة متفسختش وفضلوا في مفاوضات بين إسبانيا وإنجلترا لإتمام الزواج لحد وفاة الملك هنري السابع عام 1509م ولما تم هنري سن السابعة عشر حصل الزواج بالفعل بالتحديد في 11 يونيو عام 1509، وفي 24 يونيو 1509، تُوِّج الملكان الجديدان في دير وستمنستر.


بعد يومين من تتويجه، أصدر هنري أمر باعتقال اثنين من وزراء أبيه الي مكانش ليهم شعبية كبيرة بين الشعب وهما "السير ريتشارد إمبسون، وإدموند دادلي" و اتهما بالخيانة العظمى وتم إعدامهما عام 1510م.


هنشوف بعد كدا إن دي كانت سياسة هنري في التعامل مع كل اللي يقف قصاده.


في بداية حكمه ظهر هنري في صورة رجل عصر النهضة، وأصبح بلاطه قبلة المبدعين من العلماء والفنانين. 


هنري كان بالفعل موسيقيًا ومؤلفًا وشاعرًا، وأشهر مؤلفاته الموسيقية "اللهو مع الخلان"


كمان كان شغوف بلعب النرد والقمار، وبارع جدا في الرياضة وخاصة، المبارزة والصيد والتنس إضافة كمان عرف هنري الثامن بتفانيه في الدفاع عن المعتقدات الدينية المسيحية.


في عام 1511، أعلن البابا "يوليوس الثاني" تحالفًا مقدسًا ضد فرنسا شمل التحالف ده كلا من إسبانيا والإمبراطورية الرومانية وإنجلترا وهنا انتهر هنري الفرصة لتوسيع نطاق سيطرته في شمال فرنسا وعلشان كدا وقع معاهدة "ويستمنستر" في نوفمبر 1511  والتي نصت على الدعم المتبادل مع إسبانيا ضد فرنسا وبعد كدا بدأ يعد العدة للمشاركة في حرب العصبة المقدسة.


في 16 أغسطس 1513، غزا هنري فرنسا، وهزمت قواته الجيش الفرنسي في معركة "سبيرز".


في الوقت ده انتهز زوج أخته جيمس الرابع ملك اسكتلندا انشغال هنري في الحرب وقرر إنه يغزو إنجلترا بتحريض من لويس الثاني عشر ملك فرنسا علشان لما هنري يعرف بخبر غزو بلاده يرجع عن غزو فرنسا ويروح يواجه جيمس الرابع.


بس ده محصلش واستمر هنري في غزو فرنسا وهنا قادت  الملكة كاثرين أراغون الجيش الإنجليزي بوصفها نائبة الملك أثناء غيابه، وقدرت تلحق هزيمة مروعة  بالإسكتلنديين في معركة فلودين في 9 سبتمبر عام 1513م، وكان من بين القتلى جيمس الرابع نفسه، لتنهي هذه المعركة التدخل القصير للإسكتلنديين في هذه الحرب.


وفي 18 فبراير 1516م يعني بعد سبع سنوات من زواج هنري من كاثرين أنجبت كاثرين طفلته الأولى والوحيدة التي بقيت على قيد الحياة الأميرة ماري.


( كاثرين كانت قبل كدا أنجبت له ولدًا "هنري دوق كورنوال" في عام 1511م، بس توفي بعد أسابيع قليلة من ميلاده).


اقتصاديًا بقى كان عهد هنري كارثيًا فعلى الرغم من أنه ورث اقتصادًا مزدهرًا جدا من والده هنري السابع بالإضافة إلى أراضي الكنيسة اللي استولى عليها، إلا أن نفقاته الكثيرة جدا والضرائب الباهظة اللي فرضها دمرت الاقتصاد.


على سبيل المثال، زاد هنري من عدد القطع البحرية في الأسطول الملكي من 5 إلى 23 سفينة وعشق هنري القصور فزود عددها من 12 قصر عند تتويجه إلى 25 قصر تحتوي على 2,000 قطعة منسوجة مزدانة بالرسوم قبيل وفاته ودا رقم كبير جدا في الوقت ده فلو حبينا نقارن بينه وبين  جيمس الخامس ملك اسكتلندا وابن اخته هنلاقيه كان يمتلك خمس قصور ومائتي قطعة منسوجة بس.


 كمان كان يفتخر ديما بمجموعة الأسلحة اللي احتفظ بها، واللي شملت 2,250 من المدافع و6,500 مسدس.


في بداية عهده اعتمد هنري كتير جدا على مستشاريه، بس مع الوقت بدأ ينفرد بالقرارات لحد ما انتهى عهده وقد أصبح حاكمًا مطلقًا للبلاد. 


من عام 1514م إلى عام 1529م، تولى الكاردينال الكاثوليكي "توماس وولسي" منصب مستشار الملك، وكان هو المتحكم الفعلي في السياسة الداخلية والخارجية للملك الشاب. 


تولى وولسي التفاوض على الهدنة مع فرنسا عام 1520، وكان هو اللي له القرار في عقد وفسخ تحالفات إنجلترا مع فرنسا والإمبراطورية الرومانية المقدسة.


  في الوقت الذي كان وولسي يتمتع فيه بثروة هائلة وحياة رغدة  كان بيفرض القروض  الإجبارية على الأغنياء في إنجلترا لتمويل الحروب الخارجية وده اللي خلى طبقة الأغنياء غاضبة جدا من سياسة وولسي دا غير غضب الشعب بسبب الإسراف المبالغ فيه واللي أدى لافراغ خزينة الدولة من كل ما كان بها من نقود.


كمان الملك غضب عليه بسبب فشله في مساعيه لإلغاء زواجه من كاثرين أرجون بعد يأسه من إنجابها له ولي للعهد وعلشان كل الأسباب دي قرر هنري إنه يستبدل وولسي بعد ١٦ عام من وجوده على رأس السلطة.


عزل هنري الكاردينال وولسي عام 1529، واعتقله عام 1530 بعد توجيه تهمة الخيانة له وإصدار حكم الإعدام ضده بس وولسي توفي في السجن قبل ما يتنفذ فيه حكم الإعدام.


كان سقوط وولسي إنذارًا للبابا ولرجال الدين في إنجلترا، للي ممكن يحصلهم لو لم يمتثلوا لرغبات الملك وهنا قدر هنري إنه يسيطر تماما على حكومته بالرغم من وجود عدد كبير من الفصائل المتعددة اللي تصارع بعضها البعض داخل البلاط.


توترت العلاقة بين هنري وكاثرين بسبب عجز كاثرين عن إنجاب وريث ذكر؛ فكل أطفالها ماتوا صغارًا ما عدا ابنته ماري في الوقت اللي هنري كان عايز وريث ذكر ليتجنب دعاوى الخصوم على التاج بعد وفاته وكمان لاعتقاده أن البنات لا يصلحن للحكم وولا يقدرن على المحافظة على وحدة أسرة تيودور وفرض السلام الذي تحقق بعد حرب الوردتين وزادت الخلافات أكتر بعد ما كاثرين كبرت في السن وعدت الأربعين وأصبح حملها بولي عهد شبه مستحيل  ومن هنا بدأ يتخذ عشيقات له من داخل القصر.


اتخذ هنري اثنين من العشيقات من وصيفات القصر وهما 

"بيسي بلونت، وماري بولين" دول العشيقتان الرسميتان له دا غير طبعا الكلام اللي كان بيتقال عن إن كان ليه علاقات عابرة وأخرى سرية كان معظمها يتم في أحد البيوت الملكية الخاصة.


أنجبت بيسي بلونت في يونيو 1519 لهنري ابنه غير الشرعي "هنري فيتزروي" والذي نُصِّب دوقًا لريتشموند في يونيو 1525، ودا اعتبره البعض خطوة لإضفاء الصبغة الشرعية عليه.


وفي عام 1533، تزوج فيتزروي من واحدة اسمها "ماري هوارد" ودي تبقى ابنة عم ماري بولين بس فيتزروي توفي بعد ثلاث سنوات لم ينجب خلالها، في الوقت الذي كان هنري الثامن بيسعى إنه  يستصدر قانونًا من شأنه السماح لابنه غير الشرعي إنه يصبح ملكًا من بعده.


أما بقى العشيقة التانية "ماري بولين" فكانت وصيفة للملكة كاثرين أرجون ما بين عامي 1519-1526م وكان فيه كلام إن أولادها "كاثرين، وهنري" هما أولادها من هنري بس محدش قدر يثبت دا أبدا خصوصا آن الملك عمره ما اعترف بيهم زي ما عمل مع هنري فيتزروي.


في عام 1510، كان فيه إشاعة إن الملك على علاقة غرامية مع  إحدى أخوات "إدوارد ستافورد" الدوق الثالث لباكينجهام واللي كانت متزوجة وهنا غضب أخوها وزوجها جدا من الكلام ده وتم نقلها إلى دير للراهبات يبعد حوالي ستين ميلاً، حتى لا يراها أحد.


كمان زعمت المؤرخة" أنطونيا فريزر" بأن هنري كان متورط في علاقة غرامية تانية  مع ماري شيلتون عام 1535، بالرغم من إنه  كان شائع في البلاد بأنه كان على علاقة بمارغريت شيلتون.


في عام 1525، وبينما كان هنري في أوج خلافاته مع كاثرين وسعيه للطلاق منها بكل الطرق وقع في غرام امرأة شابة جذابة من حاشية الملكة، إسمها  "آن بولين" وهي تبقى أخت عشيقته ماري بولين.


آن بولين كان ذكية جدا رفضت في الأول  إقامة أي علاقة مع هنري وقاومت أي محاولة منه لاستمالتها ورفضت إنها تبقى عشيقته زي أختها وطبعا رفضها ليه ده خلاه يتعلق بيها أكتر وأكتر وحاول يخليها توافق على إقامة علاقة معاه بكل الطرق وهنا انتهزت آن بولين الفرصة وفرضت عليه شروطها وهي إنها مش هتكون عشيقة له وإنها هتكون ليه بطريقة واحدة بس وهي الطريقة الشرعية بتنصيبها ملكة على البلاد وزواجها منه زواج شرعي ومن هنا عقد هنري العزم على إنه يطلق كاثرين بكل الطرق علشان يقدر يتزوج من آن بولين.


أرسل هنري أمين سره "ويليام نايت" إلى البابا "كليمنت السابع" علشان يرفع دعوى لفسخ زواجه بحجة إن الإعفاء البابوي الذي أصدره البابا "يوليوس الثاني" تم الحصول عليه بذرائع وهمية؛ لأن زواج كاثرين القصير من آرثر كان قد اكتمل مش زي ما قالت كاثرين.


كمان قدم هنري التماس للسماح له في حال تم الفسخ، بالزواج مرة تانية من أي امرأة؛ حتى لو كانت هذه المرأه  من الدرجة الأولى في النسب، يعني حتى لو كانت قريبة كاثرين من الدرجة الأولى سواء تمت هذه المصاهرة بطريقة قانونية أو غير قانونية.


مقدرش نايت إنه يقابل البابا لأنه كان في الوقت ده مسجون عند الإمبراطور "شارل الخامس" الإمبراطور الروماني واللي كان ابن اخت كاثرين أرجون يعني كان لايمكن بأي حال من الأحوال إنه يسمح للبابا إنه يوافق على فسخ زواج هنري من خالته.


كل اللي قدر نايت إنه يحصل عليه هو إعفاء مشروط لإتمام زواج جديد وهنا مكانش فيه حل عند هنري غير انه يلجأ للكاردينال وولسي علشان يفسخ الزواج وبصراحة هو بذل أقصى ما في وسعه علشان يجيب موافقة البابا على فسخ الزواج ورتب لعمل اجتماع كنسي علشان يلتقي في انجلترا مع ممثل البابا بس البابا في روما رفض كل محاولات وولسي لانه زي ما قولت مكانش عنده استعداد يعادي شارل الخامس ويفسخ عقد زواج خالته وده اللي توصل ليه هنري في النهاية دا غير ان البابا منع هنري إنه يتزوج من جديد الا بعد أن يصدر هو رأي في الموضوع ده في روما مش في إنجلترا ودا كان السبب الأساسي في غضب هنري من وولسي واتهامه له بالخيانة وتحت ضغط من آن بولين تمت إقالة وولسي من منصبه زي ما قولت عام 1529م.


حاول وولسي أكتر من مرة إنه يطلب مساعدة آن بولين علشان تتوسط له عند الملك ويرجعه منصبه لكن هي رفضت ودا اللي خلاه يحاول إنه ينفيها خارج البلد من ورا الملك وبدأ اتصالات مع الملكة كاثرين والبابا لهذا الغرض.


ولما هنري عرف بالمؤامرة دي أصدر أمر باعتقاله ولولا وفاته بمرض عضال عام 1530 لأعدم بتهمة الخيانة.


عام 1531م تم إبعاد كاثرين عن القصر وحلت آن بولين محلها في غرفتها ومن هنا أصبح لدى آن  سلطة يوضع لها حساب على المناصب الحكومية والمسائل السياسية  ولما توفى أسقف كانتربري "ويليام وارهام" قامت آن بتعيين  واعظ العائلة "توماس كرانمر" في هذا المنصب يعني من الآخر بقت كل السلطات في إيدها هي.



مع الوقت ضعف تأثير روما في إنجلترا شيئًا فشيئا؛ ففي عام 1532، قدم توماس كرومويل المحامي المؤيد لآن  مجموعة مشاريع لقوانين أمام البرلمان؛ بما في ذلك قانون يجعل السيادة الملكية فوق سلطة الكنيسة وفي الوقت ده استقال توماس مور من منصبه كمستشار للملك، ليصبح كرومويل رئيسًا لوزراء الملك هنري الثامن.


في شتاء عام 1532، حضر هنري اجتماع مع "فرانسوا الأول" ملك فرنسا في "كاليه" علشان يحصل على دعمه لزواجه الجديد وبعد عودته إلى دوفر في إنجلترا، بدأ هو وآن في طقوس زواج سرية.


حملت آن بعد زواجها مباشرة وده اللي خلى هنري يسرع في عمل حفل زفاف علشان الولد يبقى ابن شرعي ليه وبالفعل اتعمل احتفال بالزفاف في لندن في 25 يناير 1533.


في 23 مايو من نفس العام ، أعلن كرانمر - في محكمة استثنائية انعقدت للحكم في صلاحية زواج هنري من كاثرين وقال إن زواج الملك هنري من كاثرين أراغون كان باطلا، وبعد خمسة أيام من تلك المحاكمة، أعلن كرانمر صحة زواج هنري من آن.


ونتيجة لذلك تم تجريد كاثرين رسميًا من لقبها كملكة، وتم تتويج آن ملكة في الأول من يونيو 1533 وفي 7 سبتمبر من العام نفسه، انجبت الملكة ولكن كان مفاجئة لهنري لان المولود كان طفلة برضو أطلق عليها اسم إليزابيث؛ تيمنًا باسم والدته إليزابيث يورك.


 بالرغم من القرارات الصادرة عن البابا الرافضة للزواج، إلا أن  البرلمان صدق على زواج هنري وآن، وقام بإصدار قانون وراثة التاج الأول عام 1533، اللي من خلاله تم اعتبار ماري ابنة كاثرين ابنة غير شرعية لهنري. 


أبرز ما ما جاء في هذا الإعلان هو بند إنكار أي سلطة أجنبية، أميرا كان أو ملكًا، وكان لزامًا على جميع البالغين في المملكة الاعتراف ببنود القانون مؤكدين إقرارهم بالقسم أما اللي رفضوا الإقرار ببنود القانون فلقد عرضوا أنفسهم لعقوبة السجن مدى الحياة.


كمان تم إصدار قرار أن كل ناشر أو صاحب مطبعة ينشر أعمالا أدبية تدعي بطلان الزواج يعاقب تلقائيا بتهمة الخيانة، وقد تصل عقوبته إلى حد الإعدام.


في الوقت نفسه، حظر البرلمان طلبات الاستئناف التي توجه إلى روما، كما فرض عقوبات على أي وثائق تمثل إهانة للمرسوم البابوي المقدم إلى إنجلترا. 


كما منع البرلمان الكنيسة من إصدار أي قوانين دون موافقة الملك وبكدا أصبح هنري الثامن هو صاحب السلطة الدينية العليا في البلاد.


هنا بقى وبعد كل القرارات دي أصدر البابا كليمنت عام 1533م حكمه بالحرمان الكنسي لكلٍّ من هنري الثامن وتوماس كرانمر، معلنًا في الوقت نفسه أن قرار المطرانية بالفسخ قرار باطل، وعليه فإن زواج هنري من آن باطل، وأنه سيتم سحب ممثل البابا من إنجلترا، وستقطع العلاقات الدبلوماسية بين روما وإنجلترا.


بعد كدا حصل تمرير للعديد من القوانين في إنجلترا، منها قانون التعيينات الإكليركية لعام 1534، والذي يلزم الكهنة بانتخاب الأساقفة المرشحين بشكل سيادي، والقانون السيادي عام 1534، الذي أعلن أن الملك هو صاحب أعلى سلطة في كنيسة إنجلترا، وقانون الخيانة في العام نفسه الذي جعل عدم الاعتراف بالملك على هذا النحو خيانة عظمى، وعقوبتها الإعدام. 


وردًا على الحرمان الكنسي، فقد تم تمرير قانون "بيتر بينس" والذي يؤكد أن بريطانيا لم تعد خاضعة لسلطة بعد الله إلا للملك، وأن التاج الملكي الإنجليزي قد تعرض للإهانة بطريق غير مبررة ومتعنتة، وبشكل ابتزازي من قبل البابا.


وفي تحدي للبابا، أعلن أن كنيسة إنجلترا تخضع الآن لسلطان هنري، وليس لروما عليها من سلطان وبكدا تكون كنيسة انجلترا انفصلت عن البابوية في روما بشكل نهائي. 


في نفيدس الوقت نقدر نقول إن  هنري لم يرتد أبدًا عن مذهب الكنيسة الكاثوليكية، بس هو كان شايف إن الأسباب الأهم في انفصال كنيسته عن كنيسة روما مش بس رفضهم فسخ زواجه من كاثرين وإنما كان في رأيه هو ومستشاريه إن البابا كان بيتصرف كأمير إيطالي وبيتدخل في الشؤون الدنيوية، تاركًا دوره الديني، معتبرين أن روما تعامل إنجلترا باعتبارها صبي قاصر، يمثلها كاردينال واحد فقط من أصل 50 كاردينال، ومفيش أي احتمال أن يصبح هذا الكاردينال يومًا ما بابا لروما ومع الوقت مبقاش بإمكان هنري تقبُّل أن يكون اتخاذ القرارات الكبرى في إنجلترا في يد الإيطاليين وكانت قضية طلاقه تجسيد لتلك المشكلة، ولم تكن المشكلة في حد ذاتها.


هنري كان شايف إن عنده دوافع لإصلاح الكنيسة الإنجليزية 

أكثر تعقيدًا من رغبته في زوجة جديدة وولي عهد.


وأعلن هنري أن زواجه الأول و قضية طلاقه مكانوش العامل الوحيد في رغبته لإصلاح الكنيسة.


في الفترة بين عامي 1532-1537، وضع عدد من القوانين التي تناولت العلاقة بين الملك والبابا وهيكل كنيسة إنجلترا. 


خلال تلك السنوات، ضيق هنري الخناق على الأديرة ومزارات الحج في محاولته لإصلاح الكنيسة، وأصبح الملك دائم القوة المهيمنة في صنع السياسة العامة الدينية وكانت سياسته لتحقيق ذلك السعي المستمر لإيجاد حلول وسط للمشكلات.


فيه عدد من الشخصيات العامة رفضوا التغيير ده ورفضوا كمان التخلي عن السلطة البابوية زي "توماس مور، وجون فيشر" وكان مصيرهم أن أمر هنري بأعدامهم عام 1535هما وأي شخص يرفض التغييرات دي.


نتيجة للإصلاحات دي تم إغلاق الأديرة التي كانت الداعم الوحيد للفقراء، مما أدى لهجرة معظم السكان خارج لندن في اتجاه الشمال بين عامي 1536-1537، والذين عرفوا باسم مهاجري الرحمة.


كان ده هو التهديد الحقيقي الوحيد على عرش هنري في عهده، حيث تم تجميع نحو 30,000 متمرد في تسع مجموعات تحت قيادة "روبرت آسك" مع معظم نبلاء الشمال وبدأوا يشنوا هجمات على البلاد وهنا للقضاء على التمرد ده وعد هنري الثامن بالعفو عن الثوار، ووجه إليهم الشكر لأنهم لفت ا انتباهه لهذه القضايا وقام بدعوة  زعيم الثوار روبرت آسك إلى مأدُبة ملكية في لندن للتفاوض معاه في طلباته هو وأتباعه وطبعا آسك ما صدق ولبى الدعوة فورا.


في المأدبة، طلب هنري من آسك إنه يكتب له كل اللي حصل؛ علشان يقدر يوصل  إلى أفضل الحلول للمشاكل، ويقدر يحلها.


قام أسك بكل ما طلبه منه الملك، وهو ده اللي تم استخدامه بعد كدا كاعتراف منه على التمرد والمؤامرة على الملك. 


طبعا لأن كلمة الملك ليست محل شك، علشان كدا أبلغ آسك الثوار بأنهم نجحوا، وطلب منهم إنهم يتفرقوا ويرجعوا لديارهم مرة أخرى. 


طبعا هنري مكانش شايف انه لازم يوفي بوعده تجاههم لأنهم خونه وقام باعتقال آسك و٢٠٠ من معاونيه وتم اتهامهم بالخيانة العظمى وصدر الحكم عليهم بالإعدام ولما أدرك الثوار خدعة الملك كان الأوان فات وتم إخماد الثورة والقضاء عليها تمامًا.


كان فيه في إنجلترا مجموعة من الأسر ذات مكانة دينية عالية وكان عندهم مساحات كبيرة من الأراضي اللي مأجرينها لعدد من المستأجرين بس هنري معجبوش ده وقام بنزع ملكية الأراضي من الأسر دي بين عامي 1536-1541، ونقل ملكية الأراضي دي  والتي تصل إلى نحو خمس أراضي إنجلترا إلى أيدي ملاك جدد. 


كان هدف هنري من كدا هو تكوين طبقة جديدة من النبلاء تدين بالولاء للعرش، ويمكنه الاعتماد عليهم في المستقبل بشكل أفضل.


كمان قام هنري بتغييرات جذرية في الممارسات الدينية التقليدية، وأمر رجال الدين بمكافحة مفاهيم الصور الخرافية والآثار الدينية والمعجزات والحج وأزال معظم الشموع، وفي عام 1545، أصدر هنري مراسيم باستبعاد قديسين، واستخدم الإنجليزية بدلاً من اللاتينية في الطقوس الدينية، ودمر المزارات الدينية  بما في ذلك "مزار القديس توماس"


بالنسبة بقى لعلاقته بآن بولين بعد الزواج وبعد ما حارب الدنيا بحالها علشان يتزوجها وينصبها ملكة على البلاد إلا إنهم مكانوش سعداء أبدا في حياتهم الزوجية فمن وجهة نظره آن بولين مقامتش بالدور المفترض لها القيام به فهي كانت حادة الطبع عصبية وسهلة الانفعال دا غير إنها فشلت في إنجاب وريث ذكر للعرش زيها زي كاثرين بالظبط وبعد ما حصلها إجهاض مرتين وفي المرتين كانت الأجنة ذكور اعتبر هنري ده خيانة منها ليه وفي عام 1534 ناقش مع كرونمر وكرومويل فرص تركه لآن من غير ما يضطر إنه يرجع لكاثرين مرة تانية.



وقفنا الفصل اللي فات لما العلاقة توترت بين هنري الثامن وآن بولين وسعيه للانفصال عنها من غير ما يضطر يرجع لكاثرين أرجون تاني بس محاولاته فشلت و في يوم 8 يناير 1536م وصل للملك خبر وفاة كاثرين أراغون وفي الوقت ده كانت آن حامل مرة تانية وهي كانت متأكدة كل التأكد إنها هتخسر كل حاجة وممكن حياتها نفسها لو فشلت في إنجاب الصبي المنشود لأن هنري مفيش قدامه حل تاني غير موتها علشان يقدر يتزوج مرة أخرى خصوصا بعد ما  كاثرين قصرت عليه المشوار بموتها فلو ماتت هي كمان محدش هيقدر يدعي بطلان زواجه أو إن الزواج غير قانوني.


بعد أيام قليلة من وفاة كاثرين وقع الملك من فوق حصانه وأصيب بجروح بالغة وكانت حياته في خطر وهنا بقى لما عرفت كاثرين باللي حصل حصلها صدمة أدت لاجهاضها للطفل يوم جنازة كاثرين في 29 يناير 1536م وكانت وقتها حامل في الشهر الرابع وبعد الإجهاض تبين إن المولود كان ذكر بالفعل ومن هنا نقدر نقول إن من الوقت ده كانت بداية النهاية لزواج آن بولين من هنري الثامن.


في الوقت ده كان هنري دخل في علاقة غرامية مع واحدة اسمها "جين سيمور" واللي كانت وصيفة لآن في القصر  وبعد تعافي آن من الإجهاض أعلن هنري أن زواجه من آن بولين كان نتيجة سحر ودلوقتي مفعول السحر انتهى وبعد كدا قام هنري بنزع أحد الأوسمة الشرفية من جورج بولين شقيق آن، ومنحه لشقيق جين سيمور بدلاً منه.


وقع هنري في عشق جين سيمور وقرر يتخلص من آن بأي طريقة علشان يقدر يتزوج من جين وهنا مكانش قدامه غير قتلها ولكن بطريقة لا تثير الشبهات وعلشان كدا قام بتلفيق تهمة الزنا لها وتم اعتقال خمسة رجال من بينهم أخو آن الشقيق بتهم زنا المحارم والخيانة، ووجهت إليهم تهمة إقامة علاقات جنسية مع الملكة. 


وفي 2 مايو 1536م، تم اعتقال الملكة و اقتيدت إلى برج لندن، ووجهت إليها تهم الزنا وزنا المحارم والخيانة العظمى.


وتمت أدانتهم جميعا بالرغم من أن الأدلة اللي كانت ضدهم مكانتش مقنعة، وحكم عليهم بالإعدام علنًا، وتم تنفيذ الحكم في جورج بولين وبقية المتهمين في 17 مايو عام 1536، وبعد يومين بالظبط وفي تمام الثامنة صباحًا تم إعدام الملكة في أحد أجنحة برج لندن، وجرى إعدامها بالمقصلة وهي جاثية على ركبتيها وبضربة واحدة.


في اليوم التالي لإعدام آن بولين، خطب هنري جين سيمور، وتزوجها بعد عشرة أيام فقط وفي نفس التوقيت، صدق هنري على قوانين ويلز لعام 1535، والتي نصت على ضم ويلز قانونيًا إلى إنجلترا، لتصير إنجلترا وويلز أمة موحدة. 


بعد كدا تم إصدار قانوني الخلافة لعام 1536م والذي أُعلن فيه إن أبناءه من جين سيمور هما خلفاؤه الشرعيين للعرش وأعلن كمان أن كلا من إليزابيث بنت آن بولين وماري بنت كاثرين أرجون هما أبناء غير شرعيين له، وعلشان كدا سيتم استبعادهم من خلافته كمان منح نفسه حق تحديد خلفاؤه بحسب رغبته.


في عام 1537م، أنجبت جين الأمير إدوارد، في ولادة متعسرة ماتت بسببها الملكة في 24 أكتوبر من العام نفسه.


بعد وفاة جين اكتئب هنري جدا وأعلن الحداد العام مش في القصر بس دا في كل البلاد وفضل الحداد في القصر مدة طويلة جدا لأن هنري اعتبر جين زوجته الحقيقية الوحيدة وحب حياته فهي الوحيدة اللي قدرت تمنحه الوريث الذكر اللي فضل يحلم بيه طول عمره وأوصى إنه يدفن إلى جوارها بعد موته.


في عام 1540، وبعد ثلاث سنوات من وفاة جين سيمور وافق هنري على تدمير أضرحة القديسين، وفي نفس الوقت قرر أن يتزوج مرة تانية وهنا اقترح عليه "توماس كرومويل" الزواج من "آن كليفسو" أخت دوق كليفز البروتستانتي، والذي كان يعتبره هنري حليفًا مهمًا في حال تعرضت إنجلترا لهجوم من الروم الكاثوليك.


الملك مكانش يعرف العروسة المقترحة أو شافها قبل كدا علشان كدا أرسل كرومويل رسام شاب يدعى  "هانس هولباين" علشان يرسم صورة ل آن علشان يقدمها للملك. 


بعد هنري ما شاف صورة آن عجبته جدا خصوصا بعد المدح اللي سمعه عنها من أفراد حاشيته وافق على الزواج منها خصوصا بعد رفض عدد كبير من النساء النبيلات الزواج من هنري.


بعد  وصول آن إلى إنجلترا، ولما شافها هنري وجدها غير جذابة نهائيا، فكان يطلق عيها بشكل شخصي اسم "فرس الفلاندرز" في الوقت اللي كان هنري فيه يعاني من البدانة المفرطة ومع ذلك هي معلقتش على وزنه أو نهمه في تناول الطعام.


بعد كام شهر من الزواج قرر هنري فسخ الزواج وعلشان يقدر يعمل كدا قال انه لسة محصلش بينهم أي علاقة زوجية وبصراحة آن كانت ذكية جدا معارضتش قرار هنري ولما اتسألت عن علاقتها بزوجها وهل حصل علاقة زوجية بينهم ولا لأ شهدت بأن زواجهما لم يكتمل أبدًا وقالت إن هنري كان بيجي كل ليلة لغرفتها فيطبع قبلة على جبهتها، ثم يأوي إلى فراشه. وهكذا.


علشان كدا مكانش فيه سبب يمنع فسخ الزواج وتم الفسخ وحصلت آن على لقب "أخت الملك"، ومُنحت قلعة هيفر، المقر السابق لعائلة بولين. 


في الوقت نفسه فقد كرومويل ثقة الملك لان هو السبب في الزواج ده وده اللي خلى الملك يجرده من مناصبه ويأمر بقطع رأسه.


في يوم 28 يوليو 1540م،  وهو نفس اليوم الذي أعدم فيه كرومويل  تزوج هنري من فتاة شابة تدعى "كاثرين هوارد" وتبلغ من العمر تسعة عشر عاما وكانت ابنة عم آن بولين، وواحدة من وصيفاتها.


 كان هنري سعيدًا جدا بزوجته الجديدة على عكس كاثرين اللي كانت تعيسة جدا فهي فتاة شابة في مقتبل العمر ومتزوجة من رجل في الخمسين من عمره مصاب بالسمنة المفرطة فكان طبيعي تمل منه وعلشان كدا وبعد فترة قصيرة من زواجهم  تورطت  الملكة في علاقة غرامية مع  "توماس كلبيبر " وهو واحد من حاشية القصر كمان قامت بتعيين "فرانسيس ديرهام" سكرتيرًا لها ودا كان خطيبها وكان في بينهم علاقة عاطفية غير رسمية قبل زواجها من هنري.


لفت توماس كرانمر انتباه الملك الي تصرفات الملكة وطبعا في الأول رفض هنري تصديق كلام كرانمر بس بعد كدا سمح له أن يجري تحقيق ويجيب الأدلة اللي على كلامه ده وبعد التحقيق تم إثبات تورط الملكة في جريمة الزنا وعند استجوابها ادعت ان ديرهام هو اللي أجبرها على الدخول معه في علاقة غير شرعية ولما عرف ديرهام بكلام الملكة حب ينتقم منها  وكشف عن علاقتها مع توماس كليبر وتمت إدانة كاثرين هوارد بتهمة الزنا والخيانة وأعدمت في 13 فبراير عام 1542.


في نفس العام، تم حل كل الأديرة، ونقلت ممتلكاتها للتاج، كما فقد رؤساء الأديرة مقاعدهم في مجلس اللوردات، واحتفظ فقط رؤساء المطرانيات والكهنة بعضوياتهم في المجلس، ليصبح وللمرة الأولى في تاريخ إنجلترا عدد الأعضاء الأساقفة أقل من عدد الأعضاء من غير الأساقفة في المجلس.


بعد إعدام كاثرين هوارد تزوج هنري زيجته الأخيرة من الأرملة الثرية "كاثرين بار" عام 1543م.


بعد زواج هنري من كاثرين بار حصلت بينهم مناقشة حول مسألة الدين، وهنا تبين أنها من الإصلاحيين، بينما هو من المحافظين، فحس هنري أنها غير صالحة له لكنها كانت ذكية وأنقذت نفسها بإظهار الامتثال له.


ساعدت كاثرين هنري علشان يصلح علاقته مع بناته ماري، وإليزابيث وفي عام عام 1544م، سن البرلمان قانون يعيد الأميرتان إلى سلسلة الخلافة مرة أخرى بعد الأمير إدوارد أمير ويلز، بس فضل عند رأيه إنهم أبناء غير شرعيين له كما سمح هذا القانون لهنري بتحديد المزيد من الخلفاء للعرش في وصيته.


قبل وفاته زاد وزن هنري بشكل كبير جدا لدرجة أن بلغ محيط خصره 137سم وميبقاش قادر يتحرك الا بمساعدة الآلات كمان انتشرت على جسمه البثور المتقيحة المؤلمة ويقال إنه عانى من مرض النقرس من كثرة تناوله للحم فيقال إنه اوقت كان  يستمر في الأكل بنهم شديد لمدة أربع ساعات متتالية.


بدأ هنري معاناته مع السمنة والمشكلات الطبية الأخرى بعد الحادث الذي أصيبت فيه ساقه إما خلال مبارزة أو سقوطه عن حصانه  عام 1536.


تسبب الحادث في تجدد جرح قديم عانى منه هنري منذ سنوات، ويأس الأطباء من علاجه وفضل الحرح متقيح الفترة الباقية من حياته وهو ده السبب اللي منعه من الحفاظ على نفس المستوى من النشاط البدني زي ما كان قبل كدا، كمان الحادثة كان لها أثر كبير في تقلب مزاج هنري وكان له تأثير كبير على شخصيته ومزاجه.


فيه نظرية تانية بقى بتقول إن هنري كان بيعاني من مرض الزهري في آخر حياته بس النظرية دي تم تكذيبها لأن الأطباء مسجلوش أي إشارة لإصابته بالمرض ده رغم أنه كان منتشر في الزمن ده.


فيه نظرية كمان بتقول إن هنري كان مريض بمرض السكري من النمط الثاني واللي عانت منه أخته الكبرى مارغريت ووفقًا لدراسة نشرت في مارس 2011، بتقول أن حالات حمل زوجاته وحالات الإجهاض المتكررة اللي كانت بتحصلهم وتدهور قواه العقلية، تشير إلى أن الملك قد يكون عانى من كيل إيجابي ومن متلازمة ماكليود.


قام خبراء السمنة في الكلية الإمبراطورية في لندن بتحليل تاريخ هنري الثامن ومورفولوجيا جسده لتحديد ما إذا كانت إصابة في الدماغ بعد حادث تبارز 1536م، قد تسببت في اضطراب هرموني عصبي إدى إلى سمنته.


حدد هذا التحليل نقص هرمون النمو (GHD) كمصدر لزيادة سمنته، بل والتغييرات السلوكية الكبيرة - كالزواج المتعدد والحرب مع فرنسا - في سنواته الأخيرة.


تسبب مرض السمنة في وفاة هنري عن عمر يناهز الخامسة والخمسين، وقد وافق ذلك 28 يناير 1547 في قصر وايت هول، والذي صادف عيد الميلاد التسعين لوالده، وكانت كلماته الأخيرة: "الرهبان! الرهبان! الرهبان!"


ممكن يكون تكراره لكلمة الرهبان كانت إشارة إلى الرهبان الذين تسبب في طردهم بحل الأديرة.


دفن هنري الثامن في "كنيسة القديس جورج" في "قلعة وندسور" وزي ما وصى في وصيته تم دفنه بجوار زوجته جين سيمور، وبعد أكثر من مائة عام، دفن الملك تشارلز الأول في نفس المدفن.


بعد وفاته خلفه ابنه الشرعي الوحيد إدوارد تحت اسم إدوارد السادس.


كان إدوارد في الوقت ده عنده تسع سنوات فقط وطبعا مكانش عنده القدرة على تولي السلطة وعلشان كدا أوصى هنري بمجلس يتكون من 16 وصيًا لإدارة الحكم حتى يبلغ إدوارد الثامنة عشر من عمره،  واختار الأوصياء إدوارد سيمور خال الملك ليكون حاميًا للعرش كما جرت العادة.


أوصى هنري بأن تكون خلافة إدوارد من حق أخته ماري وذريتها، وإن لم يكن لها ذرية يؤول العرش لأختهم إليزابيث وذريتها وفي النهاية، إن لم يكن لإليزابيث أولاد يؤول العرش لذرية شقيقته الصغرى ماري، وبكدا يكون استبعد ذرية شقيقته مارغريت من خلافته، بس ده محصلش فبعد وفاة ابنته إليزابيث، خلفها جيمس الرابع ملك اسكتلندا حفيد شقيقته مارغريت.


زي ما شوفنا شهد عصر هنري الثامن موجة كبيرة جدا  من الإعدامات السياسية، والتي بدأت بإعدام "إدموند دي لا بولي" عام 1513، إلى أن انتهت بإعدام هنري هوارد في يناير 1547.


فيه بعض المصادر التي ذكرت أن عدد حالات الإعدام في عهد هنري الثامن وصلت إلى 72,000 حالة، إلا أن المصادر دي  أشارت كمان إلى أن الرقم ده كان يشمل لصوص كبار ولصوص صغار ومحتالين وفيه مصادر تانية بتقول إن الرقم ده مبالغ فيه جدا والرقم الحقيقي أقل من كدا بكتير.


لو جينا نتكلم عن شخصية هنري الثامن هنلاقي إنه سعى ديما إنه يظهر نفسه بمظهر الشخص الذي لديه سلطة لا تقبل المقاومة أو حتى التحدي وزي ما شوفنا إزاي قدر يعدم مجموعة من الشخصيات الإنجليزية المرموقة ومعظم الإعدامات كانت بتتم في العلن قدام كل الناس ودي الحاجة اللي معملهاش حد قبله ولا بعده وشملت قائمة المعدومين زوجتين من زوجاته، وعشرين نبيلاً، وأربعة من القادة الشعبيين، وستة من المقربين إليه وأصدقائه، إضافة إلى الكاردينال وولسي الذي مات في مسجنه قبل إعدامه بتهمة الخيانة.


كان هنري رجلاً قويًا عريض المنكبين، طوله يزيد عن ستة أقدام، بارع في المبارزة والصيد، محبًا للرياضة وركوب الخيل، بس ساب دا كله بعد ما وقع عن حصانه ومن وقتها وبدأ وزنه في الزيادة وفقد هيئته الرياضية التي كانت تجعله يبدو وسيمًا، وهو ما عانى منه في سنواته الأخيرة.


هنري كان مثقفًا جدا، وهو أول ملك إنجليزي يتعلم تعليمًا إنسانيًا حديثًا، فقد كان يقرأ ويكتب  الإنجليزية  والفرنسية  واللاتينية، كمان كان يملك مكتبة جيدة في قصره. ويقال أنه هو من كتب الأغنية التراثية "هل تسمحي يا سيدتي".


وفي وقت انفصال كنيسته عن الكنيسة الكاثوليكية أسس هنري وموّل فرقة مسرحية غنائية شعبية لتجوب البلاد لتعزيز الممارسات الدينية الجديدة، والسخرية من تلك القديمة. 


في المسرحيات التي عرضتها الفرقة، سخرت الفرقة من البابا والكهنة والرهبان الكاثوليك وصورتهم كشياطين أجانب، في حين أشادت بالملك العظيم المدافع بشجاعة وبطولية عن الإيمان الحقيقي.


عرف هنري الثامن بعشقه للمراهنة والنرد كمان كان بارع جدا كملحن ومؤلف موسيقي وشاعر، كانت أشهر مؤلفاته الموسيقية "اللهو مع الخلان" ويقال أنه هو من قام بكتابة أغنية "الأكمام الخضراء". 


اهتم هنري جدا بالعمارة وتطوير المباني المميزة كقصر "ننساتش" وكنيسة "كلية الملك" ودير "وستمنستر: في لندن. 


كمان كان فيه العديد من المباني التي أدخل عليها هنري التحسينات، واللي كانت من الممتلكات المصادرة من وولسي، زي كنيسة "المسيح" في أكسفورد وقصر "هامبتون كورت" وقصر "وايت هول" وكلية "الثالوث" في كامبريدج.


القطعة الوحيدة الباقية من ملابس هنري الثامن هي قلنسوة للملك، والتي أهديت إلى عمدة ووترفورد عام 1536م، بالإضافة إلى حامل للسيف، وهي الآن في متحف ووترفورد للكنوز كمان فيه بذلة عسكرية لهنري معروضة في متحف برج لندن.


و على مدار القرون التي تلت وفاته، فقد كان هنري مصدر إلهام أو ورد ذكره في الكثير من الأعمال الفنية والثقافية.


ورث هنري ثروة طائلة عن والده هنري السابع بس زي ما قولنا كان مسرف جدا على عكس والده وأنفق الكثير من هذه الثروة على بلاطه وعلى أسرته، بما في ذلك أعمال البناء التي قام بها في القصور الملكية.


كانت أسرة تيودور تعمل على تمويل كل نفقات الحكومة، بعيدًا عن دخلهم الخاص، الذي يأتي من الأراضي التابعة للتاج، وبعض الرسوم التي منحها له البرلمان مدى الحياة. وقد ظلت عائدات التاج ثابتة عند حدود 100,000 جنيه إسترليني، ولكنها تناقصت بعد ذلك بفعل التضخم وارتفاع الأسعار الناجم عن الحرب.


بالرغم من أن هنري السابع لم يلجأ إلى البرلمان لحل مشاكله إلا قليل جدا، إلا أنه كثيرًا ما لجأ إليه لجمع المال لتمويل حروبه. 


وفر حل الأديرة وسيلة لإنعاش خزينة هنري الثامن، بأراض قدرت بـ 120,000 جنيه إسترليني (36 مليون جنيه إسترليني الآن).


 لجأ هنري في عام 1526 وفي عام 1539، إلى خفض العملة لحل مشكلاته المالية، ورغم جهود وزرائه لتقليل النفقات والإنفاق في البلاط الملكي، فقد توفي هنري مدينًا.


يعتبر استقلال كنيسة إنجلترا عن الكنيسة الكاثوليكية في روما هو الحدث الأبرز في عهد هنري الثامن ويعتبر أكثر القرارات الحاسمة الذي اتخذها اي ملك إنجليزي آخر والحدث ده كان له آثار خطيرة جدا في مسار التاريخ الإنجليزي بعد عهد أسرة تيودور الحاكمة.


تعاظمت قوة الدولة في عهد هنري الثامن، بعد أن نجح هنري جزئيًا في جعل إنجلترا لاعبًا رئيسًا على الساحة الأوروبية، لكنه استنزف خزينة الدولة بالكامل في سبيل ذلك.


كمان يعد هنري الثامن أحد مؤسسي البحرية الإنجليزية، جنبًا إلى جنب مع الملكين "ألفريد العظيم" و "تشارلز الثاني". 


تميز عهده ببعض الحروب البحرية، والأهم من ذلك الاستثمارات الملكية الكبيرة في مجال بناء السفن، بما في ذلك عدة سفن مدهشة مثل سفينة "ماري روز" وكمان أحواض بناء السفن كالقاعدة البحرية في بورتسموث.


والابتكارات البحرية زي استخدام المدافع على ظهر السفن.


ومع ذلك، لم يترك هنري لخلفائه أسطولاً حربيًا منظمًا كهيئة عسكرية منفصلة فقد اضطرت إليزابيث الأولى إلى ضم مجموعة من السفن الخاصة لمواجهة أسطول  الأرمادا  الإسباني. 


بس برضو نقدر نقول إن عهد هنري الثامن شهد ميلاد القوة البحرية الإنجليزية، والتي كانت النواة لانتصار إنجلترا على أسطول الأرمادا الإسباني.


كان هنري معرضًا لغزو واسع النطاق من قبل فرنسا أو إسبانيا، بعد صدامه مع روما، مما دفعه لتعزيز الحصون الساحلية، مثل: قلعة دوفر وقلعة أرككليف، والتي زارها شخصيًا لعدة أشهر للإشراف على تحصينها.


كمان بنى سلسلة من القلاع الجديدة المدعومة ببطاريات المدافع، على طول سواحل بريطانيا الجنوبية والشرقية؛ من شرق أنجيليا إلى كورنوال، مستخدمًا الخامات المتخلفة عن هدم الأديرة في بناء هذه التحصينات، وقد عرفت هذه التحصينات باسم "تحصينات وتجهيزات هنري الثامن".


أما بالنسبة لألقابه الملكية ففي عهد هنري الثامن، أدخلت الكثير من التعديلات على اللقب الملكي. في البداية، استخدم لقب "هنري الثامن بنعمة الرب، ملك إنجلترا وفرنسا ولورد أيرلندا". وفي عام 1521، وبمقتضى منحة من البابا ليون العاشر بعد أن أهداه هنري كتاب "الدفاع عن الأسرار السبع"، والذي هاجم فيه مارتن لوثر، أصبح لقبه "هنري الثامن بنعمة الرب، ملك إنجلترا وفرنسا، المدافع عن العقيدة، لورد إيرلندا" وبعد حرمان هنري كنسيًا، ألغى البابا بولس الثالث جزء "المدافع عن العقيدة" من اللقب، لكن قانونًا من البرلمان أعلن أن هذا الجزء من اللقب لا زال ساريًا، وظل مستخدمًا حتى اليوم.


في عام 1535، أضاف هنري عبارة سيادية إلى اللقب الملكي، فأصبح اللقب "هنري الثامن بنعمة الرب، ملك إنجلترا وفرنسا، المدافع عن العقيدة، لورد أيرلندا، الرئيس الأعلى لكنيسة إنجلترا في الأرض". وفي عام 1536، تغيرت عبارة "كنيسة إنجلترا"، إلى "كنيسة إنجلترا وأيرلندا".


في عام 1541، بدّل البرلمان الأيرلندي لقب لورد أيرلندا بلقب ملك أيرلندا من خلال قانون التاج الأيرلندي لعام 1542، بعد أن علم بأن الكثير من الشعب الأيرلندي يعتبرون البابا هو الرئيس الحقيقي لبلادهم، وأن الملك ليس إلا ممثلا له، والسبب في اعتبار الأيرلنديين، أن البابا حاكمهم المطلق، هو أن البابا "أدريان الرابع" هو من منح حكم أيرلندا للملك هنري الثاني في القرن الثاني عشر، باعتبارها أراض إقطاعية تحت الحكم البابوي. وقد ظل هذا اللقب مستخدمًا حتى نهاية عهد هنري الثامن.


كان شعار هنري الثامن هو "Coeur Loyal" والذي يعني "القلب السليم"، ووضع هذا التطريز على ملابسه في شكل رمز القلب مع كلمة "loyal". كدوق ليورك.


استخدم هنري شعار نبالة والده، مع اختلاف وجود ثلاث نقاط من الفرو. وبصفته ملكًا، فإن علم شعار نبالة هنري، كانت هي نفس الشعار الذي استخدمه أسلافه منذ عهد الملك هنري الرابع، وهو المقسم إلى أربعة أرباع ثلاث زهرات زنبق متعاكسة (ترمز لفرنسا)، مع ثلاثة أسود ملصقة في المقدمة (ترمز لإنجلترا).

يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سمر إبراهيم، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة