الفصل الثامن - بنات حورية
الفصل الثامن
كوني لي حورية .
أكون لكِ محيط .
كوني لي فراشة .
أكون لكِ بستان .
كوني جنتي ..
لأكون يا حبيبتي كما تهوين .
" لم ينتهي اليوم بعد يا جميلة .. انا جائع للغاية وستعذمينني علي الغداء في هذا المطعم الفاخر " .
هتف الغريب - أخ صديقتها - لتنظر له بغرابة وصدرها ما زال يعلو ويهبط من الخوف إنه حقاً لمختل !!
أقفل سقف سيارتها ثم ترجل منها وهي تتابعه بإرتعاش حتي فتح باب سيارتها .. كانت بحاجة للهواء مع شعورها بالهلع الذي تمكن منها فأخرجت جسدها للخارج ووقفت مستندة علي الباب بدون إغلاقه ،،انتظرها حتي هدأت نوعاً ما ثم شاور لها علي المطعم لتسبقه راغبة في أي شئ يهدئها .. جلست علي أول طاولة قابلتها ثم طلبت ليمون ساقع وبعد قليل كان يجلس بجوارها وبعد وقت أخر نزل الطعام علي طاولتهم فعرفت أنه تأخر لأنه كان يطلب الطعام الذي قال أنها ستحاسب عليه .
................................................................
" إذا اخبريني لما قررتي المجيئ إلي ّ"
تسائلت رسيل بهدوء معطية لبيسان كل مساحتها حتي تشعر بالراحة وتفتح لها قلبها لتساعدها علي أكمل وجه .. بينما بيسان .. متوترة .. متعرقة .. ترتعش .. حتي عينيها تزوغ هناوهناك بدون هدف وبتشتت أجابت :
" جئت لأنكِ ..ساندتني هذا اليوم والجميع ... الجميع يتخلي عني " .
شهقت باكية : " لا أعرف ماذا فعلت ؟ حتي صهيب .. أخي أصبح يكرهني " .
" من قال أنه يكرهك " تسائلت لتعرف أكثر عن تصرف أخيها معها وخاصة من وجهة نظرها فأجابتها ببكاء :
" إنه .. إنه يتهمني بأشياء فظيعة و لا يحدثني ولا ينظر لوجهي وكأنه هو علي الحق " .
" أوليس علي حق " تسائلت بترقب لتنفي الأخري بفزع :
" لا لا أنا لم أفعل شئ خاطئ أبداً " .
ثم شهقت ببكاء : " أنا لا أفهم شئ أبداً " .
الفتاة في حالة صراع داخلي بين الواقع والخيال .. هناك واقع حدث لم تعيشه هي لذا بالنسبة لها هو خيال .. حللت رسيل حالتها لتجيبها متخذة دور غير الطبيبة لحل معضلة الفتاة :
" أستاذة بيسان تعرفين أنني من دللت أخيكي علي مكانك ،، لأنني كنت هناك ورأيت كل شئ حدث بكِ " .
اهتزت ببكاء فتابعت رسيل : " لقد رأيت وسمعت كل ما حدث بالمشفي ولقد كنتِ حامل بالفعل يجب أن يوجد تفسير لهذا ،، أنا معك أنه لن تخطئِ أنتِ بإرادتك ولكن يجب أن تتذكري جيداً هل حدث شئ ما معك .. كتخديرك مثلاً " .
نظرت بيسان لها عاقدة حاجبيها برفض لتتابع رسيل :
" من الممكن أن يكون أحد فعل هذا وأنتِ بغير وعيك "
" لا أتذكر " هزت رأسها رفضاً وهي تجيب لتتابع رسيل :
" يجب عليكِ التذكر كي تساعدي نفسك " .
..................................................................
ابتسمت حين رأته ما إن خرجت من جامعتها .. يستند علي سيارته يراقب مدخل الجامعة .. يترقب خروجها في أي لحظة حتي احتلت أنظاره فاعتدل واقفاً مبتسماً بحنان وعاطفة يتخللها الحب وشئ أخر لا يستطيع تفسيره ليستقبلها كابنته .. يدللها و يركبها السيارة كالحارس اللطيف ثم يركب بجوارها متحدثاً وهو يتحرك بالسيارة :
" كيف حالك يا صغيرتي " .
عبست بضجر متحدثة : " لا تناديني بصغيرتك " .
شاكسها قاطباً حاجبيه : " و لماذا يا حلوتي " .
" لأن هذا اللقب أحب سماعه من بابا وماما فقط "
تحدثت بجمال متذكرة والديها ليجيبها بغيظ :
" وماذا في الأمر إن كنتِ صغيرة والديكِ وصغيرتي أيضاً " .
تحدثت بطفول منزعجة :
" أوووف راكان لا أريدك أن تناديني هكذا ".
ارجع جسده للوراء كالمنتشي .. اسمه من بين ورديتها الصغيرة له مذاق أخر سيجن حقاً تلك السنة التي فرضها والدها حتي زواجهم وهي وافقت وهو لم يعارض يكفي أن تطمئن له و يضمن وجودها فهمس بوجع غير قاصداً : " آآآه يا صغيرتي لا تتأففي بهذا الشكل كي لا أفعل شئ لا يعجبك " .
لم تهتم لحديثه وهي تهتف بضيق : " صغيرتي مجدداً ،، ماذا أقول أنا " .
" أسفون يا حضرة الملكة راما .. يا رامتي الجميلة سأكتفي برامتي الأن كي تكفي عن إزعاجي بتذمرك هذا " .
تحدث بجدية ليحتلها الخجل برجفة اشتدت بالتدريج منذ بداية حديثهم ولكنها سيطرت عليه بضيقها هاتفة :
" هل تراني متذمرة " .
أوقف السيارة فجأة وأشرف عليها بجسده فإرتدت للخلف رامشة بتعدد فنهرها بمكر :
" نعم متذمرة وللأسف تتذمرين بطريقة شهية للغاية ولا أضمن لكي سيطرتي علي حالي لذا تحاشي إفقادي لسيطرتي أضمن لكي " .
توسعت عينيها بدقات قلب سريعة فرفعت إصبعها أمام وجهها في المسافة الصغيرة الفاصلة بينهما وهمست بفزع :
" لا تفكر حتي أنا أحذرك هااا .. آآآآآآااااه " .
صرخت بعد أن عض إصبعها لتدمع عينيها هامسة :
" أيها المتوحش " .
مسح دموعها نافياً بزمجرة وهو يعود لمكانه :
" لا تبكي لقد حذرتك " .
فركت إصبعها فإتخذ هو دورها وإلتقطه بين كفيه يدلكه برفق فهمست بطفولة : " سأشكوك لبابا " .
تجهمت ملامحه بهدوء كحديثه : " سنتحدث في أمر إخبار والدك لكل شئ يحدث بيننا لاحقاً والأن أخبريني أين تودين الذهاب " .
بتلقائية أجابت : " إلي أين يعني أوصلني للمنزل " .
" لا منزل يا جميلة ،، أراهن أنكِ لن تتناولي شيئاً منذ الصباح لذا لنطعمك شئ أولاً " .
أصدر قراره لتتذمر :
" لست جائعة أنا متعبة وأريد سريري فقط " .
زجرها بخفة : " متعبة ولكن لديك القدرة لتجادليني علي لقب طوال اليوم أليس كذلك " .
أومأت بتسلية متابعة : " نعم لأنه شئ لا أريده " .
...............................................................
انتهي من طعامه .. في البداية كانت تراقبه يأكل بكل برود وكأنه ملاك ثم رويداً فُتحت شهيتها وهي جالسة في مطعم يعج بالطعام فأخذت تتناول معه الطعام بهدوء ولكن رعشتها مازالت مسيطرة علي يديها وقدميها .. انتهي كلاهما ليتحدث بهدوء :
" ألن تذكريني باسمك " .
تحدثت بجمود : " أريد الذهاب من هنا " .
نظر لساعته ثم تحدث متضايقاً وهو ينهض بحدة لم تفهم منها شئ :
" انهضي سأوصلك لمنزلك " .
لقد وقف وأخرج النقود من محفظته ووضعها علي الطاولة وحدثها بحدة ورحل في ثوانٍ معدودة فرمشت بعدم تصديق ولثالث مرة تجزم أنه حقاً لمختل !! .
خرجت لتجده محتل مقعد السائق في سيارتها وكأنها ملكه فاتجهت لسيارتها بحنق ووقفت تدق علي الشباك من ناحيته فنزل لها مستفهماً لتجيبه :
" لست بحاجة لخدماتك " .
تخطته لتركب سيارتها ولكنه أقفل الباب قبل وصولها إياها متحدثاً بضيق وسخرية وهو ينظر لإرتعاشها :
" علي حسب يقيني فأنتِ لا تستطيعين قيادة سيارتك الأن " .
ليست بحالة تسمح لها بالهياج عليه رغم رغبتها الشديدة في ذلك ولكنها تشعر بنبرتها لا تريد مغادرة حلقها فهي متعبة فجزت علي أسنانها قائلة :
" ابتعد من أمامي قبل أن يحدث شئ لن يعجبك " .
" وإن لم أفعل " تسائل بهدوء لتجيبه بعصبية :
" ماذا تريد بعد أنتَ ماذا تريد " .
تنهد مغمض العينين هاتفاً بسرعة : " أسف " .
شلت الصدمة لسانها وقبل أن تجيبه قاطعها :
" أنا عابث أعلم ولكن عبثي لا يؤذي أحد ولم .. " .
" رغم أني لا أهتم بأي حديث يخصك ولكنك أذيتني اليوم " .
صارحته ليجيبها :
" لم أوذيكِ كان يمكن أن تستمتعي بدل الخوف الذي تمكن منك " .
تستمتع .. بحق الله بماذا تستمتع وهي كانت علي حافة الموت فهتفت بعدم تصديق : " استمتع هل كل شئ يمتعمك أيها المريض يمتع غيرك " .
انهي الحوار هو أساساً متضايق من نفسه ويكاد يشتعل بما حدث لها بسببه ولا يعرف سبب لهذا الضيق غير أنه لم يفعل هذا الأمر من قبل وعبث مع إحداهن فتحدث :
" لا فائدة من الحديث ،، اجعليني اتم أسفي وأوصلك لمنزلك لأكون مطمئن عليكِ " .
ولم يمهلها الفرصة وهو يعاود ركوب سيارتها لتركب بجواره متمنية خنقه متأففة وحانقة طوال الطريق حتي أوصلها ليخبرها باسمه الغريب الذي أثار فضولها " دوروك " ولكنها تذكرت أنهُ أخ صديقتها ذات الأم التركية .
..................................................................
مع إشراقة شمس يوم جديد استيقظت لورين نشطة ،، تشعر بطاقة هائلة وشعور لذيذ بات يراودها في الأونة الأخيرة وهي تجد ذاتها تتسارع يومياً لتستقر بعملها أو بالأصح بمحل عملها كي تراه أو تلمحه حتي .. رغم الشحنة السالبة التي كانت بينهم إلا أنها تحولت لأخري موجبة تتجاذب خلال هذا الشهر الذي نبض فيه قلبها ولكن حتي الأن مازالت تكذب شعورها هذا ،، إذ لم يصدر منه شئ غير معاملته التي باتت لطيفة بدرجة جعلتها تحبه .. فديم الغليظ إختلط بأخر لطيف .
جلست في مكتبها تنتظر أن يطلبها بملفات اليوم لتراه .. اليوم هناك إجتماع مهم جداً سيحضره مع والده وهي لديها بعض ملفات هذا الإجتماع لذا بالتأكيد هو سيطلبها ولكن ما لم تحسب حسابه إندفاعه بتسرع لمكتبها متوجهاً إليها متحدثاً بعملية :
" هل الملفات جاهزة " .
صمتت ثوانٍ تستوعب ثيابه الرسمية التي زادته هيبة والتي تراها لأول مرة عليه فشعرت بنفسها كمسلوبة الوعي تتفحصه .. بنطال رمادي غامق مع قميص من نفس اللون وچيليه وچيرافته بلون أرجواني غامق .
ليس وقتها الأن فعليه التركيز ،، كان يجب أن يرسل أحداً لإحضار الملفات ولكنه ظن أنه برؤيتها سينشط أكثر ولم يعرف أنها فقط ودائماً تبث الإشتعال بداخله فتنحنح محمحماً لتلتقط الملفات بحرج وتناوله إياها ... حمداً لله أنها وحدها بالمكتب .
سحب كرسي تجلس بجوارها فوقفت لأنه مديرها فهمس بحشرجة:
" أريني التعديلات التي طلبتها " .
فتحت الملفات بتوتر بعد أن سحبتها من تحت يديه وأخذت تشرح له وهو كله يغلي من قربها الذي أصبح يريده أقرب وأقرب حد الإلتحام فهتف بكل وعي وهو يقف قبالتها ،، دافعاً كرسيه للخلف ومتقدماً منها حتي حاصرها بالمسافة الصغيرة بين الحائط والمكتب : " تزوجيني " .
لقد ابتسمت يا رب الكون لقد ابتسمت له بكل عذوبة وبكل كيانها رأي موافقتها ولكن ملامحها لم تخل من دهشتها ولكن دهشة فرحة بأعين مسرورة وهي تنظر للأرض بقلب يرفرف من مكانه ليرفع يديه ويضعها قرب وجهها وكأنه يتلمسها هامساً :
" لنتغدي سوياً الليلة و أريد سماع موافقتك " .
التقط الملفات وخرج بينما جلست هي واضعة يديها علي وجهها مدارسة خجلها الفرح ومن ثم انتقلت يديها لقلبها الذي يكاد يخرج من مكانه وهنا رأتها .. " ديما " حبيبته السابقة واقفة تنطر لها بكل هدوء .. يبدو عليها أنها سمعت كل شئ .. اقتربت منها وجلست أمامها مدارية ضيقها وغيرتها متحدثة بألم :
" ديم يستحق كل خير حافظي عليهِ أرجوكي " .
قطبت لورين حاجبها بغيرة .. ما بالها تلك الفتاة ألم تتركه ورغماً عنها وجدت نفسها تهتف بحدة لم تتقصدها :
" أعرفتي قيمته الأن أم ماذا ألم تتركيه بإرادتك " .
شهقت ديما بعنف .. هل كانت لورين تعلم كل شئ .. هل كانت حمقاء وهي تظن أن ديم لن ينساها بسهولة وأن نظراته للورين ليست إلا إعجاب بها .. نظرت لها بألم متحدثة :
" أنا لم ولن أجهل قيمته " .
ثم تركتها وذهبت تاركة لورين حائرة من كلامها المبهم .. اتجهت ديما لسلم خالي من أي عمال يؤدي للسطح وجلست عليه تبكي ولم تعرف بمن تتبعها حتي شهقت ويديه الغليظة ترفعها من علي الأرض مزمجرة بها :
" ما بالك هاا .. ما بالك ألم نتفق أن تنسيه بعد أن إتخذتي قرارك بمفردك " .
زعقت به بحدة وهي تدفعه بعد أن عرفت هويته - سامر - الذي يحبها وهي مكبلة من نواحٍ كثيرة لا تتيح فرصة لهذا الحب أن ينمو حتي :
" وما دخلك أنت ،، هل صدقت نفسك ،، هل صدقت أنه يمكنك مساعدتي أنتَ لا يمكنك الوقوف بوجهه أبداً " .
تركته ورحلت باكية .. لاعنة حظها .. بينما تنهد هو بألم فالحق كله معها من هو ليقف بوجه من يريدها ولكنه سيفعل المستحيل فهو لن يتركها تضيع من بين يديه مرتين .
..........................................................
" صديقك يسير في الطريق الصحيح " .
علي الهاتف .. أخبرت رسيل صهيب بحالة أخته وكيف يجب أن يتعامل معه .. ثم اتجهت لكونها الأن طرف في حل معضلة تكاد تنهي حياة أحدهم وتحدثت بما أخبرتها به بيسان .. في الواقع هي لا يمكن أن تفضح أسرار مرضاها أبداً ولكن هذاإن كانت الحالة مجرد مريضة ستتعالج وتشفي وتذهب .. ولكن تلك مريضة بمرض لا هوية له .. لذا يجب عليها مساعدتها بشتي الطرق حتي تستقيم حياتها مجدداً .
" كيف هذا " سألها صهيب بترقب وتحفز شرس لتجيبه :
" لقد أخبرتني أنها في أخر زيارة لبلدكم .. حدث معها أمر غريب لقد ظنته حلم حينها ولا تعرف إذا كان هذا سبب ما يحدث معها الأن أم لا " .
لقد صمت راغباً في سماع المزيد لتتنهد وهي تسترسل علي مسامعه ما تذكرته بيسان :
" قالت أنها وهي نائمة شعرت بشئ يجثم فوقها وكأنه شخص ولكن هذا الشعور لم يتعد الثانيتين لذا حين استيقظت ظنته حلماً .. ولكن حين استيقظت ايضاً وجدت دماء علي فراشها كما كانت تشعر بألم شديد .. ولكنها ظنت أنها دورتها الشهرية وهذا ألمها المعتاد " .
تسائل بشر : " لا أفهم أي شئ ماذا تقصد بكل هذا " .
أجابته : " أخبرتني أن دورتها الشهرية انقطعت بعد ذلك ولم تأتي لها حتي الأن وهي ظنتها متأخرة ونسيتها أساساً .. يمكنني تفسير ذلك بأن أحدهم اعتدي عليها بعد تخديرها في منزل والديك ولقد كان حريصاً للغاية ولم يترك أي أثار لجريمته حتي علي جسدها وهي لم تفكر أبداً بأن أحدهم اعتدي عليها لأنها لم تشعر بذلك " .
كالتائه هتف : " أتقصدين أن .. أنها بريئة و قد.. " .
وقد اغتالوها .. اغتالها حقير وتعدي علي برائتها ... صغيرته انتهكت وهو ظلمها .. هتف بظلمة قبل أن يغلق :
" هذا يفسر لي كل شئ ،، أشكرك حقاً سأحدثك مجدداً لنحدد ميعاد أخر لبيسان " .
..................................................
وصل علي مقر عمل دياب غرامة مادية بل غرامات .. ثلاث غرامات مادية تبين أن ابنته " هيا " قد تعدت ثلاث إشارات مرور بدون الإلتزام بهم .. كان هذا أمر جعله يفقد صوابه بصدمة وهو يتجه للمنزل صائحاً بإسمها غاضباً :
" هياااااااااااااااا " .
يتبع .....
............................................................