الفصل الثانى - بنات حورية
الفصل الثاني
" راما يا دياب إنها صغيرة " .
هتفت حورية بدهشة وهي تستمع لحديث دياب الذي جمع عائلته ليتحدث معهم ولكن نظره كان مثبت علي راما ليراقب ردة فعلها خاصةً حين أردف قائلاً بترقب : أنا موافق عليه.
شهقت راما وهي تتحدث ببراءه : موافق يا بابا هل هو يشبهك ،، هل هو مثلك.
وهذه الصغيرة يبدو أنها تفهمه جداً فهي تعرف أن أبيها لن يُسلمها لأي كان ،، لا بد أنه دياب البدوي علي صغير ليوافق عليه والدها بهذه السهولة حتي وهي في سنها هذا فقالت راما متفائلة : إن كان نسخة منك يا أبي فأنا موافقة ،، ولكن ليس الأن بالتأكيد .
تطلعت حورية لابنتها بريبة وهي تتحدث :
راما إنتظري يا حبيبتي موافقة علي ماذا ،، هل رأيته أو تحدثتي معه لتوافقي .
هتفت لورين : طالما بابا موافق عليه إذاً فلقد نال هذا الشاب إعجابه وبجدارة .
لم تكن حورية مطمئنة أبداً وهي تناجيه أن يتحدث : دياب! .
ضغط علي كفها فائلاً : اهدئي لا تخافي .
ثم تابع : راما إنه نفس الرجل الذي قابلتهِ في الحفلة .
هبت راما واقفة وهتفت بإنفعال : ماذا يستحيل كيف توافق عليه يا بابا إنه ،، إنه ... .
قاطعها دياب وهو ينظر لعينين حورية قائلاً بما أدركته حورية : إنهُ يحبك يا صغيرتي .
شرد هو وشردت حورية في ذكري بعيدة للغاية حيث كانت حورية تسأله بإنفعال : لماذا تريد أن تتزوجني .
وجاء جوابه بنبرة أسكرتها : لأنني أحبك يا صغيرتي.
انتشلت حورية نفسها من ذكرياتهم مبتسمة وهي تتحدث بجدية : هل تريدني أن أطمئن هكذا .
وقف ثم أشرف عليها من علو هامساً في أذنيها : نعم إطمئني .
ثم اتجه لراما التي جمدتها كلاماته : تعالي يا صغيرتي لنتحدث سوياً .
وهنا هتفت چيلان لرسيل بتساؤل : رسيل هل يمكن لراما تحمل مسئولية زواج في سنها هذا.
أجابت رسيل بحدثِها : من هم في أعمارها بالتأكيد يستطيعون ولكن راااااااما .
وتابعت بنبرة درامية كارثية : بالتأكيد لا تستطيع .
نهضت سبأ قائلة وهي تتابع والدتها بقلق : ماما سأحضر لكِ كأس ليمون .
■■■
في الشرفة الواسعة المطلة علي النيل جلس دياب وراما بجواره علي اريكة ثابتة غير المتحركة التي تواجههم ،، احاط دياب بكتفي ابنته متحدثاً : لقد آتي هذا الرجل لي اليوم .
نظرت له بفضول ليتابع : لقد لقنته درساً لن ينساه أبداً وأعدك أنهُ لن يكون قادر علي تحريك يديه أو فتح عينيه قبل اسبوعين علي الأقل .
وضعت فمها علي فاهها وتحدثت بخوف : هل ضربته .
أومأ متحدثاً بصرامة : من يمس إحداكن بيدهِ أكسرها له تلك اليد.
" إذا لماذا توافق علي طلبه للزواج بي "
هكذا تسائلت ليُجيبها : لأنهُ كما قلتِ يشبهني إلي حد كبير ولقد شعرت بالراحة له ولكن هذه موافقة مبدئية إن وافقتِ أنتِ سأفعل كل التحريات اللازمة عنه .
" لا أعلم يا أبي كل ما أشعر بهِ أنني أخاف منه".
حدثها بمرح : والدتك كانت تخاف مني أيضاً ولكن لم يستمر هذا الخوف كثيراً .
بفضول طالعتهُ ليكمل : تعلمين لقد تزوجت والدتك وهي أصغر سناً منكِ .
أومأت لتجيبه بحماس : نعم أعلم وأتمني أن أعيش قصة حب كقصتكم حقاً .
ثم تداركت حماسها ولسانها قائلة : sorry يا بابا .
" الحب ليس عيباً ولكن في نطاق يراعي حدود الله يا صغيرتي "
ضمها لصدره وتابع بعقلانية : كل ثنائي تختلف قصته عن أي ثنائي أخر في هذه الحياه لا أحد يعيش قصة شخص أخر ،، لن تجدي قصة كاملة كالأخري قد يكون بها بعض التشابه ولكنها ستكون قصتك الخاصة بشخصيتكِ أنتِ ،، سأترككِ تفكرين يا حبيبتي ،، خذي كل وقتك بدون ضغط وما تريديه سيكون .
وانتهي حديثهم ليختلي بحورية في غرفتهم أخر الليل ليحكي لها كل شئ ،، كيف أنهُ يري في راكان دياب وهو في عز شبابه وكيف رأي في عينيه نفس نظرة الإصرار والعزيمة التي تخصه ،، كيف رأي لمعة إنتشال الروح من العمق إلي السطح نفس لمعة عينية حين إنتشلته حورية بنظرة واحدة فقط من عالم صرِم إلي حياة رومانسية حالمة .
" لقد ذكرني بما مضي يا حوريتي " .
تحدث بإرهاق وهو يلقي بجسده علي السرير ليتمدد عليهِ فجلست بجواره متحدثة بتشتت بينما أحاطها بذراعيه : لا أعرف يا دياب هل أطمئن بكلامك هذا أم أقلق أكثر .
هتف بتعجب : لماذا القلق يا حورية أقول لكِ أنهُ يشبهني وراما مثلك كأيامنا منذ سنوات وتقلقين .
تحدثت بتلقائية : وهل كانت بداية حياتنا رائعة يا دياب أذكر أنني تعذبت كثيراً وكنت أتمني لو أنني لم أوافق علي هذا الزواج.
صمت دياب وتشنج جسده وارتخت يديه التي تحيطها في حين ادمعت حورية وهي تتدارك ما قالته فدست نفسها في صدره قائلة بندم : أسفة يا حبيبي ولكنني خائفة علي راما كثيراً فهي صغيرة لن تتحمل تلك المسئولية أبداً إنها رقيقة وحساسة للغاية هي ليست مثلي .
لعب بشعرها بجمود متحدثاً : أولست أرق منها ببكائك هذا .
" لا تقلقي ،، أنا لا ألقي بابنتي لأي أحد وفي النهاية القرار لها وما يدهشني حقاً أن ابنتك موافقة علي المبدأ ذاته ولكنها خائفة من راكان لما حدث بينهم ،، إنها حالمية تذكرني بوالدتها الذي وافقت علي چوازنا وهي في عمر السادسة عشر " .
رغم كل ما قاله كانت عيناه متألمة من حديثها فهتفت بأسف : لأنك امتلكت عقلي بكلامك كما امتلكت قلبي ،، دياب أسفة يا حبيبي .
أعطاها إبتسامة لم تصل لعينيه وهو يطفئ النور متحدثاً : لم تخطئي يا حورية أنتِ علي حق في النهاية سننتظر رأي راما تصبحين علي خير .
■■■
صباح اليوم التالي كالعادة استيقظت حورية قبل الجميع تجهز الفطور ومن استيقظت من بناتها تنتضم لها لتساعدها ولكن دخول دياب عليها المطبخ وليست إحدي بناتها كان الذي حدث ،، كان في حلتهِ الرسمية العملية فنظرت له بلهفة تبدلت ليأس وهي تستمع لحديثه : سأذهب للعمل هنيئاً علي قلوبكن افطروا بدوني .
اطفأت النار علي الطعام ولحقت بهِ حتي وقفت أمامه صارخة : والله لن تخرج قبل أن تفطر معنا.
" لماذا تحلفين يا حورية " .
هتف بنزق لتجيبه : إن خرجت بدون الفطور لن أضع لقمة واحدة في فمي طوال النهار .
" سأنتظرك علي الطاولة " تحدث وهو يدير ظهره لها مبتسماً .
هي تعمدت الاستيقاظ مبكراً للغاية وهو تعمد الخروج مبكراً كي يستفرد بها قبل استيقاظ بناته والصلح كان حينما وضعت الفطور أمامه وكلما تحضر طبقاً تقبله علي خدهِ ذهاباً وإياباً في البداية تمنع وهو يبعد وجهه عن شفتيها لتسحب وجهه بتقرير مقبلة إياه وفي المرة التي تليها تَمَنَّعْ لتعضهُ في خده ومن ثم يجلس جامداً فتدغدغ لحيته حتي يبتسم فتقلبه حتي رضيَّ عنها أخيراً وسحبها لأحضانه يقبلها وتقبله بسعادة وعلي السلم كانت تنزل لورين قبل أن تشهق شهقة وصلت لهم وتدير وجهها للخلف متحدثة بخجل لتطفلها : أسفة أسفة للغاية.
تنحنح دياب وعدل من ثباته متحدثاً : تعالي تعالي يا حبيبة آباكِ .
" صباح الخير "
تحدثت ببشاشة وهي تقبل عليهم في حين تساءل دياب وهو يري ثيابها العملية :
إلي أين في هذا الصباح الباكر .
أجابته حورية : لديها مقابلة عمل ،، ليوفقك الله يا حبيبتي.
أمنت لورين بتفاؤل وهي تلتقط بعض اللقيمات سريعاً وهي واقفة فزجرها دياب علي تصرفها فتحدثت : أنا علي من أمري سأذهب أصلاً .
ودعتهم بالسلام وشرعت في إرتداء معطفها ثم حذائها وقبل أن تخرج من المنزل رن هاتفها لتجيب بترقب وبعد قليل كانت تقفل الخط صارخة بسعادة : أمي لقد قبلوني .
احتضنتها حورية مباركة في حين أكملت لورين بفرحة : وأخيراً سأبدأ في العمل من غد .
" في أي عمل قبلتي " هتف دياب متسائلاً فابنته لم تطلعه يوماً علي أي من مقابلاتها العملية حتي لا يساعدها خلسةً فأجابت بسرور : سأعمل في قسم تصميمات المنتجات في شركات نجم الدين هل تصدق يا أبي .
أومأ بعملية متحدثا : في أي فرع ستعملين .
" لقد قدمت في الفرع الرئيسي لا أعلم إن كنت سأعمل هناك أم في فرع أخر " .
" أعرف فهد نجم الدين سأوصيه عليكِ " تحدث بتلقائية لتهتف صارخة : لا ، لا أريد لأحد أن يعلم أنني ابنتك.
وكزتها حورية بخفة بينما رفع دياب حاجبيه لتهتف بحرج وهي تخفض رأسها : أقصد يا أبي لا أريد أن يميزني أحد عن غيري لأنني ابنتك ،، أنت تفهمني صحيح! .
ضحك دياب قائلاً : سوف تصيبني جلطة بسببكِ أنتِ وبناتكِ يا حورية .
عضت لورين شفتيها في حين تحدثت حورية بغضب : بعيد الشر لا تمزح في هكذا أمر .
ودعها محباً لها ولخوفها ثم وقف خلف ابنته مربتاً علي وجنتيها قائلاً : مبارك يا لورا .
ابتسمت فأبيها لم يغضب إذا بما أنهُ ناداها لورا ومنذ متي وهو يستطيع الغضب منهم أصلاً هم حورياته السبعة .
■■■
أصبح يومها العملي في منتصفه وهو لم يأتي لها بعد ،، ما باله ألم يشتاق إليها كما تفعل هي بجنون ،، لو تعرف فقط متي سيصارحها بما تراه في عينيه من عشق بكل وضوح ،، كرامته تأبي أن يأتي ليطمئن عليها بسبب ما حدث بينهم بالتأكيد في اليوم الذي يسبق يوم عيد ميلادها حين آتي لها في مكتبها بهدية قائلاً بعينان تخرج قلوب لا يتحدث هو عنهم ولكنها تراهم بوضوح :
كل عام وأنتِ بخير ،، لقد أحببت أن أكون أول من يهاديكِ .
تلألأت في عينيها الزرقاء المماثلة لعينيه سعادة أخفتها عنه بمهارة وهي تجيبه : أشكرك چود ،، شكراً لإهتمامك حقاً .
تمالك نفسه وهو يجيبها بترقب : فلتفحيها .
فتحتها وهي تعرف مكنونها جيداً وكالعادة كانت قلادة تتدلي بنجمة صغيرة تحتوي علي فصوص من زمرد أزرق هذه المرة .. منذ سنتين وهو يحضر في كل عيد ميلاد لها قلادة علي هيئة نجمة تختلف لونها وهي تفعل منهم " انسيال " تحيط بهِ معصمها ،، حيث أنها لا تستطيع نزع القلادة التي تحيط برقبتها أبداً والتي كانت علي هيئة نجمة أيضاً ولكن بشكل كرتوني دائماً ما ترتديها وتخفيها أسفل ثيابها كونها لا تناسب موقعها العملي .. باتت تشعر أنه ينتظر أن تنزع تلك القلادة ليصرح لها بحبه .
ابتسمت بتعجب : أنتَ مُصر! ،، سأضمها لرفيقاتها.
تحدث بانفعال قليلاً : متي سترتدنيهم حقاً .
بضيق هتفت : چود أخبرتك أنني لن أنزع قلادتي أبداً ولن أرتدي غيرها.
وتابعت بترقب لملامحه : لما هذا الإصرار لا أفهم.
وهنا هتف بانفعال وهو يقف ولأول مرة يخرج عن هدوئه الذي يتسم بهِ : من الذي أهداكي إياها تلك القلادة اللعينة التي لا تريدين نزعها.
غضبت من طريقته لتجيبه بحدة هادئة :
ليس من حقك التدخل چود .
أومأ وهو يزجرها بشراسة : بالفعل ليس من حقي ،، كل عام وأنتِ بخير .
ابتعد ليخرج وما لبس أن عاد إليها والتقط العلبة من يديها بعنف قائلاً بسخرية : سأرتديها أنا .
فاقت من تلك الذكريات البسيطة وهي تتأفف بضجر ،، دائماً ما كان يلحق بها في عطلة الصيف يشاكسها ،، يراقبها ،، لا يتركها ولكن تلك المرة لم تلمح خياله حتي .
ظلت تفكر حتي تحدثت بضيق : سيأتي بهِ العمل لهنا .
ولكنها كانت مخطئة تماماً لقد وصل اليوم لنهايته ولم تراه حقاً فلقد كان عنده طرق أخري للتواصل بينهم للعمل ،، إن إحتاج لأي شئ كان يرسل إحدي الموظفات لها ورغم أنها كانت تعيد له الموظفة خالية الوفاض وتتصرف كالأطفال لعله يأتي ولكنه لم يأتي لها .
وقفت بتردد هل تذهب هي ،، تريد رؤيته فقط ستخرج لعلها تلمحه هكذا قررت وبالفعل خرجت تسير بتردد لمكتب أبيها وفي الطريق وجدت مكتبه خالي فسألت سكرتيرته ليتبين لها خروجه ،، لقد خرج حقاً بدون الإطمئان عليها ..
" حسناً چود بيك سأريك من هي چيلان فلتزعل بقدر ما تستطيع " .
هكذا هتفت وهي تجز علي أسنانها عائدة لمكتبها .
" چود چُبير جادالله " المدير التنفيزي لشركة دياب هو بالأصل ابن صديق إيطالي له ،، يكبر چيلان بـ 5 أعوام بعمر 32 عاماً ،، يمتلك عينين زرقاء وشعر بني مائل للذهب بلحية خفيفة وجسد رياضي رشيق ببشرة حليبية هادئة وطول يماثل طول چيلان ،، من أم مصرية وأب إيطالي بفضل أن لديه أخ أخر يكبره بـثلاث أعوام يدير أعمال والده المرحوم في إيطاليا بينما يستقر هو مع والدته في مصر و يتعاقب أخوه عليهم بالزيارات كل فترة .
■■■
انتهي اليوم لچيلان مع تعكر مزاجها بعدم رؤيته فخرجت من الشركة إلي جراچ السيارات وهناك قبل أن تصل لسيارتها قطع أحدهم الطريق عليها بسيارته ونزل منها بغرور ولم يكن غيره هو
" چود " ،، رغم اشتياقها إلا أنها تضايقت من غروره الواضح بعينيه فهو قصدَ كل ما فعله طوال النهار ليجعلها كما هي الأن .. لا تجد لفظ مناسب ولكنها كمن يستشاط حقاً .
ضمت يديها لصدرها وهي تطالعه بشوق دارته وصدرت له نظره جامدة فإقترب منها وأمامها وقف قارصاً أنفها لتجفل بينما تحدث :
مساءك حُلو يا حلوة .
لم تجيبه ليضحك وهو يستند علي سيارته عاقداً ذراعيه مثلها قائلاً: أحد ما منزعج حقاً ،، كما أن أحد ما ضيع أعمال كثيرة كان لا بد أن تتم اليوم ،، كما أن أحد ما سأخطتفه الأن ليتناول طعامه معي .
لم تمنع نفسها من الإبتسام وهي تسبقه لتركب في سيارتها متحدثة بمكر : لتأتي للعشاء معنا ستفرح أمي برؤيتك .
منعها بدون لمسها قائلاً : هل والدتك فقط من ستفرح .
واجهته بقوة وهي تومئ مؤكدة : نعم ومن سيفرح غيرها .
تنهد ليجيب : تعالي معي چيلان .
رمشت بعينيها واسمها من بين شفتيه يداعب إحساسها وهتف هو بتلقائية آمراً : لا تفكري إلي السيارة أمامي هيا .
سبقته وهي تهتف بحدة مصطنعة : لا تأمرني.
ابتسم وهو يسير خلفها ثم ركب جوارها متجهاً لأحد المطاعم الخاصة بالأسماك علي النيل والذي كان قريب من منزلها وهناك
جلسا سوياً علي طاولة تطل علي النيل مباشرةً ،، طلب العشاء لهم ثم أخرج من جيبه هديه ناولها إياها قائلاً : هدية عيد ميلادك .
ضحكت وهي تلتقطها قائلة : ظننتك أخذتها بلا رجعة.
" وهل أقدر "
هكذا هتف لتفتحها وتتبين لها كانت نفس النجمة الزرقاء ولكن في هيئة بروش صغير ،، نظرت لهُ مستفهمة ليتحدث : قررت أن آتي بشئ تستطيعين إرتدائه دون تذمر .
" أشكرك لثاني مرة چود " .
باردة جداً هكذا تشعر نفسه وهو يراها بهذا البرود فهتف : متي ستخبريني قصة قلادتك هل هي حتي من فرد من أفراد عائلتك الراحلة مثلاً .
نفت وهي تجيب : لا ليس كذلك.
" إذاً " تسائل لتجيبه : ليس الوقت المناسب چود .
وغيرت الموضوع قائلة وهي تعبث بكأس عصيرها بترقب : لم تأتي لعطلة الصيف ،، لماذا؟.
" لأنني غاضب منكِ " هكذا أراد أن يتحدث ولكنه هتف بحيادية : كان لدي الكثير من الأعمال .
" أعمال أهم مني أليس كذلك " كانت تود دق عنقه وقول تلك الكلمات له ولكنها صمتت وهي تومئ علي كلامه و تباشر في طعامها معه .
■■■
صباح يوم جديد كانت تقف لورين أمام شركة نجم الدين بتفاؤل عدلت من هندامها العملي والذي كان عبارة عن بدلة عملية من جيب رمادية تصل بالكاد لركبتيها وجاكيت من نفس اللون أسفله قميص من الستان بلون زمردي لائم عينيها ومع بروش زمردي صغير علي جاكيتها كانت رائعة في حين لم تعرف أن تتصرف في شعرها وتجعله في هيئة عملية فتركته علي حريتهِ يطير حول وجهها مع كعب أسود .
دخلت قسم الإستعلامات لتتسائل عن عملها وبعد قليل من الإجراءات كانت تدخل مكتب كبير بهِ أربع مكاتب لأربع موظفين كان ثلاث منهم مشغولين بينما الرابع والذي يخصها فارغ ،، عرفتهم الموظفة التي تولت توصيلها عليها ثم تركتها ورحلت ،، جلست لورين علي مكتبها وهي تشعر بشعور رائع كان أمامها لاب يخصها للعمل عليه بينما هناك علي المكتب كان يوجد ملف وحيد ،، تفحصته بهدوء لتجده ملف عن منتج معين بحاجة لتصميم ،، كانت مشغولة بل مسرورة بوضعها وتفحصه ولم تنتبه حقاً للموظفين معها في نفس الغرفة والذي كانو فتاتين وشاب حتي مزح الشاب قائلاً : غريبين أنتن يا فتيات عندكن حماس غير طبيعي .
نظرت له لورين بفضول وهي تشعر بالخجل من كونها انغمست في تفحص مكتبها ولم تأبه بهم فقالت : عفواً هل تحدثني .
تراجع بنبرة مسرحية متحدثاً : الفتاه متحمسة للغاية .
استشعرت حسه المزاحي من حديثه فابتسمت بينما تستمع للفتاه التي تحدثت : إنه يحب المزاح هكذا طوال اليوم لا تأبهي لهُ ،، أنا لبني نورتينا حقاً.
تحدث هو مجدداً : وأنا سامر وأخيراً اكتمل مكتبنا حقاً .
" تشرفت بمعرفتكم حقاً وأنا لورين "
أجابت مصاحبة لدخول سكرتيرة المدير قائلة للفتاه الهادئة الحالسة ترسم بشرود والتي لم تعير لورين أي انتباه ربما لأنها حزينة هكذا لاحظت لورين : ديما ديم بيه يريدك .
لاحظت إرتعاشة الفتاه الجميلة وهي تقبض علي بعض الملفات وتقف متجهة له في حين نظرت لورين للبني مستفهمة فتحدثت لبني بأسف : كانت خطيبة المدير ومنذ أن انفصلا وهو يعاملها معاملة سيئة للغاية .
تسائلت عاقدة حاجبيها : ولماذا انفصلا؟ .
" لا أحد يعلم "
أجابت لبني لتتسائل لورين مرة أخري :
ولما تستمر بالعمل طالما انفصلا .
وهنا أجاب سامر ساخراً : ومن عاقلاً يترك عمل كهذا.
نظرت لبني لهُ بحدة وتحدثت : ديما تبحث بالفعل عن عمل أخر ولكن لا يمكنها ترك هذا العمل قبل أن تجد غيره فهي ليست كالمدير بالتأكيد غير أن والدها متوفي وهي وأخوها من يعولون العائلة ،، هي فتاة طيبة ستحبيها حقاً ولكنها تمر بحالة صعبة تلك الأيام .
أومأت لورين وأخدت تقرأ الملف الذي في يديها وفوراً أخذت تفكر في تصميم ما لتنفذه في حين تابعت ديما وهي تدخل فجأة للمكتب بهيئة أكثر إرتجافاً من قبل وهي تضع الملفات التي إزدادت من يديها علي مكتبها وترحل مجدداً فتحدثت لبني بأسف : لابد أنها ذاهبة للحمام لتبكي علي راحتها .
سامر بضيق وهو يخرج من الغرفة : توقفي عن الثرثرة الفارغة لبني .
دهشت لورين لما يصير حولها ولكن زادت دهشتها أضعاف وهي تري هذا السكير المجنون هكذا لقبته يقتحم المكتب بكل قوة بهيئته العملية الفتاكة في حين طالعها بنظرة شاملة وكأنه يتفحص الموظفة الجديدة قبل أن يخرج .
لم يترك مجال لها للتنفس أو لنبضاتها التي تعالت بشدة خوفاً وهي تفكر أنهُ المدير قبل أن تراه يدخل مجدداً بدهشته هو تلك المرة متحدثاً وهو يشير إليها : أنتِ! .
لم تمنع نفسها من الحديث وهي تسأل :
أنت ماذا تفعل هنا؟ .
لمعت عينيه بحدة وهو يجيب : لسوء حظكِ أنني مديركِ ،، لديكِ ملف أريد تصميمه في غضون ساعة واحدة لأقرر إن كنتِ تستحقين تلك الوظيفة أم لا .
نظرت له بصدمة متحدثة بضيق : ولكن لقد سبق وقدمت تصميماتي وعلي هذا الاساس تم تعييني .
" لقد تم تعيينك من قبل لجنة اختبرت تصميماتك والأن أنا مديرك وسوف أختبرها بنفسي .. إدعي ربكِ أن تنال إعجابي " .
هكذا تحدث ملقياً كلماته في وجهها كالصخر قبل أن يخرج تاركاً إياها شاغرة لفمها بصدمة وإنزعاج .. يا لها من صدفة ،، كيف لم تنتبه مسبقاً هي قرأت اسمه في بطاقته مرة وكانت كنيته بالفعل تعود لعائلة " فهد نجم الدين " .
تحدثت لبني بتعجب التي كانت تتابع بصمت : هل تعرفيه ،، هو لا يفعل هذا أبداً مع أي موظف ،، لا بد أنكِ تعرفيه .
" لسوء حظي فعلاً "
قالت وهي تجلس متأففة ،، تباشر في التصميم وهي تحدث نفسها " ما سوء الحظ هذا ياربي " رسمت عينيها نظرة تحدي وراحت ترسم تصميمها وليريها كيف سيرفضه في حين عقلها الصغير صور لها أنهُ سيرفضه للإنتقام ولكن ديم لم يكن ليضيع تلك الموهبة من بين يديه .. فها هو الأن يتطلع للتصميم بإعجاب وهي تقف أمامه بترقب ،، تشعر أنها ستصفعه بالفعل مجدداً إن رفض .
ولكنه فاجئها وهو يعطيها إياه ببرود قائلاً : جيد.
إلتقطته ليعم الصمت فقالت بضيق : هل أذهب.
نظر لها نظرة شاملة وهو يفكر أنها من طبقة رفيعة بتلك الملابس التي ترتديها فتحدث : ما اسمك .
" لورين " هكذا أجابت ليهتف بصرامة : الكامل.
لم تكن لتخبره بالطبع أنها ابنة دياب البدوي فهتفت بحدة لم تكن تتقصدها : لا يهم معرفتك لاسمي بالكامل فأنت لن تناديني به .
نظر لها بضيق آمراً بنبرة أجفلتها : أخرجي .
خرجت بالفعل وهي تتنفس الصعداء واتجهت لمكتبها مجدداً وفي حين ذهابها لاحظت ديما التي تدخل للمكتب وخلفها سامر الذي كان يراقب ديما من بعيد بنظرة حزن استشعرتها .. وللحظة توقفت تفكر هل هذه هي حبيبته الخائنة .
" لماذا تقفين كالبلهاء هكذا ،، اذهبي لمكتبك وباشري بعملك " .
كان هذا صراخ ديم بنبرة خفيضة استمعتها لم تعرف متي حتي أصبح واقفاً بجوارها فهتفت بحقد ،، أصبحت حقاً لا تطيقه : كنت أفكر في أنك السكير المجنون الذي صفعته من قبل .
تركته وذهبت بعد رؤية النار المشتعلة في عينيه وهي تفكر متي ينتهي أول يوم عملها هذا والذي بات يضغط علي أعصابها بشدة وبات مشحون للغاية ولكن لم يبدو أنهُ سينتهي وسكرتيرته تقبل عليها حاملة ملفات عديدة متحدثة : ديم بيه يريد إنهاء تلك الملفات قبل انتهاء اليوم .
تطلعت لها وهي تجز علي أسنانها في حين التفت ثلاثة عيون تنظر لها منهم كانت ديما التي تأكلها نيران حارقة من جمال لورين والتي هدئت قليلاً وهي تفكر ربما سيحل ديم عنها قليلاً بوجود لورين ولكن في أي اتجاه سيبتعد عنها هذا ما تخشاه ،، آه فقط لو يسألها لو يحدثها كالبشر بدلا من معاملة الأعداء تلك .
■■■
حورية كانت كالحورية بالمنزل تجهز الغداء مع بناتها الثلاثة رسيل وهيا وسبأ بينما راما في غرفتها منذ الصباح تفكر وتفكر بالتأكيد لذا تركت بناتها واتجهت لغرفة ابنتها التي استقبلتها بهدوء .
" تفضلي يا ماما " .
" لماذا تجلسين بمفردك ،، ليست من عادتك أيتها الشقية "
هكذا داعبتها حورية لتجيب راما وهي تنام علي رجلي والدتها : لا أعلم يا ماما أنا لا أريد أن أترككم .
هتفت حورية بنبرة دافئة : ومن قال أنكِ ستتركينا .
أجابت راما : إن تزوجت سأترككم وأنا لا أتخيل يومي بدونك يا ماما أو بدون بابا أو بدون أخواتي ومشاكستي لهيا وخناقي لسبأ واستفزازي لرسيل و عدم الإقتراب من چيلان.
ثم رفعت رأسها لوالدتها قائلة بطفولة : لأن چيلان شرسة كما تعرفين إنها تخبئ نمرة خلف هذا الهدوء.
ضحكت حورية وهي تجيبها ببشاشة : حفظكن الله لي .
ثم تسائلت بترقب : هل تريدين الزواج يا راما.
جلست راما وهي تشرح لوالدتها بحالمية : لن أكذب عليكِ يا أمي البارحة كنت خائفة أول الأمر ثم في الليل شعرت أنني مبهورة لأن هناك من رآني وأعجب بي ويريد الزواج مني تعلمين إنها لذة الأمر الذي لأول مرة تشعرين به ولكن لقد استيقظت خائفة مجدداً أنا لست آهلاً أبداً لتحمل مسئولية زواج أو أولاد .
تداركت كلامها قائلة : أولاد ماذا أنا لن أتحمل أن يلمسني أصلاً من هو ليتزوجني ويفعل بي ما يحلو له .
خشيت حورية علي راما فهذا ما كانت تقوله هي في أول الأمر حين عرض عليها والدها الزواج من دياب فهتفت بهدوء حيث كانت هادئة معها لأبعد الحدود : لقد تزوجت صغيرة جداً وعانيت كثيراً من هذه المسئولية أنا تحملتها لأنني كنت أقوي منكِ ولكن أيتها المدللة أنتِ لن تتحملي تلك المسئولية أنتِ بالكاد تشاركينا في تنظيف سريرك .
تنهدت وهي تتابع : أنا لا أحثك علي الرفض ولكنني والدتك وقلقة عليكِ ،، زمننا غير زمانكم ،، ومازلتِ صغيرة سيأتي لكِ نصيبك وستكونين عروسة رائعة ولكن مازال أمامك مرحلة دراسية كاملة وأبداً لن نتهاون عنها .
كانت نبرة حورية مشددة علي جملتها الأخيرة فهتفت راما بثقة : لن أتخلي عن دراستي يا ماما لأي سبب من الأسباب .
وهنا قاطعت رسيل بسمة والدتها لتزداد بسمتها ورسيل تهتف : أمي أبي علي الهاتف .
أجابته حورية بهدوء : كيف حالك حبيبي .
" ليس خيراً تماما يا حوريتي " هتف بإرهاق لتجيبه بقلق : ما الذي حدث.
" أبي مريض يريد رؤيتنا ،، غدا صباحاً ستذهبين أنتِ والبنات عدا چيلان ولورين من أجل عملهم وأخر الإسبوع سأتي بهم " .
هكذا كان حديثه القلق فهتفت حورية بمواساة :
عافاه الله وحفظه لنا ولبناتنا لا تقلق حبيبي حين يري البنات سيذهب المرض فوراً.
ابتسم دياب وود لو كانت أمامه ليلقي إرهاقه علي صدرها لتستقبله بحنان ودفئ ومواساة تعرف طريقها لقلبه .
#يتبع~~~