-->

المقدمة - بنات حورية


تخلو روايتي من بضع كلمات تضمها اسطر قليلة لتعبر عن ماهيتها فروايتي حياه لأشخاص من نسج خيالي نعم ولكنهم أشخاص متيقنة من وجودهم علي أرض الواقع الذي نحياه لذا سآخذكم في جولة حول حياة حورية وبناتها - فلقات القمر - روحاً وكياناً .

المقدمة

تطوف الأيام من حولها مؤلمة ثقيلة _معبقة بالشجن والوحدة _ فيالحسرتها علي نفس حين عشقت بجنون كان العشيق عاشق لأخري وبكل جبروت يفتخر بهذا وبدليل أكثر من واضح فها هي هنا تتجرع مرارة عشقه بينما هو في النصف الاخر من العالم يحيى مع نصفه الأخر وهي هنا معلقة بين السماء والأرض بقلب مفطور بسبب وصية كانت لها نصل حاد يغرز باستمرار في فؤادها بلا رحمة.

ًكثيراً ما تتمسك بالهاتف بوجع وبعد أن فاض الألم بها "ستحدثه لتخبره عن حبها لعله يرأف بحالها" ولكن سبأ القوية المختبئة بداخلها كانت تردعها بكل قوة و هي تنهرها قائلة "أين كرامتك يا هذه؟ أسيكون وجع وذل أيضاً" لتعاود ترك الهاتف من يديها وهي تدفن وجهها في وسادته_تضغط عليها بكل قوة مساوية لما تشعر بهِ من آلم _ وهي تحاول تخيله معها ولكن التخيل كان صعب للغايه فكلما حاولت تذكرت كلماته المسمومة بالنسبة لها والذي طعنها بها بدم بارد غير مدرك لما خلفته تلك الكلمات من جروح في روحها الهشة العاشقة له والتي وسمت باسمه "هي حبيبتي يا سبأ ولا تظني أن وصية تكبلني بكِ ستردعني عنها"
يا الله لما هو ظالم هكذا حتي في كلماته.
لم يرأف بكرامتها كزوجة له فلما يرأف بقلبها الذي جرحه بكل هدوء بارد منه وغادرها أخذاً جزءاً من قلبها معه.

شهرين مضو بالنسبة لها وكأنهم عهدين كاملين، انغمست بالفعل في العمل، رويداً رويداً كانت تجد ذاتها التي تظن أنها كانت مطموسة فچيلان كانت محقه فهي بالفعل كانت مطموسة وليست منعدمة، تحاول التناسي بكل ما تملك من قوة، تهيئ نفسها لاستقبال ورقة طلاقها في أي وقت، تحاول حجم قلبها عن تلك المشاعر - تواسي نفسها ليلاً - وتنهك نفسها في العمل نهاراً ولكن تمر الليالي وتنهار كلياً بإحتياجها له فلا تجد سبيل غير شقتهم أو بالأحري شقته الذي استضافها فيها برهة من الزمن كانت برهة ثقيلة عليهِ كل الثقل وكانت بالنسبة لها شعاع جعل قلبها يضيئ بوهج العشق لفترة محدودة حتي كواه هو بحزمهِ للأمور بينهم، وفي وسادتهِ بخاصة كانت تخرج كل آلامها بدموعها وشهقاتها المتتالية.

وفي غمرة دموعها استمعت لهاتفها الذي يرن بخفوت فوقفت بتعب منهكة وتوجهت لحقيبتها تبحث عنه وحين وجدته دق قلبها بوجل وهي تري المكالمة الغير دولية الماثلة أمامها علي الشاشة برقم غريب غير التي تحفظه عن ظهر قلب ولكنها للحظة خافت مما ستسمعه إذا كان هو بالفعل،، فشهران لم تسمع منه حرف واحد ولكن حين انطفئ الهاتف كمشت عينيها بخوف وهي تدعي بداخلها أن يهاتفها مجددًا فرغم كل شئ هي تتوقي لسماع صوته وحين رن الهاتف مرة أخري جلست مرتخية الأطراف وأجابت بصوتها المبحوح: اهلاً من معي.

صمت دام قليلاً قبل أن تهتف بحشرجة متقطعة وهي تستمع لأنفاسه: سفيان.

وحينها جاء صوته القلق نوعاً ما أو هكذا شعرت: أيقظتك.

أبعدت الهاتف وهي تشهق بقلة حيلة فهي عاشقة لمن يبعد عنها بنصف الكرة الأرضية البارد هذا ولكنها تمالكت أعصابها المنفلتة وهي تستمع لهتافه باسمها فأجابته: لا .. لم، لم أكن نائمة.

نبرتها كانت خاذلة لها كلياً فسمعته يهتف بقلق بالغ جعلها تود دق عنقه في تلك اللحظة بتلك الآمال الكاذبة الذي يخرجها إهتماما وتحتاجها هي عشقاً: آأنتِ مريضة يا سبأ.

"أيهمك كثيراً يا ابن العم" هكذا حدثت نفسها بسخرية وهي تجيبه بإختصار: لا.

باغتها سريعاً قائلاً بشك: ما بهِ صوتك إذاً.

مالت بجزعها للخلف علي الأريكة واستندت برأسها عليها وهي تغمض عينيها منتشية بتلك المكالمة لا تريد لها أن تنتهي وهي تجيبه بهدوء وبحة صوتها بسبب بكائها تلازم نبرتها:
ليس بهِ شئ.

إجابته كانت متوسله جعلتها تقطب حاجبيها ولكن بهدوء: أجيبي يا سبأ بالله عليكِ، ماذا بكِ لما صوتك مبحوح هكذا أحدث شئ معكم، هل عمي زوجة عمي بخير.

لولا أنه ابن عمها ومن حقهِ الكامل القلق عليهم لكانت استمتعت بهذا القلق في وقت أخر ولكنها أراحته قائلة: نحن بخير لا تقلق، أنا فقط مرهقة من العمل.

جائتها إجابته سريعة: إذاً نامي وارتاحي وسأحدثك فيما بعد.

ورغماً عنها وجدت نفسها تنتفض بهلع وهي تهتف بصياح فزع " لا "
لا فزعة.. قصيرة.. قبل أن تتدارك نفسها وهي تغلق الهاتف بنفس الفزع وترميه جانباً بينما تنخرط في نوبة بكاء جديدة لم تكن تريد أن تكون مكشوفة هكذا له ولكن قلبها الهش وطبيعتها البريئة وحدهم من سيفضحوها أمامه في حينٍ ما.

هل كانت لا خاصتها شوقاً كشوقه وإرادة عارمة بسهرة طويلة معاً علي الهاتف ام كانت نفوراً وكرهاً منه؟... هل كرهته سبأ ولا تريد محادثته مرة اخري؟ .. كيف يترجم لا خاصتها وهي لا فقيرة ورغم فقرها تحتمل معاني كثيرة قد تكون احداها جنة فتحت له او تكون نار هو من اشعلها بنفسه...

ليتها بجواره الأن لكان أغدقها عشقاً لا ينتهي، لكان قبل كل جزء يرهقها وأنساها كل التعب، هو اتصل يحتاج لسماع صوتها، اتصل بولع مشتاق بعد ان ادرك اخيراً ان قلبه دق لها كما لم يدق من قبل وانها ذات الشعر الاحمر احتلته بإشتعال كإشتعال شعرها، ليتها تعلم الأعاجيب التي احتلته وافكاره التي تضاربت بسبب نبرتها، ليت ظنونه تكون صحيحة وان تكون ابنة العم هي ايضاً عاشقة له فحينها سيكون كمن ملك سعادة الكون كله.

■■■

بشهقات مذعورة تحدثت وهي تري قبرها الذي يحفر أمام عينيها: جدي جدي والله ليس لي ذنب.

وكاد قلبها يقف وهي تشهق بدون تقطع وهي تري جدها جامد البنية وصارم الملامح لا يوجد للشفقة مكان بقلبه وكل ما يدور بخلده هو غسل عاره بيده متغافلاً عن حقيقة كونها انتهكت وليست آثمة.. فتوجهت بحديثها لاخيها الكبير علهُ يشفق هامسه برعب:
ا ..ا .. ااخـ .. اخـ ..اخي .. اا .. ر.. ارر .. ارج.. ج.. جو ..ك.

وبات الأمل الضئيل منعدماً وهي ترمق الطريق المظلم تنتظر حاميها الوحيد ولكنه لم يإتي بعد فأغمضت عينيها مستسلمة وهي تلفظ بالشهادتين بشفتين مرتجفتين قبل أن تشعر بتلك الدفعه القاسية والتي لا تحمل بين جنباتها أي رحمة وقبل أن تعاشر تلك اللحظة المميتة وهي تدفن حية كان الله بها رحيم فغابت عن وعيها وتركت لهم زمام الأمر فليكتبو نهايتها بأيديهم بجهل تحت مسمي غسل العار..

مراقبة تلك الوحشية كانت اكبر من طاقة تحملها.. ودت لو تساعد تلك المسكينة التي رغم بعد المسافة بينهم شعرت بخوفها الظاهر بلغة جسدها وانتفاضها المستمر.. فهطلت دموعها كشلال من أعلي جرف طويل لا ينتهي وراحت تشهق بقوة وهي تراهم انتهوا من مهمتهم تاركين الفتاه خلفهم وحيدة تحت التراب تموت بأبشع الطرق.. آلا سبيل لنجاتها؟! وكأن الله استمع لها فلاحظت من بين دموعها ذلك الرجل الذي ترجل من سيارتهِ التي دوت بصوت مرعب أثر توقفه المفاجأ بعد قيادتهِ السريعه.. تابعتهُ وهو يتمسك بالرجل الكبير مُحدثاً إياه بخوف تلقفتهُ من ملامحه:
جدي أين اختي.. ماذا فعلتم بها؟.

صرخ بهم بنبرة وحشية - جهورية - وقد هاجمتهُ الفاجعه المريرة والذي يأبي تصديقها وهو يري صمتهم البشع: أين هي.

حدثهُ جدهُ بنبرة قوية: لقد أخدت جزائها.

راقبهم وهم يغادرون بسياراتهم واحدة تلو الاخري بعجز فرفع يديه لشعرهِ يشدهُ بقوة ودموعه في سبق مرير وهو ينظر لتلك المقابر وظلمتها المتوحشة هامساً: صغيرتي.

ثم تابع بهمسه الذي يقطع نياط القلب: أسف لقد تأخرت.

وفي تلك اللحظة كانت وصلت إليه بعد أن ترجلت من سيارتها لتحدثه ببكاء هي الأخري وهي تجر قدميها لداخل تلك المقبرة: ربما لم تتأخر.

اتبع خطواتها بدون تفكير حتي ركعت ارضاً واخذت تحفر بيديها المرتجفة هامسة ببكاء:
هنا.. دفنوها هنا.

لم يفكر مرتين واندفع في لحظتها يحفر بكلتا يديه بقوة شديدة بعد ان مشط المكان حوله بنظره متفحصة فلم يجد ما يساعده وهي تساعده بكل ما تملك من استطاعه وقدرة علي التحمل وهي تستمع لهُ وهو يناجيها: كوني بخير.. كوني بخير.

■■









انتفضت بفزع وهي تتبين سكين موضوعة علي رقبتها مصاحبة لنبرته: قودي يا جميلة هيا.

حاولت بإرتعاش الوصول لمقبض الباب لتخرج ولكنه لاحظها علي الفور فأمسك بذراعها نافياً بعبث: لا تحاولي اللعب معي يا فتاه.. هيا.

بخوف تسائلت: إلي اين.

قال بتسلية شديدة: اخرجينا للطريق العام وأنا سأتولي الباقي.

هل هو أخرق الطريق العام الذي يعج بالسيارات والتي باستطاعتها الاستنجاد بأي أحد فيه.. فيه فكرت! من هو.. هل سيختطفني يا الهي هل سيغتصبني.. نعم بالتأكيد هو واحد من هؤلاء المغتصبين... هل هذا هو مصيرها.. وفي ذروة تفكيرها وجدت نفسها تميل مع الكرسي للخلف وهو يشرف عليها وماديته أمام وجهها بعد أن نفذ صبره وللحظة توقف الزمن تعرفه.. لقد رأته من قبل نعم.. بينما تسمر هو الأخر وهو يتأملها بدفئ هاتفاً بعدم تصديق "انتِ"
هتفت بعد أن تذكرت والفزع ما زال مسيطر عليها: أنا أعرفك.. أنت الساحل.. نعم أنت هو.. أرجوك اتركني لحالي.. ماذا تريد مني.

نظر قليلاً للخلف محل أصدقائه الواقفين بعبث ثم نظر لها متحدثاً بتسلية: انظري لا مجال للتراجع.. لن أؤذيك سنمرح فقط.. فلتعتبريه يوم ترفيهي حسناً يا حُلوة.

ثم مرر ماديته علي وجنتيها بخفة لتغمض عينيها بخوف مرتعشة: ستخرجيننا الأن إلى الطريق العام ثم سأتولى أنا القيادة بعدها.. ولا تفكري مجرد التفكير في الصراخ أو التلاعب.. اتفقنا.

اومأت وهي تبتعد بوجهها عن ماديته فابتعد عنها لتعتدل بكرسيها وهي تدير السيارة بيد مرتعشة وتقودها في حين ماديته كانت مثبته بفعله علي خاصرتها داببة في قلبها رعباً لم تعيشه من قبل.

وصلت للطريق العام حيث ابتعدت كلياً عن نطاق الجامعة فأمرها مستمتعاً بخوفها: انتقلي من مقعدك.

فعلت خاضعة مضطرة ليشملها بنظرة شاملة بينما تنتقل ترتدي بنطال جينز ضيق يحدد جسدها بشكل يثير النيران بداخله.. ليست نيران رغبة بل هي نيران من نوع أخر.. لطالما كان عبثه يشتمله هو وأصدقائه فقط وليس للنساء مكان في عبثهم.. لهذا لم يعرف معني لتلك النيران التي اشتعلت بمجرد رؤية جزعها يتحرك أمامه.. قبض علي عنقها مثبتاً إياها وهو يتقدم للأمام أخذاً مقعدهُ امام المقود ثم أغلق ابواب السيارة بالقفل الإلكتروني ومن ثم اخذ يلعب بماديته يلفها بين أصابعه وهو ينظر لها بتمعن.. عيناها الزرقاء الداكنة بشدة كانت تنظر له برعب، بشرتها صافية من أي مساحيق تجميل.. بينما شعرها الناري البرتقالي القصير يحيط بوجهها.. تلف وشاح حول عنقها وكان هذا ما يحتاجه بالظبط.. أغلق ماديته ووضعها أمامهم علي التابلوه ثم اعتدل لها لتبتعد ملتصقة بالباب منتظرة خطوته قبل ان يسحب وشاحها الطويل ثم التقط كفيها يلف وشاحها حولهم أيقنت أخيراً أنه يقيدها بوشاحها لتتذايد انذارات الخطر برأسها وهي تسحب يديها بعنف في محاولة فاشلة من قبضتيه هاتفة بتوجس:
ماذا تفعل.

رفع اصبعه لشفتيه يقبله وهو يهمس بعد أن وضعه علي شفتيها: شششششش.

قيد يديها معاً جيداً بالوشاح ثم رفعهم لرأس الكرسي الذي كان عبارة عن نصف دائرة مفرغة وربط بقية الوشاح به فأصبحت يديها مقيدة فوق رأسها.. يفعل كل هذا بأريحية تامة غير عابئاً بهتافاتها: ارجوك.. ماذا تفعل.. ماذا تريد اتركني.. يا إلهي انقذوني.

وعلا صوتها وهي تطلب المساعده قبل ان ينهي تقيدها بالكرسي.. وخطوته التالية أن وضع لها حزام الأمان واعتدل في مقعده قائلاً بمرح:
توقفي يا فتاه قلت لكي لن أؤذيكي.. والان حان وقت المرح.

نظر لها غامزاً بوقاحة وهو ينطلق بالسيارة مسافة كبيرة قبل أن يغير مسار السيارة بسرعه فائقة جعلت رأسها يدور وجعلتهم في اتجاه عكس كل السيارات ثم فتح سقف العربية الخاصة بها وراح يضغط علي دواسة البنزين لينطلق مُجدداً بسرعة فائقة ضاحكاً وهو يتفادي كل السيارات القادمة في اتجاههِ بحرفية تامة بينما كانت هيا تصرخ برعب بينما الهواء الناتج من مرور اليسارات بجوارهم مع سرعته المهولة سبب لها هلع شديد "يا الهي توقف.. توقف أرجوك.. أيها المجنون".

لم يبدو أنه يستمع إليها إذ شعرت به منتشي لأقصي حد وكأنه في عالمه الخاص فإزداد شعورها بالخطر خاصة وهي تري الشاحنة الكبيرة القادمة في طريقهم والذي تفاداها في اخر لحظة بينما هي بدأت تبكي وقد انهارت أعصابها كلياً:
سنموت توقف.. قد يموت أحد توقف أرجوك.

اصبحت تترجاه بانهيار ولكن لا حياة لمن تنادي،، توقف أخيراً أمام مطعم ما وقد أغلق سقف السيارة مجدداً ثم تحدث وهو يعود براحة علي المقعد "ألم تكن جولة رائعة يا.." ما هو اسمها؟..

نظر لها وكما توقع تماماً لقد انهارت كانت تتنفس بوتيرة غير منتظمة بينما تشهق بشدة فيرتفع صدرها بشكل ملحوظ اكثر من مرة في الثانية الواحدة.. مطأطأة لرأسها ويكاد يوقن لولا تقيده ليديها لكان ارتخي نصفها العلوي تماماً.. تُحرك رموشها بطريقة أشعرته بأنها ستفقد وعيها فأعادها للخلف بيديه يسند رأسها علي الكرسي.. عض شفتيه بقوة وهو يري دموعها التي تهطل علي وجنتيها كانت تبكي بصمت منذ أن توقف،، يؤلمها قلبها.. فك قيد يديها وتركت له الأمر في وضعهم بجانبها برفق
فهي لا تشعر بهم حرفياً بالكاد استطاعت أن تهتف بهمس: أرجوك أريد العودة لمنزلي.
لم ينتهي اليوم بعد يا جميلة.. أنا جائع للغاية وستعذمينني علي الغداء في هذا المطعم الفاخر .

■■

- أستحدثيني عن تلك القلادة الأن.
- نعم سأفعل، يجب عليَّ ذلك.
- إذاً من أهداكِ إياها.
شردت بعيداً في ذكري ظلت معها لسنوات طويله وهي تجيب بهدوء: هو.
- من هو.
- لا أعرف.
- كيف ذلك ما اسمه.
- لا أعرف .
وهتافها المتريس كعادتها صادق، واثق، غير متخاذل.. فقطب حاجبيهِ وهو يسألها بتلذذ أخفاهُ عنها بيُسر: ما علاقتكِ بهِ إذاً.

- كانت مرة واحدة فقط رأيتهُ بها في حياتي كلها ثم إختفي.
لاحقها متسائلاً: منذ متي؟

ضحكت لتجيبه بسخرية من نفسها: كنت بين السادسة والسابعه حسب ما أتذكر.

تنهد ليرفع إحدي حاجبيه كرد فعل طبيعي بالنسبة لها و نظر لها بقوة متحدثاً: تشوقت حقاً تابعي.
رمقتهُ بعتاب مما يحتويه المعني وراء حديثه، إن كان علي حق في غيرته فهو أيضاً ليس علي حق فهو الذي أصر علي معرفة كل الحكاية لذا وقفت متجهه إلي الشرفة وأخدت تنظر لجمال المدينة الرائعه من هذا العلو وتبعها هو ليقف خلفها فاسترسلت في حديثها متذكرة: لقد ظهر من العدم ليلبسني تلك القلادة ويختفي تاركاً في قلبي فراغ كبير بعد كلماته التي أصابتني في الصميم منذ صغري علي ما أظن.. في البداية لم أهتم حقاً ولكني كبرت وكلماته تتردد في أذناي ومقابلتنا باتت حلماً يراودني بكثرة.

إتسعت إبتسامتهُ بسرور فمراده منذ زمن كان يتحقق كما يريد تماماً فكبر هو وكبرت هي وحبهُ ينمو بداخلها رويداً رويداً قبل أن يخفي تلك الإبتسامة حين إلتفتت لهُ متحدثة بأسف وبصدق حبها لهُ: جود أعلم أنه لا يجب عليَّ ..

أسكتها بكفهِ علي شفتيها متحدثاً بهدوء: ششششـ.. تابعي ماذا كانت كلماته.

تنهدت وعادت تديرهُ ظهرها مبتعده عن أسر عينيه لا تريد أن تلمح بهم خذلان أو ما شابه و تحدثت: لقد قال.. "أنتِ شمسي في النهار وأنتِ نجمتي في الليل وأنتِ من سأتزوجها حين أكبر".

ثم تبسمت وقد إحتلها ذلك الشعور بالغمر الدافئ الغريب المحبب لقلبها من جديد ولوهله لم تشعر بالذنب نحو ذلك الواقف بجوارها وهي تغمض عينيها متذكرة تفاصيل جملتهُ البسيطة العميقة في ذات اللحظة: ماما قالتلي إن النجوم....

حاوطها فجأة مقرباً إياها لهُ وهو يُكمل عنها:
"والدتي أخبرتني أن النجوم في السماء وتظهر ليلاً فقط.. لكن من يوم ما لمحتكِ عيناي وعرفت أن والدتي كاذبة لأنكِ نچمة جميلة تسير علي الأرض وتحتل النهار ايضاً".

وكانت وقع كلماته علي مسامعها مفاجأة كبيرة.. فقد أكمل جملتها كما أكمل حياتها واستحوذ عليها كلياً،، لطالما شعرت معهُ بهذا الشعور المختلف شعور كان يخبرها أن هذا هو الملاك الصغير التي كانت تنتظره.. والتي كانت تنظر في أعين الجميع لعلها تتلقف ملامحهُ بين الجموع وتراهُ مرة أخري.. صحيح كان عمرها السابعه ولا تعرف ماذا عمره ولكنه لم يكن بالكبير عنها كان بالنسبة لها طفل مثلها لثمها بكلامه الصغير التي لم تنساهُ حتي الأن وكأنهُ بالبارحه.. هو هنا..
هو عاد.. هو كل الوقت بجوارها.. هو حقق كلامه "أنتِ من سأتزوجها حين أكبر" وصَدَقَ فليلة واحدة تفصلهم عن اليوم المنشود وستصبح زوجته.

#يتبع~~~