-->

بنات حورية _ الفصل الرابع


الفصل الرابع 


توقف عن مداهمتي .
توقفي عن البعد عني .

نصب صوان العزاء ورغم اهتزاز جوف دياب وقف جامداً يأخذ تعازي والده الراحل لليوم الثالث وبجواره كان سفيان الذي سانده كثيراً وتوكل عليه في كل التجهيزات اللازمة حتي هذه اللحظة ،، لولاه لكان انهار دياب فعلاً مع هذا الألم العميق الذي يغزو داخله .

" البقاء لله يا دياب بيه " قالها صوت مألوف شخص وهو يصافح دياب فرفع دياب نظره له وفوراً تعرف عليه إنه راكان الحُميدي .. أومأ له دياب بصبر فتحدث راكان مسانداً رغم معرفته أنه لن يفيده بشئ : إذا احتجت أي شئ فأنا موجود.

أومأ دياب للمرة الثانية فغادر راكان لداخل صوان العزاء وجلس بصمت حتي النهاية ،، لقد غادر الجميع حتي المقرأ بينما ظل هو يحاول ترقب أي أثر لها .. يريد رؤيتها بشدة .. رؤية حالها .. لتراه فقط لتعرف أنه سيكون دائماً مُسانداً لها وليذهب قليلاً من خوفها منه ،، إضطر للنهوض وقد غادر الجميع عداه وإتجه لدياب يصافحه ويعزيه مرة أخري وغادر بتلكأ وببطئ وهو يتفحص أركان الحديقة بعين متفحصة وهناك بجانب البوابة قبل أن يخرج لمحها في ركن بعيد هادئ تجلس مستندة علي شجرة وبيديها غصن من الأعشاب تمزقه بهدوء فإتجه لها حزيناً وسعيداً .... حزيناً لكونها حزينة هي الأخري وسعيداً لكونه رآها وحقق مبتغاه وروي عطشه وإشتياقه لها وبالقرب منها تحدث بهدوء : البقاء لله يا صغيرتي.

رفعت نظرها له بدهشة وهمست : أنت ماذا تفعل هنا!؟.

نبرتها الحزينة أوجعته فرفع يديه يحاول لمس وجنتها مربتاً ولكنها ابتعدت بفزع بوجهها عنه :
لا تلمسني وأنا لست بصغيرتك . 

جثي علي قدميه بجوارها وأراحها قائلاً : لا تخافي مني لقد رأيتك بالصدفة لقد جئت لأعزي والدك فقط .

نظرت له بدموعها وتسائلت بطفولة : وماذا تريد مني؟.

حرك يديه مبتسماً لها وتحدث : لا أريد شئ كنت متشوقاً جداً للإطمئنان عليكِ ودعوت ربي لألمحك فقط ولو من بعيد وانظري أنتِ جالسة أمامي الأن .

فركت يديها بتوتر ونظرت له بدون إجابة فمد كفيه وإلتقط كفيها بين يديه ،، حاولت سحبها ولكنه رفض حتي استكانت له وهو يتحدث :  لماذا تبكين ألا تعرفين أن جميعنا سنعود لمن خلقنا .

شهقت ببكاء وهي تجيبه : لقد كان يتحدث معي البارحة ،، أمزح معه و يضحك لي ويمسد علي ظهري .

مسح دموعها بإحدي يديه والأخري محتلة كفيها متحدثاً بجدية وجد نفسه يسترسل بها بدون وعي : لا أطيق رؤية دموعك حقاً توقفي يا حبيبتي لو كان بيدي لزرعتك بداخل حضني الأن .

قطبت حاجبيها بشدة وزاد توترها وهمست بشرود : حبيبتي !! ماذا تقول أنت؟.

" نعم راما أحببتك منذ أن رأيتك لقد تسببتي بفقداني لاتزاني حتي هذا الوقت، أنا أريدك زوجة لي "  .
اندفع بكل جرأة وانتظر بعد ذلك رد فعلها ولكن مع حزنها لم تكن لتعطيه جواب واضح يفيده فوقفت هامسة : علي الذهاب هذا ليس وقتاً مناسباً لكلامك .

تركته وذهبت ولكنه أوقفها قائلاً :  حين يحين الوقت المناسب سأفاتح والدك مجدداً وإلي حين هذا الوقت فكري جيداً يا رامَتي .

■■

" دياب حبيبي هل أنتَ نائم "
همست حورية بجوار دياب الراقد بخوف بعد أن حضرت له كوب من العصير الطازج .. فهو لم يضع لقمة في فمه من الصباح وبصعوبة بالغة كانت تجعله يتناول الطعام في الأيام السابقة ،، لم يكن نائماً هكذا أجابها دون أن يفتح عينيه : وهل أعرف النوم يا حورية.

جلست بجواره وحاوطت وجهه بكفيها متحدثة : حبيبي انظر لي بالله عليك لا تفعل هذا بنفسك أنا أحتاج إليك.

فتح عينيه واستقام جالساً فاتحاً ذراعيه لها لم تكن حورية بأفضل حال منه فلقد توفي والدها الثاني ولكن تبقي مشاعر دياب الحزينة مؤلمة أكثر من مشاعرها فإندست داخل حضنه تشتم رائحته بقوة وتتمسك بهِ بشدة فهي تخشي عليه جداً تخشي علي صحته من تلك الصدمة وتخشي ألا يخرج منها حتي تقضي عليه .

" ما بالك يا حورية ترتجفين " .
سألها وهو يقبض علي جسدها محاولاً إيقاف إرتجافها  حتي شعر بدموعها تبلل قميصه وهي تتحدث : خائفة عليك يا دياب أرجوك كن قوياً من أجلنا .

ربت علي ظهرها بهدوء ولم يجد سبيل لمداعبتها فتحدث بهدوء : هل جئت لتواسيني أم لأواسيكِ أنا.

رفعت أنظارها له وبتوسل : أرجوك إشرب هذا العصير وتعال معي لتأكل شيئاً.

أراحها قائلاً وهو يلتقط الكوب وهي تراقبه بفضول حتي ينهيه : سأشربه ولكن ليس لي نفس للأكل .

إنتهي منه وطلب منها : الصداع يكاد يفتك رأسي أعطيني أي دواء مسكن .

نفت بحدة : لا يوجد دواء بدون طعام.

هتف بضجر وهو يرخي جسده علي السرير :
لا أريد طعاماً يا حورية سأنام.

إلتفتت للجانب الأخر وجلست بجواره تمسد علي جبينه وصدغه بحركات دائرية لتريحة فأخذ يديها مقبلاً إياها وهو يتمتم : لم يعد لي غيركن يا حورية فليحفظكن الله لي .

" ونحن ليس لنا غيرك من الأساس بعد الله " هكذا أخبرته وبدعاء تمتمت ليحفظه الله لهن وراحت تريحه من صداعه لينام ويرتاح قليلاً .

■■■





توقف عن تجاهلي!.. توقفي عن قيودكِ إذاً..

لا تُشعلْ نيراناً تحرقني.. بيديكِ الماء فلما تتزمرين!..


مر الكثير من الأيام لم ينتهي حزن العائلة وخاصةً دياب ولكنه إلتفت إلي عمله بالفعل وطمس حزنه بداخله ،، اليوم كان يجب عليه الذهاب لرؤية مصنع يريد شراءه في قرية ما ولكنه لا يستطيع لذا سيرسل چيلان برفقة چود .. بعد قليل دخلت چيلان عليه متحدثة: أبي طلبتني .

جلست چيلان وتحدث دياب : المصنع الذي في قرية .... لتذهبي مع چود لرؤيته وإذا كان بالمواصفات الذي نريدها إتفقي مع مالكه فوراً حسناً.

تسائلت چيلان : ألم تكن ستذهب أنت .

تحدث دياب بإرهاق : لا أقدر أنا سأذهب للمنزل وأنتِ فلتنهي هذا الأمر ولتعودي للمنزل .

رحل دياب بالفعل للمنزل وتجهزت چيلان للذهاب مع چود وفي مرآب الشركة تحدث چود : لنذهب بسيارتي اركبي معي .

مزاجها الحزين هي الأخري لم يكن يسمح لها بالقيادة لذا أومأت له وركبت بجواره وطوال الطريق كان الصمت حليفهم هي حزينة وهو لا يعرف كيف يخفف من حزنها ويزيد علي حزنها أن بارد المشاعر هذا بجوارها تريد كلمة واحدة منه تريح قلبها ولكنه يكاد يخبرها بصمته أنها لا تعني له أي شئ لذا ستحاول إخراجه من قلبها بصمت كما دخله بصمت كذلك .

" بما أنتِ شاردة " تسائل چود مخرجاً إياها من أفكارها لتنظر له بهدوء للحظات طويلة قبل أن تتنهد وهي تدير وجهها عنه مرة أخري مجيبة إياه : لا شئ.

" وهل يحتاج الجواب لكل هذا الوقت " استفزها تسائله فزجرته بضيق قائلة : چود.

وإجابته هزتها وهو يهمس بحلاوة بينما ينظر لعينيها : عيون چود .

بتلعثم قليلاً نهرته : فلتصمت .

بنفس نبرته أجاب : لماذا يا عزيزتي لم أضايقك بشئ.

" چود ما بالك !! " هتفت بحدة مفاجئة ونبرته وكلامه مختلف عنه وعنها كلياً لما يغازلها وبهذا البرود فهتف هو الأخر متفاجئاً بهدوء : ما بالي يا أنسة چيلان أنتِ عصبية اليوم علي ما يبدو.

" نعم والفضل يعود لك " همست بدون وعي ،، لقد فقدت السيطرة علي نفسها مع هذه الشحنات السلبية التي تحاوطها فهمست لنفسها بداخل أفكارها وهي تري نظرات چود المشوشة بعد همستها : تمالكي نفسك چيلان.

ويجيب فكرها من ناحية أخري :
" كيف وهو معي بنفس السيارة " .
"

لا تريدين أن تبدي أمامه مثل البلهاء أليس كذلك " .
" سأكون بلهاء حقاً إن بقيت معه أكثر من هذا" .

انتفضت وهي تسمع صرخته بإسمها : چييييلان.

" هل جننت ما بالك " تحدثت بعصبية ليضحك قائلاً : بالي مرتاح ولكن يبدو أن بالك بهِ شئ فأنا أناديك منذ دقائق ولا تجيبي .

وبمشاكسة أضاف : لم أكن أعلم أن زجاج سيارتي يعجبك لهذه الدرجة.

إعتدلت له وبملامح مستنكرة : هااااا ولم أكن أعرف أنك ظريف لهذه الدرجة منذ متي يا چود بيه.

أجاب بجدية وهو ينظر أمامه بجمود قاصداً شئ يجول بخاطره في حين فهمت هي شئ أخر : منذ زمن عزيزتي أنتِ فقط عديمة النظر لا تنظرين إلا لجهة واحدة.

لقد ظنت أنه يتحدث عن مشاعرها له فسألته بخوف : ماذا تقصد؟.

مد كفه إليها قاصداً عنقها وخاصةً سلسلة النجمة الخاصة بها والتي تعتبرها شئ مقدس لا يمكن نزعها فضربت كفه قبل أن تصل إليها مزمجرة بإنفعال : ماذا تفعل؟.

لم يكن في نيته لمسها فتحدث مجزاً علي أسنانه : أقصد سلسلتك المقدسة التي لا تريدين نزعها أبداً .

صمتت للحظات مع تبينها لمقصد كلامه ثم همست بيأس متسائلة فمجدداً عادت معه لنقطة البداية بنفس شعورها والذي يقول لها أن علاقتهم قد تبدأ إذا نزعت تلك السلسلة حينها ينسرب العشق من كيانه محاوطاً إياها ولكنها لا تقدر : ماذا قد يتغير بنزعي لها يا چود.

وصلوا وجهتهم فتحدث بغموض وهو يفتح الباب ليترجل : قد يتغير الكثير .

تنفست مغمضة لعينيها مزفرة بضيق قبل أن تعدل هندامها و تلحق بهِ وحين نزلت من السيارة كان حولهم سور عريض يحيط بتلك القرية فتسائلت : لماذا وقفنا هنا.

" يقولون هناك إحتمال لهبوب عاصفة وأمطار اليوم و .. "
أ

جابها فقاطعته بعدم فهم وبدت مصدومة بحزن : هل تسخر مني چود؟ .

زفر بحنق وتحدث بجدية : من أين أتيتي بالسخرية الأن .

هتفت بحدة : من أين ستأتي العاصفة والأمطار الأن ونحن في الصيف.

وفجأة ضرب البرق السماء فصرخت بفزع ونظرت له متفاجئة فضحك وهو يوضح لها بجدية : يقولون سيبدأ الشتاء مبكراً هذا العام والطرق في القرية ليست ممهدة تماماً لذا سنترك السيارة هنا لا يمكننا الدخول بها، هكذا قال لي صاحب المصنع علي الهاتف .

أومأت ومازالت في حالة صدمة مما حدث وتبعته لداخل تلك القرية وكان في استقبالهم ابناء صاحب المصنع فتتبعوهم إلي حين وصولهم له وهناك تفحصته چيلان بإهتمام .. نال إعجابها كما نالت القرية كلها إعجابها لم تبدو قرية فقيرة أو غنية بل كانت البيوت رائعة كل بيت يختلف عن الأخر بواجهته الخشبية ويبدو أن البيت الواحد لا يتعدي الطابقين لعائلة واحدة بينما تغزوها الأراضي الزراعية من كل فراغ ... تحمست بشدة لشراء هذا المصنع كما تحمست أيضاً وهي تسأل صاحبه : هل يوجد منازل شاغرة للبيع هنا في القرية .

أجابها الرجل : يوجد بيتين ولكنهم بحاجة لكثير من التعديلات أصحابهم هجروهم منذ زمن .

تسائل چود : هجروهم أي ما زالت ملكية البيت لهم .

أومأ الرجل لتتسائل چيلان : كيف نتواصل معهم إذاً .

" لدي أرقامهم نتصل بهم لا تقلقي " أجاب الرجل لتبتسم چيلان بمودة في حين تخلل لمسامعهم صوت الأمطار التي هطلت بجنون وشدة وكأنها تتزمر متحررة أخيراً لتتطلع چيلان من إحدي النوافذ للخارج هاتفة بسعادة طفولية : غير معقول أن تمطر في هذا الوقت.

" لنكمل جولتنا " هتف الرجل وكان بنيان المصنع جيداً جداً فلم يتضرر من المطر ،، كان المصنع بحالة جيدة نسبياً ولكن بالنسبة لچيلان بحاجة لكثير من التعديلات شركتهم تتكفل بها إذا اشترت المصنع ،، انتهت جولتهم في حين تزداد الأمطار إزدياداً مهولاً ،، توقفوا عند باب المصنع من الداخل لتتبين لهم الطرقات الغارفة من الماء والتي تدهورت ملامحها فهتف چود بصدمة : يا إلهي ما هذا المنظر هل المكان يكون هكذا دائماً الشتاء. 

فهم الرجل لماذا يلمح جود فتحدث آسفاً : نعم للأسف ونستمر لأيام وليالٍ نعمل حتي نمحو ما يتبقي في الطرقات.

تحدثت چيلان : في هذه الحالة سيتوقف عمل المصنع كثيراً في فصل الشتاء .

صمت الرجل للحظات ومن ثم تحدث بآسي :
هذا المصنع مصدر رزق لنا جميعاً هنا في القرية ،، الرجال يعملن بالحقل والنساء تعملن في المصنع لاستخراج المنتجات الغذائية وفي فصل الشتاء كنا نتكاتف نحن الرجال لإزالة المياه والوحل المتبقي ونتابع العمل ولكن ...

صمت الرجل متابعاً بحزن : ابنتي أصيبت بمرض السرطان ،، الحمد لله ما زال في مرحلته الأولي وتحتاج لتدخل جراحي بسيط لذا احتاج للأموال من أجل عمليتها .

" شافاها الله وعفاها لك " همست چيلان ومن بعدها چود والذي تابع متسائلاً : إذاً سيتضرر كثير من الناس ببيع هذا المصنع صحيح .

تحدث الرجل بقلة حيلة : نعم ولكن ماذا أفعل.

ثم تابع بود : لن تصلو لباب القرية بهذا الشكل لتأتوا معي للمنزل حتي يهدأ المطر  .

هتفت چيلان :  لا نريد إزعاجكم حقاً نستطيع الإنتظار هنا .

ابتسم الرجل نافياً : لا يصح يا ابنتي عيب علي هكذا تفضلو البيت هنا خطوتين فقط .

وافق چود ليحافظ علي چيلان من هذا المطر وراح يخلع جاكيته وأعطاها إياه متحدثاً : ضعيه علي رأسك لكي لا تمرضي .

ولم يجعلها تعترض وهو يدفعها لتسير أمامه بينه وبين الرجل بينما سارت هي بهدوء مبتسمة بحب ومتألمة برفق بسبب سيرهم والمطر الشديد يدق رأسهم في حين تنعم هي بملمس جاكيته علي رأسها .

" يا أم سعيد لدينا ضيوف " هتف الرجل وهو يخلع نعله ويدخل منزله البسيط ففعلت چيلان مثله وخلعت كعبها وچود أيضاً ،، دخل الرجل ليدخلهم معه في حين أقبلت عليهم إمرأة بشوشة ممتلئة قليلاً ترتدي جلباب فضفاض يعج بالورود بلونين فاتحين وفي يديها ملعقة خشبية يبدو أنها جائت بها من المطبخ للتو وهتفت : أهلاً تفضلوا  .

■■

عرف دياب من المحامي أن والده الراحل ترك وصية له وها هو الأن يجلس في منزله مع سفيان فهو شريكه في الورث ومعهم المحامي ليقرأ عليهم الوصية في غرفة الجلوس بينما تجلس حورية بجوار دياب ومعهم لورين أما سبأ كانت تجلس مع رسيل علي السلم تتابعهم بأنظارها وسمعها وهي تترقب ما الأمر الذي سيعنيها في تلك الوصية ،، كانت الوصية مكونة من بعض كلمات التوصية ورغبة لفتت إنتباه الجميع وخاصةً سفيان وسبأ بصدمة في آن واحد وعلي لسان المحامي كان الأمر كالتالي :
رغبة المرحوم أن يتزوج السيد سفيان ابن ولدهِ الثاني ببنت من بناتك سيد دياب ويعيش معها في بيته رحمة الله عليه.

سعلت سبأ بشدة عندما جائت لتتنفس فوقف الهواء في رئتيها بعد استماعها لهذا الخبر .. صدمت بل كادت عيناها تخرج من مكانهما من صدمتها وهي تهمس بدون وعي سمعتها رسيل :
لا لا لن يفعل جدي بي شئ كهذا .

وقامت تجري للأعلي برغبة في البكاء متجاهلة الأنظار التي سلطت عليها وخاصةً سفيان الذي شك بمعرفتها بشئ ما في حين لحقتها رسيل وتحدث سفيان بترقب : هل وضع جدي رحمه الله شرط لهذا الزواج ،، أقصد هل يجب تنفيذ تلك الوصية .

شعرت حورية بإهانة لبناتها من تساؤل سفيان هذا فربت دياب الذي شعر بها علي كفها وقبض عليه بحنان ،، بناته ليست لعبه ولكن رغبة والده قد تنفذ إذا وافقت إحدي بناته علي هذا ما زال لا يفهم موقف سبأ مما حدث لذا كان بال له في تلك الجلسة وبال مع سبأ وبال مع چيلان التي اتصلت بهِ وأخبرته أنها ستبيت في تلك القرية نظراً لظروف الطقس ... تنهد المحامي مجيباً سفيان : لا يوجد شروط أبداً أستاذ سفيان إنها رغبة المرحرم وأنتم أحرار في تنفيذها أو لا .

■■





تناولت چيلان الطعام مع تلك العائلة الصغيرة ثم دعتها المرآه لتنام مع ابنتها في غرفتها فجذبها چود برفق من ذراعها قائلاً لها : لا تنامي معها في نفس السرير وابقي بعيدة عنها .

أجابته متنهدة : چود السرطان ليس معدي توقف.

بحدة أمرها : چيلان أنا خائف عليكِ نفذي ما قلته  .

يبدو أن المرأه فهمت ما يدور بينهم بهمس فهتفت تريحهم : يوجد سريرين في غرفة ابنتي يمكنك النوم عليه فنحن لدينا ابن وابنة أخرين ولكنهم في زيارة لعمتهم .

انسحب الدم من وجه چيلان بحرج بينما تنهد چود مستريحاً وهمست چيلان موضحة : نحن نتحدث بموضوع أخر لا تؤاخذينا أرجوك .

" لا عليكِ يا ابنتي تفضلي " ذهبت چيلان معها مودعة چود : تصبح علي خير.

أخذت المرأة چيلان إلي غرفتها أولاً وأعطتها ثياب نضيفة من عندها وانتظرتها خارجاً ،، ارتدت چيلان الجلباب كان قطني مريح بلون أبيض كان قصير عليها لأنها طويلة بالكاد تعدي  ركبتيها فابتسمت وخرجت وحينها لمحت چود ينظر لها بنظرات غريبة وشفتيه مبتسمة فصعدت للأعلي بحرج في حين إلتف چود متنهداً بولع وحرقة في قلبه الملتاع حباً لها وتسائل :  هل أنام أنا هنا علي الأريكة .

" لدينا ملحق صغير بالبيت به حمام وغرفة نوم صغيرة يمكنك استخدامه " تحدث الرجل وتابع : انتظرني لأحضر لك بعض الملابس .

■■

" سبأ ماذا حدث ،، ما بكِ "
تسائلت رسيل بعد أن لحقت بسبأ وهي تراها تبكي حاضنة وسادتها .
" جدي يقصدني هو قال لي " بالكاد همست من بين بكائها فتمسكت رسيل بيدها قائلة بحنان :
إهدئي يا حبيبتي ماذا تقصدين لا أفهم شئ .

" قال لي جدي قبل وفاته أن وصيته تقصدني أنا وطلب مني تنفيذها " شهقت وزاد بكائها وهي تتابع بنشيج : لما يفعل جدي بي هذا وهو أدري الناس بي لماذا؟ .

إحتضنتها رسيل قائلة : فهمتك ولكن عليكِ الهدوء ثم يمكنك الرفض .

تسائلت سبأ ببعض الهدوء : وهل ينفع هل يصح لي أن أرفض تنفيذ هذه الوصية .

رسيل بحيرة : بالتأكيد هي ليست إلزام ،، لا أعلم لنسأل أبي .

وهنا دخل دياب عليهم ليري حالة سبأ ودموعها ليقترب منها متسائلاً : ماذا بكِ يا صغيرتي لماذا فزعت هكذا بعد سماعك لوصية جدك؟ .

احتضنت سبأ والدها وبكت مجدداً فربت علي شعرها قائلاً بخوف : سبأ لا تخيفيني ماذا حدث.

تحدثت رسيل نيابة عنها موضحة له ليزفر بضيق وحدثها بحنية : امسحي دموعك يا صغيرتي لا أحد يجبرك علي شئ يمكنك الرفض.  

نظرت له متسائلة تحتاج تأكيد فطمأنها :
لا تخافي لن يحدث ما لا تريديه إطلاقاً .

ثم تابع : الأن نامي وغداً نجلس جميعاً لنناقش هذا الأمر .


يتبع ...