-->

الفصل الثالث - بنات حورية


الفصل الثالث


" سكرات چدكن " .

هكذا هتف الچد _ والد دياب _ وهو يقف في استقبال زوجة ابنه وحفيداته الغاليين ،، رغم ما هرم إليه هذا الرجل من العمر والمرض الذي يتمسك بجسده ويكاد يفتك بهِ مازال يقف شامخاً مستنداً علي عصاه بوقار ،، يغزوه الشعر الأبيض ويكتسح ملامحه .

احتضنته حورية بعد دخول البنات قائلة بشوق : كيف حالك يا أبي.

" بخير يا ابنتي ،، بخير طالما رأيتكن "
تحدث بتعب ملحوظ لم يخفيه عن حورية _ ابنته تماماً كدياب _ فلم تخفي حورية خوفها هي الأخري وهي تعاتبه : متي تريح قلبي وقلب دياب وتأتي للعيش معنا .

بأمل تحدث مبتسماً : لقد اقتربت ساعتي يا غالية ،، وأريد الموت ببيتي وكل ما أريده الأن رؤيتكن حولي.

تغضنت ملامحها بألم وهي تستشعر نبرته واثقة ومتفائلة فتحدثت بدعاء : حفظك الله لنا يا أبي .

ابتسم مربتاً علي ظهرها الذي يستند عليه وجلس بأريحية علي الأريكة وهو يتسامر مع حفيداته وخاصة راما الشقية التي تظل تنشر حيويتها الطفولية حوله فينتعش وينسي آلامه مستمتعاً .


■■


بعد يومين صعدت سبأ لغرفة جدها بناءًا علي طلبه لها ،، أخذت كاسة عصير له معها ودخلت عليه بهدوء بعد أن سمح لها فتقدمت منه مبتسمة وناولته العصير ،، كانت ترتدي قميص قطني بحمالتين رفيعتين يصل لركبتيها وكانت تعصق شعرها الأحمر في ذيل حصان

" طلبتني يا چدي " هتفت مبتسمة وهي تجلس جواره علي السرير ليتحدث بتساؤل : كيف حال قلب صغيرتي .

كانت تعشق جدها الذي يفهمها عن ظهر قلب فهتفت بخجل : ليس بعد يا جدي تعلم أن قلب صغيرتك غالٍ جداً .

" كنت أتمني لو أراكي عروس قبل رحيلي يا قلب جدك " نعم كان يريد بالفعل رؤيتها عروس ،، كان يريد لسبأ أن تحب وتعشق فسبأ ستتغير بالفعل وتظهر الأخري الكامنة بين ضلوعها إن إمتلك أحداً قلبها وأفعمه عشقاً .

" يا جدي لا تقل هذا والله لا أتخيل فراقك ثم من هذا الذي يستطيع أن يملك قلبي بعدك يا سيد الرجال " مازحته ليضحك وهو يلاعب شعرها هاتفاً :  متي أصبحتي مشاكسة هل نقلت راما العدوة إليك .

ضحكت متحدثة : بالتأكيد فراما عدوة متنقلة .

تنهد الجد وهو يتابع بجدية : لقد كتبت وصيتي ..

" يا جدي " قاطعته بضجر ليقاطعها هو بصرامة : اسمعيني يا فتاة ،، حين يقرأ والدك الوصية اعلمي انك المعنية بها ولكن سأترك لكم حرية الاختيار .

قطبت حاجبيها لتجيبه : لا أفهم شئ .

" ستفهمين فيما بعد فقد تذكري كلماتي تلك والان أخرجي ودعيني ارتاح قليلاً قبل مجئ والدك " .

" حاضر " هتفت وهي تلتقط كوب العصير وتطفئ النور وترحل وقبل رحليها حدثها جدها :  غيرو ثيابكن هذه إلي أخري محتشمة فابن عمك ووالدته علي وصول .

ازدادت حيرتها وهي تخرج مفكرة " ابن عمها " لقد نسيت أن تخبر والدها بمن يسكنون شاليه عمها ... لبرهة فكرت !! هل يعقل !! .
هل يعقل أن يكون من زار أحلامها وواقعها هو ابن عمها .


■■■







" سأعمل لوقت متأخر اليوم يا أبي "
أجابت لورين دياب الذي يسأل عن موعد إنتهاء عملها لكي يأخذها هي وچيلان إلي جدهم في مكالمتهم الذي كانت منذ حوالي ثلاث ساعات ولم تتوقف مكالمات والدها بعد ذلك ونبرته غاضبة بسبب تأخرها ،، العمل تحت قيادة ديم هذا شئ صعب للغاية ولكن ليس عليها ،، لقد تبين لها أنه لا يضعها في رأسه بسبب ما فعلته ولكن هو يحب أن ينتهي كل عمل في يومه لا يحب التأجيل أو التلكئ في العمل ولكن اليوم هي أحرجته بشدة فكان نصيبها أطنان من العمل وضعهم أمامها .
المكان يخلو حولها رويداً رويداً حتي أن زملائها في المكتب رحلو بينما هي تجلس بين ملفات عديدة يمكن أن تؤجل ولكنه يعاقبها .

تركت القلم من يديها وتوقفت عن الرسم هي ليست ألة لتفكر في تصميم مختلف لكل تلك المنتجات ،، عادت للخلف بظهرها وهي تفتح يديها وتغلقهم بهدوء لقد تشنجت يديها وأصابعها من الرسم طوال اليوم ،، تأففت بحنق وهي تري تصرفه هذا طفولي للغاية ثم همست : حسناً ليس طفولي جداً فلقد أحرجته بشدة .

وقفت لتلتقط كوبها وخرجت لماكينة القهوة وهي تهمس مجيبة لنفهسا : ولكنه يثير حنقي بشدة ،، أووف ياربي لماذا أفكر بهِ أصلاً .

" لماذا مازلتي هنا لهذا الوقت " هتف ديم بحدة من خلفها فإنتفضت من أفكارها بينما تزعزع كوب القهوة من يديها فسقط بعض منه علي يديها فتركته فوراً علي الطاولة وهي تلتف له فاركة ليديها بألم متحدثة : لست ألعب بكل تأكيد.

نطر حوله لخلو المكان متحدثاً وهو يومئ بعقلانية : نظراً لخلو المكان يمكن القول أنكِ تلعبين بالفعل .

وهتف بسخرية : بالمزلاج مثلاً .

لم تعبئ بسخريته بقدر إدراكها للهدوء الذي يعم المكان لقد ذهب الجميع بالفعل لم يتبقي غيرها علي الأغلب و .. و هو فقط وهنا نظرت له بعينين متوسعتين بشدة وهي تجيب برفق متشتتة : أنا بالفعل كنت أعمل علي المنتجات الذي أعطيتني إياها .

كانت تحاول الشرح له وهي تحرك يديها وكأنها في عالم أخر فزفر بحنق قائلاً قبل أن يعود لمكتبه : يمكنكِ الذهاب لقد تأخر الوقت.

تركها وذهب لتعود للمكتب بسرعة لتلتقط هاتفها الساعة تشير للسادسة والنصف ورن هاتفها وهو في يديها لتجيب علي والدها بسرعة وهي تغمض عينيها من صرامته : هل يجب أن أعلم ماذا تفعلين في شركة خالية من موظفينها في هذا الوقت.

بتوجس همست : بابا اسمعني .

قاطعها بحزم : أنا أمام الشركة أريدك الأن في الاسفل.

" حاضر " أجابت وهي تلملم أغراضها وتخرج من المكتب وأمام المصعد وقفت بخوف هي لا تحب دخول المصعد وحدها أبداً كما أن السلم يبدو معتم للغاية فلم يعد هناك نور في الشركة غير الخارج من مكتب ديم .

التفتت برأسها تنظر لمكتبه ودون تفكير اتجهت له وبعد سماحه لها بالدخول فتحت الباب لتقف متحدثة بتساؤل خافت : أستاذ ديم ألن ترحل.

بهدوء أجابها : لا ،، ارحلي أنتِ.

ضغطت شفتيها قليلاً وهي تهتف : لكن الوقت متأخر .

نظر لها متمهلاً .. بإنتظار ليري ما تريده وما دخلها إن رحل أم لا .. فطلبت متنهدة بتريس :
هل يمكن أن توصلني للأسفل فقط.

لم يرفض وهو يقف بدون سؤال يلتقط أشيائه .. هاتفه ومفاتيح سيارته ثم جاكيته الجلدي الذي ارتداه وهو يتقدم منها بينما هي تتابعه بهدوء كالمسحورة حتي وقف أمامها وهو يشير لها أن تتقدم وفي المصعد سأل مازحاً :
هل تخافين المصعد .

نبرته لم تكن متشفية أبداً رغم ما فعلته هي بل كانت مطمئنة لها فأجابته ممتنة : لا أنا فقط أخاف هذا الظلام الذي يعم الشركة  .

أومأ ضاحكاً بخفة ليتحدث بجدية قليلاً : اليوم .. .

لم تجعله يكمل وهي تهتف بصدق : أنا أسفة حقاً لقد كنت وقحة.

تعجب مؤيداً : " نعم " فتابعت هي : حقاً لا أعلم ما حدث لي ولكنك تثير أعصابي بشدة كلما ،، كلما ..

تلعثمت وهي تنظر له يتقدم منها بثبات فتراجعت متحدثة بأعين متسعة : ماذا؟ .

لم يلمسها ولم يحاوطها فقط وقف يشرف علي قامتها متحدثاً بنبرة مسكرة أوقفت النبض بداخلها لثوان : أثير إستفزازك وأثير أعصابك ،، ماذا أثير أيضاً.

لم تجيبه وعينيه السوداء تحتل عينيها كمغناطيس لم تقدر علي البعد عنهم حتي ابتعد عنها ضاحكاً وهو ينظر لباب المصعد قائلاً :  تنفسي تنفسي .

استجمعت نفسها الثائرة بسبه متحدثة بضيق لاهثة : أنا أتنفس أصلاً ما أدراك أنت .

أومأ مسالما وببراءة تحدث : حسناً تتنفسين أسف اهدئي.

فتح المصعد حينها ليتحرك للخارج في حين هتفت هي لنفسها : بالطبع أتنفس لماذا لا أتنفس يعني .

تأففت وهي تلحق به في هذا الظلام وأمام الشركة وقف ينتظر سيارته في حين تسائلت هي : ألا يوجد سيارات الأن كيف سأخرج.

تساءلت عن السيارات التي تخرج العمال من مجمع الشركة الكبير للغاية ليجيبها : الجميع رحل أنسة لورين سأوصلك أنا حيث تريدين .

نفت بسرعة : لا يمكن أساساً هناك من ينتظرني .

تسائل بجدية : من ينتظرك .

" لدي عائلة تقلق علي ديم بيه " بحدة مؤنبة كانت نبرتها ثم ابتعدت عنه برأسها هامسة لنفسها : ويقولون راما وقحة والله سأخذ تمثال في الوقاحة بسبب هذا الرجل.

وصلت سيارته ليركبها قائلاً ببعض الضيق : يمكنك السير أنسة لورين تصبحين علي خير .

وضعت يديها علي فاهها بصدمة هامسة لنفسها : أسير كل هذا ياربي وفي هذا الظلام أيضاً.

أفاقها صوته وهو يفتح باب السيارة لها قائلاً : اركبي لورين سأوصلك هيا .

لا تعلم متي أصبح بجوارها هكذاً ولكنها نظرت له برفض ليهتف بصرامة : توقفي عن العناد.

وبممازحة تحدث بنية صافية : ثم ليست أول مرة صحيح .

نظرت له مستفهمة ليكمل غامزاً : تركبين معي يعني .

جزت علي أسنانها وهي تتخذ طريقها للخارح سيراً مبتعدة عنه ليتنهد تهو يعاود ركوب سيارته هاتفاً بحنق : علي راحتك.

لم يكن ينقصها بعد هذا اليوم غير وجع قدميها أيضاً والأن وهي تعرف أنها ستواجه والدها غاضباً والذي هاتفها كثيراً ،، ديم يسير خلفها لا تعلم هل ليطمئن عليها أم يسخر منها وظل هكذا حتي خرجت لتستقل العربة السوداء الذي لم يري من سواد شبابيكها
شئ في حين ركبت هي بجوار أبيها بتوتر وهي تنظر لچيلان المقابلة لها .

استطاعت تفادي غضب والدها قليلاً وهي تهتف برجاء : بابا هل نتحدث غداً أنا متعبة جداً لقد كنت أعمل فقط صدقني.

شعر دياب بها ستبكي وبنبرتها المهلكة فوافق بينما يربت علي ركبتها برفق لتبتسم له بإمتنان .. أراحت رأسها للخلف مغمضة لعينيها ستنام فالطريق أمامهم طويل ولكن قبل نومها تذكرت ما حدث في هذا اليوم المفلت لأعصابها وخاصةً ما حدث في مكتب ديم أمام والدته - أسيل عزام - حين طلبها فذهبت له لتجد والدته هناك .. حاكاها لتجلس بهدوء فجلست في مواجهة والدته .

" تريد والدتي مساعدتك في أمر هام "
تحدث ديم لتنظر لورين لتلك المرأه الذي سمعت الأقاويل عنها وعن جمالها وعن عشقها هي وصاحب إمبراطورية نجم الدين ،، رشيقة بملامح هادئة جميلة وجهها بشوش كما تحيطها هالة من الأناقة مع شئ يبعث بالدفئ .. مدت لورين يديها لتسلم عليها وهي تقول : أهلاً بحضرتك لقد كنت متشوقة حقاً لمقابلتك .

قابلتها اسيل مبتسمة وبعملية تحدثت : يقول ديم أنكِ جديدة هنا ،، أهلاً بكِ معنا.

ابتسمت لورين شاكرة لتهتف اسيل : سمعت أنكِ موهوبة ديم يثني علي عملك بشدة .

" إنه يمزح بالتأكيد سيدتي فديم بيه لا يعجبه أي شئ من عملي " .
تحدثت بصدق وهي تنظر لديم بغرابة فهو في يومين فقط كان قد جعلها تعيد العديد من التصاميم مرة أخري كونها لم تعجبه حتي بعد رؤية لجنة مختصة لها والموافقو عليها ..... قطبت اسيل حاجبيها قائلة بجدية وهي تنظر لديم هي الأخري : من قال هذا هو بنفسه رشحك لمساعدتي .

نظرت لورين له مدهوشة : أسفة ولكنه دائماً ما يجعلني أعيد عملي أكثر من مرة .

تنهدت اسيل مجيبة : ديم فقط يحب أن يكون العمل علي أكمل وجه.

وتابعت مما جعل لورين تدهش أكثر وهي تشاور لها علي تصاميمها : قد أراني ديم تصاميمك وأعجبتني بشدة وأحتاجك لنتكلم في أمر ما ولكن في مكتبي.

بدون خجل إلتقطت لورين التصاميم من أمامه وهي تقلب بهما قائلة بتعجب : ولكن هذه التصاميم لن تنفذ فهي لم تعجبك أبداً ديم بيه .

كان ديم يراقب الوضع بضيق حتي هتفت اسيل : ديم هل تشرح لي ماذا يحدث .

" لماذا لا تذهبا إلي عملكما الخاص وتتركاني أعمل " أدركت اسيل الوضع فهدأت .. ستتحدث معه علي إنفراد فيما بعد ولكن لورين لم تصمت وهي تتسائل بحنق : هل كنت تجعلني أعيد التصاميم هباءاً وهي تعجبك أصلاً .

زجرها ديم بنظرة شرسة لتصمت ولكنها لم تفعل وهي تتابع بوقاحة بينما اسيل تتابعهم بتفحص وهي تري كم تناست تلك الفتاة لورين أن ديم هو مدير عملها : كان هذا تصرف طفولي للغاية فقط لتثير إستفزازي .

" سعدت بشدة لإثارة إستفزازك والأن إلي عملك " قال بهدوء ثم بشراسة بسبب توغلها في الأمر أمام والدته فهتفت متناسية وجود والدته وهي تقف بحدة : أظن أن هناك من يثار استفزازه أكثر مني وهو يترك حبيبته الخائنة تتجول أمام أعينه في شركته .

أغمضت لورين عينيها وهي تفكر أنها كانت وقحة جداً معه بل وقحة للغاية وأمام والدته أيضاً ،، ولكن كونه سينفذ تصاميمها الأولي هذا إستفزها بشدة فلم تعد تتحكم في كلماتها .. إن كان مديرها شخص أخر غيره فهي واثقة أنها لم تكن لتتجرأ بحرف واحدة أمامه خارج نطاق العمل ولكن ثقتها تلك بمحادثته كيفما تريد أوضحت لها أنه علي حق حينما تسائل سهوة وهما في المصعد ولم تجيبه : أري أن علاقة المدير وموظفته لا تتسعنا في دائرة واحدة أو بالأصح ليست هذه العلاقة الصحيحة الذي يجب أن تشملنا معاً.


■■


هي نظرة تهزني.
هي عيناكِ الحزينة تنتشلني.
ولكنه ليس بيدي.
تمتلكني أخري.
ولغيرها لا آبي.

" تعال يا حبيبي "
بدفئ استقبلت اسيل ديم وهو يقتحم خلوتها في حديقة المنزل فقبل وجنتها وهو يجلس بجوارها مازحاً : كيف تركك فهد بيه تجلسين بشعرك هذا في الحديقة هكذا .

شعرها ثائر حولها بجنون لم يجعلها فهد تقصه ولو مرة حتي تعدي ظهرها بمراحل فهتفت بتوجس مضحك : لا تخبره أرجوك وإلا سيقتلنا والدك .

ضحك مقبلاً وجنتيها بقوة هاتفاً بشراسته :  آآآآه أعشقك يا سيلا ألا يمكن أن يطلقك أبي وأتزوجك أنا .

انتشرت ضحكتها في الوجود وهتفت من وسطها : وهل يقبل والدك بفعلها لن يأتي له قلب بعد هذا العمر .

مازحها بهدوء : أنا أيضاً ولده الوحيد بالتأكيد لن يأتي له قلب ليرفض طلبي.

ثم غمزها قائلاً : إتركي الأمر لي سأحله أنا .

ساد صمت قليل فقطعته اسيل بهدوء : أتريد أن تحكي لي شيئاً .

" لورين هذه الفتاه .. " هكذا بدأ حديثه ليقص علي والدته كل شئ عن مقابلتهم في تلك الليلة وإختتم حديثه قائلاً : وها هي تعمل بالشركة عندنا .

استمعت لحديثه بتفاجأ حتي انتهي من سرده لتتحدث : ليسمع والدك ما حصل وسيعطي تلك الفتاة مكافئة ضخمة .

هتف بلا مشاعر : وأنتِ يا سيلا .

همهمت قليلاً ثم تحدثت مفكرة بمزاح : قد أزوجها لك .

ضحك بقوة ثم تمدد لينام علي قدميها وأخذ يدها ليضعها في شعره فأخذت تمرر يدها بهدوء في ثنايا شعره ليغمض عينيه في استرخاء ليعم الصمت قليلاً حتي هتفت اسيل : ديم هل نمت  .

نفي ديم لتتسائل بهدوء : جريئة تلك الفتاة صحيح  .

رغم أنه كان يراها وهو مغمض العينين في تفكيره لم يجاري والدته وهو يسأل : من .

" موظفتك في العمل يا ديم " وضحت له بنبرة فاضحة له فهتف بضحك : لا يا سيلا هي تبدو جريئة فقط .

" حقاً " بصوت عالٍ هتفت مستنكرة لما يقوله وكأنها تقول له ما أدراك أنت ليجيبها بهدوء :  لقد كانت مذعورة ذلك اليوم وأنا لست في وعيي .

ثم جلس ليضع يديه في شعره هامساً بشرود : لقد تذكرته جيداً يا أمي.

ربتت علي ظهره متحدثة : أي أنك مخطئ تماماً في حقها صحيح.

نظر لوالدته يحثها علي متابعة كلامها فأكملت : نظرت له أنت حتي الأن تتجاهل ما فعلته بها ،، أظن أنها تنتظر إعتذار منك لتتوقف عن مهاجمتها لك وأنتَ فقط تختبئ وراء العمل محاولاً أن تتظاهر أمامها بنسيانك لهذا اليوم .

" تقصدين أنه يجب وضع حد لما حدث ومايحدث " .
هكذا تسائل ديم لتجيبه : أقصد أن تجلس معها لتوضح لها سوء الموقف ثم يتجه كل منكم لعمله بهدوء .

أومأ بتفاهم ثم حدثها مسايراً بمكر : أو نتجه لمكان أخر.

وكزته في كتفه مؤنبة : توقف يا عديم الحياء .

ضحك ليدافع عن نفسه مشاكساً : بماذا تفكرين يا سيلا كنت أقصد أن نتجه لمطعم قبل العمل.


■■■





" إذاً اسمك سبأ " قالها سفيان بهدوء وهو يتناول قهوته بعد أن جلس مع سبأ في شرفة المنزل ،، لقد اكتشفت سبأ أن ابن عمها نفس الشخص - سفيان - الذي لاقته في الساحل .

أومأت له بهدوء وهي تتسائل : كيف هي ألمانيا.

" جيدة " كانت كلمة واحدة وهو يقف متجهاً للسور ليستند عليه مستمتعاً بما يراه أمامه ولكن سبأ كانت فضولية حول ابن العم هذا التي تراه لثاني مرة في كل عمرها فهتفت : أين تقطن تحديداً في ألمانيا .

يبدو أنه لم يسمعها فتحدث : عفواً ماذا قلتي.

أعادت سؤالها بضيق قليلاً ليجاوبها وهو مديراً لها ظهره : العاصمة برلين .

" لتعرف رسيل هذا وسيطير عقلها " .
ه

مست لنفسها فسمع همسها ولكن لم يفهم شئ فنظر لها متمهلاً .. كانت لا تنظر له فأعاد نظره للحديقة أمامه ،، في الحقيقة كان يجاهد نفسه محاولاً عدم التفرس بها .. بجمالها .. بعينيها الخضراء .. بشعرها الأحمر بكل شئ بنحت وجهها كالملائكة .. كان ليستعجب من أين هذا الجمال ولكن لما يستعجب وهي نسخة من زوجة عمه الذي رآها قبل قليل .. زوجة عمه التي دخلن قلبه من حنانها .. دفئها الذي يتدفق من عينيها الحنونتين .

مسح علي وجهه برفق وهو يفتح عينيه محاولاً تفادي هذا التفكير حتي آتاه اتصال هاتفي كان ليكون أسعدهم في وقت أخر به ولكنه لم يشعر بأي رغبة في الرد بل للعكس تضايق قليلاً ولكنه مجبر علي الرد لذا هتف لسبأ وهو يخرج بعد أن تسائلت " إلي أين " : اعذريني لدي مكالمة مهمة .

خرج ليجيب علي هاتفه فإشتعلت هي غيظاً وهي تهتف : ما هذا الرجل البارد .. أكاد أسحب الكلام من فمه سحباً .

■■

أخيراً تنهدت لورين وهي تري منزل جدها وتترجل من السيارة ،، تريد أن تريح جسدها المتعب .. تريد فقط وضع رأسها علي وسادة ناعمة لتسترخي ،، وجدت جدها يجلس في إنتظارهم مع والدتها وأخري لم تتعرف عليها حتي عرفت أنها زوجة عمها المرحوم .. سلمت عليهم ثم استأذنتهم بالصعود ونظرت لوالدها مستأذنة ليشير لها بأن تصعد لترتاح ولكن بالتأكيد سيتحدث معها فيما بعد .

كانت في طريقها للغرفة المعتادة علي النوم بها حتي استرعاها شخص يقف بالشرفة المقابلة للغرفة يتحدث في الهاتف ،، وقفت تنظر له بترقب ويديها علي مقبض الباب حتي انتهي من مكالمته وخرج من الشرفة .

" هل أنت سفيان ابن عمنا " هكذا تسائلت بعدما وقف علي بعد منها قليلاً وهي تقارن بينه وبين ديم .. جسده رياضي أيضاً كديم ولكنه أضخم من ديم بهيئة عملية بحتة كوالدها ولكن ديم يمتلك قوام مشدود بعضلات رائعة كم يكون جذاب بجاكيته الأسود الجلدي .. كانت تفكر في ديم وتفكر حتي أومأ سفيان متحدثاً بترحيب :  نعم يا ابنة عمي أهلاً بكِ.

توسعت عيناها وهي تشعر بما كانت تفعله مجدداً تفكر في ديم بل تفضله علي ابن عمها في مقارنة هيئية،، أغلقت عينيها وفتحتهم و ابتسمت بإرهاق : أنا لورين أهلاً بكَ أيضاً.

" هل أنتِ بخير " تسائل ملاحظاً تعبها لتجيبه :  إرهاق من العمل تصبح علي خير .

تركته ودخلت بعد أن رد عليها .. خلعت جاكيتها وكعبها واندست في الفراش بدون تغيرة ملابسها بتعب ،، لم تفكر في ديم كثيراً وهي تذهب في عالم من أحلامها الروائية كان لديم نصيب منهم وعلي جانب سفيان فقط نزل إليهم ليتعرف علي عمه في حين يهتف بدهشة :
لدي عمي عائلة فسفورية ما هذا .

■■

لم تنم لورين أكثر من خمس ساعات حتي استيقظت متعبة بجسد هلكان ،، استقامت وهي تتأوه : ياربي آآآه.

نظرت للساعة والتي كانت الرابعة فجراً .. نظرت حولها أيضاً .. چيلان وسبأ معها في نفس الغرفة ينامان بجوار بعضهما .. نظرت لهم قليلاً متأملة .. سبأ تحتضن وسادة وتقربها لها بشدة بطفولة وتضم رجليها لأعلي بينما چيلان تنام بأريحة عليها غطاء خفيف فرفعت لورين حاجبيها هامسة : يا إلهي يا چيلان من أين تأتيك تلك البرودة أنا لا أطيق نفسي من الحر.

تفحصت الغرفة حتي وجدت حقيبتها فأخذت منها ملابس ومنشفة وبعض أدواتها ودخلت لترتبهم بالحمام ثم خرجت مجدداً تعلم أنها لن تنام مجدداً لذا أخذت دفتر رسموتها وبعض الأقلام التي ستحتاجها ورواية حتي تقرأها ثم خرجت لتضعهم في الشرفة المقابلة للغرفة واتجهت لمطبخ صغير في نفس الطابق وصنعت كوب نسكافيه لها لكي يريح أعصابها ثم غطته بغطاء ووضعته بالشرفة واتجهت للغرفة مرة أخري كي تستحم وتخلع ثياب العمل من عليها .

انتعشت فعلاً بالمياه الباردة في هذا الوقت وارتدت فستان ربيعي فاتح ثم ازدال الصلاة أدت الصلاة التي فاتتها من يوم أمس وصلاة الفجر ثم خرجت مستعدة لجلستها الرائعة ولكنها وجدت ابن عمها يقتحمها بل يترأسها وكأنها له ،، في يديه دفترها يقلب فيه بهدوء .

تطلعت لكتفيها العاريتين لوهلة وفكرت هل تغطيهم أم لا إنه ليس بغريب ولكنها فكرت ماذا سيكون رد فعل والدها وتأكدت أنه سيغضب إذاً فلا يصح فعادت للغرفة مرتدية شالاً غطي أكتافها وخرجت مرة أخري ولكنها لاحظت مكان سبأ الفارغ قبل خروجها ،، تنحنحت وهي تجلس بجواره بعد أن ألقت السلام عليه فحدثها مبتسماً : صباح الخير.

" صباح النور " أجابته ليتسائل : منذ خمس ساعات فقط قلتِ تصبح علي خير هل نمتي جيداً .

بهدوء أجابت : نعم جيداً أنا لا أنام كثيراً .

أومأ متابعاً وهو يتسائل بينما دفترها ما زال بيديه : هل هي هواية أم أنه مجال عملك .

" الإثنان، كانت هواية والأن أصبحت مجال عملي " هكذا أجابته ليتمتم بتفاخر : إنه شئ رائع تحويل الموهبة لعمل ينتفع به.

تفتحت أوداجها لفرحه : ما زلت حديثة العمل أعمل بشركات نجم الدين لو تعرفها .

بثناء أجابها وتسائل مازحاً : شركات نجم الدين رائع جداً بالتأكيد أعرفها فهي ذات سيط عالٍ في ألمانيا ولكن كيف عملتِ بها هل معكِ وسطة .

غمز لها لم يكن يقصد غير المزاح وفي عقله أن دياب عمهِ أكبر وسطة لديها ولكنها فاجئته نافية بحدة : لا بكل تأكيد لا ،، أنا وصلت لهناك بمهوبتي ومجهودي فقط.

نظر لها بتمهل : إهدئي لا تفهميني علي نحو خاطئ لم أقـصـ .. .

قاطعته بهدوء موضحة له : أفهم قصدك جيداً ولكن أنا لم استخدم نفوذ أبي في أي شئ أصلاً لو هكذا لكنت عملت في شركة أبي أفضل لي.

" حسناً يا موهوبة أسف جداً لإزعاجك في هذا الصباح " .
مازحها لتضحك وهي تسأله : هل تشرب النسكافيه .

أيدها لتقف متحدثة : سأفعل لك كوب إذاً و لنتابع حديثنا بعد ذلك... سبأ !!.

نادت لورين سبأ حين رأتها تدخل لغرفتهم مجدداً .. تحمل بيديها كوب به مشروب ساخن فإلتفتت سبأ قائلة : صباح الخير.

منذ أن نادتها لورين وعضلات صدره تشنجت وعضلة فكه اهتزت بشكل ملحوظ فظل مواليها ظهره للحظات وهو يستمع لورين تتحدث : ولكِ أيضاً ،، تعالي اجلسي معنا .

وهنا إلتف لها وهو يسمعها تجيب بينما يراها واقفة ترتدي إزدال صلاة فضفاض عليها وتضع طرحته علي شعرها كما اتفق معها وخصلاتها الحمراء متمردة من أسفله وعلي كتفيها كانت كالنور المشع في الممر المظلم والذي يضيئه بعض من نور الشرفة بينما تختفي من أمامه بعد تحدثها : لا أريد أن أقاطع حديثكم خذو راحتكم .

بعد ثوانٍ قليلة كان وقع سقوط كوبين من يدي صاحبتيهم سبأ ولورين وتحطمهم بفزع هو صرخة جائت من غرفة الجد كانت من بين شفتي حورية .. لم تكن تصرخ بمعني الكلمة ولكنها كانت مفاجأة عالية وهي تري دياب يجلس بجوار جسد والده بأسي يتمسك بيديه يقبلهم بعمق جاثياً علي ركبتيه بجواره متمنياً فقدان ذاكرته ليتناسي مشهد خروج روح والده من ذاكرته والذي سيأثر عليه كثيراً فيما بعد فقد ذهب الجبل الذي كان يستند عليه .. لقد جاء الحكم وتم تنفيذه وصعدت روح الجد للسماء .

يتبع ...