-->

الفصل الثامن والعشرون - بنات حورية




الفصل الثامن والعشرون .

هل يوجد صباح أجمل من ذلك .. ذلك الصباح المعبق بنعومتها .. بهيئتها المغرية ورائحتها المسكرة ،، لن يشبع منها أبداً ولن يمل ولم يمل حتي وهو يعتدل بعد أن تخدل ذراعه الذى استند عليه ليراقبها بعد أن استيقظ منذ دقائق .
رفع كفه يداعب وجهها بلا حذر يريدها أن تستيقظ .. يريد التوغل داخل خضار عينيها اللامع .. يريد التمتع وكله حماس كيف ستواجهه بعد ما حدث.. بعدما أصبحو كياناً واحداً .. واستيقظت .. برفق في البداية وهي تهمهم بنعاس وتعب متذمرة أنه يوقظها قبل أن تنتفض ملامحها بإدراك فتمسكت بالغطاء الذى يستر جسدها عن عينيه وراحت تنظر لكل مكان حولها إلا لعينيه فداعب أنفها قائلاً : صباح الخير يا عروسي .
تنفست بعمق تجيبه بتلعثم خجل : صباح الخير .
ظل يداعبها بكفه وهو يطلب : انظرى لي .
لم تستجيب وهي تتسائل وقد أصبح وجهها محمراً للغاية : ألن تذهب لعملك .
نفي وهو يدنو منها : لا اليوم بأكمله لكِ .
قبل شفتيها برقة لترفرف أهدابها كفراشة بخجل ليهمس متسائلاً بعد أن تذكر بعذاب : لما فكرتى أنه من الممكن أن أضربك .
همست له بأسف ومازالت تشعر بالخجل الرهيب منه ولم تنظر لعينيه حتى الأن .. هل تخبره أنها كانت تراه كالغول الأخضر شريك : لأنكَ كنت غاضب جداً .
أقبل علي وجهها يداعبها ويقبلها برفق مجدداً في أشد سعادته وهى لينة هكذا بين يديه لا تقاوم وهمس بإعتذار : أسف يا حلوتى .
أجابته برفق : وأنا أيضاً .
تسائل بهمس وهو يدفن وجهه بعنقها ليقشعر بدنها منه : ماذا .
بخجل أجابته وتوسلت : أسفة أيضاً لأنني أغضبتك .. هل يمكنني النهوض أرجوك .
شعر بها ستبكي خجلاً وخوفاً مرة أخرى فأخبرها بضحك : بالتأكيد يا سكرتي لن أحتجزك بالفراش لا تقلقي رغم أنني أرغب في ذلك بشدة .. والأن انظرى لي حتي أدعكِ تنهضين .
نظرت له وهي تعض علي شفتيها وما إن تلاقت أعينهما حني أغلقت عينيها ووضعت رأسها بالوسادة خجلاً منه فضحك عالياً وأزاح شعرها عن وجهها ليقبل وجنتها بشغف قائلاً وهو يضمها له قبل أن ينهض : يا إلهي كم أحبك يا صغيرة .
ثم نهض من جوارها متجهاً للحمام حتي يخرج ويترك لها مساحتها لتهيئ ذاتها وتكف عن هذا الخجل ولكن هل ستكف تلك الصغيرة عن الخجل .
_________________________________
لقد فكرت كثيراً قبل أن تقدم علي ما ستفعله الأن .. أخذت رأى حورية وأيدتها بفخر فهذه هي سبأ صغيرتها وهذا هو قلبها الواسع .
تنفست وهي تقف بالسيارة أخيراً أمام منزله بالساحل حيث والدته .. تعلم أنها خجلة مما فعله ابنها لذلك تقيم هنا وحدها لتبتعد عنها أو بالأصح لتريحها هي من رؤيتها ،، ولكنها لا ترضي .. تشعر بتأنيب ضميرها بسبب ابتعادها عن ابنها التي حييت معه وجواره طوال حياته وبسببها هي الأن هو بعيد عنها .
دقت الباب وهي تهز قدميها بارتعاش .. الطقس هنا ما زال يحمل نسمات الشتاء الراحلة .. فتحت شابة ما الباب فطنت أنها من خدمة المجمع هنا وهي ترشدها للداخل وثوانٍ وكانت بمقابلة زوجة عمها التي طالعتها بخجل وحيرة قائلة بتردد : أهلاً يا سبأ يا ابنتي .
دخلت سبأ بالموضوع مباشرةً قائلة بصدق : أسفة .
توسعت عيني حنان قائلة : حبيبتي أنا الأسفة أقسم ..
أوقفتها سبأ بسرعة وملامحها تنم عن ألمها الذى بات مسكنها وحدها فقط : أرجوكِ لم أتي لأتحدث بأي شئ .. فقط جئت أخبرك أنني أسفة لما قلته ذلكَ اليوم أنتِ أم بالنهاية وأناولا أحتمل أن تكوني بعيدة عن سف .. ابنك بسبي .. أقصد ..
تنهدت وهي تكمل : لن يضايقني أن تنتقلي لشقتك مع سفيان مرة أخرى وأرجو منكِ شئ ..
قالت حنان بدفئ : أى شئ يا حبيبتي .
تلفظت بالكلمات بصعوبة قبل أن تدير ظهرها لها وتذهب : اجعليه يطلقني .
وقفت متسمرة مكانها وصوت والدته يتردد عالياً بإقرار حاني : أنتِ لا تريدين هذا الطلاق .
اقتربت منها لتقف أمامها قائلة : لقد أخبرتني أنكِ تحبيه هل نسيتي .
قطبت جبينها لتذكرها ببسمه : قد لا تتذكرين ولكنكِ حتي بأصعب أوقاتك اعترفتي أنكِ تحبينه .. تعالي اجلسي .
جلست معها صامتة مستمعة : أعلم أن سفيان أخطئ وصدقيني لقد حذرته من البداية .. ولكن صدقاً لم أحذره ليتركك بل ليتركها هي فمن أين سيجد مثلك يا ابنتي . 
أتعلمين لماذا لأنه منذ ذلك اليوم الذى دخل يحملكِ بين ذراعيه من هذا الباب هناك وحتي فترة قريبة رأيت تغير نظراته .. تغير استطعت تفسيره جيداً ولكن هو تأخر حتي استسلم له .. لن أقول تأخر حتي شعر به فهو كان يشعر بالفعل .. حبك كان يزداد داخله ولكن تلك الأجنبية كانت تقف حائلاً بين استسلامه لقلبه الذى أحبك وضميره ..وكأنه واقفاً علي مفترق طريقين وخلفه جمع غفير لن يحتملهم طريق واحد وبنفس الوقت إن خطي واحداً سينهار الأخر وبكلتا الحالتين هو في الهاوية ساقطاً ،، لذلك كان يحاول السيطرة علي الأمر بإبقائك جواره و بتنويم الأخرى ببضع كلمات مهدئة .
اهتزت سبأ وسالت دمعة مسحتها سريعاً متسائلة : تقولين تغير نظراته كان حتي فترة قريبة .. لماذا !! .
قالت حنان بألم : إنه في الهاوية الأن يا ابنتي .
اهتزت عيني سبأ بصمت لتكمل الأخرى : فقط مُدى يدكِ له ودعيه هو يكمل الطريق .. لا تغلقيها بوجهه ..فمنذ زمن لم أرى سفيان الحقيقي أبداً .. منذ رحيلنا عن تلكَ البلدة وكأن جمود القارات الباردة أصابه ... أقسم لكِ أنه يعشقك .
وقفت سبأ مرددة بانهيار عواطفها : أنا .. أنا يجب أن أذهب .. هل ستأتي معي أم تخبرينه ليقلِك .
قالت حنان بحزن : إنتظريني لكي تكون مفاجأة له سيفرح بكل تأكيد .
قالت سبأ بسرعة وكأنها تنفي تلكَ التهمة عنها : أنا لم أتي لهنا من أجل ومن أجل اسعاده .
ربتت حنان علي كفيها قائلة : أفهمك يا ابنتي .. خمس دقائق فقط وسأكون جاهزة .
________________________________
هذا القصر بأكمله .. بفرشه .. بجدرانه .. بعراقته وقيمته .. بكل من يسكنه وبدونه !! وكأنه قيد  يقبض أنفساها ... تلك الكآبة والشعور بالخوف وعدم الآمان احتلا كيانها .. كيانها الوردى رغم قوته وتعصبه ورأسه اليابسة ولكن يظل هو محور هذا الكيان .
البرودة التي احتلت تعامله معها منذ هذا اليوم تكاد تفقدها صوابها قلقاً بل فزعاً .. لا تعلم ما الذى أزعجه من تساؤلها عن الحمل هكذا .. لماذا من يومها يجافيها معاملةً هكذا .. لا تخرج كلمة من فاهه صوبها فقط يجيبها بجمود إن لزم الأمر .. باتت تشعر بإنهيار يهددها هي قبل أى شئ لن تحتمل فقدانه هو الأخر .. لقد سألته خائفة آلا يتركها ولا تعلم كيف يسير الأمر برأسه ولماذا هو متباعد هكذا والأدهي أنه أصبح متعمداً أن يثير غيظها وغيرتها بكل برود وكأنه لا يفعل شئ .. بالشركة مع الموظفات وفي المنزل مع أخت سليم خطيب حنين والتي باتت تأتي شبه يومياً لتساعد حنين في تحضير الخطبة والتي ستكون اليوم .
وقفت أمام المرآه تعطر جسدها بشرود وتصفف شعرها ،، إنه بالأسفل يتابع الأمور بنفسه منذ ساعات وهي لتوها تركت حنين لتستعد هي الأخرى .. شعرت بحاجة لشرب مشروب دافئ يهدئ أعصابها المتعبة فخرجت من الغرفة متجهه لأسفل ورأته قبل نزولها يقف معها .. مع تلكَ المراهقة التى تغيظها ويغيظها هو بها .. باتت متأكدة أنه يفعل ذلك عمداً .. يضحك معها ويثايرها في حديثها التافه خاصةً وقد رآها لتوه .. نظرة عابرة لم تحرك منه شئ بل وقف بشموخ فارداً أضلاعه وهو يمد يديه ليقبض علي أنف الفتاة بمزاح ويضحك .. ولعله يضحك معها هكذا .
أوقفت نبضها المتسارع بسبهِ .. هي ليست ضعيفة وستريه .. أكملت نزولها إلي المطبخ .. جلست هناك بغيظ تشرب مشروبها وتحرك قدميها بغضب ورأسها يعصف بفكرة ستجعله يتوقف عن تجاهله ولكن ربما تفتح أبواب جحيمه معها ،، تراجعت عنها بنفي وخرجت من المطبخ وبطريقها رأته مجدداً جالساً تلك المرة بأريحيه وهي بجواره .. وبعض الحياء منها الذى لم يجعلها تلتصق به .. توسعت عينيها ما زال يضحك ويمزح وهي تشعر بالخوف والغضب الشديد بتلكَ اللحظة .. هذا الغضب الذى سيجعلها تنفذ ما فكرت بهِ لتوها . 
وقفت أمام ثيابها .. فساتينها التي تثير جنونه إن صح الأمر واختارت أشدهم تعقيداً .. أشدهم قد يجعله متهوراً ومنفلتاً ولكن غيرتها بتلكَ الوقت وغضبها الشديد منه ومما يفعله كانوا يلوحون أمامها فقط وليس أى شئ أخر .. فقط ستغضبه كما يفعل منذ أسبوع .
ارتدت هذا الفستان بعد حضور الجميع وبعد أن نادتها إحدى الخادمات للنزول فالجميع أصبح بالأسفل وستبدأ حفل الخطبة ،، لم يكلف نفسه حتي أن يصعد ليأخذها وهذا سيوفر عليها إغاظته أكثر .. لم يصل الأمر لعقلها بعد كيف قد يكون ما ستفعله مدمراً .!
نزلت بقلب يعصف بين مشاعر جمة وكثيرة كلها بسببه .. وبقدر ماكانت بسببه بقدر ما يؤلمها الأمر .
رآها كما الجميع وباتت العيون عليها بعد أن افتتح الحفل وجلست حنين جوار سليم علي المسرح المخصص لهم ..تهادت بفستانها النبيذى والذى كشف عن ذراعيها وعنقها بسخاء وتلكَ الفتحة بالقدم اليمني التي أظهرت ما يخصه هو فقط والتي تظهر قدمها اليمني وهي تتحرك هكذا بهدوء تجاه الحفل .. شعرها المذهب التي أطلقت عنانه يتطاير خلفها ولمعان عينيها الكاذب يضاهي جمال الفستان .. كانت ككتلة ذهب تلمع لو كانوا وحدهم لأسمعها قصائداً عملية ولكن الأن .. تلكَ النيران التي تتجمع داخله ستتفلت وستحرقها .
لم تعيره انتباه وهي تتجه لمكان جلوس فهد وأسيل ومعهم كان جدها أمجد العزيز والذى أصبح صديقاً لها .. لقد أتي منذ قليل علي الحفل مباشرةً والأن سترحب به . 
ألقت عليهم التحية وجلست جواره تحتضنه بحبور قائلة : جدى سُررت لرؤيتك ،، لم أظن أنكَ ستأتي .
نظر تجاه ديم الذى لا يحيد نظرهِ الشرس عنها والذى كان محاطاً رغم عنه ببعض رجال الأعمال ثم أخبرها : وأنا أيضاً يا صغيرتي سررت لرؤيتك ،، ديم يعلم بقدومي لقد أخبرته. 
ابتسمت بحزن قائلة وهي ترجع خصلاتها بترقب  : لم يخبرني .. لقد نسيَّ ربما .
ابتدأت رقصة حنين وسليم على أنغام هادئة .. ولاحظ أمجد تملص ديم من الرجال حوله واتجاهه صوبهم .. ليقف قائلا : هل تسمحين بتلك الرقصة يا صغيرة .
ثم غمز لها لتضحك وتقف معه .. رقصت معه ورأت توقف ديم العاجز بعيداً عنهم ،، وانتفضت من النظرة التي لاقتها منه .. وكأن عينيها مع عينيه في خط مستقيم وسهامه الحارقة رشقت بها ولم تنتبه لأمجد إلا وهو يسألها : طالما تخافين هكذا ما هذا الذى تفعليه .
نظرت له متسائلة وهي تعض شفتيها : ماذا فعلت .
تنهد وهو يديرها من يديها ليضحكها مخففاً عنها التوتر لتبتسم له بصدق فيعود متسائلاً : 
ماذا يحدث بينكم أخبريني .
أخبرته بما تشعر به وبحالة القلق الذى يضعها بها : أنا لا أعلم ماذا يحدث .
ضيق جبينه غير متفهماً لتكمل : إنه .. إنه فقط صعب ...
كانت ستبكي فبرفق سريعاً حدثها : لا تبكي يا صغيرتي ،، هل تحتاجين أن نجلس بمكان هادئ وتخبريني ماذا يحدث وربما نحصل لكِ علي شالاً لأن زوجك قد يفتعل جريمة الأن .
ارتعشت بخفة مغمضة عينيها للحظات قبل أن تفتحها بإصرار : لا لا أشعر بالبرد ولا يهمني ما يشعر به حالياً .
ثم غص صوتها بالنهاية : هو لا يشعر بي علي أية حال .
نظر لديم الذى وقف قائلاً : أنا لا أظن ذلك يا ابنتي .. لا أعلم ما أوصلكِ لتلكَ الحالة ولكن لقد صُدمت منه بقدر حزنك هذا حقاً .
وعلي طاولة فهد .. نظرت أسيل لفهد هامسة وهي ترى ديم يقف من مقعده : فهد افعل شئ سيتهور حقاً .
وقف فهد سابقاً إياه متجهاً للورين ،، التقطها من يدين أمجد وأخذ يراقصها مؤنباً وقد وقف ديم عاجزاً عن التقدم مرة أخرى ،، خاصةً مع جلوس أمجد جواره قائلاً : ماذا يا ولد هل أخترت جوهرة لتخبي لمعانها .
نظر له ديم والحدة في جسده وشرارت عينيه لم تنطفئ بل تتزايد ليقل أمجد مجدداً : إن كنت تنوى هذا فمن الأفضل أن تتركها قبل أن تنطفئ بالكامل .
وقف بغضب والكلمة تعمي حواسه أكثر .. يترك من !! .. تلكَ المتبجحة أمام أعين الجميع بما يخصه وحده .. لم يعد يرى أمامه وهو يلتقط شال والدته المركون جانباً وعيناه لا تحيد عنها وكأنه في طريقه ليخنقها به : أمي لا تحتاجين لهذا صحيح .
قالت أسيل بقلق : لا .. ديم لا تت..
لم يقف ليسمعها بل خطفت يداه الشال سريعا متجهاً لها .. وقف خلفها لتشعر بسخونة جسده قبل أن تقبض ذراعه علي جسدها بعنف قائلاً لأبيه الذى تركتها يداه بالفعل : أبي هل تسمح .
لفها بقسوة له كاد يكسر ذراعها بها لتتمسك به مترنخة ،، وضع الشال حول كتفيها والذى لم يخفي الكثير ثم حاوطها بعنف .. لم يكن يرقص ولم يكن يتحرك ،، رفع ذقنها له ناظراً لها بزمجرة لم تخرج بما تحمله كله .. نظر فقط ولم يتحدث .. وليته تحدث لما بث كل هذا الرعب بها وخاصةً قد طال صمته وعيناه السوداء ترعبانها حتي باتت تشعر أن قدميها هلاماً لا تحملها وأخيراً تحدث بنبرة لم تسمعها منه من قبل وكأن شياطينه هي التي تتحدث وقد بدى مسيطراً علي نفسه وغضبه بصعوبة شديدة : انظرى لورين ..
تريث وهو يكمل ويده تضغط فكها كما لو رغب في تهشيمه لها : ستذهبين للطاولة وتجلسين ولا أريد رؤيتك واقفة طوال الحفل .. وهذا الشال إن نُزع بأى وقت عن جسدك يا فاسقة سأريكي وجهاً لن تريه بحياتك.. وقدمك تلك إن خرجت من الفستان ستكون ليلتك سوداء .
ربت على وجنتيها بإصبعيه قائلاً : كلامي مفهوم .
زفرت أنفاسها المحبوسة بعد أن أنهي كلامه وصمت .. لم تستوعب ما يقوله ولم تستوعب كيف سبها هكذا لتدفعه ناظرة له بصدمة وتحركت يداها تلقائياً تفعل ما جال بعقلها وهو أن تنزع الشال عنها فهي ستكمل ما بدأته ولكن نبرته جاءت مزلزلة كيانها : حذارى لورين ..
ضمت الشال ومازالت مصدومة منه ثم تركته متجهة للطاولة .. وجلست مراقبة له وقد ابتعد عن الطاولة نهائياً طوال الحفل .. راقبت الجميع .. راما أختها الذى أتت مع راكان والتى تتحدث الأن مع والدة حنين ( يارا مصممة الأزياء المشهورة ) .. حتي عادت له بعيناها وقد ذهب ليراقص أخته فراقص تلكَ الصغيرة الفاسقة معها .. نزلت دمعة من عينيها وهي تراه فشعرت بهذا الشال الصغير يخنقها فألقته جوارها بغضب ومسددت عنقها قبل أن تقف متوجهة لهم بإصرار .. لن تكون طيعة فتصمت علي ما يفعله بقلبها هكذا .. وعاندته .. ولم تعير نظراته بقية الحفل أدني اهتمام وهي ترقص مع أخته ووالدته وتتحرك هنا وهناك حتي شعرت بمن ينتشلها من بين الحشد الراقص بقسوة .. مخالب حفرت بذراعها وسحبتها بعيداً .. بصعوبة سايرت خطواته وهي تحاول أن تفلتها منه بضيق مما يفعله حتي وجدت نفسها تزج بغرفتهم وحال بين سقوطها جذبه لفكها فاعتدلت حتي لفحت نيران أنفاسه وجهها .. رأت تشنج فكه ومحاولته للكلام ولكن كان وكأنه يسيطر علي جميع خلاياه الثائرة الغاضبة بصبر فظيع حتي لا يؤذيها .. عيناه بركان وجسده ينتفض من غضبه حتي أنها كانت تهتز بين يديه ... حتي تركها وغادر .. ولم يعد للحفل بل إلي مكتبه فارغاً غضبه بكل شئ حوله حتي أصبح المكتب أشلاء وبقي هناك لوقت طويل يحاول أن يجعل ملامحه تخف تشنجاً ولو بمقدار ذرة ولكن لم يحدث ... وتلك ملامحه فما البال بداخله .
_______________________________
لا تصدق أن تلك الليلة انتهت وذهبت واستيقظت بعدها بالفعل .. قبل أى شئ فكرت به كانت تشهق ببكاء كالطفلة ولكن سرعان ما كتمت صوتها حتي لا يسمعها ولكن بعد أن مشطت الغرفة الشبه مظلمة بعينيها وجدتها فارغة فنظرت للسقف بفراغ متنفسة بعمق وكأنها كانت تغرق ولم تكن نائمة .. عظامها تأن ولا تشعر بأعصاب أطرافها كذلك وكأن وجهها أمام نار ملتهبة يحرقها بشدة من قوة يده . 
شهقت ببكاء مجدداً لا تصدق ما فعله .. ماذا تفعل الأن هل تتركه وتذهب .. هل ستكون سعيدة لو رأتها حورية بهذا الحال .. لن تستطيع أن تقهر والدتها عليها أبداً ولكن كيف ستنظر له .. كيف ستواجهه وكيف سيفعل هو .. هل تستطيع أساساً أن تتركه وتذهب وقد أرقت تلك الفكرة خيالها لعدة أيام .. لقد أخطأت واستحقت هذا العقاب .. هل كانت تظن أن بإثارة غيرته سيتوقف عن تجاهلها .. سيحتضنها ويخبرها أنه مخطأ ونادم علي ابتعاده وأفكاره الغبية .
ظلت علي حالها هذا لساعتين تقريباً ولم تجف عينيها بعد .. تهدأ للحظات ثم تفكر مجدداً لتعود وتبكي مجدداً .. ألم يهدأ قليلا أمس وكأنه متعب ويحمل جبالاً من الهموم لماذا إذاً تركها وحيدة هكذا بعد تلكَ الليلة .. تشعر وكأنها عادت طفلة تحتاج لمن يهدهدها و يطمئنها .. ورغم أنها تثق به حتي بعدما فعله إلا أنها لا تشعر بالأمان في تلكَ اللحظة وباتت خائفة من أى قرار قد يتخذه بحق علاقتهم فيدمرها .. لن تحتمل فراقه .. لقد بات منذ وقت طويل ككل شرايينها التي تضخ الدماء لكافة أعضائها .. ورغم أنها تشعر بالذنب مما فعلته ورغم عقابه الذى سيحفر بذاكرتها بالفعل كما أخبرها إلا أنها تشعر بكثير من الغضب مما يحدث معها .
أبعدت الغطاء عن جسدها وبصعوبة تحركت لتنزل قدميها أرضاً وكم ألمها الجلوس و كم داهمها ألماً أكثر حدة حين وقفت لتقع أرضاً صارخة بإنكتام وتفاجئ قبل أن تبكى برغبة لرؤية والدتها في التو واللحظة ولكن للأسف لن تراها قبل اسبوع علي الأقل هذا ما عرفته وهي تقف الأن أمام المرآة بالحمام بعد أن تحاملت علي جسدها لتصل للمياه الساخنة لعلها تريحها وقد رأت ما فعله بجسدها .. كل إنش بهِ ختم بتملكه لها بالفعل .. هل منذ قليل فكرت أنه قد يأخذ قراراً ينهي به علاقتهم والأن علمت أنه لن يفعل بعد أن لقنها الدرس جيداً هي له ولا يُسمح لأى شخص بالنظر لها سواه ... لقد وضح هذا قولاً وفعلاً وباتت مضطرة الأن لارتداء ما يخفي الكثير من العلامات حتي تذهب .. علامات ملكيته لها .. هذا غير وجهها المتورم .. لم يرأف بها حقاً .. بكت وهي تتلمس جرح شفتيها وأسفل كلتا عينيها المتورمتين .. لقد حذروها من غضبه .. هو نفسه حذرها ولكنها ضربت بكل هذا عرض الحائط وعملت فقط علي إغاظته التى أودت بها لكل هذا الألم بالنهاية .. فقط أين هو الأن .
خرجت من الحمام بعد ان ارتدت قميص قطني بأكمام طويل احتضن جسدها بضيق فاختفت كل العلامات عن النظر .. وضعت جسدها أسفل الغطاء الخفيف مجدداً وأراحت رأسها الذى يدور بدوخة خفيفة علي الوسادة .. غفت عينيها لدقائق سمعت بهم صراخها ليلة أمس من إفراغ غضبه بها ليلة أمس لتفتح عينيها مجدداً بإرهاق مع دقات الباب وصوت أسيل القلق : 
لورين هل أنتِ مستيقظة .
ليست مستعدة لرؤية أحد رغم احتياجها الشديد لذلك ولكن لا تستطيع بعد .. هي مرهقة للغاية وتريد الهدوء فقط ولكن يبدو أن أسيل كانت مصرة وهي تفتح جزء من الباب لتطل عليها بملامح قلقة ،، دست لورين جانب وجهها بالوسادة قائلة برجاء : لا تدخلى أرجوكي .
شهقت أسيل من نبرتها ولم تُخفي عنها تلك البحة المجروحة بصوتها لتقول بجدية : لورين لا تخجلى مني أريد الاطمئنان عليكِ يا حبيبتى .
انتظرت ثوان ثم هتفت مجدداً : هل أتي .
همهمت لورين بالموافقة فخطت أسيل للداخل ،، جلست أمامها ثم أضائت الأنوار لتضع لورين كفها علي وجهها بإرتعاش فتنهدت أسيل وملست شعرها بهدوء قائلة : هل أنتِ بخير ،، ماذا حدث بينكم .
وضعت كفها الأخر علي وجهها أيضاً وبدأت تبكي لتسرع أسيل قائلة : عزيزتي لا تبكى ، ألم تتخذى قراراً رغم أنكِ تعرفين أن عواقبه ستكون وخيمة لذا يجب عليكِ الصمود للنهاية .
رفعت لورين كفيها عن وجهها لتشهق أسيل بصدمة متسائلة باستنكار : ضربكِ .
تسائلت لورين وهي تعتدل جالسة بألم : هل أستحق .. أن يفعل هذا بي هل أنا أستحق .
احتضنتها أسيل لتنكمش لورين من ألم أضلعها وخرج أنين خافت من شفتيها لتتسائل أسيل بغضب وعينيها تشتعل : ماذا فعل بكِ هذا الحيوان .
نظرت لورين أسفل بحرج ودمعة تصاحب أخرى كلما تذكرت وهي بنفسها لا تصدق و ظنت الحب وردياً حتي بأحلك اللحظات ،، لترفع أسيل وجهها لها قائلة : لا تستسلمي هكذا ،، ولا تجعليه يرى ضعفك .. هل كنتِ تنوين قضاء باقي اليوم في الفراش هذيلة هكذا حتي يأتي ويراكِ كما تركتك يداه .
أخبرتها لورين بخجل : لست قادرة علي السير وجسدي يؤلمني .
احمرار وجهها المتورم أساساً جعل أسيل تأخذ خلفية عما فعله ابنها فأخبرتها برفق : سأُحْضِر الفطور لكِ ومسكن وبعض الفيتامينات وانتِ غيرى هذا الثوب واخفي تلكَ العلامات بوجههك ثم أخرجي من تلكَ الغرفة .
أومأت لها لورين بإمتنان فربتت أسيل علي وجهها بحنان قبل أن تتركها لأفكارها مرة أخرى .. تمددت تريح جسدها مجدداً حتي أتت أسيل لها تحمل الفطور وكوب من العصير جواره بعض الحبوب علي منديل قطني ، أسندتهم جوارها علي السرير قائلة بتقرير : سأنتظرك بالأسفل ،، افطرى جيداً ثم تمددى قليلاً حتي تشعرى بتحسن بعد هذا المسكن ثم افعلى ما قلته .
أومأت لورين لها قائلة : شكراً لكِ .
ابتسمت أسيل لها فبادلتها لورين بصدق ثم تركتها مجدداً وخرجت ثائرة بعد ذلك تفكر أن كلاهما أخطأ .. لقد كانت تنوى أن تنهرها بالفعل علي تهوهرها ليلة أمس وقد ظنت أن ديم قضي ليلته بالمكتب حتي خرج باكراً ولكنها صدمت حقاً من هيئتها المدمرة تلك غير مُصدقة أن ديم استطاع أن يطلق شياطينه عليها هكذا .. كيف يُعقل .. وراحت تتذكر ماضيها بالنقطة السوداء التي تخللته في أول سنوات زواجها وكم كان فهد صبور .. حنون .. ورغم ما فعلته به ورغم أنها جعلته عاجزاً غاضباً إلا أنه لم يرفع يده عليها يوماً .. وقد كان يخشي عليها من النسيم المضر حتي بأوقات الخريف .. ويبدو أن ديم أخذ جبروت فهد بدون أخذ حلمه وصبره معه بل أخذ التهور منها هي .
بعد ساعتين كانت لورين تسيطر علي ألم جسدها الذى بدأ يخف تدريجياً بفعل المسكن فنهضت لتغير ثيابها .. قطبت وجهها بخوف ويبدو أنه لم يفرغ غضبه بها فقط بل أفرغه بثيابها أيضاً .. أمسكت الأقمشة التابعة لفساتينها وكل ما لم يعجبه من ثيابها وقد باتو عبارة عن أشياء لا تصلح لأى شئ . 
ألقتهم بغضب مجدداً وبحثت عما تركه لها حتي التقطت فستاناً ربيعياً واسعاً ألوانه كحلية كئيبة بعض الشئ ولكنه يناسب حالتها .. غطت جسدها جيداً به ثم أخفت تورم وجهها وجرح شفتيها بمكياجها وخرجت من غرفتها للحديقة متنفسة وكم تريد الهروب بعيداً عن هنا .. ولكنها تدور بذهنها وتدور وتعود لتجد نفسها أمامه و بين ذراعيه وكأن لا مفر منه حتي بأفكارها .
________________________________
تمددت بإرهاق تفكر هل تذهب هي مع مالك مدرسته أم تدع صهيب يفعل ... خاصةً وقد أعلمها مالك هي وليس صهيب عن هذا الاستدعاء من المدرسة لولى أمره .. تحيرت من أمرها بسبب هذا الاستدعاء .. فمالك مسالم بطبعه إلا إذا لم تكن تعلم عنه شئ .. بالفعل هي كذلك .. ربما يكون هدوئه هذا ناتج عن حادثة والديه فقط .
تذكرت بالفعل كم أصبح متفاعلاً معها في شهور حملها الأخيرة تلك خاصةً بعد فقدانها والدها وعزيز قلبها هي أيضاً .. مثله !! وكأنه شعر بها وبوجعها فشاركها إياه وكم أصبح محباً ومتقارباً إليها .
حسمت أمرها بالذهاب هي معه .. بالنهاية لقد قصدها هي وإن كان الأمر جلل ستخبر صهيب ولعله يكون أمراً تافهاً .. ودعته من الباب قبل نزوله للباض الخاص لمدرسته وسألها بهدوء خافت : هل ستأتين اليوم .
أومأت له متسائلة : نعم يا حبيبي سألحق بك ولكن ألن تخبرني ماذا فعلت .
أبعد وجهه بضيق قائلاً : لم أفعل شئ خاطئ .
شجعته قائلة : إذا أخبرني .
وكأنه خجل بعض الشئ وهو ينفي برأسه ويسرع للحاق ركاب مدرسته ،، تنهدت رسيل بتألم .. إنها بأخر أيام حملها وقد تلد بأى وقت ولكنها أيضاً يجب عليها الإهتمام بتلك المسألة.
بعد نزول صهيب ارتدت ثيابها والتقطت مفاتيح سيارتها وذهبت لمدرسته .. دخلت غرفة المديرة التي نظرت لها بتعاطف وبعد الترحيب بها قالت بأسفة : أسفة لنزولك بهذا الوضع ولكن حقاً الأمر كان يتطلب مجيئك أنتِ وليس والده.
رفعت رسيل حاجبيها بقلق لقد طلبوها : لا بأس فقط اخبريني ماذا حدث .
تنحنحت المديرة بحرج قائلة : لا أعرف من أين أبداً حقاً .
رسيل بنفاذ صبر : أرجوكي لقد أقلقتني جداً أخبريني ما حدث .
كان يبدو علي تلكَ المديرة الإحمرار وهي تقول : حسناً مالك لقد .. لقد صفع فتاة معه بالصف .
توسعت عينيها لعدم فهم متسائلة بصدمة : صفعها .
أكملت المديرة : ليست مجرد صفعة أيضاً لقد صفعها علي جسدها ليس وجهها أقصد هل .. هل تفهمين ،، والدة الفتاة جائت واشتكت وحقيقةً كانت تريد أن نفصله من المدرسة وكانت تريد مقابلتك أنتِ ووالده أيضاً ولكنني استطعت تهدئتها بصعوبة .. يجب أن نأخذ إجراءاً ضد مالك لذا سيتم فصله اسبوع من المدرسة ولكن لابد من وجود خلل ليفعل طفل هذا الفعل .
لم تكن رسيل تستوعب شئ حتي هتفت بتردد : هل يمكنني رؤية الفتاة تلك .. أنا لا أعلم لما قد يفعل ذلك .. صدقيني إنه هادئ للغاية لا تصدق ما أسمعه .
وفجأة هبت عاصفة عليهم .. كانت والدة الفتاة بالفعل وهي تهتف بغضب : أنتِ والدة هذا الفتي الذى لا يعرف شئ عن التهذيب .
امتعضت ملامح رسيل وراعت حالتها فصمتت متجنبة الرد رغم أنها لم تستسغ هيئتها .. فقد كانت من هؤلاء الذين يهتمون بأنفسهم حد الفسق في الهيئة .. أشاحت نظرها عنها وهي تتظر للمديرة التي تدخلت : مدام أرجوكى اهدئي نحن هنا بمدرسة ولا يصح أن يستمع الأولاد لأصواتنا .
جلست تهز قدميها بغضب وهي تنظر لرسيل بتعيين حتي استقرت علي معدتها المنتفخة لتقول بحدة : بالفعل ليس لديكي الوقت لتربيته أساساً .
جزت رسيل أسنانها قائلة لها : مدام أعلم أن ابني أخطأ وأعتذر نيابةً عما فعله ولكن إن استمر اسلوب الحوار هكذا فلن اتعاطي معكِ أساساً .
تحدثت المديرة متدخلة : سأعدهم يطلبون أولادكم ولكن يجب أن نكون هادئين أمام الأولاد .
بعد قليل دخل مالك أولاً كما طلبت المعيدة ،، وقف جوار رسيل التي نظرت له بتأنيب فخفض بصره بضيق عنها فتسائلت : مالك هل فعلت ما تقوله المديرة بالفعل .
قالت السيدة بغضب : وهل ابنتي تكذب .
رفعت رسيل حاجبيها بغيظ قائلة بهدوء : أنا أتأكد من ابني .
نظرت رسيل لمالك مرة أخرى الذى قال بكل هدوء وشئ من الحدة بنبرته : نعم فعلت .
كانت صدمة لثلاثتهن بسبب نبرته وتأكيده وكأنه لم يرتكب خطأً بشعاً فتسائلت رسيل بأعين مشتعلة منه : لما فعلت ذلك ،، كيف تفعل ذلك .
سخرت والدة الفتاة : هل ستربي والدك هنا .
أغمضت رسيل عينيها بغضب ثم عاودت النظر لمالك منتظرة إجابته ليُجبها بجمود : لأنها تستحق هذا أنا كنت أعطيها درساً حتي تشعر هي ووالدتها أن للفتاة حياء ولكنهم أغبياء .
شهق الجميع وبما فيهم رسيل التي صرخت به : مالك كن مؤدباً واعتذر .
نظر لها بضيق ،، ولكن رغماً عن ذلك لم يحرجها قائلاً : اعتذر ولكن ابنتك يا مدام ليست للعرض وجسدها كذلك .. وأظن أن ما فعلته أبسط مما يفكر فيه الكثيرون حين يرونها بهذا المنظر البشع .
شهقت المرأة غير مدركة لأى شئ من مقصده قائلة : أنا ابنتي بشعة .
زم شفتيه بسخرية ناظراً للمرأة التي لم تختلف هيئتها عن هيئة ابنتها قائلاً : ستضيع ابنتك إن لم تُحافظي عليها .
شعرت رسيل بوهن يصيب جسدها بعد أن استمعت له قائلة : مالك ما حدث خطأ ومجدداً اعتذر لوالدة صديقتك عما فعلته هيا .
اعتذر مجدداً بضيق لتقول رسيل للمرأة : أنا حقاً أسفة لما حدث .
ثم نظرت للمديرة قائلة: هل يمكننا الذهاب الأن أنا متعبة ولا أستطيع البقاء أكثر من ذلك .
دني مالك منها قائلاً بلهفة : ماما هل أنتِ بخير .
نظرت له بتفاجأ مصدومة مما لفظ به ورأت بعينيه نظرة ندم وكأنه السبب بتعبها هذا لتخبره بهدوء : نعم بخير هيا أحضر حقيبتك ودعنا نذهب .
قالت المديرة بعد الصمت الذى دام عقب حديث مالك : يمكن لمالك أن يكمل اليوم الدراسي .
نفت رسيل مع قول مالك : لا أنا سأذهب .
ثم أسرع للخارج وقف رسيل كذلك مستلمة جواب الفصل من المديرة التي دققت بالأمر قائلة : سأدعهم أربعة أيام .
ابتسمت رسيل بتذمت وخرجت مسرعة مختنقة ولم تعجبها أجواء تلك المدرسة منذ دخلتها .. صحيح مدرسة خاصة للطبقات العليا ولكن تبقي القيم مختلفة رغم ذلك .. وجدت الفتاة التي تحدثو عنها بالخارج .. وبالفعل قطبت هي عينيها وملامحها باشمئزاز وقد ارتدت ثياب المدرسة بشكل قصير ضيق أظهر جسدها ولكن يبقي مالك مخطئاً وهذا الخطأ هي لا تعرف كيف ستشرحه له .
ركبت سيارتها وهو جوارها صامتاً وكأنه ارتكب ذنباً ونادماً عكس هذا الشجاع الوقح الذى كان عليه منذ قليل ،، ينظر لها بين الحين والأخر .. ولم يكن نادماً علي ما فعله بقدر أنه أتعبها وهي بحالتها تلك فكان قلقاً للغاية وهو يتسائل بحذر : هل أنتِ بخير .
لو كان قال ماما مرة أخرى لكانت أخذته بحضنها وأخبرته بكل حب أنها بخير ولكنه لم يفعل وهي كذلك أجابته بحدة بكلمة مقتضبة : نعم .
جفل من نبرتها وصمت ممسكاً بحقيبته بقوة وما إن وقفت أسفل البناية حتي صعد جرياً للأعلي وصعدت هي بعده بدقائق لتفتح الباب وتدخل وهو خلفها .. وفوراً دخل غرفته غالقاً بابه عليه لتجلس هي بألم تنهج علي السرير بغرفتها ولم تشعر بذاتها بعد ذلك إلا وصهيب يوقظها بدهشة وقد مر أكثر من خمس ساعات لتقول بدهشة هي الأخرى : كم الساعة ،، أين مالك .
كانت ستذهب للتحدث معه بعد أن تلتقط أنفاسها المتعبة ولكن أخذها النوم والأن ماذا ستبرر وتقول له خاصةً مع نبرته القلقة : لما خرجتي وعدتي بمالك مبكراً ،، أخبرني حارس البناية .
تأففت وهي تضيق حاجبيها من هذا اللزج صاحب البناية والذى يثرثر مع أى شخص عن أي شئ لتتوهه قائلة بألم مصطنع : أشعر بصداع رهيب لقد غفوت ولم أشعر بنفسي بعدها .
رفع حاجبيه بقلق أكثر يتسائل بزمجرة : رسييل ! .
نظرت له ببراءة وهي تعتدل لتجلس جواره مجيبة : نعم .
قال بضيق من مراوغتها : ما بكِ أخبريني ما الذى حدث ،، لما خرجتي من المنزل بدون علمي وكيف تخرجين بحالتك تلك ستلدين بأى لحظة .
لعبت بشعرها للحظات ثم أمسكت كفهِ قائلة : حسناً تفهم الأمر لا يوجد شئ ،، كانت مشكلة صغيرة عند مالك بالمدرسة لذا طلبو حضورى معه اليوم .
قطب ملامحه بحيرة قائلاً : أية مشكلة ماذا حدث .
قالت بإرهاق لا تعرف كيف تهرب منه : صهيب لا تصر هكذا ، لم يحدث شئ مهم لا تقلق أنا سأحل الأمر .
نظر لها بنفاذ صبر ،، وإن لم تخبره هو سيعرف من مالك أو من المدرسة حتي وهذا ما انتواه وهو يتركها مغادراً الغرفة ولكنها مسكت بذراعه سريعاً قائلة بإدراك : صهيب انتظر أين تذهب ،، لا تضغط عليه ...
نظرات عينيه أخبرتها أنه سيعرف ما يحدث ولو ظلت تماطل لساعات لذا هتفت بيأس بالنهاية قد يساعده صهيب أكثر منها ولكنها تخشي تصرفه بعد أن تخبره فقالت برجاء : سأخبرك ولكن عدني أن تتصرف بتعقل .
رفع حاجبيه مزمجراً : إن كان أمراً غير مهم كما تقولي .
هدئته قليلاً وهي تقص عليه ما حدث بهدوء ولم تغفل عن تشنج جسده بصدمة و توسع عيونة بغضب وهو يسبه ببذاءة قبل أن يقف ودمه يفور متجهاً له ... كان الأمر سيكون هيناً لو لم تراه يخلع حزام بنطاله وهو يسير تجاه غرفته فجرت خلفه برجفة تسيطر علي عظامها منادية إياه في محاولة لتعقله ولكن عبثاً : صهيب صهيب .. انتظر لن يحل الأمر هكذا .
نهرها كي لا تدخل ووقفت تلتقط أنفاسها بألم وهي تسمع صياحه علي مالك بعد ان دخل لغرفته حتي لحقت به فوجدت مابك مرتعبا منه جالساً علي سريره وهو يصرخ : كيف تفعل هذا .. لن تضيع هل تفهم أقتلكَ ولا أتركك تكون هكذا أيها ال ..
سبه وهو يرفع يده ينوى ضربه فصرخت رسيل بلا وهي تسرع بتهور محتضنة مالك كي تحميه فنزل حزامه علي ظهرها بقوة .. يلسع بشعور لم تجربه من قبل .. رأت تسمر ملامح مالك برعب علي ملامحها المتشنجة وعم الصمت بعد صراخ صهيب العالي قبل أن ترتفع صرخاتها هي ولم يكن الألم الذى اشتعل بداخلها بسبب لسعة هذا الحزام بل ألم ولادتها التي ستبدأ .. هرع صهيب وهو يلقي حزامه إليها ملتقطاً جسدها برعب من صراخها لتقول من وسطه : صهيب أنا آلد .. آآآآآآآآآآآآآآآآآه .
_________________________________
يتبع