-->

الفصل السابع والثلاثون _ بنات حورية



الجزء السابع والثلاثون 


وقفت بارتعاش بين ذراعين أختها هيا ،، تراقب باب الغرفة الذي اختفي خلفها راكان بعد أن حمل والدته لها وطلب طبيبها والإسعاف للمنزل ،، كانت جواره ولكن بعد أن أتي طبيبها المختص وكذلك دوروك ووالده وهيا معهم أخرجاها هي وهيا من الغرفة .
لم تكن تريد أن تكون بالخارج خاصةً وقد رأت نظرات الصدمة والضياع بنظراته وهو يراقب والدته جسداً شاحباً واقعاً أرضاً قبل أن يتحرك ليُسعفها فوراً مُخبراً طبيبها أن تلكَ الظاهرة لأول مرة تحدث فحتي لو كانت تتعرض لغيبوبة سكر لم تكن تنتفض هكذا .
وبالداخل وقف الأطباء فوق رأسها ،، يُساعدونها باستعادة وعيها بعد أن أصابتها نوبة هبوط حادة في مستوي الجلوكوز في الدم .. نوبة تختلف عن النوبات التي تصيبها في العادة .. نوبة كانت من المحتمل أن تصيبها بالموت المحتم .
زفر الطبيب وقد استقر وضعها وتسائل مُتعجباً : يجب أن نعيد كل الفحوصات مُجدداً لا أعلم لما هذا التهدور السريع بحا..
وقبل أن يُكمل كلامه وقع نظره علي علبة الدواء الذي يعرفها جيداً فسحبها بعنف من علي الطاولة الصغيرة قرب السرير وهو يهتف : ماذا يفعل هذا الدواء هنا ،، هل تناولت والدتك منه .
قطب راكان حاجبيه قائلاً بتردد : أنا لا أعلم ،، ما بهِ هذا الدواء وبما أنه هنا فبالتأكيد هو من ضمن أدويتها .
صدح الطبيب بحدة : هذا الدواء ممنوع في حالة والدتك وكما أري هناك قرص ناقص لابد وأنه من تسبب لها بنوبة الهبوط الحادة تلك .
ثم تابع بعصبية : من أين حصلتم عليه وكيف تأخذ دواء دون استشارتي غير الذي أعطيه لها .
خرج راكان من الغرفة يُنادي علي الخالة مريم بغضب بعد أن خطف علبة الدواء من الطبيب ،، لتتسائل راما بانتفاض : هل ماما بخير ،، ماذا حدث .
سألها فربما تعرف وهو يلوح بالعلبة بين يديه لها وللخالة مريم التي أتت مسرعة : ما هذا من أين أتي هذا الدواء وكيف تأخذ والدتي دواء دون استشارة طبيب .
ارتعشت راما بخوف وصدمة وهي تخبره : ولكن هل هل هو السبب .
نظر لها بشك رافعاً حاجبيه فصمتت بصدمة ،، هل آذاها الدواء ،، ولكن كيف !! كيف وطبيبة مختصة هي من أعطتها إياه ،، وضعت كفيها علي فاهها وهي تسأل بدموع لتطمئن : هل ماما بخير أجبني .
وهنا خرج الطبيب وكل من بالغرفة وهو يقول : لقد استقرت حالتها سنترك معها مشرفة الليلة .
قال راكان بجمود وهو ينظر لراما بعينين شرسة وقد فهم من تصرفاتها أن لها علاقة بالأمر : لوالدتي مشرفة بالفعل أنت تعلم ولكن لم تكن متواجدة اليوم لأن اليوم عطلتنا ونحن نبقي مع والدتي طوال الوقت .
قال الطبيب قبل أن يذهب : تخلص من هذا الدواء إن له أعراض جانبية خطرة لحالتها وعليك أن تعلم كيف دخل هذا الدواء هنا وما نية من فعل هذا .
شهقت راما بذهول من حديثه ،، هل كانت علي مشارف قتل والدته .. كيف حدث كل هذا .. نيتها كانت طيبة ولم تشك للحظة أنها تضر والدته ،، بعد ذهاب الجميع إلا هيا ودوروك ووالده وقف راكان جاذباً إياها من بينهم قائلاً : سأحدث راما قليلاً أعذروني .
سحبت يديها سريعاً منه لتخبره بصدق أمام الجميع بدموع : أنا أحضرت هذا الدواء ،، الطبيبة فيروز هي من أرسلته بعد أن أرسلت لها فحوصات ماما والله هي قالت أنه مفيد لها وسيحسن من وضعها والله لم أكن أعلم أنه سيضرها .
بكت لتضمها هيا بعيداً عن راكان الثائر والذي وقف يصرخ : وأنتِ كيف تعطينها إياه قبل أن نريه لطبيبها ،، كيف أساساً تتصرفين من نفسك دون العودة لي .
ارتعشت وهي تجيبه : والله كنت سأخبرك ولكن أنتَ منذ الصباح مشغول وأخبرت والدتك وهي وافقت علي أخذه .
جذبها من ذراعها بقسوة من بين ذراعين هيا وهو يزجرها مُتجاهلاً ألمها : ماذا يعني وافقت وماذا يعني كنت مشغول ،، هل تلكَ أعذار لإهمالك هذا واستهتارك أيتها الغبية .
شهقت تعض علي شفتيها ببكاء لتحاول هيا إبعاده بكلماتها مع تدخل دوروك أيضاً الي سحبه بعيداً عنها : راكان إهدأ قليلاً وبعد ذلك تحدثا .
ابتعد مع دوروك للخارج وبقي والد دوروك فارووق مع راما وهيا يُخبرها أنها مخطأة مجدداً بعد أن قصت عليه كل شئ مجدداً ،، لتجيبه بشهقة نادمة وداخلها يحترق ذنباً أنها سببت لها هذا الألم : والله أنا أسفة علي هذا والله لم أقصد أبداً أن أضر ماما .
ربت الرجل علي كتفها ليخبرها مُتنهداً برفق : سأتحدث مع راكان وأنتِ كوني حريصة قليلاً يا ابنتي .
خرج يتبعهم ليهدأ راكان ببعض الكلمات عن كون راما لم تكن نيتها أذية والدته عمداً في حين بقيت راما تحاول عبثاً السيطرة علي دموعها وهي تخبر هيا : أنا فعلت هذا أنا أذيتها ولكن والله لم أضمر سوءاً لها كانت نيتي أن أساعدها .
قالت هيا برفق تزيح عنها شعور الذنب : حسناً إهدأي الحمدلله هي بخير ،، حين يهدأ راكان تحدثي معه وهو سيتفهمك إنه فقط غاضب وحزين علي والدته الأن ..
ثم تابعت بحيرة : وأيضاً ما أمر تلكَ الطبيبة كيف تعطيكِ دواء خاطئ لا أفهم .
مسحت راما دموعها لتفكر قليلاً : هي هي زبونة عندي منذ وقت طويل و ..
هنا دخل دوروك قائلاً : هيَا ،، هيَّا لنذهب .
قالت هيا  بترقب : لو ننتظر قليلاً دوروك ،، هل هدأ راكان .
أومأ دوروك قائلاً بنفي : لنتركهم ليتحدثو هم سوياً .
نظرت هيا لراما قائلة بتجاهل لزوجها : راما هل تريدين أن أذهب لو تودين سأبقي .
نفت راما مبتسمة قائلة أن لا داعي لبقائها لتقول هيا : حسناً إن احتجتي لشئ اتصلي بي .
أومأت راما وودعتهم قبل أن تصعد لتطمئن علي طفلتيها .. كانتا تلعبان معاً بغرفتهم ومعهم واحدة من العاملات لذا طلبت منها أن تذهب وجلست هي تلاعب يارا التي وقفت متقدمة لها بحبو متعرج بجسدها الصغير الممتلئ حتي وقعت بين ذراعيها لتضمها راما بضحك وهي تقهقه معها وتلاعبها لتقترب لارا منهم بغيرة محاوطة عنق راما لتحيطها راما هي الأخري وهي تقبل وجنتها الشهية بقول : يا روح قلب الماما .
ضحكت لارا مفعمة بالسرور من لقب والدتها وبعد ذلك ابتعدا يلعبان معاً مجدداً وبقت راما تطالعهم بشرود ،، خجلة هي للغاية والذنب يقتلها ولا تعرف كيف ستحدثه وكيف سيصفي لها بعد ذلكَ مجدداً .. وبين غمرة شرودها دخل هو الغرفة ينوي تصفية ذهنه مع طفلتاه لولا وجودها بالداخل الذي جعلها تنكمش وهي تطالعه بترقب متأسف .. قبل أن يغادر الغرفة فوراً مجدداً دون أن يخطو بها أساساً .. لذا وقفت بسرعة تتبعه وهي تقول : لارا حبيبتي انتبهي علي أختك .
أومأت لارا لوالدتها وأسرعت راما تتبع راكان لغرفتهم وبعد أن أغلقت الباب خلفها وقفت ملتصقة بهِ متمسكة بمقبضه خلف ظهرها بتوتر وهي تستعطفه : راكان اسمعني أرجوك .
نظر لها بحدة قبل أن يقول محاولاً السيطرة علي صبره : راما من الأفضل ألا نتحدث لفترة لأنني سأؤلمك إن فعلت .
أومأت بنفي وموافقة بذات الوقت وهي تقول : لا تحدث معي أرجوك لا يُهم ،، ولكن لن أحتمل أن تبقي بعيداً عني هكذا وأنتَ غاضب .. فقط اسمعني سأش..
وقبل أن تُكمل أكمل هو بغضب : ماذا سأسمع وماذا ستشرحين ،، هل سأسمع ما أعرفه بالفعل هل سأسمع استهتارك واهمالك وأنانيتك .
انكمشت ملامحها من كلماته وهي تتسائل بألم ولم يصلها أنه يتهمها لما هو أبعد من ذلك بعد : والله أنتَ كنتَ معي خطوة بخطوة ألم أخبرك أنه يوجد طبيبة ستري فحو ..
قاطعها مجدداً بعصبيته : هذه هي شماعتك .. أنا شماعتك التي تعلقين عليها كل أخطائك لأنني من البداية أريتك وجهي الطيب ولم أغدق عليكِ إلا بالحنان تماديتي وأصبحتِ لا تري أخطائك ولا تري إلا نفسك أساساً أيتها المدللة ولكنه خطئي منذ البداية .
قطبت حاجبيها وكأنه يتحدث عن أمر وهي عن أمر أخر وبدت حائرة مندهشة لمعني كلماته ليتابع هو وهو يري صمتها المشوش : لا تستطيعي قول حرف لأنكِ تعلمين جيداً أنني علي صواب .. أنني دللتكِ كثيراً لدرجة لم أعد حتي هامشاً في صفحة حياتك .. وبالنهاية ماذا !! كدتِ تقتلين أمي بسبب غبائك ودلالك واستهتارك .
وقع كلامه علي قلبها مؤلماً لحد لم تجربه من قبل ولكن تجاهلت ما يعتمر صدره وهي تعود للموضوع الأساسي هامسة ببكاء : لا تقل هذا .. حسناً أخطأت ولكن كيف لي أن أشك بطبيبة .
صرخ بحدة وهو يري دموعها لتنكمش علي ذاتها ملتصقة بالباب أكثر : نعم ابكي فكل مشاكلك تُحل بالبكاء أيتها الطفلة ،، من هي هذه الطبيبة من أين تعرفينها ومن أين تثقين بها لتقولي أنكِ لا تشكي بها هل هي من باقي عائلتك و..
سب بنهاية حديثه لتغمض عينيها بخوف وهي تبتعد قليلاً عن الباب ناوية تركه حتي يهدأ وهي تقول بارتعاش : حسناً أنا أسفة .. انا مخطئة سأتركك تهدأ .
ثم التفت تنهوي الهرب من أمامه وقد رأته لأول مرة بتلكَ العصبية الشديدة ،، أربع سنوات لم يرفع صوته عليها إلا يوم أن فاض بهِ من خوفها بعد زواجهم ،، كان غريباً ما تحدث بهِ وقاله من كلام جوار تأنيبه لما تسببت فيه لوالدته .. كان وكأنه يحمل لها حقداً أو ضغينة مبطنة .. لذا هام تفكيرها بكل هذا وهي تفر من أمامه ولكن قبل أن تفتح الباب حتي شهقت من قبضته التي سحبتها لتقف أمامه مجدداً تكاد تلتصق بهِ بغير إتزان وهو يزجرها بغضب أشوس : هل أذنت لكِ أن تذهبي ،، أرأيتني أنهيت حديثي وصمت لتديري ظهرك بغير احترام هكذا .. وهذا سببه تدليلك أيضاً .
شهقت تكاد تصل للفزع منه وترجته بهمس : راكان ذراعي أرجوك .
تركها بغتتة لتتقهقر للخلف ويتابع بسخرية من هشاشتها : الأميرة المدللة لا تتحمل أن أمسك ذراعها حتي .
صمتت لا تستطيع مجابهة غضبه ولا سخريته ولا كل ما يتحدث عنه لتقل في النهاية بألم : فقط فقط يجب أن تعلم أنني أبداً لم أقصد أذية ماما وإن كنت أعلم أنني قد أُعرضها للخطر لما أقدمت علي هذا أبداً .
نظر لها بمرارة مشاعره تشوبها سخرية جديدة عليه وهو يقول ناهياً الأمر مولياً إياها ظهره : ابتعدي من أمامي .
شهقت وكأنه يُكذبها .. أيعقل أنه لا يُصدقها حقاً وقبل أن تتحدث مجدداً تصاعد صوت هاتفها من جيب بنطالها مُعلناً عن ثلاث رسائل وراء بعض ليلتف لها بفضول ناظراً لهاتفها التي أضائت شاشته .. وجدتها فرصة ليهدأ قليلاً وتشتت انتباهه لأي شئ أخر فأخرجت هاتفها تتفحصه تحت نظرات راكان وما لم تتوقعه أن تكون الرسائل من الطبيبة فيروز و نصهم كالتالي :
ها عزيزتي ..
أنا أنتظر الأخبار السارة ..
أرجوكي أخبريني أن ما أريده تم بالفعل ..
قطبت جبينها بعدم فهم وتلعثمت وهي تحاول توضيح هذا لراكان بقول هامس : راكان .
سحب الهاتف من يديها بفضول بعد رؤيته لشحوب وجهها .. قرأ الرسالات الثلاث بتجهم وتصاعد غضبه بعدم فهم وهو يبدأ المحادثة من أولها وأولها كان شكر من راما ثم رسالة من تلكَ الطبيبة الزعومة وهي تخبرها أن هدفهم واحد ثم الثلاث رسائل ..
برمشة عين كانت تصرخ قافزة من مكانها للخلف وهو يصرخ بشراسة عاجية لاتحمل بين طياتها أي نوع من التعقل : ماذا يعني هذا .. مااااذااااا يعني هذاا .
تراجعت بخوف تهز رأسها ببكاء تخبره بصدق متلعثمة : لا .. لا أعلم .. هي .. هي بالتأكيد تقصد إذا كانت ماما تحسنت ..
صرخ وهو يقترب بهاتفه منها : هل أنا غبي لأصدقك هي تقول أن هدفكم واحد .. أن ما تريده تحقق .. هل واللعنة اتفقتي مع أحداهن لقتل أمي .
شهقت بصدمة تنفي بهستيرية وهي تحرك يديها بعشوائية : لا .. لا كيف تقول هذا .. كيف أفعل هذا أنتَ تفهم بشكل خاطئ .
ثم لا تعرف كيف قالت بتفكير سريعاً : دعني دعني أتصل بها لتفهم صدقني أنتَ أسأت فهم الأمر .
بغضب دفع بالهاتف بين يديها لتتصل بها بأنامل مرتعشة وكأن الأخري تنتظر اتصالها فأجابتها فوراً مُتسائلة بتلهف : ها يا عزيزتي ماذا حدث .
بدا تلهفها هذا أسود بالنسبة لراكان أما راما كانت بعالم أخر .. فقط تود أن تُنفي أفكاره عن رأسه لتسأل بنبرة حاولت إخراجها معتدلة دون نشيجها : دكتورة فيروز .. ماما .. ماما لقد سائت حالتها كثيراً بعد هذا الدواء هل .. هل ..
وقبل أن تسأل راما هل هي قرأت الفحوصات جيداً أجابت الأخري بشكل قاطع : وهذا ما أريدهِ عزيزتي شكراً لمساعدتكِ يا صغيرة .
شهقت راما والهاتف يقع من يديها ليلتقط راكان الهاتف قائلاً بغضبه الأعمي : من أنتِ أيتها الحقيرة ؟ من أنتِ ؟ 
سمع شهقة المرأة عبر الهاتف قبل أن تغلق الخط وتغلق الهاتف كله .. عاود محاولة الاتصال بها ولكن وجد الهاتف مغلقاً لذا ألقاه بعصبية بعيداً عن ذراعهِ وهو يصرخ كأسد جريح قبل أن يرفع رأسه لتلكَ المتصنمة بذهول قائلاً بعينين مشمئزة : لقد تخلت شريكتكِ عنكِ .
نفت راما بأعين متوسعة .. قلبها يكاد يتوقف من هول تلكَ الفاجعة ولكن عليه أن يصدقها هي صغيرته كيف يظن أنها مشتركة بما يؤلمه هكذا .. قال بجمود تام بينما ينظر لها بأعينهِ الحمراء كالدماء تماماً :  أنتِ طالق ،، لم يعد لكِ بقاء هنا .
تسمرت تنفي ببكاء وهي تسمعه قائلاً قبل مغادرته بتحذير : أنا أتمالك نفسي بصعوبة لا أريد أن أراكي هنا عندما أعود .

■■■

لا تصدق أنه يُهاتفها ،، رباااه ماذا تفعل هل تجيب ،، لماذا يتصل بها أساساً بعد خروجها من منزله فقط بعدة ساعات .. هل اكتشف سوء فهمه للأمر .. هل اكتشف من تلكَ المرأة وماذا تريد .. هل ندم .. هل وهل وهل .. وهي تتلعثم أمام حورية : ماما إنه راكان .

تنهدت حورية بألم تقول : لو تريدين أعطيني وسأجيب أنا .

نفت راما قائلة بأمل : أنا سأجيب .

وتبددت كل ال هل وتبددت كل آمالها وهو يصيح بها : كيف تأخذين البنات معك .. من سمح لكِ أن تأخذيهم .

وهو بعد عودته جن جنونه حين علم أنها أخذت الطفلتان معها ،، فكيف بعد أن كانت ستتسبب بمقتل والدته يترك لها طفلتاه .. بغضب من صمتها تحدث : سآتي لأخذ طفلتاي .

بنبرة مرتعشة أجابته : لن تفعل ،، لا تأتي لن أتركهم .

وبشراسة أجاب : حسناً ،، حسناً أعرف كيف سآخذهم جيداً .

وهنا نزعت حورية الهاتف وصوته يصلها واضحاً عبره لتتسائل بغضب : كيف ستأخذهم يا راكان بيه ،، هل ستخطفهم من حضن والدتهم أم ماذا .. الأطفال مكانهم مكان والدتهم .. كنت فكر بهذا قبل أن تدمر حياتكم بتسرع .

استهلت نبرته ببعض الهدوء يشوبه غضبه : وهل أخبرتك الهانم ماذا فعلت .. كادت تقتل والدتي كيف أترك أطفالي معها .

زجرته حورية بحدة قبل أن تغلق بوجهه : انتبه لكلامك أنتَ تتحدث عن ابنتي وتتحدث عن زوجتك إن كنت لا تعرف من هي زوجتك فأنا أعرف من هي ابنتي وابنتي لا تقدم علي عذا الفعل البشع أبداً ،، اذهب وابحث عن عدوك الحقيقي وحمداً لله أن ابنتي تخلصت من شخص يشك أنها مجرمة مثلك .

تركت الهاتف من يديها بعصبية وهي تخبر ابنتها : هذا يحتاح لقلمٍ قاسٍ كي يستعيد رشده .

ارتعشت راما بعد أن احتضنتها حورية لتهدئها وتسائلت : ماما هل يأخذ لارا ويارا مني .

نظرت حورية للفراغ بتضرع قائلة : لا يا حلوتي لا يستطيع أن يفعل ،، الحضانة معكِ أساساً .

احتضنتها راما بقوة تخبرها ببكاء وهي تنعم بآمان حضنها : ماما أنا خائقة .

زجرتها حورية بلين : لا يا ابنتى لا يخيفك شئ عائلتك كلها معكِ والله معكِ قبلنا لايخيفك شئ غير الله يا صغيرتي .

قالت راما بحنين : لأنام ببن ذراعيكِ يا حوريتى .

■■■

ثلاثة أيام .. مازالت علي وضعها دون حراك أو طعام .. قدميها بأول يوم كانت تدعم صدرها بمحاوطة ولكن مع مرور الوقت تراخت قدميها علي السرير لتبقي ساهمة .. رأسها وظهرها يستندان علي ظهر سريرها .. وجهها ينظر للأعلي لنقطة وهمية لا تري أمامها شئ واضح .. تري أفكار .. تري كلامه .. تري الجرم المشهود الذي ظُلمت به .. تري تصديقه للغريب وتكذيها .. تري طلاقها وكم كان سهلاً عليه أن يخرج كلمة الطلاق من فاهه .. تري أربعت سنوات هُدمت بكلمة منه .. تري نفسها غير مرئية ، غير واضحة وغير شخصاً يُهتم له .. وتري أن حياتها انتهت .. هو حياتها أساساً .. هو بعد والدها كان ونعم الوالد . 
وعند هذا الخاطر فقط تنزل دموعها مجدداً .. كونها فقدت والدها للمرة الثانية .. كونها حُرمت منه ومن تواجده حولها .. من صوته ومن دفئه ومن كل ما يخصه !! هذا كان أكثر ما يوجعها ..
لم تفكر أن تحزن من شكه بها وتصديق تلكَ المرأة و لم تفكر بأسلوبه الذي تغير منذ أشهر معها والذي عبر عن سببه وهو يعنفها بعصبية منذ ثلاثة أيام .. كل هذا لم تفكر بهِ بقدر أنها خسرته !! ..
وتلكَ كانت شعرةً بين الأنانية .. التعلق .. الحب .. النقاء !! 
وهي بالفعل نقية للحد الذي يجعل قلبها مُحترقاً بسبب فقدانه دون التفكير بكرامتها حتي ! . 

طفلتها الصغيرة تبكي للحظات وهي تحبو لها فتمد راما ذراعيها لها لترفعها إلي السرير .. تحتضنها الصغيرة فتكف بكاءاً وتحتضنها راما فتُبلسم قلبها المتؤلم .. تظل تُمسد وتُمسد علي ظهر صغيرتها وكأنها تمسد علي قلبها هي تماماً فتبتسم لبسمة صغيرتها وتكتفي بها للحظات عن كل ما يحزنها .. تكتفي أيضاً باحتضان والدتها لها كما تفعل هي مع صغيرتها ولكن والدتها كان تقرأ ما تحفظ من الآيات لذا كانت راما تهدأ بإذن الله وفضله .

■■■

" راما هانم هذا الطرد لك "
تصنعت راما الابتسامة علي محياها وهي تلتقطه شاكرة الفتاة التي أعطتها الطرد واستأذنت مغادرة ،، كان عليها الخروج من المنزل اليوم لأن لارا أصرت علي الذهاب لدرسها وهي لم تكن لتخرب نظامها لذا كانت حورية معها من أول اليوم ،، وبيد متعبة فتحت الطرد لتتبين عبارات الأسطر الصادمة .
يطالب بحضانة الفتيات .. يريد حرماناها إياهم ،، لماذا عقابه قاسي هكذا ألا يكفيه أنه لفظها من حياته بدون شفقة ،، ألا يكفيه الظلم والإفتراء التي تعرضت لهم .. والأن يزيد الأمر       برغبته في نزع الأولاد منها ،، بنزع أخر خيط تتمسك به بعد قسوته الظالمة . 
ارتعشا كفيها ليقع الظرف من يديها قبل أن تنظر لطفلتيها ببكاء وهي تخبر حورية المتسائلة بقلق عن سبب تدهورها هكذا : ماما .. ماما يريد أخذهم مني ،، ماما إنها دعوة حضانة . 
شهقت حورية بصدمة  وهي تقف تاركة الصغيرة من يديها مع ألعابها واقتربت من راما تجذبها لحضنها لتهتف راما : لما يفعل هذا بي ،، هذا أصعب من تطليقي وأصعب من كل كلامه ،، لن أحتمل أن يأخذهم مني . 
ربتت حورية بقوة علي جسدها تهدأها بقول : اهدأي يا حبيبتى سنتحدث معه ،، ثم إنهم صغار أي لن تعطيه المحكمة إياهم أبدا . 
نفت راما تقول : لا إنه راكان سيجد طريقة ويأخذهم . 
ثم تحركت تلتقط هاتفها لتسألها حورية : ماذا تفعلين . 
" سأذهب له ،، سأتوسله يا أمي إلا أطفالي "
" يا ابنتى .. "
وقبل أن تنهرها حورية رفضا كانت التقطت مفاتيح سيارتها ناسية معطفها وفي غضون نصف ساعة كانت في شركته جالسة تنتظره حيث أخبرتها مساعدته بأنه في اجتماع هام ولن تستطيع قطعه .. وجلست تنتظره وانتهي هذا الوقت الذي لعب علي أعصابها ليبدأ بعده وقتا زائدا لأنه رفض رؤيتها هذا ما فهمته ومساعدته تخبرها : راكان بيه مشغول جدا لن  يقدر علي مقابلة حضرتك ،، يمكن أن تحددي موعد . 
كلمات بسيطة خرجت من فم الفتاة بتهذيب  ولكنها جافية تماما كجفاء مرسلها .. من أين له كل تلك القسوة ،، لم تعد تحتمل كل هذا فوق طاقتها وهي لم تكن القوية يوما لتحتمل تلك المعاناة المعبئة بعقابه الجارح ويا ليته علي حق فهي مجني عليها في الحقيقة المخفاه وفي العلن هي المتهمة وهو القاضي وحكمه قاس بتغافل عن العينين الضائعتين والتي تبحث عن طوق النجاه ولكن كيف وهو من كان طوقها دائما وأصبح الأن جلادها ،، وكأنه لم يعاشرها لسنوات ،، وكأنه ليس نصفها الأخر الذي يحفظها أمثر من نفسها .
تسللت نسمات الهواء الباردة لها لتضم جسدها بذراعيها مخاطبة الفتاة بتهدج منكسر وغيامة مشوشة أعمت رؤيتها : سأنتظره . 
رمقتها الأخري باستغراب مشفقة علي حالتها قبل أن تعود لعملها .. ومضي الوقت وتثلجت أطرافها ودموعها لم تتوقف والفتاة ترمقها بحيرة مشفقة بين الحين والأخر حتي هرعت إليها وهي تري رأسها يتدلي جانبا ولحقتها قبل سقوط محتم تعين منه فقدانها الكامل لوعيها لتنادي أحد الموظفين طالبة منه دكتور الشركة في حين التف الموظفين حولهما في فضول . 
توصلت لمسامعه صوت الجلبة بالخارج لتمتعص ملامحه في تساؤل ،، وخرج من مكتبه مُستكشفاً ليقع نظره فوراً علي هذا التجمع أمام مكتبه .. تقدم منهم صائحاً بعصبية : ماذا يحدث هنا .
أفسح الجميع له الطريق لتتبين له السكرتيرة الجالسة علي ركبتيها أرضاً وتحاول إيفاقة تلك الفتاة المتسطحة علي الأريكة فاتجه إليهم بخطواته لتتحول ملامحه من العصبية إلي أخري مبهمة وغير مفهومة ما إن رآها .. ما لبس أن كانت مندهشة ربما من تواجدها حتى الأن هنا قبل أن يسب بخفوت سراً وهو يختف بغضب لمساعدته : ألم أقل أن تخبريها أني مشغول .
جاوبته الأخري بتوتر : لقدفعلت ولكنها أصرت علي الانتظار .
جز علي أسنانه بغضب وبخفة حمل جسدها بين يديه وهدر بغضب في الموظفين : أيعجبكم العرض الجميع علي عملهِ وأنتِ اطلبي الطبيب فوراً .
ثم تحرك لمكتبه واضعاً إياها علي أريكة أخري برفق وراح يتأمل وجهها ملاحظاً الدموع الجافة عليه .. أمسك بيدها اليسري يتحسس نبضها ليصدمه تثلجها المصاحب لبياض شفتيها وأخيراً لاحظ ملابسها الخفيفة ليقف بغضب ملتقطاً معطفه الشتوي ووضعه علي جسدها ليدفئها ثم اتجه لزجاج مكتبه ووقف ينفث دخان سيجارته بشراسة حتي جاء الطبيب وعاينها وكانت كلماته : مناعتها ضعيفة للغاية ويبدو أنها تمر بأزمة نفسية تؤثر علي صحتها غير برودة جسدها العالية ،، تحتاج للدفئ والراحة سأعلق لها محلولاً سيجعلها تتحسن وبعد قليل ستفيق ،، اجعلها تحرص علي سلامتها .
أومأ راكان بصمت وجلس عسلي كرسي مكتبه يراقبها بشرود بعد خروج الطبيب ،، يعلم تماماً لما هي هنا ويعلم أنه سيشهد انهيارها حين تفيق ولكن كل هذا وهو لم يفعل شئ بعد .. لم يأخذ الأولاد منها حتي .. فقط وصلها طرد المحكمة وتلكَ حالتها فماذا ستفعل بعد أن تحكم له المحكمة .
تحلم هي إذا ظنت أنه سيترك أطفاله معها بعد الذي حدث ،، لن يتراجع ويتركهم بين يديها بعد اكتشافه خديعتها النكراء .
حلم صغير صاحب فقدانها لوعيها مما جعلها تهذي وهي تفيق ليقترب منها مُستمعاً لما تهذي بهِ : راكان .. أرجوك لا .. أعدهم لي .
وانتفضت جالسة وياليتهة لم تستفق ولو كان الإقتراب محلل لكانت احتضنته الأن فأكثر ما تحتاجه هو حضنه الدافئ وليست تلكَ النظرات المظلمة بعينيهِ .. تطلعت لحالتها المزرية وللإبرة بيديها فتجمعت الدموع بعينيها ونظراته تحرقها .. تلكَ النظرات التي لم تتخيل يوماً أنها ستذور حياتهم .. وأى حياة ولقد انقضت نهايتها  برمشة عين منه .. أخيراً تحدثت بهمس متوسل وكم يبدو أنها ستتوسل اليوم أمام نظراته تلك : يجب أن نتحدث .
نبرتها لم تردعه عن إجابتها بقسوة نبرته بعد أن اتجه لمكتبه مرة أخري جالساً علي كرسيه واضعاً قدم فوق الأخري ومسلطا أنظاره عليها : هممم تحدثي ،، قولي ما لديكِ بسرعة فليس لدي متسع من الوقت لكِ .
شهقة تبعت كلماته الجارحة .. لن يرحمها وسيظل يسدد طعناته لقلبها النازف ولكن لا مفر يجب أن تواصل من أجل طفلتيها ،، اعتدلت تقابله بعد أن مسحت دموعها بضعف لتزيل الغمامة اللامعة عن عينيها وبنبرة مرتعشة راحت تترجاه : ليس طفلتاي لا تحرمني إياهم أرجوك .
تشدق بسخرية يذكرها : طفلتاكي هم طفلتاي أيضاً إن نسيتي .
لحقت حديثه بسرعة بنشيج : نعم طفلتاك ويمكنك رؤيتهم بأي وقت وقضاء كل الوقت الذي تريده معهم ولكن لا تأخذهم مني .
ضحك .. ضحك بقوة قبل أن يُطالعها بوحشية أرعبتها وتحدث بزمجرة غاضبة : استمُنين علي برؤية أطفالي ،، لن أتركهم لمخادعة مثلك وسآخذهم بالقانون ولن تري وجههم مرة أخري بحياتك .
حسناً كان جرحهُ طازجاً لذا كان يجرحها دون أن يردعه قلبه عما يفعله بها .. أما هي كانت كمصعوقة من هذا الرجل التي لم تعد تعرف منه قيد أنملة .
أخذت تهز رأسها نافية معترضة علي حديثه وبإرتعاش نزعت الإبرة الطبية من يدها لتتدفق الدماء علي طول ذراعيها ولكنها لم تآبه وهي تهرع لتجلس علي ركبتيها أمام قدمهِ وتنخرط ببكاء مرير وهي تهتف بحسرة : لقد دافعت عن نفسي قبلاً وقلبك أصبح قاسياً .. قاسياً للغاية ،، لذا لن أقول أنني بريئة مجدداً ولكن أنا صبرت علي عقابك ووافقت علي عقاب بدون ذنب لذا أرجوك تذكر لي أي شئ خير وارحمني لن أتحمل فقدانهم وربي لن أتحمل يا راكان .. سأموت .
بح صوتها بالنهاية وراحت تشهق وتتنفس بصعوبة مُكملة : لقد حرمتني منك فلا تحرمني منهم ... لقد حرمتني أب حنون وبدلته بوحش قاسٍ فلا تحرمني ثمار هذا الأب هم أملي الوحيد بالحياة هم أكسجيني سأموت دونهم .
ثم راحتتتمسك بأخر خيط لديها وهي تري نظراته المتصلبة عليها وحاولت استعطافه : راكان مازالو صغار للغاية وأنتَ طوال الوقت في عملك من سيرعاهم يحتاجونني يا راكان .
راقبته بتشتت يرفع سماعة هاتف المكتب ليحدث مساعدته بجمود : أرسلي الطبيب لمكتبي .
قام بعد ذلك جاذباً إياها من ذراعيها ليوقفها قبالته ،، وصراع عقله وقلبه بعد أن شهد انهيارها كما توقع تماما تترجم بقبضته المؤلمة علي ذراعيها قبل أن يتحدث جاعلاً عقله ينتصر رغماً عنه إن رغب بالعكس .. فهو مشترك بإلقائهم في تلكَ الحفرة الظلماء : سأتزوج من ترعاهم يا مدللة وأنتِ ابقي دلالك واستهتارك لنفسك .
صاحت بذهول لا تعرف علي حمئة صدرها قصدت أطفالها أم هو والواقع جميعهم : لا لا .
ثم أمسكت ياقته بعنف ملطخة قميصة بدماء يدها قائلة بعصبية : طفلتاي أنا من ستربيهم أتفهم ،، لن يقولوا كلمة ماما لغيري ،، أنا والدت..
وقبل أن تُكمل نزع يديها عن بقسوة متحدثاً بسخرية : أظن أن موقفك لا يسمح لكِبرفع صوتك صحيح !
انتحبت بشدة وهي تري تحركه من أمامها وبدت كمن ستفقد عقلها مما يفعله ،، رباااه كم هو في حنانه ودفئه عطااء وكم هو في قسوته عطااء كذلك .. في الإثنان سيام ولكن هل هي تستحق .. هل هو بكامل وعيه ويري أنها هي من تلتقط عطاء قسوته المفجعة ،، ببكاء تحدثت لظهره : ماذا تريد بعد أتريدني أن أقبل قدميكِ سأفعلها ولكن اتركهم معي أرجوك يا راكان .
ملامحه كانت متشنجة لأبعد حد فبدت جامدة فقط دون تعبير مشفق ولكن في الحقيقة كان يتلظي علي النار .. هو واقفاً علي حبل رفيع للغاية وهي واقفة خلفة علي الحافة التي تركها عليها .. لا هو يستطيع العودة لها ولا هو يستطيع المضي قدماً وما باستطاعته فثط الوقوع .. ووقوعه كان انهياراً لها .. وقوعه لشياطين أفكاره السوداء كانت نهايتهم المظلمة .
نظر لساعته متحدثاً بصلابة أجادت نهاية الحوار : وقتك انتهي معي .
صاحب انهائه الحوار دخول الطبيب ليخبرع قبل أن يخرج من المكان والشركة بأكملها : افحص المدام كي تذهب .
تركها تنظر لسرابه بحسرة وقد أدركت أن قلبه تحجر وانتهي الأمر وإن ظنت أنها ستريح فهي خاسرة لا محالة .. خرجت بعده تجر أذيال تلك الحسرة بعد شعورها المتجدد بقدانها والدها للمرة الثانية وقد أيقنت اليوم أنها خسرته بالفعل .. وبدون أن تنتبه لعبارات الطبيب المتسائلة في تعجب لحالتها هامت مع عقلها حتي ركبت سيارتها تقطع بها الطرقات دون سبيل وقد نجح في شق ظهرها نصفين بجدارة .. ما أخرجها من عقلها الغائب لوعيها الحالي رنين هاتفها الذي استمر لوقت لا تعرف نهاية له دون أن يصلها أساساً ،،  حتي استمعت فأجابت علي حورية ولا تعرف من أين آتتها القوة لتطمئن والدتها : يارا ولارا نائمون يا ماما .
وكان رد حورية بالإيجاب فتنهدت راما وطلبت من والدتها خمس دقائق للوصول ،، حتي وصلت فاستقبلت حورية هيئتها المذرية وليست طفلتها المشعة .. وهيئتها كانت كفيلة للفصح عن مضمون المقابلة التي باتت بالفشل وابنتها وحدها من ستحصد النتائج .

#يتبع