-->

كاروت كيك - Carrot Cake - قصة قصيرة كاملة



كاروت كيك - Carrot cake

بقلم ريما معتوق


قارب المغرب على الأذان، وهي لازالت لم تنتهي من تجهيز كل شيء ، اسرعت تخرج الكيك من الفرن ليبرد قليلًا ، ثم لفت باقي الطعام بورق القصدير ليحتفظ بسخونته،  إلى أن يحين موعد الإفطار، وحدها في المطبخ كعادتها تعد الطعام فوالدتها أصبحت تلزمها بأعمال المنزل منذ رسوبها في المتكرر في المعهد.

وضعت صحن الكيك على حافة الشرفة لتبرد وجهزت باقي الاكل.


ذهبت لتنادي على والدتها فقد أقترب موعد  المغرب والسفرة  جاهز بكل مالذ وطاب، قبل قبل تطرق على باب غرفة والديها سمعت صوت والدتها عالي نسبيًا:

- ايوا يا محمد بس ده مش حيدفع لا مهر ولا شبكة ولا حتى مؤخر… البنت مش رمية عشان نوافق على كدا؟


 ليجيبها محمد بنبره صارمة:

- بنتك فاشلة في دراستها بقالها كم سنه بتسقط وكمان مش حلوه كفاية كرشها ولا شعرها الاكرت، احمدي ربنا ان في حد بص في خلقتها قبل ماتعنس وتقعد في أربزنا، بقولك ايه الحج عوض قال ان ابنه عايزها بهدومه اللي عليها يعني مش حنخسر عليها مليم يبقى نرفض ليه؟ وبعدين نوح راجل محترم  ومتربي قدامنا كفاية ان معاه شهادة عليها القيمة و رضى ببنتك الفاشلة.


أبتعدت عن باب الغرفه قبل أن تسمع باقي الحديث، فقد جرحها كلام والدها… لكنها شعرت بفرشات بمعدتها عندما تذكرت بان نوح قام بخطبتها


هل ماسمعته حقيقة ام انها تتخيل ذلك، نوح جارهم في العماره التي تقع اخر الشارع لطالما كان طيفه رفيقها منذ طفولتها، لكن الفرق بينهما شاسع لم تتخيل أن ينظر لها يومًا، صحيح بانه كإن دائما يبتسم لها عند رؤيتها في اي مكان لكنه يفعل ذلك للجميع، بل تكاد تقسم بانه لا يعرف اسمها حتى….


نوح خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سيرتبط بها هي!!!!!


- هبه بت ياهبه….


افاقت على نداء والدتها فأسرعت لها حتى لا تسمع توبيخ المعتاد منها.

مرت تلك الليلة دون أن تتحدث معها والدتها في الموضوع ولليالي اخره بعدها حتى ياست وظنت انها كانت تتخيل ماسمعته.

❈-❈-❈



ليلة العيد وهي تنهي تحضير كعك العيد في اطباق لتوزيعها على الاحبه والجيران كما جرت العادة في تلك المناطق الشعبيه، اخبرها شقيقها الاصغر بان والدها يريدها في غرفة، نفضت يدها من بقايا السكر الناعم وأتجه اليه … طرق الباب ثم دخلت عندما اذن لها، امرها بالجلوس ففعلت رغم استغرابه من طلبة ونبرته الحانيه التي لم تعتدها منه، رجحت الامر بأنه قرر ان يخرجها من المعهد كما هددتها والدتها عدت مرات بسبب رسوبها المتكرر.


أجلى حلقه ثم قال بنفس النبره:

- هبه يابنتي أنتي عارفة أنك غاليا عدنا عشان كدا اول ماربنا بعتلك نصيب وافقنا وقرينا الفاتحه و الفرح الاسبوع الجاي ان شاء الله.


 نظره له في بلاها غير مستوعبه ماقاله :

- هاء


عقد حاجبيه وقد تغيرت  نبرته للغضب:

- هاء ايه أنتي حتفضل هبله كدا على طول ؟ ماتعقلي بنت يا فوزيه 


أخير نطقه والدتها لتقترب منها  وقالت:

- اهداء بس البنت اتخذت ومش فاهمه اللي حصل، هبه ياحبيبتي نوح ابن عم  الحج عوض عارفه، طلب ايديك من ابوكي وهو مستعجل لانه حيسافر ولازم ياخدك معها وابوكي وافق والفرح خلاص الاسبوع الجاي.


لا تعرف هل تفرح ام تحزن؟


شعور غريب يراودها مابين السعادة التي لم تحلم بيلها… والتعاسة لانهم تعاملوا معها بذلك الشكل المهين!!!


الا يحق لها فرصه في التفكير او ابداء رايها، اليس لها الحق في خطبه مثل جميع الفتيات…. اذن ماسمعته صحيح هو لن يدفع شي وأهلها باعوها لا لم يقوموا ببعها بل قدموها كهدية مجانية.


هزتها والدتها لتخرجها من افكارها وقد نزلت دمعه يتيمه من عينها:

- مالك يتعيطي ليه بس


نظرت لها دون أن تجيب ثم قالت:

- طب جنلحق نخلص كل حاجه في اسبوع أنا ماعنديش حاجه؟


- هو عايزك بهدومك اللي عليكي


هنا جاءت الضربه القاتله من والدها:


- قالت والدتها محاوله تجميل الامر بعد ان شاهدت شحوب وجهها:

- انا كنت شايله كم حاجه لشوارك خوديهم والباقي تجيبه أنتي وهو على ذوقكم.


كاد ان يعترض والدها لكن نظره من عيني فوزيه جعلته يبتلع لسانه هي لا يفسد الامر اكثر.


مر الاسبوع كانه ساعه وللعجب لم ياتي نوح لرؤيتها او حتى حادثها على الهاتف مثل  جميع الخطاب الطبيعين، عندما سالت والدتها نهرتها وتحجتت بانشغاله وانه محترم لا يحب تلك الأشياء، يوم الفرح كانت تبكي تتوسل والدتها كي تعطيها مبلغ زياده لتقوم بمعالجة شعرها الا يكفي بانها قامت بتاجير فستان الفرح بدلًا من شرائه، لكن والدتها رفضت رفضًا  قاطعًا: 

- بقولك ايه هو ده اللي عندي لو مش عاجبك روح فرحك بالمنظر ده، هو اصلا يعرفك وعارف انك كرتك وراضي بيك بلاش تعملي فيها ام الشعور.


انهارت في بكاء مرير خصوصًا وانا عرفت بان والدتها كذبت عليها بقصه الشوار ولا تعطيها شيئًا تاخذها معها فقد قررت ان شقيقتها آولا بها بما انها تدرس في تخصص جامعي عالي وأكثر جمالًا منها.

❈-❈-❈


عند المزين كانت هبه حزينة جدًا لكنها فؤجات بان المراة بدات في معالجة شعرها دون أن تطلب منها


قالت في خوف:

- إنتي بتعملي ايه انا ماطلبتش منك..


قاعتها شقيقتها في تربت على كتفها في حنان:

- دي هديتي ليكي ياحبيتي، كنت عامله جمعيه  بس للاسف ماعرفتش اقبضها الاول ولا كنت اشتريتلك الفستان اللي نفسك فيه، بس انا و حامد جمعنا شوية فلوس  وقررنا نعملك هديه صغيره .


امتلائت عينيها بالدموع التي نزلت على خديها دون أذن، لم تشعر بهذا الحب منذ مده طوليه، احتضنتها شقيقتها بحب حقيقي


لتقول حنان شقيقة نوح:

- وسعي يامنه خليتي ايه لنوح بس


انطلقت الشحات بينهن وقد شعرت هبه أخيرًا بانها عروس.

اقيم الفرح في قاعه صغيره ذات زينه محدوده رغم ذلك كانت هبه في قمة سعادتها وهي تتابط ذراع فارس احلامها، نوح … الشاب الوسيم الذي خطف قلبها من أن كانت طفله، اخيرا اصبح زوجها… في الحقيقة هي لم تتخيل بانه قد يأتي هذا اليوم ابدًا، لم تحلم به، صحيح بانها صديقة شقيقته لكن بان ينظر لها نوح … امر لايصدقه عقل.


كان نوح ذو طلعه رائعه مثل العاده طوله و و وسامة لا غبار عليها تلك البدل التي يرتديها كم تليق بها،عكس فستانها الذي تبدوا فيه مثل البطه المحشوره بداخله، هي ليست بذلك التخن ولا القصر الشديد لكن الفستان اظهرها  كقزم ذو بطن كبيره، منظرهما لم يكن متناسق ابدًا، ولم تبلخل الالسنه على ايصال ذلك لها.


مر الحفل بسلام على الرغم من بروده ناحيتها، فهو لم يراقصها او حتى  يتبادل معه الكلام… مجرد كلمات عابر قليله


 عند دخولهم غرفة الفندق حيث سيبقوا ثلاث ايام حتى موعد رحلتهم لم يقم بحملها مثل الافلام والمسلسلات، فقد فتح الباب و دعاها للدخول قبله.


 تكلم بصوت لا روح به:

- ادخلي غيري هدومك في الاوضه دي وبعدين تعالي نتعشا


 ماذا هل يمزح!!! الن يقوم بمساعدتها في خلع فستانها؟ حسنًا ربما يعطيها فرصه كي تبدوا اجمل، دخلت للغرفه وحاولت خلع الفستان دون ان تفسده، بصعوبه أستطعت فعل ذلك ثم غيرت لذلك القميص ذوا الريش الكثير، لا تصدق بان امها اختارت هذا لتلبسه يوم زفافها؟ لن تستغرب اذا كان احد قمصان زفتها هي، لا باس لتمر الليلة وبعدها هي من ستختار ملابسها، غيرت وخرجت له لتجد بنفس ملابسه.


قالت وقد شعرت بالخجل دون سبب واضح:

- انا خلصت تقدر تدخل تغير براحتك


 للعجب لم ينظر لها بل جهز الطعام وقال بنفس النبره:

- تعالي كولي وبعدين ساهل.


رغم جوعها الشديد لا ان طريقة حديثه ابعدت اي رغبه لديها في الاكل، بالكاد وضعت عدت لقيمات في فمها،  لكنها لم تقم من مكانها حتى لا تكون فضه، بعد أن انهاء طعام قام ونظف مكانه ثم توجهه للغرفه ، انا هي بقت مكانها لا تعرف ماذا تفعل.


 التفت لها في تعجب:

- تفضلي مكانك؟


نظرت له وقد هالها جمال طلعته وهو يقف امام باب الغرفه فابتلعت ريقها:

- انا ايه اهو


دخلت خلف للغرفه  لتجده جالس يخلع حذاءه ثم دخل للحمام لعدت دقائق وخرج دون أن يغير ملابسه، اقترب منها فشعرت بخوف فطري  وعادت للخلف بتلقائية.


حمحمت قائلة في حرج: 

- احنا مش حنصلي الاول


نظر لها بطريقة غريبه لم تفهمها ثم هز راسه موافقًا.


❈-❈-❈


بعد ثلاثه ايام في المطار جاءت العائلتين لتودعهما، كانت شقيقتها تبكي بحرقه لودعها كذلك شقيقها وامها كانت متماسكه نوعا ما، اما عائله نوح كانوا لطفاء جدا معه خصوصا شقيقته حنان و والدته، التي اخذتها على جنب لتهمس لها بعيدًا عن الجميع:


- بصي ياهبه يابنتي نوح طول عمره هادي وصعب يفتح قلبه لحد، خليكي شاطره واكسبيه بالحنيه والصبر يبقي زي العجينه في ايدك، أنا اخترتك  أنتي بالذات عشان عارفه انك صبوره وبتستحملي و تقدري بحنيتك اللي الشارع كله يعرفها إنك تخليه يحبك ويتعلق بيكي، الست الشاطره اللي جوزها يرجع البيت من العشاء، فاهمه يابنتي.


احتضنتها وقبلتها ثم عادت معها لمكان الجميع، كل ذلك وهبه وتفكر في كلامها.


اخترك…. اذن هي من قامت باختيارها!!! ليس نوح، ربما يكون هذا سبب بروده معها، حتى في علاقتهم الحميمه لم يكن متلهف عليها مثل ماتوقعت؛ اليس جميع العرسان لا يطيقون البعد عن زوجاتهم خصوصًا في الايام الاوله؟


لماذا هو بارد معاها جدا، كانه يؤيدي مهمه رسميه، لا تشعر برغبته فيها، لا يقوم بمغازتها او تقبيله او فعل اي شي من الذي قرأت عنه في الروايات الرومانسيه و رأته في الافلام و المسلسلات او حتى سمعت عنه من قصص الجارت ؛ هذا هو السبب أذن.


لم تتكلم يومها لم تسأله ولا اليوم الذي يليه ولا الشهر الذي يليه ولا حتى السنه التي تليه.


مرت اول سنه بسرعه برتابه يذهب نوع لعمله ويعود عند المغرب ليجد بانها اعدت له أطباق شهيه من الاكل والحلويات، ياكل القليل حتى لا يزداد وزنه، الحديث بينهم محدود لا يحب ان يشاركها عمله حاولت كثيرا دون فائده


بعد سنه حملت وقتها شعرت بالسعادة ربما سيغر الحمل حياتهما، لكنها لم تشعر ابدا بانه سعيد لحملها، بل تكاد تجزم بانه حزين لذلك او مصووم.


جاء الطفل وتغيرت حياتها معه ( يحي) كم كان شبيهه بوالده بدرجة أسعدتها؛ جدًا قررت أستغلال الفرصه وطلب من نوح أن يقوم بدعوة زملائه في العمل و زوجاتهم بمناسبه عقيقة ابنه، في البداية عارض لكنها استطعت اقناعه بضغط من والدته.


كان الزياره ناجحه بكل ماتعنيه الكلمة من معنى، فهي طباخ مهاره ومضيفة لبقة جدًا، استطع كسب صادقت الكثير من زوجات زملائه في العمل لتكون لنفسها حياه بعيدًا عن العزله التي حبسها بها، وتعرف اخبار عمل بطريقة غير مباشره


 اكثر ما تعرف به هو تعلم طرق صنع الحلويات الجديدة رغم جهلها بلغة البلد لكن ذلك لم يوقفها ابدًا.


كما ان معظم زوجات زملاء نوح اعتدن طلب منها صنع كيكات واصناف الحلوايات لها، في البداية خشيت من رد فعل نوح لكنها وافقت على مضض، خصوصًا بانه لم يكن يعطيها اي مصروف شخصي وهي لم تطلب منه من شدة خجلها، كونا تزوجت من دون جهاز مثل باقي العرائس جعلها تشعر بانها اقل مكانه من ان تطلب منه  اي شيء.

 

صحيح بانه لم يكن بخيل لكنه ببساطه لم يهتم ليعرف ماتريد وماينقصها.

 

جاءت الاجازه و وقرروا النزول لرؤيت الاهل وحضور زفاف شقيقته حنان، استعدت  هبه للامر على مدار اسابيع فقد قامت بشراء الهدايا للجميع كما حاولت انزال وزنها قدر الامكان الذي زاد بعد الحمل لتفاجأ بانها حامل مره اخرى:

- حامل بالسرعه دي  أنتي مش بتاخذي مانع؟


اجابة وهي ترتعش من داخلها:

- مانا برضع وكنت فاكره ان ده مانع طبيعي وبعدين ده رزق من ربنا انت زعلان ليه بس


شعر بتأنيب الضمير خصوصا وهو يراها منكمشه على نفسها:

- مش زعلان انا بس عشان  يحي لسه صغير 


لم ترد عليه فهي نفسها لم تتوقع بان تحمل بهذه السرعه خصوصًا وان حملها بيحي تطلب اكثر من سنه


زفر ثم اقترب منها يضمها اليه في اعتذار غير معلن، قبل راسها ثم زاد ضمها اليه وقال في مرح:

- طيب عشان الحجه تتبسط اهو وانتي اتبطلي تعمل آكل غريب كل شويه.


نظرت له في امتنان وقد ارتسمت بسمة صافية على شفتيها.

❈-❈-❈

بقوا في منزل عائلة نوح عند عودتهم للوطن لعدم انتهاء تجهيز الشقة التي اختارها نوح بعد، كانت هبه اكثر من سعيده بذلك فهي تحب عائلته جدًا، كما ان منزل والديها قريب يمكنها الذهاب لهم كل يوم دون ازعاجهم بالمبيت لديهم؛ ما كدر صفوا تلك الرحله هي زوجه اخ نوح طه، فهي تغار منها جدا رغم انها اجمل منها كما انها تقرب لهم فهي ابنة خالتهم.عند المساء جلس الجميع يرتشون الشاي وقد جلبت  هبه قالب الكيكه المميز و وزعته عليه ليتذوقوه باستمتاع.


قال طه وهو ينهي طبقه:

- الكيكه تجنن عملتيها بايه لازم تدي الطريقه لحنان عشان تعملها.


لوت حنان شفتيها في امتعاص:

- وانا اعملها ليه انت  ناسي ان فرحي خلاص اخر الشهر، خلي مراتك تعملك اه نسيت دي مابتعرفش تعمل بسبوسه حتى.


تغير وجهه سناء وشعرت بالغير تحرقها خصوصا وهي تسمع خالتها تمجد طبخ هبه ومهارتها.


أبتسمت هبه وقالت بهدوء:

- دي كارت كيك اتعلمت برا سهله جدا حبقاء اعلمها لسناء وهي اكيد حتعرف تعملها احسن مني.


- موت ياحمار


قالتها حنان التي لا تطيق سناء وحقدها وغرورها.


نظرت لها والدتها بغضب لتضع باقي الكيكه في فمها: 

- سكتنا اهو


- وضعت سناء قدم فوق الاخر وقالت بنره ذات مغزى:- الا قوليلي يا هبه عرفتي البيبي بنت ولا ولد


هزت هبة راسها في نفي لتقول حنان في حماس:

- يارب بنت وعينها نص بني نص اخضر


ضحك نوح بصوت عالي:

- ودي بقاء تيجي أزاي ، يعني بني نعديها بس اخضر منين


نظر لها الجميع بدهشه وتعجب شديد، جعله يتعجب ويعيد ماقاله في ذهنه ربما قال شي مسئ خصوصا مع نظرات هبة التي كانت مذهولة.


فرصة جرئتها لتذل هبة وتريها مكانتها الصحيحة:

- ايه ده يا نوح انت ماتعرفش لون عنين مراتك؟


وأكملت بتشفي واضح:

- وأكيد  طبعًا نوح هيسميها جميلة مش كدا.


شحبت وجوه الجميع مع شهقة عالية من فم حنان، اما هبه فلم تفهم  ماذا تعني ولا لماذا تغيرت وجوه الجميع.


لتقول في استفسار:

- اشمعنى جميلة مش فاهمه؟


ارتفع حاجبي سناء في دهشه كاذبه:

- ايه ده انتي ماتعرفيش معليش مكنش قصدي.


عقدت حاجبيها وقد شعرت بان الامر وراءه شيء لكن قبل ان تستفسر وقفت والدة نوح وقالت في صرامه:

- خود مراتك يا طه وروح الوقت أتأخر.


وقف وسحبها خلفه في غل اما سناء فقد القت نظره شامته عليها.


حاولت حنان تشتيت هبه وتغير تفكيرها حتى لا تسال عن الموضوع، واما نوح فقد خرج ولم يعد تلك الليلة، لم تسال هبه احد عن الموضوع لانها عرفت بانهم يتكتمونه، لكنها سوف تعرف الموضوع من مصدر موثوق.

❈-❈-❈


مرت الايام وجاء فرح حنان ، كان كل شي معد بفرح وحب  وسعاده دون اراده منها شعرت ببعض الغبط ، فهي لم تشعر بتلك الأحاسيس في فرحها، لم يكن احد مهتم بها ولا بما ترغب  ابدا،….؛ كانت صاله الفرح رائعه جدا التزين ،كل ذلك لم يعني هبه في شي كانت تنظر فرصه  لتنفرد بسناء حتى تعرف منها كل شي، فمنذ ذلك اليوم و والدة نوح تبعها عنها ، وجدتها الجميع قد انشغلوا في زفت حنان فاقتربة من سناء تبعدها عن التجميع لتتحدث بهدوء، تبعتها سناء بنفس راضيه.

اخذت نفس وهي تستعد للسؤال الذي تخشي اجابته:

- سناء من الاخر مين جميله دي وايه حكايتها.


لمعت عيني سناء بظفر ولم يخفي ذلك عليها ثم قالت مدعيه البراءة:

- بلاش تقلبي عليكي الماضي خليكي كدا زي الثور في برسيمه احسن


لم تهتم بالاهانه المباشره التي وجهتها لها :

- انا عايز اعرف ومتخافيش مش حقول لحد انك قوتيلي حاجه.


- لو ماكنتيش تحلفي بس، بصي دي كانت زميلة نوح في الكليه بس هي من عيلة كبيره قوي وهو كان بيحبها من اول ماشفها، وسنه تانيه راح خطبها عشان كان خايف حد يخطفها منه، اصل البنت اسم على مسمى جمال ايه وشياكه ايه.


كانت ترمق من اعلى للاسف في مقارنة غير ناصفة:

- المهم اهلها ماوفوش مع ان البنت كانت شاريه  بس  قالته انها حتستناه رغم كدا مافيش شهور واتخطبت لواحد شغال في السلك الديبلوماسي هنا نوح كان حيتجنن و حتى وقف دراسه سنه، بعدها قرر يثبتها انه احسن من اهلها ودرس جامد وقعد يصاحب في العيال اللي اهليهم واصله عشان يشتغل في الخارجيه ، فعلا استعين وكان عايز يسافر بس خالتي صممت ان يتجوز وكل ماتجبله وحده يفشكل الجوازه، طبعا بنات العيلة كلهم عارفين قصته مع جميله عشان كدا محدش وافق عليه، لغاية ما خالتي رشحتك، وقتها هو رفض جامد وقال مستحيل وانه مش موافق ولا يمكن يقربلك، حتى خلتي خلفت انه لو ماتممش الجوازه مش حترضى عنه.

بيني وبينك عنده حق اصله يعني غير حبه لجميله انتي اتفرضتي عليه محدش عرف  بان جوز خالتي خطبك لا قبل الفرح بكم يوم بس.


القت عليها نظره لتجدها شاحبة وقد اخترقاتها كلمات لتنخر روحها وتسبب في ندوب لا علاج لها.


 اما هبه فقد اعاد عقله شريط زواجها منذ بداية، برود نوح معها… تذكر يوم الصباحية بانها فُجات بوالدة نوح تطرق عليهم غرفة باب الفندق مبكرًا بحجه انها جلبت  لهم افطار عرسان بدلًا من ذلك الذي يقدمه الفندق، وهي في الحقيقة سالتها مباشرة اذا اتم نوح زواجهم اما لا، رغم انها اجابتها بنعم لكنها ارادت التاكد فارتها هبه أغطية السرير الذي به دماء عذريتها لتحتضنها باكية؛ يومها لم تفهم سبب مافعلته لكنها سعدت له .


الان كل شي اتضح… جميلة ذلك الاسم الذي كان أحيانًا ينطق اثناء علاقتهم الحميمة وهي ظنت بانه يتغزل بها…. يالها من حمقاء كان يتخيل نفسه مع حبيبته .


شعرت بالم كبير ينتشر داخلها لدرجه لم تستطع معها الوقوف، بحدث عن اول كرسي وجلست عليه وهي تنظر للجميع سعداء يتراقصون على أنغام وجع قلبها؛ زاد الالم  ونزل الي اسفل ظهرها لتشعر بتقلصات اسفل بطنها  تزاد حدتها حتى كادت تصرخ، تحاملت على نفسها لتقف وتذهب لوالدتها لكنها شعرت بسائل ساخن ينزل بين قدميها، صرخت وهي تمسك بطنها فقد فقدت جنينها للتو.


❈-❈-❈


بعد مرور أسبوع ذهبت لوالدتها مع صغيرها صباحًا حتى تتحدث معها دون وجود آحد خصوصًا والدها.


اخبرت والدتها بكل ماعرفته وحياتها مع نوح، فقد سافر صبيحة زواج شقيقة كما كان مقرر ولم يؤجل بسبب ماحدث لها، فقد غير تذكرتها لشهر اخر كي ترتاح تم توافقه مع صغيرها.


انهت كاسه الشاهي تم نظرت لابنتها قائله:

- طيب انتي عايزه ايه دلواقتي ؟ مش خلاص اتجوزتيه وخالتي منه، احمدي رينا انه بيتقى رينا فيكي ولا عمره مد ايده عليكي ولا خانك، بقولك ايه احنا ماصدقنا ان حد  وافق يتجوزك وانتي لا جمال ولا علم ولا مال وكمان مادفعنا قرش في جهازك، ماتجيش دلواقتي تخربي على نفسك، سيبك من سلفتك دي وحاوطي على جوزك وبيتك، حاولي تخسي شويه وغيري من نفسك يمكن يتغير معاكي، مع اني شايفه ان الراجل محترم جدا انتي اللي طول عمرك متقرعنه على الفاضي، قصه اسئله وابعد عنه دي انسيها انتي مالكيش مؤخر ولا شهاده عشان تصرفينها  علي نفسك وابنك، حتى جوزك مالوش سكن عشان تعيشي فيه، واحنا مش حمل مصاريفك انتي وابنك، وكمان لم ترجعي مطلقة حتبقى سمعه على اختك وانا ماصدق ان دكتور معها في الجامعه طلبها مش عايز اميل بختها؛ استهدي بالله وارجعي لجوزك ومش عايز اسمع الكلام ده مره تانيه ما


 خرجت من منزل والدتها بقلب مكسور اكثر من الذي دخلت به، ها قد تخلى عنها اهلها  وليس لديها بديل سوى محاولة  امالة قلب نوح لها

❈-❈-❈

بعد شهر سافرت مع صغيرها لنوح، كان مشتاق للصغير جدا  ولها قليلًا وهذا اسعدها، قررت ان تنسى ماسمعته وتعمل بنصيحة والدتها، بدات في اتباع حميه و المشي لمسافات طويله مع صغيرها لتقلل من وزنها وقد اتي ذلك بثمار مبهره في فتره قصيره، ربما لصغر سنها لا تعرف، كما انها داومت على دعوه زملاء نوح مره على الاقل في الشهر ربما يجعله ذلك يتقبلها اكثر، بعد اربعة اشهر في احد تلك العزائم كان الجميع يتبادل الحديث لتقول مها وهي زميلة نوح في الدراسه وزوجة رميله في العمل:


- سمعتوا جميلة الدالي حتتنقل هنا الشهر الجاي، مكنتش متوقعه انها حتتتعين بالسرعه دي خصوصًا انها ماشتغلتش بعد التخرج.


لترد عليها اخرى:

- يا ماما دي عيلتها كلها في الخارجيه اول ماطلقت كان متعنيه لا واترقت كمان


 قال نوح بنبره بها امل سمعهتا بوضوح:

- هي اتطلقت امتي؟


- ايوا من كم شهر أصلًا حياتها كانت جحيم من أول الجواز مشاكل وضرب دي عملته كذا محضر.


قال وقد فاض الحزن والغضب من عينيه:

- ضرب هو كان بيضربها!!!!


هنا لم تستطع السكوت اكثر من ذلك:

- في حد عايز كيك تاني 


تعالت الاصوات انا وانا عايز شويه، تعرفي انتي لو تعمل محل حلويات تكسبي دهب؛ تعالت الضحكات ومرت الامسية بخير.


في الليل بقي نوح يتقلب في فراشة دون نوم شعرت به ولم تحاول ان تتحدث معه، عليها التجاهل حتى تعيش.


شهرين فقد وجاءت جميلة الدالي، لم يخبرها احد بل تصرفاته من اخبرتها…. اخذ اجازه من عمله اسبوع كامل قضاها يساعدها في الاستقرار وايجاد منزل قريب من العمل وامن، وغيره من الامور، استغربت في البداية فهو لم يفعلها عند عودتها مع الصغير، بل ذهب لعمله تاني يوم، حتى عند زواجهم لم  ياخذ اجازه بداء في العمل عند وصلهم فورًا بحجه انه لا يستطع اخذ اجازه، ولان بات الامر ممكن!


مرت الايام وهي صامته فقد تراقب تغير تصرفاته، تاخره في العمل اهتمامه الزائد بشكله، اهماله لطفله انتهي فقد اعتادت على ذلك.


طلبت منها مها الذهاب للافطار بالخارج ، ذهبت لكي في الموعد  وجدت مهما في انتظارها بوجهه مضطرب ، شعرت بان الامر ليس فطور عادي، تبادلت التحيه معها في هدوء ثم وضعت صغيرها بقربها وطلبت من القائمه ماتريد دون ان تسال مها عن ما بها.


بعد ان احضر النادل الطعام قالت مها بسرعه كانها تعترف بذنب:

- شوفي ياهبه انا صحيح اعرف جميلة من زمان وهي تعتبر صاحبتي بس انتي طيبه قوي وعمرك ما اذيتي حد واللي بيحصل ده مايرضيش حد، عشان كدا قررت اقولك وانتي حره بقا.


اخذت نفسا فقد كانت تلهت كمن كان يجري في مرثون:- بصراحه كدا نوح وجميله في بينهم علاقه وتقريبا متفقين على الجواز.


رغم معرفتها بذلك نوعًا ما الا انها صدمت بحق، لم تتوقع بان يبعها بتلك السهولة….. والسرعة.


لا تعرف كيف استطعت العوده للمنزل بعد ماسمعته، اول ماخطر في بالها ان تتحدث مع والدتها لتخبرها بالمستجدات.


 جائها رد والدتها بعد ماسمعته صارم جارح:

- ده من خيبتك معرفتين تخليه يحبك لحد ما لافت عليه غيرك


- في ايه تاني يتعمل وانا معملتوش ؟ ده انا قايده صوابعي العشره ولا هو حاسس، بس خلاص لو حيتجوز طز فيه انا حسيبه و


- تسيبه مين يابت، انا قلتك مالكيش مكان هنا، حتى لو اتجوز يبقى العيب فيكي تستحمل وتعيشي من اول وحده جوزها يتجوز عليها، بصي هو بس في الاول وبعدين اكيد حيرجعلك انتي ام الوالد، المهم شدي حيبلك وجيبي واد تاني واملي البيت عيال ماتبيقيش هبلة


لم تسمع بقية الحديث، كل ماسمعته خذلان اهلها لها مره اخرى، لتجيب بصوت ميت:

- ماشي ياماما مع السلامة.


اقفلت الهاتف ومعها صفحه اهلها للابد، عليها ان تجد خطه لتعيل نفسها وأبنها فهي لن ترضى بالذل اكثر من ذلك.


بعد صراع مع نفسها قررت ان تجد لنفسها طريقة للخروج بكرامتها دون ان تعطيه الفرصة لأحد يكسرها مره اخرى.


تعمدت ان تتجاهله في الايام التالية وهو سعد بذلك فقد كان ياتي للمنزل في اخر الليل، حتى ايام الاجازة يقضيها بالخارج وهي لا تسال، لماذا السؤال والجواب معروف.


في الحفلة السنوية للسفارة، تأنقت وجهزت نفسها لتظهر بشكل يليق به، فعلا كانت جميلة لاول مره في نظر نفسها، فقد بان عليها فقدان الوزن لتظهر ملامح وجهها الرقيقة، كانت ترتعد فهي ستواجه غريمتها امام الجميع.


- عند خروج من غرفتها كان نوح يجهز خطاب يلقيه عليها كي لا تذهب معه لكنه ذهل من منظرها لدرجه جعلته يفح فمه بطريقة مضحكة:

- انا جاهزه مش يالله بينا


لم يجب لثواني ثم حك رأسه وهو عاجز عن ايجاد سبب لمنعها من الذهاب لتلمع عينيه:

- موسى ايوا موسى فين.


- نايم عند جارتنا متخافيش عليه.


ذهب معها دون ان يحاول ايجاد عذر اخر فقد سحرته طلتها، كما سحرت باقي الحضور برقتها وخفة ظلها، لكنها تجمدت عندما اقتربت فاتنه ذات طول وجسد متناسق مثل عارضات الازياء، شعرها غزير ينسدل على طول ظهرها بلمعان ان دل على شي فهو دليل على انه ناعم دون تدخل علاجي مثل شعرها هي، اما عينها فكانتا حكايه  اخرى، وساعات بلون ازرق مثل امواج البحر.


لا عجب بان نوح وقع صريع هواها، مازاد حنقها هو صوتها الرقيق ، هي تنادي على نوح ليذهب اليها ركضًا متناسي وجودها معه؛ ظلت تنظر لهما… كم هما مناسبان لبعض كل شي بهما متناغم ، فقد كانت ترتدي فستان قصير لا يكاد يصل إلى ركبتيها مع فتحت رقبه واسعه اظهرت بياضها  اما حملات الفستان عباره عن خيط رفيع به حبات لؤلؤ  ليظهر جمال كتفيها.


صحيح بان لبسها يعتبر متحرر جدا بمقياس هبه وعائله نوح، لكن ذلك لا يمحي بانها كانت جميله اسماً وشكلًا.


طول الحفله تجاهلها نوح وقضى وقته مع جميله اما هي فقد تولت مها وباقي النساء امر التخفيف عنها، مهما حاولت فقد طعن ذلك انوثتها بشده، ربما كانت تود ان تستمر معه اكثر لكن مافعله جعلها تضع النهاية بسرعة.


عادت للبيت بعد منتصف البيت لكنها لم تنطق بحرف طوال الطريق وهذا جعل نوح يشعر بان هناك مشكله، سالها اذا كانت بخير دون ان يسمع منها رد.


عند دخولهم للمنزل وبمجرد ان اغلق الباب  اسرع ياخدها في حضنه ويحاول تقبيلها، لتبعده عنها بنفور واضح.


قالت وهي تبعد عنها:

- عايز اي يا نوح


شعر بالاحراج :

- عايزك وحشتيني


رفعت حاجب وهي تقول بتحدي:

- وده من امتى ان شاء الله

- قصدك ايه مراتي وحشاني فيها ايه، مش ملاحظه اننا بقلنا فترة بعاد عن بعض.


كتفت ذراعيها:

- ولاحظت ايه كمان بقا؟

- قصدك ايه مالك في ايه 


اكملت كانها لا تسمعه:

- لاحظت اني بقالي اكثر من تسع شهور مش بصلي وراك، لاحظت اني وزن قل، لاحظت ان ابنك بقال يمشي وبيقول ماما بس عمره ماقال بابا، لاحظت ان شغلي في الحلويات كبر، لاحظت اني من ساعة مارجعت وانا مكسوره رغم كدا ولا مره اشتكتلك ، ولاحظت ان سيرتك بقت على كل لسان وانتي بتجري وراء حبيبت القلب ونسيت انك متجوز.


- هبه احترمي نفسك


- انا محترمه غصبًا عن الكل الدور والباقي على دايره وراء راجل متجوز وهي..


اخرسها كفه الذي نزل على خدها بقوه.


 قال بغضب:

- ماسمحلكيش تهنئتها بكلمه دي حتبقى مراتي، لو عايزه تفضلي علي زمتي براحتك تقدري تقعدي مع امي وانا حبعتلك مصروفك انتي و موسى، لو عايزه تطلقي برضوا براحتك.



تركها ودخل غرفتها لتغرق في دموعها، كم لو كان صغيرها معها لتاخذه في حضنها فيخفف عليها الوجع، لكنها لم تستطع ان تذهب لجارتها بعد منتصف الليل خصوصًا وأنا اخبرتها  بانها ستترك الصغير يبت عندها، فق منت نفسها ببداية جديده مع نوح؛ دخلت لغرفة صغيرها تدعوا ربوها بان تنتهي ليلتها بسرعة.



في الصباح خرج دون ان يسال عنها فاسرعت لجارتها تحضر صغيرها منها دون ان تعطيها اي تفاصيل؛ مر باقي الاسبوع وهما يتجنبان بعضهما البعض وبعد مرور اسبوع اخر جاء من العمل مبكرًا ليجدها تلعب مع الصغير لتفجل من دخولة في غير وقته ويقفز موسى صارخًا ببكاء حار.


حاول الاقتراب منه لكنه اختباء في حضن والدته فشعر نوح بالم في صدره لكنه تجاهله وهو يجلس على الكرسي المقابل لها يف توتر واضح.


- سكتي الولد عشان في كلمتين مهمين لازم نتكلم فيهم.


زادت من ضم ابنها لها دون وعي:

- قول انا سمعاك 


حك  رأسه في حركها يفعلها عندما يكون متوتر وخائف من أمرًا ما:

- انا كلمت اهل جميلة عشان اخطبها منهم لم جم هنا الاسبوع اللي فات، بس ابوها رفض.


لوهلة شعرت بالفرحة بداخلها ويا لغبائها!


تابع نوح وقد اشاح بوجهه عنها:

- هو مش رفض خالص عنده شرط عشان يكمل الجوازه


بصوت مرتعش قالت وقد زادت ضم موسى لها:

- شرط ايه


 كأنه يطلق رصاص ليرديها قتيلة:

- لازم اطلقك، قال ان بنته ماتنزلش على ضره.


لم تسال على راية فالجواب واضح مثل عين الشمس.


استجمعت قوتها لتقول في شجاعه لا تعرف مين اين اتت لها:

- تمام انا حنزل بعد ماتخلص اجراءات الطلاق واسكن في الشقة هي خلاص بقت جاهزه 


ارادت ان تتابع لكن نظرته لها أوقفتها، يبدوا ان هناك مصيبه اخره.


قال بصوت مهتزا وقام قام من مكانه يعطيها ظهره:

- ماينفعش تقعدي في الشقة، ارجعي بيت ابوكي وانا حبعتلك شهريتك.


- ماينفعش ليه؟ انا حاضنه وبعدين امي رافضه اني ارجع عندهم من اول ماحكتلها على اللي حصل.


- خلاص اقعدي مع امي هي أصلًا بتحبك  ومتعلقة بموسى، على الاقل الاقي حجه اشوفها بيها لان حالفه ما ادخل البيت لو طلقتك واتجوزت جميلة.


اقتربت منه تمسك بذراعه:

- ماينفعش اقعد في الشقة ليه؟


صرخ بها:

- لاني كتبتها باسم جميلة هدية في عيد ميلادها عشان توافق نتخطب.


نظرت اليه بازدراء، اول مره تشعر بانها تحتقره هو فعلا ضعيف ومريض … مريض بجميلة.


- على فكره انتي وهي تستاهلوا بعض جدًا.


ذهبت لغرفتها دون ان تفسر كلامه وهو لم يحاول ان يتبعها خرج فورًا ولم يعد لتلك الليلة ولا الايام التى بعدها.


كانت تفكر في مصيرها بعد عودتها، فوالدتها لازالت على تصميهمها رغم ان اخوتها اخذوا صفها لكنهم في النهايه لا يستطعون فعل شي، قالت له بان تبقى مع والدته نوح كما اقترح عليها فهو المسؤال عنها وعن ابنها، كما منعتها بان تخبر احد بطلاقها حتى لا تتاثر شقيقتها، اما والدة نوح فلا تكف على مكالمتها ومحاولة تطيب خاطرها بكلامات لا تجدي.


دق الباب لتفتح وتجد مها امام الباب، دخلت واجلستها لتعد لها القهوه وما ان احضرت القهوه حتى اخذتها مها التي بان عليها الحزن الشديد.


- انا مش عارفه اقولك ايه بجد قلبي عندك، منك لله يانوح الله مش عارفه بعد مابعته واهانته واتجوزت غيره ازاي يرجعلنا تاني ده ماعندوش كرامة.


- مها معليش مش عايز حد يهينه قدامي مهما كان ده ابو ابني.


- طب واللهي مايستاهل ظفرك.


لم ترد بل نزلت دموعها واخبرتها بما قرره وما حدث مع والدتها، كانت اول مره تخرج مابداخلها واسرار بيتها لاحد،اما مها فقد سمعت منها دون مقاطعه حتى انهت حديثها بالكامل ثم عادت بظهرها للوراء

- ماينفعش تقعدي عند امه، مهما كانت زعلانه منه دي امه في الاخر حيجي يوم وتسامحه اكيد  وجميله احتمال تخلف وتدخل عليهم انتي بقاء وضعك حيكون ايه؟ وبعدين الحربايه سلفتك مش حتسيبك في حالك ابدا


قفزت من مكانها وقالت بحماس:

- انا عندي حل لمشكلتك.

- ايدي علي كتفك، قولي


 قالت ببطأ:

- بس ده محتاج قوه قلب تقدري.


قالت بتهكم:

-ايه هشتغل رقاصه!!

- هو شغل بس مش رقاصه طباخه.

- اييييييييييه

- اهدي بس، بصي انا عندي فلوس وانتي عندك صنعة، التورتات والحلويات اللي بتعمليها اللي بتعمليها حلوه جدا ولا اجدع شيف فرنساوي، كمان بتغير في المكونات عشان تبقي صحيه عشان الرجيم بتاعك رغم كدا طعمها حلو جدا، يبقى انا براس المال وانتي بالشغل ونقسم الارباح بينا، ولو على السكن في العماره بتاع باب في شقة صغيره كدا هي مش ولابد بس متقدي الغرض لحد ماوضع يتحسن والمحل اصل في نفس العماره. اه ايه رايك؟


طلبت مهله لتفكير في العرض هي فعلا ليس لديها بديل، لكن هل سيرضي  واهلها ، اهل نوح


قبل ان يعترضوا لماذا لم يمنعوا نوح من مافعله، قررت ان تصلى استخاره لتحسم امرها.


❈-❈-❈


بعد ست اشهر كانت قد استقرت في الشقة التي  توجد في عماره اهل مهما، كانت شقة فوق السطح لا تصلح لسكن الكلاب… لكنها نظفتها وبقليل من الطلاء وبعض الأثاث  تغير وضعها كثيرا، كما اقامت حديقة صغيره بجانب الغرفة زرعت بها بعض الاعشاب ذات الروائح النفاذة تستخدمها في صنع حلوياتها، اما محل الحلويات فقد ذاع صيطه واصبح لها زبائن دائمين، مهما جعلها تاخذ المحل الذي بجانبها وتفتحه لتكبر المخبز وتضيفه له عتدت طاولات وخدمه تقديم الشاي والقهوه، والدتها رفضت مافعلته كما رفضت استقبالها في المنزل و والدها كذلك لكن اخويها لم ينقطعى عن زيارتها ابدا، كذلك حنان شقيقة نوح، والدة نوح غصبت منه في البدايه ثم تناست الموضوع خصوصًا بعودة نوح بعد ان تم انهاء خدمه في الخارج بتحريض من طليق جميلة، فقد حدث مثلما قالت مها سامحته والدته و قبلت به وبي جميلة زوجه به.


لم تتاثر لسماع ذلك فقد مسحت اي ذرة حب تجاهه ان وجدت من الاساس، اكتشفت ان ماحملته هو هو اعجاب او انبهار لكنه ليس حب ابدا.


مرت السنوات ولم تنقطع هي عن زيارة جدة موسى فقد حرصت على علاقة طفلها باهله حتى والده رغم انه لم يكن متلهف له، استطعت بعد فتره كسب رضى والديها خصوصا بعد زواج شقيقتها وشقيقها، لكنها رفضت العوده والعيش معهم، فقد استقلت بحياتها  ولون تسمح لاحد بان يتحكم بها من جديد.


في عيد ميلاد موسى الخامس عشر تجمع الجميع في منزلها الصغير الذي اشترته منذ مده ماعدى نوح الذي تخلف كالعادة، كان الجميع  فرحين وقد امتلاء المنزل بالاطفال، ابناء شقيقها وشقيقتها وابناء حنان وحتي ابناء طه الذي اتي مع سناء هي تشتاط غيط منها مثل كل مره؛ انتهى الحفل وذهب الجميع ام موسى فقد كان يجلس في الحديقة غاضب بسبب عدم حضور والده.


ربتت على شعره الحريري مثل شعر والده:

- اكيد في حاجه شغلته عارف بابا مشغولياته كثيره 

- قصدك ان الست اللي تتجوزها منعتها مش كدا

- ولد عيب احنا قلنا ايه.


قال بغضب وقد بدأ صوته يتحول للخشونة ببطأ:

- مش عارف بتدافعي عليه ليه مش كفاية انه خانك وسابنا نعيش لوحدنا كل السنين دي.


تنهدت ثم جلست مقابل له:

- بصي ياحبيبي اولا بابا زي ماقلت خاني انا ماخنكش انت، ولا سابك زي ماقلت انا اللي ماكنتش اقدر اعيش من غيرك وهو كثر خيره عمره ماحاول ياخذك مني، انت ليكي اب واحد مهما حصل لازم تحترمه انت ابنه الوحيد يعني بكرا حتكون عون ليه.


نطر لها بفخر شديد فهي رغم انها لم تتحصل على شهادات عليه لا ان كلامك دائمًا صحيح ومنمق، افضل من اي سيده حاصله على اعلي الشهادات.


ابتسم لها وقال وهو يغمزها في مرح:

- طب مش حترضى على عم مؤمن ده بقاله خمس سنين رايح جي علي المحل لغاية ما الراجل ياعيني حيجلوا سكر.


احمر وجهها خجلا:

- بس عيب بعدين ايه الكلام ده


ضحك :

- ماهو طلبك مني ومن خالوا عشرومية مره حني ياستي انا موافق على فكره.


ضحكت في خجل وقد شعرت بانها فتاه صغيره يتم خطبتها لاول مره.

- خلص امتحاناتك بس وبعدين سهلة.

- يعني نقول مبروك


جائهم صوت نوح من خلفهم وهو يقول:

- مبروك لمين


عبس وجه موسى:

- لماما طبعا حتتجوز بعد امتحاناتي 


ظهرت الدهشه على وجهه ورفع عينيه لينظر لهبه، لاول مره يلاحظ بان عينها خليط بين البني والاخضر الغامق، كم هي جميلة، كيف لم ينظر لها طوال فتره زواجها، وجهها ذو الملامح الرقيقة حتي جسمها لم يكن بالبشاعة التي يذكرها بل متناسق جدا بالنسبه لامره في سنها!!!


سنها لم يتعدي السابعة والثلاثين بعد بل قد تكون أصغر يعين انها قد تنجب اذا تزوجت ليقع قلبه بين قدميه ثم عقد حاجبيه وقال:

- انتي بجد حتتجوزي  في السن ده ده ابنك بقا طولك مش عيب عليكي.


هزت رأسها في ياس وهي تنطر اليه فهو كبر بسرعة، غزا الشيب راسه كما كثرت التجاعيد في وجهه، رغم انه لايزال في بداية الاربعينات فقد؛ قالت بهدوء كانها لم تسمع شيء:

- تحب تشرب ايه ولا اجيبلك من التورته.


رغما عنه قال بغيره:

- هبة انا بتكلم بجد مش حسمحلك انك تتجوزي حاخد حضانه الولد.


نظر موسى لوالدته وهو يرغب في الرد لكنها حذرته بنظرة من عينيها.


 قال بنفس الهدوء:

- موسى حبيبي الوقت اتاخر روح نام بابا حتشوفه في الويك اند.


قام من مكانه بعدم رضا ودخل للمنزل، اماهي فقد انتظرت دخول ابنها لتلتفت له:

- اولا انت مالكش اني اتجوز او لا، عايز تاخذ موسى اتفضل زي ماقلت بقا طولي وطولك راجل شنبه خط خلاص، لو مراتك تسمح ماعنديش مانع خالص يعيش معاك وهو في السن ده؛ انما تحاول تهددني وتلوي دراعي انسى.


شعر بلكمة في معدته، يعرف بان جميلة لن تسمح بذلك هي ترفض حتي ان يقضي نهاية الاسبوع في شقته، بل تصر على الذهاب لمنزل والديها عند مكوثه بها فهو دليل خيانة على حد تعبيرها، ويذكرها بعدم قدرتها علي الانجاب.


- الوقت اتاخر وانا ست مطلقة مش عايزه حد يتكلم عليا 


هذه المرة شعر بصفعه على وجهه ليخرج مطاطي الراس مطرود من نعيم زوجة وابنه، فهو من تبرأ من النعمة ليحرم منها.

الخاتمة


بعد سنة ونصف في منزل هبة الذي اصبح منزل هبة ومؤمن ويحيى والصغيرة ميلا.


اقيم سبوع لها وكان موسى الاكثر سعادة بها فهي صغيرة بوجنتين منتقختين لا يمل تقبيلهما، عينيها مثل عيني هبة اما شعرها فهو خشن مثلها ايضا!


قال وهو يقبل الصغيرة:

- يعني ياماما ماكنش ينفع يطلع شعرها زي .


ضحك الجميع واجابه مؤمن الذي لم يترك زوجته ابدا بل ظل بقربها خائف عليها اكثر من طفلته:

- بالعكس كدا احلى بكثر انت ماشفتش الاصل ولا ايه


همست عمته حنان في اذنه:

- ياغبي دي لو طلع شعرها حلو مش حتلاحق من العيال اللي بتجري وراها، مش شائف مامتك بشعرها ومدوبه مؤمن وراها من كام سنة


- سمعتك على فكرة


قالتها هبة بمرح ليضحك الجميع، ويقترب مؤمن يقبل خدها بحنان وهو يقول ربنا مايحرمني منك.

تمت