-->

الفصل الثاني عشر - أنين وابتهاج





الفصل الثاني عشر



كانت تحلم معه العديد من الأحلام، 

لكنه قرر أن يحققها ولكن مع غيرها ليس معها_


❈-❈-❈


بعد مرور عدة أيام 


كان اليوم هو اليوم المنتظر لدي الجميع، كانت الاء تشعر حتى الآن أنها في حلم بل كـ.ابوس وستسيقظ منه، عقلها لم يصدق ما يحدث اليوم،  تتمنى ان يكن كل ما يحدث أوهام وخيال، تشعر بمزيج متعدد من المشاعر بداخلها، لم تنجح في تحديد أي منهم، لكن قلبها يؤلـ.مها بشدة، قلبها هو اكثر شئ ظُـ.لم من بين كل ما يحدث.


بداخلها بر.كان مشـ.تعل من النير.ان سينفجر بداخلها في أي وهلة، جميع خلايا عقلها مشتعلة لم تتحمل الكلمة من أي أحد، لا تريد اي احد يتحدث معها في أي شئ سيحدث اليوم، تفتقد الجميع تتمنى ان يوجد احد تشتكي له ما تشعر به، لكن لم تجد احد في ذلك الحين.


تجلس بمفردها مع ذاتها في الغرفة،  يداهمها ذكرياتها معه، جميع ذكرياتها معه هو، لم تتذكر يوم مر عليها من قبل من دون وجوده، هو كان معها وبجانبها كل يوم. لم تصدق انه سيتركهها اليوم، ويخطب نهى، ستراه بجانبها في الحفلة، لا تعلم لماذا يفعل بها كل ذلك؟! وهل يفعل ذلك عن عمد أم لا؟!


تتمنى ان تجد اجابة تقنع بها عقلها، وتجعل قلبها الذي ير.تجف وينهشه الخو.ف يطمئن ويهدأ، لكنها لم تجد، لم تستطع أن تجد مبرر واحد له ولفعلته التي تكسـ.رها وتكسـ.ر ما بداخلها.


تلعـ.ن قلبها الذي لازال بعد كل ذلك لم يصدق ما يحدث، ومازال متعلق به وبحبه الذي ينبضه، فاقت من شرودها مع ذاتها مجبرة على صوته الذي صدح في الغرفة فجأة بأسمها. 


كان يقف أمامها يضع يديه داخل جيب سترته ويطالعها بتمعن ولمعة تضوي داخل عينيه، كأنه يحفر صورتها وهيئتها بداخله،  بينما هي لا تعلم كيف ومتي قد دلف غرفتها، أسرعت تعقد حاجبيها معًا بدهشة، الهذا الحد كانت شاردة حتى انها لم تنتبه إليه، أردفت سريعًا تحدثه بنبرة عدائية جامدة، وهي تنهض من فوق الفراش لتصبح واقفة قبالته 


:- أنتَ إيه اللي جابك هنا، وإيه اللي دخلك اوضتي أصلل، اتفضل برة لأتك من الحاجات اللي غير مرغوب فيها. 


رفع حاجبه إلى أعلى أثر كلماتها بينما هي بادلته نظراته بضيق وحدة حيث كان الشرر يخرج من عينيها الغاضبتان. 


اقترب منها بهدوء قاطعا المسافة بينهما، و اخيرا قد صدح صوته يرد عليها بتفهم وحنو، هو يفهم ما تشعر به في ذلك الوقت جيدًا، قرر ان يقطع حرب النظرات الدائرة بينهما بصمت


:- اوضتك وكل حاجة مليش حق اعترض، بس أنتي ناسية حاجة واحدة يا لولي، إن كانت دي اوضتك فأنتِ قلبي، وإن كان أنا من الحاجات الغير المرغوب فيها، فأنتِ بالنسبة ليا الرغبة كلها يا أجمل لوليتا في الكوكب كله. 


تمنى أن يختتم حديثه وهو يضمها داخل حضنه وبين ضلوعه، يغمرها بحبه وعشقه لها الذي يسير في اوردته، يبوح لها عن مشاعره العاشقة التي بداخله نحوها.. 


أسرعت تخفي ابتسامتها ومشاعرها الحقيقية التي نمت بداخلها بعد استماعها إلى حديثه بمهارة، وردت عليه بعصبيه شديدة، بعدما قد تحشرج صوتها وهي تشعر أنها على وشك الأنفجار باكية في أي وهلة، تناقض تصرفاته يجعلها تتراجع عن كل خطوة تخطوها في الابتعاد عنه وترك حبه، تتمنى ان تفهم ما يفعله هو الآن في حياته وحياتها 


:-طب قولى بقى طالما كدة، وبتحبني وجوة قلبك زي ما بتقول يا أستاذ، إيه بقي سبب خطوبتك من الزفـ.تة الحر.باية دي؟! 


تنهد عدة مرات متتالية بصوت مسموع قبل أن يجيبها بهدوء غامض وثقة تملأ نبرته القوية كعادته، و شبه ابتسامة لاحت فوق ثغره تزينه بعد رؤيته لها يشعر ان كل ما بداخله يتغير


:- هتعرفى كل حاجه فى وقتها صدقينى يا لوليؤ عايزك بس تثقى فيا، واعرفى انك أغلى حاجه موجودة في حياتي كلها،  بس خلينا كدة أفضل وهتعرفي في الآخر كل حاجة، بغدين مش هخلي نهي تضايقك وىا تكلمك بحرف وا.. 


قطعت حديثه وردت عليه بشراسة و غضب يملأها بداخلها لم تنجح في إخفاءه 


:- متقدرش اصلا، أنا مش هسكتلها ولا هسمحلها تقول كلمة، وشكرا بقى مستغنيين عن خدماتك اتفضل برة زي ما قولتلك مش حابة وجودك في اوضتي. 


اجابته على سؤالها لم تريحها، وتطمئن قلبها كما كانت تريد، لكنها تاكدت من أن هناك شئ يخفيه عنها وتعلم أنها مهما حدث لن يخبرها به.


أصبحت تشعر أنها كالتائهة التي لا تعلم شئ،  لا تعلم أين قلبها اصبح، وأين عقلها، لم تعلم أين هي من الاساس، أصبحت كالواقفة على مفترقات طرق لا تعلم الطريق أي طريق الصواب من الخطأ، والأهم هل الطريق الذي ستختاره هو الصواب أم لا؟ 


_ما يوجد أصعب من فقدان مكانة نفسنا بداخلنا، نفقد ذاتنا ولا نعلم آين نحن؟!!_


بينما عمر قد خرج بالفعل من الغرفة بعدما اطمأن عليها، كان يخشي ان يكون قد اصابها شئ، يريد ان يراها دائما امام عينيه، قبض فوق يده حتى ابيضت مفاصله من فرط الغضب الذي يشعر به، يريد أن ينهي كل شئ سريعا لاجلها، لم يتحمل كل ما يحدث وابتعاده عنها، فذلك أكثر ما يزعجه. 


لكن قبل أن يدلف غرفته استوقفه صوت والدته وهي تهتف بأسمه بنبرة حادة مقتضبة، فقطب ما بين حاجبيه بدهشة بدت فوق معالم وجهه، فهي منذُ أن عملت بخبر خطوبته وتعب الاء بعدها وهي اصبحت لم تريد أن تتحدث معه، أصبحت تتجنبه، افتقدها وافتقد دعمها هو الآخر،  أسرع يتوجه نحوها و أردف يسأل اياها بهدوء، واهتمام


:- ايوا يا ماما في حاجة؟ 


ردت عليه بنبرة حادة مقتضبة، وتمتمت تسألته بصرامة وجدية


:- إيه اللي دخلك عند آلاء مش خلاص المفروض، يعني أنتَ هتخطب أظن إن المفروض دلوقتي تكون بتكلم خطيبتك وتحضر نفسك، قولتلك آلاء ملكش دعوة بيها من بعد كدة، مش كل شوية تتعب بسببك مينفعش كدة، بدل ما اخدها وأروح نقعد في الفيلا بتاعت اخويا. 


أردفت جملتها الأخيرة بنبرة تهديد واضحة، بينما هو رد عليها بضيق، و غضب وهو يتأفأف عدة مرات


:- إيه يا ماما هو إيه اللي اخدها وامشي، أنتِ فاكراني عيل صغير مش هعرف أرجعكم مثلا،  بعدين أنتِ ناسية أن آلاء زيها زي نغم أختي ازاي مليش دعوة بيها. 


كان يتحدث بحدة وغضب، فأسرعت ترد عليه بغضب هي الأخرى 


:- لأ يا عمر آلاء مش زي نغم، بعدين من امتى وأنتَ بتعتبرها زي نغم،  أنتَ بتضحك عليا ولا على نفسك، هي مش كانت بر.. 


قطعها بضيق وهو يشعر بمشاعر متعددة بداخله، حديث والدته يضغط عليه وعلى كل ما بداخله،حاول أن يخفي مشاعره، ووضع يده داخل جيب سترته،  ثم وقف يطالعها ببرود يبدو على هيئته 


:- من زمان يا ماما، من ساعة ما خالو الله يرحمه ما  مات وآلاء بقت عايشة معانا،  ويمكن قبلها كمان،  أنتِ اكيد عارفة إني بعامل آلاء زي اختي و اللي في دماغك دة مش ممكن يحصل، اصلا فبخطوبتي انا و نهى أو من غيرها اصلا مش هيحصل. 


أردف جملته وأعطاها  ظهره ثم ذهب، و هو يشعر بالضيق و الحزن،  يشغر بجرح عميق داخل قلبه قد ازداد ذلك الجرح بشدة، يعلم أن لا أحد يشعر به لأنه لم يسمح لأحد أن يشاركه فيما يفعله، دلف غرفته وجلس بجذعه فوق الفراش بوهن، ثم وضع يده فوق صدعيه بضيق، يريد أن يأخذ آلاء ويهرب بها بعيد عن كل شي،  يذهب الي مكان منفصل لا يوجد به سواهما هما فقط، هو لا يحتاج سواها في حياته.. 


دلفت سناء عند آلاء وجدتها تجلس فوق الفراش شاردة الذهن كما كانت تجلس من قبل، اقتربت منها ووضعت يدها فوق كتفها تهز إياها برفق حتى نجحت اخيرا في جذب انتباهها، جلست بجانبها و أردفت قائلة لها بهدوء 


:- إيه يا حبيبتي كنت فاكراكي نايمة معرفش انك صحيتي تعالي يلا نفطر يا حبيبتي أنا مستنياكي. 


ردت عليها آلاء بضيق وقد بدا الحزن في عينيها المنطفئتان 


:- لأ يا عمتو، معلش مش هعرف اكل، أنا هقوم اشوف فريدة وأبدا اجهز عشان الحفلة بتاعت الخطوبة، ولا هروح كدة مثلا. 


طالعتها سناء بعدم تصديق، وبدت الصدمة فوق معالم وجهها، وأردفت تسالها بذهول، وهي تكذب اذنيها مما استمعت إليه للتو 


:- إيه دة أنتِ رايحة الحفلة بتاعت الخطوبة؟ 


اومأت لها برأسها إلى الأمام بتأكيد ، وردت عليها بمكر انثوي تخفيه بمهارظة شديد خلف نبرتها الهادئة المزيفة، وقد لاح فوق ثغرها نصف ابتسامة ماكرة تعبر عما تنوى فعله 


:- آه طبعا يا عمتو،  يعني هو ينفع مروحش مناسبة زي دي، انهاردة خطوبة عمر ابن عمتي، دة زي اخويا ونهى صحبتي وحبيبتي، مينفعش مروحش يلا أنتِ كمان قومي اجهزي أنتِ كمان. 


شعرت سناء بالصدمة الجمت لسانها وصوتها تماما بعدما استمعت إلى حديثها، لكنها حاولت أن تتمالك ذاتها وترد عليها بهدوء وحنان كعادتها معها 


:- ماشي يا حبيبتي اعملي اللي يريحك طبعا، بس أنتِ متاكدة إنك عاوزة تروحي، مش هتروحي عشان الكلام بتاع الناس وبس لو عشان كدة متروحيش. 


اومأت برأسها إلى الأمام،  وهمهمت تجيب إياها أنها قررت أن تذهب الحفل، ثم تحركت نحو الخارج متجهة نحو غرفة فريدة.. 


❈-❈-❈


تفاجأت عندما وجدتها لازالت تجلس في غرفتها، لم تبدأ في إعداد ذاتها كما كانت تتوقع،  فهي كانت تجلس الغرفة بوجه شاحب وقد شرد ذهنها في تفاصيل مواجهتها الأخيرة مع تامر قبل أن يسافر كما اخبرها، انفجارها الذي حدث عندما لم تقوى على السيطرة على ذاتها.. 


❈-❈-❈



تحدث حينها بنبرة غاضبة حادة، وقد فاض بها الأمر ونفذ صبرها، وطاقة تحملها لكل ما يحدث، و كإن قد حان وقت انفجارها بكل ما تكبته داخل قلبها وعقلها


:-حرام عليك بقى يا تامر، أنا تعبت بجد ميرضيش ىبنا الي أنتَ بتعمله فيا من غير ما أعمل حاجة، أنتَ بتعاملني كدة ليه، هو أنا عملتلك إيه، ليه دايما بتتعمد إنك تقلل مني، كأني واحدة مش كويسة، وتضايقني كل شوية بكلامك وتصرفاتك، بتهرب مني بسفرك وشغلك بتحسسني إني حاجة مفروضة عليك، بشوف في عيونك نظرة كره ليا ولا كأني عدوتك ليه كل دة من حقي أفهم؟!


كانت تتحدث بسرعة شديدة، فصمتت لوهلة وبدأت تلتقط أنفاسها، ثم استردت حديثها مرة أخرى بعدما قد ازدادت دموعها بشدة تسيل فوق وجنتيها كالشلال


:- أنا بجد فقدت ثقتي في نفسي بسببك، اعرف دايما أن المفروض الزوج يبقي أمان ودعم لمراته، لكن أنتَ بقيت اكبر نقطة خوف ليا،  بقيت أخاف لما تضحك في وشي مرة احسن ترجع تاني تعاملني ببرود، بقيت اخاف اتعود على وجودك احسن تختفي زي عادتك كل مرة،  انا معاك اتعلمت الخوف وبس، ليه كل دة أنا عملت إيه في حياتي بتعاقب عليه، كنت فاكرة أن لما هنتجوز هرتاح شوية عن اللي شوفته قبل كدة، لكن بالعكس أنتَ هديت كل حاجة بحلم بيها، و أنا معملتش حاجة أصلا عشان يحصلي كل دة. 


كانت تتحدث بصوت ضعيف خافت، و دموعها تنهمر بغزارة شديدة فوق وجنتيها اللتان قد اصطبغا باللون الأحمر اثر انفجارها به، كانت تشعر بحمل ثقيل في قلبها يزداد يوما عن يوم حتى تحول ذلك الجرح الصغير إلي فجوة  كبيرة لا تعلم متى ستنتهي؟!

وهل من الممكن ان تنتهي أم لا؟ ولكن ما تعلمه وعلى الاكيد أن حتى ولو انتهت الفجوة ستظل ندبتها بداخل قلبها تسبب لها الآنين بين كل حين وآخر. 


وقف تامر  يستمع الى حديثها وكا كلمة تتفوهها بصمت تام، لم يصدر منه أي رد فعل هي مُحقة في كل ما تفوهت به، لأول مرة في حياته منذُ أن تزوجها يشعر بمدى قسوته وجحوده معها، شعر بمدي معاناتها التي حدثت لها بسببه وبسبب أفعاله معها. 


وقف كالعاجز لم يستطع أن يرد عليها بماذا يرد ويتحدث بعد كل ذلك؟! جميع الكلمات والحديث لم يعي شئ بجانب وجعها وما حدث لها، تمنى أن يضمها داخل حضنه و يربت عليها بحنان حتى يستطع أن يمحي حزنها وآلامها التي تشعر بهم بسببه، لكنه لم يستطع للأسف، حتى الآن لم يستطع في هدم الأسوار والحواجز بينهما، يوجد شئ بداخله يمنعه.


مازال لم ينجح في خروج حب بسملة من قلبه، هو الآخر تحت ضغط كبير، صراع وحرب كبيرة تدور بداخله لا يعلم كيف يتعامل معها؟ هي بالنسبة لقلبه شي فُرِضَ عليه وقد فرَّق بينه وبين حبيبته،  هي السبب الرئيسي الذي قد اختاره اهله ووقفوا بعده علاقته ببسملة الذي اختارها قلبه يعلم أنه تصرف معها بطريقة خاطئة لكن لم يكن بإرادته؛ لذلك لم يجد أي حل أمامه سوى الهروب من تلك الحرب الدائرة ومن نظراتها المصوبة نحوه، اسرع يخرج من الغرفة في صمت تاركا إياها تجلس باكية، وهو الاخؤ يشعر ببركان من الغضب بداخله؛ بسبب حديثها الذي جعله يرى ذاته مخطئ بشدة في حقها..         


❈-❈-❈


فاقت من شرودها مع ذاتها على يد آلاء التي كانت تهزها عدة مرات برفق، طالعتها بهدوء ومسحت تلك الدمعة العالقة داخل عينيها مسرعة، قبل أن تتحدث، كانت آلاء قد تحدثت تسأل اياها بمرح لعلها تنجح في التخفيف عنها خاصة بعدما رآتها بتلك الهيئة الحزينة 


:- إيه يا بنتي مالك، هتفضلي قاعدة كدة كتير، دة أنا قولت إنك خلصتي وجهزتي نفسك، وأنتِ قاعدة مبوزة كدة ليه؟ 


- هقوم اجهز أهو يا آلاء. 


ردت بنبرة خافتة ضعيفة بالكاد تستمع، وهي تحول بصرها نحو الهاتف الذي كان ملقي فوق الفراش بإهمال، لكنه كان منير بإضاءة خافتة معلنا على وصول اتصال لديها، لم يكن سواه هو تامر الذي يحاول الإتصال بها للمرة التي لا يعلم عددها منذُ أن سافر، لكنها تجاهلته ولم ترد على أي أتصال منه على الرغم من محاولاته العديدة. 


أسرعت آلاء تتحدث بمرح، وهي تغمز لها بإحدي عينيها وتبتسم ابتسامة ضعيفة لم تتخط شفتيها لكنها كانت كافية لتزين ثغرها


:- إيه دة هو لسة بيتصل بيكي، شايفة عشان بعد كدة تسمعي كلامي، أنا استرونج يا بنتي، زي ما أنتِ مترديش عليه خالص، كأنه مش موجود، بصي بيهتم بيكي ازاي. 


ثحزلت نبرتها إلى أخرى ساخرة مرحة، وهي تشير بسبابتها نحو الباب الخاص بالغرفة 


:- دلوقتي هتلاقيه على طول باعتلك عمتو أو نغم يقولولك ردي عليه. 


لم يمر بالفعل سوى كم دقيقة معدودة وقد دق باب الغرفة كما قالت آلاء، لكنهما تفاجأ عندما رآوا عُمر هو مَن يدلف بدلا من نغم التي كانت تأتي دائمًا،لف بشموخ وثقة كعادته،  تحدث مع فريدة بصرامة وجدية كعادته


:- تامر بيقولك ردي عليه يا فريدة عشان عاوزك في حاجة ضرورية، ومتعمليش موبايلك سايلانت تاني عشان تسمعيه لما يتصل بعد كدة. 


كان يُظهر تجاهله التام لـ آلاء كأنه لم يراها من الأساس، لكن ذلك ما يظهره هو في الحقيقة كان يتابعها بطرف عينيه من دون أن تلاحظ، يتابع كل حركة تفعلها باهتمام شديد وأعين تشتعل بالحب ولوعته المشتعلة بداخل قلبه، الاشتياق يسيطر على كل ذرة بداخله،  يشتاق إليها في كل ثانية على الرغم من  علمه بتلك الفجوة التي حدثت بينهما و طهو لا يعلم كيف يداويها؟! لكنه سيسرع في إنهاء خطته؛ حتى يفرغ ذاته لها هي فقط. 


كان سيذهب من الغرفة، لكنه استمع إلى صوتها الذي استوقفه وخي تتحدث مع فريدة بمكر انثوى 


:- هقوم أنا بقى يا ديدا رايحة أوضتي  اعملي اللي قولتلك عليه متنسيش، وأنا الحق اجهز والبس، أنا قولت أجي اشوفك الأول يا قلبي. 


استحوذ حديثها على انتباهه بأكمله، أسرع يطالعها بعدم تصديق، وأردف يسأل إياها بدهشة لعله يتأكد من صحة الحديث الذي استمع إليه للتو


:- آلاء هو أنتِ جاية الحفلة؟  


اومأت له برأسها إلى الأمام  بصمت من دون أن ترد عليه، نهضت من مكانها وتوجهت نحو الباب الغرفة كادت أن تخرج وتتجاهل وجوده تماما، لكنها وجدته يمنعها، قام بالقبض فوق معصم يدها وجذبها خلفه حتى خرج بها من الغرفة وأغلق الباب، ثم أردف يسأل اياها بحدة، ونبرة مرتفعة نسبيًا جادة غير قابلة للنقاش 


:- رايحة الحفلة ليه يا آلاء هانم؟ 


حاولت جذب يدها الذي كان لازال يضغط عليها، لكنه كان يقبض فوقها بإحكام، فتمتمت تجيب إياه بلا مبالاه تخفي خلفها توترها


:- هو إيه اللي ليه، هروح زي ما الكل رايح الحفلة، دة كل الناس رايحاها أنا اللي مش هروحها مثلا، ولا أنتَ عاوز الناس يتكلموا عليا صح، ما أنا هاهمك في إيه ما أنا دلوقتي مش بقي..


قطع حديثها مسرعًا، وتحدث يرد عليها بحدة وضيق، و هو يطالعها بنظرات حانية  بعينيه الزرقاء التي تعشقها وتبحر بداخلها، يطالعها تلك النظرات الخاصة بها التي لم يتطلع بها نحو أحد سواها هي 


:- قطع لسان اللي يتكلم عليكي،  تفتكري إن أنا هسكت مثلا لو حد اتكلم عليكي ربع كلمة، دة أنا اقـ.تله فيها،  وبعدين مين دي  اللي مش مهمة دة انتي الحياة بإهتمامتها كلها وأكتر، روحي يا آلاء اجهزي زي ما قولتي عشان تلحقي. 


ترك زراعها لعدما أنهى حديثه، لكنه تابع حديثه مرة أخرى قبل أن تذهب بنبرة تحذير جادة،  وهو يعلم جيدًا كل ما يدور داخل عقلها


:- هتروحي يا آلاء بهدوء جدا، وتتعاملي مع الناس عادي، لكن مش هتروحي عشان تبوظي حاجة، لو كدة أنا بقولك متروحيش مفهوم. 

شدد على أحرف كلمته الاخيرة بجدية تامة. 


اومأت له براسها إلى الأمام، وسارت من أمامه متوجهة نحو غرفتها، ثم بدأت في إعدادِ ذاتها بشرود وحزن، وهي تشعر بغصة قوية تشكلت داخل قلبها الذي ارهق الحزن والوجع خلاياه. 


بعد مرور بعض الوقت


دلفت فريدة عليها الغرفة بعظما أنتهت من تجهيز حالها، ما أن راتها حتى وقفت في دهشة وطالعتها بانبهار حقيقي، لم تصدق عينيها وما رآته، وما ترتديه آلاء، حاولت أن تتجاوز دهشتها، وأردفت تسألها بهدوء 


:- خلصتي ولا إيه، عمر وطنط سناء مشيوا مع بعض، مش ناثص غيري أنا وأنتِ ونغم عشان قالت إنها لسة مخلصتش فهتمشي معانا، عمر مجهز كل جاجة ولعربية ومنبه على الحراسة اللي هتيجي معانا توصلنا، وقايل منمشيش من غيرهم احنا التلاتة وقالي اقولك أنتِ بالذات كدة. 


أخبرتها حديثه بالحرف كما طلب منها هو قبل أن يذهب، فرفعت آلاء شفتها إلى أعلى بسخرية وهي لا تفهم لماذا يدَّعي إهتمامه بها بعد ما يفعله؟ هل يريد أن يصيبها بالجنون من فرط التفكير فيما يحدث حولها وحول أفعاله المتناقضة؟! 


اومأت لها، وتمتمت قائلة لها بهدوء، وهي لازالت تهندم من هيئتها بلمساتها الأخيرة


:- آه طب يلا، أنا خلصت خلاص. 


سألتها فريدة بنبرة متشككة وعدم تصديق، وهي لا تصدق ما تراه بعينيها 


:- آلاء أنتِ متاكدة يا حبيبتي، إنك خلصتي خلاص وهتمشي كدة؟! 


قامت آلاء بمسك المعطف الذي كان فوق الفراش،  ثم أجابتها بلا مبالاة وهي تخفي الضيق والحزن اللذان بداخلها في تلك الوهلة 


:- آه بس هلبس دة عليه دلوقتي، في الحفلة هبقي اقلعه، أما نشوف بقا اللي هيحصل. 


اسرعت ترتدي المعطف الطويل الذي يصل إلى كاحليها، وهندمت من هيئتها أمام المرآة، وسارت إلى أسفل بصحبة فريدة. 


صمتت فريدة ولم تتحدث وتعقب على الفستان الذي كانت ترتديه، فهي تعلم مدي عناد آلاء عندما تريد فعل شئ، لم تصمت وتهدأ سوى عندما تفعل ما تريد على الرغم من اعتراض الجميع،لكن كل ذلك لم يهمها في شئ. 


وجدوا نغم في انتظارهما بعدما انتهت هي الأخرى من إعداد ذاتها، وبالفعل ركبوا جميعهم السيارة، متوجهين نحو القاعة الخاصة بالحفلة. 


اردفت آلاء تسأل فريدة بهدوء وهي تشعر بالملل وعدم الراحة؛ بسبب وجود نغم معها في السيارة 


:- ديدا هو تامر هيجي على القاعة على طول صح؟ 


تنهد فريدة تنهيدة حارة، ثم رفعت كتفيها إلى أعلى في دلالة عن جهلها لذلك الشئ، فهي لم ترد على إتصالاته حتى الآن،  ردت تجيبها بصوت هادئ تخفي خلفه حزن كبير نابع من قلبها 


:- معرفش بس اكيد آه طبعا، أنتِ عارفة استحالة يفوت يوم مهم زي دة. 


همهمت ترد عليها بهدوء، ولم يتحدث اي منهم عن اي شئ آخر، فكان الصمت هو الشئ السائد في السيارة بينهم طوال الطريق، وبداخل كل شخص العديد من الأفكار المسيطرة على ذهنه تمامًا. 


❈-❈-❈



وصلوا إلى الحفل وأخيرًا، لكن  توجهت الانظار جميعًا نحو آلاء البعض يطالعها بدهشة، والبعض بإعجاب شديد بدا فوق ملامح وجههم من دون البوح عنه، لكنها لم تبالي أي شئ من كل ما يحدث حولها، بل خطت خطواتها بثقة وثبات. 


توجهت حيث يجلس عمر ونهى التي كانت تجلس بجانبه، تطلعت نحوهما بحزن شديد وقهر وهي تشاهده بجانب واحدة أخرى غيرها كيف يحدث ذلك؟! هذا هو حلمها معه منذُ زمن، لكنها سرعان ما وبخت ذاتها على أفكارها وحزنها الذي أخفته بمهارة شديدة.


اقتربت منهما أكثر حتى أصبحت تقف قبالتهما، وأردفت تحدث نهى بمكر وانتصار، وقد اعتلى ثغرها ابتسامة مزيفة ترسمها وهي تقترب منها،  كانت في حرص تام أن تخفض صوتها حتى لا يصل إلى عمر، فاقتربت من أذنيها متصنعة أنها ستحتضنها 


:- مبروك يا نونو يا حبيبتي، رغم انك معزمتنيش على الحفلة، بس أنا أحسن منك وجيت مش عشانك لأ طبعا عشان عمر، هو أنتِ فاكرة يا بيبي عشان خطفتي عمر اللي كنت قايلالك إني بحبه و هو بيحبني وبيموت فيا، ابقى خلاص بقيت عد.وتك، لأ طبعا يا نونو عيب أنتِ آه خطا.فة رجالة لكن مش عدوتي، أنتِ ممكن تكوني حر.امية انسانة *****، عديمة الاخلاق، مش لاقيالك وصف كويس يا بيبي بس كفاية كدة بقى، استمتعي بالحفلة اللي مش هتكمل أصلا، enjoy  يا بيبي. 


شحب وجه نهى بشدة من حديث آلاء، وتبتلعت ريقها بتوتر وبطء، وهي تشعر بغصة قوية تشكلت داخل حلقها، حيث أنها لم تستطع أن تتحدث وتتفوه بحرف واحد، بعدما أردفت الاء بذلك الحديث الحاد معها، الذي كان على غير المتوقع. 


بينما عمر فقد كان في عالم آخر بعدما رآها وهي بتلك الهيئة، كان يطالعها بأعين مشتعلة بالغضب والغيرة تنهش في قلبه وهو يرى جيدًا أنظار الجميع التي تعلقت عليها، نيران متأهبة تزداد اشتعال داخل بحور عينيه الزرقاء تطفئ كل شئ لم يجد بداخلهما سوى الغضب المشتعل، بعدما راي ذلك الفستان الذي كانت ترتديه، الفستان كان قصير للغاية يبرز جميع مفاتن جسدها بوضوح. 


كان الشرر يتطاير من عينيه، وقد برزت عروقه بغضب بادي عليه، وتشنج جسده وهو يضغط فوق يده حتى أبيضت جميع مفاصله، يريد أن يتشاجر معهم ويقتل كل مَن تطلع إليها ورآها،  ارتبكت بشدة بعدما رأت تحوله، لكنها حاولت أن تتجاهله تمامًا وكأنها لم تراه.


هتف بأسمها قبل أن تذهب، وقبض فوق معصم يدها من دون أن يجعل أحد يلاحظ شئ، ثم تحدث معها بصوت منخفض غاضب، لكنه وصل إلى مسامعها 


:- أنتِ اتهبـ.لتي في عقلك خالص، إيه القر.ف اللي لبساه دة يا آلاء؟ 


كان يضغط فوق كل حرف يتفوهه بشدة، يريد أن يضمها ويخفيها بداخل حضنه وىين ضلوعه ليبعد عنها نظرات الجميع ولم يراها أحد.. 


ابتسمت بإستفزاز وإنتصار، ثم مررت يدها فوق الفستان بلا مبالاة كأنها لم تستمع إلى حديثه، وتحدثت ترد عليه ببرود واستفزاز 


:- سورى يا عمر مش سامعة بصراحة أنتَ بتقول إيه خالص، بس مبروك يا عمر. 


ردها لم يزيد سوى من غضبه وانفجاره، لم يصدق أنها قد استطاعت أن ترتدي فستان مثل هذا، وأمام جميع الحاضرين، وجد العديد من الصحفيين يلتقطون لها الصور وهي بتلك الهيئة فأغمض عينيه بغضب شديد.


كان الفستان قصير للغاية بلونه الذهبي الهادئ، المرصع بحبات لامعة من الألماظ، عاري الكتفين، ذو خيوط رقيقة بشدة ذهبية اللون تتدلى من أعلى كتفيها الباديان بوضوح، لم يزيدها الفستان سوى جمالا حيث كان يبين مدي تفاصيل جسمها، وكان ذلك اكثر ما يزعج عمر، شعر بنيران الغيرة تغلي وتشتعل داخل قلبه وعقله تحرقه باكمله، لكنه حاول أن يسيطر على ذاته فأي حركة يفعلها في الحفلة بالتحديد ستهدم كل ما كان يخطط إليه تلك الفترة السابقة.  


بعدما انتهت من التصوير التي التقطها لها العديد، جلست بجانب فريدة وسناء عمتها، وهي تبتسم  مع الجميع ابتسامتها المشرقة الجذابة الذي يعشقها هو، غينيه كانت معلقة فوق كل حركة تفعلها يتابعها بغضب شديد. 


كانت تتحدث مع كل شخص حولها في العديد من المواضيع، ينما هو في كل وهلة يشعر بزيادة غضبه لا يعلم ماذا يفعل؟! ولماذا سيتحمل؟! يتمنى ان يقوم و يأخذها من أمام الجميع؛ لينهي كل تلك المهزلة التي تحدث حوله، لكنه لم يستطع أن يفعل ذلك بعدما وصل إلى تلك اللحظة، ما زاده غضب وغيرة هو عندما رأى عدي الذي كان يثبت بصره عليها هو الآخر، ويتابعها بإعجاب شديد. 


كانت فريدة في ذلك الوقت تشعر بالملل، هي لم تعرف أحد مما حولها في الحفلة، لكن فجأة قد توهج وجهها عندما رأت تامر وهو يدلف الحفلة بثقة، كان يرتدي بذلة أنيقة تتناسب معه بشدة، زادت من ثقته، لكنه أسرع يتطلع نحوها بغضب شديد ما أن وقع بصره عليها. 


في نفس الوقت 


كان عدي قد توجه نحو آلاء، وأردف قائلا لها بهدوء، واحترام، وهو يرسم فوق شفتيه ابتسامة مزيفة يخفي خلفها نواياه الحقيقية الماكرة


:- اهلا وسهلا يا آنسة آلاء. 


همهمت ترد عليه بهدوء و تحفظ،  وهي تبتسم في وجهه بمجاملة، فتحدث مࢪة اخرى وهو يخرج كارت من جيب بذلته 


:- اتفضلي يا آنسة دة الكارت بتاعي، لو عوزتي أي  حاجة في أي وقت متتردديش إنك تكلميني على طول.


:- شكرًا. 

ردت عليه بهدوء شديد، وقامت بأخذ الكارت منه، ثم وضعته داخل حقيبتها، بينما هو كانت عينيه تدور في المكان بتركيز شديد لينجح في تنفيذ خطته الماكرة، ابتسم بخبث وتحدث معها عندما لاحظ نظرات عمر المصوبة نحوهما بغضب


:- تسمحيلي ارقص مع حضرتك يا آنسة، الأغنية دي تحفة، محتاجة أميرة زيك ترقص معايا عليها. 


كانت سترقض في البداية بالطبع، لكنها رأت هي الأخرى عمر الذي كان يتابع الموقف بغضب يزداد عن السابق؛ لذلك ابتسمت بإنتصار واومأت له برأسها إلى الأمام، سارت معه وهي لا تعلم نتيجة فعلتها..


بالفعل بدأت في الرقص معه على تلك الأنغام الموسيقية الصادحة في الحفل، وهي لم تشعر بشئ آخر عما يدور حولها، فقد كان كل ما يشغل ذهنها هو رد فعل عمر وما سيفعله، بعدما وجدته قد هب واقفًا من الواضح أنه سيأتي إليها والشرر يتطاير من عينيه، لاحظ عدي هو الآخر كل ما يحدث فأبتسم بمكر. 


ولكن فجاة قبل ان يصل عمر نحوها، قد أنطفأت جميع الأضواء  التي كانت في القاعة وحصلت حالة من الهرج والمرج،  لا يعلم أحد سببها، لكن ما يعلمه عمر جيدا، هو صوت صرخة آلاء التي صدحت تدوى في القاعة برعب وذعر وكأن بها شئ ما لم يعلمه هو، وبالطبع يعلم الجميع أنه قد حدث شئ غير متوقع..


يُتبع