-->

رواية للذئاب وجوه أخرى - للكاتبة نورا محمد علي - الفصل الثالث عشر

 رواية للذئاب وجوه أخرى للكاتبة نورا محمد علي




الفصل الثالث 

كانت سهام تحاول ان تخفف من الوضع إلا أن أحمد نظر لها بطرف عينه، وهو يشير لها لتصعد الي الطابق الثاني.. 
نظرت له بحاجب مرفوع وهي تقترب منه، بخفة تضع يدها علي كتفه، وهي تحركها كأنها تمسح غبار وهمي، وعينها تنظر في عمق عينه، وتهمس بكلمات لم تخرج من فمها بل من قلبها، ودون صوت وهي تحاول أن تجعله يدرك، ان جودي وياسين في حالة لا تدخل تحت نطاق العقل، وهي تحاول أن تقنعه ان يتركها حتي تذهب معه، الا انه رفع حاجب واحد وهو يشير لها إلي الاعلي.. 
بينما رحيم يري والده يفرق الأحباب وكأن يربط نفسه بحال جودي، وياسين وهنا يلقي الخطأ علي جودي اكثر من ياسين،  فهي أن وقفت وسألت وهي في بيتها وانتظرت أجابة منه في بيتهم ما كان وصل الوضع الي ما هم عليه الآن، وما تمسك والده بحدة وعند، وكأن كل ما يهمه في هذا الوضع ان يعيد تربية ياسين مرة أخري، وأن يجعلها يدرك ان خطأه فادح، وأن الديب او الوحش لن يغفر بسهولة،  ورغم محاولات أمه ورجائها الصامت وعينها التي تهمس بكلام قد يذيب الحجر، ولكنه لم يذيب قلب الوحش، وهو يشير لجودي هي الأخري لتصعد، والي ياسين  علي الباب، وكأن قلبه من جلمود صخر .. 
لم يغير رأيه ولم يعلوا صوته او ينفعل فقط، نظرة كانت كافية ليطيعه الجميع، حتي تلك التي يذوب في حضنها، ويتوحد قلبه معها إلا أنه الأن يفصل بين ما هو عليه معها، وما هو فيه الآن...
كادت جودي ان تتحرك إلا ان أحمد اشار اليها لتقف ..
أحمد: تلفونك فين؟! 
مدت يدها بالمحمول الي اخوها الذي هز راسه وهو يقول.. 
أحمد: تقدري تطلعي قوضتك ..
مر اليوم بهدوء، او بدعاء الهدوء حتي محاولات سهام فيما بعد لم تجدي نفع، واعتكاف جودي في غرفتها لم يغير شئ ..
 إلا أن رحيم كان يطرق باب جناحها بهدوء، وكأنه يخشي أن يسمعه أحد، وما أن سمحت له بالدخول حتي كان يقف أمامها وهو يمد لها يده بهاتفه المحمول وهو يقول.. 
رحيم : ياسين علي التلفون وانا هروح  قوضتي ..
نظرت لن بدهشة، وهي لا تصدق ان رحيم قد يخالف كلام والده، أن يرفض كلامه حتي لو كان غير مقتنع به ، ولكن عينها التي تظهر فيها الافكار، لم  تستمر كثير وهي تستمع الي صوت ياسين الذي يصدح في أذنها .
ياسين:  عاجبك كده ؟!
جودي : هاه ..
❈-❈-❈
رغم مرور أسبوع  إلا أنه لم يجعل أحمد يغير رأيه، اسبوع كان فيه ياسين يشعر باليأس من حصوله علي مسامحة الوحش، او قبوله لعودة جودي، وكلما مر الوقت شعر بالشوق يجتاحه وكأنه أعصار، حتي انه كان يدرس احد القضايا المهمة وكأن يشعر بالتشتيت، ومع علم احمد بخطورة الوضع عليه، وذلك التشتت الذي يشعر به، كان يفكر في سلامته حتي انه قرر ان يجعله ياخذ زوجته، وخاصة من مزيج الندم والحزن واللهفة والشوق الممزوج في عينه، ومع علمه بكلامه معها علي تلفون رحيم،  الذي لا يعرف سبب في تفكيره هذه الأيام، ولا يعرف لم يشعر انه يتعامل بهدوء كاذب، وكان الوحش هو عدو مستتر له ..

أما هناك كانت ليزا تعاني نفس ما يعنيه، أن لم يكن أكثر كانت تشعر بأن قلبها يذبل ويموت، كلما مرت الايام، وأن كانت من قبل لم تعرف الحب او الارتباط، فهي تلوم علي تفسها، وهي تفكر لما كانت سبب أساسي وجوهري لتوريط قلبها في هذه المعمعة، التي لا تعرف لها نهاية وما بين نياط قلبها نبع الألم والشوق ، لرجل لا تعرفه حقيقة، لرجل لم تراه من قبل وقد لا تراه مرة أخري ...
أما هناك كانت دكتورة سهر  تقوم بشرح  احد المحاضرات العملي، وكالعادة كانت دكتورة خلود تتابع هي وغيرها، ولكن من كانت تسال وتستفسر وكأن الأمر يخص ناموس الكون كان الدكتورة دليدا ادهم البيهي،  وهي تدون كل ما تقوله امها تحت نظرات الدهشة من زملائها، 
وما أن انتهت المحاضرة وقفت تنتظر ان تتفرغ دكتورة سهر وهي تدون احد النقاط ..
سهر : خير يا دكتورة في حاجة تانية مش فاهماها،! 
داليدا : في الدراسة لا يا دكتورة، بس حاجة خاصة يا ماما .
اربتت علي كتفها وهي تقول ..
سهر : أمري يا قلب ماما 
أخذهم الكلام  وما أن انتهت جلست داليا في الكافتيريا، تراشف العصير وهي تقلب في تلفونها المحمول ، الذي يعد الأحدث، ولكنها لم يكن ليفرق معها ان كان الأغلي ام لا، كل ما بهمها تلك الملامح التي تجعل قلبها يرتجف  وهي تنظر الي ذلك القريب البعيد في نفس الوقت!! عينها تأكل ملامحه، وقلبها ينبض له!! إلا أنه غافلا عنها ، فهي بالنسبة له مجرد اخت صغيرة، رغم انها تصغره بثلاث سنوات فقط..
ولكن ما الذي في يدها لتفعله ؟! ما الذي تستطيع ان تغيره؟! هل بيدها ان تخرجه من بين نياط قلبها؟!  هل ببدا ان تمحيه وهو وتين القلب؟! وساكن الروح!! ولكن لما هو؟! لما ذلك الذي يشعرها بأنها لازالت طفلة؟! رغم نمو عقلها ، واستدارت جسدها ودفئ عينه؛ التي تقول شئ واحد : احبك رحيم !! ولكن اين هو من ما تشعر  به له؟!!
اقتربت منها خلود تحاول ان تري ما الذي تنظر له بهذا التركيز، الا ان دليدا اغلقت المحمول، وهي تسأل 
داليدا: في حاجة يا خلود ؟!
خلود: ابدا كنت هعزم نفسي علي فنجان قهوة، بس شكلك عاوزة تقعدي لوحدك..
ابتسمت لها داليدا وهي تشير بها لتجلس بمحبة...
أما دانا  كانت تهتم بدراستها  لتكمل ما كان يحلم به ادهم نفسه، أجل لقد حكي لها من قبل ان حلمه، الذي لم يكتمل، ورغم انه قالها صريحة انه لم يندم علي تغير مصيره، الا انها تفكر فيه..
❈-❈-❈
هناك  كان عادل يحضر  حقيبته  ورغم انه اعتاد ان يسافر بالقليل من كل شى، يكتفي بمتعلقاته الشخصية، وبعض الملابس وما يكفي ويذيد من المال، الا أنه تخشب وهو يشعر لها تقف خلفه، لا لم تكن تقف بل كانت تضم نفسها له تحتضنه الي داخل صدرها، او ربما اعمق بكثير وشفتيه تنتقل علي ظهره العاري ويدها تتحرك علي صدره، وكانها تطلبه بكل الطرق ان يحتوبها، تلح عليه ليلتف ليأخذها ف حضنه، ليدخلها الي قلبه حيث تنتمي ورغم انها شعرت بتخشبه،  وذلك الجمود الذي يحاوطه او يدعيه، إلا أنها لم تبتعد ويدها تقربه أكثر، وهي تنتفس بهمس حميم كأنها تكتفي بأن تستشعر رائحته وعطر رجولته، وكأن ما يحدث الآن يكفي!!  
وما أن شعر بالتورطه او الرغبة تسيره همس بصوت ثقيل أجش 
عادل:  إلينا..
إلينا: قلبي!!
التفت لها دون ان يدري ماذا عليه ان يفعل؟! هل يأخذها في حضنه؟! هل يغفر ويسامح ما قالته؟! وهل يقع عليها لوم في ماضي كان ولازال يطارده، نظر لها بمزيج من الافكار التي تموج في عقله!! وتظهر علي صفحة وجهه الوسيم، وعينها تقول الكثير والكثير الا انها لم تنتظر ان يتكلم وهي تقترب من شفتيه تمسها بخفة، وكانها تعطي لها إشارة بشوق ولهفة يموجون في قلبها وعينها، مما جعله يرتبك او يشعر بما تشعر به، وفي لحظة ترك ما في بده ليأخذها في حضنه، وكأن الحضن لوحده يكفي ويذيد، وما بين ما تشعر به وما يعتمل في قلبه، كان يبتعد لينظر في عينها، التي اشتعل فيها نار ممزوجة بالحب مخلوطة بالرغبة، وما بين كل ذلك همست: وحشتني 
اخذ انفاسه قبل ان ينقاد لها ولما يشعر به، وهو يجذبها لترطم بصدره، يضمها للمرة الثانية،  ولكن هذه المرة بعشق، وشفتيه تأكل كل ما تقع عليه عينه، وهو يتحرك بها ومعها إلي الفراش،  وكأنه نسي ما كان. 
لم يبقى في عقله او قلبه غيرها وما يفكر فيه، وفي لحظة  كا يعتليها يغمرها بمشاعر قوية وجامحة، لم تكن لتتخيل انه يملكها، الا انه امتكلها بموجة عاتية، غابت فيها عن الدنيا حتي كاد ينسي معاد الطيارة...

اما هناك كان أحمد رغم تأخر الوقت يعمل في مكتبه يتابع كل شى يراجع احد الملفات، في الوقت الذي دخل عليه ياسين بعد أن طرق الباب، 
وهو ينظر لها بجمود وكأنه لا يشعر بشئ، كل ما في الآمر أنه وضع الملف الذي يمسكه أمام الوحش.
نظر أحمد إلي محتوي الملف وهو يشير له ليجلس.. 
ياسين : انا مرتاح كده!!
(احمد) نظر له  بطرف عينه، ولم يعقب بل اخذ يفر في صفحات الملف وهو يهز رأسه باستحسان، وما أن تنتهي ..
احمد :كويس.. 
(ياسين) لم يرد ولكن عقله كان يردد "'قتم"  بقي كل الشغل ده واخرك كويس !!
ربما نسي او تناسي، أن أحمد يقرأ حركة جسده  ويستطيع أن يعرف ما يفكر فيه، ولكن باسين شعر بالدهشة علي تلك الضحكة المجلجلة التي خرجت من فم الوحش، ورغم أنه لا يعرف سببها، إلا إنه نظر الي القائد بستفسار ؟!
احمد :اوع تقول انك مش عارف بضحك ليه ؟!
ياسين :بصراحة لا  مش عارف !!
احمد :  مش كويس بس ..
ياسين :مش فاهم ؟!
احمد : كل الشغل ده، اكتر من كويس. 
ارتبك ياسين وسال نفسه هل تكلم بصوت مرتفع، إلا أن الرد اتاه من احمد بالفعل.. 
أحمد: لا ما تكلمتش بصوت عالي..
ياسين ابتسم لأول مرة منذ أن دخل المكتب ..
احمد :هتسافر امتي ؟!
ياسين :زي ما سيادتك تشوف !!
احمد : اخر الاسبوع ..
ياسين : كنت بفكر أسافر النهاردة الفجر!
احمد :برحتك بس ..
ورجع في مقعده وهو يحرك القلم بين اصابعه..
ياسين : بس أيه ؟!
احمد: كنت بفكر اعزمك على العشا..
نظر له ياسين وهو يرفع حاجبه الأشقر وكأنه لا يقوي علي السؤال هل سامحه؟! هل رضي عليه ؟! 
احمد: ايه شكلك مش عاوز ؟!
ياسين :انت بتتكلم جد؟! يعني انت موافق ارجع جودي يعني .. يعني 
احمد : ما تجمد كده يا ياسو مالك يا ابو نسب !!
ياسين : انت مش بتهزر صح ؟!
احمد : تعرف عني اني بهزر ؟
ياسين : لا ياوحش، انا مش عاوز اتعشى انا عاوز مراتي هروح اخدها.
احمد : ممم !!
ياسين : أيه  ؟!
احمد : لو اتكررت؟ 
ياسين : اعمل االي يريحك ..
احمد : لا يا حلو انت فاكر اللي حصل ده االي يريحني، لا طبعا عارف ليه انا لو عملت اللي يريحني انت هتكره اليوم اللي امك جبتك فيه لدنيا، انا عامل خاطر لجودي وحبها ليك وابنكم وعامل خاطر لسو هانم والحاحها، وعشان عقلك يبقي فايق وانت في مهمة زي دي ..
نظر له ياسين دون ان يرد ولكنه كان بهز رأسه بموافقة، علي كل ما يقوله احمد وأي شئ ولكن يرجع له زوجته 

احمد: اتفضل روح خدها ..
ياسين : شكر يا وحش ربنا بخليك لينا.. 
ابتسم لظهر ياسين الذي خرج مسرعا من مكتب احمد ومن القطاع بأكمله…

في الوقت الذي كانت فيه سهام تدخل الي حيث مكتب أحمد وهي تنظر الي ياسين الذي يكاد يركض  والي أبتسام احمد المتسعة التي تكاد تملئ وجهه كله!!
سهام  : ماله ده ؟!
احمد : مفيش رايح ياخد مراته ..
سهام : بحاجة مرفوع  اخير ؟!
احمد: اخير 
سهام: اصل اخوها شديد وطلع عينه يا عيني !!
احمد : سلامة عينك يا قلبي تعالي واقفة ليه ؟!
سهام : جاية..
 اتجهت لتجلس علي المقعد المقابل له وهي تطرح عليه اخر التطورات، وتكاد ترفض رفض تام، ان يشارك رحيم في هذه المهمة، الا أنه نظر لها بحاجب مرفع وهو يشير الي الباب..

سهام : افهم من كده ان كلامي مرفض..
هز رأسه بموافقة.. 
سهام: يعني انت شايف أنه سهل يدخل مهمة تانية؟! وهو لسه راجع من اسبوعين او ثلاثه بالكتير،  انت شايف أنه اتعافى من اللي فاتت ؟!
أحمد : لا لسه ما تعفاش ومش هيتعاقي بالساهل، عشان كده عاوزة يخوض التجربة تانية أوثالثة لحد ما يتعود، لحد ما يبقي زي ما انا عاوز ..
سهام : بس!!
احمد : من غير بس، لازم يلتحم وقتها هيحصل حاجة من الاثنين يا يتعود يا ينفجر..
سهام :وانت عاوزة ينفجر ..
احمد: انا عاوزه يتكلم ..
نظرت له بهدوء مغاير لتلك العاصفة من الخوف التي تموج في قلبها من الخوف والقلق.. 
 بعد قليل  رن محمول احمد وكانت جودي، التي تسال هل ما يقوله ياسين صحيح ؟!
ابتسم احمد وهو يقول ..
احمد: روحي مع جوزك.. 
جودي :حاضر يا أبيه؛ اللي تشوفه..

في الوقت الذي كانت فيه سهام تتكلم مع آدم وتتطمئن عليه كعادته بعد كل تمرين..
وفي الوقت الذي أنهت فيه الاتصال ووقفت لتخرج وجدت تلك التي تسير بتمايل وكانها ليست خريجة شرطة وبتفوق، ربما لأن وجود الوحش يثير غريزة الانوثة فيهن، يجعل كل واحدة منهم تحاول ان تكون أمامها بطبيعتها وليونتها ونعومتها،  أن لم يكن ما تتعامل به مبالغ فيه، الا انها تكون في التمرين الذي يشرف عليه متميزة، مما يجعله لا يجد ثغرة لينتقدها، هل يستطيع ان ينتقد انها انثي بالفطرة؟! 
الا ان نظر الي سهام التي تراجعت عن قرارها بأن تترك احمد وها هي تحركت إلي الحمام، تحت نظرات التفهم منه، فهو يعلم كم تغير عليه ومن يلومها ؟!
مريان : ممكن ادخل سيادتك؟!
اشار لها احمد وهو لازال يعمل علي ذلك الملف ..
مريان : حضرتك هتشرف علي التدريب؟! ولا هيتلغي ؟!!
خرجت سهام بعد أن غسلت يدها وأخذت تنظر لها بتقيم ولكنها لم تجد فيها عيب هي تتكلم بثقة واتزان، دون ابتذال، تنظر بجمود ولكن احمد ترك ما في يده، وأغلق الملف وهو ينظر لها بستفسار !!
مريان: انا من المجموعة اللي السيد ياسين بيمرنها، بس هو خرج وكمان سيد أسامة مش موجود؛ كده التمرين ملغي؟! 
احمد: لا ..
مريان : هزت رأسها وتحركت بعد أن اخذت الاذن ..
أما سهام نظرت إلي أحمد بحدة ممزوجة بالغيرة، وهي تتحرك لتخرج وهي تقول ..
سهام : والتمرين حكر علي المجموعة دي، ولا اي حد ممكن يشترك؟؟ 
احمد: علي حسب الحد ده !!
التفت لله وهي تعقد ذراعيها وتنظر له ..
احمد ضحك بصوته كله، وهو ينهض من مقعده الي حيث تقف علي باب المكتب، بينما أسرعت هي لتخرج..
احمد : علي فين؟! 
سهام: علي التمرين؛  ولا عندك مانع؟
 
رفع حاجبه وهو ينظر لها بعشق وهو يتبعها ..
نظرت لها مريان بستفسار ربما لانها جديدة، لا تعرف من هي الا انها تعرف انها أكبر منها في السن ربما خمس سنوات او أكثر، الا انها لا تدرك ان سهام أكبر منها بعشرين سنة...

سهام: مفيش رجالة في الدفعة دي ؟
مريان : لا سيادتك ..
ابتسمت لها سهام وهي تخلع عنها ذلك الكردجان، الذي ترتديه  او يدخل في اساس لبسها أغلب العالم ...
بينما هو يقف بالباب يتابع ما تفعله دخل واغلق الباب، وهو ينظر لها بحاجب مرفوع، ولكن ها هو يبدأ التمرين الذي أظهرت فيه مريان مهارة وتفوق.. 
بينما سهام تتمرن بخفة، وهدوء كأن أمامها اليوم بأكمله، حتي أن أحد البنات سخرت منها، دون ان ترفع صوتها، ولكنها لا تدرك ان من عاشر القوم صار منهم، وها هي سهام تعرف ما تهمس به، وكذلك احمد الذي كاد ان يتكلم، ولكن ما فجأه كان... 
سهام : احمد بيه ممكن تمرين الآنسة يبقى معايا؟! 
احمد : رجع الي ذلك البنش ليرتكذ عليه وهو يقول ..
احمد: اكيد !! 
ولكنه نظر لها بصدمة، وهو تخلع ذلك االشميز لتظل بما ترتدبه اسفله، بنطلون اسود وبلوزة مطاطة تأخذ شكل جسدها، اعتدل في وقفته وكاد ان يصرخ فيها، الا انه انتبه انها اغلقت كاميرات التصوير قبل ان تخلع عنها ما ترتديه.. 
احمد : ايه ده يا هانم ؟!
سهام ردت عليه بحاجب مرفوع.. وهي تشير الي تلك الواقفة تنظر لها بدهشة، واستفسار
سهام:  ابدأي ..
وتركتها تبدا إلا ان سهام حجمتها جعلتها تشعر انها لم تتمرن من قبل، وهي تكيل لها الركلات، والكمات مما جعل شهد تنظر لها بصدمة وهي تقول 
شهد: ده تمرين افتراضي 
سهام : ممم بس سخريتك مني مش افترضيه، كملي ..
 وما أن سقطت أرضا نظرت لأحمد بأستفسار وكانها تسأل دي عمليات خاصة...
أدركت شهد ما تفكر قيه، نهضت لترد ومن بين المبارزة كان ان جزبت سهام من طرحتها التي فكت في يدها، ولكن قبل ان تبتعد كانت سهام تمد قدمها و تجعلها تقع علي وجهها وهي تقول
سهام: العبي علي نضيف ده استغلال بطريقة واضحة ..
شهد :ما قصدش ..
سهام : مم ممكن ..
احمد: لفي طرحتك وكفاية كده ..
سهام :مفيش رجالة هنا غير حضرتك وانت اتفضلي وريني النشان بتاعك لانه لو زي لعبك يبقي مكانك مش هنا ..
شهد نظرت لها بصدمة ولسان حالها يقول ومن انت حتي تنهي انتمائي للمكان  الا ان سهام عقدت ذراعبها وهي تقول بقوة ..
سهام : مش انا اللي هنهي انتمائك  انت  اللي هتنهيه، اتفضلي وريني حاجة تستاهل.. 
ابتسم لها أحمد وتركها تقود التمرين معها بكل قوة ...
سهام : كويس بس محتاجة شغل كتير، ولا انت شايف ايه يا وحش؟! 
احمد: شايف انك وحش !!
سهام ضحكت بصوتها كله تحت نظرات الصدمة ممن حولها، ومن احمد نفسه، وهي تكمل ..
سهام من عاشر القوم يا ابو رحيم …
هنا طرق الباب نظر لها احمد بمعني ارتدي ملابسك وهو يقول 
احمد: دقيقة 
رحيم: ده أنا سيادتك وكنت عاوز مامي 
احمد تاني هتقولي  مامي، مامي في البيت مش القطاع 
سهام وهي تلف طرحتها 
انا امه في اي مكان يا وحش  وبعدين بقي لو سمحت افتح ليه 
نظرات الصدمة كانت من الجميع ماذا تعني بأنها امه ؟!
ابتسمت سهام وهي تنظر الي رحيم بستفسار؟!
رحيم: فين تلفونك ية مامي ؟!
سهام مش عارفة اعتقد نسيت في مكتب بابا روح هاتو عشان نروح انا وانت بابي قدامه يوم طويل واقترب من احمد تعد اطراق لياقته وهي تهمس مش كده يا بابي 
احمد بهمس : طيب ابوسك من بوقك ولا اعمل فيكي ايه 
نظرت له بصدمة ام هو لم يبالي بمن حوله وهو يحاوطها  بذراعه ويقول: استني ربع ساعة ونروح سوي 
سهام: تمام با قلبي ياله يا روحيم  فرصة سعيدة يا بنات جود لك مريان فيكي حاجة كويسة شهد ما تحكميش علي الغلاف أصله ممكن يخدعك بس عندك حاجة كويسة 
رحيم اوعي تقولي وجهتك 
سهام: انا كنت بتسلي مش بواجبه 
رحيم : ما انا بقول تدريب احمد الديب سنين كاملة صبع توجهي حد مبتدا وبعدين انت خبير تشفير واتصالات يا فمر متلك انت ومال العنف والتمرين؟!
احمد: لاحظ انك بتعاكس 
رحيم:  اطلاقا. ياله يا ماما قبل ما بتحول 
احمد : سمعتك علي فكرة…
❈-❈-❈
مر اليوم  وغيره   وكان ياسين يغرق مع جودي في لحول العسل لم يحضر لعدة ايام وقدم علب اجازة ولم يعترض احمد، حتي انه طلب منه أن يبقي ابنه معهم ولم ترفض سهام بل كامت مرحبا به، وها هي الايام تركض واتي ميعاد العملية التي سوف يسافر فيها ياسين ورحيم  و سهام كالعادة يأكلها القلق وخاصة ان العملية ليست هينه فهي من سوف تتابع عمل التشفير والبرمجة، وما أن هم رحيم لبنزل السلم خلسه حتي لا تكون المواجهه بينه وبين دموع امه التي تجعل قلبه ينتفض ، الا ان همسها بأسمه وهي تخرج من المطبخ حيث كانت تعد له الطعام حتي يتناول شئ قبل ذهابه وحتي يتثني لها ان تبقي معه وقت أطول وهي ترددد عليه الأدعية والايام القرآنية طول وقت تناوله لطعام ..
أقارب منها يضمها إلي حضنه وهو يربت علي ظهرها ويهمس اطمني هبقي كويس 
سهام اوعدني 
رحيم اوعدك 
ضمته مرة أخري فابتسم وهو يرفع كفها الى فمه وبعد الحاح منها جلس لتناول الطعام الساخن الذي اعدته 
ورغم أن صوتهم كام يصل لأحمد الجالس في المكتب بجري بعض الاتصالات وخاصة ان العملية في قبرص والتي تعد قريبة من تركيا وهو الآن يريد ان يعرف ان كان رحيم سوف يخترق الحدود ام لا هل سوف يفكر في الذهاب هناك ام ان ما يفكر فيه احمد مجرد خيال ووهم نسجه عقله!!!

 يتبع...