-->

رواية ذكريات مشو هة - بقلم الكاتبة منة أيمن - الفصل الخامس


رواية ذكريات مشو هة

بقلم الكاتبة منة أيمن




الفصل الخامس

رواية

ذكريات مشو هة

 


حاول "الطبيب" إنتشالها من صدمتها ليُشير على عائلة "أمنية" موجها حديثه له رادفا بإستفسار:


_ طب مش فكره مين دول!!


هزت "أمنية" رأسها بالنفى رادفة بتأكيد:


_ لا


أضاف "الطبيب" وهو لايزال يشير على والديها رادفا بتوضيح:


_ دول والدك وولدتك وأخواتك يا أمنية


ضيقت "أمنية" ما بين حاجبيها لبعض الوقت لا تعلم هل تصدق هذا الحديث أم لا!! ولكن لماذا ليكذب عليها الطبيب وهو يقول إنها كانت بغيبوبة لمدة عامين!! لتعقب "أمنية" رادفة بإستفسار:


_ طب أنا ليه مش فكراهم؟!


أجابها "الطبيب" رادفا بأسف:


_ للاسف عشان حضرتك فقدتى الذاكرة بس إن شاء الله مع الوقت هتفتكرى كل حاجه ومن هنا لوقتها تقدرى تمارسى حياتك عادى، أنا مش عايزك تقلقى أو تخافى من أى حاجه وأسرتك جمبك هيساعدوكى فى كل حاجه تعوذيها، وطبعا المتابعه والعلاج أهم حاجه


عقب "أمنية" بتذكر لما حدث منذ قليل رادفة بإستفسار:


_ ومين الشاب اللى كان هنا من شويه وحضرتك طلعته برا ده!! يعرفنى أو قريبى؟!


أجاب "الطبيب" على سؤالها بسؤال أخر ليعلم فى ماذا تفكر الان رادفا بأستفسار:


_ ليه هو أنتى تعرفيه؟!


نفت "أمنية" برأسها ردا على سؤال "الطبيب" قائلة:


_ لا بس حسيت إنى شوفته قبل كده


أجابها "الطبيب" بهدوء رادفا بإبتسامة:


_ لا ده سوء تفاهم وهو أفتكرك واحده قربته ومخدش باله


صاح "كامل" بسعادة كبيرة رادفا بفرحة:


_ نقدر نأخدها البيت أمتى يا دكتور؟!


عقب "الطبيب" مرحبا بالفكرة رادفا بهدوء:


_ دلوقتى لو تحبوا بس تعملوا اللى قولتلكوا عليه بالظبط


أومأ له "كامل" برأسه موافقا على حديث "الطبيب" رادفا بإنصياع:


_ حاضر يا دكتور، يلا يا كريمة لبسى أمنية وجهزيها عشان ترجع معانا على بيتها وتنوره من تانى


أومأت له "كريمة" بالموافقة رادفة ببكاء وهى تحتضن "أمنية" قائلة:


_ الحمدلله إنك قومتى بالسلامه يا حبيبتى، يلا عشان نروح بيتنا يا بنتى


بينما "كامل" و"أمجد" و"نداء" خرجوا لكى ينتظرونهم بالخارج، ليعقب "كامل"  مُوجها حديثه نحو "نداء" قائلا:


_ نداء خدى أمجد وأسبقونا على البيت شيلى كل حاجه تخص أمنية وسيف فى أوضتى وأوعى تسيبى أى حاجه حتى لو كانت تافه، مش عايزين نجبهالها مره واحده كده لازم تفتكر واحده واحده زى ما قال الدكتور


أومأت له "نداء" بإنصياغ رادفة بالموافقة:


_ حاضر يا بابا


ذهبت "نداء" بصحبة "أمجد" لتقوم بتنفيذ ما قاله لها والدها...


❈-❈-❈


فى قصر عائلة السيوفى، وصل "سيف" و"سامى" إلى البيت وكان "سيف" مُنهارا جدا أمام اعيُن عائلته، ولكنه لم يستطيع أن يُظهر ضعفة أمام أحدا، فأنصرف سريعا إلى غرفته، فلاحظته والدته وكادت أن تلحق به ليوقفها "سامى" مُحذرا إياها قائلا بحدة:


_ أستنى يا ماما أرجوكى، سبيه فى حاله دلوقتى أرجوكى أحنا مش ناقصين


صاحت "هدى" موجهة حديثها نحو "سامى" رادفة بخضه:


_ فى أيه يا سامى أخوك ماله!! ده نازل معاك مبسوط ودى أول مره من سنتين أشوفه مبسوط فيها، أيه اللى حصل خلاه راجع منهار كده!! أنتوا كنتوا فين؟!


أجابها "سامى" رادفا بحُزن:


_ كنا فى المستشفى عند أمنية


ضربت "هدى" على صدرها صائحة بخضه:


_ يالهوى البت جرلها حاجه؟!


نفى "سامى" براسه ناهيا حديث والدته رادفا بضعف:


_ لا الحمدلله أمنية فاقت من الغيبوبه بس..


توقف "سامى" من تلقائه نفسه، ليصيح "خالد" رادفا بإستفسار:


_ بس أيه!! أيه اللى حصل خلى أخوك مُنهار كده!! بدل ما يبقى مبسوط وفرحان؟!


أجاب "سامى" وملامج الحزن مسيطرة على وجهه رادفا باسئ:


_ أمنية فقدت الذاكرة ومش فكرة أى حد خالص، ده حتى سيف لما دخلها الاوضه أعدت تصرخ


صاح "خالد" بحُزن شديد رادفا بتأثر:


_ لا حول ولا قوة الا بالله


نحبت "هدى" بحزن وحصرة على أبنها رادفا ببكاء:


_ يا حبيبى يا أبنى وجع القلب هيسيبك ويروح لمين يا ضنايا!! الواد بيضيع منى ومش عارفه أعمله أيه!! أنسيهالوا أزاى بس الواد هيحصلوا حاجه، أسترها معانا يارب


❈-❈-❈


فى بيت عائلة "أمنية" ها هى "أمنية" تدخل البيت بعد غياب سنتان كاملاتان عن بيتِها، تشعر وكانها تراه للمرة الاولى تخطوا خطوات مليئة بالخوف والرهبه، ولكنها عليها أن تواجه هذا المسير، لتصيح "كريمة" موجهة حديثها نحو "أمنية" رادفة بتهليل:


_ حمدلله على سلامتك يا نور عينى


عقب "كامل" هو الأخر رادفا بترحيب:


_ نورتى البيت يا حبيبتى


أضاف "أمجد" أيضا مرحبا بها قائلا:


_ أيوه كده رجعى الفرحه على البيت تانى يا ست البنات


بينما أحتضنتها "نداء" معقبة بكثير من الحب قائلة:


_ يلا يا ماما قومى حضرلنا لقمه نأكلها عقبال ما مونى حبيبتى تاخد شور وأنا هجهزلها الحمام حالا


وافقها "كامل" على حديثها رادفا بتأكيد:


_ عندك حق يا نداء، يلا يا كريمة قومى حضرى الاكل، يلا يا أمنية يا بنتى روحى مع أختك


نهضت "أمنية" و"نداء" وذهبت "نداء" لإحضار الملابس لشقيقتها، بينما تحركت "أمنية" نحو الحمام دون أن تسال أحد أين هو مكان الحمام وكانها تتذكر كل شى تدريجا، لاحظ هذا كلا من "كامل" و"أمجد" ولكنهم لم يُقاطعونها حتى لا تتوتر ويوثر هذا عليا..


بعد وقت ليس بكثير، أنتهت "كريمة" من إعداد الطعام وأنتهت "أمنيه" من أخذ حمامِها، وجلسوا جميعا يتناولون الطعام معا، وبعد قليل نهضت "أمنية" كى تذهب إلى الغرفه دون أن تسال أحدا أيضا عن مكان الغرفة، فهى تتحرك تلقائيا، نعم هى عاشت عمرها كله فى هذا المكان، فهو بالطبع ليس غريبا عليها ولكنها توقفت عند باب الغرفة وهى تستغرب من هذا الامر وتعود الى عائلتها مرةً اخر..


عقبت "أمنية" رادفة بقلق:


_ أنا حسه بحاجه غريبة أوى!!..


أجابتها "نداء" رادفة بإستفسار:


_ حسه بأيه يا حبيبتى؟!


أضافت "أمنية" معقبة بتوضيح:


_ حسه إنى عارفه مكان كل ركن فى الشقه مع إنى مدخلتهاش قبل كده ولا فكرها


قابلها "كامل" بإبتسامة حنونه قائلا بهدوء:


_ يا حبيبتى الدكتور قال ده طبيبعى العقل الباطن اللى أتعود على البيت ده هو اللى بيحركك وهو بردو اللى هيساعدك تفتكرى كل حاجه إن شاء الله


شعرت "أمنية" بالراحه من حديث والدها ثم دخلت لترتاح قليلا فى غرفتِها التى شعرت بشيئا غريب مُنذ أن دخلتها، وكان شيئا مُهما ينقُص هذا المكان، لتلحق بِها شقيقتها وتُلاحظ حيرتُها فتنظر لها بإستغراب رادفة بإستفسار:


_ مالك يا أمنية!! فى حاجه يا حبيبتى؟!


أجابتها "امنية" سريعا بتلقائية رادفة بإستفسار:


_ هو فى حاجه نقصه من الاوضه دى؟!


شعرت "نداء" بالتردد والأرتباك رادفة بتلعثم:


_ حاجه!! حاجه أيه!! لا الاوضه زى ما هى


أجابتها "أمنية" بتوهان وعدم تركيز قائلة:


_ مش عارفة حسه إن فى حاجة مهمه مش موجوده، يلا مش مشكله أنا هرتاح شويه


ربطت "نداء" على كتف شقيقتها بمحبه قائلة:


_ ماشى يا حبيبتى ولو عوزتى حاجه أندهى عليا


أومأت لها "أمنية" بإمتنان قائلة:



_ شكرا


وخرجت "نداء" من الغرفة، بينما خلضت "أمنية" إلى النوم كى تستريح قليلا ولا تعلم ماذا تُخبئ لها الايام؟!


❈-❈-❈


فى قصر السيوفى فى غرفة "سيف"، كان يجلس وحيدا فى غرفتِه المُظلمه يبدوا عليه الضعف والتعب والكسرة ولا يستطيع التوقف عن البكاء، ولكن لا يُشعر أحدا بيه، فهو لا يُحب أن يبدوا منكسرا أمام أحد، يكفى إنه بهذه الحاله أمام نفسيه، فهو يشعر أن هناك سِكينً مُنغرزا فى قلبِه، هو جالساً يتذكرها ويتذكر كُل شئ مُتعلق بِها، يتذكر حُبهم لبعضهم، كُلِ لحظه قضاها معِها، يتذكر يوم الحادث، يلوم نفسِه بشدة على ما حدث، ولكن كل هذا ما كتبه الله، ليُقاطعه دخول شقيقه "سامى" الذى عقب رادفا بإستأذان:


_ ممكن أدخل؟!


أجابه "سيف" بحدة وهو يُحاول مسح وجههِ قائلا:


_ عايز أيه يا سامى؟!


تنهد "سامى" بخيبه أمل وحزنا على شقيقه رادفا بإستفسار:


_ هتفضل كده لحد أمتى يا سيف!! ده فى عز ما كانت فى الغيبوبه مكنتش بتعمل كده!! ودلوقتى لما فاقت حابس نفسك وبتعمل كده؟!


أجابه "سيف" بحزن شديد وأثار الكسرة واضحة عليها قائلا بضعف:


_ كان نفسى أخدها فى حضنى يا سامى أول ما تفوق، كان نفسى أقولها قد أيه هى وحشتنى، كان نفسى أقولها متسبنيش تانى، كان نفسى أخدها وأطلع أجرى على الماذون وأتجوزها وأخبيها من الدنيا كلها جوا حضنى، كان نفسى أقولها بحبك يا سامى، كان نفسى أوى


أخذ "سيف" يبكى بشده على كل ما بدخله من وجع، ليحتضنه "سامى" ليخفف عنه ما بداخله من ألماً ووجع وحصرة، معقبا بحزن وتأثر:


_ يا حبيبى بكره ربنا يجمعوا من تانى صدقنى والله ربنا مش بيظلم حد


أضاف "سيف" بألم شديد والدموع لازالت تنهمر من اعيُنهِ قائلا بنحيب:


_ أنا كل اللى واجع قلبى إنها مش فكرانى يا سيف، معقول خلاص كده معقول هتنسانى، أنا مقدرش أنساها، مقدرش


حاول "سامى" تهدئة أخيه رادفا باعين دامعه:


_ بس يا حبيبى عشان خطرى، خلاص والله هى كويسه كل يوم بسأل نداء عليها وبتقولى إنها بتتحسن والله، دى حته سألت عليك


صاح "سيف" بإنتباه ولهفه بمجرد أن أستمع إلى جملة أخيه الأخيرة:


_ سالت عليا أزاى؟!


أجابه "سامى" بقليل من التردد قائلا بهدوء:


_ لا هى مسالتش بشكل مباشر، نداء بتقولى إنها أول ما دخلت أوضتها سالت نداء إن فى حاجه مهمه نقصه من الاوضه بس هى مش عارفه أيه هى الحاجه دى، ونداء قالتلى إن الحاجه الوحيده اللى كانت ناقصة هى صورك أنت وهى، والدكتور قال دى حاجه كويسه جدا وقريب هتفتكر كل حاجه


ليشعر "سيف" بالسعاده الشديدة، ويشعر إنها ستعود له مره أخرى، ليلاحظ "سامى" هذا التغير ليعقب بفرح:


_ أيوه كده بقى، فوق وركز كده ورانا شغل كتير أوووى عشان أول ما أمنية تبقى كويسه نجوزكوا ونخلص بقا


ليضحك الشقيقين وينهض "سيف" لمُتابعه عمله الذى تعطل لوقت طويل...


❈-❈-❈


فى ببت عائله "أمنيه" بعد مرور عدة أسابيع وتاقلمت "أمنية" على الوضع وأخذت تتذكر بعض الأشياء كدرستها وعملها وتعودت على أسرتها وتاقلمت معهم، ولكنها حتى الان لا تتذكر "سيف" أو أى شئ يتعلق بِه، ولكنه هو لم يستسلم فهو يسال عليها كل يوم ويراها أيضا، هو يطلب من "نداء" أن تتحدث معه فديو دون أن يشعر أحد ليراها كل يوم ويطمئن عليها وينتظر هذا اليوم الذى ستتذكره فيه


وفى أحد الايام وهم يجلسون على طاولة الطعام يتناولون العشاء فى حُب وسعاده، يبدوا على "أمنية" ملامح التردد وعدم الراحة ولا تاكل جيدا، لتلاحظ هذا "كريمه" الذى عقبت رادفة بإستفسار:


_ مالك يا أمنية فى أيه؟!


أجابتها "أمنية" بتردد واضح على ملامحها قائلة بهدوء:


_ أنا عايزه أطلب منكوا طلب


أضاف "كامل" متدخلا فى الحديث منتبها لحديثها قائلا:


_ أطلبى يا حبيبى!!


أتخذت "أمنية" نفسا عميقا أستعدادا لما سوف تقوله رادفة بهدوء:


_ أنا عايزه ...


يتبع ...