رواية جديدة وبها متيم أنا لأمل نصر - الفصل 31 - 2
قراءة رواية وبها متيم أنا كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية وبها متيم أنا
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الواحد و الثلاثون
الجزء الثاني
❈-❈-❈
وفي إحدى الكافيهات
كان جالسا على طاولة وحده في انتظارها، وقد اتخذ موقعه مقابلًا للمدخل، حتى لا تجد صعوبة في البحث عنه، بوقاره المعتاد، واضعًا قدمًا فوق الأخرى بأريحية، غير ابهًا بأي شيء، يغمره الحماس لمقابلة هذه المجنونة ومشاكستها، بعد أن استطاع بحيلة ماكرة منه أن يتخذ موعدًا معها.
صدح الهاتف بمكالمة واردة، اعتقد انها منها قبل أن يخيب ظنه ويجد الأسم الاَخر، تناوله بيأس يستجيب بالرد هامسًا بغيظ:
- ايوة يا ماما، عايزة ايه؟
- ايوة يا نور عيني عايزة اعرف هي معاك ولا لسة ؟
- لا إله إلا الله، موصلتش يا مجيدة اهمدي بقى.
- لييييه بقى؟ يكونش رجعت في كلامها؟
- يا ستي لو رجعت كانت هتبلغني، اقفلي بقى يا ماما، انا مش عايز صوتي يعلى.
- ماشي يا أمين هقفل بس بشرط، تبلغني بكل اللي يحصل بعد ما تخلص المقابلة.
- ويعني انت حد يقدر يخبي عنك يا ماما، دا انت استدرجتيني ولا أجدعها وكيل نيابة، وسحبتي مني كل اللي انتي عايزاه.
- لا يا حبيبي لسة فيه حاجة ناقصة.
- ايه تاني يا ماما؟
- عايزة اسألك، ناوي تديها حاجتها النهاردة ولا هتأجل؟
- ااجل ليه؟ طبعًا هديها حاجتها .
- يا بن الخايبة كدة على طول؟ مش تصبر شوية على ما تاخد وتدي معاها.
- اخد ولا ادي ايه بس يا ماما؟ هو انتي تعرفي عني الاخلاق دي برضوا؟ اقفلي الله يخليكي، ولا اقولك هقفل انا.
انهى المكالمة ثم اغلق الهاتف مدمدمًا:
- وادي التليفون كله كمان يا ست مجيدة عشان اجننك، ست مفترية بجد.
قال الأخيرة ورأسه ارتفعت نحو التي ولجت لتستحوز على اهتمام معظم الموجودين من أشخاص حوله، من رواد وحتى عمال، على الرغم من هيئتها العملية بملابس محتشمة كموظفة عائدة من عملها، تسير غير مبالية وشعرها يطير معها متنغمًا مع خطوتها، تتقدم باتجاهه بصورة تحبس الأنفاس في الصدر، ليتمتم على غير إرادته قبل أن تصل إليه:
- يا وعدي.
- مساء الخير يا حضرة الظابط.
وقف يستقبلها مرحبًا وقد امتدت كفه لمصافحتها:
- مساء الخير يا لينا عاملة ايه؟
- حمد لله .
دمدمت بها وهي تجلس على المقعد المقابل له، وعاد هو لمحله وشعور بالارتباك المفاجئ طفى عليه، ليردف بعدم تركيز:
- ااا يارب تكوني بخير، تحبي بقى اطلبلك حاجة تشربينها؟
ردت بحدة تجفله:
- هو الطبيعي ان اخد حاجتي وامشي، بس انا راجعة من شغلي مفرهدة، اطلبلي أي حاجة بقى ابل بيها ريقي، عصير ولا مية حتى عشان ما كلفكش.
بانشداه لقولها المباغت، ظل فاهه مفتوحًا لعدة لحظات قبل أن يستجمع نفسه، ليرد بأريحية وقد رفعت عنه شعور الحرج:
- لا يا ستي ما يهمكيش، الجيب عمران والحمد لله، اطلبي اللي انتي عايزاه يا لينا.
أومأت برأسها، قبل أن تلتف إلى النادل تشير إليه ليصل إليها وتأمره بالمشروب الخاص بهذا المقهى المشهور، وهو يراقبها صامتًا وكأنه يدرسها، حتى إذا انتهت من مطلبها وذهب الشاب التفت إليه قائلة:
- ها بقى فين حاجتي؟
عقب ساخرًا وقد ادهشه عمليتها:
-- كدة على طول؟ طب خدي نفسك الأول حتى.
طالعته صامتة لبرهة ثم تبسم ثغرها تقول بنبرة حيرته بعض الشيء:
- وادي نفسي وخدته خلاص، ياللا بقى طلع السلسلة .
بادلها الإبتسام ليوميء برأسه لها مستجيبًا:
- ماشي يا لينا هطلعها.
ادخل يده في جيب بنطاله ليخرجها بعد ذلك بالسلسال الذهبي، ليرفعه أمام عينيها قائلًا:
- هي دي حاجتك يا لينا.
شهقت تختطفه من يده هاتفة بزعر:
- هي دي اه سلسلتي، بس غايب منها اهم شيء.
بوجه مقلوب يدعي المفاجأة قائلًا بدفاعية:
- ازاي يعني؟ إنتي قولتي ع السلسلة عيار واحد وعشرين واهي قدامك اهي، بالكف الفضي والعين الزرقا عشان الحسد زي ما انا شايف، ايه اللي ناقص بقى؟
- ناقص القلب، دا اهم حاجة فيها.
- يا نهار أبيض، هي فيها قلب كمان؟
- أيوة طبعًا، دا احلى حاجة فيها.
- اممم
زم بفمه متصنعًا العبوس ليقول بتفهم:
- ايوة بس انا دورت في العربية ف لقيتهم متنطورين، جمعتهم وافتكرت ان كدة تمام .
بتأثر ملحوظ اعتلى قساماتها، رددت مرة أخرى بحزن:
- طب والقلب يا أمين؟
- أدورلك عليه من تاني يا لينا.
قالها بشهامة يدعيها قبل أن يشير للنادل ويده على الشيء المفقود في جيب بنطاله، قائلًا:
- يا بني هاتلي انا كمان عصير زي الاَنسة.
❈-❈-❈
في الملهى الذي يجتمعان به كلما سنحت الفرصة للقاءهم، ولج كارم بوجه متجهم ليأخذ مكانه على الطاولة المخصصة لهما، القى التحية على عجالة، يعلو الوجوم ملامحه، وهيئته المتخفزة لا تبشر أبدًا بالخير، انهى عدي حديثه السريع مع إحدى مدراء فندقه يلقي عليه بعض التعليمات قبل أن يصرفه ويعطى انتباهه للآخر:
- إيه يا كارم، شكلك ولا اكنك خارج من خناقة.
شبك الاَخر كفيه ليطقطق اصابعه بعنف قائلًا:
- إنت بتقول فيها، دي بتوجعني اساسًا عشان كدة، عايز افش غليلي واستريح بقى.
فهم عدي مقصده، فسأله بصوت جعله منخفضًا:
- هو انت لسة ملقتش الواد اياه ولا الست اللي كانت معاه؟
رد كازًا على أسنانه:
- ابن الكلب اختفى ولا اكنه فص ملح وداب، لا عند قرايبه ولا أي واحدة من اللي كان ماشي معاهم، ولا الحقيرة التانية كمان، طفشت وسابت أولادها لجوزها واخته يراعوهم، بس مسيريهم هيقعوا في أيدي، انا مش ههدى غير لما اخلص عليهم.
اومأ عدي رأسهِ بتفهم قبل ان يبوح عما يفكر به:
- حقك طبعًا تعمل فيهم اللي انت عايزه، بس انا اللي مستغربله، اللي اسمها جيرمين دي تعمل معاك كدة ليه؟ عايزة تنتقم من مراتك بالشكل البشع ده، هي لدرجادي كانت بتحبك ولا انت هببت معاها ايه بالظبط؟
تغير وجه كارم ليردف بأنفعال غير قادر على السيطرة عليه:
- يعني هكون عملت ايه بس يا عدي؟ انا مكانش بيني وما بينها علاقة حب، وحتى لو كان، هي كانت عارفة بأخرها عندي، ولا عمري عشمتها بحاجة، دا غير انه اصلا ما ينفعش عشان هي متجوزة نجيب؛ اللي هو اساسًا بحالة صحية مش ولا بد، يعني في أي لحظة ممكن يموت وتورث بقى فلوس ماليها عدد، وساعتها تتجوز من تاني بشاب يناسبها واصغر كمان.
اربت عدي بكفه على ذراع كارم في محاولة لتهدئته:
- خلاص متحرقش اوي كدة في نفسك، اللي انت عايزه هيكون، الست دي او الراجل اللي معاها مهما اختفوا اكيد هيتجابوا، ان مكانش من رجالتك، يبقى بالبوليس، او رجالة جاسر وطارق.....
- لا طبعا انا مش عايز حد يجيبهم غيري.
هتف بها مقاطعًا بحدة، ليردف مشددًا على كلماته:
- ما حدش هيجيبهم غيري، انا بس اللي يخصني الأمر، لا جاسر ولا طارق، ولا أي زفت في الكون .
هذه المرة تناول المشروب الذي أمامه يخاطبه بمهادنة:
- ماشي يا سيدي زي ما تحب، خد بس اشرب وانا هطلب لي واحد تاني .
تناول منه ليرتشف محتويات الكأس بجرعة واحدة ثم يدفعها على سطح الطاولة بعنف قائلًا:
- واطلبلي واحد تاني كمان، انا لسة دمي بيغلي وعايز اهدى عشان افكر كويس.
اذعن عدي ليشير للنادل حتى يأتي بطلبهم، ثم عاد إليه سائلًا:
- طيب ورباب، هي عاملة ايه دلوقت؟
اشتدت ملامحه ليرد كازًا على أسنانه:
- رباب افتكرت ان ليها اخت دلوقتي يا عدي، بتقولي ان اعصابها تعبانة وعايزة تقعد عندها، بتسيبني أنا في الظرف الزفت ده .
رفر عدي واهتزت رأسه بسأم يعقب على كلماته:
- طب وفيها ايه بس؟ ما هو شيء طبيعي ان اعصابها تتعب، اللي اتعرضتلوا مش هين برضوا، خليها تبعد شوية على ما تهدى.
هتف بعصبية ازدادت حدتها:
- وما تهدى وهي معايا، تبعد عني ليه؟ انا اللي اقدر اهديها وانا اللي اقدر اجيبلها كل اللي هي عايزاه، انا اكتر واحد فاهمها، دي مش مراتي وبس يا عدي....... دي .......
توقف يمرر بكفه على شعر رأسه للخلف، مغمضًا عينيه بتعب، رمقه الاَخر لعدة لحظات صامتًا، يرى الجانب المخفي من كارم، هذا الجانب الذي لا يستطيع الفرد كبته مهما حاول ومهما كان متحكمًا او حتى مستبدًا، تفضحه مشاعره مع اول اختبار، جانب ذكره بأمره وهذه الفتاة التي استحوذت على كل تفكيره، فجعلت كل تركيزه منصبًا للوصول إليها مهما كان الثمن، طرد كتلة كثيفه من الهواء من صدره ليعاود النظر في سجل هاتفه، والحيرة تعصف برأسه، لماذا التأخير في الرد حتى الاَن؟ ألم يعد يهمها أمر صديقتها؟!
❈-❈-❈
في اليوم التالي صباحًا
خرجت شهد من غرفتها بعد أن تجهزت للذهاب إلى عملها كالعادة، القت تحية الصباح نحو المجتمعين على مائدة السفرة بدون انتباه وقد كان ذهنها مشتت ما بين اتصلاتها بمساعدها للاطمئنان على حالة العمل، والإتمام بحقيبتها على بعض الأوراق الهامة التي سوف تحتاجها اليوم في المقابلة بخصوص التقديم لإحدى المشروعات الحكومية، بمساعدة حسن الذي لا يكف عن استعجالها الاَن:
- يا عم والله نازلة اهو ، روح انت المصلحة بتاعتك واسبقني....... ايوة ما انا بقولك تسبقني هناك عند المدير المسؤل عن المشروع، ظبط معاه لحد اما اجيلك......
قطعت بضحكة مرحة كعادتها كلما ألقى على اسماعها كلمات الغزل بخفة ظله التي باتت تعشقها، لتعقب بيأس:
- انت مفيش فايدة فيك، الست مجيدة دي طلعت فاشلة في تربيتها معاك......... ماشي ماشي يا مؤدب، طب استناني بقى مش هتأخر عليك.
انهت المكالمة والتفت نحو الجالسات أمامها يتناولن وجبة الفطور، لتبادرها رؤى بغمزة وتشاكسها:
- ايوة يا عم المشغول، عقبالنا يارب.
استجابت لها بابتسامة قبل أن ينعقد حاجبها متسائلة بفضول:
- دي أمنية كمان لابسة النهاردة، وراكي مشوار؟
ضحكت المذكورة لتنهض عن مقعدها قائلة:
- هو انتي نسيتي ولا ايه؟ مش انا قولتلك ان انا جاية اشتغل معاكي، وهامسكلك الحسابات بصفتي خريجة تجارة.
- انتي بتتكلمي بجد؟
سألتها شهد بعدم تصديق، فهي الأعلم بطبيعة شقيقتها الكسولة والإتكالية في كل ما يخصها من أمور، وعلى نفس القناعة تدخلت رؤى ايضًا قائلة بتهكم:
- يا نهار ابيض، اختي أمنية هتشتغل، دا باين الدنيا اتقلب حالها يا جدعان.
- اخرسي انتي.
هتفت بها أمنية نحو شقيقتها قبل أن توجه خطابها لشهد:
- لما اتكلمت امبارح معاكي مكنتش بهزر، عشان انا مصممة اتحمل المسؤلية زيك، ولا انتي فاكرانا هنتسنى لما تتجوزي ونتوحل في الهم لوحدنا، أو نستنى فضلتك علينا .
ليست كلماتها ولا تفكيرها، هذا ما استنبطته شهد على الفور، وهذا التحفز نحوها بتصميم على فعل ما تريد، بالطبع لو واجهتها الاَن بما يدور بعقلها، سوف تستغل بغباءها وتضخم الأمر، وهي ليست بالغبية حتى تعطيها الفرصة هي ومن يدفعها لذلك.
اثناء صمتها تدخلت نرجس تلطف كعادتها:
- معنى كدة انها عايزة تساعدك يا شهد ، ربنا يخليكم لبعض ما انتوا اخوات وهي عايزة تشيل عنك.
بابتسامة جانبية ساخرة ردت توزع انظارها بين الاثنين :
- فعلًا، يعني انتي هتشيلي عني المسؤلية بجد يا أمنية؟
ردت بثقة الحافظ بعدم فهم :
- ايوة طبعًا امال ايه ؟ لا اهو انتي فاكراني غبية يعني، ولا مقدرش اتحمل زيك مثلًا.
- لا العفو طبعا يا حبيبتي.
قالتها شهد لتتابع بتحدي:
- وانا قبلت يا قلب اختك، ومش هشغلك معايا في الحسابات وبس، لا دا انا هدخلك معايا في كله
- يعني ايه؟
سألتها وقد ارتسمت علامة استفهام كبيرة على ملامحها، تجاهلت شهد لتردف بحسم وحزم:
البسي شنطتك يا للا وحصليني، انا هسبقك تحت اسخن العربية، ياللا
❈-❈-❈
في مقر عملها بداخل الحجرة التي تجمعها برئيسها في القسم، والذي لا تعلم سر تغيره هذه الفترة معها، كانت تعمل وعينيها تتجه نحوه كل دقيقة، صامتًا بوجوم، بتركيز شديد على حاسوبه او الملفات الورقية التي امامه على سطح المكتب، كأنه لا يراها، حتى ان تطوعت وسألته يجيبها باقتضاب بدون أن يكلف نفسه حتى بالنظر إليها ، لا ترى منه هذا الإهتمام الذي كانت تلتمسته على أقل شيء، تدخله الدائم في أي امر يشغلها بحمائية منه، تتقبلها منه بترحاب لا تعلم سببه، ترى ما الذي غيره نحوها؟
- سامية؟
لم تشعر انها اردفت بالأسم بصوت واضح سوى بعد ان التفت إليها سائلًا:
- انتي بتكلميني يا صبا؟
نفت بهز رأسها:
- لا لا دا انا افتكرت حاجة كدة .
اومأ ليعود لعمله وكأن شيئًا لم يكن، وتعود هي لأحباطها قبل ان يلتفت الإثنان على اقتحام إحدى العاملات بالفندق، تنادي بإسمها
- اَنسة صبا.
- نعم.
قالتها كسؤال وجاء رد المرأة:
- مستر عدي رئيس الفندق عايزك.
- ايه؟
- بقولك مستر عدي مستنيكي في مكتبه، عن اذنك.
قالتها المرأة وخرجت، تتركها في تخبطها، وقد أجفلتها بهذا الأمر المستفز أمام شادي رئيسها والذي ادعى انشغاله دون أن يهتم بسؤالها حتى، لتبتلع ريقها باضطراب، ثم تنهض صاغرة، تردف بالإذن قبل ان تذهب:
- انا هروح اشوف المدير عايز ايه؟ عن اذنك يا مستر.
- تمام .
قالها ويده تدون بالقلم سريعًا على احد الملفات، بارتباك شديد تحركت تجبر اقدامها لتنهي هذا الأمر الثقيل، مقررة عدم تكرار خطئها والتدخل في هذه الشئون مرة أخرى.
وظل الاَخر على وضعه حتى إذا اختفت من الغرفة، خرج عن شعوره ليدفع القلم بطول ذراعه، ثم يضرب بكف يده على سطح المكتب بقوة جعلت معظم الاروق تسقط على الأرض، زافرًا بخشونة وحريق قد شب بصدره، لا يعلم كيف له أن يطفئه
❈-❈-❈
وفي الجهة الأخرى بداخل قسم الشرطة وقد كان جالسًا مع زميله يتباحث في أحد الأمور الخاصة بعملهم، ليفاجأ بإجابة السؤال الذي شغله بالأمس، بعد رؤيته الغريبة لابن عمه في طريق مغادرته، قبل أن ينشغل بموضوع صبا وصديقتها، ثم الاَن وقد علم الأمر برمته، بشيء من صدمة اعتلت ملامحه عاد بالسؤال مرة أخرى:
- انت متأكد من الكلام دا يا عصام؟
رد الاخير بثقة كاملة:
- يا فندم ما انت عارف انا مش بجيب حاجة من دماغي، دي كلها تحريات وشهادة شهود اولهم اخو الضحية، دا غير الكاميرات، وهروب الست المتهمة والراجل الحارس، كلها دلائل مُثبتة.
باضطراب غير عادي مرر كفه على أطراف فكه بتفكير عميق، عقله لا يستوعب ان يحدث هذا الشيء مع فرد من عائلته الكريمة، خصوصًا هذا الشق المتعجرف بها، فرع الأغنياء والمناصب الهامة، لا بل وأهمهم على الإطلاق، كارم رجل الأعمال ابن اللواء حمدي فخر، والأكثر من هذا هو ان الأمر يخص زوجته، اول فتاة أحبها وأول من جرحته في كرامته، بعد أن استهانت به وكأنه لا يستحق حتى النظر إليه، هذا الأمر الذي جعله يظل لفترة طويلة من الوقت صارفًا النظر عن النساء والزواج عامة، الأمر الذي ذهب بظن والدته وشقيقه ان عقدته كان بحبها، ولم يصل إليهم ان الجرح كان في كرامته، عزة نفسه التي منعته حتى بشرح وجهة نظره لهم، كاتمًا ما يألمه داخل صدره، حتى لا يزيد عليهم.
- امين باشا، هو انت سرحت ولا ايه؟
قالها عصام ليقتلعه من افكاره البائسة، فرد ممازحًا:
- يعني وما اسرح يا سيدي براحتي، هو انت مراتي وهتشك فيا؟
ضحك الاَخير قائلَا بأدبه المعتاد:
- لا يا باشا طبعًا وانا اقدر، تحب نكمل اللي علينا .
اعترض ينهض عن مكتبه منهيًا الجلسة بقوله:
- لا بقى خليها وقت تاني، انا معايا مشوار مهم .
- مشوار ايه؟
تسائل عصام قبل أن يفاجأ برئيسه الذي هتف على احد الرجال العاملين معهم:
- عسكري مدبولي، تعالي هنا بسرعة.
دخل الرجل على الفور يؤدي التحية العسكرية، قبل ان يأمره أمين:
- روح ع الحجز وهاتلي السجينة اللي اسمها مودة، وجهز نفسك عشان انت رايح معانا مشوار.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر (بنت الجنوب) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية