-->

رواية وصمة عار - بقلم الكاتبة خديجة السيد -الفصل السادس

رواية وصمة عار 
بقلم الكاتبة خديجة السيد



رواية وصمة عار 

الفصل السادس


تنهد أركون بقله حيله بينما ابنته سافانا كانت سعيده لتغير اليزابيث وانها بدات تعمل لتخف العبء عن والدها قليلا فهي الوحيده التي تعرف سبب تاخيرها بالخارج كل ليله.. اما في الداخل عن اليزابيث ما أن وضعت رأسها فوق وسادتها حتى تلاشت مخاوفها وغابت في نوم عميق.


❈-❈-❈


بعد مرور يومين بداخل متجر العمل، كانت اليزابيث بالكاد قادرة على الوقوف أثناء عملها و كعادة كانت صاحبة المخبز تصرخ بها بين الحين كلما ضبطتها مغمضة لعينيها وكأنها تسترق لحظات من الراحة خلال نهار العمل المتعب .. فهي اصبحت ترهق نفسها بشده بين العمل والدراسه ولم تنام براحه الا قليل في يومها الشاق ،رفعت ذراعها لتمسح العرق الغزير عن جبينها بكم قمـ.ـيصها لتكمل عملها بسرعه حتى تنتهي مبكرا.. 


و غادرت في نهاية النهار متشوقة للعودة إلى المنزل والتمدد في فراشها الدافئ و دلفت داخل الباص واستسلمت لإرهاقها الشديد وأغمضت عينيها في غفوة قصيرة وانتهت عندما نبهها السائق إلى وصولها إلى وجهتها اليومية ترجلت من الباص وسارت نحو البيت وهي تشعر وكأنها تسبح شبه واعية .. شعرت بأن الطريق يزداد طولا وأنها لن تصل أبدا إلى البيت .. حتى بدأت ترنحت بجسدها وتحاول تتشبث بأي شئ وخلال لحظات كادت أن تهاوت على الأرض ساقطه إلا أن امددت يد ولحقتها لتفزع بخضة وبقلق تنظر إلى الشخص الذي لحقها و تفاجات بة هو ولم يكن غيره! قالت بصوت مخنوق منخفض من الإرهاق


= سيد نيكولا لقد افزعتني من اين ظهرت انت؟ 


لم يبتعد نيكولا بل مد أصابعه يتحـ.ـسس وجهها فوق بشـ.ـرتها الناعمة التي ارتعشت تحت ملـ.ـمس انامله الرقيق، صدمها الاهتمام الكبير الذي أطل من عينيه وصدمها هذا الاحساس الذي انتابها وجعل جـ.ـسدها يرتعش لكنها افاقت على صوته وهو قائلا متهكما


= هل كلما تلتقي به سوف تصابين بالفزع ، أتساءل دائمًا كيف يمكن لفتاة مثلك لا تملك الشجاعة الكبيرة أن تضرب عصابة كبيرة وتنقذ حياة الأبرياء الذين لا تعرفهم


اتسعت عيناها ثم ابتعد عنه بسرعه وحاولت السيطرة على انفعالاتها وهي تقول بحده


= ابتعد عني انا بخير.. شكرا لمساعدتك لكن قلت لك قبل سابق انا لست جبانه ، لكن انت الذي تظهر بوجهي دائما دون مبرر لا مقدمات ولا افهم لماذا تلحقني هكذا وما تريد؟ 


قال بهدوء مبطن بالسخرية


= اهدئي لما كل هذا الغضب حسنا انتٍ شجاعه وقويه وانا لا اكذب ولا اتجمل في ذلك، على الاقل فعلتي ما بواسعك حتى تنقذي ذلك الفتيات التي لم تعرفيهم كان من الممكن ان ترحلي وتتركيهم حتى تنفدي بروحك


ثم تابع حديثه وهو يعقد حاجبيه و ينظر إلى آثار الاهارق علي وجهها واضحه و تمتم بقلق


= عندما التقيت بكٍ المره السابقه والان ايضا ارى انك تجهدي نفسك في هذا العمل.. ابحثي عن وظيفه مناسبه لكٍ افضل لأجل صحتك


تنهدت بضيق بانزعج من التدخل في حياتها الخاصة  وصاحت بعنف  


= وماهي الوظيفة المناسبة في مدينة صغيرة كهذه ؟ هل عرضت علي وظيفة رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات ورفضت ؟ انا بالكاد وجدت هذه الوظيفه بصعوبه وانا بحاجه الى العمل وليس انتظر نصيحتك، اذا وجدت عمل غير ذلك بالتاكيد ساتركه لا افضل التعب 


عقد حاجبيه متأملا حالتها وضيقها ثم قال بصرامة


= لابد أن تجدي وظيفة أفضل من ذلك.. على الأقل وظيفة أقل إرهاقا .. كنتي قبل قليل ستفقدي وعيك بالشارع .. ماذا لو كنتي قد سقطتي في مكان بعيد دون أن يشعر بكٍ أحد، لو لم افكر أنا بالمرور بالصدفه هنا حيث كنتي ستسقطي على الأرض و لبقيت مكانك حتى يكتشفك أحد ..ألا تفكرين إلا بالعمل فقط ؟ فكري بنفسك أيضا 


قالت اليزابيث بغضب وقد برقت عيناها بشدة


= حسنا اشكرك انا مدانه لك هل ارتحت هكذا من فضلك ابتعد عني واتركني بما فيه


اقترب نيكولا قائلا بابتسامة هادئه هاتف مرة واحدة 


=اليزابيث انا لا اتعرض لكٍ لمضايقتك .. أنا أرغب بمساعدتك للبحث عن عمل افضل ومناسب لكٍ، انتٍ بحاجه لمساعده ولوحدك .. ولا يمكن أن أبقى مكتوف اليدين وأنا أراكٍ تجهدين نفسك طول الوقت.. اعطيني فرصه وسوف ابحث لكٍ عن وظيفه افضل و مناسب 


هزت راسها بجفاف ثم أردفت اليزابيث بهدوء 


= أشكرك على نبل أخلاقك .. ولكنني لا أحتاج إلي  مساعده ومرتاحة بوضعي فهذا افضل لي ان اظل مكاني دون عمل  


كانت تهم بالرحيل إلا أنها توقفت فجأة وهي تنظر إليه بريبة لا تعرف لماذا متهم لعملها هكذا لكن لا تنكر انها بالفعل ليست مرتاحة بالعمل هذا وتريد وظيفة أفضل.. أسرع ليقول وهو يطل يقترب منها قائلا بلين


= اليزابيث من فضلك لا تعانديني انا بالفعل يمكنني بسهوله ان اجلب لكٍ عمل مناسب! فقط ثقي بي واعطيني الفرصه لمره واحده؟ وسوف ترين بنفسك واذا لم يعجبك العمل الاخر حسنا لا تجبرين نفسك عليه ..وكاني لم يكن، لكن جربي لم تخسري شيء، يمكن العمل الذي اجلبه لكٍ يكون مناسب بالفعل


كان كلامه مقنع فلم تستطع اليزابيث الاعتراض لتنوي داخلها بأن تري وتجرب الوظيفي الجديد.. 


بعد فتره قصيره.. تورد وجهها بتوتر شديد وهي تجلس بجانبه بالسيارة ذهابا معه لتري الوظيفه الجديد .. لكن لا تفهم لماذا قد يلحق بها شخص لا تعرفه ولا يعرفها ؟ .. و أنة دائما يلاحقها ويجدها و يعرف مكانها بكل سهولة.. هو حقا شخص غامض جدا.. أفاقت علي صوته متسائلا بهدوء و اهتمام


= كيف تشعرين الآن؟ هل تحتاجي الى طبيب ليفحصك يمكنني أن أمر بطريقي الى اي مستشفى


أطبقت علي شفتـ.ـيها بقوة تتحمل حتي لا تظهر ألمها أمامه ثم عادت وقالت بحرارة


= لا أنا بخير.. لكن ما تفعله هنا في هذا المكان بالذات وانا موجودة في


لوى فمه وهو يقول ساخرا 


= من المؤكد بأنني لم آت إلى هنا لاحقا بكٍ ..كنت ازور صديق لي وقابلتك بالصدفه.. كنت اسير للعوده لمنزلي و وجدت فتاه جسدها يميل للسقوط و اسرعت اساعدها لكن تفاجات انها انتٍ


أحست بالغضب يكاد يعميها من سخريته معها ولكنها تماسكت قائلة ببرود


=الم تلاحظ ان صدفك كثيرة معي 


ظهر التركيز في عينيه البندقيتين وهو يصف السياره جانب بالشارع.. و نظـر بابتسامة تسلية نحوها شعرت بالغيظ لاستمتاعه بارتباكها.. لكن اقترب فجاه منها مما أدى إلى أن انتفضت اليزابيث عندما ازداد اقترابه وما الذي عجزها لتدفعه لمواجهته وهو يقول بصوت أجش


=نعم الاحظ لكن ليس باليد حيله القدر مصر ان يجمعنا ببعض ..يمكن حدث ذلك حتى اساعدك واخلصك من هذا المازق مرة أخرى.. بالاول كان فيديو.. و الان وظيفة.. من يعرف المره الثالثه ستكون المساعده كيف؟ 


عقدت حاجبيها بدهشة من حديثه وأجفلت عندما أثار صوته داخلها برجفة بسيطة فقال بصوت دافئ 


= لقد وصلنا انزلي من السياره حتى تعرفين طبيعه عملك الجديد! 


❈-❈-❈


الوظيفه الجديد بالفعل كانت مريحة عكس عملها السابق و كانت أقرب إلى مزاجها فقد وجد نيكولا إليها وظيفة في احد الفنادق الفخمه عامله في المطبخ تجهز و تقطع الخضروات والفواكه الطازجة للشيفات المختصين الكبار..و رغم ان العمل شاق قليل  

فليس هناك عمل دون مجهود، لكن كأن التعب اقل بكثير عن العمل السابق فهي لم تكن تعمل بمفردها هنا مثل هناك مع تلك العجوزه التي كانت تستغلها، وكان اهم شيء بالنسبة لها على الاقل يحترمونها العاملين  بالفندق.


وكانت تعمل اليزابيث في الفندق بالصباح الساعه الواحدة ظهراً و تعود إلى منزلها مبكرا بعد السادسه مساء لذلك وظبط بين العمل والدراسه وكان لديها وقت طويل للاستراحه وعرفت توافق دراساتها مع العمل دون أن تجهد نفسها دون راحه..  


لكن ما كان يعكر صفوها حتي في نهاية اليوم وهي تشعر باكتئاب كبير في عملها الجديد العالم الاخر الذي كانت تعيش في سابقا؟ فالعمل بالفندق يذكرها بوضعها القديم .. كلما رأت بعض الزبائن بالفندق وملابسهم الباهظة الثمن والمختلفة تماماً عن النوع الذي اعتادت هي علي شراءه ..ولكنها لم تعد قادرة على شراء ما تحبه الآن ..بعد وفاة والدها و إفلاسه.. فهي كان لديها عالم اخر عن الآن تمام كل ما تحتاجه يقدم لها دون جهد؟ 


وحاله الزبائن الثريه تذكرها بذلك وبعدهم كانوا متعالين ويعاملون العاملين في بعض الأحيان بازدراء ..مثلها تماماً ما كانت تفعله؟ فقد كانت هي أيضا ذات يوم من ذلك النوع الذي يهوى التصرف وكأن العالم ملك لها .. لكن تحتقر نفسها الآن عندما تري أي إنسانة سطحية ومتعالية ليس إلا شخص مغرور .. ولا تنكر ان هذه التجربه علمتها دورس كثير جدا و اهمها قيمه التعامل مع الاخرين دون تعالي او غرور؟؟ كان عليها تلقي بالصدمة هذه من قبل حتى تعرف ماهي الحياة الحقيقية من حولها 


وأجبرت هي نفسها على الصبر وتجاهل كل ما يذكرها بعجزها و حالتها الماديه الان و حزمت نفسها بأن هذا هو العالم الواقع الحقيقي لها ، حتي تستطيع تعيش براحه دون تفكير بحياتها السابقه ..لكن ما أدركته أيضا بأن السيد نيكولا اتضح أنه شخص جيدا و مساعد للآخرين و متواضع .. وقد تمكن من كسب ثقتها وإعجابها بشهمته على الفور عكس ما كانت تتوقع.


هكذا كان حالها طوال الأيام الأولى و بدأت تحب عملها وتستمتع بالتحول الغريب الذي أصابها حتي أنها بدأت تحب الطعام و تعرفت علي عده مكونات بسيطة و شهية الطعم والرائحة بل أنها أخذت تجرب صنع بعض أنواع الفطائر في المنزل وكانت تعلمتها من أحد الشيفات وهو رجل تجاوز سن الاربعين، احب اسلوبها الطيب معه وعندما طلبت اليزابيث تتعلم بعض الأطعمة و الأصناف منه وافق و رحب بالموضوع وساعدها تحت مراقبته. 


لم يكن صحيح العمل سهل ولكنه كان ممتعا أن تتعرف إلى نوع جديد من الحياة التي لم تكن تعرف أي شيء عن العمل .. ولكن سرعان ما بدأت تتعلم.


وقد مر اسبوعين على هذا الحال.. وفي نهاية اليوم رحل بعض العاملين بالمطبخ للخارج وهي كانت من ضمنهم اليزابيث تسير مع الشيف الذي تعملت منه بعض الوصفات بمطبخ الفندق.. كانت تسير بخطوات بسيطة تضحك علي شئ يتمتم به الشيف معها وهو يشاركها الضحك.. لكن فجأة شعرت بأن ضحكتها قد اختفت عندما وجدت نيكولا يقف بجانب سيارته وهو ينظر إليها متفحصا ببرود حيث كان يرتدي سروالا من الجينز وكنزة زرقاء داكنة، بدات حقا تعجب بملابسه البسيطة دون أن يفقد ذرة من هيبته، لكن تساءلت عما يفعل هنا ولماذا ينظر إليها بحده و برود هكذا؟ شعرت و كأنها اقتلعت أحد جذور غضبه ليثور.. وعندما وصلت إلى الخارج ودعت الشيف باسلوب لطيف و رحل. 


وفي نفس اللحظه تقدم منها نيكولا بخطوات سريعة وهو ينظر نحوها بأعين واضح فيها الغضب وهتف ساخرا


= ارى انكٍ بداتي تنسجمي مع العاملين هنا ، حتى انكٍ كونتي صدقات مع بعض الزملاء ومن يعرف المره القادمه سوف ترافقين احدهم الي منزله؟ 


رمشت بعينيها عدة مرات غير مصدقة وقـ..ـاحته معها في الحديث، فهي قبل كانت تعتبره رجل بمعنى الكلمه وشهم لانه ساعدها لكن لم تتوقع هذا الحديث منة؟ اختفت ابتسامتها وهي تقول بحدة


= ما هذا الاسلوب السخيف تادب بحديثك معي هذا صديق لي و اعتبره في مقام اخي 


كادت أن ترحل من أمامه لكنه وقف أمامها مانعا إياها من الوصول إلى المرور حتي تصعد في الباص كعادتها لترحل، وقد علت عينيه بالغضب الشديد نظرة أثارت القلق في نفسها ..ولكنها لم تظهر خوفها وهي تقول من بين أسنانها بتهديد


= ابتعد عن طريقي وإلا صرخت وجمعت كل سكان المنطقة


أمـ.ـسكها فجأة وجـ.ـذبها إليه وهو يقول بنبرة حادة


= تجراي وافعليها اليزابيث حينها سوف تري مني شيء لم تحبيه علي الاطلاق.. لذلك الافضل لكٍ أن تصعدي السياره بهدوء دون مشاكل


عقدت حاجبيها متوترة من تغير أسلوبه معها فجاه وقد ظهر عليها الارتباك لتردف بعصبية


= من انت حتى تامرني؟ انا حتي لا افهم بسبب غضبك، كل ذلك لانك رايتني بصحبه رجل؟ هذا شيف واعمل معه وكان يعلمني بعض الوصفات وانا كنت اشكره 


كاد يفقد أعصابه وهو يقول بشراسة وقسوة


=  ما الذي تتوقعينه مني؟. عندما اراكٍ تخرجي من عملك بصحبه رجل أكبر منك بالعمر و تتسامرين و تضحكي بكل وقاحه معه، اذا هكذا تردي الجميل فانا اولى و منزلي قريباً من هنا ايضا


اتسعت عيناها بصدمه وذهول وقد ظهر الشر في عينيها الغاضبتين ولم تشعر بنفسها غير وهي ترفع يديها تريد ان تصفعة بسبب كلماته البزيئه.. لكنه لحقها وأمسك بذارعها وزمجر قائلا بحقد


= اياكٍ ان تفكري مره ثانيه وتفعليها اليزابيث لا اريد ان ائذيكٍ.. لا تضطريني لفعل ذلك والان تحركي أمامي

حتى نتحدث 


جذبت يديها منه بعنف شديد وهي تصيح بقسوة


= ابتعد عني ولا تلمسني ايها الواقح كنت اعتقدك  راجل نبيل وشهم لانك ساعدتني واحضرت الية وظيفه مناسبة.. لكن لم اتوقع ان اسمع هذا الحديث منك ولا اريد ان اراك مره ثانيه امامي 


ابتلع ريقه مرتبك وقد انتبه الى نفسه بانه تجاوز الحد معها، ثم أسرع إليها عندما رآها تهتم بالرحيل و أقترب نحوها قائلا من بين أسنانه 


= اليزابيث توقفي لحظه.. انا بالفعل اخطات لكن اسمعيني انا لم اشعر بنفسي عندما رايتكٍ تخرجين مع هذا الرجل وسعيده هكذا بصحبته 


استدرات إليه بعينيها تصوب نظراتها القاسية بهجوم و قالت بعناد


= ولماذا مهتم هكذا بي؟ اخرج ام حتي اهاجر مع رجل ما يخصك في ذلك؟ ما هي علاقتك به حتى تؤمرني من انت بالأساس.. اسمع لا تختبر صبري يا سيد نيكولا .. قد تمتلك سلطه كبيره ووفرت الي عمل مناسب لكن ليس مضطره ان أصغي اليك في كل شيء مقابل ذلك .. لانك لا تعني إليه شيء!  


زفر بقوة محاولا استعادة هدوءه ثم قال بصوت مستسلم لمشاعرة واعترف قائلا 


= معكٍ حق ليس اعني لكٍ شيء؟ لكن انتٍ تعني لي شيء كبير... اليزابيث انا معجب بكٍ منذ أول مرة رايتكٍ فيها.



يتبع...