رواية للذئاب وجوه أخرى - بقلم نورا محمد علي - الفصل السابع عشر
رواية للذئاب وجوه أخرى 5
بقلم الكابتة نورا محمد علي
الفصل السابع عشر
في الوقت التي كانت فيه سهر تحاول أن تكسر ذلك الحاجز، وتعبر الى قلب ابنتها؛ لكي تعرف ما الذي يؤلمها، ويجعلها بعيدة عنها، وعن المحيطين بها؟!
ما الذي يجعلها تعيش في غلاف خاص بها؟ او مدارا لا يدخل فيه احد؟
ورغم محاولات الجميع كسر الحواجز والحدود التي تضعها، وكأنها خطوط وهمية لا وجود لها في الواقع !
بينما نظرة الرفض في عينها؛ وكأنها تقولها دون كلام ، وبدون صوت.
" أن هارون رجل بما تعنيه الكلمة ولكني لا أريده "
وقتها لم تفعل سهر شيء، لم تقول أي شيء، سوى انها اقتربت من ابنتها تاخذها في حضن طويل وكانها تحميها او توصل لها رساله واضحه انها بجوارها ،ولن تتركها في اي خيار تختاره.
ابتسامة رسمت على وجهه داليدا، ولكنها رطبت على قلب سهر .
وربتت هي على ظهر بنتها وقالت لها:
انا رايحه أشوف جدتك واطمئن عليها ،تيجي معايا ؟
ابتسمت داليدا وهي تهز رأسها بالموافقة نهضت لتتهيأ وتستعد.
بينما امها ترسم نفس الإبتسامة الشاحبة؛ فهي تدرك أن هناك خط لا زال فاصلا بينها وبين إبنتها ، حتى لو كانت لا تراه، لكنها ستعبر منه يوما ؛ فتحاول ان تعوض تلك الايام التي لم تكون فيها بالقرب منها.
بينما هناك في شركة البيهي للإنشاء والتعمير، كانت دانه تقف بجوار والدها ، تشرح له ذلك المشروع الذي صممته، والذي كان عبارة عن تصميم كرتوني (ماكيت) عملت عليه مع مجموعة كبيرة من المهندسين الذين يعدون من النخبة ، مما جعل ابتسامة فخر رسمت على وجه أدهم وهو يستمع لها و لتمكنها مما تفعل .
شعوره بأنها ستكمل ما تمناه يوما ، وانها قد تتفوق عليه، يجعل قلبه يتضخم من الفرح والسعادة ورغم وجود العديد من المتابعين سواء كانوا مهندسين او مسؤولي الإدارة، في ذلك الاجتماع الا أن ابتسامته كانت واضحة!
مما جعل البعض يتساءل؟
هل هذا هو الباشمهندس أدهم الذي يرسم العبوس رسما، الذي لا يتهاون ولا يترك مجال لأحد يتناقش معه؟
اشار لها لتجلس وهو يقول:
_ هايل ...
-دانه شكرا سيادتك يا ادهم بيه.
ولكن لم يتمالك نفسه وهو يطلق ضحكة بصوته كله وهو ينظر لها بحاجب مرفوع وكأنه يسأل؟ هل هذا الكلام لي انا ده انا بابا؟!
- أسفة يا بابا ما قصدتش بس احنا كنا بنتكلم في الشغل!
_ ما قلتش حاجة يا بشمهندسة إتفضلي.
هزت رأسها وتحركت لتجلس في مكانها، تلاحقها نظرات الجالسين، اخذ يسالها ويستفسر منها ، وهي تجاوب بتمكن! نظر في عمق عينيها وهو يشعر بأن الدنيا تكافئه وتعطيه بدون حساب سواء كانت دانه او داليدا.
لقد وصلت دانه الى ما كان يحلم به هو نفسه او ربما اكثر، ابنته التي تباري مهندسين يملكون من الخبرة سنوات، ربما لانها قررت أن تعمل معه منذ أن كانت في السنة الاولى من الجامعه .
وها هي تثبت له انها هنا في مكانها المناسب، تشق الطريق وتسير في نفس الدرب، مما يجعل اسم الشركة يكبر ويرتفع في السوق العالمي، محقق هدف أدهم الذي كان يخشى أن ينتهي ما حققه او يصيبه الوهن بينما ينتظر أن يكبر ابنائه الذكور و يشبوا ليقفوا بجواره .
ولكن ما يراه الآن كان ما يتمنى وربما أكثر. أثني ادهم عليها وهو يقول:
_ أنت أصغر عضو مجلس إدارة، مش عشان بنت ادهم بيه بس عشان دماغك وطريقتك اللي بتفكرني بنفسي، مش هنكر إنك واخدة المكان ده عشان انت بنتي بس انا سعيد انك قادرة تملي المكان وتكوني قد ثقتي، وعارف كويس انك هتشيلى المسئولية وتكملي اللي انا بدأته، في ناس كثيره طالعة جديدة بتنافسنا، لازم تحطي في حساباتك ان مش المناقصة دي هي اللي هتحدد مكانة الشركة و استحقاقك بالمكان ؛ لكن الشغل اللي انا شايفه ده، واللي انا عارف كويس ان كثير منكم ساعدها فيه ؛ هو ده اللي بيخليني اعرف ان اللي شغالين في الشركة دي عيله .
اخذت تهز رأسها و الإبتسامه على وجهها وهي ترد له الشكر.
أخذهم الكلام والمناقشات في بعض الشئون المالية والقانونية ،وبعض الاستشارات الهندسية ،على تلك الطاولة العملاقة التي تمثل مجلس الإدارة.
في الوقت الذي كانت فيه سهر تقود سيارتها ، ترسم على وجهها أبتسامة وهي تستمع الي داليدا تسألها عن أحد النقاط المهمة في احد المحاضرات، ردت عليها سهر ولكنها سالت:
_ مش عايزه تقولى حاجة
داليدا: حاجه زي ايه ؟
سهر : انا اللي بسألك انا اللي عاوزه اعرف في حاجه عايزة تقوليها لي انا صاحبتك قبل ما اكون امك
ابتسمت ابنتها ولكنها كانت تخجل من ان تبوح بما تكنه في قلبها، ربما لا تستطيع ان تقوله لاحد، هناك اشياء لا تستطيع أن تتكلم فيها مع أقرب الناس إليك خاصة حينما يكون هذا الشيء حب من طرف واحد، ويكاد يكون حبا مستحيل لانها تدرك جيدا انه لا يراها من الأساس…
وأنه يعاملها على أنها لا تزيد عن اخته وليست ابنة خالته
داليدا: لو حسيت ان عايزة اقول لاحد اكيد مش هاقول لاحد غيرك، بس اعتقد ان مفيش حاجه تتقال.
سهر: متأكدة؟
هزت راسها لانها لم تعد تقوى على الكذب، بعد وقت كانت تحتضنها جدتها وهي تحرك كفها الواهن على وجهها الفاتن الذي يأخذ ملامح امها وابيها في نفس الوقت، وعينها التي تميل إلى الاخضر الزيتوني أو العسلي في بعض الأحيان وهي تضمها في حضن طويل رغم الوهن الذي تشعر به، أربت على كتفها وداليدا تبادلها بابتسامة وهي تقول..
-وحشتني يا تيتة وحشتني أوي
اسماء: انت بكاشة يا بنت سهر، لو وحشاك بجد كنت جيتي ولا سألتي ولا حتى اتصلت في التليفون.
داليدا: والله مشغولة، وغصبا عني انت عارفه آخر سنة وعايزة التقدير امتياز الاولى على الدفعة ولا انت شايفة إيه ده حتي ابن الوز عوام..
ابتسمت سهر لعفويه ابنتها وكلامها بإطلاق مع جدتها وهي تدخل وتجلس بجوارها..
❈-❈-❈
كان عادل ينهي اوراق عائلته او بمعنى أصح من يعملون لديه يقومون بإنهاء الاجراءات والأوراق حتي يستعد إلى السفر في خلال يوم أو إثنين على الأكثر، بينما السعادة تحاوط قلب جوليا والفخر يحاوط قلبا أوديل وهي تقترب من عادل تحيطه بذراعيها وهي تقول…
-انا فخوره بك اخي أنا سعيدة بكل كلمة قلتها الآن آه لو تعلم ماذا كنت أريد أن أفعل؟ كنت أريد أن أضمك إمام الحضور، كنت أريد إن أقول بصوت مرتفع أنه أخي ما لكم شأن بنا..
ابتسم وهو يحرك يده على خصلات شعرها بينما هو يتحرك ليجلس بجوار أمه، في الوقت الذي ارتفع رنين هاتفه فرفع المحمول ليرد على إلينا التي كان صوتها يبتسم وهي تقول .
-كويس أوي يا حبيبي ده قصف جبهة انت كده وقفتهم عند حدهم..
عادل: انا لسه معملتش حاجة انا لسه هعرفهم أني مكنتش بقول كلام وبس، انا فعلا هقفل المواقع دي عشان بعد كده يتحرى الدقة …
إلينا: بس الخبر اتشال بالفعل..
عادل: ما اعتقدش ان مجرد انهم يشيلوا الخبر او ينشروا اعتذار ده بيرضيني، لازم يعرفوا ان لكل غلط عقاب انا مش حد هين عشان يغلطوا فيه، لو استهونت المرة دي هيبقى سهل أوي على اى حد انه يتطاول، ما دام انا باعدي الموضوع، مش هيحصل كده يا إلينا الموضوع لازم يبقى فيه رد حاسم وقوي، مش هينتهي مجرد اعتذار او لقاء صحفي …
اتاه صوت ابنه الجالس بجوار أمه وهو يقول: بيرفكت..
عادل: انت شايف كده يا احمد؟
احمد: لازم يكون الرد حاسم وحازم، احنا لينا اسم عالمي وحضرتك مش مجرد رجل أعمال، لازم يفكروا قبل ما يجرحوا في صور الناس وبيتكلموا عنهم
عادل: انا شايف كده برضو المهم مش هوصيك على الشركة وياريت تحضري انت أجتماع 7A كفاية على مامي الشركة..
إلينا: هو انا كنت اشتكيت؟وهو كمان مش سايبني على فكرة هنا او هنا وعلى العموم اطمئن انت سايب وراك رجالة
ارتسمت ابتسامة على وجهه وهو يتذكر ما كان قبل سفره وهمس: بجد؟
الينا: بجد أيه؟
عادل: انا سايب رجالة؟!
اخذت الهاتف وتحركت بعيد عن أبنائها وهي تقول:
- طبعا أنت سايب رجالة طول ما انت بعيد، انا ما بحسش اني انثى إلا معاك وأنا في حضنك..
همها بكلام لا معنى له، أدركت انه لا يستطيع الكلام بحرية مثلها..
إلينا: هتيجى امتى؟
عادل: مش هاجي لوحدي!
إلينا: اكيد طبعا، لازم يجو معك انا بأشرف على تجهيز بيت الضيافة وفي نفس الوقت شايفة انهم المفروض يفضلوا معنا داخل الفيلا..
عادل: انا سايبهم براحتهم المكان اللي يحبو يقعدوا فيه و يستقروا فيه انا هابقى سعيد بوجودهم، اهم حاجه يكونوا معايا في نفس البلد، وفي نفس المكان، انا بصراحة مش هاقدر انى أبعد عن ماما واختي وعنهم كلهم، بعد ما خلاص لقيتها.
الينا: طبعا يا حبيبي..
أما جوليا كانت تجلس بجوارها اوديل التي تترجم لها ما يقوله عادل، وابتسامه ترسم على وجه جوليا وزوجها بينما عادل انهي الاتصال وتحرك بجوار امها يحوطها بذراعه، ويفتح معها الحديث في أي شيء، فقط ليتكلم معها ويستمع الى صوتها، الذي ظل مشتاق إليه، طول عمره ، والذي تخيله وتصوره واتمنى ان يسمعه لو مرة واحدة ها هي تتكلم وهو يستمع ينظر لها وكانه يملا عينيه منها ورغم انه يدرك أنها ستعود معه ان لم يكن اليوم فهو الغد إلا أنه لا يريد أن يغمض عينيه حتى يشبع من دفئها ومن ذلك الشعور الذي حرم منه، ما ان انتهت من الكلام حتى رفع كفها ليقبله وهو يقربها منه يضمها الى حضنه وابتسامة رضا ترسم على وجهه وقلبه وروحه…
❈-❈-❈
أما هناك كان علاء يفتح الباب بعد ان رن الجرس، قابلته جويرية بلهفة، لقد عاد بعد سفر طويل، فهو يشرف علي أحد الأفلام التي تصور في هوليود، حيث اصبح له شهرة عالمية وأسمه يردد هناك ، المخرج والممثل المصري الفرعون المصري علاء الناغي، يتوهج أسمه في امريكا والعالم أجمع، وها هو يعود بعد رحلة طويلة بشوق ولهفة الى عشقه التي لم تستطيع ان تاتي معه، فلم تستطيع ان تتاقلم مع ذلك العالم الذي يعد غريبا بطريقة واضحة مقارنة مع بيئتها وعاداتها فهي لم تتغير، ظلت ثابته راسخة وحتى هو، رغم انه يرتفع بقوة، إلا أنه هو الاخر لم يتغير لا زال يكن له العشق لازال النظر الى وجهها يكفيه عن نساء الأرض، وابتسامتها تروي ظمأ أيام وليالي طويلة، وها هي تنزل درجات السلم لتلقي بنفسها في حضنه، وهذا في حد ذاته لا يوازيه شيء في العالم اجمع، اقتربت خطوة وأقترب خطوات، وهو يسرع لياخذها في حضن طويل كانه لم يعد يقوي علي الصبر، لم يعود يقوى على الشوق ضمها الى قلبه، وهو يحرك يده على خصولاتها المتناثره حول وجهها الذي يوازي القمر يضيء عمره ، ابعد وجهها عن صدره ينظر في عمق عينها ينظر الى مالمحها التي تفتنه وعينها التي تجذبه بشوق وكانها مركز الجاذبية الارضية ضمها الى قلبه وهو يهوي بفمه لشفتيها، وكأنه لم يعد يقوى على الصبر، ضمت نفسها إليه آكثر وكأنها تريد ان تذوب بين ذراعيه…
وكأنها اكتفت من البعد، واكتفت من الشوق رفعت كفيها تتحرك على وجهه الذي زادته الأيام وسامة وجاذبية وعينه التي تحاكي عينها لهفة ورغبة وشوق وهو يعاود تقبيلها المرة بعد الأخرى، ويرجع ليضمها بين ذراعيه وكأنه لم يكتفي ولم يرتوي، ولن يكتفي ابدا، اخذ يتحرك بها معها الى حيث جناحهم الخاص، وقف على السلم وهو يسأل …
علاء: الاولاد فين يا جوري؟!
جويرية: في الجامعة والمدرسة..
علاء : حلو اوي لو بنحسبها مش تترتب كده تعالي بقى اما اقولك…
جويرية: قول
وابتسمت بغنج ودلال أما هو حملها بين ذراعيه وهو صعد درجات السلم المتبقية وكأنه لم يعد يقوى لقد غلبه الشوق..
كان يتحرك بها ومعها إلى الفراش ويدها تتحرك علي ملابسها وهي في حالة من التيه والشرود وهو يهمس بكلمات العشق ومشاعره المتأججة يقبل صفحة وجهه ويذوب معها وفيها في بحر العشق والشغف .
❈-❈-❈
في الوقت الذي كان فيه ياسين يحدد ساعة الصفر سيبدأ كل شيء في لحظات، وعلى كل واحد منهم ان يلوذ بالفرار اذا بعثر الوسط، وحدث ما لا لم يكن في الحسبان، ألا ان لكل منهم كان خطه للهروب، والابتعاد عن المكان، كانت ماريا تستعد وتتخيل للخروج حتى تؤدي دورها في المهمة عندما توقف جورج عن العمل ونهض من مكانه يمسكها بين يديه ينظر لها بخوف وقلق، ويضمها بين ذراعيه غافلا عن من حوله، وكأنه لم يعد يفرق معه أحد…
أبتسم رحيم لجورج وتحرك ولكن جورج لم يتركها وهو يقرأ عليها 'أبانا الذي' يرسم الصليب على جسدها، يحذرها للمرة المائة يطالبها بإن تعود من أجله، ابتسم ياسين لهم وتتحرك فهو لم يجرؤ على ان يكسر تلك اللحظة، ربما لأنه يعرف كل مما مرت به ماريا من مساوئ ومشاكل في حياتها، والاحزان التي نجمت عن فراق والدها، وياسين يعرف انها تستحق ان تجد فرصة تتنفس وتعيش حياة طبيعية كغيرها…
بينما هناك كان رحيم يراجع ما عليه فالوقت يقترب، والكل متمركز في مكانه، جورج يعمل بمهارة بعد أن خرجت ماريا أخذ بعض لحظات يلتقط أنفاسه، وبعدها يجلس على ذلك الحاسوب ليقوم بما عليه، في الوقت الذي تحرك فيه ياسين وباقي الفريق كل واحد من طريق مختلف، هذا على دراجه وذلك على دراجة اخرى، واخرين في سيارة وهذا يمشي على قدميه. .
ها هم جميعا يركضون، كل في طريق ولكن في النهاية الطرق المختلفة كلها تجتمع ويقومون فبها برسم لوحة كبيرة عملاقة، الكل يرقص بطريقته، و ما يحتاجونه من معلومات حصلوا عليه بالفعل، لقد ابدعت سهام في العمل على هذا الملف، بينما هناك من قام بالفعل بضبط سلسلة متفجرات مزارع في المكان…
ما يريدون من معلومات وبرامج حصلوا عليه اما الان فهي الساعة الحاسمة، والتي سوف يقومون بتدمير في المكان والبنية التحتية لتلك المنظمة، وينهون راس الافعى لن ينتهي اليوم حتى تنتهي هذه المنظمة، التي تعد مصدرا أساسيا للإرهاب والمخدرات في الوطن العربي..
ها هو العرض يبدا بطريق مختلفة كل يعمل على ما يفعله وما حدد له، هذا يقوم بالتصفية وهذا يقوم بالتفجير وهذا يقوم باختراق المصدر في نفس الوقت، الافعى لم تكن هينة كما قد يتخيل البعض، لقد كانوا سلسله من الرجال يستطيعون ان يفعلوا الكثير والكثير في لحظة التي كان فيها رحيم يقوم بالتصفية دون شفقة او رحمة فهو يعرف ماذا يفعل؟
هو يدرك أنه دكتور جراحة لا يوجد لديه وقت ليحاسب المتهم، عليه أن يستأصل الجزء المعطوب، حتى لا يلوث باقي الجسد، حتى لا يدمر المجتمع بأفراده …
ها هو ينهي بقوة وحسم وفي مكان قاتل ولم يتردد لحظة، حتى ان ياسين كان يضع عينه عليه، إلا أن اتى ذلك الذي حاول الفرار هاربا!
كان كل يركض في طريقه!! لم يتوقف احد منهم الا ان رحيم رأه وهو يحاول الفرار!! تحرك مسرعا خلفه كان يطلق الطلقات على تلك السيارة التي كادت أن تنفجر ورغم انها اشتعلت بالفعل!! إلا أنه لم يتوقف حتى تاكد من انه قتله!!!
ومع ظهور مجموعة أخرى من أفراد المنظمة أخذ الدراجة النارية وحمل سلاحه بيده كان يعتمد على جسده يحرك الدراجة!! بينما يده تطلق النار بحسب وقوة وكانها أمطار ابتسم ياسين وهو يفعل مثل ما يفعل رحيم!! الذي كان يتصرف وكأنه معجون في هذه الواقعة منذ زمن وعمر …
بعد أن بدأ الواسط يتبعثر اختفى ياسين بدراجته!! ذلك رحيم لقد بدأت شرطة تجتمع حول المكان، عليهم أن يختفوا، كل في مكانه..
أخذ تلك الدراجة وابتعد قدر الإمكان وبعد وقت وجد نفسه في مكان بعيد كل البعد عنهم، وجد عقله يدور فيه اشياء كثيرة وجد نفسه يفكر عن يضيع ويتوه بين الزحام وليس فقط زحام البشر بل زحام الأفكار التي تموج في قلبه وعقله…
وهو يفكر في هذه اللحظة ان يكون شخص آخر ليس هو ان يكون ريان وليس رحيم!! ابتسم بخفه وهو يتحرك الى ذلك البيت الأمن الذي يعد بعيدا كل البعد عن البيت الذي كان يقيم فيه مع ياسين وباقي أفراد الفريق…
أخذ يغير من شكله ويستعد!! لم يكن في الحسبان ذلك القلب الذي يقوده الى معركة لا يجب ان يقودها أو يدخلها من الاساس!! ان كان عليه أن يخوض هذه المعركة فإن فاز فيها هو مغلوب!! وان هزم فيها فهو مغلوب!! وما بين أن يهزم ويغلب هناك بحر شاسع من الأفكار!! هناك عالم اخر الا انه بالفعل كان غافلا عن وجود من يتبعونه!! ربما لأنهم يعدون على درجة عالية من الخطورة!! يبدو أن الوحش لم يرسل خلفه شيء هين!! لقد أرسل خلفه الصفوة…
أراد أن يعرف هل هناك شيء، قد يكون سببا لكل ما حدث وكاد أن يحدث في الأيام الماضية، إلا أن التقرير الذي كان يأتيه أول بأول عن ما يفعله ياسين وما يفعله رحيم وما يفعله باقي الفريق، كان يجعله يشعر بالفخر والسعادة فهو من صنع منهم ما هم عليه الآن…
إلا أنه كان في هذه اللحظة التي يقف فيها في قاعة التدريب يشرف على مجموعة التي تخضع لتدريب ياسين وأسامة وهو يرى دفعة جديدة تأتي.
وربما لوجود رهف وهي هشام في مكان اخر، هم الآن يعدون عميل خامل، وليس بهذا الشكل الا انهم الان يمكثون في أحد الدول بأسماء وشخصيات مختلفة يجمعون معلومات بيت آخر للقطاع، الا انه بيت خامل لا يلجأ إليه أحد إلا للضرورة القصوى…
هم هناك أشياء اخرى أشياء قد لا نحتاجها الا بعد عمر او زمن، وهذا لم يكن ليحزن هشام هو مع زوجته حبيبته أما ابنه فهو يعيش هناك مع جده في تلك المزرعة، التي تقاعد فيها اللواء حمزة الجبرتي، الذي يعيش أيامه في هدوء وسكون …
يلجأ إليه القطاع في بعض الأوقات أو يلجأ إليه أحمد بصورة شخصية ياتي ليزوره، فهو يعد اب له إلا ان حمزة يشعر ان ما يعيشه الآن هو قمة الهدوء والسكينة والراحة بعيد عن ذلك المرسون الذي خاضه وخاض فيه عمرا طويلا.
ولهذا وقف احمد يشرف على كم المتدربين سواء كانوا الجدد، والسابقون في الوقت الذي كان فيه رحيم قد حسم أمره ارتدى ملابس المغيره ووجه مختلف وشعر فوضوي، عين زرقاء لا تشبه عينه الحقيقية، وتحرك الى مجهول يحاول ان يصل إليها يحاول ان يهرب من نفسه، أو يكذب علي روحه ….
❈-❈-❈
في الوقت الذي كانت فيه سهام تقود سيارتها بسلاسة الى حد ما، إلى أن أتاها اشعار على هاتفها المحمول، اشعار يدل على ان العرض قد بدأ، و إن الوسط قد بعثر، والاسوء أن الأشعار يدل على ان ابنها ليس بالمكان، وان البار كود الخاص به بعيدا كل البعد عن مكان الموقع، الذي يتم فيه القتال الان …
ومن الخوف والقلق والرعب الذي شعرت به وهي تفكر ان ابنها قد أصابه مكروه، او انه اضطر ليفر هاربا كانت تنظر الى شاشة المحمول الخاصة بها، وهي تحرك سيارته حتى انها لم تنتبه الى الطريق وهي تسمع صراخ اوقفت السيارة في اخر لحظة وهي تصطدم بذلك الذي كاد يعبر أمامها..
الصدمة التي ظهرت على وجهها وهي تفغر شفتيها تنظر بصدمة ودهشة وخوف وهي لا تعرف ماذا تفعل كادت ان تنزل من السيارة ولكنها لم تستطيع النزول او بمعنى اصح لم يمهلها احد النزول…
تلك التي جذبتها وذلك الذي حاول ان يوقف السياره وكانها تفر هاربة، وكأنهم يقبضون على مجرمة جذبتها من طرحتها وملابسها وهي تقول- هو عشان انتم راكبين عربيات احدث موديل تدوسوا على خلق الله…
-انت فاكره ان هنسيبك تهربي ده احنا هنشرب من دمك موت الراجل يا ظالمة موتي الراجل
-الراجل بيموت حسبي الله ونعم الوكيل فيكم حسبي الله ونعم الوكيل فيكم …
حاولت سهام ان تقترب من الرجل إلا أنها لم تمهلها كانت تحاول أن تجذبها من ملابسها حتى انها بالفعل مزقت جزء منها، تلك الطرحة التي تخفي بها شعرها كانت الأن في يد تلك المرأة وهي تقول.
- وكمان محجبة والحجاب يخليك تدوسوا على خلق الله انتم فاكرين ان انتم عايشين في عالم ثاني، مش تبص قدامك…
لم تكون هي بمفردها بل كان هناك الكثير كانت كانها في عراك في حي شعبي، لم تعرف من اين اتوا كل هؤلاء البشر ولكنها لم تكن تهتم بهم كل ما يهمها ذلك الرجل الذي صدمته…
في الوقت الذي اقتربت فيه سيارة الحراسة حاولوا ان يخرجوها من بين أيدي الناس الا أنها لم تكن تريد الخروج من الأساس كانت تحاول ان تصل الى ذلك الرجل لتعرف ماذا حدث له؟ هل هو على قيد الحياة؟ هل حدث له مكروه ؟ بينما الناس هناك يقومون بالاعتداء على السيارة في محاولة لتكسيرها او تحطيمها .
الشرطه تتدخل بينما الحراسة حاولوا فعلا تخليصها وأدخلوها في السيارة الأخرى، وطلب منها ان تذهب ولكن البشر المتجمعون والمتجمهرين في المكان رفضوا رفضا باتا انت تتحرك ، بينما اخرج فضل كرنية الحراسه وهو يخبرهم أنه المسؤول، ان حدث شيئا لن يتحرك حتى يهتم بالرجل في الوقت الذي طلب المسؤول الآخر عن الحراسة من سهام ان تتحرك بالسيارة..
وهم يحاولون ان يسيطر على موجة الغضب من الناس بينما ساعدتهم الشرطة حينما علموا من هي ولان ما شعرت به في هذه اللحظات كان كثير لم تدرك ما يحدث لها لم تدرك ان شعرها ينساب على وجهها وان ملابسها شبه ممزقه وهي تتحرك بسيارته الى حيث امنها وامانها لا يوجد إلا هناك حيث ذلك القطاع . .
تحركت بالسيارة بسرعة البرق وكأنها لم تعد تشعر بشيء لم تعد تريد من هذه الدنيا الا ان ترمي نفسها في حضن.. ليحل مشكلاتها كما يفعل دائما..
وها هي هي تدخل من الباب تحت نظرات الدهشة وصدمة من الجميع، شعرها دون حجابه كالعادة ملابسها شبه ممزقة يظهر جزء من جسدها حتى ان اغلبه الضباط هناك غض أبصارهم ينظرون أسفل..
هم يعلمون جيدا رد فعله أن رأى أحدهم ينظر إليها وهو في هذه اللحظه قد يقتل بدم بارد ولا يهمه شيء دخلت الى تلك القاعة حيث يقوموا بالتدريب بقوة ومهارة يقف في المنتصف يرى الجميع يتنافسوا ولكنه أخرجه من تركيزه صوت وهو يقول احمد التفت الى ذلك الصوت المهزوز الذي لا يشبه بصلة ولكن الصدمة ظهرت على وجهه يرى شعرها المسترسل يصل الى نهاية ظهرها ويتجاوز ينظر الى وجه الذي لوثته الدموع ينظر الى جسدها الذي ظهر جزء منه وهو يسرع إليها ينظر لها بصدمة ويقول
احمد: مالك فيه ايه؟!
يتبع…