رواية زو جة ولد الأبالسة- بقلم الكاتبة هدى زايد- الفصل الثالث
رواية زو جة ولد الأبالسة
بقلم الكاتبة هدى زايد
رواية زو جة ولد الأبالسة
الفصل الثالث
لاحت إبتسامة خبيثة على جانب شفاه الجد، رد على الجهة الأخرى و قال بهدوء مريب اعتاد عليه بشار و كل من يعامل الجد في مثل هذه المواقف ضغط على زر السماعة الخارجية و قال و هو ينظر لحفيده
- جول جلت إيه تاني يا سيادة النايب عشان الصوت موصلش زين ؟
رد فؤاد القصاص بهدوء مكررًا كلماته قائلا:
- جلت إن كنت رايد خديچة لـ بشار ولدي رايد حٌسنة بت ابنك يا حاچ
سأله الجد بفضول
- ولدك مين فيهم يا فؤاد ؟!
أجابه فؤاد قائلا
- ولدي زين و أنت خابر ولدي مليح يا حاچ راچل و ها يصونها جلت إيه ؟
دامت الصمت للحظات قبل أن يتُرهُ الجد حسان و قال بإبتسامة واسعة
- و أني في انتظارك في العشية يا سيادة النايب و ربنا يجدم اللي فيه الخير
سأله فؤاد قائلا:
- اعتبر ديه موافجة يا حاچ ؟
رد الجد حسان قائلا:
- جول إن شاء الله يا فؤاد متتأخرش عليّ
ختم حسان آخر كلماته و هو عيناه مازالت معلقتان على أعين بشار الذي لم يعد يفهم شئ، تناول الجد قهوته في صمتٍ مطبق، بينما سأله بشار بنبرة تغلفها الحيرة و قلة الحيلة في ذاك الجالس أمامه و قال:
- نفسي افهم أنت بتعمل كل ديه ليه ؟ في إيه بيدور في راسك ؟
- كل خير يا ولدي بت عمك و چالها عريس زين نجول لا ؟
- ايوة تجول لا و الف لا، تجول واض عمها رايدها و هي ريداه تجول إن الدنيا كلتها تعرف ديه
- واض خرچ عن طوعي، ساعدها تُهرب من اهني و دلوجه رايدني اچوزها له !! ديه نچوم السما أجرب له منيها.
تنفس بشار بعمق و هو يقول بنبرة اهدأ من ذي قبل قائلا:
- يا چدي الله يرضى عنيك ما تخربهاش علينا و چوزهم لبعض
وقف الجد بهرجلة مما جعل مقعد يسقط من خلفه و هو يقول بغبٍ مكتوم
- الله في سماه ما ها يُحُصل طول ما اني عايش على وش الدني ديه، كلتكم بتدور على حالكم و محدش يكلف خاطره يدور على الغلبانة اللي رچليها عچزت بسبب كيد الحريم
رد بشار بهدوء قائلا
يا چدي حرام عليك أنت بتدخل الأمور في بعضها ليه ؟ مال عُمر و حُسنة باللي عِملته امها يا چدي ؟
رد الجد حسان قائلا بغضبٍ جم
- ذنبها اللي ذنبها بجى هم بينا
عاد الصمت يحل محل الغضب الذي كان يسيطر على كلاهما، تابع سيرهُ دون أن يحدث جده أو يعارضه في شيئًا، الأمر من الأساس لا يتحمل كلمة واحدة من الطرفين، صدح رنين هاتف بشار المكان، دس يده في جيبه ليخرجه
وجد اسم خديجة يضئ شاشته، تنهد بضيقٍ
الآن فقط تكرمت عليه و قررت الإتصال !!
ألهذه الدرجة لا يمثل عندها أي رابط قوي تغفر لأجله ما بدر منه من غضبٍ و ذلة لسان ؟!
ترك الهاتف يصدح لعدم قدرته على الرد الآن
ترجمت خديجة عدم رده في الحال تجاهل منه فقررت أن ترد هذا التجاهل هي أيضًا وضعته على خاصية عدم الإعازج حتى لا يحاول الإتصال بها .
❈-❈-❈
في القاهرة
الساعة الآن الثالثة عصرًا، كانت حُسنة تقف على اعتاب باب غرفة العمليات في انتظار خروج الطبيب وسط اخواتها و زوج والدتها
كان القلق و الذعر يسود المكان، حالة والدتها متأخرة للغاية و على ما يبدو أن البتر هو آخر حل سوف يلجأ له الطبيب، ظلت تجوب الممر ذهابًا إيابًا و هي تمتم بكلماتٍ هامسة تناجي ربها أن ينجو بأمها و يلطف بها، كانت تنظر لشاشة هاتفها بين الفنية و الأخرى، لم يهدأ عُمر من الإتصالات و الرسائل، التحذيرية منها و المستعطفة أحيانًا، قلبها يكاد ينفطر عليه
قررت أن ترسل له رسالة كتبت فيها و اناملها تر تعش من فرط خوفها.
( ماما يا عُمر تعبانة اوي، و الدكتور بيقول إن الغرغرينة منتشرة في رجليها، و إن عملية البتر ها تتعمل أنا تايهة مش عارفة اعمل إيه و لا أروح فين ؟! محتاجة لك جنبي اوي بجد )
مرت لحظاتٍ حتى و صلت رسالتها إليه، فتحها و هو يأكل أنامله من فرط توترهُ بأنها تمتنع عن الرد، قرأ بعينه سريعًا ما كتبته و نبضات قلبه تتسارع بتناقض مع تلك الجلسة التي يجلسها خلفه مكتبه بالمزرعة، كتبت كلماتٍ كثيرة مواسية لها و وعد بأن يصل إليها خلال ثلاث ساعات، و بعد أن كتب لها أنه سيأتي في
أول طائرة بدلا من السيارة، قبل أن يضغط ع زر الإرسال فرغت البطارية، دب على سطح المكتب الزجاجي فـ انـ كـ ـســر الزجاج و
جر حت يده .
وضعه على وصلة الشاحن و بدأ اتصاله بشركات الطيران، قام بحجز أول طائرة ستـ ـقلع للقاهرة و التي خلال ساعتين على الأكثر، وثب من مقعده، بعد أن جمع أوراقه
خرج و نسَ أمر هاتفه، أو لم يكترث له ما دام هو ذاته سيكون معها خلال ساعات قليلة.
❈-❈-❈
عودة إلى القاهرة
خرجت والدتها من غرفة العمليات بعد أن بُترت ساقيها حتى أعلى الركبه، أصبح طريحة الفراش لم تعلم أن تم بتر ساقيها حتى الآن كل ما تعرفه أنها سوف تخضع لـ عملية جراحية بسيطة لتنظيف جرحها.
استفاقت من المخدر و اصبحت تشر بكل شيئًا يدور حولها، علمت ما حدث ما إن ولج الجد حسان و خلفه بشار، ابتسم ملء شدقيه و هو يطالعها بشماتة واضحة وضوح الشمس .
لم تصدق حُسنة ما رأته أم عيناها، كانت والدتها تكاد تموت كمدًا من فرط حزنها و جدها يحدثها بشماتة قائلا:
- رچليكِ اتجـ طعت ؟! مبروك يا أم حُسنة
تابع حديثه مردفًا بنبرة حزينة ليس عليها بل على حفيدته التي نالها ما نال والدة حُسنة دون أي ذنبًا تقترفه.
- چيتي تكيدي ضُرتك بت الحسب و النسب عشان أنتِ الچديدة و افعالك اللي متفرجش عن إبليس واصل في حاچة كنتي رايدة
تكـ سري رچليها و تخليها ترجد في السرير
بس ربنا حط بتها مقانها في اليوم ديه و رچليها هي اللي اتـ سكر ت و ياريتها چات على الكـ سر و بس لا ديه اتـ جطعت
ابتسم إبتسامة جانبية و هو يظهر الشماتة في عيناه و بين كلماته حين قال
- بس عشان ربنا اسمه الحكم العدل جـ طع رچليك التنين
ردت حُسنة بنبرة مغتاظة من حديث جدها و هي تتوسله بأن يتوقف عن ذكر ما حدث في تلك الليلة الملعونة، ليس شفقةً مع والدتها بل تعاطفًا مع تلك المسكينة التي لم تفعل شئ في حياتها سوى الخير لكل من حولها .
تعلم أن والدتها جـ انية و ليست مجني عليها
لكن بالنهاية هي والدتها حتى و إن كانت
كا فر ة فالله عز و جل، و أمرنا بالطاعة لهم و الدعاء بالهداية، كانت والدتها تستند برأسها على كتف ابنتها التي هدرت بصوتها قائلة بصراخ
- بزيادة يا چدي لحد كِده الله يرضى عنيك، أني جلبي واچعني لحالـ ....
هدر الجد حسان مقاطعًا إياها بصوتٍ مرتفع و نبرة تملؤها الغيظ و الغضب الشديد قائلا:
- اجفلي خشمك واصل، أنتِ حسابك وياي كابير جوي، الله في سماه ما هعدي اللي چرا ديه كِده
ختم حديثه قائلًا بإبتسامة ارتسمت على ثغره و تنحنح و حدثها بنبرة آمرة .
- فزي جومي عنيدنا حديت كاتير و حاچات أكتر أهم من جـ طع رچلين أمك
كادت أن تتحدث لكن يد والدتها منعتها، نظرت لها و قالت برجاء
- روحي يا بنتي روحي و كفاية لحد كدا دا مهما كان جدك
نظرت حُسنة لـ والدتها الحزينة و دموعها تنساب على خديها ربتت والدتها على كفها و هي تحثها على الخروج من المشفى و العودة مع جدها
وقفت حُسنة أمام جدها و قالت بصوتٍ مختنق و نبرة تملؤها الغيظ الشديد قائلة بوعيد:
- أنا بكـ ـر هك و بتمنى لك الموت، و ها يجي اليوم اللي ها خد حقي و حقي أي حد قـ هـر ته في حياتك
لم تتلقى ردًا سوى صفعة على خدها و نظرات تملؤها الغيظ و الحقد، قبض على رسغها و قال بوعيدًا
- مشي جدامي يا تربية الحريم، ها ستنى منيكِ إيه غير كِده مشي جدامي !
ردت حُسنة بنرة مختنقة قائلة بصوت مرتفع
- ربنا ياخدك و يريحنا منيك، ربنا بياخد يعالك واحد ورا التاني و سايبك أنت تجـ هر فينا مخابرش ليه !!
-
تدخل بشار قبل أن يـ ـقتل الجد تلك المتهورة التي قامت بسبه علنًا أما مرئ و مسمع الحاضرين محاولًا فك قبضة جده و هو يقول برجاء
- عشان خاطري يا چدي بزيادة لحد كِده، نبجى نتحدت في البيت و حدينا
نزع الجد حسان يده من يد حفيده و نظراته مازالت موجهة نحو تلك الحرباء التي تتلون كـ والدتها تمًامًا، غادر الغرفة و من المشفى بأكملها كان بشار يحاول أن يهدأ من غضب ابنة عمه حتى لا تدمر ما تبقى لديها في مكانة قلب الجد أم هي لا تكترث لأيًا منهم بعد الآن و على رأسهما عُمر الذي أخبر الجد بفرارها و بمكانها في المشفى، من منهم يعلم بوجودها هنا إلا هو، أين هو لماذا لا يرد علي رسائلها ألهذه الدرجة لا يعشقها و يريد أن يتخلص منها ؟! حسنًا ستفعل كل ما بوسعها لـ تنفذ ما رغبته .
❈-❈-❈
بعد مرور يومين
كان من أصعب الأيام على الجميع و تحديدًا عُمر الذي فشلت جميع محاولاته و محاولات والدته في إقناع حُسنة بعدم اشتراكه في ما فعله الجد لكن لا حياة لمن تنادي، بل و وافقت على زين القصاص نجل فؤاد القصاص، تمت الخطبة رغم أنف عُمر الذي كان الثور الهائج
الشئ الوحيد الذي منعه عن إرتكاب جـ ـر يمة
قتل ذاك اللعين هي حُسنة حين قالت صراحة أمام الجميع لا تريده و لا ترغبة في رؤيته.
تم تحديد حفل الزفاف يوم الخميس، كانت وجيدة تبتسم بين الفنية و الأخرى حين تتذكر أختها غير الشقيقة و العشاق يتوسلونها لترضى كم تمنت أن تحظى برجلًا واحد يكن لها كل حياتها و تكن هي حياته، لم تجخل في يومًا من الأيام و هي ترفع أكفافها للسماء تناجي ربها بأن يرزقها زوجًا صالحًا، مثلها كمثل الفتيات و تعيش حياةً طبيعة بعيدًا عن السخرية التي تلازمها طيلة حياتها، انتهت من صلاة الفجر ثم التقطت مسبحتها و بدأت تستغفر ربها، طرقات خفيفة قبل أن تأذن للجد بالدخول، ولج و على وجهه إبتسامة واسعة الوحيدة التي تَر منه الطيبة و الحنان
أما باقي الأحفاد فـ لهم وجهًا آخر لا تعرف قط
طبع على رأسها قُبلة حانية ثم جلس مقابلتها و قال
- صباح الخير يا البنات
- صباحك كيف الفل يا چدي، خير اللهم أجعله خير ضحكتك هتُطل منيك، كل ديه عشان حٌسنة وافجت على زين القصاص؟
رد الجد بإبتسامة واسعة و قال
- حُسنة مين و ست العرايس منورة الدنيا كلتها
عقدت ما بين حاجبيها قائلة بنيرة متعجبة قائلة
- جصدك مين يا چدي ما هي حُسنة هي العروسة ؟
احــ تــضن الجد خديها بين كفيه المجعدة و قال بسعادة غامرة تُشع من عيناه و ترأها بوضوح.
- أنتِ يا ست العرايس كِلتها، مبروك يا جلب چدك من چوا چالك عريس زينة الشباب كلها و الله تعالي في باطي تعالي يا جلب چدك
ضمها لـ حـ ضنه و هي مازالت على حالتها تلك داهشة مما يتحدثه الجد، ربتات خفيفة تشعر
بها على ظهرها، كلماتٍ و مباركاتٍ و هي مازالت لا تفقه شئ عن الأمر .
خرجت من حـ ضنه و قالت بتساؤل و عيناها لا تبرح عيناه قائلة
- مين العريس ديه يا چدي ؟ و يعرف اللي فيّ و لا لا
اختفت الإبتسامة من على شفتاه لكن سرعان ما رسمها من جديد بأخرى متكلفة، ربت علي كتفها و قال
- ديه خالد واض فؤاد القصاص شافك يوم ما چه اهني مع اهله و طلب يدك النهاردا
كررت سؤالها عليه قائلة بنبرة جاهدت في أن تجعلها خالية من أي حزن أو إنـ كــ سار
- و يعرف خالد يا چدي بإني أنـ....
رد الجد حسان مقاطعًا بنبرة متدعثمة قائلا بجدية مصطنعة
- هملي حديدتك الماصخ ديه و افرحي بجى هو خالد ديه غريب عننا ؟! دا احنا اللي مربينه و هـ....
ردت وجيدة مقاطعة جدها قائلة بإبتسامة متكلفة قائلة:
- أني أكبر من خالد يا چدي لا مش كِده أني
-بكفاية حديدت ماصخ جلت، أني هدلى اصلي الفچر قبل الشروج، و أنتِ انعسي هبابة عشان
تجدري تجابلي عريسك العصاري هايچي هو و أهله يتغدوا معانا .
غادر الجد قبل أن يستمع ردها حتى، أما هي كانت الافكار تجوب في رأسها و لا ترأف بها أبدًا عجزت عن الوصول لإجابة واحدة منطقية غير الذي قالها جدها فـ لم تجد
مددت جسدها على الفراش و هي ترخي جفنيها علها تحصل على قسطًا من الراحة بعد القنبلة الموقوتة تلك.
❈-❈-❈
في عصر اليوم نفسه
كانت وجيدة جالسة مع خالد في حديقة المنزل الصمت يسود المكان إلا من ضجيج أفكارهم، علمت أنه مجبرًا عليها لا تعرف ممن ؟ لكن الذي تعرفه جيدة أن قلبها لا يكذي نهائيًا قررت أن تبتر الصمت قائلة بهدوء
- رايدة اعرف مين اللي أجبرك عليّ ؟
رد خالد و قال بنبرة متعجبة قائلا:
- افندم ؟!
غيرت سؤالها و قالت بإبتسامة واسعة بشوشة تليق بوجهها الملائكي
- عندك كام سنة يا أستاذ خالد ؟
رد خالد قائلا
- تمانية و عشرين سنة و أنتِ ؟!
ردت بإبتسامة صافية قائلة بتصالح مع النفس
لم يجده مع الآخرين الذي عاشرهم لسنوات
- عندي تلاتين سنة و ماشية في الواحد و تلاتين
- كام ؟!!
-تلاتين !
تابعت بنبرة مختنقة استشعرها في نبرتها و هي تحاول إخفائها قدر المستطاع
- أني قمان برچل و نص كيف الناس ما بتجول ، رچلي مبتورة يعني
من الواضح إن چدي مكانش صريح وياك من البداية فـ حبيت أني اصارحك و القرار يرچع لك في النهاية رايد تكمل و لا تفضل مفصوب عليّ باجي حياتك ؟!
يتبع...