-->

رواية في غياهب القدر - بسمة بدران - الفصل الثالث عشر

رواية في غياهب القدر
للكاتبة بسمة بدران



رواية في غياهب القدر

الفصل الثالث عشر. 

صدمة. 


من عَلّمك ؟! أو أعلمك!؟

أن الهوى رهن بخاتم إصبعك ..!


قد قالها “ السدَّاني ” بُحَّ فؤاده:

“ كل الذين أحبهم رَحلوا معك”


هو برجك العالي الذي شيدته

بدم سفحت كثيرُه من عاشقك ؟!


وهل الهوى حكرٌ عليك لأنني

قلب تفرق في البلاد ليجمعك


(محمد السداني)


❈-❈-❈


ليلا عادت إلى منزلها وهي تجر قدميها جرا وقد كانت تشعر بالإعياء الشديد فالعمل كان كثيرا جدا اليوم بالمشفى. 

كادت أن تدلف إلى منزلها لكن صوت إحدى جارتهم أوقفها عندما تحدثت: صَبا يا حبيبتي ابن خالك عامل إيه دلوقتي؟

 سقط قلبها بين قدميها عندما استمعت إلى جملة المرأة. 

فاستدارت إليها تسألها بريبة: هو فيه إيه بالزبط يا خالتي أم عصام؟

 مصمصت المرأة شفتيها وهتفت بحزن: ايه هو أنت ما تعرفيش يا أختي! 

مش ابن خالك عمل حادثة جامدة قوي الناس كلها بتتكلم عنها. 

اتسعت حدقتاها في دهشة وخوف معا حتى كادكت أن تخرج من محجرهما وغمغمت بتلعثم: انتي بتقولي إيه عمار ابن خالي أنا؟

 أومأت المرأة لها مؤكدة.

 فشعرت أن الأرض تدور من حولها فركضت المرأة باتجاهها وأسندتها وهي تهتف بجزع: اهدي بس يا بنتي وروقي كده انت لسه خارجة من عيا يا عين أمك

 تعالي يا حبيبتي اشربي كوباية عصير.

 قاطعتها بإعياء شديد: هما في مستشفى ايه؟

 تحدثت المرأة بخوف حقيقي: اهدي بس يا حبيبتي تعالي ارتاحي شوية وبعدين هقولك. 

سقطت الدموع بغزارة من عين التي هتفت بتوسل: أبوس أيدك يا خالتي قولي لي هما في مستشفى إيه؟

 أومأت المرأة باستسلام وأملت عليها عنوان المشفى الذي انتشر في المنطقة بسبب ترديد أهل الحي له.

 فتحاملت صَبا على نفسها وسارت بخطوات مترنحة بعد أن شكرت المرأة التي تابعتها بعينيها حتى اختفت وهي تشعر بالخوف الحقيقي عليها

 فقد كانت متعبة جدا ويبدو أن الصدمة كانت كبيرة بالنسبة لها.


❈-❈-❈


أما عند عبير التي كانت تزرع منزلها ذهابا وإيابا ودموعها تأبى التوقف

 فقد أمرها والدها أن تبقى في المنزل بحجة أن سأل أحد عنهم تدلهم هيا.

 أمسكت بهاتفها وحاولت الاتصال بوالدها لكنها ألقته أرضا عندما استمعت إلى الرسالة المسجلة التي تقول إن الهاتف الذي طلبته غير متاح الآن.

 فهي لا تصدق أن أخيها الأكبر بين الحياة والموت في المشفى لطالما كان سندا لها ولجميع عائلاتها عمار ذلك الشاب الصلب القوي الذي يهابه الجميع وهو لا يهاب أحد إلا الله. 

أغمضت عينيها بألم وهي تتذكر مواقفها معه ودفاعه دائما عنها

 وأخيرا وقفته بجوارها أمام طليقها البغيض. 

رغما عنها أطلقت صرخة مدوية وراحت تدعو له بأن يتم الله شفائه على خير كما أنها تذكرت جملة والدها الشهيرة عند حدوث أي مشكلة لهم فقد كان يردد

 اللهم اني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه.


❈-❈-❈


دلف من المرحاض وهو يجفف خصلاته بمنشفة صغيرة. 

ثواني وأضاء هاتفه الذي وضعه على الصامت فهرول باتجاهه فقدب بحاجبيه باستغراب عندما أبصر رقم والد زوجته يزين الشاشة على الفور ضغط زر الإيجاب ووضعه على أذنه هاتفا بترحاب: أهلا أهلا يا عمي كامل حضرتك عامل إيه؟

 صمط يستمع صوته الغاضب على الطرف الآخر: إيه يا رامي يا ابني بقالي ساعة بحاول اتصل بيك انت ومراتك تليفوناتكم مقفولة.

 تحدث بمهادنة: حقك عليا يا عمي ما حضرتك عارف أن الشبكة مش حلوة عندي هنا في الشقة. 

أردف مغيرا دفة الحديث: عموما أنا كنت عايز أبلغكم ان عمار ابن الحاج سعد في المستشفى عامل حادثة جامدة قوي. 

بتقول إيه يا عمي عمار في المستشفى إيه إيه اللي حصله؟ 

ضربت غزل صدرها بقوة عندما استمعت إلى جملة زوجها الأخيرة بعد أن ولجت إلى غرفتهما وصرخت بقوة: ماله عمار يا رامي؟

أشار لها بأن تنتظر ريثما يغلق الهاتف مع والدها 

لكن المصرية الأصيلة لا تفهم هذا الحديث.

إذ دنت منه واختطفت الهاتف من بين يده هاتفة بصراخ: طمني يا بابا ماله عمار إيه اللي حصل له؟

 صمتط تستمع صوت والدها وهو يقص عليها باختصار ما حدث مع ابن خالها وكلما توغل في الحديث تنسكب عبراتها

 فكلهن يعشقن عمار كأخ أكبر لهم.

 أما عن رامي فقد ضرب كفا بالآخر وهو يتجه إلى خزانة الملابس ويخرج له ثوبا مناسبا كي يذهب إلى المشفى.

 وبعد حوالي نصف ساعة طرقت غزل باب رغد التي فتحت لها الباب ووزعت بصرها بينها وبين زوجها وهما يحملان ابنتيهما النائمتين.

 فسألتهم باستغراب: شو لاوين رايحين؟ 

أجابتها ببكاء: عمار ابن خالي في المستشفى معلش يا رغد ممكن أخلي عندك البنات لحد ما نرجع هما نايمين وشبعانين.

 افسحت لهما الطريق وهي تهتف بود: إيه طبعا أختي فيكي تتركيهم هون وكوني مطمنه كتير أنا بدير بالي عليهم.


❈-❈-❈


قبل قليل

 سقطت قلوب الحضور بين قدمهم بعد أن أنهى الطبيب جملته الأخيرة: ادعوا له يا جماعة. 

دنا الحاج سعد منه: خير يا دكتور ابني حصله إيه؟

 أجابه بهدوء: احن عملنا اللازم والباقي على ربنا الحادثة ما كانتش سهلة يا حاج التمانية وأربعين ساعة الجايين لو عدوا على خير يبقى -إن شاء الله- هيكون كويس لكن كل حاجة هتبان بعد ما نعمل شوية إشاعات وتحاليل.

 عاد الحاج سعد. ادراجه بعد أن شكر الطبيب وألقى بجسده فوق أحد المقاعد الموجودة بالمشفى.

 فشعر بأخته الصغرى تجاوره في المقعد وتأخذ برأسه وتضعها فوق منكبها وهي تمسد فوق وجنته هاتفة في حنو: ما تخافش يا حاج سعد أنت طول عمرك راجل مؤمن وربنا عمره ما هيصيبنا في عمار أبدا أنت بس قول يا رب.

 انهمرت دموعه بكثافة فوق وجنتيه مغمغما بصوت متقطع: يا رب. 

وبعد ثواني أبصرت ابنتها تدنو منهم بإعياء شديد ودموعها تغطي وجهها بالكامل.

 ابتعد الحاج سعد عندما هتفت بجزع: صبا.

 هبا واقفا يسير باتجاهها يسندها فقد كان الإعياء باديا عليها بشكل كبير أجلسها بجوار والدتها وهو يسألها بلهفة حقيقية: مالك يا بنتي أنت كويسة؟

 أجهشت في بكاء قوي جعلا الحضور يتجمهر حولها وراحت تهتف بقوة: عمار ماله يا خالي عمار كويس صح أرجوك طمني.

 ضمها إلى صدره وراح يشاركها البكاء فبكى جميع الموجودين بتأثر من ذلك المشهد المؤذي للقلوب.

 بينما زينة فقد كانت تتابع ما يحدث من بعيد بقلب مشتعل من شدة الغيرة فقد صدق حدسها وتلك الشمطاء تعشق زوجها والغريب أنها أمام الجميع الفتاة البريئة النقية حتى الفضيحة التي افتعلتها قبل أيام لم تجدي نفعا.

 لكنها أقسمت بداخلها عندما يعود عمار ويسترد صحته وقتها ستجد طريقة لإبعاد تلك الصَبا عن زوجها ولو كلفها الأمر فضيحتها في المنطقة بأكملها.


❈-❈-❈


خلف زجاج غرفة العناية المشددة

يقف يراقب صديقه الذي تحاوطه الأجهزة من جميع الاتجاهات

شعر يوخذة قوية في قلبه وراحت دموعه تسيل بغزارة حتى أغرقت وجهه بالكامل

فعندما وصله الخبر شعرا باليتم لأول مرة بعد وفاة والده الراحل- رحمه الله-.

فقد كان عمار هنداوي بمثابة الأخ والصديق الوفي تربيا سويا مذ كانوا صغارا

درسوا في نفس المدرسة حتى الجامعة لم يستطيعان إن يتفرقا وكأنهما توأمان وليس صديقين. 

لم يصدق أن أخيه ونصفه الآخر يصارع الموت بالداخل

لكنه شعر بأن هناك شيئا خاطئا يحدث تلك الحادث مدبر فصديقه ماهر جدا في القيادة يستطيع أن يتحكم بأقوى وأشهر السيارات كيف له أن.

قاطع تفكيره الحاج كامل الذي هتف بمؤازرة: شد حيلك يا ابني وادعيله.

مسح دموعه بكلتا يديه هاتفا: بتضرع ربنا يشفيه ويعافيه يا عم كامل لكن أنا حساس أن الحادثة دي مدبرة.

اتسعت حدقتا الحاج كامل في دهشة مغمغما بعدم تصديق: الحادثة مدبرة أزلي بس يا ابني؟

أجابه رؤوف بتأكيد: صدقني يا عمي عربية عمار ما فبهاش أي حاجة سليمة لأنه بيعمل لها صيانة أول بأول.

صمت الحاج كامل يفكر في حديث رؤوف وهو يشعر بأن كلامه على قدر كبير من الصحة

لكن عليهم الاطمئنان على ذلك القابع بالداخل أولا وبعدها لكل حادث حديث.


❈-❈-❈


حول نفسه يدور كالأسد الجريح فكل ما فعله ضاع هباءا وما زال عمار هنداوي على قيد الحياة. 

صاح بكل ما يعتمر في قلبه من غل وراح يكسر كل ما حوله بعنف شديد وهو يسب ويلعن في المعلم فكري وذلك الشاب الذي استأجره

 دقائق لا يعرف عددها وهو كالثور الهائج لا يستطيع أحد ايفافه

 وبعد أن تعب ألقى بجسده فوق الأريكة التي سلمت من بطشه وهو يلهث بقوة حتى استمع إلى صوت رنين هاتفه فأجاب بغضب عندما تعرف على هوية المتصل: ايوة يا زفت.

 استمع إلى صوته على الطرف الآخر: يا باشا احنا عملنا كل اللي حضرتك أمرت بيه وهو طلع زي القطط بسبع أرواح نعمل إيه احنا بقي؟

 صك على أسنانه بغضب حتى كاد أن يهشمها واغلق الهاتف في وجه محدثه وألقاه أرضا

 ثم صاح: شوية بهايم ما فيش منكم منفعة 

 ماشي يا ابن هنداوي بسيطة المرة دي فلت بس معتقدش المرة الجاية أنك هتفلت. 

ابتسم بشيطانية ثم انحنى أرضا والتقط الهاتف وأجرى اتصالا هاما ووضعه على أذنه لكنه سرعان ما شعر بالغضب عندما استمع إلى أن الهاتف غير متاح. 

فأنزل الهاتف وهو يتمتم بأفظع الشتائم ويتساءل لماذا كلما احتاج إلى شخص في وقت ما لا يجده وكأن القدر يعانده!

ضغط على الهاتف بقوة حتى كاد أن يحطمه ثم تحدث بفحيح: ماشي يا ابن هنداوي ما هو يانا يا أنت في الدنيا دي.


❈-❈-❈


بعد مرور يومين

 انتهت عزة من لملمة أمتعتها ووقفت تنتظر زوجها ريثما يعود.

 فقد أخبرها اليوم بأنه سيصطحبها إلى مصر وإنه فعلها لها بدافع المفاجأة ولم يخبرها بحادث شقيقها كي لا يصيبها أي مكروه في الطريق.

 دقائق وكانوا يستقلون سيارته إلى مطار دبي وبداخل كل منهما شعور مختلف. 

فالأطفال يشعرون بالسعادة لرؤية أقاربهم وعزة كذلك وكانت تشكر زوجها مرارا وتكرار على مفاجأتها. 

بينما زوجها فقد كان شغله الشاغل هو كيف سيخبر زوجته بحادث شقيقها وأنه بين الحياة والموت.

 كاد أن يخبرها أكثر من مرة خلال اليومين المنصرمين لكنه تراجع فلقد علم بالأمس عن حمل زوجته الجديد وهو يعلم أن هناك خطورة نوعا ما على ذلك الحمل إذا سافرت لكن ما باليد حيلة.

 فلم يستطع أن يبعدها عن شقيقها وهو في أمس الحاجة لدعم عائلته.

 استفاقا من شروده على صوتها السعيد: شكرا قوي يا حبيبي بجد مفاجأة تجنن صح ولا إيه يا ولإد؟ 

هللا الطفلان بسعادة ورحو يتجاذبون أطراف الحديد.

 لكن محمد كان يشعر بالحزن الشديد فهو أيضا يحب عمار ويقدره كثيرا ويدعو الله بداخله أن يتم شفاءه على خير.


❈-❈-❈


مر هذان اليومان على عائلة هنداوي كالدهر. 

فقد كانوا يتشاجرون باستمرار مع الاطباء من اجل بقائهم في المشفى والذين كانوا يقنعوهم بصعوبة بان وجودهم ليس له داعي لكن كان والده يصر على البقاء. 

بعد إلحاح شديد وافق الاطباء على بقاء والده وزوجته لكن زينة كانت تعود مساء من اجل الاطمئنان على طفليها وفي الصباح تذهب الى المشفى برفقة باقي العائلة.

 وبينما كانوا يتسامرون ويتسائلون عن احوال عمار استمعوا الى صوت الطبيب الذي دلف للتو من غرفة العناية المشددة يهتف بسعادة: المريض فاق يا جماعة الف حمد لله على سلامته. 

هلل الجميع وراحا الحاج هنداوي يتمتم: الحمد لله يا رب اللهم الف حمد والف شكر. 

سعادة كبيرة اجتاحت قلوبهم بعد أن كساها الحزن ليومين متتاليين.

 هرولوا باتجاه غرفة العناية لكن الطبيب منعهم بإشارة من يده وصوته الحازم: على فين كده يا جماعة دي عناية مركزة على فكرة ممنوع الدخول خالص

 اتفضلوا استريحوا واحنا شوية وهننقلوا اوضة عادية وتقدروا تشوفوه هناك لكن في الأول لازم ناخده نعمله شوية تحاليل واشاعات عشان نطمن عليه. 

أومأ الجميع على مد وعادوا أدراجهم ينفذون أوامر الطبيب الذي ولجى مرة أخرى للإطمئنان على الذي يقبع بالداخل.


❈-❈-❈


وفي المكان المخصص للصلاة بالمشفى وقفت بين يدي ربها تصلي ركعتين شكر لله -عز وجل- وتحمده على نجاة حبيبها وصديق طفولتها

 سجدت ورغما عنها انسابت عبراتها من شدة السعادة والتأثر وراحت تحمد الله مرارا وتكرارا

 فقد مر هذان اليومان عليها ببطء شديد كانت تدعو له كثيرا وكثيرا في صلاتها وتقرأ له ما تيسر من القرآن الكريم وعندما عرفت منذ قليل بأنه استفاق لم تنتظر ثواني وهرولت باتجاه تلك الغرفة كي تؤدي دينها وتصلي ركعتين شكر لله -عز وجل-.  

فهذه هي عادتها مذ كانت صغيرة عندما يتحقق لها شيء تتمناه من الله تذهب وتصلي له ركعتين.

 ظلت ساجدة لوقت لا تعرف مداه حتى آلمتها رأسها فاستقامت جالسة ورددت التحيات ثم سلمت.

 وبعدها ظلت مكانها تدعو الله أن يصلح حالها وحال جميع عائلتها وأن يحفظ لها كل أحبائها وبداخلها سعادة وسكينة لا توصف.


❈-❈-❈


لم تتوقف دموع الحاج سعد من شدة السعادة بعد ما أخبره الطبيب بأن الله استجاب لدعائه وحفظ له ابنه الوحيد. 

ربطت ابنته عبير فوق ظهره في حنو وهي تتمتم بصوت مبحوح من شدة البكاء: الحمد لله يا بابا أرجوك كفاية دموع.

 أومأ لها بالموافقة وراحا يمسح دموعه بأطراف أصابعه وهو يقول: هدبح عجل ووزعه على الغلابة حلاوة سلامة الغالي اللهم لك الحمد والشكر يا رب.

 ظل يردد تلك الكلمات مرارا وتكرارا وبجواره زينة التي تشعر بسعادة كبيرة هي الأخرى مثلها مثل باقي العائلة. 

ثواني وحضر رؤوف الذي هتف بسعادة: الكلام اللي سمعته ده صحيح يا عمي عمار فاق؟

 أومأ له موافقا.

 قفز في مكانه كالأطفال فابتسم الجميع رغما عنهم على حركته العفوية تلك فأشار له الحاج سعد بان يتقدم ويدنو منه.

 استجاب الآخر لرغبة الرجل الذي يقدره كثيرا ويعتبره مثل والده ووقف بين يديه فهبا الحاج سعد من مكانه واحتضنه بقوة وكأنه يعانق ابنه هاتفا بامتنان حقيقي: شكرا يا ابني انت شلتنا اليومين دول وشفت مصالحنا حقيقي أنت عندي زي عمار ربنا يعلم غلاوتك عندي قد إيه.

 تشبث رؤوف به بقوة: ما تقولش كده يا عمي ده حضرتك زي أبويا تمام.

 ابتعدا عن بعضهما عندما استمعا إلى صوت رامي زوج غزل الذي هتف: كفاية أحضان بقى يا جماعة والله تعبت.

 قاطعته غزل التي فردت كفها أمام وجهه: خمسة في عينك يا حبيبي أنت هتقر على عليلتنا ولا إيه ربنا يديم المعروف. 

قهقهة الجميع في سعادة وراحوا يتجاذبون أطراف الحديث وينتظرون ريثما يعود عمار من غرفة الأشعة.


❈-❈-❈


يجلس في منزله وهو غير قادر على الحركة وابتسامة واسعة ترتسم فوق شفتيه فلقد علم بحادث عمار اليوم فغمغم بشماتة: أحسن تستاهل يا عمار يارب تموت ونخلص منك بقى وهو أنت فاكر انك لو نجيت أنا هسيبك لا والله ده أنا هعلم عليك قدام الناس دي كلها هتخليك ما تسواش مليم في سوق الرجالة وده وعد مني ليك يا عمار. 

أنا حسن محفوظ هاعلمك ازاي تتجرأ وتهني ومش بس كده لا كمان باعتلي العرة صاحبك يكمل لكن وديني وما اعبد لاكون مسففك التراب

 وأختك مش هسيبها في حالها أبدا لو آخر حاجة هعملها في حياتي.


❈-❈-❈


عودة إلى المشفى وبالتحديد الغرفة التي يقبع بها عمار. 

يلتفون حوله بسعادة وهم يهنئونه على سلامته والذي كان بدوره يرد عليهم بإعياء شديد.

راحا يتبادل النظرات المشتاقة بينه وبين زوجته فتنحنح الجميع حرجا وغمغمة رامي بمرح: إيه يا عم نحن هنا ما تلم نفسك يا عمار لحد ما تروح بيتكم.

 قهقها الجميع بسعادة.

 حاول عمار الجلوس فدنى منه رؤوف تلقائيا كي يساعده لكنه صاح بقوة وهو يتحدث بهستيريا: رجلي مش قادر أحركها أنا مش حساس بنصي اللي تحت أصلا مش حاسس برجلي الاتنين.

يتبع...