رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني - هدير دودو - الفصل 6
قراءة أنين وابتهاج الجزء الثاني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني
بقلم الكاتبة هدير دودو
رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني
الفصل الخامس
❈-❈-❈
_ للجميع مفتاحه الذي يسيطر عليه وعلى جميع مشاعره وأفعاله فكان هو قلبه المفتاح الخاص به وهي في النهاية مالكة قلبه_
❈-❈-❈
خرج تامر بصحبة فريدة من غرفة الطبيبة التي طمأنتهما على صحة الطفل وصحتها وأكدت عليها الابتعاد عن أي ضغط أو توتر لأجل صحتها.
اقترب تامر منها واضعًا يده فوق خصرها يحيطه ليصبح أقرب إليها، وأردف متحدثًا بهدوء
:- سمعتي الدكتورة قالت إيه، ياريت متتوتريش بعد كدة بقى يا ديدا عشانك وعشان ابني حبيبي.
ردت عليه بتهكم واقتضاب مبتعدة عنه وسارت تتجه نحو السيارة
:- والله ابعد انت عني بس والتوتر كله هيروح، أنا مفيش حاجة بتوترني غيرك.
غمغم بمرح وهو يغمز لها بإحدي عينيه
:- والله بقى أنا توتر ولا أنتِ اللي الأيام دي بقيتي عصبية جامد عليا بس سايبك تدلعي براحتك.
رمقته بغيظ وصمتت من دون إن تتحدث معه، كأن الصمت هو الشئ الوحيد السائد بينهما، ظلت على وضعها صامتة لم تتحدث معه لكنها عقدت حاجبيها بدهشة وأردفت متسائلة باستغراب بعدما رأته يتوجه بالسيارة إلي طريق آخر ليس طريق المنزل
:- إيه دة أنتَ رايح على فين كدة.
رد يجيبها بهدوء وهو يتجاهل رنين هاتفه الذي صدح يدوى في السيارة
:- هنروح نتغدى مع بعض عشان أنتِ مفطرتيش انهاردة كويس.
لم تعقب على حديثه أو على اهتمامه بها، لكنها تحدثت بتهكم وغيظ
:- طب إيه مش ناوي ترد على تليفونك دة حتى في شغل مهم بيبقي بيتصل عليه
أجابها بلا مبالاه، وهو يلعن بسملة التي لم تفهم حتى الآن أنه أصبح لم يريدها في حياته، فهو قد أصبح يتجاهل جميع اتصالاتها المتعددة
:- مش مهم يا ديدا بقى شغل مش مهم فمش هرد خلاص خلصت الشغل اللي كان بينا في الشركة.
عقدت حاجبيها وضيقت عينيه عليه بشك، سألته بحدة صارمة
:- دة بجد والله؟
اومأ لها برأسه إلى الأمام من دون أن يعقب، فتحدثت هي مرة أخرى بتهكم وعدم رضا
:- طب بما أن خلاص خلصتوا الشغل بتاعكم بتتصل ليه إيه يا تامر مدتهاش حق شغلها كويس ولا إيه، لو كدة ممكن عاوزاك تروحلها البيت، لا قصدي الشركة اللي بتشتغل فيها.
أوقف السيارة، و تطلع نحوها بضراوة، ثم أردف يرد عليها جدية ليريحها، فهو يعلم جيدا مقصد حديثها الحقيقي
:- فريدة افهمي اللي بقوله، أنا مش ممكن اعمل حاجة من اللي تقصديها ولا اللي بتيجي في دماغك، الثقة اساس أي حاجة فخلي في ثقة بينا واعرفي اني مش ممكن ابدا إني اعمل حاجة من اللي بتيجي في دماغك، أنا مش كدة.
اشاحت ببصرها بعيد عنه قبل أن تتمتم بشرود ونبرة خافتة بالكاد تصل الى مسامعه
:- والله دلوقتي بقى الغلط عندي ما هو كان في ثقة من الأول بس أنتَ اللي محافظتش عليها وهدمتها جاي دلوقتي تقولي كدة ليه، مش مطلوب اني ابني ثقة جديدة اصلا مش عارفة اعملها، ثم أنتَ عارف إيه اللي بيدور في دماغي اعتقد متعرفش ومش هتعرف برضو، اتفضل بقى نروح احسن لو سمحت.
هل كنتُ مؤذي معها إلى هذا الحد الذي هي به الآن؟ هل أنا مَن دمرت بالفعل مكانتي الحقيقية العالية لديها؟ هل كنتُ سبب لأذيتها بدلا من أمانها ودعمها؟ وفي النهاية هل كنتُ سئ معها الي هذا الحد؟
نعم في الحقيقة كنت سئ بشدة معها وهي لم تفعل لي شيئا سوى أنها كانت باقية عليّ وعلى حياتنا معًا، كانت تحاول أن تلملم بقايا اليوم ليمر بهدوء وسلام من دون مشاجرة، ومن المؤسف بأنني لم أشعر بذلك كل ما كنتُ أشعر به هو أنني انتـ ــقم من الجميع فيها هي، هي التي لم تفعل لي شئ واحد سئ، كنت مخطئ ومخطئ بشدة وها أنا الآن اتحمل نتيجة الأخطاء التي كنتُ ارتـ ـكبها، الأهم هنا هل سأنجح في اكتسابها معي للحياة من جديد أم سأصل معها إلى طريق النهاية المغلق؟
كل ذلك دار داخل عقله قبل أن يرد عليها بثقة و قد التمع داخل عينيه بريق من الأمل للتمسك بها
:- هرجع الثقة تاني متقلقيش هترجع يا فريدة وهيرجع بينا كل حاجة، بعدين انا عارف كويس أوي يا ديدا إيه اللي بيدور في دماغك، وبيت ايه اللي نروحه قولت هعزمك على الغدا.
لم تعقب على حديثه ولو بحرف واحد بل التزمت الصمت، وعاد هو يشغل محرك السيارة مرة أخرى، يقودها منطلق نحو المطعم كما اتفق معها..
❈-❈-❈
وقف عمر أمام المكان الذي يوجد به عدي ونهى وغمغم بجدية وصرامة كعادته الدائمة
:- اجهزوا كلكم عشان هخرج ونمشي كلنا محدش هيفضل تاني في المكان دة.
همهم الحميع يجيبون إياه بالموافقة على الرغم من دهشتهم من حديثه الغير المتوقع كيف سيذهب ويترك عدي ونهى هنا؟ لكنهم استعدوا كما قال عمر.
دلف إلى الداخل حيث يوجد عدي ونهى تفاجأ بهما في حالة لا يرثي عليهما، جلس فوق المقعد وهو يضع ساق فوق ساقه الآخر وتمتم بصرامة ونبرة مشددة وهو يرمقهم بازدراء
:- لأ يا عدي مينفعش كدة يا حرام بجد، مش كان واجب برضو تجيب واحد كويس مش أي كلام عشان لما يخلص يخلص بجد، للأسف مستفدتش حاجة غير إنك اتبهدلت لغاية ما جيت أنا بمزاجي، لكن أنا أهو زي الفل قدامك واعتقد أن الفرق بينا واضح أوي قدام عينك.
صمت لوهلة بعد ذلك ثم استرد حديثه مرة أخرى بشماتة ومكر
:- كنت جاي اتسلى عليك شوية قبل ما اسيبك لأن دة مش أسلوبي، لكن واضح أن آلاء مراتي عملت معاك الواجب بصراحة مش لاقي فيك حتة سليمة، اصلها مش بتحب تسكت بتحب تحيب حقها من اللي عاوزاه وتعمل اللي يعجبها.
رد عليه بضيق وغيظ شاعرا بالنـ ـيران تشتعل بداخله تحـ ـرقه وهو يحاول أن يفك ذلك الحبل المعقد حوله لكنه فشل
:- مراتك مين احنا هنعملها على بعض وهتصدق اللي بتقوله، لأ يا عمر أنتَ ناسي أنها كانت شغالة عندي دة احنا كنا مقضيـ ـينها مع بعض وكانت هتسيبك عشان نتجوز أنا وهي خلاص.
انتفـ ـخت اوداج عمر غضـ ـبًا وجاهد بصعوبة بالغة أن يتحكم في أعصابه حتى لا يفقد صوابه، لكنه فشل فقام بلكمه لكمة قوية في وجهه اطاحته أرضًا وابتعد عنه بصعوبة شديدة، ثم تحدث بعدها بحدة صارمة وهو يقف أمامه بشموخ وكبرياء
:- لأ بقولك ايه يا وسـ* فوق لنفسك أحسن وأعرف الفرق بينا، أنتَ عارف كويس أوي أنا ممكن أعمل فيك إيه زي ما أنتَ عارف برضو هي اشتغلت معاك ليه، وأنها كانت جاية بتشتغل بجد مش عشان اي حاحة تانية يا وسـ* يا ****، بعدين تتجوز إيه هو أنتَ تطول اصلا أنتَ اخرك واحدة زي الزبـ ـالة اللي معاك وجنبك دي، لكن سيرة آلاء متجيش على لسانك، دي مش أي حد لأ دي آلاء السنماري مراتي أنا، وهي اللي عملت فيك كدة لمجرد بس إنك قربت من جوزها.
طالعه بنظرات محتقرة يقلل من شأنه ثم وجه بصره نحو نهى التي كانت تشعر بالخوف الشديد مما سيفعله عمر معها، أردف بجدية واحتقار
:-كنت صابر عليكي وعندي شك لو واحد في المية انك توقفي السكة دي عشان مش عاوز ادخلك في لعبة حقيرة **** زي دي، وعامل حساب انك زيك زي نغم لكن لأ طلعتي انسانة **** وزبـا لة وبجد تستاهلي كل اللي بيحصلك وهيحصلك طالما طلعتي كدة، كنت سايبلك فرصة بس أنتِ اللي خلصتيها يبقى تستاهلي اللي هيحصلك استعدي للي جاي بقى.
سار متوجهًا نحو الخارج تاركًا اياهما خلفه، ولكن قبل أن يذهب التفت نحوهما مرة أخرى غمغم بجدية ونبرة حادة بضراوة
:- طبعا دة مش آخر كلام بينا؛ لأن لسة اللي هيحصل فيكم كتير وكتير أوي كمان.
خرج وترك أياهما بينما ولج حارس وقام بفك الحبال المعقدة عليهما، ثم سار مع عمر كما امرهم.
بينما عدي ظل يتوعد له ولـ آلاء بالتحديد بغضب عارم، هي سبب كل ما حدث معه حتى الآن، نعم هي مَن فسـ دت خطته، غمغم بنبرة غاضبة خبيثة مثله
:- ماشي يا آلاء لسة اللي جاي فعلا هو اللي هيربيكي، أن ما جيبتك راكعة لغاية عندي وأخد حقي منك تالت ومتلت مبقاش أنا عدي السعدني و استاهل اللي عنلتيه فيا يا بنت ال*****
سألته نهي بنبرة ضعيفة مجهدة زهي تجلس ارضا بتعب شديد ووهن من شدة الألم الذي تشعر به
:- عدي احنا هنمشي ازاي بشكلنا دة، هيقولوا علينا لو حد شافنا كدة، قولتلك يا عدي مكنتش تعمل كدة مسمعتش كلامي ارتاحت كدة بعد اللي حصل فينا.
صاح بها غاضباً يقطع ثرثرتها التي بلا فائدة، متحدثًا بغضب شديد وحدة
:- بس خلاص مش وقتك خالص دلوقتي، نهى اتصرفي أنتِ واعملي اللي يعجبك بعيد عني، أنا حاليًا مش فاضي للي بتقوليه دة، أنا بفكر في حاجة تانية مهمة، لازم اخلي آلاء وعمر يدفعوا تمن اللي عملوه دة كله واندمهم عاللي حصل ولاظم نمشي دلوقتي لأن المكان دة بقى خـ ـطر.
اومأت له برأسها إلى الامام وصمتت وهو تطالعه بسخرية وعدم رضا، ثم جذبها هو وخرج بها متوجه إلى مكان آخر وهما يشعران بالالم يعصف في جميع انحاء جسـ ـدهما.
❈-❈-❈
تجاهل عمر جميع الاتصالات الواردة من آلاء فهو لازال غاضب بشدة من حديث عدي عليها ومما حدث معه.
وصل أخيرًا المنزل ودلف الغرفة حاول أن يبقي هادئًا ولا ينفجر يخرج شحنة غضبه بها، فهو يعلم أنها لم تفعل شئ خطأ، هي كاتت ليس على علم بأفعال نهى الحقيقية وما يريد هو الوصول إليه، لكن غير ته عليها كانت تشتعل بداخله، لازال حديث عدي يرن داخل أذنيه وكأنه استمع إليه للتو.
هرولت هي تتوجه إليه ما أن رأته، وأردفت تسأله بقلق شديد لعلها تهدئ من روعة توتر قلبها
:- إيه يا عمر يا حبيبي مش بترد عليا ليه، كنت قلقانة عليك أوي مش قولتلك تطمني.
رد عليها ببرود وهو بسير متجاهل إياها متوجه نحو المرحاض لعله يهدأ قليلا، لا يريد أن يجعلها تحزن يكفي الحزن الذي شعرت به الأيام الماضية
:- الحمدلله أنا كويس متقلقيش.
كان يتمنى أن يخرج من المرحاض ويجدها نائمة حتى ينهي تلك الليلة وينام هو الآخر ينجح في
دفـ ـن افكاره اللعينة التي تجتاحه، لكن من المؤسف أنه وجدها مازالت جالسة تنتظر خروجه.
اقتربت منه مجددًا، وأردفت تسأله بهدوء وهي تحاول أن تتجاوز دهشتها من معاملته الصارمة لها، تحاول أن تقنع عقلها بأنه بالتأكيد مضغوط في العمل
:- في إيه يا حبييي مالك، عملت إيه هناك.
تنهد بصوت مسموع ورد عليها بنبرة غاضبة حادة بعض الشئ
:- مفيش يا آلاء مفيش، سيبته عشان اصلا مكنش ينفع يفضل.
تنهدت هي الأخرى بهدوء في محاولة منها أن تكتسب بعض الصبر واردفت تسأله مجددًا بنبرة هادئة
:- طب في إيه مالك، أنت متعصب ليه احكيلي يا عمر إيه اللي مزعلك
مسح فوق وجهه بعصبية وغضب، أجابها بضيق وهو يشدد على كل حرف من جملته و بدأ يقص لها حديث عدي الذي اغضـ ـبه ثم اختتم حديثه بحدة
:- قولتلك يا آلاء قولتلك وحذ رتك قولت خليكي واثقة فيا وملكيش دعوة بأي حاجة بتحصل، قولتلك مليون مرة إني بحبك ومش بحب أي حد غيرك، خليكي واثقة فيا وفي حبي ليكي، سيبك من عدي واشتغلي في أي حتة تاني لكن لأ ازاي، كأني أنا
هضـ ـرك، كل ما تز علي تعاندي فيا، قولت مية مرة إني هفهمك في الوقت المناسب برضو مسمعتيش كل دة يا آلاء سمعتي كلام نفسك بس، وفي النهاية إيه واحد ابن **** زي دة يقول عليكي كدة، ربنا يعلم انا مسكت نفسي ازاي عشان ممو'تهوش جاية عاوزة تعرفي متعصب ليه، اهو حضرتك عرفتي اوعي بقى دلوفتي من وشي يا آلاء عشان مش عاوز ازعلك اكتر من كدة.
انهي حديثه الحاد ثم اولاها ظهره وتمدد فوق الفراش بغضب عارم يجاهد أن ينام ويهدأ لكنه فشل.
ظلت آلاء في حالة من الصمت المريب لم تفعل أي شئ، ثم تمددت بجانبه فوق الفراش، وأغلقت الضوء الخاص بالغرفة، ثم بدأت تبكي بضعف شديد وجسـ ـدها يتهز بضعف، لا تعلم إن كان مُحق في حديثه وهي مَن أخطأت بالفعل، أم أن كل ما فعلته شئ طبيعي لتأخذ حقها وحق كرامتها فقط.
ظلت تبكي وتجاهد بصعوبة أن تكتم صوت شهقاتها؛ حتى لا يستمع اليها هو لكنها في النهاية فشلت وارتفع صوت شهقاتها بصوت عالٍ، وقد تخلت عنها كميه محاولاتها التي كانت تحاول أن تتمسك بهم.
استمع إلي صوت شهقاتها الذين كانوا كالجرس الذي دق في جميع خلايا عقله ينبهه بأنه أخطا بالفعل، فهو لا يقوى أن يراها تبكي ويظل صامت نهض وأعاد فتح أضواء الغرفة ثم جذبها داخل حضنه وأردف بحنو شديد وشغف
:- خلاص يا لولي آسف يا قلبي متزعليش بلاش تعيطي، أنتِ عارفاني متاخدتيش على كلامي لما بتعصب وهو كان معصبني حقك عليا، حاولت متكلمش معاكي أنتِ اللي فضلتي تسألي، معلش يا لوليتا آسف يا قلبي.
انهي حديثه وقام بعدها بازالة دموعها من فوق
وجنـ ـتيها برفق شديد وشدد من احتضانه عليها.
تحدثت بعتاب وهي تطالعه بحزن والدموع تلتمع داخل مقلتيها
:- عمر أنا كنت واثقة فيك ومازالت والله رغم كل دة أنا اه زعلت منك بس كنت واثقة فيك، لكن معملتش حاجة غلط من حقي إني أخد حق كرامتي، أنا معملتش حاجة غلط، وزي ما قولتلك إني سمعتك وأنتَ بتعترف لـ نهى بـِ حبَك أيوة قولت أنه كان تمثيل، لكن أنا هعرف منين أنا اتمنيت وقتها أني اقدر اكر'هك لكن قلبي مش بايدي يا عدي، استغل الحالة اللي كنت فيها لكن أنا محبتوش كنت شايفاه شخص مناسب لكن حب لا، متجيش تسألني على اي حاجة عملتها عشان كرامتي ان كانت صح ولا غلط عشان أنتَ السبب يا عمر، لكن لو على الحب فأنتَ عارف والكل عارف إني بحبك أوي كمان.
احتضنها وشدد من احتضانه عليها، ثم أردف بنبرة عاشقة ودفن وجهه في عنقها بعشق شديد
:- عارف يا قلبي وأنا كمان كنت غلطان وغبي كمان غشان مقولتلكيش من الأول، وأنا كمان بعشقك وبموت فيكي يا حياتي كلها.
ابتسامة رائعة زينت محياها وكأنها امتلكت الدنيا باكملها، لما لا فهي ماذا تريد بعد ذلك؟ ماذا تريد وهو يحقق لها كل احلامها وكل ما تريده من قبل أن تطلبه وتتفوه به؟
ابتعدت من داخل احضانه ونهضت من فوق الفراش لتجلب شئ ما، عقد حاجبيه بدهشة لكنه رآها عادت و هي تحمل ملف، فأردف يسألها باستغراب
:- إيه الملف دة يا لوليتا؟
ابتسمت بثقة ثم ردت عليه بفخر وسعادة حقيقية
:- الملف دة بتاعك أنتَ جبته يوم الحا'دثة وأنا شوفته عشان كدة اتصلت بيك وقتها.
ضرب فوق جبهته بخفة فكيف له ان ينسى ذلك الأمر الهام، نعم قبل ان يطلق عليه أحد رجال عدي الرصاصة تلقي اتصال هاتفي منها وهي سعيدة وهتفت باسمه المدلل الذي تهتف به دائماً.
استردت حديثها هي مرة أخرى، وهي تضع الملف امامه، وتطالعه بسعادة وفرح
:- عمر انا بحبك أوي أوي أوي بجد، وحقيقي مفيش حاجة توصف حبي ليك، بس ليه كتبت الشركة بتاعتك باسمي، عمر دي بتاعتك أنتَ، بعيدا عن شركتك أنت وتامر ونغم بس دي ليك أنتَ لوحدك، ازاي تكتبها باسمي لا يا عموري انا مش هوافق رجعها تاني أنا معايا شركة بابا أنتَ عارف.
ابتسم في وجهها بحب جارف، وهو يدقق في ملامح وجهها بعشق، ثم رد عليها بشغف وهدوء
:- انا كلي اصلا بتاعك شركة ايه اللي بتتكلمي عنها وبعدين مكنتش عاوزك تفتحيه يا لولي بس مش هتكلم عشان عارف فضولك وانا اللي غلطت سيبته، متفتحيش الموضوع دة تاني ماشي يا قلبي عشان أنا اللي عاوز اعمل كدة.
كانت ستعترض لكنه لم يمهلها الفرصة وانقض
يقـ ـبل شفتيها بعشق شديد، عشق حُفر في قلبه وتمـ ـلك من جميع خلايا قلبه، يعشقها بشدة ويعشق كل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة، يتمنى أن يجعلها سعيدة دائمًا مثل الآن، لو بيده أن يجلب لها نجوم السماء بأكملها لتبقي سعيدة لكان فعلها من دون ذرة تردد، فذلك هو العشق الحقيقي، العشق المصحوب بتعب وجهد ليصل إليها، عشق صادق بين القلوب، قلوبهما الصادقة المعلقة ببعضهما، لا يكتمل واحد من دون الآخر، فذلك عشق صافي بين الأحبة بالروح والقلب..
❈-❈-❈
كان عمر يجلس في المكتب الخاص به منكب فوق حاسوبه يعمل بتركيز ودقة شديدة، وعقله من حين إلى آخر يشرد بها وبملامحها التي يعشقها بشدة، عسليتيها الذي يدخل في دوامة أخرى من العشق الحقيقيّ بسببهما، شعرها الناعم الذي يهواه هو الآخر، يعشقها ويعشق أصغر تفاصيلها يهوى كل ما بها، قد تعلم العشق والهوى وكل المشاعر على يديها..
فاق من شروده بها وبتفاصيلها عندما دلفت عليه نيرة السكرتيرة الخاصة به التي كانت قد انهت ما طلبه منها، سألها بجدية كعادته وهو مازال يتطلع نحو الحاسوب لم يرفع بصره من عليه
:- عملتي اللي قولتلك عليه وحجزتي التذاكر؟
اومأت برأسها إلى الأمام بهدوء، وردت عليه تجيبه بعملية واحترام
:- ايوة يا مستر عمر عملت كل اللي حضرتك طلبته، وأهو دة الملف الخاص بمدام آلاء اللي حضرتك كنت قايلي إني اجيبه.
أنهت حديثها ومدت له الملف بهدوء، تناوله منها وخرجت هي تعد ذاتها للذهاب، بينما هو ظل يراجع الملف الذي اعطته إياه الخاص بحسابات آلاء الذي يرسلها ياسين شقيقها ويتأكد من كل شئ به بدقة وعناية شديدة.
ظل فترة يراجعه ويتأكد من كل ما بداخله بتركيز، ثم تناول هاتفه بغضب بعدما انتهى من مراجعة الملف والحسابات التي بداخله، وقام بالإتصال عليه.
كان ياسين في ذلك الوقت يجلس في المنزل الخاص بوالده في فرنسا مع احدي الفتيات، تأفأف بضيق عندما علم أن عمر هو مَن يهاتفه الآن، رد عليه وهو يشعر بالانزعاج وغمغم يسأله باقتضاب
:- ايوة يا عمر في حاجة؟
رد عليه عمر ببرود شديد وحدة لم تليق سوى به وبشخصيته الجادة
:- آه فيه يا ياسين حساب آلاء بتاع الشهر دة فين، مفيش حاجة وصلتلي ولا الصفقات اللي تمت ولا أي حاجة، هو انا عندي علم بيهم بس محولتش الفلوس ليه زي كل الشهر.
اكفهر وجه ياسين وعبست ملامحه، قبل ان يرد عليه بكذب وتوتر
:- معلش يا عمر بس كان عندي كم ظرف أول ما افضي هحول الفلوس على حساب السينيورة بتاعتنا في حاجة تاني عاوزها.
قال جملته الأخيرة بسخرية وعدم رضا..
صدح صوته الحاد يرتفع بغضب، يرد عليه ويحذره مما يتفوه به
:- الفلوس تتحول حالا أنتَ سامع، بكرة الصبح بالكتير ودة أخرك الاقي الفلوس وصلت لحساب آلاء، و قولتلك مية مرة تتكلم عن آلاء باحترام بلاش كلامك دة احسنلك مفهوم.
شدد على أحرف كلمته الأخيرة بنبرة تزداد حدة وغضب عن السابق.
أسرع ياسين يرد عليه بتهكم مقتضب، وتعابير وجهه ازدادت غضب وضيق
:- حاضر يا عمر، حاضر والف سلامة عليك والله كنت هنزل بس أنتَ عارف إني مشغول معرفتش اجي تتعوض بقى زي ما هعوض برضو عدم مجيي للفرح، عشان عاوز أجي واشوفكم.
تحدث بخبث ومكر شديد يعكس حقيقة نواياه التي يحملها بداخله..
غمغم يرد عليه بلا مبالاه وهو يلملم اشياءه ويستعد للذهاب حتى يصل إليها مسرعًا، يشتاق اليها بشدة قلبه يريد أن يراها قبل عيناه كل ما بداخله يحتاجها، يتمنى لو أن في لديه القدرة أن يظل معها وبجانبها دائمًا
:- أنا تمام وكويس أوي كمان، وبعدين تعوضها متعوضهاش عادي يا ياسين أنتَ اكيد شوفت الفرح كدة كدة دة اتذاع زي ما خبر اصابتي اتذاعت ويمكن اكتر، هقفل بقى غشان معطلكش بما إنك مشغول أوي بس الفلوس تتحول احسن.
أنهي حديثه وأغلق الهاتف من دون أن يستمع إلى رده، بينما ياسين فقد تأفاف بغضب ما ان انتهت تلك المكالمة، يلعن عمر بداخله وآلاء، فكلما يأتي أن يأخذ الشهر بأكمله لحسابه يجد عمر يقف له في الطريق بالمرصاد يمنعه من فعل اي شئ.
شعر أنه تحول لعامل يعمل لحساب آلاء التي تتلقى حسابها ونصيبها شهريا بلا تعب ومجهود منها، توعد لهما فبالطبع هو لن يتركها تأخذ حقه الذي تعب فيه، سيأخذ كل شئ منها، وهي عليها أن تعتمد على عمر الذي سيعطيها كل ما تريده، لكن هو كل ما يشغل باله و ذهنه كيفية استغلال الاء للانتفاع منها وأخذ ما يريده منها بسهولة...
كأن الجميع قد اجتمع ضد'هما في وقتٍ واحد، فماذا سيحدث لهما بعد؟!
يُتبع..
إلى حين نشر فصل جديد من رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني للكاتبة هدير دودو، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية