رواية جديدة في غياهب القدر لبسمة بدران - الفصل 25
قراءة رواية في غياهب القدر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية في غياهب القدر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل الخامس والعشرون
اتفاق
للناس ظاهر والمظاهر تخدع
فلا تحكمن بالذي ترى وتسمع !
فرُب باكٍ ودمعهُ مُزيف
ورُب باسمٍ وقلبُه يدمعُ
ورُب ذو شهرةٍ تلقاه وحيداً
ورب بسيط من صحبه لا يُقطع
ورب غني تَعِسَ بماله
ورب فقير باللقمة يستمتع
(الإمام الشافعي)
❈-❈-❈
كاد أن يغلق المأذون دفتره ويلملم أوراقه لكنه توقف عندما صضح صوت رؤوف الذي هتف بجدية: استنا يا عم الشيخ أنا كمان عايز اكتب كتابي.
تبادل الجميع النظرات فيما بينهم ما عدا عبير التي كانت تشعر بالضياع فهي كانت على علم مسبقا بما سيحدث لقد أخبرها أخيها بذلك.
قبل بضع ساعات.
فبعد أن أعدت لهما فنجانين من القهوة ولجت وهي تحملهما في صينية مستديرة الشكل ووضعتها أمام أخيها على الطاولة الصغيرة التي تتوسط الغرفة.
ثم ناولته فنجانه بحرص وهي تهتف بغرور مصطنع: أحلى فنجان قهوة هتشربه في حياتك.
التقطه منها ثم غمزها بشقاوة: ما أنا عارف يا بيرو يا جامد انت اقعدي بقى دلوقتي عشان عايزك في موضوع مهم.
جلست قبالته وحملت فنجانها وراحت ترتشف منه باستمتاع شديد.
أما عن رؤوف فارتشف رشفة صغيرة ببطء وصمت قليلا كي ينظم أفكاره
فكادت أن تسأله عما يريده منها لكنه سبقها بهدوئه المعتاد: بصري يا عبير أبوك كلمني في موضوع رؤوف وقال لي إنك رافضتي بشكل نهائي لكن أنا عايزك تسمعيني كويس رؤوف غير طليقك يا عبير رؤوف إنسان محترم اتربى في وسطنا وما بيسبش فرض عارفين عيوبه قبل مميزاته. ولو ان الكمال لله وحده لقلت لك إن رؤوف شخص كامل وأظن انتي عرفاه كويس عشان كده أنا عايزك توافقي عليه سبناكي تختاري في المرة الأولى وعرفت نتيجة اختيارك كانت عاملة ازلي
لكن المرة دي امشي ورا كلامي وصدقيني مش هتندمي رؤوف ده ما فيش منه.
أطرقت رأسها أرضا ولم تعقب فهي تعلم أن شقيقها على حق لكن وما يدريها بأنا رؤوف ذلك سيعاملها كما يظهر أمام الناس فطليقها شخصا مثاليا أمام الناس لكن عندما كان يختلي بها يتحول إلى شخص آخر.
كادت أن تعترض لكن شقيقها سبقها عندما أردف بنفس الجدية التي كان عليها منذ قليل: ما ترديش دلوقتي فكري كويس يا عبير ولو وافقتي نكتب كتابك النهاردة ومش هيبقى فيه دخلة غير لما تاخدوا على بعض انت ورؤوف الأول.
قومي شوفي وراكي إيه وفكري في كلامي كويس ولو ما ردتيش عليا لحد بالليل هنعرف أن السكوت علامة الرضا.
استفاقت من شرودها على صوت المأذون الذي يسألها باهتمام: يا بنتي أنا يكلمك هل تقبلين برؤوف محمد مكاوي زوجا لك؟
زاغ بصرها وتزايد المعدل الطبيعي لخفقات قلبها لم تشعر بنفسها سوى وهي تومئ بالموافقة بضعف شديد
التقطه ذلك القابع بالقرب منها مما جعله يشعر بالحزن لكنه أقسم بداخله على أنه سيعوضها عن كل ما عانته طوال حياتها سيجعلها أكثر امرأة سعيدة في الدنيا.
دقائق قليلة وأنهى المأذون عمله وأطلق جملته الشهيرة للمرة الثانية: بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير.
صضحت الزغاريد مرة أخرى وهلل الجميع بسعادة: مبارك لك يا رؤوف مبروك يا عبير.
هكذا كانت التهنئات بين العائلة.
أما عن والدة رؤوف فكانت ترسم ابتسامة صفراء بين الفينة والأخرى لم يلاحظها أحد وذلك لانشغالهم الشديد بما يحدث.
❈-❈-❈
يتقلب على فراشه وكأنه يتقلب على جمرات من نار فهو اشتاقها كثيرا اشتاق تلك الرغد التي باتت مسيطرة بشكل كبير على عقله وقلبه
أحيانا يشعر بتأنيب الضمير وأحيانا أخرى يقنع ذاته بأن هذا حقه وهذا ما أحله الله فلماذا يرفضه هو؟
ألم يقل الله -عز وجل- مثنا وثلاث ورباع.
وهذا ما فعله بالضبط فهو لم يفعل شيئا خاطئا بل تزوج على كتاب الله وسنته عوضا على أن يغرق في المحرمات وقد فعل سابقا لذلك استفاق من غفلته وأصلح خطأه وتزوج بالمرأة التي وقع معها في الخطيئة.
زفر بحنق عندما وقع بصره على زوجته التي تغط في سبات عميق.
فنهض بحرص ثم تسلل على أطراف أصابعه عازما على الذهاب إليها وقضاء وقتا لطيفا معها فتلك المرأة كالإدمان لا يستطيع أحد التخلص منها بسهولة
استطاعت أن تجعله مفتونا بها في وقت قياسي وهذا ما أرادته هي بالضبط فجمالها وأنوثتها ودلالها الزائد جعلوها تحصل على كل ما أرادته بسهولة ويسر.
وها هو ذا يقف أمام شقتها ويفتح الباب بمفتاحه راحة يتلفت يمينا ويسارا بحثا عن أحد لكنه تنهد بارتياح عندما وجد الهدوء والظلام يغلف المكان.
فولج بحرص ثم اغلق الباب من خلفه راحة يناديها بصوت مسموع لكنه لم يجد ردا.
فاتجه تلقائيا إلى غرفة النوم وفتح الباب ثم أشعل الضوء لكنه قطب حاجبيه عندما لم يجدها أيضا فهتف بغضب: هي راحت فين دي!
❈-❈-❈
بينما هي على الجانب الآخر كانت تقف أمام رجل يبلغ من العمر ستون ربيعا يملك لحية طويلة بيضاء كلون القطن وعينين حادتين وشعر يماثل لون لحيته طويل قليلا بالكاد يصل إلى كتفيه
يرتدي جلباب أسود اللون يجلس في ظلام حالك. إزدردت ريقها بذعر فهي لم تكن المرة الأولى التي تراه فيها لكنها تلك المرة تشعر برهبة غريبة
انتفضت في مكانها عندما صدح صوته الأجش: ها جبتي المطلوب يا رغد يا بنت شكران.
أومأت عدت مرات بالموافقة ثم أخرجت حزمة كبيرة من النقود ومحرمة قماشية مربعة الحجم ناولته إياهم وهي تهتف بصوت مهزوز: إيه هادول الإشيا اللي انت طلبتون المصاري والمنديل تبع رامي.
التقطهم منها ثم هتف وهو يوزع نظره بين الأموال وبين جمالها الصارخ ثم هتف بخفوت: برافو عليك دلوقتي بقى تقدري تمشي وتنامي وانت مرتاحة أسبوع بالظبط وعدي عليا أكون جهزت لك المطلوب يا رغد.
أومأت له عدة مرات ثم انصرفت من أمامه بخطوات واسعة تاركة الآخر يشيعها بنظرات إعجاب.
قبل النقود بعد أن اختفت من أمام مرمى عينيه ثم هتف بجشع: والله وبضتلنا في القفص يا شيخ مرزوق.
❈-❈-❈
بعد أن صعد إلى شقته بواسطة المصعد وبرفقة صَبا ولجا إليها وكله حنين واشتياق لزوجته السابقة فعلى الرغم من أن والده قام بتغيير الشقة تغييرا جزريا حتى طلاء الحائط إلا أنه ما زال يشم رائحتها في جميع أركانها.
أغمض عينيه بقوة حتى كاد أن يعتصرهما ثم فتحهما بهدوء عندما استمع إلى صوتها الناعم: عمار تحب تروح أوضتك ولا تاكل حاجة الأول؟
رمقها ثم هتف باختصار: آكل إيه ما أنا لسه واكل تحت هي سيرة؟
شعرت بالحزن من رده الجاف ذاك لكنها ادعت القوة وأومأت له موافق ثم وقفت خلفه كي تدفع به الكرسي لكنها تراجعت بقوة عندما استمعت إلى صوته الحازم: أنا بعرف أروح لوحدي على فكرة.
أومأت بهدوء ثم وقفت أمامه وعقدت ساعديها خلف ظهرها وسألته بابتسامة هادئة: طيب هتعوز مني حاجة قبل ما أدخل أنام؟
هز رأسه نفيا
فاستدارت لتذهب إلى الغرفة المجاورة لغرفة أبنائه لكنها توقفت عندما استمعت إلى صوته القوي: صبا.
استدارت إليه ترمقه باستفهام فاستطرد حديثه بجدية شديدة: الأول بما اننا خلاص اتجوزنا في اتفاق لازم نتفق عليه.
وقفت تنتظر حديثه الهام فسألته بلهفة: اتفاق إيه ده يا عمار؟
أجابها وهو يثبت عينيه في عينيها: احن جوازنا هيفضل على ورق لحد ما أقف على رجلي تاني وبعدها لو حبيتي تطلقي أنا مش هيبقى عندي مشكلة أنا عارف كويس قوي انت ليه اتجوزتيني وكمان انت عارفة اني لسه بحب زينة وعلى الرغم اني عارضت كتير أبويا بخصوص جوازي منك لكن هو قال لي إنك موافقة وفي نفس الوقت أنا عارف انك وافقتي عشان أنا صعبان عليكي شفقة يعني.
فتحت فمها لتعترض لكنه أخرسها بإشارة من يده: أنا لسه ما خلصتش كلامي زي ما اتفقنا جوازي منك هيكون على الورق وبس والاوضة اللي جنب اوضه ليث ولتين هتكون بتاعتك زي ما اتفقت معاكي قبل ما نتجوز.
أومأت بالموافقة وما زالت ترسم تلك الابتسامة الهادئة على كرزيتها ومن ثم سألته بابتسامة: طيب في اتفاق تاني تحب تضيفه ولا خلاص كده.
تغاضى عن حديثها المستفز بالنسبة له ثم أشار لها لتذهب.
رمقته بنظرات غير مفهومة ثم اتجهت إلى الغرفة التي خصصها لها وبعد أن أغلقت الباب من خلفها راحت تقفز في مكانها كالأطفال وهي تصفق بسعادة وتهتف بصوت مسموع: بحبك يا عمار هنداوي بحبااك.
وضعت يدها على فمها كي تكتم صوتها خشية من أن يسمعها الذي يقبع بالخارج ثم ألقت بجسدها الصغير فوق الفراش وما زالت ابتسامتها تحتل وجهها الجميل غافلة عن المعاناة التي ستحدث معها في الأيام المقبلة.
❈-❈-❈
يدور حول نفسه وهو عاقد ساعديه خلف ظهره وقلق شديد يجتاحه فها هو قربا على منتصف الليل وهي لم تأتي حتى الآن.
ثواني واستمع إلى فتح الباب
أما عنها فقد ولجت إلى الداخل وهي تشعر برعشة في سائر أنحاء جسدها وعندما أبصرته أغلقت الباب وركدت ترتمي بين ذراعيه وهي تغمغم بصوت مرتجف: عانقني عانقني يا رامي أنا بدي حضنك هلأ.
شعر بالخوف حيال مظهرها ذاك فما كان عليه إلا أن يضمها إلى صـ دره بقوة وراح يمسد فوق ظهرها وهو يغمغم بكلمات مطمئنة.
دقائق قليلة وشعر باستكانتها فعلم أنها هدأت الآن.
أبعدها برفق ثم سألها بحدة طفيفة: كنت فين لحد دلوقتي يا رغد وازاي تخرجي برة البيت في وقت متأخر زي ده وكمان من غير ازني؟
أجابته بثبات فهي حسبت حساب كل شيء مسبقا: حسيت اني مضايقة كتير دهرت اتمشى على النيل منشان إهدى شوي صدقني حبيبي أنا كتير بتضايق لما اتخيل انك نايم بحضنا وتاركني هون لحالي يترجاك قدر شعوري.
سعادة عارمة اجتاحته في تلك اللحظة فامرأة مثل رغد يتمناها الكثير واقعة في غرامه وتفتقده كما كان يفعل هو منذ قليل.
فدنا منها والتقتا شـ فتيها وراح يغمغم من بين قبلاته بصوت لاهث: انت وحشتيني قوي يا حبيبتي أنا ما عرفتش أنام لما بس فكرت فيكي عشان كده جيت لك جري.
ابتسمت بداخلها وراحت تبادله قبـ لاته وتمنت أن يتحقق كل ما تسعى إليه.
❈-❈-❈
مستلقية على فـ راشها تحدق في اللا شيء فهي الآن باتت امرأة متزوجة يا الله كم باتت تكره تلك الكلمة كلمة زواج وما يتعلق بها.
شعرت بالغضب الشديد لأنها لم ترفض ووافقت بكل هذه السهولة كان عليها أن تثور وتدافع عن حقها في الرفض لكنها استمعت إلى حديث شقيقها ووافقت على المدعو رؤوف.
وعلى سيرته هبت جالسة عندما استمعت إلى صوت رنين هاتفها التقطته من فوق المنضدة المجاورة للفـ راش ثم قطبت حاجبيها عندما وجدته رقما غير مسجل.
قررت ان لا ترد لكن شيئا ما بداخلها جعلها تضغط زر الإيجاب وتضعه على أذنها هاتفة بصوت مجهد: نعم.
صمتت تستمع صوته على الطرف الآخر: الهانم بترد على أرقام غريبة ليه؟
لا من الآخر كده أنا ما احبش مراتي حد يسمع صوتها غيري.
قضمت شفتها السفلى بأسنانها عندما تعرفت على هويته ما كان هذا سوى زوجها
أجفلت على صوته على الطرف الآخر يسألها باهتمام: إيه يا بيرو سكتة كده ليه فين لسانك اللي كان متبري منك من واحنا عيال؟
أجابته بفظاظة: انت متصل ليه دلوقتي يا رؤوف والوقت متأخر؟
شعرت بالغضب عندما استمعت إلى صوت ضحكاته المجلجلة ثم هتف من وسط ضحكاته: انت مراتي يا هبلة يعني أكلمك في أي وقت وممكن أجيلك كمان بس خلي بالك أنا لو جيت مش هيحصل كويس.
احمرت وجنتيها خجلا ثم أغلقت الهاتف في وجهه وهي تغمغم: قليل الأدب وربنا.
بينما على الطرف الآخر راحة يضحك بقوة على رد فعلها الغير متوقع وهو ينظر إلى الهاتف تارة وإلى الصورة التي التقطها لها بدون علمها منذ عدة سنوات وراحا يحدثها بحنين: بحبك قوي يا بيرو وصدقيني هخليكي تحبيني زي ما أنا بحبك وهعوضك عن كل حاجة عشتيها خلتك تعيطي ده وعد مني ليكي.
قبل صورتها ثم استلقى فوق الفراش وأغمض عينيه يستدعي النوم لكن يبدو أنه سيجافيه بسبب تفكيره الشديد في محبوبته.
❈-❈-❈
انقضت الليلة بحلوها ومرها وحل الصباح على الجميع.
في تمام العاشرة صباحا وقف الحاج سعد هنداوي وأشعل عيدان البخور في المحل خاصته كعادته الصباحية ثم شرع في تجهيز بضاعته برفقة صبيه.
دقائق وولجت امرأة تهتف بنعومة: يسعد صباحك يا حاج سعد.
هب واقفا وبادلها تحيتها بابتسامة هادئة ثم سألها بعملية: اؤمريني يا ست الكل عايزة إيه؟
أجابته ببساطة: عايزة ربع بن محوج يا حاج سعد ويكون وصاية الله يخليك.
اتسعت ابتسامته ثم أشار لصبيه: أحلى بن محوج يا ولا للهانم.
ضحكت بنعومة وشكرته على استحياء.
بينما على الجانب الآخر فقد كانت تقف على باب المحل وهي تتآكل من الغيظ فلماذا يبتسم ذلك السخيف في وجه تلك المرأة؟
دنت منهم وهي تطوي الأرض من تحت قدميها من شدة الغيظ وهتفت من بين اسنانه: يسعد صباحك يا حاج سعد.
شعر بالسعادة لرؤيتها مرة أخرى بعد غياب طويل فقد لاحظ وجودها كما شاهد غيرتها الظاهرة للعيان عليه فأجابها بجدية: يسعد صباحك يا ست صباح اؤمريني عايزة إيه؟
وزعت بصرها بينه وبين تلك المرأة التي ناولها الصبي البن
كادت أن تتحدث لكن المرأة سبقتها وأردفت بصوتها الناعم: ألف شكر يا حاج سعد الكل شكرلي في البن بتاعك هجربة ولو عجبني هكون زبونة دايمة ليك إن شاء الله.
أومأ لها بابتسامة بشوشة ثم ودعها بكلماته الشهيرة: مع ألف سلامة يا ست الكل.
أجفل على صوتها المرتفع: مالك يا حاج سعد في إيه يا أخويا ما تتقل كده هو أنت كل واحدة بتدخل المحل بتسبل لها بعينك كدهه وتقف توزع ابتسامات وأنا اللي كنت فكراك يعني.
قاطعها بابتسامة واسعة: كنتي فكراني محترم يلا معلش بقى خيبت ظنك يا ست صباح الا قولي لي انت كنت فين الفترة اللي فاتت دي كلها؟
أجابته باندفاع: وانت مالك بقى إن شاء الله كنت مين أبويا ولا أخويا ولا جوزي.
راقص حاجبيه بمرح: هكون جوزك إن شاء الله قولي يا رب متقاطعيش انت بس.
ومين مقالك اني وافقت أصلا.
أجابها بابتسامة سمجة: هتوافقي إن شاء الله المهم قولي لي كنتي غطصانة فين الكام شهر اللي فاتوا دول؟
أجابته بهدوء: كنت عند أختي جوزها كان تعبان شوية وكانت محجوزة بيه في المستشفى فقعدت مع العيال عشان عيالها صغيرين والحمد لله جوزها اتحسن ورجعه البيت عشان كده رجعت.
تنهد بارتياح مغمغما: الحمد لله على سلامتك يا ست صباح المهم بقى ما قلتليش كنت عايزة إيه؟
أجابته بحياء شديد: كنت عايزة فلفل أسمر.
قالت كلمتها واندفعت بخطوات واسعة إلى الخارج تاركة الآخر يشيعها بنظرات متعجبة سرعان ما تحولت إلى سعادة عندما تذكر بأنهى عندما ستوافق على عرضه ستتفوه بتلك الكلمة ويبدو أن ما تمناه تحقق.
راح يضحك بسعادة وهو يصفق بيديه: يا ولاد بلدنا يوم الخميس هكتب كتابي وابقى عريس.
❈-❈-❈
استيقظت من نومها وهي تشعر بسعادة جديدة عليها.
تمطت بذراعيها في تكاسل شديد ثم نهضت بهدوء دالفة للخارج قاصدة غرفة الطفلين فتحت الباب بهدوء فأبصرتهما نائمين فدنت بحرص من الصبي وهزته بهدوء مغمغمة: ليث حبيبي يلا اصحى عشان نفطر سوى.
لم يستجب لها الطفل فقررت ندائها مرة أخرى ففتح عينيه اللتان تشبهان عينين والده وغمغمة بابتسامة: صباح الخير يا صَبا.
بادلته الابتسام وبعثرت خصلاته: صباح الفل يا ليث يا قمر انت يلا قوم على بال ما اصحي لاتين.
كررت فعلتها مع الصغيرة ومن ثم تركتهما ودلفت للخارج مرة أخرى قاسدة غرفة معذب قلبها.
ترقت الباب بخفة ثواني واستمعت إلى صوته الحازم: ادخلي يا صَبا.
ولجت بهدوء وهي ترسم ابتسامة فوق ثغرها وألقت تحية الصباح بصوتها المميز والذي ردها لها باقتضاب شديد.
لم تعط الأمر أهمية وهتفت دون مقدمات: كويس انك صاحي يلا على ما اجهز الفطار علشان نفطر كلنا مع بعض ليث ولاتين صحوا وعلى ما تفوق كده أكون خلصت.
كاد أن يعترض لكنها لم تمهله الفرصة ودلفت للخارج عازمة على تنفيذ ما أرادته تاركة الآخر يشيعها بنظرات متعجبة.
❈-❈-❈
في منتصف الغرفة تقف وهي تضحك بسعادة وتتأمل ثوبها الأبيض الذي سترتديه اليوم
فقد حرص حسام على أن ترتدي ثوبا يشبه ثوب الأميرات كي تشعر بسعادة كبيرة
راحت تتأمل الفستان بانبهار شديد وتحتضنه بقوة وتدور به حول نفسها وهي تدندن بسعادة
وضعت الفستان بحرص فوق الفراش ثم انحنت وأخرجت الحذاء من صندوقه ففتحت فمها بانبهار وغمغمت بعدم تصديق: الله ده يشبه جزمة سندريلا ايه الجمال ده ربنا يخليك ليا يا حسام.
احتضنت الحزاء وراحت تتراقص به بسعادة كبيرة.
اجفلت على صوت فتح الباب يليه ولوج والدتها والتي هتفتت بصوت مرتفع: شفتي اللي حصل يا بت يا زينة؟
استدارت لها تسألها باهتمام: في إيه يا ماما مالك داخلة شبه المخبرين كده ليه هيكون ايه اللي حصل يعني؟
لوت شفتيها بعدم رضا من حديثها وأجابتها بعبوث: مالك يا بت بتكلميني كده ليه عموما يا اختي عايزة اقول لك حاجة الحارة كلها بتتكلم عليها المحروس طليقك اتجوز صَبا بنت عمته.
جحظت عينيها في دهشة وخفق قلبها بقوة ثم سقط الحذاء من يدها وهتفت بعدم تصديق: عمار اتجوز!؟
يتبع