رواية رومانسية جديدة قلوب حائرة (الجزء الثاني) لروز أمين - الفصل 4 - 2
رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة روز أمين
رواية قلوب حائرة
الجزء الثاني
في
تمام الساعة التاسعة مساءً
صعد
ياسين إلي جناحهُ المشترك مع مليكة، دق بابها فاستمع إلي صوتها الرقيق وهي
تطلب من الطارق الدخول، وضع كفهُ حول مقبض الباب وأدارهُ وخطي بساقيه إلي
الداخل بخطوات واثقة، توقف عن الحركة في الحال وإلتمعت عيناه ببريق الإنبهار
الممزوج بالعشق عندما رأي تلك الساحرة التي تقف وتنظر إليه بنظرات مُولـ.ـعة بعِشق
حبيبها
كانت
ترتدي ثوباً رقيق مزركشً بأرضية بيضاء وبهِ نقشات لزهرة رقيقة باللون
الأزرق،وحجابً من اللون الأزرق
نظر
إلي وجهها الذي يشع نضارة وسحراً عجيب، جذب إنتباههُ الكُحل العربي التي خطت بهِ
عيناها بمهارة فأصبحت جاذبة لأبصار كل من يراها،أما شـ.ـفتاها المُهلكة فزينتها
بملمع شـ.ـفاه باللون الوردي مما زاد إشتهاه هذا العاشق لإلتهـ.ـامها علي الفور
إبتلع
لُعابهُ وبدأ صـ.ـدرهُ يعلو ويهبط من شدة الإحتياج، تحرك إليها مسحوراً وبدون أن
ينطق بكلمة واحدة مال علي كريـ.ـزتيها وألتهـ.ـمهُما وبات يتذوق من شهد حلاوتهُما،
إندمجت معهُ وأغمضت عيناها بإستمتاع
لف
ساعديه حول خصـ.ـرها وجـ.ـذبها بشدة إليه حتي إلتـ.ـصق جـ.ـسديهما ببعضهما بطريقة
مُثيـ.ـرة
إبتعد
عن شـ.ـفتاها وتحدث لاهثاً وهو ينظر لداخل عيناها برغـ.ـبة مُلحة ظهرت بيانً داخل
عيناه :
-وبعدين
معاكِ في اللي بتعمليه فيا ده، هتفضلي لحد أمتي مخلياني غرقان في بحُور عشقك
الغريقة اللي مش باين لها أخر دي
وأكمل
برغـ.ـبة وهو يُسلط بصرهِ علي كريـ.ـزتيها:
-
تقدري تقولي لي هنخرج إزاي بحالتنا دي، إزاي هيجي لي قلب
أتجاهل قنبـ.ـلة الجمال والسحر اللي أنا شايفه ده وأخدك وأخرج كده عادي؟
ورفع
منكبيه بإستكانة ثم أسند بجبهته علي جبهتها وهمـ.ـس أمام شـ.ـفتاها بطريقة أذابتها
وحولتها كفراشة تتطاير في الهواء:
-
مش هقدر يا مليكة، مش هقدر أتحكم في عواطفي ورغـ.ـبتي فيكي
قدام الناس
همـ.ـست
بتبرم مُفتعل وهي تحاول أن تتـ.ـملص بجـ.ـسدها منه:
-ياسين
أجابها
وهو يعتـ.ـصر جـ.ـسدها بين ساعديه بطريقة أثارت داخلها:
-
يا قلب ياسين من جوة
قال
كلماته ثم أنقض علي شـ.ـفتاها كالوحـ.ـش الجائع، فك سحاب الثوب الخلفي وبلحظات
كانت تتمدد فوق تختها عارية تماماً بعدما نزع عنها ذاك العاشق جميع ثيابها بتسرع
وإستعجال وذلك لشدة إشتياقهُ لها وعدم تماسكهُ أمام سحرها العظيم
بعد
مدة ليست بالقصيرة، كانت تقف أمام مرأة زينتها تضع اللمسات الأخيرة من إرتداء
حجابها حتي زينة وجهها الخفيفة ،يقف بجانبها رجُـ.ـلها، يعقد رابطة عنقة بحرفية
وثقة عالية، نظر علي إنعكاس صورتها في المرأة وغمز لها بعيناه وتحدث بوقاحة
اخجلتها:
-كُنت
هايل وجامد النهاردة يا وَحش
لكزته
بخفة بذراعه وتحدثت بنبرة خجلة:
-
بَطل كلامك ده
قهقه
برجولة وأسترسلت هي بنبرة متعجلة:
-
وياريت تستعجل شوية يا حضرة المتـ.ـهور، الوقت أخدنا والساعة
داخلة علي عشرة،
وأكملت
بتبرم:
-
تقدر تقولي هنلحق نخرج أمتي ونرجع أمتي يا ياسين؟
إنتهي
من رابطة عنقة وألتف بجـ.ـسده إليها ثم لف ساعديه حول خصـ.ـرها وتحدث بنبرة مطمأنة:
-
مش عاوزك تقلقي ولا تتوتري ، هنخرج وهننبسط وهنعمل كُل اللي
إحنا عاوزينه
وأضاف
قائلاً بتفسير:
-
وبعدين قلقانة ليه، أنا قايل لعمتي إننا هنتسحر برة وإنها
تخلي بالها من الأولاد لحد ما نيجي، يعني اليوم كُله بتاعنا
ثم
جـ.، ذبها إليه ونطق وهو يغمز لها بإحدي عيناه:
-
هو إنتِ إحلويتي أوي كده ليه بعد الشاور ؟
تنصلت
منه حتي أفلتت حالها وتحدثت وهي تلتقط حقيبة يـ.ـدها وتتحرك سريعاً نحو الباب في
طريقها إلي الخارج :
-
شكلك كدة إتجننت يا ياسين، أنا مستنياك تحت لأني لو
فضلت هنا دقيقة كمان يبقا مش هنخرج النهاردة من الأوضة دي.
تحرك
سريعاً خلفها وإلتحق بها وتحركا معاً داخل الممر المؤدي إلي الدرج ونزلا معاً،وجدا
ثريا تجلس بصحبة يُسرا ونرمين وزو جيهما وأطفال المنزل جميعاً ، ألقيا عليهم
التحية
نظرت
نرمين إلي كليهما وتحدثت مستفسرة:
-هو
إنتم خارجين ولا إيه يا مليكة؟
أجابتها
مليكة بوجهٍ بشوش:
-
ياسين عازمني علي السُحور يا نيرو
إنطفأت
لمعة عيناها وشعرت بالإحباط من زو جها الذي لا يهتم سوي بعملهِ وفقط، فأردفت مليكة
علي إستحياء بعدما لاحظت حُزن نيرمين الذي ظـ.ـهر فوق معالم وجهها:
-
ما تيجي تسهروا معانا إنتِ وسيادة العقيد؟
كظم
ياسين غيـ.ـظهُ من تلك المتسرعة التي لا تُبالي بكّم إشتياقه للخروج معها
وجلوسهُما لحالهما دون عزول، في حين أشار سراج بكف يده وأردف قائلاً بإعتراض هادئ:
-لا
يا سيتي بالسلامة إنتم،أنا راجل بيتوتي من الدرجة الأولى وبحب أقعد وأتأنس بوجودي
مع حماتي، وبتمزج وأنا بشرب قهوتي ومعاها حتة الكُنافة العظمة
إبتسم
له ياسين وتحدث بتأكيد :
-عين
العقل والله يا سيادة العقيد
نظرت
مليكة إلي ثريا وأردفت قائلة بتوصية:
-
خلي بالك من عز يا ماما ليخرج في الجنينة عند البسين
تحدثت
ثُريا بنبرة مُطمأنة:
-أخرجي
مع جـ.ـوزك وماتشليش هم الأولاد يا بنتي،
وأكملت
بحنو وهي تحتضن الصغير الذي يلتهي بلعبته المُمسك بها :
-
عز ده في عيون نَانَا من جوة
إبتسم
لها الصغير بحب، وشكرتها هي بإمتنان وتحركت بجوار حبيبها وأستقلت بجانبة السيارة
التي شغل محركها وقادها بحذر حفاظً علي جنينهُ السَاكن أحشائها
إستدارت
بجـ.ـسدِها لتنظر إليه وبدون مقدمات تغنت بصوتها العَذِب مما جعلهُ يحول وجههُ
بإتجاهها وينظر إليها بولهْ وعِشق وهي تتغني لوردة الجزائرية وتقول
مالي
طب وأنا مالي وأنا مالي، بالأحزان أنا مالي
عايشة
في أحلى ليالي ويّا حبيبي الغالي
وأكملت
بنظرات مولعة بعِشقهِ الهائل
بحبك
أوي يا عيوني، بحبك مهما لاموني
ما
يلوموا طب وأنا مالي
طب
وأنا مالي، وأنا مالي وأنا مالي، مااااالي
فاجأها
ذاك العاشق مُكملاً كلمات الاغنية قائلاً بصوتٍ ونظرات تهيمُ عِشقً
الحُب
ومدفينا، الورد ومغطينا، الشمس وطالعة لينا
من
فرح الدنيا بينا، من شهدها بتسقينا، وبكرة مستنينا
أكملت
بتغني بإبتسامة رقيقة وعيناي هائمة
ناسية
هنا ناسية أيام كانت قاسية
ناسياها
معاك يا عيوني، وفاكرني هخاف يلوموني
ما
يلوموا طب وأنا مالي وأنا مالي وأنا مالي ماااالي
أنهيا
غنوتهما وهتفت بصوتٍ مرتفع مجنون عَكس طبيعتها الهادئة :
-بحبك
يا ياسين، بحببببببك
ضحك
برجولة وأشار لها بيـ.ـده في دعوى صريحة منه لدلوفها داخل أحضـ.ـانه الحانية،
إستجابت لدعوته علي الفور وفكت وثاق حزام الأمان وسحـ.ـبت جـ.ـسدها وأقتربت منه
ورمت حالها بأحـ.ـضانه، وبدوره لف ذراعهُ حولها برعاية، رفعت عيناها تنظر إليه
بنظرات هائمة،فنظر هو أمامهُ يترقب الطريق بعناية وحينما تأكد خلوه من زحمة
السيارات، لف حالهُ بإتجاهها وألتقـ.ـط كريزتـ.ـيها وذابَ داخلهُما في قُبـ.ـلةً
سريعة، واعتدل وعاد مباشرةً لمراقبة الطريق من جديد
تحدث
بنبرة مُتأثرة من شدة سعادته التي غمرته من غنائها له، وأيضاً عِشقها الهائل الذي
أصبح يزدادُ يومً بعد الآخر:
-
هتعملي فيا إيه أكتر من كده، سحرتيني بحُبك يا جِنية
شعرت
بسعادة الدُنيا تقتـ.ـحمُ روحها وتُزلـ.ـزل كيانها أثر تغزُلات رجُلها وتغنيهِ
بعِشقها،وضعت كف يـ.ـدها فوق صـ.ـدرهِ وتحـ.ـسسته بإثـ.ـارة أشعـ.ـلت روحهُ مما
جعلهُ يتحدث بتوعد مُفتعَل:
-وبعدين
معاكِ، شكلك كدة عوزاني أغير الإتجاه، وبدل ما أخدك علي المطعم، نطلع علي أقرب
أوتيل وأحجز لك Suite ونقضي
فيه ليلة تقعدي عُمرك كُله تحلفي بيها
ضحكت
بإنـ.ـوثة ثم سحبت كف يـ.ـدها وأبعدت حالها عنه وتحدثت بتراجع:
-لا
وعلي إيه، الطيب أحسن يا سيادة العميد
قهقه
برجولة علي تراجعها السريع وهتف مُداعباً إياها:
-
أحبِكْ وإنتِ جبانة وبتجيبي ورا
ضحكت
بدلال، وبعد قليل صف سيارته، وتحركت تجاورهُ الدخول إلي إحدي الخيام الرمضانية
بعد
مدة كانت تجلس بالمقعد المقابل له تتناول كأس المُثلجات الموضوع أمامها بإستمتاع
وتلذُذ، كان يشملها بنظراته المغرمة لمتيمة قلبهِ العاشق الذي وبرغم مرور السنين
علي زوا جهما إلا أنهُ مازال ينبُض بعشقها العظيم وبقوة جبارة
نظرت
إليه بإستغراب لتوقفهُ عن تناول الحلوي خاصته والنظر عليها بترقب شديد ثم سألته
بإهتمام :
-
مابتاكلش ليه يا حبيبي؟
أجابها
بنبرة صوت هائمة أثر عشقها الهائل الذي تملك من قلبه:
-
بحب أتفرج عليكِ وإنتِ بتاكلي، وخصوصاً لما يكون الأكل علي
مزاجك وبتتمزجي بيه بالطريقة دي
وأسترسل
بعيناي عاشقة:
-بتجننيني
وتشـ.ـعللي نـ.ـاري بيكي في أي حاجة بتعمليها يا ليكة
ضحكت
بإنوثة نالت بها إستحسانهْ وهمـ.ـست بدلال بالكاد وصل لمسامعه:
-طب
وإيه يعني لما أجننك، ما أنتَ كمان جننتني وخليت عيوني مابقتش بتشوف غيرك في كل
الدُنيا،
وأكملت
بنظرات إمرأة عاشقة:
-يا
ياسين أنا بقيت بعشق حتي النَفَس اللي بيخرج منك
يا
عيني عليك يا ياسين وعلي اللي حصل له من كلام حبيبة جـ.ـوزها: جُمله نطق بها ذاك
العاشق الولهان
ضحكت
وجلسا يتسامران بأحاديثهم المُنعشة للقلب والروح وهما يتناولان الحلوي والمشروبات
الخاصة بذاك الشهر الكريم ، بعد مرور بعض الوقت، أتي إليهما النادل بطعام السحُور،
وما أن أنزل ما بيـ.ـداه ورصهُ فوق طاولة الطعام حتي صَدحَ هاتف ياسين الموضوع فوق
الطاولة
أمسكهُ
ونظر به وجدهُ إيهاب،الحارس الشخصي لإبنته المرافق لها، حول بصرهِ إلي مليكة وتحدث
مُعتذراً:
-
معلش يا حبيبي، ده إيهاب عبدالسلام بيتصل ولازم أرد لأنه
مابيتصلش غير للضرورة
أومأت
لهُ بتفهم وضغط هو سريعاً علي زر الإجابة وتحدث بنبرة جادة :
-أيوة
يا إيهاب
نطق
إيهاب الواقف داخل حديقة المنزل في الخلاء بنبرة حائرة وهو يتحرك بهدوء:
-ياسين
باشا، فيه حاجة مهمة حصلت النهاردة ولازم حضرتك تعرفها
تسائل
ياسين بإستفسار قلق بعدما إستمع لنبرات صوته المترددة:
-خير
يا إيهاب، إيه اللي حصل ؟
تحدث
إيهاب بنبرة صوت مترددة:
-
الموضوع خاص بالدكتورة أيسل،
واسترسل
سريعاً مُفسراً:
-بس
عاوز حضرتك تِطمِن، إحنا إتدخلنا بسرعة ولحقنا الموقف قبل ما يتطور
صاح
به ياسين بنبرة حازمة مُفعمة بالغضـ.ـب جراء ما أصابهُ من قلق شديد علي غاليتهُ
وزو جته :
-
ماتنطق يا بني آدم وتقول لي فيه إيه؟
واسترسل
بنبرة حادة مُحذرة:
-
إنتِ عارف إن أكتر حاجة بتوترني وتحـ.ـرق دَمي هي المُقدمات
دي،إنجز
إبتلعت
مليكة سائل لُعابها وأنتفض جَـ.ـسدِها رُعبً من هيئة ياسين التي تحولت بلحظة،
ونظرت إليه بترقُب شديد
عبر
الهاتف، تحدث إيهاب سريعاً بإرتباك خشية صَب ياسين غضـ.ـبه عليه قائلاً بتروي :
-
فيه واحد خليجي زميل الدكتورة في الكلية إتهجم عليها النهاردة
ومِـ.ـسك إيـ.ـدها غَصب عنها
جحظت
عيناي ياسين وبلحظة تحول بياضها إلي أحمر قَاتم وأشتـ.ـعلت النـ.ـار بصـ.ـدره ونطق
بغل وهو يجز علي نواجذهِ مما يدُل علي ما أصابهُ من غضـ.ـبٍ شديد:
-إنتِ
بتقول إيه يا إيهاب، إحكي لي كُل اللي حصل بالتفصيل المُمل وقول لي مين ده
اللي أمه داعية عليه ووقف في وش بنت ياسين المغربي
إرتعـ.ـبت
أوصال مليكة وتسائلت بإرتياب وتلعثم:
-
هو فيه إيه يا ياسين؟
نظر
لها بعيناي مُشتـ.ـعلة وأشار لها بيده مطالباً إياها بالصَمت الفوري مما زاد من
رُعـ.ـبها وارتجـ.ـاف جـ.ـسدها وتابعت النظر له بترقب وهو يستمع إلي إيهاب بإصغاء
شديد
بعد
مرور حوالي العشر دقائق كان ياسين قد إنتهي من إستماعه لسرد إيهاب لما جري
عليه، تحدث إليه متهكمً بنبرة لا تُبشر بخير:
-
ولما هو الكلام ده حصل من الساعة ستة المغرب،جاي تقولهُ لي
الوقت ليه يا إيهاب بيه
تلعثم
إيهاب بالرد قائلاً:
-يا
باشا أنا قولت طالما سيطرنا علي الوضع والدكتورة بخير، أسيب حضرتك تفطر وتصلي
التراويح وبعدها أبلغ جنابك
صاح
بحدة أرعـ.ـبت أوصال إيهاب:
-
لا يا راجل ! فيك الخير والله
وأكمل
بنبرة تهديدية:
-حسابي
معاك لما أجي لك
نطق
جُملتهُ وأغلق الهاتف دون كلام، ونظر إلي تلك المُنكمشة علي حالها وتحدث وهو
يُخرج من حافظة نقودهُ بعض العُملات وأشار بكف يـ.ـده إلي العامل المختص بإحضار
الفاتورة وتحدث إليه بنبرة جادة:
-الشِيك
لو سمحت
حضر
إليه العامل وبيـ.ـدهِ الفاتورة وتحدث بسؤال مُهذب عندما وجد الطعام لم يُمـ.ـس:
-
خير يا أفندم، الأكل فيه مشكلة ولا حاجة؟
هز
ياسين رأسهُ بنفي وتحدث بهدوء إصطنعهُ بإعجوبة :
-
الأكل والخدمة زي الفل وتسلم أديـ.ـكم، بس إحنا إفتكرنا مشوار
مهم ولازم نتحرك حالاً
قام
بوضع المال داخل الدفتر ونظر إلي تلك التي تنظر إليه بعيناي مُتسعة مذهولة، لا
تفقه شئ مما يفعله وتحدث إليها بهدوء وهو يهم بالوقوف:
-يلا
بينا
هبت
واقفة من مقعدها وتحركت سابقة خطواته، وصل إليها عِند باب الخروج، أمسك كف يدها
وشدد عليه، ومال علي أذنها وهمـ.ـس بنبرة صَارمة:
-إهدي
وماتنسيش إن إحنا في وسط ناس
أخرجت
تنهيدة حَارة من صـَ.ـدرها تدل علي إشتـ.ـعالها وتحركت بجانبه حتي وصلت إلي مقر
إصطفاف السيارة، ضغط زر جهاز التحكم وقبل أن يتجه إليها ليفتح لها باب السيارة
كانت هي تفتحهُ وتُلقي بحالها بإهمال فوق المقعد متناسية حملها بجنينها، إستـ.ـشاط
غـ.ـضباً من تصرفها وتحرك للجهة الآخري وصعد إلي جانبها وأمسك مقود السيارة
وأدارهُ مُتحركاً في طريقهُ للعودة إلي المنزل
تحدث
إليها كاظماً غيظهُ الذي أصابهُ من تصرفها الأرعَن دون حتي أن تسألهُ عن ما جري
لإبنته ومن ليالي تلك المستهترة التي لم تُكلف حالها عناء الإتصال به وإخبارهُ بما
حدث لإبنتها
تجنب
غضـ.ـبهُ وأردف بهدوء إصطنعهُ بإعجوبة في محاولة منه لتهدأتها :
-أنا
عارف إنك زعلانة علشان قمنا من غير ما نتسَحر وبوظت لك السَهرة، بس فيه مُشكلة
خاصة بأيسل حصلت ومكنتش هقدر أكمل السهرة وأنا جوايا بيغلي بالشكل ده
كانت
تستمع إليه وهي تنظر أمامها بملامح وجه مُكفهرة،حولت بصرها بإتجاهه بعدما إستمعت
إلي إعتذاره وهتفت بنبرة حادة لم تستطع التحكُم بها:
-
أنا مش زعلانة علشان مكملناش سهرتنا يا سيادة العميد،
أنا اللي قهرني إنك قومتني من المكان من غير ما تفهمني حاجة وسحـ.ـبتني وراك زي
الهبلة
زفر
بقوة وصف سيارته جانبً، ثم نظر إليها وتحدث بهدوء:
-اللي
حصل نرفزني ومكنش ينفع أحكي لك عليه وإحنا وسط الناس وزحمة المكان يا مليكة
تنهدت
بقلبٍ مُحملً بأثقال الهموم، وبدأ هو يقص علي مسامعها ما أخبرهُ به إيهاب حتي
تُدرك وتلتمـ.ـس لهُ العُذر فيما بدر منه ، ربتت علي يـ.ـده وتحدثت بمؤازرة بعدما
رأت كّم السَـ.ـخط والإنفعال اللذان كان يتحدث بهما كُلما تخيل ما حدث مع عزيزة
عينه:
-إهدي
من فضلك يا ياسين وإن شاء الله كُل حاجة هتبقا كويسة
أومأ
لها بملامح وجه مُبهمة وأخرج هاتفهُ وبدأ بالنقر عليه وضغـ.ـط علي زِر الإتصال،
سألته بإستفهام:
-هتكلم
مين تاني؟
أجابها
سريعً:
-هكلم
ليالي هانم اللي عايشة حياتها ولا عاملة لوجودي أي إعتبار
بالكاد
أنهي جُملتهُ وهتف سريعاً بنبرات ساخطة بعدما أتاه صوت تلك سيئة الحظ:
-إنتِ
إزاي يا هانم ما تكلمنيش وتبلغيني باللي حصل لأيسل في وقتها،
وأكمل
بنبرة أكثر حِدة:
-
أمَال أنا باعتك معاها تهببي إيه عندك ؟
إرتعب
داخل ليالي التي ردت مُتلعثمة:
-ممكن
تهدي شوية يا ياسين، صدقني اللي حصل مايستحقش غضـ.ـبك ده كله.
هتف
بصياحٍ عالِ قائلاً بتهكم :
-ده
إنتِ كمان بقيتي تحددي إيه هو اللي يستحق غضـ.ـبي من اللي ما يستحقش
وأكمل
متوعداً للشاب بسُـ.ـبابٍ لاذع :
-وحياة
أمه لأخليه يتمني إن أبوه مكنش شاف أمه من الأساس ولا كانوا جابوا خلفته ال....
أردفت
قائلة بتفسير وصل لفهم ياسين علي أنهُ تهاون منها وتقليل من شأن ما حدث:
-يا
ياسين إفهم، الولد كان عازم البنت هي وزمايلها علي الفطار، ولما رفضت عزومته
مـ.ـسِكها من إيـ.ـدها علشان يحاول يقنعها توافق تروح معاهم ، والحرس لما شافوه
هجـ.ـموا عليه وعرفوه غلطه والموضوع إنتهي،
وأكملت
ببرود في محاولة منها لتهدأة ذاك الثـ.ـائر:
-
وبعدين الولد شكله معجب بيها، لأن دي مش أول مرة يحاول يتقرب
منها، أرجوك يا حبيبي، مافيش داعي تكبر الموضوع وتدي له أكبر من حجمه لأنه فعلاً
عادي
جحظت
عيناه من إعترافها الصَادم بالنسبة له وصاح بها مُعـ.ـنفاً إياها بغضـ.ـبٍ شديد :
-
وإنتِ كُنتي عاوزة يحصل إيه تاني أكتر من كدة يا هانم؟!
واسترسل
بتعجُب:
-إنتِ
شكلك إتجننتي خلاص يا ليالي، عوزاني أتعامل مع الموضوع وكأن اللي حصل ده شئ عادي
علشان الحيـ.ـوان ده يتمادي أكتر مع بنتي؟!
وأكمل
بتـ.ـرويع :
-علي
العموم أنا جاي في أول رحلة مسافرة لألمانيا، وحسابك معايا لما أجي لك هيكون شديد
، قسماً بربي ما هعدي لك اللي حصل ده بالساهل يا ليالي
إنتفـ.،
ض جـ.ـسدها رُعـ.ـباً أثر إستماعها لنبراته الغاضـ.ـبة وكلماته المتوعدة لها وكادت
أن تتحدث أخرسها صوتهِ الهادر حين نطق أمراً:
-
إخرسي خالص مش عاوز أسمع صوت ، إديني أيسل أكلمها
ناولت
التي تجاورها الجلوس بغرفة المعيشة وتترقب ما يدور بإرتياب، تحدثت بنبرة
مُزعـ.ـورة خشيةً غضـ.ـب والدها وإنفعالهِ عليها مثلما فعل مع والدتها:
-
أيوة يا بابي
سألها
متلهفً بنبرة حنون عكس توقعها:
-إنتِ
كويسة يا قلبي ؟
الولد
ده أذاكي أو عمل لك أي حاجة؟
إطمأنت
لصوت أبيها وأجابتها بطمأنة:
-
إطمن يا بابي أنا كويسة ماتقلقش
أكمل
هو بطمأنة :
_
أنا جاي لك بكرة أو بعده بالكتير وهوقف لك الحـ.ـيوان ده عند
حده
وأكمل
بتوعد حادّ:
-قسماً
بالله لأكمل له وأعلمه الأدب اللي أبوه وأمه قصروا معاه فيه،وهخليه لو شافك بعد
كدة ماشية في شارع يلف من الناحية التانية علشان مايضايقكيش بشوفة خلقته ال.....
أنهي
مكالمته ونظر علي تلك التي تستند بكفها علي فكها ويبدوا علي ملامحها الحُزن
والألـ.ـم
سألها
مُستفسراً بترقب:
-فيه
إيه يا مليكة، مالك قلباها غم كدة ليه؟
نظرت
إليه وتساءلت بنبرة متألـ.ـمة:
-
إنتَ فعلاً هتسافر ألمانيا ؟
أجابها
متهكمً بتعجُب:
-أمَال
عوزاني أسيب بنتي في الموقف ده وأخليها تحـ.ـس إن ملهاش ضهر تتسند عليه وقت
الشِدة؟!
أجابته
بهدوء:
-أنا
ماقولتش إنك تسيبها يا ياسين، بس إنتَ ممكن تحل الموضوع وإنتَ قاعد في مكانك
هنا من غير ما تضطر تسافر
وأضافت
مفسرة:
-
وده طبعاً بحكم مركزك الكبير في المخابرات
واسترسلت
بتذكير:
-
وبعدين إنتَ لسه راجع من ألمانيا ماكملتش يومين
إتسعت
عيناه بذهول وهو يستمع لكلماتها الصَادمة له وسألها مّترصداً ردة فعلها بدقة:
-لو
كان اللي حصل لأيسل ده كان حصل لحد من أولادك كان ده بردوا هيكون رد فعلك ؟
زفرت
بضيق وتحدثت مفسرة :
-
لتاني مرة بقول لك إني مابطلبش منك تتخلي عنها
هتف
بها قائلاً بحِـ.ـدة وذهول :
-إنتِ
مش ملاحظة إنك بقيتي أنانية أوي؟
هتفت
بنبرة حَـ.ـادّة :
-وإنتَ
مش ملاحظ إن كُل خناقتنا بقي سببها الرئيسي هو سيلا ودلعها المبالغ فيه ؟
وكادت
أن تُكمل أوقفها بأشارة حَـ.ـادّة من كف يـ.ـده وأردف قائلاً بنبرة صَارمة مصدومة:
-كفاية
يا مليكة، مش عاوز أسمع كلام يصدمني فيكي أكتر
نزلت
دموعها وتحدثت بنبرة حَـ.ـادّة لعدم تقديرهُ لموقفها وشعورها بل وصل به الآمر
بإتهامهُ لها بالأنانية وعدم تقديرها له:
-رجعني
البيت حالاً يا ياسين
زفر
بضيق لرؤيتهُ لدموعها التي وبرغم إستيائهُ منها، إلا أنها كانت تنزل علي قلبه
العاشق وكأنها سَوط ينزل بقوتهِ علي كل إنشٍ به فتكـ.ـويه بجـ.ـلداته
المُوجـ.ـعة، لكنه مازال غاضباً من حديثها ولذلك قاد سيارته وتحرك بها إلي
منزلهما في صمتٍ تام
❈-❈-❈
في
حُجرة سارة الخاصة بها داخل المنزل الذي إشتراهُ سليم لعائلته، كانت منكبة
علي مكتبها تُراجع دروسها، أخرجها من تركيزها صوت رنين هاتفها، أمسكته
ونظرت بشاشته ثم وبلحظة إنفرجت أساريرها حتي ظهرت نواجذها عندما رأت نقش إسم
حبيبها، ضغطت علي زر الإجابة سريعاً وأردفت قائلة بنعومة:
-
ألو
رد
عليها ذاك المُحب الولهان:
-
وحشني صوتك من إمبارح للنهاردة
إبتسمت
خجلاً وشعرت بقشعريرة تسري بجـ.ـسدها بالكامل، قررت الخروج من تلك الحالة بتغييرها
لمجري الحوار وسألته بنبرة جادة:
-
هتيجوا تنوروا إسكندرية أمتي يا باشمهندس؟
إبتسم
عندما فهم بفطانته أنها تريد تغيير الموضوع وأجابها موضحاً:
-أبويا
كان بيبلغ ماما النهاردة علي الفطار ويقول لها تجهز نفسها علشان هنسافر إسكندرية
بعد يومين بالظبط،
وأكمل
بنبرة سعيدة ظهرت عبر الهاتف:
-ما
تتخيليش فرحتي قد إيه إني أخيراً هشوفك
وأكمل
بتساؤل:
-ماقولتليش،
عوزاني أجيب لك إيه معايا من أسوان؟
إبتسمت
وأجابته علي إستحياء:
-
عاوزة سلامتك، عوزاكم تيجوا بالسلامة وتنوروا إسكندرية كُلها
ثم
استرسلت قائلة بصدق:
-أقول
لك علي حاجة يا رؤوف
إنتعش
قلبهُ ككُل مرة يستمع فيها إلي إسمهُ يُنطق من بين شـ.ـفتيها، وما شعر بحاله
إلا وهو يجيبها بحنان :
-
قولي يا حبيبتي
شعرت
بالخجل الشديد من نطقهِ لكلمة حبيبتي، لكنها تحاملت علي حالها وأردفت قائلة
إستكمالاً لحديثها:
-أنا
من وقت ما رجعت من أسوان وأنا بدور علي نفسي ومش لقياها ، هناك كُنت مبسوطة وكُل
حاجة حواليا حتي ولو بسيطة كانت بتسعدني
وأكملت
بنبرة صادقة :
-
كُل حاجة عندكم في أسوان بتدي للإنسان
positive energy وده كان بيساعدني علي إني أقدر أخَرج أفضل
ما عندي، سواء في مهاراتي الحياتية أو حتي في تحصيلي العِلمي
وأكملت
بإستحياء:
-
ده غير إني كُنت حاسة إني في وسط ناس قلوبها صافية وبتحبني
بجد
تنهد
بحرارة وأردف بنبرة صوت واثقة :
-
إحسـ.ـاسك ده ماوصلكيش من فراغ يا سارة، إنتِ حـ.ـسيتي
بالشعور ده لأن أسوان هتبقا بلد جـ.ـوزك وأولادك
وأكمل
بنبرة عاشقة أخجلتها:
-
أما بالنسبة لروحك اللي لقتيها هنا، فدي هي أنا يا
حبيبتي، لأن أنا روحك اللي كانت تايهة منك وكُنتي بتدوري عليها
تراقص
قلبها علي نغمات كلماته الساحرة وأكملا حديثهما المُثـ.ـير لمشاعر كلاهُما
❈-❈-❈
وصل
ياسين بسيارته داخل جراچ العائلة، وقبل أن يصفها كانت تلك الغاضـ.ـبة مُترجلة منها
وتحركت بخطوات سريعة داخل منزلها ومنهُ إلي صعود الدرج لتصل إلي جناحها، ألقت
بحالها فوق التخت بإهمال ثم دخلت في نوبة من البكاء شديدة
أما
ياسين الذي عاد إلي منزل والده، وتحرك معه ودلفا إلي المكتب الخاص بأبيه بعدما طلب
منه التحدُث علي إنفراد، جلس عز فوق الأريكة الجانبية وتلاهُ ياسين بالجلوس
تحدث
عز بفطانة بعدما رأي تجهُم ملامح وجه نجلهُ التي تُنذر بحدوث شئً ما:
-
هات اللي عندك يا ياسين، ويارب يكون خير يا أبني
تشجع
ياسين وبدأ بقص ما حدث علي مسامع والده، وبعد مُدة تحدث عز بنبرة عاقلة
بعدما رأي غضـ.ـب ولدهُ الشديد وهو يتوعد لهذا الشاب:
-
حاول تتحكم في أعصابك أكتر من كدة يا سيادة العميد، الموضوع
حـ.ـساس ومحتاج يتعالج ويتحل بحكمة، لأن واضح من الكلام اللي بلغهولك الحارس
عن الولد إنه من عيلة كبيرة
واسترسل
بإرتياب:
-ده
إذا مكانش من العيلة المَكِلية نفسها
إشتعـ.ـلت
عيناي ياسين جراء غضـ.ـبه وهتف سريعً بنبرة إعتراض:
-
إن شاله يكون ولي العهد بذات نفسه، دي بنتي يا باشا
واللي يقرب لها أكله بأسناني
وأكمل
معتزاً بحاله وبدولته :
-وحتي
لو طلع من العيلة الملكية زي ما حضرتك بتقول، فأنا إبن جهاز المخابرات المصرية
اللي الكل عارف قيمتنا كويس
وضع
عز كف يـ.ـدهُ علي كتف نجلهُ وتحدث بموافقة وطمأنة:
-أنا
ماقولتش إننا قُليلين قدام أي حد يا أبني، أنا كُل اللي أقصده إننا نتعامل مع
الموضوع بحِكمة لعدم إثارت الفتنة بينا وبين إخواتنا العَرب
واسترسل
بتأكيد:
-فاهمني
يا ياسين؟
أومأ
لهُ بتفهم قائلاً بإحترام:
-فاهم
سعادتك يا باشا
إنتهي
من حديثهُ مع والده وتحرك إلي الخارج، إتصلت به إحدي مسؤلي شركة الطيران لتؤكد له
أنه تم حجز تذكرة ذهاب وعودة إلي ألمانيا غداً
كانت
تجلس فوق الفراش مُتكأة علي ظـ.ـهر التخت تستند عليه ومازالت دموعها تجري فوق
وجنتيها بغزارة وألـ.ـم
وجدت
من يفتح باب الجناح بإحدي ساقيه ويتحرك إلي الداخل، حاملاً بين ساعديه صَنيّة
محملة بعدة أصناف من الأطعمة الخفيفة المناسبة لوجبة السُحور، وضعها فوق
الطاولة
وتحرك
إلي تلك الباكية وجلس بجانبها، أمسك مؤخرة رأسها بكف يـ.ـده وقام بوضع
قُـ.ـبلة علي جبينها كـ بادرة إعتذار منه ، وبدون سابق إنذار سـ.ـحبها وأدخلها إلي
أحضـ.ـانه ولف ذراعيه حولها بإحتواء، شعرت بغصَة مـ.ـؤلمة وأجهشت ببكاء شديد خرج
بشهقاتٍ عالية
وتحدث
هو لمراضاتها بنبرة حنون متأثرة:
-
علشان خاطري كفاية عياط، ماتوجعيش قلبي عليكِ
أردفت
قائلة بنبرة معاتبة أخرجتها بصعوبة بالغة من بين شهقاتها المتقطعة :
-أهمك
أوي وبتخاف عليا؟!
أبعدها
عن أحـ.ـضانه ونظر داخل عيناها رافعاً حاجبيه بتعجُب وسألها معاتباً إياها بملامة:
-
إنتِ عندك شك في غلاوتك في قلبي يا مليكة؟
زادت
شهقاتها التي أدمَـ.ـت قلبهُ وهي تنظر إليه بنظرات مؤنبة، أخرج تنهيدة حارة من
أعماق صـ.ـدرهُ وتحدث إليها بنبرات تقطرُ صِدقاً:
-
ده أنا بخاف عليكِ من نسمة الهوا الطايرة، أنا ماقدرتش أسيبك
تنامي وإنتِ زعلانة مع إن المفروض إنتِ اللي مزعلاني
وأكمل
بعيناي تشعُ حنانً وهو يحتـ.ـضن وجنتيها بكفاي يـ.ـداه:
-
وجيت لك علشان أصالحك ونتسحر سوا وأنيمك في حُضـ.ـني
واسترسل
بعيناي مُلامة:
-وبعد
كل ده تقولي لي أهمك أوي؟!
لانت
ملامحها بعض الشئ ، مال هو علي وجنتها وقام بوضع قُبـ.ـلة حنون فوقها مما جعلها
تشعر ببعضٍ من الراحة والإطمئنان فور شعورها بصدق كلماته الحنون ، وقف منتـ.ـصب
الظـ.ـهر،ثم أمـ.ـسك بكف يـ.ـدها وجـ.ـذبها ليحـ.ـسها علي النهوض والتحرك إلي موضع
الطاولة قائلاً بنبرة حنون:
-يلا
يا حبيبي علشان نلحق نتسحر قبل الفجر ما يأذن
هزت
رأسها برفض وتحدثت بخفوت :
-كُل
إنتَ، أنا مليش نفس
رد
عليها بإصرار ومازال ممـ.ـسكً بيـ.ـدها بإحتواء :
-لو
ما أكلتيش معايا مش هاكل وذنبي لما أجوع بكرة هيبقا في رقبتك، ده غير بنتي اللي
هتجوعيها هي كمان
مالت
برأسها تتوسلهُ بعيناها أن يتركها لكنهُ أصر قائلاً:
-
ماتحاوليش، هتاكلي يعني هتاكلي.
ثم
نظر لها واسترسل مترجياً بعيناه:
-وحياة
ياسين لتقومي تاكلي
لم
تستطع الصمود أمام عيناه ورجائهْ، وقفت وتحركت معهُ وجلست بالمقعد المجاور له وبدأ
بوضع الطعام بفمها بإهتمام شديد تحت إبتسامتها الخافتة، بعد إنتهائهما من تناولهما
وجبة السحور، دلفا للحمام وتوضأ كلاهما وقاما بأداء صلاة الفجر
بعد
الصلاة توجها إلي التخت وتمدد براحة وأخـ.ـذها داخل أحـ.ـضانه وقام بتقـ.ـبيل
جبهتها وتحدث بنبرة حنون:
-
تصبحي علي خير يا حبيبي
أطلقت
تنهيدة حارة وأردفت قائلة بتوصية بنبرة مُتأثرة :
-
ممكن يا ياسين تخلي بالك عليا أكتر من كدة، بلاش تخلينا نخسر
حُبنا أرجوك
رفع
رأسهُ سريعً من فوق وسادته ونظر لها بعيناي متسعة من شدة ذهولهما، وسألها متعجبً
بعتاب :
-
هو إيه اللي كان حصل علشان تقولي كلامك دة يا مليكة ؟
وأكمل
مصدومً:
-كل
ده علشان هسافر لبنتي وأقف جنبها ؟
حركت
رأسها عدة مرات متتالية دلالة علي نفيها وتحدثت بتوضيح:
-
أنا مش تافهه يا ياسين علشان أفكر بالسطحية دي لمجرد موقف
حصل، أنا بتكلم عن مواقف كتير حصلت علي مدار السنتين اللي فاتوا وعملت جوايا
تراكمات
وأكملت
بنبرة متأثرة تُظهر كّم التألُـ.ـم الذي بات يُسيطر علي قلبها :
-ياسين
أنا حامل وفي شهوري الأولي، هرموناتي كلها متلغبطة بسبب الحَملْ ودي أكتر فترة أنا
محتاجة لك تكون فيها جنبي، محتاجة أحِـ.ـس بإهتمامك وإنك محتويني ومحتوي
التغيرات النفسية والجـ.ـسدية اللي بتحصل لي
نظر
لها بإستغراب وتسائل مستفسراً :
-
وهو أنا مش مهتم بيكِ ولا مراعي نفسيتك يا مليكة؟
هزت
رأسها بأسي وأجابته:
-إنتَ
ليه مش قادر تفهمني ، يا ياسين أنا وصلت معاك لدرجة عشق جنونية وبقا عندي هوس وخوف
ملازمني من إني أخسرك أو ييجي يوم وتسيبني لأي سَبب كان
إبتسم
بشدة بينت صَفي أسنانه البض وتحدث بحنان:
-إطمني
يا قلب ياسين من جوة، اليوم اللي هسيبك فيه تأكدي إنه هيبقا يوم رحيلي من
الدُنيا كُلها
واكمل
علي عجالة:
-وحتي
في الحالة دي هبقي بسيبك بجـ.ـسدي بس، لأن روحي ساكنة جواكِ ومش هتطلع منك غير
بفراق الجـ.ـسد عن الروح
وضعت
يدها علي وجنته النابتة وتلمـ.ـستها بحنان وتحدثت بعيون تقطر صِدقً:
-ربنا
يجعل يومي قبل يومك، لأني ماليش حياة بعدك يا حبيبي
إبتسم
وأردف قائلاً بنبرة حنون خارجة من أعماق قلبهُ العاشق:
-لازم
تكوني مُتأكدة من جواكِ إنك سَبب سعادتي في الدُنيا دي وإنك أغلي ما أملك، إنتِ
الوحيدة اللي قلبي بينبض وبيصـ.ـرخ بعشقها، واللي لولا وجودها في حياتي كان زمان
ياسين عايش ببقايا إنسان
أراح
رأسه ووضعها من جديد فوق الوسادة وقام بسـ.ـحب رأسها وألصقها بصَـ.ـدره وتحدث وهو
يُمـ.ـلس علي شعر رأسها بحنو:
-
نامي وطمني روحك يا ساكنة الروح
تنفست
بإنتشاء وراحة وصلا لقلب حبيبها وأراحته، إبتسمت بشدة وهمـ.ـست بنبرة عاشقة وهي
تُلصِق وجهها وتتمسح بصـ.ـدرهِ أكتر :
-بحبك
يا ياسين
تنهد
براحة وتحدث بهيام عاشق :
-وأنا
بعشقك يا عيون ياسين
هتفت
بنبرة حماسية وهي تُدفـ.ـن حالها أكثر بأحضـ.ـانه الدافئة، ملاذها الأمن:
-تصبح
علي خير يا حبيبي
أجابها:
-وإنتِ
من أهله يا قلب حبيبك
بعد
قليل إستمع إلي إنتظام أنفاسها مما يدُل علي غَرقِها داخل غفوتها، تنهد بحرارة
وبات يفكر في حال زو جتاه وكيف يستطيع العدل بينهما دون إيـ.ـذاء مشاعر كِلتاهُما
وكيفية مراعاته لحالة مليكة وأخذ حالتها المزاجية المصاحبة للحمل في الإعتبار
نظر
عليها ثم وضع قُـ.ـبلة حنون فوق جبهتها وتنفس براحة ودخل هو الآخر في سَباتٍ عميق
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة روز أمين من رواية قلوب حائرة (الجزء الثاني) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية