رواية جديدة وبها متيم أنا لأمل نصر - الفصل 3 -1
قراءة رواية وبها متيم أنا كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية وبها متيم أنا
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الثالث
الجزء الأول
- رايحة فين يا شهد؟
صدح الصوت الرفيع الحاد من خلفها، لتتوقف مغضمة عينيها بضيق شديد، جعلها تتمتم بالاستغفار والأدعية التي تساعدها على التحلي بالصبر، حتى لا ترتكب جريمة على بكرة الصباح
- واقفة مكانك وما بتروديش يعني!
هتفت بها مرة أخرى أمنية، لتلتف إليها شهد وترد بنزق:
- وعايزاني ارد اقولك إيه؟ فهمك بعافية يعني وما تعرفيش إن دا وقت شغلي ولا إيه بالظبط؟
صاحت أمنية بصوتها العالي بإزعاج تحلمته شهد بصعوبة حتى لا تكتم فمها وتخرسها نهائيًا:
- لأ يا حبيبتي عارفة إن دا ميعاد شغلك، انتي بقى اللي ناسية ولا قاصدها بمعني أصح، عشان تخرجي وتحرجيني مع خالتي اللي جاية النهاردة تزورنا.
انتبهت شهد على خروج نرجس وابنتها رؤى اصغر شقيقاتها من غرفهن بصمت المتفرجات، قبل أن تعود لأمنية قائلة:
- قاصدة ولا مش قاصدة بقى، انا مالي إن كانت خالتك تيجي تزوركم ولا متجيش، إيه دخلي؟
- نعم! امال دخل مين؟ مش انتي اللي عاملة فيها كبيرة، يا ست الكبيرة.
قالتها بمغزى فهمته شهد، فلم تتحمل رؤى السكوت لتهتف بها مستنكرة:
- أمنية.
- اخرسي انتي .
ردرت بها صارخة على الفور نحو رؤى التي صمتت بحرج، فتدخلت والدتها تقول بضعف:
- عيب يا أمنية، وطي صوتك شوية الجيران تسمعنا واحنا مش ناقصين فضايح.
طالعتها شهد بنظرة نارية تعقب بغيظ:
- يعني انتي اللي هامك بس الفضايح وصوت بنتك اللي هيوصل للجيران، والموضوع نفسه عادي معاكي!
همت نرجس لتبرر بحرج ضعف موقفها، ولكن أمنية كان لديها السبق:
- سيبك من امي يا شهد وخليكي معايا، انا بلغت موافقتي لخالتي وهي عايزة تيجي النهاردة وتقابلك عشان تتفاهمو.....
قاطعتها بحدة شهد وقد فاض بها ومن ثرثرتها وصراخها:
- نتافهم مع مين يا حلوة؟ انا رافضة الموضوع من اساسه، وتيجي انتي تقوليلي نتفاهم، كلميها انتي يا ختي، مش انتي اللي اتفقتي معاها. قالتها واستدرات تغادر ولكن الأخرى اوقفتها بصرختها:
- تاني برضوا عايزة تكسري فرحتي وتوقفي الموضوع؟ انتي إيه يا شيخة؟ قلبك دا حجر؟ دا انا خدت ايام كنت بموت فيها بعد ما انهارت، وانتي برضوا مفيش قي قلبك ريحة الرحمة.
عضت شهد بأسنانها على شفتها السفلى حتى كادت أن تدميها من الغيظ، مع تذكرها لأفعال هذه الحمقاء طيلة الأيام الفائتة والضغط عليها، بالبكاء والعويل وادعاء المظلومية بالشكوى، ثم المرض المفاجيء لتسقط مغشيًا عليها حتى خلعت قلوبهن في الفحص والتحاليل، ليتضح بعد ذلك أنه مجرد هبوط عادي، ولكنها هي من تزيد عليه كما قال الطبيب الذي لم يعجبه أمرها، ثم ها هي تغير النهج الاَن بإظهار شراستها، لذلك لم تجد شهد غضاضة في أن تظهر لها هي أيضًا قوتها في الإصرار على موقفها، والتفت لها برأسها قائلة بعدم اكتراث وهي تمسك بمقبض الباب قبل أن تقوم بفتحه:
- اَه يا أمنية، انا معنديش رحمة وقلبي حجر فعلًا زي انتي ما بتقولي كدة، وبرضوا لا.
قالتها وخرجت سريعًا مغادرة، تصل لأسماعها اصوات الصراخ رغم غلق الباب:
- يعني برضوا مصممة على رأيها وعايزة تموتني ياما، عايزة تقعدني جمبها عشان اعنس ياما وهي كدة تبقى مبسوطة، انا اولع لكم في نفسي عشان استريح، يارب اموت واريحكم، يارب اموت. اهيءاهيء، أنا عارفة نفسي عشان ابويا ميت ومليش حد يقف لي ولا يجيب لي حقي يتعمل فيا أكتر من كدة أهيء اهيء
توقفت شهد بوسط الدرج تتطلع في اعلى ألأدوار فوقها او في الأسفل تراقب الوجوه التي وقفت تناظرها بتساؤل، مع سماعهم لما تردف به شقيقتها دون تقدير لأي شيء سوى مصلحتها.
تحركت بأقدامها سريعًا لتهبط الدرج، علٌها تجد لها مصيبة أو أي مأوى يأخذها من هذا الجحيم الذي تعيشه.
❈-❈-❈
خرجت من البناية وشياطين الغضب تطاردها، تتنفس بعمق شديد حتى تهدأ من اعاصير وعواصف داخل رأسها، تعلم انها لو خرجت فسوق تدمر وتمحو ولن تبقى على شيء.
اجلت رأسها من الأفكار التي تلاحقها وارتفعت انظارها نحو البقعة التي تصف بها سيارتها، فوقعت عينيها على من تسبب في كل ما يحدث معها الاَن، مستندًا بجسده على سيارتها! احتدت انظارها نحوه لتهدر فور أن اقتربت منه:
- بتعمل إيه هنا يا ابراهيم؟ هو دا وقت صحيانك اصلًا؟
اعتدل الاَخير بجسده عن السيارة، ليقول:
-صباح الخير الأول يا شهد، صبحي الأول وبعدها اتريقي براحتك .
أومأت برأسها مضيقة عينيها بنظرة كاشفة له ورددت خلفه بتهكم:
- صباح الخير يا ابراهيم ومن غير تريقة، ممكن بقى تبعد عن عربيتي، عايز اروح شغلي.
ابتعد قليلًا فقط ليردد:
- ليه يعني؟ هو الشغل هيطير؟ إشحال أن ما كنتي انتي نفسك صاحبة الشغل؟ والاَمر والناهي فيه.
صكت على فكها بغيظ شديد، تحاول كبح شياطينها ، ف التفت برأسها إليه قائلة بمغزى يفهمه وهي تمسك بمقبض الباب:
- عندك حق، انا فعلًا صاحبة الشغل، وانا المسؤلة عن الحفاظ على كل قرش سابوا ابويا، عشان كدة بقى تلاقيني صعبة ومصحصحة أوي.
ارتفع حاجبه بتفهم واضح لتلميحها الصريح، ولكنه قال بتملق:
- ربنا يقدرك طبعًا ويزيدك من خيره، هو انا هكره يعني؟... امي جاية تزوركم النهاردة!
ابتسامة جانببة قاسية اعتلت ثعرها المطبق، لترد بعد ذلك:
-تاَنس وتشرف طبعًا، بس يا خسارة بقى انا مشغولة اوي النهاردة ومش هقدر اقابلها، لأن كمان للأسف انا مش هقبل طلبها.... عن إذنك .
قالتها واتخذت مكانها لتدير المحرك وتقود سيارتها سريعًا مبتعدة، لتتركه واقفًا محله يراقب حتى اختفت.
❈-❈-❈
خرجت نور بصحبة زو جها الذي كان يتهيأ للمغادرة نحو عمله، بملابس التريض الصباحي، يحاوطها بذراعه حول كتفيها، وذراعها هي حول خصره، يناكفها بهمس وهي تضحك بدلال ومرح، ومحبة بشغف لم يهدأ ولا يقل رغم مرور العديد من السنوات لهما، خبئت ابتسامتها فور انتبهاها لزوجين من العيون مصوبة نحوهما بتجهم، فكت ذراعها وحاولت أن تبتعد ولكنه شدد غير اَبهًا بأحد، ليلقي التحية بابتسامته المعهودة:
- صباح الخير يا ماما، صباح الخير يا ميسون .
غمغمت الاَخيرة التحية بلكنة عربية غير سليمة، وردت بهيرة بتهكم:
- صباح الخير، نموسيتك كحلي يا حبيبي، على رأي الطبقة الشعبية.
فهم مصفطى تلميحاتها عن تأخره عن الميعاد المعتاد، فقال على عجالة بابتسامة:
-عندك حق يا ماما، انا فعلًا اتأخرت النهاردة، ودلوقتي بقى يدوبك احصل ميعاد اجتماعي بسرعة.
قالها يخطف قبلة على خد نور اجفلها بها، ليعدو سريعًا بعدها نحو سيارته التي تنتظره برفقة حراسه، تبعته انظار نور بابتسامة وعزف قلبها يطرب الأسماع بالخفقان بإسمه، وقالت بهيرة لتخرجها من حالة الهيام لدنيا الواقع الذي تعيشه:
- مجتيش معانا ليه امبارح يا نور؟ وانتي عارفة كويس قد إيه الحفلة دي مهمة لشراكة عدي.
- يمكن مكانتش فاضية؟
خرجت من ميسون بنظرة عاتبة أو بها غضب استشعرته نور فقالت بعفويتها:
- معلش يا ميسون، بس انا حاولت اخلص تصوير بدري امبارح عشان اروح معاكم، لكن مقدرتش حقيقي.
ظلت ميسون على نظرتها الباردة ووجها الجليدي، وردت بهيرة مقارعة:
- مقدرتيش تيجي ولا انتي محاولتيش من الأساس، لو يهمك بجد أمر ميسون ولا عدي، كنتي عملتي المستحيل وجيتي زي جو زك ع الاقل، نص ساعة ومشيتي معاه.
ابتعلت نور وفضلت عدم الجدال مع امرأة كبهيرة لا تقتنع ولا تصدق سوى الظنون التي برأسها، لهذا فضلت الاختصار بالاعتذار لكليهن:
-انا اسفة، ممكن اكون مهتمتش صح، لذلك انا بتأسف مرة تانية ليكي يا طنت أنتي وميسون.
قالتها والتفت لا تنتظر تقبلًا لن تحصل عليه منهن، ولكن بهيرة التي طالعتها بأعين حاسدة من الخلف بهذه الملابس التي تُظهر قدها الممشوق نتيجة الأهتمام والرياضة المستمرة، أبت ألا تتركها بدون السؤال المعتاد:.
- كلمتي جو زك زي ما قولتلك يا نور؟
استدارت تطالعها باستفهام سائلة :
- كلمته عن إيه؟
ردت بهيرة بنظرة تصيبها بالإضطراب:
- أقصد موضوع الدكتور اللي كلمتك عنه، ولا فرحتك بجمال جســ مك، ورشاقته، نستك إن بقالك اكتر من ٧ سنين من غير خلفة؟
دلو ماء بارد دفع عليها مرة واحدة ليفقدها اتزانها، هذا ما شعرت به نور ، ولكنها تماسكت سريعًا لتجيبها:
- كلمته طنت وقالي انه مشغول، بس انا هحاول معاه من تاني... عن إذنك
استدارت على الفور بعد ذلك، بأكتاف متهدلة، وحزن تخفيها بصعوبة حتى لا يشعر بها احد.
❈-❈-❈
بداخل الشقة التي كانت تخشى من المرور أمامها، كانت
جلسة صبا مع السيدة رحمة والتي تعرفت عليها حديثًا هذه الأيام، وتوطدت العلاقة بينهن حتى أصبحت تقارب الصداقة في عدة أيام قليلة، وذلك لود الأخرى وبساطتها في التعامل معها ومع ولداتها التي أصبحت تزورهم ايضًا لتطمئن على جارتها المريض في غياب ابنها الأكبر في مأمورية خارج العاصمة منذ ما يقارب الأسبوع، تطور الحديث بينهن حتى اطمئنت لها صبا لتقص عليها ما لم تجرؤ على قوله امام والديها، وهي تظن أنهما سيشمتون بها، ويستغلوا الموقف.
- بس يا ستي، روحت لامة شنطتي في حضني وخرجت هوا، عشان اخزي الشيطان، قبل ما افتح راسه وافش غليلي منه ابن ال.... وارمة ده؟
قالت الأخيرة بسبة اضحكت رحمة لتعقب بعد ذلك:
- يخرب عقلك يا صبا، يعني كنتي عايزة تفتحي راسه يا مجنونة عشان بس قالك عايز اتجوزك وبصلك بصة معجبتكيش؟
لم ترد صبا فقد كانت محدقة بها، ترتسم على ملامحها ابتسامة مزبهلة انتبهت لها رحمة لتسألها:
- انتي مالك بتبصيلي كدة ليه؟
تحمحمت صبا تقول بحرج:
- معلش بجى إن كنت تنحت، بس انتي ضحكتك حلوة جوي.
- حلوة جوي!
رددتها رحمة خلفها قبل ان تتابع بتغزل:
- طب ما انتي كمان حلوة جوي، ولهجتك الصعيدى اللي ما بتنتطقيش بيها غير للحبايب برضك حلوة، ناقص بس اسمع صوت ضحكتك، اكيد هتطلع هي كمان حلوة جوي .
اسبلت صبا اهدابها بخفر، وقد اخجلتها كلمات الإطراء، وقالت:
- بصراحة انا معظم الوجت بحــ س إن صوت ضحكتي عادي يعني، لكن ضحكتك إنتي ناعمة كدة، وجميلة صح يعني.
رددت خلفها رحمة:
- والله انتي اللي جميلة وزي القمر كمان، لكن ما قولتليش بقى، عملتي إيه مع اهلك بعد ما جيتي؟ قولتي الحقيقة؟
فغرت فاهاها صبا بذهول تجيبها :
- اجول إيه؟ ولمين؟ أبويا لو سمع ان الراجل صاحب الشغل عاكسني من اول مجابلة بيني وما بينه، هيمنعني ما اعتب اي حتة تانية، دا على شعرة وبيتلكك، وامي نفس الأمر، وانا مش ناقصة اضيع فرصتي، يمكن الاقي شغل واشتغل بجى.
عقبت رحمة بجدية واهتمام:
- ايوة يا بنتي، بس فرصتك هتلاقيها ازاي بس؟ العاصمة هنا الشغل فيها صعب أوي .
زفرت صبا بيأس اصبحت تستشعره بألم هذه الايام، بعد ان كانت تحارب وتخطط للحصول على موافقة ابيها حتى تعمل، أصبحت المشكلة الاَن هي إيجاد العمل نفسه، فقالت شارحة لها:
- ما هو دا اللي تاعبني، ابويا حاطط شروط معينة في الشغل، وانا مش قادرة اوفي الشروط، الحاجات دي عايزة واسطة، وانا معنديش واسطة، والوقت بيمر، وابويا بيلمح كل شوية عشان اوافق على حد من عيال عمي، وخلاص تعبت ومش عارفة اعمل ايه؟
عبست رحمة وتبدلت ملامحها الضحوكة لأخرى متأثرة بمشكلة صبا، فقالت بموازرة:
- بصراحة انتي عندك حق، بس ابوكي ده طلع صعب اوي ودماغه دقة قديمة، رغم ان ميظهرش ابدًا عليه.
تبسمت لها صبا بضعف تقول:
- ما هو كمان معاه حق على فكرة انه يخاف عليا، بس انا لازم اواجه الحياة، عشان أجدر انفذ اللي بحلم بيه، بس ازاي بجى؟
ربتت رحمة على كفها بمؤازرة تردد:
-ربنا يحميكي يا حبيبتي، وتحققي كل اللي نفسك فيه، يا ريت كنت اقدر اساعدك يا ريت.
- يا رحمة.
صدر الصوت الضعيف من داخل الغرفة المجاورة، ف انتبهت رحمة لتنهض مستئذنة:
- طب كملي كباية الشاي دي بقى على ما اروح اشوفها عايزة إيه؟
نهضت صبا هي الأخرى عن مقعدها تقول:
-لا روحي انتي براحتك وانا كمان...
قاطعتها رحمة على الفور:
- والنعمة ما انتي ماشية، استني دقيقة ولا دقيقتين بقى متبقيش غلسة، هروح اشوفها عايزة إيه ونكمل قاعدتنا،
اذعنت صبا للألحاح، وقبل أن تتحرك الأخرى نحو الذهاب الى غرفة والدتها، تناولت المتحكم لتعلي صوت شاشة التلفاز قائلة:
- سلي نفسك بالفرجة ع الفيلم لحد اما اجيلك.
❈-❈-❈
في نفس الوقت وخارج الشقة كان قد عاد اَخيرًا من سفرته التي استمرت أكثر من أسبوع، بمأمورية طارئة لمتابعة العمل في محافظة من إحدى محافظات الساحل الشمالي، فتح بمفتاحه ودلف للداخل، ليصل إلى أسماعه الصوت العالي للتلفاز ف خمن من نفسه وجود شقيقته لرعاية والدته المريضة، تقدم بخطوات مرهقة معلقًا على كتف ذراعه الأيسر الحقيبة التي حملت القليل من ملابسه
ولا شيء آخر، فهو لم يقوى على الإنتظار أكثر من ذلك فور انتهاء مهمته، ولم يجد فرصة للتسوق رغبة في الإنجاز السريع واختصار الوقت للعمل فقط، واصل طريقه داخل طرقة المدخل، متوجهًا لغرفة المعيشة قاصدًا شقيقته، ولكنه وفور ان وصل إلى مدخلها، توقف متسمرًا وتخشبت اقدامه على التقدم بخطوة واحدة أخرى، ليُصبح كالتمثال الشمع، بأعين توسعت بذهول لا يصدق ما تراه عينيه، حتى ظن أنه يهذي، لولا استماعه لصوتها الذي يردد مع اغنية للفيلم الذي تتابعه، لظن ان ما يراه من نسج خياله، حتى لو كان ما يراه اكبر من قدرة تحمله، شعرها الغجري بلونه الفاتح بضفيرة كبيرة وطويلة على جانب واحد من رأسها، وجهها الصبوح وعباءة منزلية بألوان متعددة مبهجة، جالسة بارتياحية على ألاَريكة الاثيرة خاصته والذي يجلس عليها اثناء متابعته لمباريات كرة القدم او البرامج الحوارية التي يعشقها، بيــ دها تُمسك المتحكم تتلاعب به، واقدامها في الأسفل تهتز مع وقع الأغنية، اشتعلت الدماء برأسهِ واستدرك اَخيرًا خطأ ما يقوم به، ليُجبر قدميه على التراجع بصعوبة ليتحمحم اولًا قبل أن يتمتم بالأستغفار، ف انتفضت هي مجفلة، على صوته، لتشهق بجزع فور ان وقعت انظارها عليه، حتى سارت تسعل باضطرب اصابه هو بالفزع، متابعًا لها وهي تتناول الطرحة لتغطي رأسها بارتباك ، ف هتف بها هادرًا بعصبية:
- كوباية المية قدامك ع الطرابيزة اشربي منها الأول.
على صيحته تناولت الكوب الزجاجي على الفور ترتشف منه سريعًا بتوتر؛ ازداد بعد ذلك أضعاف فور انتهائها، ف وضعت الكوب على الطاولة، لتنتبه على وضعها في مكان واحد يجمعها مع هذا الجار الغريب في شقته، وفي غرفة المعيشة الخاصة به، من ناحيته فقد التف عنها يعطيها جانبه وهو يتمتم بالاستغفار بصوت واضح كما فعل معها قبل ذلك كثيرًا، ولكنها هذه المرة غير كل المرات. تحمحت باضطراب تبتغي الاستئذان منه ليبتعد عن مدخل الغرفة حتى تغادر، رغم شعورها بغرابة تصرفها أيضًا، فخرج صوتها بتلجلج:
- ااا ممكنن تسمح اا...
- معلش نسيت ما اسلم الأول، هي رحمة اختي فين؟
قالها مقاطعًا على نفس وضعه، ليزيد بداخلها التوتر، فردت بدون تفكير وبلكنتها الجنوبية:
- عند امك... جوا.