رواية جديدة نفوس طاغية لشهد السيد - الفصل 1
قراءة رواية بين نفوس طاغية كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بين نفوس طاغية
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة شهد السيد
الفصل الأول
" أنا الصبيّة ،
التي يفرك الحزن قلبها
فيتفتت
مثل كتلةِ رملٍ متحجرة . "
❈-❈-❈
_"الحق يا معلم البت زينة طلعت ممسوكة تسول فى السوق على عربية طه".
نطقها ذلك الصغير من بين أنفاسة المتلاحقة أثر هرولته كى يخبر "عطية" بما عرف للتو.
هب "عطية" من مكانة يركل الأرجيلة بقدمه يصـ ـرخ بغضـ ـب شديد:
_"أدى أخرة عدم سمعان الكلام قولتلها ألف مره متروحش لزفت طه أديـ ـها هتشرف فى الأحداث ويعالم هتطلع أمتى".
أقتربت"بسمة" تقبل يـ ـده بأستعطاف:
_"لأ يامعلم وحياة أغلى حاجة عندك ما تسيبها احنا لازم نطلعها".
دفعها "عطية" بغضــ ــب وقسـ ـوة يدور حول نفسه غير مُبالى بهم:
_"وانا فى أيـ ـدي أيه أعمله هى خلاص بقت فى أيـ ـد الحكومة، وبعدين أنا أديت الراجل معاد وجاى النهاردة وهى نفس المواصفات اللى طلبها".
تسألت أحدى الواقفين بأستفسار:
_"راجل مين يا معلم؟ ".
نظر نحوهم بتهكم، لديه مختلف الأعمار من الفتيات بالتأكيد سيجد الرجل ما ينال أستحسانه غيرها، أشار لأحد الواقفين يحادثه بغـ ـلطة:
_" لم يالا يا زيكا الفحم ده وظبط الشيشة وهاتها، فزي قومى منك ليها فى واحد جاي يتفرج عليكم".
أنتبهت "بسمة" والأخريات من نفس عمرها ونظروا لبعضهم ثم له وتحدثت أحدهن:
_"يتفرج علينا، هو حد قاله اننا لامؤخذة عرايس لعبة؟".
نظر نحوها بشر يتطاير من أعينه يقترب منهم بوعيد قا-سي:
_"قسمًا بالله ان ما عديتوا ليلتكم على خير لجيب الخرطوم وادور الضـ ـرب فيكم كلكم، غوري انتِ وهى من وشي، هلاقيها منكم ولا من اللى أتمـ ـسكت دى هو أنا خلفتكم ونسيتكم، غوروا من قدامى".
أندفع الجميع داخل الغرفة عدا "زكريا" الذى أعاد ترتيب الأرجيلة وجلبها لـ"عطية" وقبل ان يغادر لينضم لهم أوقفه "عطية" بغلظة:
_"انتَ الوحيد اللى هتعرف تكلم المخفية اللى أسمها زينة دى بعد ما رموها فى الأحداث".
أقترب الصبي من جديد يجلس أمامه يستمع له بأنتباه وهو يسرد عليه ما سيفعله..
❈-❈-❈
نسمات الهواء الباردة أضافات رونق خاص وقت زوال الليل وحلول النهار، تراقب الطيور الحرة من بين
قضـ ـبان النافذة وهى مُمسكة بقطعة زجاج حـ ـادة تنحت بها فوق الحائط بـ عقل مشوش وشارد، الحزن يرتسم بوضوح داخل أعينها تشعر أنها فقدت القدرة على البكاء، منذ أن جاءت لم تتحدث نهائيًا، ألتزمت الصمت التام والشرود فـ اللاشئ حتى خلد جميع الذين معها بالغرفة للنوم لتنتقل بجلستها قرب الشرفة.
أنتقل بصرها نحو السماء بعجز شديد، لا تفقة اى شئ بالأمور الدينية، كل ما تعلمه هو ذِكر أسم الخالق فقط، وعند هذة النقطة أدمعت وهى تتسأل بداخلها هل سئم منها.؟
أستندت برأسها للقضبان تتحدث بصوت هامس يكاد يسمع:
_"يـــارب، أنا عارفة أنك شايفنا دايمًا، انتَ عارف أنى مظلومة صح؟ "
زفرت بحـ ـرارة قبل أن يختنق صوتها وهى تكمل بيأس وخيبة:
_"هو أنا ليه مش زى باقية البنات
ليه معنديش أهل يحبوني وأتحامي فيهم، عم طه دايمًا بيقولي ربك كريم، أنا رضيت بحياتي بس طمعانة فـ كرمك وتساعدني أخرج من هنا، هنا فـ وحـ ـوش.. وبرا فيه وحـ ـوش، بس على الأقل برا بعرف أخبط فـ الدُنيا والدُنيا تخبط فيا وبعيش يومي، هنا مفيش..هيبقي كويس أنى لسه عايشة".
أغمضت أعينها بألـ ـم نفسي وجسدي تشرد فـ اللاشئ من جديد حتى لاحظت تهالك الإطار الخارجي
للقضـ ـبان بعدما تأكله الصدأ، نظرت نحو الأفرشة
الرديـ ـئة لتجد النوم مازال مُسيطر عليهم، عادت تنظر للقضـ ـبان تُحركها بكامل قواها لكنها مازالت مُتماسكة من الجزء السُفلي للإطار، تحتاج لشئ أشدّ قوة منها.
تصنعت النوم سريعًا عندما شعرت بأصوات أقدام تقترب، وقد صدقت وهى تشعر بدلوف أحد للغرفة، فتحت جزء بسيط من أعينها بحـ ـذر شديد لتتفاجئ بأحد الأمناء يتفحص جسد الفتيات بجـ ـراءة وفجـ ـور، أغمضت أعينها سريعًا تشدد من أحتـ ـضان جـ ـسـ ـدها بذراعيها والخـ ـوف هو الشعور الوحيد المُسيطر عليها، تشعر بأقترابة نحوها ليزداد أرتعـ ـاشها تتوسل بداخلها أن يبتعد عنها، وبالفعل أستجاب ربها لها عندما أرتفع صوت شجـ ـار عنيـ ـف بالخارج جعله يتراجع عما ينوي فعله ويسرع نحو الخارج.
فتحت أعينها ودقات قلبها تتسارع بجـ ـنون لا تصدق ما كان سيحدث لولا فقط..أستجابة ربها لها.!
لاحت على وجهها أبتسامة شاكرة تنظر نحو السماء بحركة تلقائية أعتادتها، تنظر نحوه حتى يراها لا تعلم بأنه يستطيع رؤيتها حتى لو كانت بـ بطن الحوت وسط ظلمة البحر..
لاحت أبتسامة حزينة على وجهها وهى تتذكر أول صديقة حصلت عليها قبل يوم واحد فقط من الأمـ ـساك بها..
"قبل مرور خمس أيام"
أمسكت الحقيبة البلاستيكية بسعادة طاغـ ـية وكأنها حصلت على ماسة ثمينة وليس مجرد قطعتين من اللحم المشوي رخيص الثمن من أحد العربات.
زمجـ ـرت معدتها بحـ ـدة وعنـ ـف مما جعلها تحادث نفسها بصوت هامـ ـس وهى تعبر الطريق:
_"صدق اللى قال الجوع وحـش".
قبل ان تطأ قدمها الحديقة لفت نظرها فتاة عمرها متقارب منها تجلس فوق الرصيف باكية، مهلًا هل أتى أحدهم ليتسول بالمنطقة الخاصة بها.؟
زفرت بضـ ـيق شديد تقترب من الفتاة لكن ما جعلها تتراجع عن هذا الحديث الملابس النضيفة التى ترتديها تلك الباكية وقفت على بعد خطوات قليلة تحاول لفت أنتباهها:
_"بس بس، انتِ يا مُزة".
رفعت الفتاة رأسها عن قدميها لتظهر أعينها الزرقاء الغائمة بالبكاء وبشرتها البيضاء المائلة للأحمرار بسبب بكائها الذى من الواضح دام لوقت طويل، وبتلقائية شديدة قارنت "زينة" نفسها بتلك الباكية تبتسم بمزاح:
_"النضافة حلوه بردو، قاعدة هنا ليه؟ "
لم تأتيها إجابة بل أشاحت الفتاة بوجهها للجهة الأخرى تمسح دموعها بكلتا يديها مما جعل "زينة" تذم شفـ ـتيها بعدم رضاء واقتربت تجلس جوارها تتسأل بفضول:
_"انتِ تايهة من أمك طيب؟
بس بسم الله ماشاء الله عليكِ شحطة تعرفى تروحي لوحدك".
وعلى ذِكر اسم والدتها بكت الفتاة من جديد مما جعل "زينة" تشعر بوقـ ـا حة حديثها وتسألت بلين:
_"مطرودة طيب ولا مخطـ ـوفة، لو خارسه حركي دماغك يمين وشمال وأنا هفهم".
وفجأة صاحت الفتاة بوجهة "زينة" بأنفـ ـعال:
_"ما تسبيني فى حالى يا بت انتِ كانوا وظفوكِ حلالة مشـ ـاكل ما أعيط ولا أتفلق قومي شوفيلك حته اشحتى فيها أجري".
رغم كلماتها الجـ ـارحة وعلى عكس العادة صمتت"زينة" تحرك رأسها بتفهم تجيبها بنبرة هادئة جعلت الأخرى تشعر بالندم:
_"كتر خيرك أنا كان غرضى المساعدة مش أكتر".
زفرت الفتاة وبكت رغمًا عنها تمسك بيـ ـدها قبل ان تنهض:
_"أنا آسفة متزعليش".
عاودت "زينة" الجلوس تربت فوق ظهرها بلطف تحاول مواساتها:
_" حد أتحـ ـرش بيكِ طيب، قوليلي يابنت الحلال أنا مفيش حيل اناهد".
صمتت الفتاة بتردد لتخرج" زينة"ما بحوزتها تبتسم بألفة:
_"أنا معايا سندوتشين كفتة وانتِ شكلك مفطرتيش، أمسكِ".
همت الفتاة بالرفض لكن قاطعتها "زينة" بحزم:
_"مش بصالك فيه، كُلى عشان يبقى عندك طاقة تحكى".
وامام اصرارها خضعت الفتاة وبدأ كلاهما بالأكل لتتسأل"زينة" أثناء مضغها للطعام:
_"مقولتليش أسمك اى يا مُزة".
أبتسمت الأخرى بهدوء تجيبها:
_"فجر"
أبتسمت "زينة" تنفض يـ ـديها بعدما أنهت الشطيرة تمد يـ ـدها للمصافحة تجيبها بمزاح:
_"محسوبتك زينة بِلية تخصص تسول ونشل محافظ".
أنعقد حاجبي" فجر" تنظر لها بريبة لتتفاجئ بدفعة ممازحة من "زينة" يتبعها ضحكتها المُتسلية:
_"بهزر معاكِ يا مُزة، متخافيش مليش فى الشمال بلقط رزقى بالحلال، واحده جاية من السوق اشيلها شنط، أبيع فل منديل، أمسح سلم ولا اكنس شارع كده يعنى، قوليلى مالك بقى".
شبه ابتسامة أرتسمت على وجهة"فجر" تتفحص الجالسة بمقابلتها بداية من شعرها الغزير المشعث وملابسها المتسـ ـخة ذات التـ ـمزقات والذى من الواضح صغر حجمها على جـ سـ ـدها وبشرتها الملوثة بالأتربة، لم تهتم لكل ذلك يكفى معاملتها الحسنة معها مما جعلها تزفر بتروي تجيبها بصوت هادئ:
_"هحكيلك".
❈-❈-❈
لم يهدأ بكائها منذ ان عادت بعدما رأت "زينة" وهى تُسحب كالبعير نحو سيارة الشرطة، لم يفارق عقلها نظرة الأنكـ ـسار والحسرة بأعينها، ترى ماذا يحدث لها الآن.!
أغشت الدموع أعينها وهى تقوم بغسل الصحون ليسقط أحدهم فوق قدمها بعنـ ـف ومن ثم تهشم تزامنًا مع صراخها المتألـ ـم، أتت زوجة شقيقها الأكبر تتأفف بضجر تردف بحـ ـدة:
_"هو انتِ مفيش حاجة تعمليها بـ سر هادي أبدًا.!
يا ترجعي من برا تاكلى وتنامى يا أما تخربي وتكـ ـسري ما انتِ مش تعبانة فى فلوسهم".
أستندت على الحائط تجلس فوق أقرب مقعد تبكي
متألـ ـمة تجيبها بصـ ـياح باكي:
_"رجلي أتفتحت يا سمر وانتِ واقفة تأنبي فيا على طبق ما يتكـ ـسر ولا يغور فى ستين داهيـ ـة ملكيش دعوة بيا".
أشتعل الغـ ـل بأعينها تجيبها بوعيـ ـد:
_"طيـــــب".
أنصرفت "سمر" سريعًا لغرفتها هى وزوجها بمنزل والده لتجده نائمًا بعمق غير واعي لما يحدث حوله، نظرت نحوه بعدم رضا وتقدمت توقظه بحـ ـدة:
_" تـامر، قوم يا دكري يا اللى سايب اللى رايح واللى جاي يمـ ـرمط فيا وأنا اللى خدماكم وشايلة قـ ـرفكم".
نهض "تامر" على مضض يجيبها بصوت يغلبة النعاس يحاول تهدئتها ومراضاتها:
_"مالك بس يا سمورة حصل اى لكل الدوشة دى".
وضعت يدها بخصرها فوق العباءة المنزلية التى تضيق فوق تفاصيل جسـ ـدها بوضوح يراه الأعمي:
_"قوم يا سبع البرومبة شوف مقصوفة الرقبة أختك، مبقاش إلا حتة عيلة اللى تقف ترد عليا الكلمة بكلمتها بدل ما تشكرني وانا شايلاكم على كفوف الراحة، ده اى الجوازة الهم دى ياربي بس".
نطق لفظ بذئ وهو ينهض للخارج يصيح بصوت
غليـ ـظ:
_"فجر ، انتِ يابت".
نهضت تستند فوق الحائط تسير بتروي مرعاة لألـ ـم قدمها تجيبة بهدوء:
_"حاضر يا أبيه جاية أهو".
لم يهتم لقدمها ومظهر الـ ـد ماء فوقها وصاح بتوبيـ ـخ:
_"تانى مرة لما تتكلمي مع سمر تكلميها بأحترام واللى تقوله تسمعيه سامعة ولا لأ.! "
مسحت بقايا الدموع العالقة بأهدابها تحاول توضيح الأمر له:
_"والله يا أبيه أنا بحترمها بس هى اللى على طول حطاني فى دماغها وبتفضل تـ ـهزق فيا وده مش من حقها.. "
قاطعها يقبض فوق ذراعها بعنـ ـف صـ ـرخت على أثره يصيح بحـ ـدة:
_"انتِ هتعلميها الأدب ولا اى يابت انتِ وبعدين انتِ مين اصلًا عشان تحطك فى دماغها، انتِ تسمعي اللى يتقالك وتحطي الجـ ـزمة فى بوقك سامعة ولا لأ".
أبتسمت "سمر" بأنتصار تستند بظهرها على الحائط تتدخل بالحديث:
_"جزمـ ـة اى اللى تحطها فى بوقها وهى دي بتبطل رغي لِيل نهار فى التليفون، والله وأعلم بقى بتكلم مين".
أتسعت أعين "فجر" بزهول ترد سريعًا برفض شديد:
_"انتِ كـ ـدابة.. ااه".
صـ ـرخت بألـ ـم عندما هوى "تامر" فوق وجنتها
بصفـ ـعة حـ ـادة يردف بحـ ـزم:
_"شكلك كده عاوزة تتعلمي الأدب من أول وجديد، غوري على أوضتك متطلعيش منها غير لما ابوكِ وأمك يرجعوا، هاتيلي تليفون البت دى يا سمر".
سارعت" سمر" بأحضار هاتف "فجر" تعطيه له تتابع ركض "فجر" لغرفتها توصدها من الداخل خلفها بعدما أزداد بكائها لتردف سمر بصوت مرتفع وهى تلحق بـ "تامر" لداخل الغرفة:
_"يا ناصرني ورافع راسي يا رااجلي".
بينما بداخل الغرفة أزداد بكائها وتلاحقت شهقاتها وهى تحتضن وسادتها بقوة حتى سقطت بغفوة ظنتها دقائق لكنها كانت ساعات، شعرت بالظمأ الشديد لتنهض على مضض تقنع نفسها بأنها لن تلتقي لا بشقيقها او بزوجتة المبجلة تنتظر على أحر من الجمـ ـر عودة والديها حتى يضع والدها حل لأفعال سمر، سارت وسط الظلام الذى يعم المنزل وقبل ان تخطو خطوة واحدة داخل المطبخ أستمعت لصوت "سمر" الهامـ ـس من الداخل:
_"يا واد أختشي أفرض المنيل أخوك صحي".
عقدت "فجر" حاجبيها وألتصقت بالحائط الخارجي تنظر بحـ ـذر شديد للداخل لتتسع أعينها بصدمة تضع يديها فوق فـ ـمها تمنع شهقتها من الخروج وهى تجد "صلاح" شقيقها والذى يصغر "تامر" بثلاثة أعوام يقف أمام "سمر" وكلاهما بوضع خـ ـادش للحيـ ـاء تسمع صوت "صلاح" وهو يجيبها بلامبالاة:
_"طُز فيه والله لو بـ ـوستك قدامه هيعتبرها بـ ـوسة أخوية ومش هيزعل مني".
كتمت "سمر" ضحكتها الرنانة من الصعود وهى تحاول الإفلات من بين يـ ـديه:
_"يوووه بقى يا "صلاح"، ما قولتلك هيروح مشوار بكرة بدري والمنـ ـيلة أختك هتبقي فى المدرسة ونبقى نقعد براحتنا ساعتها، وسع.."
صمتت برعـ ـب سري بجــ ـسـ دها عندما أستمعت لصوت سقـ ـوط شئ بالخارج لتلـ ـطم فوق وجهها بعويل:
_"يا ليلتك اللى مش فايته يا"سمر"، أتنيل أطلع شوف فى أى بره".
أنهت حديثها تدفـ ـع صلاح للخارج وتختبئ بجانب المبرد، خرج" صلاح" بحـ ـذر يلتفت حوله ليجد المنزل هادئ تمامًا وأبواب الغرف مقفلة كما كانت، عاد لها مجددًا يطمئنها:
_"تهيؤات يا هبلة، أدخلى يلا قبل ما الشملول جوزك يصحي".
زفرت "سمر" براحة واقتربت تطبع قبـ ـلة طويلة فوق كتـ فه الأيمن تجيبة بغـ ـزل وفجـ ـور:
_"ده منيل، مفيش غيرك انتَ اللى فى القلب، انتَ اللى جوزي وراجلي وسندي".
زفر "صلاح" بحرارة يجيبها بنفاذ صبر:
_"طب ادخلي بدل ما اتهور ويتنيل يصحى ولا أبويا وأمي يرجعوا".
أرسلته قبـ ـلة بالهواء وغادرت سريعًا تعود لغرفتها تنام بجوار "تامر" كما كانت يرتسم على محياها أبتسامة ناعمة تتذكر لمـ ـسـ ـات "صلاح" فوق جـ ـسـ دها وكلماته المغازلة بجمالها.
بينما بالغرفة المجاورة شعرت وبكل ما تحمل الجملة من معني بفقدان الأمان، لا تستطيع تحمل ما رأته دقات قلبها فى سباق جنـ ـوني، "صلاح" بوضع حميـ ــمي مع زوجة أخيه بوقت متأخر من الليل، وكأنهما معتادان على ذلك من قبل.!
نهضت "فجر" تجلس بأرضية الشرفة الصغيرة التى بغرفتها تراقب السكون بعقل شارد يكاد يجن، تكاد تبكي توسلًا ان يعود والدها بأقرب وقت، تشعر حقًا بالخـ ـوف الشديد مما رأت.
❈-❈-❈
صوت صفير مُلحن تحفظه جيدًا جعلها تقترب من النافذة ليصدق حـ ـد سـ ـها وهى تُبصر "زكريا" يقف أسفل المبني يلوح لها قائلًا:
_"المعلم بيمـ ـسى، اى الأخبار عندك".؟
أبتسمت بسخرية تجيبة بأستهزاء:
_"وجبة الفطار ناقصها ملح، هيكون اى يعنى.. "
صمتت للحظة قبل ان تنظر حولها بتراقـ ـب وتخفض صوتها تكمل حديثها:
_"أنا عاوزة أخرج من هنا، أتصرف".
أخرج شئ من جيب بنطالة وعاد للخلف خطوتين يلقيه لها لتمـ ـسكه بلهفة لتنكمش تعابير وجه "زينة" تردف بأستنكار:
_"حبَلَ".؟
اومأ "زكريا" يجيبها بتأكيد:
_"أربطيه فى أى حاجة عندك وامسكى فيه وأنزلى".
ضغطت فوق الحبَلَ بأغتـ ـياظ تنظر خلفها بتراقب تجيبه بضيق:
_"أمشي من وشي يا زكريا، طول عمرى أقول عليك غبى".
صمتت للحظات تستمع لحلوله التى ستنتهى بالفشل قبل أن تقاطـ ـعه سريعًا بعدما أستمعت لأصوات الفتيات العائدات للغرفة:
_"أجرى هات حديـ ـدة حلوة وتعالى كمان شوية هنزلك الحبل تربطها فيه".
أنهت حديثها تهبط سريعًا تخبئ الحبَلَ أسفل الوسادة تزامنًا مع دلوف الفتيات للغرفة، أقترب منها ثلاث فتيات تراهم لأول مرة وتحدثت أكبرهم بأزد-راء:
_"أسمك اى يابت".
تجاهلت "زينة" النظر لهن تحاول التحلىّ بالصبر حتى تنقضى تلك الدقائق الثقيلة وتفر من هنا لكن أحدى الفتيات الأخريات دفعتها بحـ ـدة بالغة تردف:
_"هى البعيدة طرشة ولا أى، ما تردى على ستك "حسنية".
أخذت نفس عميق تحاول أظهار اللامبالاة تبعد خصلات شعرها للخلف لكنها شهقت عندما قبـ ـضت "حسنية" فوق خصلات شعرها تحركها بعـ ـنف:
_"ده شكل الأمين طلعت كان عنده حق وهتتعبينى".
نفذ صبر "زينة" وصـ ـاحت بصوت مرتفع شـ ـرس وبلحظة كانت تعتـ ـلى الفتاة وتقبـ ـض هى على رأسها:
_"ده شكل انتِ اللى مش هيطلع عليكِ نهار".
وبدقيقة تحول الوضع لمعركة شـ ـرسة بين "حسنية" وأعوانها و "زينة" وحدها، وكما يقال دائمًا
"الكثرة تغلب الشجاعة"
وقد حدث وأستطاعوا الهجـ ـوم عليها يضـ ـربـ ـونها بأقدامهم بمناطق متفرقة من جـ ـسـ ـدها بوحـ ـشية بالغة حتى تقيـ ـئت الـ ـد-ماء من فمها من فرط
الضـ ـربات المُتتالية التى تلقتها بمعدتها.
ما جعلهم يبتعدوا سريعًا هو دلوف أحد العساكر الذى
صـ ـاح بصدمة:
_"أى ده.!
مين اللى عمل فيها كده".؟
أتته الإجابة من "حسنية" التى تسارعت أنفاسها تنظر نحو جميع من بالغرفة بتحـ ـذير وتوعد لمن قد
يعتـ ـرض على حديثها:
_" منعرفش، احنا دخلنا لقيناها كده".
أقترب العسكري يرفع وجه "زينة" الذى لطخته الأتربة المُختلطة بالدموع والد..ماء وقد ظهرت آثار أصابعهم بوضوح على وجهها لينظر نحوهم بقلـ ـق يخبرهم
بذعـ ـر:
_البت بتنزل د-م من بوقها وقاطـ ـعة النفس، ليلتكم سوده النهاردة...
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة شهد السيد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية