رواية جديدة نفوس طاغية لشهد السيد - الفصل 7
قراءة رواية بين نفوس طاغية كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بين نفوس طاغية
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة شهد السيد
الفصل السابع
"غاب، ليشرق في مكانٍ آخر"
خرج من المرحاض يجفف خصلات شعره بمنشفقة قطنية وقبل أن يرفع "رياض" رأسه تفاجئ بـ "أيمان" تقبـ ـض بيـ ـدها على مقدمة ثيابة تردف بشـ ـراسة شديدة لأول مرة تصل لذلك الحد:
-"من ساعة ما أتجوزتك وأنا عارفة علاقاتك مشاكلك اللى مبتنتهيش وحاطة جـ ـزمة فى بوقي وساكتة أنما توصل لبنتي لأ وألف لأ يا رياض، قولتهالك مرة وهقولها تاني ولحد ما أمـ ـوت بيسان لأ يا رياض ".!
وضع يـ ـده فوق يـ ـدها يبعدها بحـ ـدة بالغة عنه يجيبها بسخرية شديدة أصـ ـابتها فى مقـ ـتل:
-" بنتك مين يا هانم انتِ بتكدبي الكدبة وتصدقيها ولا أى، أنا لو ساكت على حوار البت دى فـ هو بمزاجي وهعرف بطريقتي هى مين، مش هنكـ ـدب على بعض يا أيمان انتِ أرض بور".
أرتعشت شفتـ ـيها من قسـ ـوة حديثة ورفعت يـ ـدها تنوي صفـ ـعة بلحظة غضـ ـب عمياء لكنه أمـ ـسك
بيـ ـدها قبل أن تلمـ ـسه يضغط فوقها بقوة ألـ ـمتها يكمل هجـ ـومة عليها مكملًا حديثة قائلًا:
-"بعدين علاقاتي دى من أى ما هو بسببك انتِ اللى منعاني أقربلك حتى الأوضة مبتناميش معايا فيها كأني وباء خايـ ـفة منه، مش قادرة تنسيه وتقتنعي أنه مـ ـات، فاكره مـ ـات ليه.. "
قبل أن يكمل حديثة أقترب منها يهمـ ـس فى أذنها بتشفي:
-"مـ ـات مُدمـ ـن مزلول لشمة تنجدة من
عـ ـذابة".
فقدت السيـ ـطرة على أعصابها وصـ ـرخت بهيـ ـاج شديد تدفـ ـعه فجأة ليصتـ ـدم بالحائط من خلفه وأتسعت أعينه من حالة الجنـ ـون التى أصابتها حتى أنها أقتربت من تمثال فضى اللون تمـ ـسك به فى أصرار جنـ ـوني تصـ ـيح بحـ ـدة فى وجهة ترفع التمثال عاليًا:
-"لو جبت سيرته تاني همـ ـوتك يا رياض، كانت مؤامرة رخيصة معمولة عليه علشان يحرموني منه، عصام أشرف منكم كلكم ".
فُتح باب الغرفة بعد أنتهاء حديثة وأقتربت منها "زينة" رغم دهشتها من وضعهم حاولت أمتصاص غضـ ـب "أيمان" ووضعت يـ ـدها فوق يـ ـد "أيمان" المُمـ ـسكة بالتمثال تخفضها برفق ترجوها بنظراتها قائلة:
-"ممكن تهدي وتطلعي معايا".؟
خفضت "أيمان" يـ ـدها وسارت خطوتين قبل أن تلتفت وتلقى التمثال دفعة واحدة جعلت "رياض" يفـ ـزع ويبتعد عن مقصدها وقبل مغادرتها أردفت بوعيد:
-"حسابك معايا مخلصش على كلامك ده".
غادرت دون المزيد وتركته يكاد يحتـ ـرق من غضـ ـبه..
❈-❈-❈
دلفت "فجر" للمنزل بخطوات مُنهكة تكاد تصـ ـرخ من فرط الألـ ـم وتوجهت مُباشرة نحو غرفتها لكنها عادت للخلف خطوتين فور أن أبصرت "صلاح" يجلس فوق فراشها بأنتظار دلوفها وما أن لاحظ ترددها بالدلوف نهض سريعًا يُمـ ـسك بيـ ـدها يجذبها نحو الداخل مغلقًا الباب من خلفهما يردف بتحذيـ ـر:
-"أمك نايمة، هنتكلم كلمتين بالعقل ويا دار ما دخلك
شـ ـر".
أبعدت يـ ـده عنها فى نفور تام تجيبه بهجـ ـوم:
-"الدار هتتخرب بسببك انتَ وزوجة أخوك المصون، أوعى تكون فاكر أنى عملت كده عشانكم لأ أنا عملت كده عشان خاطر بابا وماما، مرات أخوك يا صلاح".!
لم يُبالي "صلاح" بكامل حديثها وحدجها بنظرات باردة قائل بجمود:
-"كل ده ميخصكيش مش هتعلميني الصح من الغلط، ومن الأفضل تكملي جميلك ومتفتحيش بوقك ما هو كله عشان خاطر أبوكِ وأمك بدل ما حد فيهم يطب ساكت، الموضوع مسألة وقت ونسيب أنا وسمر الحتة الفقر دى كلها ونمشي واشبعي انتِ بالباقي، ده لو طولتي حاجة اصلًا".
أنهى حديثة بأستهزاء واضح وأبعدها عن باب الغرفة وغادر المنزل بأكمله وجلست هى تنظر نحو شرفتها بشرود تتذكر ما فعلته مساء أمس..
-عودة لما قد حدث-
راقبت الوضع كله بداية من خروج "سمر" من غرفتها حتى لحقها "صلاح" عازمة على الظهور أمامهم تلك المرة أنهار عزمها فور أن لاحظت خروج "تامر" المتجهة نحو المرحاض يطلب من بالداخل الأسراع..
نظرت حولها بتشتت لا شئ أمامها سوى مشهدهما بعد قليل وأحدهما غـ ـارق بـ ـد مائه والأخر يفر هاربًا ووالدتهما تبكي على ما رأته للتو ووالدها مُلقي أرضًا غائبًا عن الوعي
وبدون تردد لحظة واحدة وقفت فوق الفراش تصيح بأستنجاد وبكاء مُصتنع:
-"يا تـــــامر".
لحظات قليلة ودلف "تامر" للغرفة بضيق يزجرها
بحـ ـدة قائلًا:
-"فى أى مجنونة انتِ ".
أشارت نحو الخزانة تجيبه بصوت مُرتفع:
-" فــار، شوفته بيجري ورا الدلاب أقتـ ــله يا أبيه عشان خاطري ".
زفر: " تامر" بضيق وبدأ بدفع الخزانة غير مُبالي لركضها نحو الخارج وأغلاقها الباب عليه، ذهبت سريعًا صوب المرحاض تردف بصوت هامـ ـس:
-"اطلعوا انتوا الأتنين بسرعة مفيش وقت تامر فى أوضتي".
فور أن أنهت حديثها فُتح باب المرحاض وظهر الشحوب على وجه كلاهما ولم تعبئ "فجر" و أسرعت بالعودة أمام باب الغرفة تُمثل القلـ ـق قائلة:
-"هاه يا أبيه لقيته".؟
أتاها الرد "تامر" المتذمر من الداخل برفض:
-"مش لاقي حاجة".
فُتح باب المنزل ودلف "رضا" للداخل يرى ثلاثتهم بالردهة وصوت "تامر" أتي من غرفة "فجر" وتسائل بتوجـ ـس:
-"خير يابنتي فى أى ".
زفرت "فجر" براحة وأقتربت تحتضنه مُستنشقة أكبر قدر من رائحته الطيبة ولوهلة تناست ما حولهما وأردفت دون وعي:
-" خايـ ـفة يا بابا".
ضمها "رضا" لأحضانة يربت فوق رأسها بحنو بالغ وراقبهما "صلاح" بعدم رضا وضيـ ـق شديد، وفُتح باب الغرفة وخرج "تامر" يردف بغلـ ـظة مُعتادة منه:
-"أنا مبحبش الدلع أدخلي نامي وأمك تشوف حوار الفار ده الصبح".
أشارت "فجر" نحو باب شرفة غرفتها المفتوح قليلًا تجيبه بتخمين:
-"هو ممكن يكون جري بره يا أبيه".
رمقها "تامر" بضـ ـيق ونظر نحو "سمر" التى مازال وجهها شاحبًا كما هو:
-"معلش يا سمورة أدخلى نامي انتِ، مفيش فار ولا حاجة دى بت مجنونة ".
اومأت "سمر" دون أضافة حرف واحد ودلفت لغرفتها
وبعدها "فجر" بعدما طلب منها والدها ذلك
ولم يتبقى سوى "تامر" و "صلاح" مع والدهم الذى أردف بجدية:
-"أسمع انتَ وهو الحال المايل ده مش عاجبني، ولا واحد فيكم بيقضي فرض ولا بيفتح مُصحف وقاعدين شغل ومرعي وقلة صنعه، محدش فيكم مرة قالي أرتاح انتَ وأنا هنزل الورشة بدالك، أنا مش هعيشلكم طول العمر كله انتوا بقيتوا رجالة والمفروض أنى هسيب أختكم دى أمانة ليكم، فوق يابني انتَ وهو قبل فوات الأوان".
عم الصمت للحظات قبل أن يقطـ ـعه "رضا" بقوله:
-"أختكم جالها عريس النهاردة ".
أول رد حصل عليه كان من" تامر" الذى أعترض
بضـ ـيق:
-"عريس أى ياحج الجاي على قد اللى رايح مش كفاية مصاريف الجامعة بتاعتها دى كل شوية لو هتتخطب يبقى تقعد من الجامعة اللى بتروح تتمرقع فيها وتيجي تكمل يومها نوم".
دعم رأيه "صلاح" الذى أكمل مُبررًا:
-"وبصراحة ياحج كفاية عليك شايلها طول السنين دى من غير ما تقصر فى شئ، الفلوس اللى هنجهزها بيها نفتح بيها مشروع يساعد فى ميزانية البيت، والدلع الزايد للبت مش حلو خلاها تتفرعن".
لأ تعبير من "رضا" سوى الدهشة على ما قالوه، لأول مرة يرى لذلك الحد أنهما غير جديرين بالحفاظ على أبنته، رمقهما بأشمئزاز تام ونهض يردف بحسرة ظهرت جيدًا بصوته:
-"يا خسارة تربيتي ليكم، فجر هتتعلم وهجوزها وأجبلها كل اللى نفسها فيه، دى أمانة وانتوا مش قد الأمانة".
أنهى حديثة وتركهما يختفي بداخل غرفته مغلقًا الباب من خلفه وهما واقفان ينظران لأثره بصمت..
❈-❈-❈
مساء اليوم.. ليلًا..
كان حفل ذو ذوق رفيع ونظام رائع، مُتقن التنظيم لحد بالغ وقد حضر الكثير من أشخاص الطبقة المخملية ليشاركوا بهذا الحفل وسط ترحيب "أيمان" بهم والتى تألقت بـ بذلة نسائية من اللون الأبيض وتطريز ذهبي وعلى غير العادة تركت خصلات شعرها القصيرة مُنسابة
وكانت "زينة" تسير خلفها بصمت تام تراقب تصرفات من هم حولها، تبتسم بلباقة كلما قدمتها "أيمان" لأحدهم تخبره بكل ثقة:
-"بنتي.. بيسان عصام أبو المكارم".
حازت على أعجابات كثيرة من الرجال والنساء وتعرفت على الكثير من الفتيات والفتيان لكن صوت داخلها يردد منذ بداية أجتماعها بهم:
-"مش مكانك.. انتِ مش شبة الناس دى".
ألـ ـمتها قدمها من الوقوف لتعتذر من "أيمان" وتسير بحثًا عنه بين المتواجدين، كلما أقتربت منه وجدت "أيمان" تطلب منها المجئ
ألتفتت فوجودت خلفها مُباشرة رجل لأ تعرفه عادت للخلف تلقائيًا فـ شعرت بوجود آخر خلفها بجوارة سيدة تنظر نحوها فى تهكم شديد، أبتسمت بأرتباك وقبل أن تعتذر ظنًا منها بأنها مرت من بينهم دون قصد صمتت عندما أقترب "رياض" لتصبح مُحاصرة بينهم.!
أبتسامة لا تمت للمرح بصله مُرتسمة فوق شفـ ـتى "رياض" الذى وقف يفرد صـ ـدره المُتناسق يحادثهم بتباهي كـ ـاذب:
-"أقدملكم.. بيسان بنت مراتي وفى مقام بنتي، كانت عايشة طول حياتها فى لندن ولسه راجعة من شهر تقريبًا صح يا بسبوسة".؟
نظراتهم المُتفحصة جعلت معدتها تتلوي بعدم أرتياح تام وأبت الأبتسامة أن تظهر فوق وجهها حتى وأنتبهت نحو "ظافر" الذى مد يـ ـده يصافحها يتحدث بلغة لا تعلم هويتها حتى، كل ما فعلته رغم أرتجاف يـ ـدها هو أنها صافحته تردف بنبرة منخفضة:
-" اهلًا بحضرتك ".
أجابها " ظافر" بنفس اللغة مجددًا بتعمد لكنها لم تفقه شيئًا وحاولت الأنسحاب من بينهم تبرر ذلك بتوتر:
-"ماما أيمان عاوزاني، بعد أذنكم".
عاد "رياض" للخلف يراقب فرارها بأبتسامة مُستهزئة وعاد ينظر لهما قائل بتهكم:
-"أعتقد أن بعد ما شوفتوها تأكدتم أنها مش بنت أيمان ولا كانت عايشة فـ لندن، دى حتى مفهمتش كلام ظافر ليها مع أن المفروض هى مبتتكلمش غير English ".
واخيرًا خرج" صفوت" عن صمته ينظر نحوها من بعيد:
-"أنا تقريبًا شوفتها قبل كده ومش مرة واحدة، أكتر من مرة".
تزمر "ظافر" من حديثة وأجاب ساخرًا:
-"شوفتها فين يعنى، رياض عنده حق البت دى أكيد تبع الواد اللى بيهـ ـددنا، ظهورها فى الوقت ده بالذات وراه سبب، وحرمه المصون أكيد عرفاه وهو زى العبيط مش عارف ياكل عقلها بكلمتين عشان تقوله البت دى تبقى مين".
رمقة "رياض" بضيـ ـق ولم يعلق إلا بعد لحظات بتصميم:
-"هعرف هى مين، تقع تحت ايـ ـدي من تانى بس ومش هسيبها".
بالأعلي..
بعدما يأست من العثور عليه بالأسفل خمنت وجوده بغرفته لذلك لم تتردد بالصعود تطرق فوق باب الغرفة ومرت لحظات دون أجابة، لتعيد الطرق مجددًا بقوة أكثر لربما لم يستمع بسبب صوت الموسيقيّ بالأسفل لكن لم تتغير النتيجة..
وقبل أن تقرر فتح باب الغرفة وجدته يُفتح وظهر "عدي" بالداخل لتزفر "زينة" براحة قائلة:
-"اخيرًا، طلعت ليه وسبت الحفلة ".؟
أبتسم"عدي" بهدوء وخرج مغلقًا الباب خلفه يجيبها قائلًا ببساطة:
-"كنت بصليّ ".
صمتت للحظات قبل أن تؤمي بالإيجاب وأقترب كلاهما من سور الدرج يراقبون من بالأسفل بصمت دام للحظات قبل أن تتحدث " زينة " بهدوء تام:
-"بنستفاد أى لما نصليّ".؟
رغم تعجبه من سؤالها الذى وضح به جهلها بالأمور الدينيّة إلا أنه أجابها بتوضيح:
-"الصلاة نور للوجه وراحة للقلب وسكينه للنفس وقُرب من الله ".
أستدارت لتستند بظهرها لسور الدرج وقد أعجبتها المعلومات التى تعلمها للمرة الأولى وتابعت بفضول:
-" يعنى اللى مبيصليش بيبقى بعيد عن الله".؟
اومأ بالتأكيد وأجابها "عدي" بجدية:
-"مفيش سبب يمنعك عن الصلاة غير نفسك الأمارة بالسـ ـوء و وسوسة الشيـ ـطان، تارك الصلاة مُعرِض عن ذكر الله تعالى، وقد توعد الله فاعل ذلك بضيـ ـق العيش، ثم يحشر يوم القيامة أعـ ـمى والعياذ بالله".
أنقبض قلبها وشعرت بالخـ ـوف من ما قاله للتو وقبل أن تُعيد التساؤل مُجددًا أنتبهت لوقوف فتاة جوارهما والتى قد تعرفت عليها منذ بدأ الحفل واخبرتها "أيمان" بأنها أبنة صديقة لها، وأردفت الفتاة " لمار " بنبرة ناعمة غير مصتنعة:
-"بدور عليكِ بقالى كتير أنا وطنط أيمان، صحابي جم تعالى أعرفك عليهم هتحبيهم جدًا".
تبادلات النظرات بين "لمار" و "عدي" بتردد وقد أدرك هو حيرتها فـ أنهى حيرتها قائلًا:
-"تقدري تروحي أنا هجهز حاجتي عشان هرجع النهاردة".
جذبتها "لمار" بحماس لكن أبتعدت "زينة" وعادت نحوه بلهفة قائلة:
-"متمشيش غير لما أجي".
اومأ بأبتسامة هادئة وعاد لغرفتة مجددًا وانضمت هى لهم بالأسفل..
❈-❈-❈
هبطت من سيارة "مهران" بعدما جاء اليوم لأصتحابها من الجامعة بعد أخذ الإذن من والدها، دلفت "فجر" لورشة "رضا" فـ وجدته جالسًا على مقعده المفضل
يمـ ـسك بالمصحف بين يـ ـديه وأعينه مُغلقة وصامت تمامًا، أقتربت بحماس تحيط عنقة من الخلف تطبع
قبـ لة فوق وجنته قائلة:
-"وحشتني يا أحلى بابا".
ظل على وضعة وأستشعرت هى برودة جـ ـسـ ـده عندما قامت بتقبـ ـيله، سرت رعشة بجـ ـسـ ـدها وأقتربت "فجر" تجلس على ركبتيها أمامة تمـ ـسك بيـ ـده تنظر نحوه بأرتجاف قائلة:
-"بابا انتَ كويس".؟
جاء "مهران" فأستنجدت به قائلة بصوت متحشرج:
-"بابا مبيردش عليا يا مهران، جـ ـسـ ـمه بارد أوي "
ترك الحقائب التى بيـ ـده وأقترب سريعًا يتفقد نبض "رضا" بقلق فوجده ضعيف للغاية فـ أحاط جـ ـسـ ـده يضمه نحوه يصتحبه نحو سيارته قائلًا:
-"شكله تعبان، أندهي على أخواتك لازم يروح المستشفى ".
نهضت" فجر" سريعًا وصعدت تبحث عن أشقائها فـ لم تجد سوي والدتها النائمة، حتى" سمر " لم تكن بالمنزل
هبطت مجددًا تجلس بالمقعد الخلفي تحثه على التحرك قائلة:
-"هتصل بيهم يجوا على هناك ".
اومأ بالإيجاب وتحرك سريعًا نحو أقرب مشفي، ولم يمر الكثير وكانوا واقفين أمام غرفة الكشف بالخارج"فجر" تبكي رغمًا عنها تحاول الوصول لشقيقيها لكن لأ أحد منهم يجيب على أتصالتها بينما أبتعد "مهران" عنها قليلًا يجيب على أتصالات صديقة وقبل أن ينطق وجده يردف بغضـ ـب:
-"أنا قالب عليك الدُنيا من الصبح، أوعى ترجع الشقة فى ناس جت وكسـ ـروا الباب ولما ملقوش حاجة مشيوا بس أكيد هيرجعوا تاني".
أبتلع لعابه الذى جف فجأة وأغلق المكالمة دون أن يجيب صديقة، يبدو أنهم قد عثروا عليه سريعًا..
❈-❈-❈
أستلقت "زينة" فوق الفراش تحدق بسقف الغرفة بنظرات شاردة تتذكر مقابلتها الأولى مع "صفوت الباشا"
عودة ليوم المقابلة..
أحتضنت ذراعيها تحاول بث بعض الدفئ والأمان
لجـ ـسـ ـدها المرتجف من البرودة القارصة والألم، أغمضت أعينها بقـ ـهر شديد تتذكر لحظاتها وهى بين
يـ ـديه ينهال فوقها بقطعة من خرطوم بلاستيكي
غليـ ـظ يطلق عليها أفظع السُـ ـباب الذى من الممكن ان يستمعه أحد دون تدخل اى من رفاقها الواقفين، بالتأكيد لن يجرؤ أحد حتى لا يكن يطاله بطش "عطية"..
كل ما تتذكرة هو دفعتها العنـ ـيفة له ليسـقط على أثرها ويسقط فوقه إناء حديدي لكنها لم تُبالى ونهضت تركض للخارج بأقصى ما لديها، خصلات شعرها الجافة والمتشابكة تنفرد حول جـ ـسـ ـدها تغطى التمزقات الموجودة بملابسها الباليه، تجلس فوق أحد الأرصفة المقابلة لصف طويل من المطاعم والكافيهات الفخمة للغاية لذوات الطبقة المخملية، تتأملهم من بعيد وتتحسر على حالتها البائسة، لأ تملك اى شئ بحياتها كل ما تمتلكه هو عدة أعوام من البؤس والـ ـذل والإهـ ـانة.
نهضت تعبر الطريق وهى تزيل دموعها لكنها تصنمت بمكانها عندما كادت ان تصدمها إحدي السيارات المسرعة، وجدت باب السيارة يفتح ويطل سائقها
يصـ ـرخ بغضـ ـب أعمى بوجهها:
-" وسعي يا متخلفة انتِ".
تأملت ملابسة الفاخرة وسيارتة الفارهة وعجرفت نظراتة، واخيرًا خرج صوتها متحشرجًا لكنه غليـ ـظ بعض الشئ:
-"بس متشتمش، حتى أرض الله أشتريتوها وهتقولوا مين يمشي ومين لأ".
لو رأى أحد كم الشـ ـر الذى ألتمع بأعينه يضغط فوق أسنانه بغضـ ـب ساحق يهدر بعـ ـنف:
-"لو مبعدتيش هساويكِ بالأسفلت اللى واقفه عليه يا حقيرة".
أنهى حديثه يعود لداخل السيارة يضفط بقوة فوق مكابح سرعتها مما جعلها تعود للخلف سريعًا ليمر هو بأندفاع كـ صاروخ جوي.
عبرت الزرع القصير حتى أصبحت بحديقة نظيفة وهادئة للغاية، أقتربت تتمدد فوق أريكة مصممة من الخشب ومخصصة للجلوس، ضمت قدميها لصـ ـدرها بسبب صغر حجم الأريكة تريح رأسها فوق الخشب
قـ ـاسـ ـي الملمس، يجب عليها ان تحاول النوم حتى يزول ظلام الليل وتلتقي بأحد اصدقائها بالصباح، تعرف أماكن تواجدهم لبيع المناديل الورقية والزهور وكسب رزق قليل يجمعه منهم "عطية" بالمساء.
لكن بالحقيقة لم تغمض لها عين طوال الليل خشية ان يجدها ساكر ويقم بنهش جـ ـسـ ـدها او تعثر عليها الشرطة ويتم القبض عليها بتهمة التسول.
عودة للوقت الحالي..
أنتبهت لدلوف "أيمان" للغرفة تمـ ـسك بظرف كبير تبتسم بسعادة تمد يـ ـدها به نحو "زينة" قائلة بحماس:
-"أفتحيه".
أعتدلت "زينة" وفتحته بالفعل لتجد بداخلة بعض الأوراق جهلت قراءة ما تحتويه لتتسأل:
-"أى دول".
جلست "أيمان" جوارها تشرح ما تحتويه كل ورقة منهم:
-"دول كل الأوراق اللى تثبت إنك قانونيًا بيسان عصام أبو المكارم".
نظرت للأوراق ولم تبالي لباقي حديث "أيمان" وأنشغل عقلها بالتفكير، لماذا لم تشعر بالسعادة الآن.؟
أصبحت تحمل أسم عائلة مرموقة وحصلت على العديد من الأشياء التى لم تكن لتراها يومًا حتى بأكثر أحلامها خيالًا.
حتى الآن تحاول طرد هذه المشاعر الحمقاء التى أبت الأبتعاد عنها منذ رأته، كادت أن تعانقة قبل أن يغادر عائدًا لعائلته، عقلها يضع الكثير من الحواجز بينهما حتى لو لم تكن متواجده فى الوقت الحالي هى لن تنسي ابدًا أنها "زينة" أبنة الأرصفة..
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة شهد السيد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية