رواية رومانسية جديدة قلوب حائرة (الجزء الثاني) لروز أمين - الفصل 8 - 2
رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة روز أمين
رواية قلوب حائرة
الجزء الثاني
❈-❈-❈
نَزل الدرج بصحبة الصغار، وجد
ثُريا تتوسط الأريكة بجلوسها مُمسكة بكتاب الله (القرآن الكريم) وتتلو أياته، إجتازها
مُتجهً بالصغار إلى الخارج دون حديث كي لا يقطع إندماجها، أما مليكة فنزلت الدرج واتجهت إلى
المطبخ لتتابع تجهيز الطعام مع نساء العائلة
وصل للحديقة وجد عز يجلس بصحبة حسن
ويلعبان الشطرنج معاً يجاورهم عبدالرحمن المُمسك أيضاً بكتاب الله ويقرأ به،
أنزل الصغير الذي أسرع بصحبة أنس إلي
غرفة ألعاب بحر الكور الخاصة بهما والتي أنشأها لهما ياسين خصيصاً
وأشار إلي مروان وأردف قائلاً بوجهٍ
بشوش:
-روح إنده حمزة علشان أعلمكم مع بعض
أومأ له الفتي وأردف بنبرة حماسيّة:
-حالاً يا عمو
هرول مروان إلي الخارج وسار ياسين
بخطوات واسعة حتي وصل إلي جلوسهم،نظر عليهما وتساءل بإستفسار مشاكس:
-يا تري مين في البشوات اللي مَـ.ـوِت
المَلِك للتاني
هز عز رأسهُ بسعادة وهتف بنبرة حماسية:
-أنا ماحدش يقدر يقرب من المَلك بتاعي
وإنتَ أكتر واحد عارف كدة
واسترسل بمشاكسة:
-ده أنا عز المغربي يا إسكندرانية
أردف حسن مُقللاً من قدراته:
-علي فكره بقى يا عز،إنتَ فوزت بضربة حظ
مش أكتر.
قهقه عز عالياً وهتف متسائلاً بطريقة
ساخرة:
-وبالنسبة للخمسة ألاف مرة اللي قبل
كده، كانوا ضربة حظ بردوا؟
وأسترسل بتوجيه ساخر مُداعباً به إبن
عمهْ:
-خليك جرئ وأعترف بهزيمتك يا هندسة،ده
الإعتراف بالحق فضيلة
تحدث ياسين مادحاً أباه بإشادة:
-بصراحة يا عمي والحق يُقال، الباشا
مافيش حد لعِب معاه وقدر يتخطاه لحد النهاردة
واسترسل بنبرة دُعابية:
-يا مؤمن ده جاب لي إحباط وخلاني إعتزلت
اللعبة
قهقه حسن وعز وحتي عبدالرحمن الذي
إنتهي من تلاوتهُ لكتاب الله وأنضم إليهم، فأكمل عز وهو يُشير إلي عبدالرحمن:
-وعمك عبدالرحمن إستسلم خلاص، بقا بيلعب
معايا وداخل وهو واثق من خسارته،بيلعب حلاوة روح زى ما بيقولوا
أردف عبدالرحمن مادحاً شقيقه بطريقة
ساخرة:
-طول عمر حظك حظ عوالم يا عز يا أخويا
قهقه الجميع بشدة وهتف عز ساخراً:
-الحظ ده بتاع النِسـ.ـوان والولاَيا يا
عُبد،في الشطرنج بالذات البقاء للأذكي
واستطرد ببيت من الشعر:
-وعلي رأي أمير الشعراء، وَما نَيلُ
المَطالِبِ بِالتَمَنّي. وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا
وأسترسل وهو يُشير علي مقدمة رأسهُ:
-إفهموها بقا علشان ترتاحوا
إنتبه للتي تُسير في طريقها إليهم
وشَـ.ـعر بفرحة عارمة إجتـ.ـاحت قلبه بدون مقدمات،وبدون وعي إبتسم تلقائياً، لكنه
تلاشي النظر سريعاً وأستغفر ربه بسَريرته خشيةً إفساد صيامه
إقتربت منهم ثُريا وتحدثت بإبتسامة
لوجهٍ بشوش:
-خير اللهم أجعله خير،ضحككم جايب لاخر
البيت من جوة
أجابها حسن بدُعابة وهو يُشير إلى عِز:
-إبن عمك يا ستي،عامل زيطة وهوليله
علشان كسبني دور شطرنج
إبتسمت وهى تنظر إلى عز،ثم أردفت بنبرة
جادة:
-طب سيبكم بقى من الشطرنج وقولوا لي
رأيكم في فطار النهاردة، واللي نفسه في حاجة تانية يقول علشان ازودها
وأردفت بسرد الأصناف التي أشرفت بنفسها
علي تجهيزها وتتبيلها
إنسحب ياسين بعدما حضر حمزة ومروان
وابتعد عن مجلس العائلة كي يستطيع التركيز هو والصَبيان،وبدأ بشرح قواعد اللُعبة
مع تركيز كِلاهما الشديد
عودة للحوار
تحدث عز بدُعابة:
-أهم حاجة إنك مانستيش الحمام علشان
نغذي الباشمهندس كويس
ردَ عليه حسن بمشاكسة:
-علشان الباشمهندس بردوا ولا علشان
سيادة اللواء،
إنتَ هتجيبها فيا وتعمل نفسك
مجاملني،ما كلنا عارفين إنك بتعشق الحمام من صُغرك
تبسم عبدالرحمن ووجه حديثهُ إلي ثُريا
بتذكير:
-فاكرة يا ثُريا لما كان في الثانوية
العامة،لما كان يحب ياكل حمام من إيـ.ـد جِدتك،ولأنه كان ذكي من يومه وكان عارف إن
جِدى وجِدتى الله يرحمهم بيحبوا يكرموا الضيوف،كان يقول لهم إنه عازم واحد صاحبه
يتيم الأم وهيجيبه معاه علي الغدا
واستطرد مُتبسماً وهو يُشير بيـ.ـده
إلي عز:
-ولما الباشا يوصل من المدرسة هو
وصاحبه،يلاقي الطبلية مرصوص عليها كُل ما لَذ وطاب وخصوصاً الحمام المحشي فريك
وبِرام الرُز المعمر بالحمام اللي مستوي في الفُرن البلدي.
واستطرد وهو ينظر إلى شقيقه ويُطرِي
عليه بثناء:
-ويبقى الباشا ضـ.ـرب تلات عصافير بحَجر
واحد،أخد ثواب إطعام يتيم وكِبر فى عين جِدى وأبويا وعمى،وفى نفس الوقت أكل الحمام
اللى كان نِفسه فيه
قهقة الجميع بشدة حتى ادمعت
عيناهم،وتحدثت ثُريا من بين ضحكاتها وهي تنظر إليه:
-من يومك وإنت مُراوِغ يا عز
من يومى وأنا مسكين وبتفهم غلط يا
ثُريا...جُملة قالها عز بمراوغة ليُدافع بها عن حَاله
نظر لهُ الجميع بعدم تصديق وأكملوا
ضحكاتهم،أردف حسن أيضاً بمداعـ.ـبة:
-الباشا كان عنده حِث مُخابراتي عالى من
صُغره
واسترسل مفسراً:
-بس انا بصراحة ماحضرتش سيادة اللوا غير
وهو ظابط عاقل رزين ومحترم،وقت الكلام اللي بتقولوه ده أنا كُنت يادوب عندي كام
سنة
عقبت ثُريا علي حديث شقيقها مادحة في
ذاك العز:
-الحقيقة عز طول عمره وهو عاقل ورزين
ومحترم،هو بس كان بيحب يناغش جدتى وماما وعمتي منيرة الله يرحمهم
ضحك الجميع بشدة حتي أدمعت عيناهم
وتحدث هو قائلاً بحنين لماضيه:
-فكرتونا بأحلي أيام عِشناها،كانت أيام
كُلها خير وبركة،الله يرحم الجميع اللي فارقونا ووحشونا،ويبارك في لمتنا
أمن الجميع علي دعائة واكملوا أحاديثهم
الجميلة
❈-❈-❈
داخل مكتب طارق، كان يجلس فوق مقعده
خلف مكتبهُ الخشبي ذو المظهر الفاخر،مُمـ.ـسكاً ببعض الملفات ويقوم بمراجعتها بدقة
وتركيز، دخلت السكرتيرة وتحدثت بإحترام:
-طارق بيه،أستاذة لمار الخُضيري واستاذ
وليد المغربي وصلوا يا أفندم وطالبين يدخلوا لحضرتك.
رفع وجههُ لها وتنهد بقوة إستعداداً
للمقابلة وتحدث بنبرة خافتة:
-دخليهم يا يُمنى.
أومأت لهُ بطاعة وخرجت وبعد ثواني خطت
إليه لمار بالمقدمة تلاَها ذاك التابع وليد،وقف طارق إحتراماً لهما وأشار بيـ.ـده
وهو يُشير إلي المقاعد المصطفة أمام مكتبهُ:
-أهلاً وسهلاً،إتفضلوا إقعدوا
أخرجت لمار إبتسامة خفيفة من جانب
فَمِـ.ـها وتحدثت:
-شكراً يا طارق
ثم جلس وليد وتحدث بلطافة:
-أخبارك إيه يا طروق؟
أجابه بإقتضاب:
-أنا تمام يا وليد
تحمحم وليد عِندما رأى ملامح
طارق،وتحدثت تلك اللمار بطريقة عملية:
-أنا عارفة إن عندك شغل مهُم ووقتك
محسوب بالدقيقة، فعلشان ما أضيعش وقتك أنا هادخل في الموضوع علي طول
واستطردت بترغيب ذكى:
-بص يا طارق،من الآخر كدة أنا جاية لك
بعرض هايل وما يترفضش،فرصة هتنقل شركتك في حتة تانية في ظرف سنة بالكتير.
وبدأت تروي علي مسامعهُ كل ما لديها
وهي تُزين لهُ العرض كي يطمع في الربح السريع
كان يجلس سانداً ظهـ.ـرهُ خلف المقعد
ويُحركهُ يساراً ويميناً بإستخفاف،واضعاً كف يـ.ـده على ذقنه ويحـ.ـكها وهو يستمع
لها بتمعن شديد وإنصات تام،تحدثت هي متسائلة بعدما إنتهت من سرد التفاصيل:
-إيه رأيك يا طارق؟
أجابها ببرود أشعـ.ـلها:
-في إيه؟
أخذت نفساً عميقاً كي تستدعي هدوئها
حتى تستطيع تحمُل ذاك البارد الذى يتفنن دائماً بإثـ.ـارة غضـ.ـبها بأفعاله
الباردة،تعلم جيداً من داخلها أن محاولة إقناعهُ صعبة إذ لم تكُن مستحيلة، لكنها
مُجبـ.ـرة علي إتمام تلك الشراكة وهذا ما جعلها تُقدم علي خطوة إقناعه الصعبة
تلك،وتحدثت بهدوء:
-في العرض اللي أنا قولته.
حول طارق بصرهُ علي ذاك الجالس يترقب
بقلب وعقلٍ مُشتتان ومرتبكان، ثم قام بتوجيه سؤالاً له مُتجاهلاً حديث تلك الحية
الرقطاء:
-وإنتَ بقي إيه دورك في القصة دي يا
وليد باشا؟
إبتلع وليد لعابه بتوتر،خشيةً سخط طارق
عليه وسحـ.ـب الإمتيازات التي أعطاها مؤخراً لمكتب المحاسبات التابع له في الأمور
الحسابية الخاصة بالشركة فأجابت لمار نيابةً عنه بعدما وجدته مُتلبكً:
-أنا اللي طلبت من وليد ييجي معايا،لأن
لما يحصل بينا إتفاق أكيد مكتبه هو اللي هيمـ.ـسك حسابات عمليـ.ـات الإستيراد اللي
هاتتم
هز طارق رأسهُ بتفهم فاستطردت هي
متسائلة من جديد:
-ما ردتش عليا يا طارق؟!
أخرج طارق تنهيدة طويلة ثم تحدث قائلاً:
-بصي يا لمار،الشركة دي بنيناها أنا
ورائف الله يرحمه علي أكتافنا،وماعنديش أى إستعداد إني أغامر بخسـ.ـارة سهم واحد
منها مهما كانت المُغـ.ـريات،
واسترسل مشككاً:
-ثم إن المكاسب اللي بتتكلمي عنها دي
مهولة وبصراحة كدة تدعوا للقلق والشَك
أردفت قائلة بنبرة حماسية في محاولة
منها لإقناعه:
-إفهمني يا طارق،الشركة اللي أنا جيباها
لك دي من أكبر شركات التصدير والإستيراد الموجودة في أسواق أوروبا كُلها،فمن
الطبيعي تكون ارباحهم بالحجم ده،زائد إن أنا ضمناهم جداً وواثقة فيهم لأبعد
حَد،وياسيدى أنا اللى مسؤلة قدامك لو حصل أي حاجة
ثم حولت بصرها إلي ذاك الجالس يتابع
بصمت متخذاً دور المستمع وتحدثت لتحثهُ علي مساعدتها:
-ما تتكلم يا وليد
إعتدل بجلسته وكاد أن يتحدث قاطعه طارق
قائلاً برفضٍ قاطع:
-مفيش داعي لكلام وليد لأنه مش هيفرق
ولا هيغير في قراري
لم تستسلم بسهولة وباتت تقنعه بشتى
الطُرقْ وما وجدت منه إلا الرفض القاطع،فوقفت بإستسلام وتحدثت بملامح وجه مُبهمة:
-أنا همشي، بس عندي أمل إنك تقعد مع
نفسك وتحسبها ك business man مُحترف وتفكر في حجم المكاسب اللي
هتحققها شركتك من ورا العرض ده
وقف إحترامً لوقفتها وهز رأسهُ برفض
وتحدث:
-صدقيني لو هتستني ردى هتبقي بتضيعي
وقتك علي الفاضي
تحدث وليد إليها:
-إسبقيني إنتِ علي برة يا لمار علشان
عاوز طارق في موضوع شخصي
رمقته بنظرة حَادة وتحركت سريعاً إلي
الخارج ومنه إلي الجراچ لإنتظار ذاك الجبان
تحدث وليد كي ينأي بحاله من غضـ.ـب ذاك
الطارق عليه أو إبلاغه عز وياسين بما جري:
-طارق،أنا ماليش دعوة بأي حاجة عن
الموضوع ده،هى طلبت منى أجى معاها وجيت وانا عارف إنى غِلطت لما سمعت كلامها
واسترسل بنظرة إستعطافية:
-ياريت لو هتبلغ عمى وياسين باللى حصل
ما تقولش إني جيت معاها ولا تجيب سيرتى،علشان خاطرى يا طارق
رمقهُ بنظرة إشمئزاز وتحدث بنبرة حادة
وهو يُشير له نحو الباب:
-إمشي يا وليد علشان تلحق الهانم اللي
سحـ.ـباك وراها وجيباك لحد هِنا
أنزل بصره أرضاً من شدة خجله وتحرك إلي
الخارج ومنه إلي الجراچ،وجد تلك المُستشـ.ـاطة بإنتظاره،هتفت بنبرة مُوَبِّـ.ـخَة
إياه فور رؤيتها له:
-ما كنتش أعرف إنك ضعيف بالشكل ده،ولو
كنت أعرف كُنت وفرت مجهودى ووقتى اللى ضيعته معاك وأنا بحاول أقنعك تكون معايا
هتف بنبرة حادّة:
-وفري ندبك وكلامك ده لنفسك،أنا اصلاً
غلطان إني سمعت كلامك من الأول، مانبنيش من المشوار ده كله غير إني خسرت ثقة طارق
اللي ما صدقت إني أبنيها في سنين
واسترسل بملامح وجه غاضـ.ـبة وهو يُشير
بسـ.ـبابته أمام وجهها:
-إسمعي يا بنت الناس،من النهاردة أنا في
طريق وإنتِ في طريق تانى،خرجيني من حساباتك وخِطتِك الفاشلة دى،أنا مش حِمل
غَضـ.ـب وغدر ياسين وطارق
وأكمل بنصح وتوعية:
-ونصيحة مني إبعدي عنهم لأنك ماتعرفيش
قلبتهم ولا دُوقتي مرارة غـ.ـدرهم باللي يقرب منهم ومن اللي يخصهم،
واسترسل محذراً:
-ولو باقية علي نفسك ووجودك مع جـ.ـوزك
وخايفة علي حياتك تبعدي خالص عن مليكة، لأن الدنيا كلها عند ياسين كوم،ودي لوحدها
فى كوم تاني،اللي بس هيفكر يقرب منها هيشوف الوش الثاني لياسين المغربي، وما
أدراكِ ما جبروت ياسين
وأكمل محذراً بسبابته:
-ياسين المغربي قرصته بتطلع بالد م
ومكانها بيفضل معلِم
قال كلماته وارتدي نظارته الشمسية ثم
استقل سيارته وقادها بسرعة تاركاً المكان بأكمله وتلك التي تقف وقلبها يغلىّ
كفوران الحِـ.ـمم البُركـ.ـانية،ويملؤها الحِقد على الجميع
❈-❈-❈
قبل انطلاق مدفع الإفطار بحوالي ساعة، داخل
مطبخ ثريا
تقفن جميع النساء علي قدمٍ وساق
لينتهوا من تجهيز طعام الإفطار قبل إنطلاق المـ.ـدفع،تقف مليكة أمام الموقد تتابع
تحريك الحَساء الذي يحبذونهُ صغارها بالملعقة الخشبية
في حين تجلس ثُريا ومنال وإبتسام
وراقية حول الطاولة المستديرة المتواجدة بمنتصف المطبخ تتحدثن وهُن يصنعن السلطات
المتنوعة
فتحت يُسرا موقد الخبيز وأخرجت منهُ
إحدي الصَوَانِي وألتفت بها بإتجاه والدتها وسألتها:
-وش المكرونة حلو كدة يا ماما ولا أسيبه
شوية كمان؟
دققت ثُريا النظر به وأردفت قائلة:
-دخليها تاخد دققتين كمان يا يُسرا
وشوفي الرُقاق في الفرن التاني للوش بتاعه يتلسع
نظرت راقية إلي الصَوَانِي المُتراصة
فوق رخامة المطبخ وتساءلت وهي تنظر إلي الطعام بتشهي:
-البط ده أسواني يا ثُريا؟
أجابتها وهي تقرأ المعوذتين في
سَريرتها:
-أه يا راقية،إبتسام جبتهُ لنا معاها من
الحبيبة أسوان
حولت بصرها إلي إبتسام وتحدثت بملامح
وجه كالحة وأتكأت علي نُطقها لحروف الكلمات:
-تعيشي وتهادي حبايبك يا بسمة
تحمحمت إبتسام وتحدثت شاكرة:
-تسلمي يا أبلة راقية
واسترسلت بنبرة خجلة حين علمت مغزى
حديث راقية:
-معلش أنا ماعملتش حسابك في البَط إنتِ
وأبلة منال المرة دي،لأني عارفة إنكم متجمعين كلكم في شهر رمضان عند أبلة
ثُريا،فجبته كله هنا
واسترسلت بوعد:
-بس إن شآء الله الزيارة الجاية هجيب
لكم معايا أحلا بط أسواني
اومأ لها الجميع بموافقة وشكروها علي
ذوقها العالي،ثم أردفت منال متسائلة بوجهٍ بشوش:
-مش هتخطبي لرؤوف ولا إيه يا بسمة؟
الولد ماشاء الله بقى مهندس قد الدنيا
وبيشتغل خلاص
حولت إبتسام بصرها إليها وأردفت
بإبتسامة سعيدة دون الخوض فى تفاصيل إحتراماً لإنتظارها لرأى أهل سَارة:
-إن شاء الله قريب قوى يا أبلة منال
هنسمع اخبار حلوة ونفرح كُلنا
كانت تقف تلك الرقيقة بجانب مليكة،
شعرت بالد ماء تضـ.ـخ بشدة في جميع جَـ.ـسدِها جراء سعادتها المُفرطة،نظرت يسرا
إليها وابتسمت لها مما أخجل تلك السَارة وجعلها تنظر أرضاً
هتفت هالة زو جة وليد بنبرة حماسيّة:
-إن شاء الله لما تيجى تجـ.ـوزي رؤوف يا
طنط هجيب أولادى واجى أقعد عندك إسبوع بحالة علشان أساعدك فى تجهيزات الفرح
إبتسمت تلك الجميلة وتحدثت بنبرة ودودة
نابعة من أصلها الطيب كَكُل أهل أسوان ذوات القلوب النقية:
-تيجى وتنورى أسوان كُلها يا هالة وإن
ما شالتكيش الأرض أشيلك على راسى يا حبيبتى
تسلمى يا طنط ويسلم ذوقك... جُملة
شاكرة أخرجتها تلك الهالة
بعد قليل صعدت مليكة إلى جناحها كى
تُبدل ثيابها قبل إنطلاق مدفع الإفطار،شعرت ببعض الأرق فتسطـ.ـحت على ظهـ.ـرها فوق
التخت لتستريح قليلاً،وجدت من يطرق فوق بابها ودلف بعدها،إنهُ ذاك العاشق الذى شعر
بقلب حبيبته فصعد ليطمئن عليها
إقترب منها وجلس على طرف الفراش وسألها
بنبرة قلقة:
-مالك يا حبيبي،إوعى تكونى تعبانة؟
هزت رأسها بنفى مع ظهور إبتسامة خفيفة
فوق ثَغرها واجابته بطمأنة:
-مافيش حاجة يا حبيبي،أنا كويسة،أنا بس
حسيت ضـ.ـهرى واجعنى شوية فقُلت أفرده
وضع كف يـ.ـده فوق وجنتها وتحدث
بمداعـ.ـبة:
-دى بركات الأستاذة مِسك اللى هَلت
علينا
إبتسمت بخفة فتحدث وهو يجـ.ـذب
يَـ.ـدها برقة ليحثها على النهوض:
-طب يلا يا قلبي ننزل علشان المغرب خلاص
على وَشَك
جـ.ـذبت كفه برقة وتحدثت:
-ياسين،عاوزة أقول لك على حاجة ضرورى
ومش هتاخد أكتر من خمس دقايق
ضيق عيناه بإستغراب حين وجد حيرتها
بعيناها فهز لها رأسهُ لتتحدث فقصت عليه ما حدث معها من لمار ووليد ووالدته
سحـ.ـبها ليُجـ.ـلسها ثم نظر لداخل
عيناها وتحدث بطمأنة بنبرة شديدة الهدوء إستغربتها مليكة:
-كويس إنك رفضتى
واسترسل بإبتسامة هادئة:
-حبيبى،أنا عاوزك كدة على طول،أى حاجة
تحصل معاكى حتى لو إنتِ شيفاها مش مهمة تيجي تقوليها لى
ضيقت عيناها وسألته متعجبة:
-بس كدة،هو ده ردك على اللى أنا قُلته؟!
أنا كُنت فكراك هتزعـ.ـق وتتنرفز أو
على الأقل تزعل منى إن قُلت لطارق قبل ما أبلغك؟!
إبتسم لها وتحدث وهو يتحـ.ـسس وجنتها
بحنان:
-أنا عارف ومقدر إن ماكانش فيه وقت كافى
علشان تحكى لى على اللى حصل قبل ما تبلغى طارق
كانت تستمع أليه والحيرة والإستغراب
هما سيد موقفها، فتحدثت من جديد بتنبية:
-طب ممكن علشان خاطرى ما تتكلمش مع لمار
فى الموضوع ده
أجابها بهدوء تام:
-أكلمها أقول لها إيه بس يا حبيبي،هى
البنت عملت إيه علشان أحاسبها عليه؟
واستطرد شارحاً:
-لمار دى مجرد واحدة بتسعى وعاوزة تطور
من نفسها وتخلق فرصة تنجح بيها،هى عاوزة تثبت وجودها قدام كُل العيلة وده حق مشروع
ليها وماحدش يقدر ينكره عليها
واكمل ببرود:
-هى دورت بذكاء وجابت لكم عرض كويس من
وجهة نظرها وإنتوا رفضتوه،أنا مش شايف إن الحكاية كلها تستدعى أى كلام من الأساس
قال كلماته ووقف سريعاً وأوقفها معه
وتحدث وهما يتحركان بإتجاه الباب كى يُغلق معها الحديث:
-يلا ننزل علشان المـ.ـدفع ضَـ.ـرب من
بدري وفاضل تلات دقايق بالظبط على الآذان
بالفعل نزلا وتحركا إلى الحديقة وجدا
الجميع يلتف حول تلك الطاولة المليئة بالكثير من الاطعمة اللذيذة والمتنوعة
لتتناسب مع جميع الأذواق المختلفة،إنطلق الآذان وبعد قليل كان الجميع جالسون كُلٍ
بمقعده
تحدث ياسين بنبرة هادئة موجهً الحديث
إلي الجميع وهو يتناقل النظر بينهم:
-إعملوا حسابكم إن أنا عازمكم كلكم علي
السحُور النهاردة حتى الأطفال
واستطرد:
-هوديكم خِيمة رمضانية هترجعكم عشرين
سنة لورا وتشـ.ـموا فيها ريحة رمضان بتاع زمان
تبسمت إبتسام وأردفت بطيبة وحديثٍ صادق
خارج من القلب:
-مافيش داعي تكلف نفسك يا سيادة
العميد،صدقني الفرحة والبركة كلها في لمتنا، لقمة نعملها بسماحة نية وناكلها مع
بعض تكفي وتفيض،وضحكة صافية تطلع من قلوبنا تسعدنا، وحكاوينا وكلامنا اللي بيطلع
من القلب يدخل علي أرواحنا يدفيها
نظر لها عز وتحدث بإعجاب:
-ماشاء الله عليكِ يا بنت أسوان،كلامك
بيمـ.ـس القلوب ومترتب وكأنه أبيات شعر متناسقة
أمسـ.ـك حسن كف يـ.ـدها ورفعها إلي
مستوي فَـ.ـمه وبجراءة قام بوضع قُبـ.ـلة بباطنه وتحدث بإعتزاز:
-هي بنت النيل سحرتني وخطـ.ـفت قلبي من
قُليل يا سيادة اللوا
هتف طارق مهللاً بمزاح:
-الله عليك يا هندسة،يا باشا بالراحة
علينا مش كدة إحنا مش قدك،سعادتك كدة ممكن تقـ.ـلب علينا الهوانم.
قهقه الجميع علي دُعابة طارق عدا تلك
"اللمار" وتلك "الراقية" وكعادتها وضعت كف يـ.ـدها فوق ذقنها
وباتت تتناقل بنظرها علي وجوه الجميع بنظرات تهكمية وهي تلوي فاهـ.ـها بإمتعاض
أردف ياسين بتفاخر:
-إتكلم علي نفسك يا حبيبي،إحنا قدها
وقدود
ثم حول بصره إلي مليكة وسألها بغـ.ـمزة
جريـ.ـئة من عيناه:
-ولا إيه يا مدام؟
إبتسمت وانزلت عيناها تنظر بصحنها
خجلاً فقهقه الجميع
أشار عز الجالس علي رأس الطاولة إلي
صَحن الحمام ونقل نظره إلي ياسين الذي يجاورهُ الجلوس وأردف متحدثاً:
-ناولني الحمامية المبقلظة دي يا ياسين
إبتسم ياسين وبسط ذراعهُ والتقـ.ـط
الحمامة وقام بوضعها داخل صَحن أبيه وهمـ.ـس مُداعباً إياه:
-بالراحة علي نفسك يا باشا دي تالت
حمامة تاكلها،صحتك ما بقتش تتحمل الحمام ده كلهُ
أجابهُ بفُكاهة:
-إتلم يا أبن منال وإعرف إنتَ بتتكلم مع
مين،ده أنا صحتي تتحمل قد اللي تتحمله سعادتك عشر مرات
واسترسل وهو ينظر إلي مليكة:
-بس هو الحظ
ثم حول بصرهُ إلي منال الملتهية بتناول
الطِعام وبالحديث مع إبتسام وثُريا وهمـ.ـس بوجهٍ مُكفهر:
-ما هي الدنيا كدة، ناس ليها رقص وناس
ليها فُرجة، وأنا الشهادة لله لا طولت مع أمك رقص ولا حتي الفُرجة
كظم ياسين ضحكاتهُ ومد يـ.ـده من جديد
وامسـ.ـك به إحدي الحمامات وتحدث وهو يضعها بداخل صَحن أبيه:
-كُل حمام يا باشا،كُل علشان تنسى
نظرا كلاهما للأخر ثم انفجـ.ـرا ضاحكين
تحت نظرات الجميع وإستغرابهم من قهقهات ذاك الثُنائي التي لم تنقطع طالما يجلسان
سوياً
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة روز أمين من رواية قلوب حائرة (الجزء الثاني) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية