-->

رواية رومانسية جديدة قلوب حائرة (الجزء الثاني) لروز أمين - الفصل 16 - 1

 

رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة روز أمين
رواية قلوب حائرة
الجزء الثاني



رواية جديدة 

تنشر حصريًا 

على مدونة رواية وحكاية 

قبل أي منصة أخرى


الفصل السادس عشر



نظرت داخل عيناه وتعمقت بهُما ثم أخذت نفساً عميقاً وتحدثت بنبره مُترقبة:

-ياسين،أنا عاوزة أنزل الشركة من أول الإسبوع الجاى علشان أدير نصيب أولادي بنفسي


وكأن بكلماتها تلك قد سكبت مادة سريعة الإشتـ.ـعال داخل قلب ذاك الولهان الذي أبتُلىّ بداء الغيرة على مدللتهُ حتى أنهُ أصبح يغارُ عليها من أشقائها،ولو كان بإستطاعتهِ أن يشُـ.ـق صَـ.ـدرهُ ويضعها بداخل ضلوعهُ ليحميها من أعيُن البشر ويُريح لوعة وغيرة العاشق لفعلها وما تأخر


جحظت عيناه وتحول بياضها إلى أحمر داكن مما يدلُ على شدة غضـ.ـبه،وهتف بنبرة شديدة الحِدة:

-نعم يا اختي 

ثم أمـ.ـسك أذنهِ بأصابع يـ.ـده وأدارها بإتجاه وجهها وتحدث بنبرة غليظة:

-سمعيني تانى كدة قُلتى إيه؟ 


إستغربت ردْ فعلهِ الغَير متوقع وطريقتهُ الخَشِنة وسألتهْ بنبرة مُتعجبة إسلوبهُ الجديد عليها: 

-مالك يا ياسين؟! 

إكفهرت ملامحهُ وهتف بنبرة شديدة السُخْط: 

-مالى إيه وزفت إيه يا مليكة،إنتِ مش سامعة نفسك بتقولى إيه؟ 

عاوزة تنزلى من بيتك وتسيبى ولادك لوحدهم وتروحى الشركة،لا وكمان حامل؟ 


واسترسل متهكماً بقلبٍ يغلى كحُممٍ بُركانية: 

-والهانم تقعد فى مكتبها وطول اليوم موظف داخل وموظف خارج  

واستطرد بعيناى مُشـ.ـتعلة ونبرة صوت تُوحى إلى وصولهُ لحد الجنون: 

-إنتِ أكيد عاوزة تجلطينى؟ 


كانت تستمع إلى كلماتهِ اللازعة وحالتهِ الجنونية التى وصل إليها فى غضون دقائق بتعجب واستغراب حَادّ،أغرورقت عيناها وأمتلأت بالدموع وبدأت بالإنسياب فوق وجنتيها وهى تنظُر إليه بعيناى لائمة،زفر بقوة وسألها بنبرة حادّة: 

-إنتِ بتعيطى ليه الوقت؟ 


عقبت قائلة بصوتٍ مُتقطع بفضل دموعها: 

-بعيط علشان الإنسان الوحيد اللى المفروض يقف جنبى وياخدنى فى حُضـ.ـنه ويطمنى قاعد يتنرفز عليا ويتريق 


واسترسلت عاتبة عليه: 

-ده أنتَ حتى ما سألتنيش عن السبب اللى خلانى أفكر فى الخطوة دى،برغم إنك عارف إنها خطوة بعيدة عن شخصيتى وطريقة تفكيرى


قلب عيناه بتملُل ثم أخرج زفرة قوية أظهرت كَمْ الغـ.ـضب الذي سكنهُ وتحدث بنبرة قاطعة: 

-وتفتكرى أنا لو عِرفت السبب كدة بقى هوافق أو هديكى عُذرك فى قرارك ده؟!  


شهقةً عاليةً خرجت منها زلزلت كيانهُ وجعلته يتخلى عن عِنادهُ وبلحظة كان يسـ.ـحبها ويُسكنها بأحضـ.ـانه التى لو باستطاعته ما أخرجها منها إلى الأبد،وضع كفهِ الحنون فوق ظهـ.ـرها وبات يتحـ.ـسسهُ برِقَّةٍ نال بها إستحسانها مما جعلها تستكين،قرب فَـ.ـمهْ من أذنها وهمـ.ـس بها مُتحدثاً بنبرة خافتة عَطوفة: 

-إهدى يا حبيبي،إهدى وبطلى عياط علشان خاطرى 


سكنت بأحضـ.ـانه وأستسـ.ـلمت حتى هدأت فأبعدها عنه قليلاً وحاوط وجنتيها بكفاه الحنونتان وتحدث بعيناى مطمأنة لها: 

-أنا أسف يا قلب ياسين،أنا غلطت وإتنرفزت عليكى أول ما سمعت موضوع نزولك الشُغل


واسترسل بندم واحقاق: 

-إنتِ عندك حق،أنا كان لازم أسألك الأول عن سبب قرارك ده ونتناقش فيه بالعقل


ثم أبتسم بجاذنبية وأقترب عليها وقام بتناولهِ لشِـ.ـفتها السُفلى وذاب بقُـ.ـبلة وهـ.ـجة أثارت جنونهُ وابتعد عنها مُرغماً ثم تحدث بنبرة بينت مدى هيـ.ـامهُ بمتيمة روحهُ: 

-بس العقل ده هجيبه منين فى وسط غيرتى المجنونة عليكِ


هز وجهها بلين عن طريق كفاه المحاوطتان لوجنتيها وتحدث بولهْ عاشق: 

-حبيب جـ.ـوزه جننه بعشقه خلاص


هزت كلماتهِ الصادقة كيانها وأختـ.ـرقته وما شعرت فى تلك اللحظة سوى بالراحة والطمأنينة تغـ.ـزو جميعها،همـ.ـست بعيناى تنطق هيـ.ـاماً برجُـ.ـلها الفريد: 

-إنتَ حبيبي ونور عيوني ومكافأة الزمن ليا يا ياسين


ثم مدت كفاي يـ.ـداها وحاوطت وجـ.ـنتاه وتحـ.ـسستهما بحنان واسترسلت باستسماح: 

-بس علشان خاطري تسمعنى وتحاول تفهمنى وتقدر خوفى على أولادى


مال بعيناه برقة وأجابها بنبرة حنون: 

-حاضر يا مليكة،إتكلمى يا حبيبي وأنا سامعك


تنفست براحة ثم بدأت تروى لهُ جُل ما حدث من أول مقابلة لمار لها أمام البحر حتى مهاتفتها بطارق واعترافهُ لها بصحة الحديث،كان يستمع إليها وقلبهُ يحـ.ـترق علي نظرات الألـ.ـم والخزلان الظاهرة بعيناها وشعور المرارة المُلازم لها والذي شعر به وتذوقهُ لأجلها


أخذ نفساً عميقاً ثم تحدث بنبرة صوت هادئة أجاد صُنعِها: 

-طب إنتِ زعلانة ليه يا حبيبي،ما هو طارق قال لك بنفسه إنه بيختبر مصداقية كلامها فى نصيبه من الأسهم 


واسترسل لإقناعها: 

-ده أنتِ المفروض تشكريه إنه ركن نصيب الأولاد وخلاه فى أمان وبعيد عن أى إحتمالات للخُسارة




قطبت جبينها وهى تنظر عليه بإستغراب وأردفت بنبرة تشكيكية: 

-وإنتِ صدقت الكلام ده يا ياسين؟! 


لم ينل حديثها عن شقيقهُ إستحسانهُ فسألها مُستفسراً بترقُب: 

-تقصدى إيه يا مليكة! 

إنتِ بتشُكى فى مصداقية طارق؟! 



لم تستطع قولها باللسان "ولكن"عيناها تفوهت بها صريحةً،تحمحمت واردفت بهدوء كى لا تُزعج حبيبها وتُحزنهُ: 

-أنا مش بشَكِك فى طارق يا ياسين،أنا حكيت لك اللى حصل والكلام اللى هو بنفسه قالهُ لى قبل وبعد ما مضي عقد التوريدات مع الشركة

واسترسلت بتَرصَّد لعيناه: 

-بُص يا ياسين،أنا هاحكى لك اللى أنا حَـ.ـسيته بصراحة لأنى مابعرفش أخبى عنك حاجة ولا من طبعى إنى أحور فى الكلام،أنا حـ.ـسيت إن طارق فكر فى إن المكسب ده من حقه لأن هو اللى شايل شُغل الشركة كله فوق أكتافه وبيديره،وبصراحة ما أقدرش ألومه على تفكيره ده


ثم رفعت رأسها للأعلى وتحدثت بنبرة قوية:

-بس زى ما هو دور على مصلحته وفضلها،أنا كمان من حقى أدور على مصلحة ولادى 

واستطردت على استحياء: 

-وبصراحة بقى أنا بعد اللى حصل مش هاكون مطمنة على إدارة نصيب ولادى مع طارق 

  


إحتـ.ـدت ملامحهُ وهتف بنبرة صارمة: 

-مليكة،فوقى لنفسك وإعرفى إنتِ بتقولى إيه،إنتِ بتتكلمى على طارق المغربي اللى فلوس الدُنيا كُلها ماتساويش قدام إنه يحافظ على حق ولاد رائف

واستطرد لتذكيرها: 

-إنتِ ناسية رائف ده كان إيه بالنسبة لطارق؟ 

  

  

أردفت بنبرة هادئة كى تستدعى حِلمهِ: 

-ممكن تهدى وتحاول تفهم وجهة نظري،أنا ماشككتش فى ذمة طارق ولا أقدر أعمل كدة لأن طارق أبعد مما يكون عن مجرد التفكير فيه بالشكل ده 

واستطردت شارحة: 

-أنا كل اللى كُنت حابة اوصلهولك إنه بقى بيتعامل مع نصيب أولادى على إنه هَم وحمل تقيل عليه،وده اللى أنا مش هقبل بيه أبداً،ده غير إنه بدأ يفصل الأسهم عن بعضهم ويفضل نصيبه على حق ولادى



كان يري حُزن عيناها وألام الخزلان يحومان بهما،ليتهُ يستطيع أن يروي لها تفاصيل الخطة كى يُريحها ويُزيح عن صـ.ـدرها ذاك الالـ.ـم،لكنهُ يعلم شفافية زو جتهُ التى لو علمت لاتخذت الحيطة وكُل التدابير وقامت بوضع أطفالها بغرفتها ولم يستطع أحداً إخراجهم من بين أحضـ.ـانها مهما حاول


ناهيك عن عفوية شخصيتها والتى سيظهر عليها بالتأكيد مما سيجعل الريبة تتـ.ـسلل إلى قلب تلك اللمار وتتراجع عن سيرها بخطتها،وهذا ما لم يسمح به ياسين مهما كلفهُ الأمر من خسائر حتى لو اضطرهُ الأمر للإبتعاد عن متيمة روحهُ مؤقتاً سيفعل، مقابل ان ينتهى ذاك الكابوس ويقطع دابر تلك الحية من قلب عائلته 


تحدث فى محاولة منه لحِثها على الرجوع بقرارها المجنون ذاك: 

-طب ولو قُلت لك ثقى في كلام طارق على ضمانتى؟ 


أردفت بجوابٍ قاطع: 

-ما بقاش ينفع خلاص يا ياسين،إنتَ أصلك ما تعرفش مكانة طارق عندى وثقتى فيه كانت إزاى


هتف بملامح وجه مُتعجبة بطريقة تهاونية: 

-إنتِ ليه مكبرة الموضوع أوي كدة،ماحصلش حاجة تستاهل الافورة اللى إنتِ بتتكلمى بيها دي؟! 


أجابته بشبه إتهام: 

-إنتَ اللى مبسط الموضوع لانه يخُص أخوك ومن الطبيعى إنك تدافع عنه


تجَهَّمت ملامحهُ وتحدث بنبرة حانقة:

-أخوك؟

الوقت طارق بقى أخوك يا مليكة؟

واسترسل مُذكراً:

-مش طارق ده كان صديقك اللى كنتى مأمناه على مالك ومال عيالك وعندك استعداد تأمنيه على حياتكم كمان،إيه اللى إتغير؟ 



أجابتهْ بدون تفكير: 

-اللى إتغير إنه كان زي ما أنتَ لسة قايل يا ياسين 

واسترسلت بنبرة مُحبطة: 

-كَان 

واستطردت بصوتٍ وعيناى حزينة: 

-أنا عارفة إن عقلك رافض يتقبل الفكرة لأن طارق أخوك وطبيعى إنك تدافع عنه وترفض فكرة إنه أهمل فى حق اليتامى


طب أنا مش موافق إنك تنزلى الشركة يا مليكة...جُملة قالها بصرامة وحِدة


أجابته بنبرة حازمة واتهاماً صريح: 

-يبقى إنتِ كمان بتثبت لى إن مصلحة ولادى بقت أخر همك وإن تفكيرى في إنهم بقوا حِمل ثقيل عليكم فى محله 

واسترسلت بإصرار: 

-وده بيخلينى أصّر أكتر على نزولى للشركة وإستلامى لحق ولادى علشان أديره بنفسي 


نزلت كلماتها عليه كصاعـ.ـقة كهربائية أوجـ.ـعت روحهُ،نظر إليها وتسائل داخلهُ: 

-من تلك بحق الله،أهذة المُتمردة هى متيمَتى الرقيقة؟! 

أين ملاكِ البرئ،إين حَمّلى الوديع التى تفهمُ مقصَدى من مُجردِ نظرةً من عيناى؟ 

لما لا تتركى الظاهر وتستمعى لحديث قلبي يا كُل قلبي؟ 

لو أنكِ تتركى لى زمام أموركِ كما تعودت عليكِ لأرحتى قَلبكِ وأرحتني غاليتى


إستفاق على حالهُ ونطق بنبرة جَافة: 

-ده أخر كلام عندك؟ 


أجابته بنبرة مُفسرة: 

-يا ياسين إفهمنى،أنا مُجبرة أعمل كدة لأن الموضوع مابقاش إختيارى بالنسبة لى،دي أمانة رائف لأولادى ولازم أحافظ عليها لأنه هيسألنى عليها قدام ربنا يوم الموقف العظيم 


واسترسلت بنبرة توسُّلية: 

-أرجوك توافق لأنى مش حابة أعمل حاجة إنتَ مش راضي عنها


يعنى لو قُلت لك بلاش علشان خاطرى،هتسمعى كلامى...جُملة نطقها بعيناى مترجية فى محاولة أخيرة منهْ


نظرت لهْ بعيناى يسكُنها الألـ.ـم والحيرة،حيرة بين إرضاء رجُلها الحنون التى باتت تتنفسهُ،وبين صغارها الواجب عليها كأم أن تحميهُما ومالهما حتى يشتدا عودهما ويصيرا رجُلان ويتحملا مسؤلية حاليهما 

إختياران كلاهُما أصعب من الأخر،العشق أم الأمومة؟

وبالنهاية إنتصرت الأمومة داخلها وتغلبت على مشاعر الحُب،نظرت إليه وبملامح وجه مُتألـ.ـمة هزت رأسها بأسف مما يدلُ على إختيارها


شعر بطـ.ـعنة داخل قلبهْ العاشق لكنهُ تمالك سريعاً وهز رأسهُ وتحدث بنبرة صارمة: 

-تمام يا مدام،شوفى عاوزة تنزلى الشركة من أمتى علشان أكلف لك عربية حراسة تلازمك


قال كلماته وهب واقفاً وتحرك بخطوات واسعة فى طريقهُ إلى الباب،هرولت إليه وأمسكت ذراعه وتحدثت بنبرة مُرتعبة: 

-إنتَ رايح فين؟ 


رمقها بنظرة حـ.ـارقة وهتف بنبرة جافة وملامح وجه ساخطة:

-مابقاش يخُصك خلاص،من النهاردة كُل واحد يعمل وينام على الجنب اللى يريحه 


قال كلماتهُ ونفض عنهُ ذراعها وتحرك إلى الخارج صافقاً خلفهُ الباب بشدة زلزلت أركان الحُجرة حتى أن جــ.ـسدها أنتفض على أثره،تنهدت وهزت رأسها بإستسلام وأسي ونزلت دموع الألم تجري فوق وجنتيها،إقتربت من تختها ورمت حالها وارتفع شهيقها للأعلى  


❈-❈-❈


داخل الحبيبة أسوان

كان مُمـ.ـسكاً بسور الباخرة ينظر أمامهُ على مياه النيل الصافية وهى تتراقص أثر مداعـ.ـبة الأمواج الناتجة عن حركة تلك الباخرةِ الضخمةُ،واضعاً هاتفهُ فوق أُذنهِ يتحدث إلى حبيبته قائلاً بنبرة حنون: 

-خلاص هانت يا حبيبتى،كُلها ساعات وأشوفك  


كانت تستمع إليه مُتَهلّلة الوجه،سألته بإستفسار بنبرة تأكيدية: 

-حجزت تذكرة الطيران يا رؤوف؟


أجابها مُغْتبِطاً:

-آه يا حبيبتي،ميعاد رحلتى الساعة تسعة بالليل،وإن كانت بكرة الواقفة هقضيها معاكى وإحنا بنتمشي على البحر،ولو دار الإفتاء أعلنت إن الوقفة اليوم اللى بعده يبقى ليا نصيب أفطر أخر يوم فى الشهر معاكِ 

واسترسل بنبرة حماسية: 

-جبت لك خاتم فرعونى يارب يعجبك


تبسمت وشعرت بروحها تُحلقُ فى السماء من شدة إبتهاجها ثم أردفت بنبرة يملؤها السرور:

-أكيد هيعجبنى يا رؤوف،إنتِ أى حاجة منك بتعجبنى


بحبك يا سارة...جُملة هائمة نطق بها هذا العاشق خجلت منها ذات الحياء التى أخذت من الصمت ملاذاً،فتحدث هو كى يُخرجها من خجلها ذاك: 

-مش قادر أوصف لك فرحة ماما بخطوبتنا قد إيه،عمالة تجهز للخطوبة وتشترى هدايا لكُل قرايبنا سواء اللى عندكم فى إسكندرية أو قرايبها هنا فى أسوان 


بوجهٍ مُنْبَسِط الأَسارير تحدثت تلك الرقيقة: 

-طنط بسمة دى شخصية جميلة أوى،أنا بحبها جداً وحاسة إننا هنبقى مندمجين ومتفاهمين فى حياتنا مع بعض


أردف قائلاً بنبرة شامخة: 

-ماما فعلاً ست جميلة،روحها حلوة أوى وبتحب كل الناس


قطع حديثهما إستماع سارة لبعض الطرقات فوق باب غُرفتها،إرتبكت وأغلقت الخط سريعاً مع ذاك الذي تعجب لأمر خجلها الزائد عن الحَد،وضعت هاتفها جانباً ثم سمحت للطارق بالدخول ففُتح الباب وطلت منه أيسل التى تحدثت وهى تتحرك إليها وتُلقى بجَـ.ـسدها فوق التخت لتجاورها التمدُد: 

-هو أنا جاية من ألمانيا علشان تقعدى فى أوضتك وتسيبينى لوحدى؟


ثم هتفت بمرح عندما لمحت الهاتف الموضوع جانباً ومازالت إضاءة شاشتهُ مفتوحة: 

-شكلك كنتى مقضياها مع حبيب القلب علشان كدة معتكفة هنا فى أوضتك 


ضحكت سارة وتحدثت بنبرة حالمة: 

-أيوة أنا ورؤوف كنا بنتكلم وقفلت معاه لما سمعت خبطتك

واسترسلت بإبانة: 

-بس شكلك ناسية إن إنتِ اللى سيبتينى لوحدى وروحتى علشان تزوري جدك 

وسألتها مُستفسرة: 

-إنتِ جيتى أمتى؟ 


تنهدت وأردفت بأسي: 

-عمو طارق جابنا من حوالى نص ساعة،ومن وقت ما جيت ما لقيتش حد فى البيت ولقيت نفسي قاعدة لوحدى،فجيت أقعد معاكى وشكلى قطعت عليكِ إنتِ كمان وصلة غرامك مع الباشمهندس


سألتها مُستفسرة: 

-ما لقتيش حد تقعدى معاه إزاي يعني؟


تنهدت بأسي وأردفت قائلة: 

-كُل واحد مشغول فى اللى منه وقاعد معاه،جدو عز أخد جدو عبدالرحمن وعمو عُمر وراحوا المعمورة،ونانا منال كان عندها صُداع وأخدت مُسكن ونايمة،وتيتا ثُريا قاعدة مع مامتك وطنط نيرو وعمو سليم وعمو سراج 


ثم تحولت ملامحها إلى حزينة مُتألـ.ـمة وتفوهت: 

-وياسين باشا فوق عند الهانم اللى خليته ينسي حتى أولاده 


واسترسلت بغَرَابة: 

-تخيلى يا سو إنه إتنرفز عليا النهاردة وبهدلنى قدام جدو لمجرد إنى طلبت منه يخلى عمو طارق يجيبها هى من عند بباها وييجى هو يودينا إحنا عند جدو أحمد العشرى؟! 


قطبت جبينها وتساءلت مُتعجبة: 

-معقوله يا سيلو خالو ياسين يتنرفز عليكِ إنتِ؟!


تخيلي...كلمة نطقت بها أيسل بدهشة


أردفت سارة بإيضاح لتخفيف حِدة تلك الغاضـ.ـبة: 

-بُصي هو أكيد كان عنده مشاكل فى شُغله أو متنرفز من الصيام 

واستطردت وهى تُحادثها بغنچ: 

-بس الأكيد إنه ما يقصدش يزعل سيلو حبيبة قلبه


إبتسمت ساخرة وتحدثت بنبرة بائسة: 

-سيلو خلاص راحت عليها مع وجود مليكة هانم،الهانم سحرت الباشا بألاعيبها وللأسف بابا منساق ومخدوع بعشقها ومابقاش شايف حد غيرها،ولسة لما الدلوعة بنتها توصل،أكيد بابى مش هيفتكرنى أساساً مع وجودها


تنهدت سارة وتحدثت بنبرة عاتبة: 

-إيه الكلام اللى إنتِ بتقوليه ده يا سيلا،خالو ياسين لا يُمكن يفرق فى المعاملة بين أولاده،وبعدين إنتِ بالذات ليكى معزة خاصة عنده وكُلنا شايفين ده وملاحظينه من زمان،حتى فى وجود عزو الصُغير معاملته ليكى ولحمزة ما أتغيرتش أبداً 


أجابتها بنبرة متوجسة: 

-عزو لأنه ولد فبابى بيعاملوا ببعض الشِدة علشان هو مقتنع إن دلع الولاد بيبوظهم،لكن البنت اللى جاية وضعها مختلف،واكيد مليكة هتستغلها وتخلى بابى ينسانى خالص بيها 



هزت سارة رأسها وتحدثت بنبرة حزينة: 

-إنتِ ظالمة طنط مليكة أوى يا سيلا،طنط مليكة دى حد برئ وطيب لأبعد حَد،وعُمرها ما تفكر إنها تبعد بباكِ عنك



هتفت بنبرة حادة: 

-إسكتى يا سارة،إنتِ أصلك طيبة زى عمتو يُسرا ونانا ثُريا،وكُلكم للأسف إنخدعتوا في براءتها المُزيفة اللى رسمتها على الكُل من أيام ما كان عمو رائف لسة عايش


ثم نظرت أمامها واسترسلت بتحدى:

-وحتى لو كانت طيبة زى ما بتقولى،كفاية إنها كانت السبب فى إن بابى وجَـ.ـع قلب مامى واهانها قدام الكُل لما إتجوزها وبقى يفضلها عليها


تنهدت سارة بأسي لأجل صديقتها الغالية وما تُعانية فأردفت بنبرة هادئة كى تُزيل عنها همها: 

-إهدى يا سيلا وبلاش تحملى نتيجة اللى حصل لمليكة لأن كُلنا عارفين ظروف جوازها بخالو ياسين،أنا وإنتِ كُنا كُبار وفاكرين كويس هى قد إيه كانت رافضة الجوازة دى،يمكن إنتِ كُنتِ بعيدة ومحضرتيش تفاصيل كتير


تنفست بعمق ثم استرسلت: 

-لكن أنا بحُكم عيشتى معاهم فى البيت شفت تفاصيل إتحفرت جوة عقلى وعُمرى ما هنساها،اليوم اللى خالو ياسين نقل حاجته فى الجناح عندها كان يوم عُمرى ما هنساه ولا هنسي تفاصيله اللى مرت زى الكابوس على طنط مليكة ونانا ومامى 


واسترسلت بنُصح: 

-بلاش تكونى ظالمة وتحاسبيها على ذنب هي مالهاش علاقة بيه 


كانت تستمع إليها بقلبٍ وعقلٍ مُغلقان وكأنها لا تُريد تغيير الصورة التى إرتسمت بداخل عقلها عن سـ.ـارقة أحلام وسعادتها هى ووالدتها،تحدثت لإستبدال الحديث: 

-قولى لى بقى يا سو،جبتى فستان الخطوبة ولا لسة؟ 


إبتسمت تلك البريئة على ذِكر خُطبتها من حبيبها وتحدثت بنبرة حماسية: 

-نزلت إشتريته أنا ومامى وخالتو وحجزت الميكب أرتست 

واسترسلت ببَهْجَةُ:

-أنا فرحانة أوى يا سيلا،واصلاً مش مصدقة إن خطوبتى على رؤوف تمت بالسهولة دى


تَهلَّل وجه أيسل وهتفت بنبرة حماسية:

-مبروووووك،بس تعرفى،أنا كمان مستغربة موافقة عمتو يُسرا،لأنها كانت مُصممة إنك تكملى تعليمك قبل أى إرتباط 


أردفت بتَحمُّس: 

-البركة فى خالو ياسين،هو اللى اقنعها وقال لها إن رؤوف حد محترم وعاقل ومش هيشغل سارة عن دراستها  


أشارت الفتاة إلى الهاتف الموضوع جانباً وتحدثت بإبتسامة ساخرة: 

-لا فعلاً باين إنه مش هيشغلك 


أطلقتا الفتاتان الضحكات الساخرة واكملتا حديثيهما 


❈-❈-❈


دخل ياسين جناحهُ المُشترك مع ليالى بقلبٍ يشـ.ـتعل نـ.ـاراً،وجدها تجلس فوق تختها واضعة اللاب توب أمامها تُشاهد من خلالهُ أحدى المُسلسلات الرمضانية التى تتابعها،نظرت عليه وتحدثت متهكمة بحَنق جراء معاملته لها أمام والديه: 

-حمدالله علي السلامة يا سيادة العميد


لم يُجيبها وانطلق على الحمام مباشرةً واغلقهُ بقوة إستغربتها تلك التى باتت تنظر على أثره وهى ترفع أحد حاجبيها مُتعجبة لملامح وجههُ المُكفهرة،وبلحظة إبتسمت وتَهلَّلت ملامح وجهها عندما ربطت بقدومهِ من بيت غريمتها بتلك الحالة وتيقنت حينها أنهما تشاجرا،وهذا ما إستطاعت أن تستشفهُ من غضبة عيناه،تنفست براحة وعادت بنظرها إلى شاشة اللاب توب من جديد لتتابع عليه مسلسلها المفضل 


أما بالداخل إقترب من كبينة الإستحمام وقام بنـ.ـزع كنزته وألقى بها أرضاً بقوة وإهمال ثم إنتـ.ـزع بِنطالهِ وتابع خلـ.ـع ما تبقى من ثيابهُ الداخلية وطرحها أرضاً ثم هرول إلى داخل الكابينة وقام بتشغيل صُنبور المياه البارد،وقف تحتها سانداً بساعديه علي الحائط مُـ.ـستسلماً للمياه الجارية الباردة رغم برودة الجو،عَلها تُطفئ لهيب جَـ.ـسدهِ الذي أصابهُ بفضل حديثهُ مع تلك العنيدة،أغمض عيناه وضل مُـ.ـستسلماً لحالته لما يقرُب من النصف ساعة


لم يشعُر بأية راحة بعد وقوفهُ كُل تلك المُدة تحت المياة،ومن أين تأتى الراحة فى البُعد عن المحبوب،تحرك خارج الكبينة وأمـ.ـسك مئزرهُ وارتداه،خطى بساقية حتى توقف عند المرأة المتواجدة بالحمام ونظر لوجههِ من خلال إنعكاس صورته بها،نظر لعيناه ونظراتها النـ.ـارية إكتشف حينها كم أوصلته تلك المُتمردة إلى حالة شديدة من الغـ.ـضب


خرج من الحمام مُتجهاً إلى الشُرفة مباشرةً تحت نظرات ليالى المتفحصة،وقف ورفع رأسهُ للأعلى ثم أغمض عيناه وبات يأخذ شهيقاً ويُزفرهُ مرات مُتتالية عَلهُ يهْدئ وتتـ.ـراخى أعضـ.ـائهُ المُتوترة،تحركت ليالى إلى أن وصلت خلفهُ ثم لفت ساعديها حول خـ.ـصرهِ وقامت بوضع رأسها فوق كتـ.ـفهِ بغُنـ.ـاج وتحدثت بنبرة أنثـ.ـوية فى محاولة منها لإسـ.ـتغلال الوضع: 

-لما أنتَ ناوى تاخد شاور مش كُنت تقول لي علشان ناخده مع بعض


زفر بقوة عندما شعر بلمـ.ـستها الغير محببة لجَـ.ـسده المُشـ.ـتعل غضـ.ـبا،تحدث بنبرة باردة: 

-إبعدى يا ليالى علشان تعبان


فكت وثاق ساعديها عن خصـ.ـرهْ وتحركت إلى أن جاورته الوقوف ثم ضيقت عيناها وتحدثت وهى تنظر إليه بتفحُص: 

-مالك يا ياسين؟ 

واسترسلت بخبث وهى تنظر داخل عيناه: 

-عيونك مليانة غضـ.ـب،إنتَ متخانق مع حد؟


إلتف لها وتحدث بنبرة صارمة وهو ينظر داخل عيناها بإرهـ.ـاب لعلمهِ مقصدها: 

-مش بس عيونى اللى ملينانة غضـ.ـب يا ليالى،أنا جوايا غـ.ـضب ونـ.ـار لو خرجوا هيدمـ.ـروا أى حاجة فى وشهم


واسترسل وهو يُميل برأسهِ مُضيقاً إحدى عيناه مما جعل الرُعـ.ـب يدبُ داخل أوصال تلك البلهاء: 

-وتبقى ليلته سودا وأمه داعية عليه اللى هايكونوا من نصيبه


إبتلعت لُعابها وارتجف جَـ.ـسدها واردفت بنبرة خرجت مُرتبكة:

-تحب أتصل بالشغالين يعملوا لك قهوة؟


أدخلى كملى فُرجة على المسلسل بتاعك...جُملة ساخرة نطقها بعيناى تُشبه نظرات الصَقر بحِدتِها


كادت أن تُهرول إلى الداخل كى تَقى حالها شَـ.ـر ذاك الكَظِيم لكنها تسمرت بوقفتها عندما لمحت صغيرتها تدخل من البوابة الرئيسية للمنزل وهى ترفع ذراعها وتُلوح لها فى الهواء،أشارت لها بإبتسامة مُصطنعة من بين رُعـ.ـبها من ذاك الياسين


عاود النظر أمامهُ من جديد بعدما وجدها تلوح بيـ.ـدها إلى أحدهم،وما أن رأى إبنته حتى صاح عالياً قاصداً إياها بالحديث:

-خليكى عندك يا سيلا،أنا نازل لك حالاً


إبتسمت له وأومأت بطاعة وتحرك هو ليرتدى كامل ثيابهُ كى يهبط إلى غاليتهْ


قبل هذا التوقيت بعدة دقائق فقط

كانت تُلقى بجَـ.ـسدها فوق تختها بإهمال،تبكى وتنتحب بشدة على حبيبها الذي تركها وغادر حُجرتها وهو غاضـ.ـباً منها ولم يتفهم موقفها كما كانت تتمنى،إنتفضت من رقدتها حين إستمعت إلي رنين صوتهِ العالى،هرولت إلي شُرفتها سريعاً وبتلقائية بحتة نظرت على شرفة غُرفته وجدته يقف برداء الإستحمام بصَـ.ـدرٍ مكشوف وشعر رأس مُبتل وغير مُهندب،يتدلى منه بعض قطرات المياة التى مازالت عالقة به،تجاورهُ تلك الجميلة ترتدى مئزراً رقيق باللون الوردي،تنظر أمامها بإبتسامة تُظهر كَمّ راحتها وسعادتها 


بلحظة شعرت بلهـ.ـيباً يضَرَّم ويسري بجَـ.ـسدها بالكامل مما جعلهُ ككُتلة متوهـ.ـجة،إستدار ليدخل وقعت عيناه على تلك المتسمرة تنظر عليه بعيناى مذهولة وصَـ.ـدراً يعلو ويهبط دلاَلَةً علي مَدى إحْتِـ.ـراق روحها،نظرت إليه بعيناى لائمة،بادلها إياها بنظرة باردة وتحرك سريعاً إلى الداخل غير مبالياً بحالتها


لاحظت ليالى نظراتهما وإشتد غضـ.ـبها عِندما لمحت نظرات العتاب من تلك التى تعتبرها دخيلة على حياتهما،رمقتها بنظرات ساخـ.ـطة قابلتها مليكة بقوية حيث رفعت رأسها وثبتت نظرها داخل عيناها بتحدى،فصل تلك النظرات صوت ياسين الذي إستدعى ليالى وتحدث بنبرة أمرة بعدما لمح نظراتها الحـ.ـادّة التى ترمق بها مليكتهُ الغاضـ.ـبة،فأراد أن يفض ذاك الإشتباك بهدوء


ألقت عليها نظرة حـ.ـادّة أخيرة ودلفت إلى الداخل وتحدثت بنبرة ساخطة:

-هى الهانم بتبص لك كدة ليه لما شافتك لابس البُورنس؟

وتساءلت بعيناى مُتسعة:

-إوعى تكون مفهمها إن مفيش حاجة بتحصل بينا يا ياسين؟  


هتف بحِنقٍ أرعبها: 

-ليالى،أنا على أخرى ودماغى فيها ألف حاجة محتاجة كُل تركيزى ومش وقت تفاهتك دى خالص،إتقى شري يا بنت الناس وياريت تحتفظى بأفكارك التافهة دى جواكِ 


واسترسل بنظرات تهديدية:

- وده لمصلحتك طبعاً 


وكأن بكلماتهِ تلك قد ضغط فوق زِر إنفـ.ـجار تلك التى أُصيبت بالغضـ.ـب هى أيضاً: 

-طبعاً،ما هى ليالى الحيطة المايلة بتاعتك اللى وقت ما تتنرفز تخرج فيها زهقك،الهانم تتدلل وتنكد عليك وتسيبها هى علشان ما تزعلهاش وتيجى لليالى الهبلة تزعق وتخرج كُل غضـ.ـبك عليها وتقولى إسكتى لمصلحتك وفاكرنى هبلة وهسكت،بس لحد كدة وكفاية يا سيادة العميد


واسترسلت بشراسة:

-من النهاردة مش هسكت على إهاناتك المتكررة وتهديدك ليا كل شوية يا ياسين


إقترب عليها وانحنى مُقرباً وجههُ من خاصتها وهتف بفحيح كالأفعى:

-هو إنتوا حد موصيكم عليا النهاردة؟ 


ثم صاح بصوتٍ مرتفع وهيئة جنونية وكأنهُ تحول إلى وحـ.ـشٍ كَاسر: 

-إنتوا عاوزين تجننونى ولا عاوزين منى إيه بالظبط؟ 

ثم أستقام بجَـ.ـسدهِ واستكمل وهو ينظر إليها بتحدى: 

-طب يلاَ يا بنت العَشري،هاتى اللى عندك وورينى أخرك إيه؟! 


إنتفض بدنها وبسُرعة البرق كانت تتراجع للخلف بعدما شاهدت سُخط ملامحهُ،رمقها بنظرة مُمتعضة وتحرك إلى الخارج بعدما رأى إرتيابها 


تنفست وزفرت بهدوء لخروج ذاك الوَحْـ.ـش الكاسر التى رأته وظهر أمامها مُنذُ القليل 


خرج ياسين من البوابة الداخلية وتحرك فى طريقهُ إلى إبنته التى شاهدت ما حدث من حَـ.ـرب العيون التى دارت مُنذُ القليل بين "مُثلث الوجـ.ـع"وأعجبتها،إقترب على إبنته التى وبرغم حُزنها منهْ إلا أنها اسرعت عليه ورمت حالها داخل أحضـ.ـانه براحة قابلها هو بضـ.ـمةً حنون وأنحنى برأسهِ وقام بوضع قُبـ.ـلة حنون فوق رأسها وتحدث مُتسائلاً بنبرة هادئة:

-عندك مانع نتمشي سوا على البحر؟


شعوراً هائلاً إجتاحَ روحها وتغلـ.ـغل بها ثم تحدثت بنبرة بينت شِدة سعادتها:

-طبعاً معنديش مانع يا بابى 


إبتسم لها وحاوط خَصـ.ـرها بذراعه وتحركا معاً فى طريقهما إلى شاطئ البحر،بعد مُدة تحدث إليها بنبرة جادة: 

-أنا عارف إنك زعلانة منى بسبب اللى حصل النهاردة،بس فى الحقيقة أنا اللى زعلان 


واسترسل وهو ينظر داخل عيناها بتأكيد: 

-أنا مش بس زعلان،زعلان دى كلمة قُليلة أوى على اللى أنا حاسه،أنا مقهور يا أيسل 


نظرت لأسفل قدماها بعدما مطت شـ.ـفتاها وتحدثت بنبرة خجلة:

-أنا أسفة يا بابى لو كُنت زعلتك أوى كدة 


توقف عن المشي وتحدث مُعاتباً إياها وهو ينظر لداخل عيناها:

-عُمرى ما كُنت أتخيل إن ييجى اليوم اللى بنتى تراجعنى فيه وتعدل على كلامى قُدام الناس،إنتِ صغرتينى قدام أبويا وأمى وخليتينى أخجل من نفسي 



كانت تستمع إلى والدها والندم والخجل ينهشان قلبها،تحدثت بملامح وجه يكسو عليها الخِزي: 

-أنا أسفة،أرجوك سامحنى يا بابي،أوعد حضرتك إن دى هتكون أخر مرة أعمل فيها كدة 


نظر إليها وتحدث شارحاً بأسي: 

-أنا مش زعلان منك قد ما أنا مقهور علشانك يا سيلا،مش حابب أشوف بنتى كدة،لازم تتصرفى باللى يليق بحفيدة سيادة اللواء عز المغربي


هزت رأسها سريعاً وتحدثت بإيماء:

-حاضر يا بابى


أخرج هاتفهُ وهاتف عزت حارس أمن البوابة وطلب حضورهُ ليرافق أيسل أثناء عودتها وهاتف طارق وأخبرهُ بأن يأتى فى الحال،بعد قليل كان شقيقهُ يقف أمامهُ وتسائل مُستفسراً:

-خير يا ياسين،طالبنى هنا وفى الوقت ده ليه؟!


أخذ نفساً عميقاً ثم أخرجهُ وتحدث بملامح وجه مُبهمة:

-إعمل حسابك إن مليكة هتنزل معاك الشِركة بعد أجازة العيد علشان تدير نصيب ولادها بنفسها


واسترسل مطالباً: 

-ياريت تجهز لها مكتب وتختار لها موظفين موثوق فيهم علشان يساعدوها 


قطب جبينهُ وأردف مُستفسراً: 

-معناه إيه الكلام اللى إنتَ بتقوله ده يا ياسين،أنا مش فاهم حاجة 


صاح بصوتٍ ينمُ عن وصولهُ للمنتهى: 

-معناه إن مليكة مابقتش واثقة فيك وعاوزة تدير نصيب ولادها بنفسها يا طارق،ولما اعترضت وحاولت أخليها تُصبر إتهمتنى إن ولادها بقوا حمل تقيل علينا وإن مصلحتهم بقت أخر همنا  


واسترسل بصياح عالى أحزن قلب شقيقهُ عليه: 

-فلو سمحت يا طارق تسمع الكلام وتخصص للهانم مكتب علشان أنا خلاص جبت أخرى من الكُل 


زفر طارق بضيق وتحدث بترجى:

-قول لها يا ياسين،مليكة عاقلة وهتقَدْر وأكيد هتساعدنا


هتف بنبرة صارمة: 

-قولت لك قبل كدة إنه مش هينفع،إحنا ما بنلعبش يا طارق 


واسترسل بنبرة جعلت القلق يتسلل لقلب ذاك الطارق:

-الموضوع أكبر وأخطر من اللى خيالك ممكن يصورهُ لك،أنا بقيت حاطط عينى فى وسط راسي وبقيت بتلفت حواليا طول الوقت زي المجنون مستنى أشوف الضربة هتيجى لى منين، مطلوب منى أحمى عيلتى برة وجوة البيت كمان،وفى نفس الوقت أحْمِى بنتى ومراتى في ألمانيا ويومياً أستلم تقرير بكل حاجة بتحصل معاهم هناك،ولادى وولاد مليكة وولادكم ممشي وراهم حراسات مُشددة لدرجة إن الناس بقت تتهمنى بالغرور والكبرياء،فاكرينى ممشيهم منظرة


واستطرد بنبرة صارخة: 

-وفى وسط كل القرف اللى أنا فيه ده جاية لى الهانم ببطـ.ـنها المترين قدامها وعاوزة تنزل الشركة،شفت الخيبة اللى أخوك فيها يا طارق؟ 


واكمل بعُجالة: 

-وقبل ما تقولي ما فيش قدامك حل غير إنك تقول لها هاقولك ماينفعش،مليكة جبانة وبتترعب على ولادها ومهما حاولت تخبي هيبان عليها وهاتضيع لى كل شُغلى فى لحظة 


ثم تنهد واسترسل بنبرة إستـ.ـسلامية: 

-أنا تعبت يا طارق،تعبت وما بقتش عارف أسِدْ على إيه ولا إيه...جُملة أظهرت كم الإنهاك الذي تملك من روح ذاك المُرهَق


إقترب علي شقيقهُ وربت على كتفه وتحدث وهو يشد من أزرهْ:

-هتعدى،ياسين المغربى قدها إن شاء الله،صدقنى كُله هيعدى 


أجاب شقيقهُ بيقين: 

-إن شاء الله يا طارق،إن شاء الله 

واسترسل برجاء: 

-طارق،أنا مش عاوزك تزعل من مليكة،هى بردوا معزورة فى تفكيرها


أومأ له بموافقة فاكمل ياسين بنبرة تعقُلية: 

-عاوزك تبدأ تجهز لها مكتبها من بكرة وأنا هأمنهُ لها كويس علشان يبقى جاهز تنزل بعد العيد على طول


هز رأسهُ عدة مرات متتالية وتنفس كلاهما بضيق ثم تحركا فى طريقهما للعودة 


مرت الليلة بصعوبة على الجميع وخصوصاً تلك العاشقة التى ظنت بأن زو جها تركها وذهب إلى ليالى ليلهو داخل أحضـ.ـانها تاركاً إياها تحتـ.ـرق من شدة غيرتها عليه