-->

رواية جديدة مواسم الفرح (ست الحسن) لأمل نصر الفصل 20

 

قراءة رواية مواسم الفرح (ست الحسن) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية مواسم الفرح 

من روايات وقصص 

الكاتبة أمل نصر


(ست الحسن)

الفصل العشرون

في الغرفة التي خلت إلا منهما، بعد أن خرج رائف بصحبة والدته وشقيقته نيرة، ليعود بهم إلى البلدة، فتبقت سميحة لتسحب هدية معها لداخل الشرفة بحجة وهمية، حتى تترك لهما مجالاً للحديث ولو لدقائق حتى أو نصف ساعة.

سألها بصوت دافيء خرج من اعماق قلبه الغريق بعشقها:

- انتى متأكدة من قرارك ده؟

أومأت له بهز رأسها تقول بخجل وصوت خفيض:

- أيوة طبعًا متأكدة. 

عاود السؤال وكأنه يريد التأكد:

- يعنى الكلام اللى سمعته وانا بفوج من الغيبوبة كان من جلبك يا بدور ؟

رفعت أنظارها لتقابل بعينها الجميلة خاصتيه قائلة:

- انت شايف إيه؟

تطلع في بحر عينيها الأزرق بأمواجه، مع انعكاس ضوء الغرفة في هذا الوقت من النهار، ليجيب كالتائه: 

- انا ... انا عينى عمرها ما شافت حد غيرك يا بدور، مش عشق في جمالك ولا جمال عنيكي اللي كل حال بلون تبهر أي حد يبصلها، لا يا بدور، دا عشج اتولد معايا وربنا خلجه في جلبي من اول وعيت ع الدنيا وعرفتها زين، وعرفتك.

اصعب يوم مر عليا فى دنيتى كلها كان يوم خطوبتك على معتصم، كنت حاسس كأن روحى بتتسحب منى بالبطئ، حاولت كتير اشيلك من جلبى وتفكيرى لكن مجدرتش، لدرجة انى فكرت اتجوز جبلك عشان اجطع الامل... 

برقت عينيها فجأة لتخرج من السحابة الوردية التي كانت تلفها على اثر كلماته الجميلة، لتتحول في لحظة سائلة بعدم تصديق وقد نست خجلها ورقتها:

- انت بتتكلم جد يا عاصم ؟ 

أسعده هذا التغير المفاجيء لها، ورد يجيبها الحقيقية:

- بجد يا بدور، ولولا خناجتك انتى مع معتصم كان زمانى دلوك متجوز نيره بجلب ميت.

- نيرة!!

خرجت منها بغضب لتغمغم بالسباب:

- يا بت الجزمة يا نيرة.

ضحك عاصم يقارعها بانتشاء:

- طب بتشتميها ليه؟ هى ايه ذنبها بس؟ دى حتى متعرفش حاجة، ولا حتى أي حد من أهلها، دا كله كان كلام مع عمك ومرت عمك، جبل ما يحصل اللي يحصل، وتوجف كل حاجة.

ردت بشراسة غريبة عنها:

- أحسن، بس دا معناه إن انت فكرت فيها؟

حاول السيطرة على ضحكاته مع طبول الفرح التي تدوي بصخب داخله يتمتم لها:

- يخرب عجلك يا بدور، هو انا بجولك ايه بس من الاول؟ دا كان مجرد شروع في خطبة، والحمد لله مفيش حاجة تمت يا مجنونة.

انفتح باب الغرفة فجأة ليطل منه ياسين معقبًا

- وه، دا انت بتضحك يا عاصم! يبجى رايج على كده؟ خلاص يا جماعه اتطمنوا ولدنا زين ان شاء الله .

قالها بمزاح ليدلف وخلفه رضوانة وابنتها، لتخرج على الصوت سميرة بصحبة هدية، كي يرحبوا بالزائرتين، واستغل ياسين انشغال النساء بالحديث الودي السريع، ليقترب من عاصم وبدور هامسًا بتوعد:

- بتورطونى يا ولاد الفرطوس وتتخطبوا على جفايا .

هم عاصم أن يبرر:

- اصل  يا جدى......

أوقفه ياسين بإشارة من كفه، ليكمل بهمسه:

-  جد مين يا سهون انت وهى، طب ما كان من الاول، بدل التعب والتشابيك مع الناس، لكن معلش، حسابكم  معايا بعدين يا ولا ال.....

تمتمت له بدور بصوت خفيض وحرج:

- انا اَسفه يا جدى اني كنت السبب في كل اللي حصل 

القى ياسين نظرة خاطفة نحو النساء التي كانت وشك الانتهاء من حديثهم الودي، ليقتربن من المريض ورؤيته، فغمغم لهما سريعًا بتوعد:

- خلى اسفك لبعدين يا ختى، مش وجته الكلام دلوك .


❈-❈-❈


والى مدحت الذي كان على وشك المغادرة من المشفى بانتهاء نوبته، وقد بدل ملابس العمل بملابسه العادية، ولملم اشياءه ليغلق الحقيبة قبل ان يتفاجا بمن اقتحمت غرفته مرددة بالإستئذان:

- مساء الخير يا مدحت، ممكن كلمة

اجاب برد التحية:

- مساء النور، اتفضلي طبعًا،

اقتربت منه بخطوات مترددة تسأله:

- هو انت صحيح خطبت يا مدحت؟

قطب مستغربًا لعلمه بهذا الأمر الخاص، ولكنه تجاوز ليجيبها وهو يجلس:

-  رغم انى مستغرب معرفتك بالموضوع بس اه يا ستي، انا فعلا خطبت .

نزلت بثقل جســ دها على الكرسي من خلفها بصدمة تتمتم:

- يعني هو الأمر فعلا بجد؟ والبنت دي مبتكدبش لما قالت انك خطيبها؟

اهتزت رأسه باستفهام يسألها:

- بنت مين اللي جالتلك؟

قالها وتوقف ليغمغم بتفكير مع نفسه:

- ايه دا معجوله يكون نهال وصلتلك!

مها بعدم تصديق كانت تردد:

- ليه يا مدحت ؟ جاي دلوقتي تخطب بعد انا ما خلاص بقيت حره وقولت ان احنا ممكن نرجع لبعض و ...

أوقفها مدحت بأشارة من كفهِ مقاطعًا لها بقوله:

- لو سمحتى، ما تتدماديش فى احلامك.

تماسكت لتوقف ذرف دماعاتها مخاطبة له:

‐ أحلامى انا وحدى يا مدحت؟ وانت....

- انا ايه؟ لو سمحتى دا كان موضوع واتجفل .

قالها بحزم أجفلها، لتصيح به:

- إنت ايه يا اخى، للمره التانية هتبقى السبب فى بعادنا عن بعض؟

تماسك الا ينفعل حتى لا يخرج منه ما يسيئه، فقال بتحكم قوي بعصبيته المعروفة عنه:

- لو سمحتى اسمعينى ممكن، اولا هى كانت مرة واحدة، ودى كانت جبل ما تتجوزى الدكتور عزيز، واظن يعني انك بعد ما اتطلجتى ورجعتى تانى، مفتكرش انى اديتك عشم او اى امل اننا نرجع لبعض عشان يبجى فى مره تانية، يعنى كدة بالنسبالى، انتي كنتي تجربه وعدت خلاص، بحلوها، بمرها، فهى عدت .

رددت بدموع تتساقط بغزارة أمام جموده:

- انت بتنتقم منى يا مدحت، يعنى صابر الوقت دا كله وجاى دلوقتى تتجوز .

إلى هنا وقد نفذ صبره ليهدر بها:

- لا حول ولا قوة الا بالله، يا ستى انا مالى ومالك عشان انتجم ولا انيل، يعنى انتى لو مكنتيش اتطلجتى كنت انا هفضل مستنيكى؟ طب ليه يعني؟ مش هجدر اعيش من غيرك مثلًا؟

كلماته القوية والحازمة جعلتها تنهض بيأس تمكن منها وهي تتتمتم:

- اظاهر كدة ان مفيش فايده من الكلامء انا اسفة ان كنت ازعجتك، بس احب افكرك مره تانى انك انت اللى سبتنى فى الاول .

هز رأسه بموافقة غير مبالي قائلًا:

- حاضر.

ازداد غيظها لعدم اكتراثه، وتحركت بخطواتها تغادر، ولكنها وقبل ان تصل لباب الغرفة، استدارت فجأة تخاطبه بتحذير:

- اه ويا ريت تقول للهانم خطيبتك ما تجيش تسألنى عن حاجه تانى لأن انا مش غبيه عشان مفهمش غرضها .....

بصقت كلماتها لتخرج بعدها على الفور، تاركة مدحت تعتلي ثغره ابتسامة مشاغبة، حول فعل نهال، رغم غيظه منها لتصرفها بعدم علمه، ليغمغم بقلة حيلة:

- اعمل ايه بس معها المجنونه دى؟


❈-❈-❈


عاصم يا حبيب عمتك، يا غالى يا واد اخوي.

هتفت بها صباح وهي تقتحم الغرفة لتباغت عاصم بالهجوم بقبلاتها المتلهفة بلوعة، والاَخر على وشك الأصابة بأزمة قلبية من كم الإحراج الذي يتعرض له بفعلها، وصوته يردد:

-  خلاص يا عمتى، انا زين ورايج اها، الله يرضى عنك كفاية.

صاحت به بانفعال:

- رايج فين يا حبيبى؟ كسر يده اللى عمل فيك كده.

بالقرب منهما هتف بها ياسبن:

- خبر ايه يا بت؟ مش تسلمى الاول ع الناس، نازلة كدة هجوم ع الواد اديله نفسه طيب.

التفت صباح توزع أنظارها على جميع الأفراد بالغرفة قائلة:

-   معلش يا جماعة سامحونى بجى، ربنا يكفينا ويكفيكم شر الغفلات. 

أمم الجميع خلفها بتقدير لموقفها، وتنقلت هي بخطابها نحوهم:

- كيفك يا هدية؟ الف سلامة لولدك يا سميحة، وانتى ازيك يا رضوانة؟ وازاي بتك ؟

اجابتها الأخيرة بابتسامة:

- زينه والحمد لله يا حبيتى، بس انتى كنتى غايبة فين يعني عنه؟

جلست صباح على طرف التخت لتجيبها:

- كنت مسافرة يا خيتي عند بتى المتجوزة فى اسكندرية ،وتوى ما راجعة، وسمعت الخبر من الناس فى البلد، ونار جادت فيا، ما ستريحتش غير وانا مخليه السواج اللى جابنى ياخدنى تانى ع المستشفى .

سألتها سميحة:

- طب وعلى كده بتك رايجة وزينة؟ طمنينا عليها يا ولية.

بابتسامة اجابتها صباح:

- اسكت يا بوى، دا الدنيا اتغيرت خالص فى اسكندرية، ولا عيال بتى اللى كبروا، دا انا معرفتش حد فيهم، بجوا عرايس وعرسان يا حبيبتي، كبروا البت معاهم .

عقب على قولها ياسين:

- وحشونى والله ولاد الفرطوس، ونفسى بجى البت دي تاجى وتجيب عيالها اشوفهم 

- وهى كمان نفسها تشوفك يا بوى وتجيبلك العيال، دى هتموت على البلد وناسها، بس ظروف الشغل بتاعة جوزها بجى، هي اللي معطلة الدنيا معاها 

قالتها صباح ليتمتم لها ياسين:

- ربنا يجيبها بالسلامة شاء الله .

سالتها هدية:

- طب وعلى كدة انتى ما شوفتيش حد من خواتك، وانتي جاية؟

ردت صباح بعدم تركيز:

- شوفت سالم ومحسن وسلمت عليهم جبل ما اداخل ..  لكن مين البنيه الحلوه دى؟

انتبهت رضوانة نحو الجهة التي تشير إليها فقالت تجيبها:

- دى بتى نسمة للى كانت متجوزه فى البلد عنديكم يا ست صباح متعرفيهاش؟

هزهزت برأسها الأخيرة نافية تردد:

- لا يا خيتي معرفهاش عشان محصلش نصيب ولا شوفتها جبل كدة، لكن بصراحة، بسم الله ماشاء الله، دا انتى زى العسل يا حبيبتى وخساره فيه العفش ده.

تمتمت نسمة بخجل:

- تسلمى يا خالة ربنا يخليكى.

حضر سالم ليطرق على باب الغرفة يستأذن، فقال ياسين يدعوه

- ادخل يا ولدى، مفيش حد غريب، ولا انت معاك حد تانى غير اخوك؟

رد محسن الذي ولج خلف شقيقه:

- ايوه يا بوى، عبد الرحيم داخل معانا .

سمع ياسين لينتفض عن مقعده يستقبل الأخير بترحاب مرددًا"

- وه، عبد الرحيم، ادخل يا ولدى، دا انت فى مجام عاصم دلوك.

دلف المذكور بحرج ورأسه مطرقة يردد بحرج:

- تشكر يا عم ياسين، السلام عليكم .

تلقفه عاصم مرحبا هو الاَخر:

- اهلا يا عبد الرحيم اتجدم ادخل، شرفتني والله.

اكمل بخطواته عبد الرحيم لتقع عينيه على نسمة الجالسة بجوار والدتها، أنزلها سريعًا، ليكمل نحو عاصم كي يسلم عليه ويجلس على الكرسي المقابل له، وقال سالم: 

- ايوه يا بوى، دا غلاوتو عندى دلوك فى غلاوة عيل من عيالى، البطل ده واد الأصول 

بفضول وصوت خفيض تسائلت رضوانة:

- هو مين عبد الرحيم ده؟ وايه حكايته؟

اجابتها سميحة بهمس هي الأخرى:

' ما هو دا اللى نجد عاصم وشاله على كتفه، انا هاحكيلك .

اكملت سميحة لتشرح بالتفصيل الممل، عن شجاعة عبد الرحيم في انقاذ ابنها وقت إصابته، ونسمة بجوارهن، تستمع وأعينها تناظره بإعجاب، ومن جهته أيضًا كان يفعل المثل، ولكن بنظرات خاطفة 


❈-❈-❈


والى البلدة

حيث خرج معتصم من منزله بتخوف ينظر يمينًا ويسارًا، وفي كل الأنحاء، يسير متسحبًا برعب حتى إذا وصل إلى الرجل الذي كان ينتظره في الحديقة، بدون سلام خاطبه بسخط:

 - انت ايه اللى جابك هنا يا غبى؟

اجاب الرجل ذو الهيئة الإجرامية :

- ما انت اللى خايف تيجى  تجابلنى فى مكانا  المعروف عند الجهوه اللى غرب البلد، كنت عايزني اعمل ايه؟

قال معتصم بعصبية

- وتيجى ليه اساسًا؟ خلاص الود مجطع بعضه ما بينا؟

هتف به الرجل بتذمر:

- جرا ايه يا سى معتصم؟ هو انت عايز تاكل حجنا  ولا   نسيت  اتفاجنا وعايز  ماتديناش عرجنا؟ 

بضيق واستفزاز عقب معتصم:

- عرجكم دا ايه يا حبيبي؟ هو انت هتسوج فيها؟ اشحال ما كان  الزفت ده حط عليكم وكسركم.

بابتسامة شامتة رد الرجل:

-يعني هو كان كسرنا لوحدينا؟ دا انت اول واحد فينا كسرلك مناخيرك ، ولا انت ما عندكمش مريات تفكرك باللي حصل؟.

صك على فكه معتصم بغل يهتف به:

- انت هتتماجلت عليا يا كلب انت؟ ولا انت ناسى انا واد مين؟ ولا اجدر اعمل فيك ايه دلوك في منطقتنا.

تأفف الرجل ليرد بعدم اكتراث:

- بجولك ايه، انا مش عايز رط ولا رغي كتير، بجية فلوسنا تجي دلوك، كفاية علينا الكشوفات اللى كشفناها انا واخويا عند الدكاتره بعد العركة مع اللى كان عاملى فيها هركليز دا كمان.

ابتلع ريقه معتصم بارتباك يقول:

- بس انا ممعايش دلوكت غير دول، خد صرف نفسك بيهم انت واخوك .

قال الأخيرة وهو يخرج من جيب بنطاله بعض الاوراق المالية، تلقفها الرجل ليرفعها أمام عينيه مرددًا بسخرية:

- ها، إيه دول يا عنيا؟ ولا انت فاكر نفسك هتضحك عليا بشوية الملاليم دي، لا فوج لنفسك يا حبيبي، انت تدخل دلوكت تجيبلى بجية الفلوس، يا هيحصل ما لا يحمد عقباه، فاهم ولا لأ.

ازداد اضطراب الاخر ليردد بتوتر:

- اروح فين عشان اجيبلك اللي بتقول عليه؟ انا ابويا لو عرف هايبهدل الدنيا .

تبسم الرجل يقول بسخرية وعدم تصديق:

-  يعنى ابوك على كده ما يعرفش يا حبيبي، امممم، طب اسمع بجى الخلاصة منى، بكره تيجي ع القهوة بتاعتنا ومعاك الفلوس اللى باجية، والا هتشوف منينا اللى ما يعجبكش واصل، ماشى يا حيلتها .

قالها الرجل وتحرك ذاهبًا على الفور، ليغمغم معتصم بسخط وهو ينظر في أثره:

- حيلتها فى عينك يابن ال......ان ما كنت ربيتك ما بجاش انا .

تحرك بعدها هو الاَخر ليعود ألى داخل منزله، غافلا عمن كان يتصنت للحديث من بدايته، وقد كان متخفيًا خلف احد الاشجار بالحديقة.


❈-❈-❈


-مين الواد العفش اللى كان مستنيك بره؟

هتفت بها انتصار فور أن ولج معتصم لداخل الدار، بعد مراقبتها له منذ لحظات، منذ ورؤيتها لهذا الشاب المجرم وهو يقف معه في الحديقة، اجابها الاَخر بتوتر مكشوف 

- دا الواد البلطجى اللى كان معايا فى العركه مع عاصم ياما .

قطبت لتسأله باستغراب:

- وهو ايه اللى يجيبوا عندك؟ مش خلاص  الموضوع تم وخلصنا على كدة، وكل واحد راح لحال سبيله.

ابتلع ريقه يجيب بارتباك ملحوظ:

- ما هو عايز فلوس تانى باجى حجه.

شهقت مستنكرة رافعة حاجبها الرفيع قائلة:

- اسم الله يا حبيبي، حج ايه تاني كمان؟ هو انت مش ادتلوا حجه كامل ولا اا 

توقفت فجأة لتتابع باستدراك:

- لتكون صرفت الفلوس اللى ادهالك ابوك يا وكلهم، والراجل دا صح صادج في كلامه؟

اجابها معتصم

- ما انا ادتلهم النص وجولتلهم النص التانى بعد ما يخلص الموضوع.

بريبة سألته:

- طب ما هو زين كلامك ده، اديهم يالا الفلوس يا حبيبي، ايه اللي معطلك؟

بصوت خرج كالغمغمة اجابها بتردد:

- ما انا ممعايش دلوك، اصلهم اتصرفوا  فى لعبة جمار فى الجهوة وراحو مني في ضربة حظ من الواد الفجري اللي كان بيراهن معايا.

- هو برضوا اللي فجري؟!

صاحت بها انتصار، لتلوح بكفها في الهواء مرددة:

- جاتها خيبه اللى عايزه خلف، جاتها ستين خيبة اللي عايزة خلفتك، غور من وشى يا واد، غور من وشي يا جزين .

بتخوف كان يحاول تهدئتها بهمس حذر:

- وطي صوتك ياما بلاش فضايح، مش ناجص انا حد يسمع من الخدامين ويروح يفتن لابويا بعد كدة.

حدجته بنظرة نارية تنفخ دخان من منخاريها لتكتم غضبها حتى لا يحل غضب العمدة فوق رأسها اذا سمع بالفعل وعلم بالأمر، فقالت مستلسمة في الاَخير:

- خلاص غور دلوك ، انا هاتصرفلك فى الفلوس بس اياك اياك تصرفهم تانى، لأما ساعتها هسيبك لابوك يتصرف هو معاك.

هلل فرحاً يقبلها فوق خدها معتصم ويردد:

- تسلميلى ياما ، دايما سترانى .

غمغمت انتصار بضيق

- اياكش بس يطمر ويجيب فايده معاك، مع انى اشك .


❈-❈-❈


في داخل السيارة التي كان يقودها، ليُقل الفتاتين، نهال وبدور التي سألها بمناكفة ضاحكًا:

- يعنى على كدة جدى بيتحلفلك انتى و عاصم يا بدور؟ 

هتفت نهال وهي جالسة على المقعد الأمامي بجواره، ورأسها ملتفة إلى الخلف، نحو شقيقتها التي كانت جالسة وحدها .

- تستاهل اللي يعملوا فيها، عشان تتبلى تانى على جدى الراجل الكبارة.

ردت بدور بعصبية وضيق:

- يعنى كنتي عايزاني اعمل ايه بس؟ ما انا كان نفسى اجعد عشان اطمن اكتر على عاصم، وابوكي راسه والف سيف ان امشي معاه.

خاطبها مدحت ببشاشة:

- جدعه يا بدور، انتي اتصرفتي باللي شار بيه جلبك، وعاصم لايمكن ينسهالك دى 

ردت بلهجة متأثرة:

- والله وهو يستاهل كل حاجه حلوة؟

سمع منها لينقل بأنظاره نحو نهال قائلًا:

- اهي دي البنتة الشاطرة صح، سامعة ياللى تعبانى معاكى؟

رمقته باستنكار رافعة طرف شفتها تردد:

-  انا برضوا اللى تعباك؟ ولا انت اللى عامل زى البير وغويط.

بلهجة بائسة درامية قال ببرائة:

- بجى انا اللي عامل زي البير وغويط كمان؟

توقفت متنهدًا بيأس يتابع :

- يارب صبرنى على بلوتي، دا انا غلبان ومش كد الافترا دا يارب.

ضحكت بدور لتندمج معه في المزاح قائلة:

- الله يكون فى عونك يا واد عمى، ويعينك يارب.

كشرت نهال بوجهها مخاطبة الأثنان:

- يعني انتوا الاتنين اتفجتوا عليا النهاردة، ماشى يا "

بدور خليه ينفعك، على العموم احنا وصلنا .

اوقف مدحت السيارة ليقول بجدية وقد تخلى عن المزاح:

- مش كنتوا نمتوا الليلة دى عندى فى الشجه مع عمامى، مش عارف ايه لزوم الاصرار على النومة في السكن؟

ردت بدور وهي تترجل من السيارة:

- متشكرين جدا يا واد عمى بس انا عايزة اجضى الليلة هنا مع البنات صحاب نهال، نضحك ونتساير، في جعدة بنتة.

اضافت نهال على قولها وهي تحاول التخلص من حزام الأمان:

- وانا كمان عندى محاضرات مهمة بكره ومش عايزه اتأخر، كفاية اللي فاتني النهاردة. 

قالتها وقبل تهم بفتح الباب وجدته يوقفها بأن امسكها من يــ دها ليسألها بصوت خفيض لم يصل إلى شقيقتها:

- لكن انتي اتعرفتي على مها ازاي؟

ردت بعدم تركيز وقد أجفلها بسؤاله:

- ها مها مين؟

تبسم بمكر قائلًا:

- الدكتورة مها اللي روحتي وعَرفتي نفسك بيها النهاردة انك خطيبتي، ولا انتي نسيتي يا نهال؟

انسحبت الدماء بوجهها لتظل صامتة تبحث عن رد مناسب وقد هربت منها كل حجج المنطق 


❈-❈-❈


دلف رائف بصحبة والدته وشقيقته لداخل المنزل، بعد ان عاد بهم من المحافظة وزيارة عاصم، القى بمفاتيحه، ليسقط بجســ ده المتعب على الاريكة الخشبية التي وجدها أمامه، عقبت راضية فور رؤيتها لهذه الحالة التي عليها هو :

- سلامتك يا ولدى من التعب، ادخل اتسبح وانا ححاضرلك لجمه تاكلها وبعدين نام براحتك على سريرك وفي اوضتك، احسن من الكنبة الناشفة دي.

تدخلت نيرة لتسألها:

- مين بجى ياما اللى هيحضر الوكل، انا كمان تعبانة وعايزه انام .

زفرت راضية تطالعها باستهجان قائلة:

- وانتي تعبانه ليه يا ختى؟ كنتى شجيانة فى الغيط ولا شغالة فاعل؟

غمغم رائف مغمض العينين بتعب ورأسه استراحت على الوسادة من خلفه:

-  سيبيها ياما البت دى، مش عايز حاجة من خلجتها، لا تحضر ولا تزفت، أنا اساسا جعان نوم.

همت راضية أن تجادله ولكن رنين هاتفه اوقفها، 

ليخرجه بصعوبة من جيب سترته حتى يعرف هوية المتصل، والذي ما ان رأى رقمه، اعتدل بجزعه ليجيب باهتمام:

- الووه، ايو يا حربى، إيه الاخبار؟

وصله إجابة الاَخر:

- الاخبار تمام وعال العال، انا عرفت مين اللى ساعد معتصم فى العركه مع عاصم.

بتركيز شديد ولهفة للمعرفة، سأله رائف:

- مين يا حربى؟ من البلد واحنا نعرفهم، ولا إيه بالظبط؟ وانت اساسًا عرفتهم ازاى؟

رد حربي بلهجة هادئة ليمتص حماس الاَخر:

-  شوف يا عم رائف، انا كلمت جدك وهو دلوك ركب عشان يرجع البلد، يعنى كده ساعتين تلاته تلم نفسك وتيجى عشان نعرفوا هنعمل ايه، وسلام بجى .

سمع رائف ليغمغم مع انهاء المكالمة بشرود:

- سلام يا حربى يا واد عمى، هاااااانت


 يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر من رواية مواسم الفرح (ست الحسن)، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية



رواياتنا الحصرية كاملة