-->

رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني - هدير دودو - الفصل 12

 

قراءة أنين وابتهاج الجزء الثاني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني 

بقلم الكاتبة هدير دودو

الفصل الثاني عشر

مشاعر تشـ ـتعل بالعشق والألم

  ❈-❈-❈


ارتجفت يـ ـد آلاء الممسكة بالهاتف من هول الصدمة، وشحبت ملامح وجـ ـهها شحوب ملحوظ كالموتى، خاصة بعدما رأت ما أُرسل على هاتفها،  أيعقل أن يكون ذلك صحيحًا؟! ولكن كيف؟ فكل ذلك حدث في غرفتها مع زو'جها كيف خرج صوت وصورة؟ 

ظلت تدور بعينيها في أرجاء الغرفة بحثًا عن وجود أي شئ، لكنها لم تجد شئ.. 


شعرت بارتجاف قلبها بداخل قفصها الصدري الذي اوشك أن يقف من ضراوة الصدمة التي تشعر انها كالصاعقة الساقطة عليها بقوة شديدة.


لا تعلم ماذا يجب عليها أن تفعل؟ ما الصواب من الخطأ؟ وضعت يدها الأخرى فوق قلبها بارتجاف وقلق لعلها تهدئ من نبضاته المتسارعة، اصبحت تستمع الى دقات قلبها بأذنيها، تنهدت بصوت مسموع في محاولة لتهدئة ذاتها من القلق الذي اجتاحها.


وجدت دموعها تنزل فوق وجنتيها بغزارة، كيف لـ ليلتها مع زو'جها أن تكون مع أحد يشاهدها؟ الرحمة من عقلها الذي يصور لها العديد من الأحداث..


ظلت على حالتها الباكية لم تستطع أن توقف دموعها التي تهطل فوق وجنتها، لكنها أسرعت بعمل حظر للرقم نهائيا خوفًا من أن يرسل إليها أي شئ آخر.


لم تخرج من غرفتها طوال الوقت تفكر فيما ستفعله، وهل تخبر عمر أم لا؟ ماذا سيكون رد فعله عندما يعلم أن هناك من رآها وهي عـ ـارية معه، شعرت بالخوف من الفكرة فقط فماذا سيفعل هو؟ بكت مجددًا بقهر وألم مقررة ألا تخبره بما حدث، لا تعلم أن كان ذلك صوابًا أم لا لكنها قررت. 


ظلت على حالتها ورفضت أن تنزل أسفل مع الجميع، عقلها يعمل على أفكار مختلفة ترهق روحها تمامًا..


لا تعلم كم من الوقت مرّ عليها وهي جالسة تبكي بقهر وضعف لكنها وجدت عمر يفتح باب الغرفة أسرعت تمسح دموعها حتى لا يلاحظ عليها شئ، وتطلعت نحو الساعة وجدتها قد تأخرت وهي لم تشعر بأي شئ.


ولج الغرفة بجـ ـسد مرهق من الواضح أنه قد عمل اليوم كثيرا في الشركة، نهضت من فوق الفراش وتوجهت إليه تحـ ـتضن إياه تود أن تطمئن ذاتها داخل حضـ ـنه، جاهدت يصعوبة شديدة أن تمنع ذاتها من البكاء أمامه، شدد من احتـ ـضانه لها بحنو وعشق يطغى على جميع خلاياه.. 


عادت تجلس مجددًا فوق الفراش باحثة بعينيها في الغرفة، فقطب جبيته بدهشة من هيئتها، هو يعلمها جيدًا، يعلم متى تكون سعيدة حقًا ومتى تتظاهر بالسعادة؛ لذلك اردف يسألها باهتمام وقلق وهو يجلس بجانبها ضاممًا إياها بحنان


:- في إيه يا آلاء مالك؟ 


هربت بعينيها من عينيه حتى تستطع الكذب عليه من دون أن يعلم بكذبها، وتمتمت بصوت خافت مبحوح 


:- مـ... مـفـيـش... مفيش يا عمر أنا كويسة أهو. 


لم يقتنع بإجابتها وردها عليه؛ لذلك عاود يسألها مجددًا 


:- في إيه يا قلبي مالك، هو إيه اللي مفيش باين إنك زعلانة أهو ومعيطة كمان، ايه اللي مزعلك يا آلاء؟


كانت ستخبره ما حدث، لكنها لا تعلم ما الذي منعها وجعلها تقف عما كانت ستفعله، شئ بداخلها دفعها بألا تريه شئ لا تعلم رد فعله عندما يعلم شئ مثل هذا، فردت كاذبة بضعف وخفوت مخفضة بصرها أرضًا بحزن شديد 


:- مفيش يا عمر قولتلك، هيكون في إيه يعني أنا تعبانة شوية عادي. 


رفع وجـ ـهها أعلى حتى أصبح أمام وجـ ـهه، طالعها بتمعن وعشق اقترب منها ملتقطًا شـ ـفتيها بين 

شـ ـفتيه بشغف ولوعة اشتياق، كادت تبادله قـ ـبلته كما تفعل دومًا لكنها تذكرت الأمر سريعا، فأسرعت واضعة يـ ـدها فوق صـ ـدره تدفعه بقوة لتبعده عنها متطلعة حولها بخوف، فطالعها عمر بدهشة من تصرفها الغير مألوف المباغت، أردف تبرر له تصرفها بقلق وكذب 


:- عـ...عـمـر أنا تعبانة شوية مش قادرة. 


رد عليها بعدم اقتناع وجدية 


:- مش قادرة لإيه يا آلاء، هو في إيه مالك أصلا.


التقطت أنفاسها بصوت مسموع وردت عليه بعد ذلك بهدوء وتوتر


:- خـ... خلاص يا عمر مفيش، أنتَ عملت إيه انهاردة في يومك شكلك تعبان برضو.


تحاول أن تنهي الأمر بينهما بسؤالها حتى لا ينزعج منها أو يشعر بشئ، رد يجيبها هو بهدوء معقد حاجبيه بعدم اقتناع من اجابتها على سؤاله لكنه لا يريد أن يضغط عليها يعلم أنها ستقص عليه ما حدث معها عندما تهدأ 


:-  الشغل في حاجات كتير متراكمة خلصته كله انهاردة عشان متأخرش كل يوم عليكي وأنتِ بتفضلي قاعدة مستنياني، قولت اخلص منه وكلمت ياسين عشان اراجع معاه الحسابات بتاعتك وحاجات كتير كدة متشغليش بالك ييها، هقوم اخد دوش و اجيلك. 


اومأت له برأسها إلى الأمام ولم ترد عليه بل اكتفت بتلك الايماءة البسيطة فتأكد أن بالطبع يوجد شئ ما ازعجها لم تخبره به، فأردف يشاكسها بمرح 


:- بقولك إيه انا داخل اخد دوش ما تيجي تساعديني جوة كدة مش أنتِ مراتي حبيبة قلبي. 


ردت عليه رافضة بخوف وقلق مقررة أن تبتعد تمامًا تلك الفترة حتى ينتهي ذلك الأمر


:- لـ... لأ لأ يا عمر بقولك تعبانة مش قادرة بجد. 


طالعها بدهشة من طريقتها الجديدة معه، ونهض متوجه صوب المرحاض من دون أن يعقب على حديثها.


تعلم جيدًا ما يشهر به هو الآن، لكنها تخشى أن يحدث شئ آخر، نهضت متوجهة ألى اسفل تعد له الطعام بذهن مشتت شارد، ثم عادت مرة أخرى وجدته يقف في منتصف الغرفة يبحث عنها بعينيه مرتدي شورت قصير من اللون الأسود و يقف أمامها عا'ري الصـ ـدر، تحدثت بهدوء وهي تضع الطعام فوق المنضدة التي بجانبه


:- تعالى كل يلا يا عمر عشان شكلك راجع تعبان. 


ابتسم من اهتمامها به، وتوجه جالسًا فوق الاريكة ثم أشار لها أن تجلس بحانبه، وتحدث بعدها بحنان


:- طب تعااي كاي معايا يلا زي كل اليوم بناكل مع بعض عشان أنا مش هاكل غير لما تاكلي معايا. 


ابتسمت بخفوت ابتسامة خافتة مجبرة شفتيها لفعلها وردت بعد  ذلك عليه برفض 


:- لأ أنا مش جعانة كل أنتَ، اكلت مع عمتو وفريدة تحت قبل ما أنتَ تيجي. 


اومأ برأسه أمامًا وجلس يتناول طعامه بصمت بعدما وجدها تتوجه نحو الفراش وتتمدد فوقه. 


بعدما انهى طعامه اقترب منها بحنو يضم إياها من الخلف، محتضنها بعشق شديد، يدفن وجـ ـهه في

عنـ ـقها، هامسًا لها بنبرة عاشقة متيمة بها 


:- وحشتيني على فكرة الشوية اللي بعدتهم دول في الشغل وحشتيني أوي كمان.. 


كادت تبتعد معترضة بقلق، لكنه لم يمهلها فرصة أطبق شـ ـفتيه فوق شـ ـفتيها بعشق شديد و مشاعر حقيقية تنبع من صميم قلبه المتيم بعشقها لها وكأنه خُلِق لأجلها هي، وبدأ يوزع قبلات متفرقة في جميع أنحاء وجـ ـهها وعـ ـنقها كانه يثبت لذاته انها زو'جته في الواقع ليس كما كان يتخيل دائمًا، جـ ـسده وقلبه يشتعل بنيران متأهبة لا يستطع احد اطفاءها أو تهدئتها سواها.


فتلك النيران لن تهدأ قط، نيران تشتعل لسنوات عديدة تتمنى قربها دائما، وها هو الآن يحقق ما تمناه وأراده طوال تلك السنوات، حاولت هي أن تبتعد وتوقف ما يحدث لكن تأثيره عليها كان كبيرًا. 


نجحت أخيرًا في أن تبعده عنها بعدما دفعته إلى الخلف بقوة، ونهضت مسرعة من فوق الفراش متمتمة برفض وحزن شديد والدموع تنزل من عينيها  بألم وضعف


:- عمر قولتلك لأ مش عاوزة، مش عاوزة بقولك. 


هي تريده أكثر مما يريدهت كثيرًا ورغم ذلك ترفضه وتبعده عنها رغمًا عنها، ألم شديد في قلبها المحترق بداخلها، لا تعلم ماذا فعلت ليحدث معها كل ذلك.. 


طالعها عمر بدهشة وذهول، ثم أسرع يقترب منها يربت فوق كتفها بحنان لتهدأ وتتوقف عن البكاء، متمتمًا بقلق 


:- خلاص... خلاص يا آلاء اهدي طيب تعالي نامي خلاص مش هيحصل حاجة. 


الفعل نامت بجانبه وعقلها لم ينم بل يفكر فيما سيحدث معها بعد تلك الليلة التي انتهت، وجدت عمر يتحدث مجددًا وهو يضمها بحنان متسائلًا بعدم فهم 


:- آلاء هو في إيه، مالك انهاردة إيه اللي حصل؟ 


تمتمت بخفوت وضعف شديد وصوت بالكاد يُستمع 


:-مـ... مـفـيـش عاوزة أنام دلوقتي.


ضمها بشدة عليه مقبـ لًا جبينها بعشق، بينما هي استكانت تمامًا بين ذراعيه وأغمضت عينيها معلنة عن انتهاء يومها.. 


_بين النفس والعشق مشاعر متعددة خُلقت لاجل العشق الحقيقي الصادق النابع من الداخل بمشاعر صادقة حقيقية بينهما.._


❈-❈-❈


جلست فريدة مع آلاء التي كانت غير واعية تمامًا للحديث الذي يدور بينهما ولا لأي شئ آخر حولها، عقلها شارد فيما أُرسل إليها أمس وما فعلته وستفعله مع عمر، هل ستظل كما تفعل ترفض أي شئ يحدث بينهما أم ماذا؟ ماذا سيشعر إذا تكرر رفضها هكذا بلا أسباب؟ وكيف سيكون رد فعله معها؟ 


ظلت صافنة بلا وعي منها تفكر ققط، كل ماتفعله هو التفكير في التساؤولات التي تأتي على عقلها، فاقت من شرودها على صوت فريدة التي كانت تهتف باسمها بصوت عالٍ مرتفع، تربت فوق ذراعها بحنو و معقدة حاجبيها بدهشة بعد رؤيتها لحالها الغير مألوف؛ لذلك أردفت متسائلة في اهتمام شديد، وحب حقيقي بينهما


:- في ايه يا آلاء مالك يا حبيبتي في حاحة مزعلاكي ولا حاجة حصلت بينك وبين عمر؟ 


حركت آلاء رأسها نافية، بالطبع لن تخبرها أو تخبر أحد بما يحدث معها، سيظل بينها وبين ذاتها فقط، وإذا شعرت بضرورة إخبار احد بالطبع ستخبر عمر على الرغم من خوفها الشديد من رد فعله، تخشى أن يبتعد عنها ويكـ ـرهها بعد علمه لما حدث، لكنها لا تثق في أحد غيره، تمنت لو أن كل ذلك يكن كابوس وتستيقظ منه تجد كل شئ بينها هي وعمر بخير وتلك الفعلة المعلونة لم تتم.. 


تنهدت بصوت مسموع محاولة التخلص من افكارها، تقنع ذاتها بأن الأمر سيمر وينتهي مثل كل شئ يحدث معها دومًا، التقطت أنفاسها بصوت مسموع محاولة التقاط أكبر قدر من الهواء لرئتيها، وردت على فريدة في بضعف وصوت متحشرج كالتائهة ا التي تركت ذاتها إلى الحياة، ضائعة بها، ولا تعلم إلى أين ستذهب معها


:- لأ مفيش يا فريدة أنا وعمر كويسين مفيش حاجة متقلقيش.. 


طالعتها بعدم اقتناع، فهيئتها لا تعكس أنها بخير تمامًا، بل هي شاردة مجهدة وعقلها ليس معها يفكر في شئ هام؛ لذلك كررت سؤالها عليها بقلق 


:- مفيش ازاي بس، أنتِ متأكدة يا آلاء، بعدين امبارح منزلتيش خالص معانا، مالك يا حبيبتي حصل إيه؟


ردردت عليها بضعف وخفوت شديد نبرة تعكس لمدى إرهاقها وتعبها كما تمر به 


:-معلش يا ديدا بس حاسة نفسي تعبانة شوية هقوم اشوف عمتو وابقى اطلع ارتاح شوية يا قلبي. 


نهضت بالفعل متوجهة نحو عمتها حيث تجلس، ظلت سناء تفتح معها عدة مواضيع تود الاطمئنان عليها وعلى حياتها مع عمر وتتسأل باهتمام وخوف على ابنة شقيقها، هي تتمنى لهما السعادة الدائمة.


تركتها آلاء وتوجهت نحو غرفتها بعد ذلك، لكنها  عقدت حاجبيها في دهشة عندما رأت نغم التي عادت من الخارج وصعدت الى غرفتها بارتباك شديد و كأن أحد ما يطاردها، لا تعلم لما شعرت بالقلق عليها توجهت خلفها ووقفت أمام باب الغرفة شاعرة بالتردد لا تعلم أتستكمل وتدلف تطمئن عليها أم تتجاهل ما رأته وتتوجه نحو غرفتها.


فالتعامل بيها وبين نغم منعدم تمامًا لا يوجد من الأساس، لكنها حسمت أمرها ودقت فوق الباب دلفت لتطمئن عليها، فمهما حدث وما كان بينهما هي تعتبرها كأختها الصغيرة، أردفت متسائلة بعدم فهم وهي ترى أثر بعض دموعها فوق وجنتيها و الباقي عالق داخل عينيها


:- في إيه يا نغم مالك إيه اللي حصل عشان تعيطي كدة، في إيه معاكي؟ 


أسرعت نغم تنهض من فوق الفراش الذي كانت تجلس فوقه، ووقفت قبالتها ترمقها بكـ ـره وغيظ، جاهدت أن تخفي ضعفها والحالة التي تمر بها و ردت عليها في نبرة حادة مهاجمة 


:- ودن امتى الكلام دة يا ست آلاء، بس اعتقد ان ملكيش دعوة بيا، أنتِ تخليكي في حالك أحسن يا حبيبتي، أنتِ اللي محتاجة دعم دلوقتي، مش اخدتي عمر وماما وتامر دة حتى فريدة كمان، وكسبتي كله يا غلبانة يا كيوت أنتِ، خليكي في حالك بقى وعلى فكرة أنا مش النوع اللي بيسكت بسهولة خليكي فاكرة وتعمليلي حساب كبير. 


غضبت آلاء بشدة من طريقتها الحادة معها وردها الغير لائق، فهي كل ما فعلته أنها تسألت باهتمام عما بها فقط، فلماذا ترد عليها بكل ذلك الحدة والصرامة؛ لذلك هدرت بها هي الأخرى في عصبية حادة


:- لا بصي لمي نفسك أنا فعلا غلطت إني اهتميت لأمور واحدة زيك وقولت اشوف لو عندك مشكلة احاول اساعدك وندور على حل لكن واضح اني كنت غلطانة بجد، بعد كدة مش هتدخل في اي حاجة تخصك يا ست نغم. 


صمتت لوهلة، ثم استردت حديثها مجددا بعدما تنهدت بصوت مسموع في محاولة منها لتهدئة ذاتها من ذروة الغضب التي اشتعلت بداخلها بسبب رد نغم عليها الحاد الذي جعلها تندم 


:- وبعدين يا نغم هو إيه اللي خدت عمر وعمتو وتامر وفريدة أنا معملتش حاجة بس بصي أنتِ بنفسك للفرق بيني وبينك عشان كدة كلهم بيحبوني أنا مش زيك يا نغم  والحمدلله. 


لم تعطِ لها فرصة أردفت جملتها وخرجت من الغرفة بعدما أغلقت الباب خلفها بقوة شديدة انتفضت نغم بفزع على اثرها وهي تبرطم في سرها بعدة كلمات حادة غاضبة متوعدة لها. 


بينما آلاء سارت متوجهة نحو غرفتها بلا مبالاه، وقررت الا تعط للحديث الذي دار بينها هي ونغم اي اهمية فيكفي ما يشغل بالها وعقلها وما حدث معها. 

❈-❈-❈


جلست فريدة في غرفتها تشعر بحيرة شديدة، لا تعلم سير حياتها مع تامر بعد التغير الملحوظ الذي لاحظته هي بذاتها عليه وفي معاملته لها.


أصبح شخص آخر تمامًا، يعاملها بهدوء وحنان، مفتخرًا بوجودها معه ليس ككا كان في بداية زواجهما، كان يريد أن يخفيها عن أعين الجمبع مستعرًا منها، ليتجمع بظاخلها مشاعر جديدة مختلطة غير مرتبة بسبب ذلك.


تفكر في حياتهما سويا وحياة طفلتهما القادمة التي ستنير الحياة بأكملها بينهما، لا تعلم هل تعطي له ولحياتهما الجديدة فرصة أم انه سيظل يجرحها بنفوره منها وابتعاده عنها الدائم كمت كان يفعل دومًا؟ هل سيتغير بالفعل ويحاول ايجاد سعادتها أم سيظل يجـ ـرحها ويجـ ـرح قلبها الذي اصبح محطم تمامًا بعد تحمله للعديد رغمًا عنها؟


يدور بداخلها العديد من الاسئلة المتناقضة التي لا تعلم اجاباتهم، تشعر بحيرة شديدة عقلها سينفجر من فرط التناقض الذي يوجد بداخله، وضعت يـ ـديها فوق صـ ـدعيها بتعب شديد كانها تطلب من عقلها أن يرحمها ويتوقف من طرح الاسئلة التي تجعل حيرتها تزداد، تريد أخذ هدنة بين نفسها، روحها، عقلها، وقلبها، كل شئ بداخلها يحتاج إلى هدنة يبتعد من خلالها عن أي ضغوطات ومشاكل ممكن ان تزعحه او توتره، فكل ذرة بداخلها تحتاج الآن الى الابتعاد عن التوتر والضغط حتى تجدد طاقتها وتفكيرها، لمواجهة حياتها القادمة معه ومع طفلتها. 


دلف تامر الغرفة بخطوات بطيئة مرهقة حتى وصل امامها لتتفتجا به يلف ذر'اعه حول خـ ـصرها برفق، موزع قـ ـبلات متفرقة حانية فوق عنـ ـقها بشغف شديد يقطع شرودها مع ذاتها متسائلًا بعدها بمرح


:- إيه يا ديدا هانم مالك قاعدة كدة ليه، كنتي سرحانة في إيه يا قلبي؟ 


توهـ ـجت وجنـ ـتيها واشتعلت النيران بداخلهما نتيجة لإقترابه منها المباغت، تحاول التخلص من ذلك الخجل الذي سيطر عليها وردت عليه بصوت خافت خرج من حلقها بصعوبة شديدة 


:- مـ... مفيش ياتامر كنت بفكر في كم حاجة عادي. 


اصبح قبالتها مباشرة يلعب في خصلات شعرها البنية الناعمة المتناثرة على وجـ ـهها وغمغم متسألها بحنان وهدوء شديد 


:- عمر صمم أني اخد اسبوع أجازة كتر خيره بيحس بأخوه حبيبه، أنا بقى قولت هقضيه معاكي طبعا يا ديدا، تحبي نسافر نروح فين، ونسافر دلوقتي و لا بعد ما تولدي عشان الحمل ومتتعبيش؟ 


جاهدت بضراوة أن تخفي ابتسامتها من أمام عينيه لكنها فشلت، فاشرقت ابتسامتها تزين وجـ ـهها و تزين قلبه هو الاخر، حمحمت عدة مرات بخفوت قبل ان ترد عليه بقلق واضعة يـ ـدها فوق بطنها البارزة في شغف وسعادة 


:- لأ بلاش عشان الحمل أحسن اتعب أو يحصل حاجة خلينا ما الولادة يكون أفضل. 


احتضـ ـنها بحنان وعشق  متمتمًا بهدوء 


:- خلاص ماشي يا ديدا.. 


كان يعلم أن ذلك سيكون ردها من قبل ان يسألها يعشق اهتمادها بالجميع على الرغم من انها تريد السفر لدنها ستأجله لاجل طفلتهما، رغباتها آخر ما تلتفت إليه؛ لذلك يعلم انه لن يجد في العالم احد مثلها، فهي شئ نادر فريد قرر أن يحافظ عليها وعلى قلبها النادر مثلها، ويعوضها عن كل الاذى و الوجع اللذان شعرت بهما بسببه وبسبب افعاله الذي ندم عليها.


هو الآن  يريدها هي فقط ولا يريد أحد غيرها، يريد أن ينعم باهتمامها وسعادتها معه، ينعم بعشقها وقلبها، ينعم بحنانها وكل شئ بها،  هي أصبحت الأهم لديه. 


تحدث تامر قائلًا  بحنو وهو يضع خصلتها المتمردة من شعرها البني خلف أذنها


:- على فكرة اختك رجعت واتفقت إننا هنروح نزورهم بعد يومين عشان مقدرش اسيبك نفسك في حاجة كدة ومعملهاش. 


ابتسمت بسعادة شظيدة وهي ترى اهتمامه بها وبما تريد، فتمتمت هامسة بخفوت وسعادة 


:- تـامـر... شكرًا شكرًا بجد على اللي بتعمله عشاني. 


ابتسم لسعادتها وابتسامتها الحقيقية، متمتمًا بمرح


:- لأ شكر إيه ياقلب تامر، بعدين أنا مش وريتك قبل كدة الشكر بيبقى ازاي، تعااي اعلمك تتني عشان أنتِ بتنسي شكلك  كدة. 


همت بالتحدث لكنه لم يمهلها فرصة، بل أسرع ملـ ـتقط شفـ ـتيها بين شفـ ـتيه بحرارة وعشق شديد، ظل على حالته تلك يقـ ـبلها بضراوة وشغف لكنه ابتعد عندما شغر باحتياج رئتيها إلى الهواء، ابتعد مبتسمًا بسعادة. 


نهض تاركًا إياها خلفه تنفجر بخجلها كلتقطة أنفاسها بصوت مرتفع لاهث، وتوجه نحو المرحاض بعدما طبع قبـ ـلة رقيقة أخرى فوق جبهتها، جلست تنتظر إياه مبتسمة بسعادة وخجل، ضاغطة بأسنانها فوق شفـ ـتها.. 


بعد مرور بعض الوقت.. 


خرج تامر من المرحاض تفاجأ بها نائمة فوق الفراش توليه ظـ ـهرها و جـ ـسدها يهتز بعنف في دلالة على أنها تبكي. 


عقد حاجبيه بدهشة لا يعلم ما الذي غيّر حالها هكذا ولماذا تبكي على الرغم من أنها تمنع صوت شهقاتها ولكنه علم أنها تبكي، أسرع مقتربًا منها وهتف متسائلًا بقلق، ويجذب الغطاء من فوقها 


:- في إيه يا فريدة، مالك يا حبيبتي بتعيطي ليه كدة ما أنتِ كنتِ كويسة إيه اللي حصل؟ 


اعتدلت في جلستها بعصبية وردت عليه بحدة وعصبية و هي ترفع سبابتها أمام وجـ ـهه ولاظالت تبكي بعنف


:- تامر ابعد عني لو سمحت، أنتَ ملكش دعوة بيا خالص.... ابعد عني، ابـعـد. 


حاول ان يقترب منها ويجعلها تهدأ ليفهم ما بها، لكنها رقضت رفض قاطع لم تسمح له بالتفوه و لو بكلمة واحدة؛ تمتم بضعف وقهر وهي لازالت باكية بعنف 


:- ابـعـد عـنـي بقولك ابـعـد.. 


تركها تهدأ مع ذاتها كما تريد لكن نظراتها له أدهشته  تطالعه بقهر وحزن، خذلان ووجع، ضعف وحيرة، العديد قد فهمه من نظراتها، لكنه لم يفهم أهم شئ ماذا فعل؟؟ نعم ماذا فعل لكل ذلك؟! 


وقف هو في الشرفة الخاصة بغرفتهما يشعر بحيرة شديدة لا يعلم ما بها؟ يخشى أن يحدث لها شئ وهي في تلك الحالة، لكنه لاحظ بعد فترة انتظام أنفاسها يعلم على الفور أنها قد غفت، اقترب منها مطالعًا  لملامحها بضراوة ودقة، رأى أثر الدموع العالقة بعينيها، حتى بعد نومها. 


شعر بالغضب شديد مكور قبضة يده بضيق، لا يعلم ما بها؟وما الشئ الذي جعلها تصل إلى تلك الحالة الذي راها بها؟ هي كانت سعيدة وتضحك قبل ان يتركها ويدلف المرحاض ما الذي جد لتصبح هكذا؟ 


قرر أن ينام هو الآخر بجانبها ويعلم في الصباح ما الذي جعلها تبكي هكذا، فهو لن يصمت بالطبع. 


مد ذر'اعه ليضمها ويقربها منه لكنه وجدها تهتز برفض، متمتمة من بين شـ ـفتيها بخفوت وضعف 


:- لـ... لأ لـ.. مش عاوزاك ابعد.. 


أبتعد عنها حتى لا يزعجها، لكن قلبه قد آلمه من رفضها له بتلك الطريقة، عقله يعمل على إيجاد سبب لتغير حالها المباغت، ظل على حالته تلك حتى غفى هو الآخر بملامح حزينة... وكأن الحزن قد أقسم على وجوده بينهما مهما حدث.. 


❈-❈-❈


في نفس الوقت... 


بداخل الغرفة الخاصة بعمر وآلاء، اقترب عمر منها بهدوء يقطع شرودها مع ذاتها، وأردف متسائلًا بتعقل وحنان فهو قد لاحظ التغير الذي اجتاحها منذُ ليلة أمس ولا يعلم سببه 


:- في إيه يا آلاء مالك؟ شايفك زعلانة وفيكي حاجة من امبارح، وبعدتي مرة واحدة وعمالة تعبانة تعبانة مش احنا اتفقنا نقول لبعض على كل حاجة. 


اومأت له براسها أمامًا، وقد ازدادت حيرتها بعدما استمعت إلى حديثه الذي يشجعها من خلاله بأن تخبره عما حدث، هي تريد إخباره لعلها ترتاح، لكنها تخشى...تخشى أن يبتعد عنها ويتركها، عقلها يمنعها يخبرها بأن الأمر انتهى، لذلك تنهدت بصوت مسموع وتحدثت ترد عليه مردفة بكذب، مبتعدة عينيها عن عينيه حتى لا يكتشف كذبها فهو يعلم جميع ما في عينيها بسهولة، هو الوحيد الذي ينجح في فك شفرة عينيها ويقرأ ما بداخلهما 


:- مـ...مفيش يا عمر قولتلك امبارح مفيش، متقلقش عليا يا حبيبي أنا تمام أهو ومفيش حاجة فيا. 


جذبها نحوه وضمها بذراعيه بحنو شديد، فسندت رأسها فوق صـ ـدره، استمعت اليه يتحدث في شغف وهشق شديد


:- قولي يا قلب وحياة عمر كلها قولي متخبيش عليا، إيه اللي مزعلك صدقيني مبحبش اشوفك زعلانة كدة، أنا ممكن اهد الكون كله عشانك بس قولي في إيه، متقوليش مفيش أنا حافظك يا آلاء وعارف أنه فيه وفيه كويس أوي، إيه اللي زعلك كدة من امبارح؟ 


ابتسمت ابتسامة باهتة على حنانه الذي يطغى على الجميعر يهتم بها وبالحميع، يهتم بأدق التفاصيل الخاصة بهم، لا تعلم لماذا يوجد شيء بداخل قلبها يمنعها من أن تخبره وتقص عليه، وانتصر قلبها على عقلها وفكرها، فاجابته بصوت مبحوح متحشرج 


:- مفيش يا عمر، لو فيه هقول يعني هو أنا بحكي لمين غيرك، أنا دايمًا بقولك على كل حاجة، ممكن أنتَ بس تسيبني وبلاش تضغط عليا عشان هو مفيش حاجة أصلا. 


كاد يتحدث ليرد عليها، لكنه استمع الى صوت هاتفها يرن معلنا وصول مهاتفة لها، عقد حاجبيه باستغراب فغير مألوف أن يتصل أحد بها في ذلك الوقت، تطلع نحو الهاتف وأردف في دهشة 


:- دة رقم غريب يا آلاء. 


انتفضت بخوف وملامح وجهها شاحبة كشحوب الموتى، فرت الدماء هاربة من وجـ ـهها، وجذبت الهاتف من يـ ـديه مسرعة بخوف شديد خوفًا من أن يكون هو نفس الرقم الخاص بالرسالة ويكتشف عمر الأمر. 


طريقتها الغير معتادة جعلته يتطلع نحو الأمر من جهة أخرى، من سوء حظها أن ما فكرت به أصبح صحيحًا، فانتفض قلبها برعب، كانت ستتجاهل الأمر لكن عمى سيشك بها، لذلك ابتعدت عن عمر متوجهة نحو الشرفى وأجابت علي الرقم لكنها تحدثت هي مسرعة بارتباك وتوتر شديد 


:- ألو معلش يا حبيبتي مش فاضية دلوقتي قاعدة مع عمر، بكرة لما أفضى هكلمك. 


ابتسم عدي بتسلية شديدة و قد وصل الى نجاح خطته هو ونغم وعدم إخبارها لـ عمر عما يحدث، وذلك في صالحه سيستطع يكمل ويفعل ما يريده بلا خوف وقلق، فاردف بمكر وخبث يعرفها على ذاته بانتصار 


:- أنا عدي يا آلاء يارب تكون المفاجأة عجبتك يا حلويات، بعدين أنا واثق... وواثق أوي إنك هتتصلي بعد ما تشوفي المفاجأة الحلوة اللي هبعتها بكرة هتتصلي غصب يا لولو مش بمزاجك. 


ارتفعت دقات قلبها وكادت انط تتوقف نهائيا عن النبض، كانت ستبكي لكنها تداركت الأمر مسرعة وأخفت ما تشعر به، تمتمت بخفوت شديد وضعف  وصوت متقطع 


:- مـ... ماشي، مـ... ماشي يا حبيبتي باي دلوقتي هكلمك بكرة. 


دار كل ذلك تحت أعين عمر الذي ما أن التفتت نحو الخلف حتى وجدته يقف خلفها مباشرة يطالعها بغضب شديد والشرر يتطاير من عينيه، عروقه بارزة من فرط الغضب، تعلم أنه قد وصل إلى أعلى ءروة في غضبه، تر نيران تشتعل من عينيه تحـ ـرقها بشدة، بعدما شكّ بها وبالأمر، اردف متسائلًا بنبرة حادة مغزية ازدادت من خوفها أكثر


:- بتكلمي مين يا آلاء، طلع مين؟ 


ردت عليه بصوت خافت، لكنها ردت بأكثر إجابة خاطئة  ممكن أن ترد عليه بها، اجابتها لم ترضيه بل تأكد مما يظن به، وازاد غضبه متضاعفًا


:- مفيش حد يا عمر، د...دي صاحبتي عادي. 


رأت نظراته تزداد حدة وغضب كأنه سيـ ـقتلها على الفور، نعم هي فاشلة في الكذب عليه، والكذب عليه بالتحديد.


لكنها إذا  قصت عليه الموقف الآن بالطبع لن يصدقها، لذلك ابتلعت ريقها بخوف ووقفت كالمذنبة تنتظر رد فعله الغاضب عليها، فهيئته تعبر عن انه 

سيـ ـقتلها أقل شئ ويطرح داخل عقلها سؤال واحد هل كشف الأمر؟ 



يُتبع..


إلى حين نشر فصل جديد من رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني للكاتبة هدير دودو، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة