-->

رواية جديدة نفوس طاغية لشهد السيد - الفصل 10

 

  قراءة رواية بين نفوس طاغية كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية بين نفوس طاغية

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة شهد السيد


الفصل العاشر



"ملاحظتك أن العالم أصبح بمثابة سرب 

من الأوغاد و الأشرار هي صحيحة تمامًا "!



ظلت أعينها محدقة بسقف الغرفة تزرف الدموع فى صمت وحزن على ما وصلت إليه، أصحبت مدمنة لأ تستطيع أن يمر يومها دون أخذ الجرعة التى تجعلها فى حالة نشوة تامة وتبدل تصرفاتها أكثر وأكثر.. 


نظرت لذراعها الموجود به أثار الأبر الطبية وكدمات زرقاء تذكرها بكل مرة أخذت ذلك المحلول مجبرة حتى تهدئ ألام جـ ـسـ ـدها هي التى أندمجت وسط أبناء الطبقات الراقية جهلًا منها قد ظنت بأن ذلك شئ رائع ورغم وجود الصالح والفاسد بينهم كان من نصيبها الجانب الأكثر سوءًا بينهم.. 


نهضت بخطوات ثقيلة حذرة تحاول عدم أيقاظ "أيمان" التى غفت جالسة جوارها ليلة أمـ ـس، بحثت عن هاتفها حتى وجدته وبعدما قامت بفتحه خفق قلبها عندما وجدت مكالمة فائتة من "عدي" هل مازال يتذكرها حقًا.!! 


أنسحبت لخارج الغرفة تجلس فوق أقرب أريكة وأعادت الأتصال به مرات متتالية حتى أجاب بصوت رجولي هادئ أفتقدته بالأيام السابقة: 


-"بعتذر بس كنت مشغول ويا الرچال.. كيفك"؟ 


أزالت"زينة" دموعها بأرتجاف تجيبة بصوت متحشرج خافت: 


-"مش بخير يا عدي.. ليه بعدت عني ليه".


أنهت حديثها تغلق أعينها بندم بينما هو أصابه القلق متسائلًا: 


-"كَنك يا بيسان ".؟ 


شبه أبتسامة حزينة أرتسمت فى وجهها عندما أنتبهت لذلك الأسم الزائف والمتعارف عليه بين الجميع لكنها لم تكن يومًا تلك الـ"بيسان"، تحشرج صوتها وهي تجيبة قائلة: 


-" تعبت من كل حاجة مبقتش لاقيه الراحة فـ أى مكان، مبقتش عارفة العيب فيا ولا فى اللى حواليا، أكتشفت أن فيه حاجات الحرمان منها نعمة ". 


أبتعد عن الصخب من حوله يردف بهدوء محاولًا مواساتها: 


-" وفى حاجات بنمر بيها عشان ده نصيبنا ومحدش بيهرب من نصيبه يا بيسان مهما أختلفت الطرق النهاية هتبقي واحدة واللى مكتوبلك تعيشيه هتشوفيه وخليكِ متأكدة أن فى كل شر خير لأ يعلمه إلا الله". 


وبصوت خافت رددت كما رأته سابقًا يقول: 


-"ونعم بالله ". 


أبتعد صوته قليلًا وهو يتحدث مع أحد ما بجوارة ثم عاد ليحادثها قائلًا: 


-" أبوي رايدني، شوي وبكلمك". 


وافقت وأغلقت تعيد رأسها للوراء والأن فقط لاحظت وقوف "أيمان" بداخل الغرفة التى كانت نائمة بها وأقتربت منها تجلس جوارها تضمها لأحضانها قائلة بمواساة: 


-"حقك عليا مكنتش قد وعدي ليكِ، بس صدقيني هتتعالجي وتبقي كويسة أنا حجزت فى مصحة ليكِ وهنسافر النهاردة، الدكتور طمني وقال إنك لسه فى الأول يعنى هتتعافي بسرعة.. أنا جمبك ومش هسيبك". 


بادلتها "زينة" العناق بأحتياج وأردفت برجاء: 


-"ممكن لما نرجع متودينيش القصر تانى، سبيني أعيش هنا ". 


مسدت" أيمان" فوق خصلاتها بحنو قائلة: 


-"حاضر ووعد مني لما تبقي كويسة نروح أسبوع كامل سيناء". 


أبتسمت بشحوب ولم تعلق وبعد قليل بدأ كلاهما بجمع متعلقاتهم والذهاب للقصر لتجهيز حقائب السفر أستعدادًا لرحلة علاج "زينة". 


❈-❈-❈


أستيقظت بتكاسل وأرهاق ترغب فى بضع دقائق إضافية من الراحة لكن باب منزلها لم يترك لها الفرصة لذلك فـ نهضت تتأثب ووضعت حجابها أولًا وفتحته بحرص فـ وجدت الزو جه الأولى للمعلم" فتحي" تقف بأمتعاض شديد تردف بضيق: 


-"كل ده عشان تفتحي ياختي". 


أفسحت لها "فجر" المجال للدلوف تعتذر بلباقة قائلة: 


-"أتفضلي حضرتك معلش كنت نايمة". 


دلفت السيدة بضيق وأغلقت الباب من خلفهما ولم تمر دقائق وأرتفع بالحيّ صوت الصراخ المُتتالي!! 


هرول "فتحي" للأسفل يطرق فوق باب الغرفة بحدة يستمع لصوت زو جته بالداخل لكن لم يستجيب أحد فـ عاد للخلف ودفع الباب بقدمه بقوة أدت لفتحه على مصراعية وكان المشهد كالتالي.. 


زو جته مستلقية أرضًا تحاول الدفاع عن نفسها و "فجر" تجلس فوقها تضـ ـربها بأماكن متفرقة من

جـ ـسـ ـدها بغيظ شديد مردده: 


-"يا بجاحتك يا شيخة يعني بتطريني وكمان تتهجمي عليا". 


أقتربت الزو جه الثانية تبعد "فجر" من فوق ضُرتها التى نهضت بشراسة تنوي الهجـ ـوم هي عليها لكن وقف "فتحي" حائل بينهم وأرتفع صوته بغلظة: 


-" بس يا ولية فى أى ". 


أجابته زو جته بغضب شديد وصوت مرتفع متحدي: 


-" البت دى مش هتبات في البيت النهاردة، يا أنا يا هي". 


تخلّت "فجر" عن صمتها وأقتربت تقف بمواجهة "فتحي" قائلة بهدوء: 


-"يا أستاذ حضرتك أنا كنت قاعدة فى أمان الله مليش دعوة بحد لقيت المدام نازلة تخبط عليا ولما دخلتها لمحت بالكلام أنى بحاول أتقرب منك وطردتني ولما حاولت أوضحلها سوء الظن ده مدت أيـ ـديها عليا ده يرضيك".؟ 


أنهت حديثها تنظر للجيران الواقفين أمام باب الغرفة مُتابعين لما يحدث فى صمت وأعادت تسألها مجددًا: 


-"ده يرضي حد فيكم، حد فيكم شافني بعمل حاجة غلط لا سمح الله".؟ 


تعالت الهمهمات بالنفي وتحدثت أحدي السيدات الواقفة تردف بدفاع: 


-"شهادة لله البت مبيتسمعلهاش صوت بترجع ياعين أمها من جامعتها تقفل بابها ولا حد بيشوفها ولا بتشوف حد ما تلمي نفسك عن البت يا سماح وتبطلي أفترى".!! 


صرخت "سماح" بهياج قائلة: 


-"ميخصكيش وكل واحد على بيته يـــلا، مشي البت دى يا فتحي". 


دفعها "فتحي" بحـ ـدة طفيفة يردف أسمها بتحـ ـذير رفضت تلبيته و أصرت على موقفها فـ أردف "فتحي" بحزم: 


-"طب عليا الطلاق منك يا سماح ما هي ماشية". 


أحتد الشجار بينهم وتدخل السكان للحل بينهم ودام ذلك لدقائق كانت خلالها "سماح" قد صعدت لمنزلها ووقف "فتحي" بصحبة الرجال بالخارج و زو جته الثانية بالداخل مع "فجر" تحاول مواساتها قبل أن تحسم "فجر" أمرها وتخرج قائلة بهدوء تام:


-"ملوش لزوم يا معلم بيتك يتخرب بسببي أنا من الصبح هكون سايبة الأوضة وأقعد فى سكن طالبات ". 


نال موقفها أستحسان الجميع رغم أنها على صواب 

و" فتحي" كان مُصر على عدم مغادرتها إلا أنها لم تريد التسبب فى مشاكل لغيرها وأنفض التجمع على ذلك وعادت وحيدة من جديد.. 


تنظر فى أرجاء الغرفة فى صمت تام، طاقتها على البكاء قد نفذت هي تبكي لكن بلا دموع.! 


بدأت بجمع متعلقاتها وبعد أن أنتهت ظلّت جالسة بجوار النافذة بذهن شارد لأ تعلم ما هي خطوتها القادمة.. لا تدري بأن الخطوة القادمة واقفة أمام باب المنزل ينظر حوله بتراقب وسارع بالطرق برفق حتى لا تفزع وفور أن فُتح الباب دفعها "مهران" للداخل ودلف يلتقط أنفاسه اللاهثة وقال دون مقدمات: 


-"لازم نمشي مفيش وقت". 


فاض بها الكيل وتفاجئ بها تدفعه فى كتفيه قائلة بنفاذ صبر: 


-"ما كفاية بقى، انتَ شوية تظهر وشوية تختفي ومرة ناس تجري ورانا وكل ما تيجي جاي مستخبي انتَ مين وحكايتك أى بالظبط، بعدين أجي معاك بأمارة أى أنا أعرفك ياعم انتَ".؟ 


تغاضي عن فعلتها وزفر بتروي يجيبها فى هدوء تام: 


-"أناخريج كلية برمجة الأول على دفعتي تلات سنين ولما أتخرجت بقيت سواق بسبب أنى ملقتش شغل بشهادتي والناس اللى بتجري ورايا دى خايفين مني ". 


ضحكت"فجر" بأستهزاء تحرك رأسها بدون اقتناع قائلة: 


-" خايفين منك وبيجروا وراك طب أزاي المفروض يستخبوا لو خايفين".! 


وبذات الهدوء أجاب ببساطة: 


-"بيجروا ورايا عشان يخلصوا عليا". 


أتسعت أعين "فجر" وأجابت بغيظ: 


-"وانتَ جاي تاخدني عشان يخلصوا عليا معاك".!! 


زفر بضيق وقال بحـ ـدة طفيفة من بين أسنانه: 


-"يا غبية هاخدك معايا أعمل بيكِ أى أنا عاوزك توصليني لـ زينة صاحبتك مش عارف أوصلها". 


جن جنونها وتسألت بصوت مرتفع بعض الشئ: 


-" وانتَ مالك بـ زينة انتَ من يوم ما قابلتني وعرفت أنى كنت عندها وأنا مش مرتحالك، أنطق قول عاوز منها أى ".! 


كمم" مهران"فـ ـمها بنفاذ صبر وقال: 


-"ما انتِ لو مدياني فرصة أنطق هقولك عاوزها ليه أسكتي شوية ووطي صوتك هتفضحـ ـينا". 


صمتت "فجر" بالفعل وتركت له مساحة للحديثة فـ تحدث هو قائل: 


-" لازم تاخد حـ ـذرها من رياض جوز أيمان وفيه حاجات عرفتها ضروري زينة تقولها لأيمان". 


فكرت للحظات قبل أن تجيب بشك: 


-"وبالمرة تساومها بأنك تاخد فلوس مقابل المعلومات دى ما انتَ مش هتعمل كده لله وللوطن".! 


ضغط على شفـ ـتيه يكبح زمام لسانه وأردف بتسأول: 


-"انتِ ليه شيفاني حقير أوي كده".؟ 


كادت تجيبة بكل ثقة لكنها صمتت بفزع عندما أرتفع الدق فوق باب الغرفة فـ قالت بهمـ ـس خافت للغاية:


-"كل مرة جايلي جايب المصايب وراك أتنيل أستخبي ورا التلاجة لحد ما أشوف مين". 


نظر لها بعدم تصديق وردد بزهول: 


-"ورا التلاجة"!! 


دفعته بضيق فـ أنصاع لحديثها واختبئ وعادت هى تقف خلف الباب تتسأل بصوت مرتفع: 


-"مين ".؟ 


و أتتها الأجابة من الخارج بصوت" فتحي" الذى قال: 


-"لمؤاخذة يا أبلة بس كنت بطمن عليكِ قبل ما أروح المسجد، عاوزة حاجة أجبهالك".؟ 


زفرت براحة وقالت بأمتنان: 


-"شكرًا يا معلم ". 


ظلّت واقفة حتى أستمعت لأبتعاده عن باب الغرفة وما كادت أن تزفر أنفاسها براحة حتى حبستها مجددًا عندما صاح فتحي بالخارج قائلًا: 


-" انتوا مين ". 


وهنا بالتحديد حان دوره وقد سارع بالخروج من مخبأه وجذب يـ ـدها سريعًا نحو الخارج يسارع بالصعود للأعلي غير مباليًا بمحاولاتها للأفلات قائلة بنواح: 


-" يالا أصبر طيب أجيب هدومي.. طب شايله فلوس تحت أدعي عليك بأيه". 


زجرها بحـ ـدة وهو يسرع بخطواته يجيبها قائلًا: 


-"انتِ لو مطلعتيش فعلًا هتضطري تشوفي حد يدعيلنا بالرحمة ". 


وصل كلاهما أخيرًا لسطح البناية ووقفت هى تلفظ أنفاسها الهاربة وأستطاع هو رؤية هجـ ـومهم على

" فتحي" وتجاوزهم له نحو الداخل فـ أقترب منها "مهران" يردف بجدية شديدة: 


-"تعرفي تنطي".؟ 


كانت منحنية تستند على ركبتيها تحاول تنظيم أنفاسها ورفعت رأسها تحدقه ببلاهة قائلة: 


-"هاه".! 


يبدو أن حظها العثر أوقعها بشخص مختل عقليًا لكنه وبالحقيقة كان أكثرهم أتزان، أدرك الأن أن كل شئ اصبح مكشوف وأنهم يعلمون عنه الكثير ولا وقت باقي له بعدما نجح فى أخراج شياطينهم من جحيم عقلهم السام... 


❈-❈-❈


رتبت فوق خصلات شعر "زينة" النائمة جوارها فى سلام تام وهبطت بحرص على عدم إيقاظها وللعجب لم تجد سوى فرد أمن واحد فقط نهض فور رؤيتها يقول بأرتباك: 


-"أيمان هانم.. نورتي يا هانم". 


نظرت حولها بالحديقة الخالية وتسألت من جديد: 


-"فين الباقيين يا عوض". 


أبتلع "عوض" لعابة بأرتباك وأجاب بتردد: 


-"رياض باشا أداهم أجازة يا هانم". 


لم تضيف شئ أخر وتقدمت للداخل ترى أنوار غرفتها مشتعلة.. ياللعجب ماذا يفعل "رياض" بغرفتها.؟ 


تأملت هدوء القصر التام وقبل أن تخطو خطوة واحدة صدح هاتفها بمكالمة مجهولة أجابتها وقبل أن تتحدث أتاها صوت رجولي من الجهة الأخري يقول: 


-"مساء الخير يا مدام أيمان ممكن أخد من وقت حضرتك خمس دقايق بالظبط".؟ 


بدأت بالصعود بأرهاق تمرر كف يـ ـدها الأخر حول عنقها قائلة: 


-"أتفضل". 


-"مع الأسف حضرتك لازم تعرفي أن رياض هو سبب المشاكل الأخيرة فى شغلك وهو اللى دفع فلوس لناس عشان يرفعوا عليكِ قضايا نصب". 


توقفت "أيمان" عن الصعود تعقد جبينها بعدم تصديق وأجابت بحـ ـدة: 


-"انتَ مين و أى الكلام الفارغ ده".! 


أستمعت جيدًا للضحكة القصيرة الساخرة قبل أن يجيبها ببساطة: 


-"مش هقولك فاعل خير لأني حقيقي مش قاصد غير كل شر تجاة الحقير اللى حضرتك متجوزاه اللى بيشتري القاصرات من أهلهم بالفلوس عشان رغبات مريضة". 


أكملت صعودها نحو غرفتها وعكس ما توقع أستمع لها تزفر بتروي وتسألت من جديد: 


-"معتقدش كلامك ده هيقدم حاجة كل اللى تقدر تقوله انتَ مين وهتستفاد أى من مكالمتك دى". 


وصلت لأخر درجة تزامنًا مع حديث الجانب الأخر: 


-"مع كامل أسفي لحضرتك أحب أبلغك أن سبب أدمان بشمهندس عصام أبو المكارم جوز حضرتك السابق هو رياض ". 


رياض أسم تردد صداه بعلقها بعدما توقفت عن التقدم وشعرت بتوقف الوقت من حولها، الكثير من التساؤلات تدافعت لعقلها كان أهمهم ما ذنـ ـب "عاصم" ليحدث له ما حدث.. قلبها العاشق لذكراه خفق بألم بين ثنايا قلبها وشعرت بفتيل من النيران داخل صـ ـدرها يكاد يلتهم "رياض" حيًا.!! 


تقدمت من باب غرفتها كـ من يتقدم من جحيم مخفي عن أعينه كانت تزال على صمتها، فتحت الباب بأندفاع لتتسع أعينها وتنسحب الد-ماء من جـ ـسـ ـدها تزامنًا مع حديث الجانب الأخر الذى أكمل قائلًا: 


-"واحب أبلغك بردو أنه حاليًا فى أوضة نومك.. بيخونك". 


أحتقنت أعينها حتى صارت كالجمر المشتعل ومظهره وهو واقفًا أمام امرأة أخري يحتويها بين ذراعيه كان كـ طبول الحرب التى ستنشب الأن..!! 


أبتعد "رياض" عن السيدة التى ضمّت قميصها المفتوح بيـ ـديها تنظر بينهما فى تراقب وفزع وحاول هو أيجاد كلمات مناسبة وهو يقترب من "أيمان" مبررًا ما يحدث: 


-"أهدي هفهمك دي.. دي كانت.. كانت معايا وقميصها أتقطع وكنت بجيبلها واحد من عندك عشان.. ". 


منعته من أكمال حديثة وتركت هاتفها يسقط أرضًا وأقتربت تقبض على تلابيب ثيابة تردف بقهر نبع من نبرتها: 


-" انتَ أيـــــه شيطـــــان، مكفكش كل اللى أخدته تحرمني منه ليــــه كان هو الحاجة الحلوة اللى فى حياتي". 


حاول تهدئتها وأبعاد يـ ـدها يشير للفتاة بالأنصراف يقول بأرتباك: 


-"هو مين قصدك على أى، أهدي وهفهمك ". 


دفعته وصرخت بهياج شديد تُمـ ـسك بأول شئ وقعت أعينها عليه وكانت مزهرية متوسطة الحجم تلقيها نحوه لكنهل تفاداها فـ أصابت زجاج النافذة من خلفه ولطمت وجهها صارخة: 


-" ليــــه أى حد بحبه بتبعدوه عني ليــــه أى حاجة بتفرحني عاوز تحرمني منها انتَ مُجـ ـرم وأيدك دى عليها د-م عاصم ". 


عاد للخلف بحذر يحاول تفادي جنونها بتلك اللحظة لكن خفق قلبه خوفًا عندما أقتربت من أحدى الأرفف المُعلقة على الحائط والموضوع فوقها عُلبة فضية اللون بداخلها خنجر مُميز الصُنع، قبضت فوقه بكامل قوتها وبأعينها يلتمع الكره قائلة بغل: 


-" هقتـ ـلك يا رياض مش هسيبك تعيش لحظة واحدة فى حياة حرمته أنه يكون فيها جمبي". 


أقتربت منه بخطوات كان مُحركها هو غضبها الأعمي والأصرار يرتسم فوق وجهها بينما هو فكر بأكثر الطرق خسارة وأقترب يقبض فوق كف يـ ـدها بقوة يمنعها من ما هي ناوية عليه يحاول أفاقتها قائل: 


-"هتودي نفسك وسمعتك فى داهية عشان خاطر حبيب القلب.. هو مات وانتهي يعنى مهما عملتي مش هيرجع تاني فوقي بقى لنفسك ". 


حاصرها بالحائط من خلفها وأستغلت الفتاة الفرصة وهرولت سريعًا نحو الخارج فـ أردفت" أيمان " من بين أسنانها بوعيد قاسـ ـي:


-"هقتـ ـلك مش هسيبك تتمتع بأي حاجة من اللى عيشت طول حياتك بتحلم بيها". 


أرتد للخلف عندما كادت أن تجـ ـرحه وأردف بشجاعة واهية محاولًا تشتيت أنتباهها والهرب نحو الخارج: 


-"انتِ أنسانة أنانية عاوزة كل حاجة.. عاوزة حب عمرك وفلوس أبوكِ ويكون عندك عيل كمان وروحتي جبتي حتة بت من الشارع نضفتيها وعملتيها بنى أدمه.. أه أنا اللى غويت عاصم لحد ما بقى مُدمن وكان بيترمي

يبـ ـوس رجلي عشان أرحمه من عذابه بس كنت بستمتع وهو مذلول قدامي بعد ما كان أنجح مني وابوكِ بيعايرني بيه.. أى حد هيقرب من فلوس عيلة عاشور مش هيطول منها قرش واحد وهكون مخلص عليه". 


حديثة كان بمثابة راية حمراء ظهرت أمام أعين ثور هائج لذا وبدون ذرة تردد واحدة أزداد تمـ ـسكها بيـ ـد الخنجر وهمت بطعـ ـنة تفسد عليه محاولته للهروب


وعندما حاول أخذه منها مستغلًا فرق القوة بينهم أنحنت تتـ ـمسك بالخنجر وكأنه أخر طوق نجاة لها قبل أن تشهق بألـ ـم عندما شعرت به يخترق معدتها بلا رحمة...!! 


سقطت على ركبتيها تنظر للخنجر المستقر بمعدتها

التى تدفق منها الد-ماء بغزارة وبأعين زائغة نظرت نحوه مجددًا ولفت أنتباهها وقوف "زينة" بالخارج فـ أبتسمت بشحوب تتأمل وجهها للمرة الأخيرة قبل أن يسقط

جـ ـسـ ـدها أمام قدمه


تزامنًا مع أنتباهة لصوت خطوات راكضة، أسرع نحو الخارج ينظر من السور العلوي فـ لمح طيف" زينة" الراكض مما جعل أعينه تتسع فى رعـ ـب وسارع بالعودة للداخل يصرخ بخوف شديد: 


-"عــــوض أقفل البوابة وأمـ ـسك بيسان". 


❈-❈-❈


هاتف "ظافر" الذى لم يتوقف عن الرنين لثانية واحدة مفسدًا عليه أستمتاعه بأحدي السهرات جعله مضطرًا للأجابة يردف بثمالة: 


-"أى في أى ".! 


ما أثار ريبته كان صوت زو جته الباكية بصوت مبحوح قائلة: 


-" الحقني يا ظافر في عربية خبطت بسام وجريت". 


حديثها كان بمثابة سوط سقط فوق فؤاده فتته لأشلاء، ولده وفلذ كبده أحدهم قد توصل إليه وربما ما حدث كان أنتقـ ـام من والده به.. 


❈-❈-❈


وسط جلستهم الأسرية البسيطة عبرت والدته "لطيفة" عن رأيها قائلة: 


-"من رأي شايفة أنه آن الأوان يا ولدي يكون عندك بيت وعزوه، وفيه أكتر من صبية أعرفهم تستحق تكون

زو جة ولدي الوحيد".


تململ"عدي" فى جلسته بغير راحة بعدما أنقلبت ضفة الحديث ليصبح هو محورها، وحدقة والده بهدوء تام قبل أن يردف "شاهين" بصدق:


-"لو لساك رايد هدي بنت مسعود بكلم لك أبوها بالغد أو نبعت أمك للعوائل "الستات" بالدار تشوف رأيهم قبل ما أحدثه". 


ظهر عدم الرضا على وجه "لطيفة" وهي تردف بأعتراض واضح: 


-"ليش بياخد صبية رفضته من قبل وممكن توافق هالحين لأجل ضغوط أمها.. أمها ما كانت موافقة على طلاقها، فى بنات كتير زينة بشوفلك واحدة منهم". 


طال صمت "عدي" لأول مرة يشعر بذلك الضيق وهو جالس رفقة أحد يريد أن يسرع لغرفته حتى يعلم ما بها ليوصلها لهذا الحد من البؤس


كلا من والديه فى أنتظار رده الذى جاء هادئ للغاية حتى يتهرب من نظراتهم قائل: 


-"ما أريد هالحين لما يحين الوقت ببلغكم، عن أذنكم محتاج أنام". 


هروبة كان واضح لكلاهما لكن لـ "شاهين" بالأخص فـ هو أكثر من يعرف ولده لذلك أيقن بأن "عدي" قد سقط صريعًا لعشق أحداهن والذى يجهل هو هويتها حاليًا لكنه يعلم تمام العلم بأن صمته لن يطول

فـ من أحب أراد وسيعرف الجميع بها عن قريب.. 


وبالأعلي كان يحاول الوصول لها لكن بكل مرة تفشل محاولاته هاتفها مغلق ولا تصلها أى من رسائله العديدة


نهش الخـ ـوف قلبه يشعر بشئ يحدث دون علمه وفكر للحظات الأتصال بـ "أيمان" لكن نظرًا لتأخر الوقت وزفر بضيق يصبر ذاته بأنه سيحادثها بالصباح الباكر للأطمئنان عليها 


ترك هاتفة ونهض للشرفة يتذكر حديثها حول كونهم أن يصبحوا أصدقاء ولكنه أخلف بالوعد وصارت من وقع صريعًا لهواها


❈-❈-❈


دار حول جـ ـسـ ـد "أيمان" الملقى أرضًا والد-ماء منتشرة فوق الأرضية حولها يتابع بأهتمام ما يقوم به فريق المعمل الجنائي بكل حرص ودقة بالغة، رفع نظرة نحو "رياض" زو ج "أيمان" الواقف خارج الغرفة يبكي بحسرة بعدما أستطاعوا ترويضة منذ عدة دقائق بعدما كان يصرخ ويهشم رافض فكرة موتها وتركه وحيدًا.. 


نظر لصديقة الواقف جوارة يتسأل بنبرة منخفضة بعض الشئ: 


-"وصلت لأيه".؟ 


زفر الضابط الواقف جواره بيأس يخبره بكل ما أستطاع أجماعه منذ مجيئهم: 


-"الخدامة اللى بلغت قالت أنها سمعت صوت دوشة وبعديها حاجة وقعت جامد وبعد ثواني لقيت بنت المجني عليها نازله تجري وظاهر عليها الخوف، طلعت تشوف اى وقع لقيت باب الأوضة موارب، ولما دخلت لقيت القتـ ـيلة بتطلع فى الروح وكانت بتشاور على الباب، باقى الخدامين خلصوا شغلهم من الساعة سبعة وروحوا والأمن على الباب قال إن محدش دخل ولا خرج حتى أنه مشافش المجني عليها وهى داخلة".


أستفسر الضابط "جلال" قائلًا: 

-"والبنت فين".؟ 


-"أختفت، هى تبقى بنت المجني عليها من جوز ها السابق وحسب أقوال الخدامة كان فيه منازعات دائمة بين المجني عليها وبنتها بسبب سلوكها المستهتر". 


توقف عن أكمل حديثة عندما أقترب منهما الطبيب الشرعي ينزع القفازات عن كفية يخبرهم بتحليل دقيق لما توصل إليه: 


-"الجاني كان محترف فـ أنه ميسبش وراه أى دليل حتى سلاح الجريـ ـمة أختفى، بس أزاز البلكونة فيه كسر بسبب مزهرية أتحدفت من أتجاة الباب ناحية السرير بس الشخص المقصود تفاداها، غير إن الجريمة مكانتش بهدف السرقة نهائيّ بدليل  إن مفيش باب مكسور او مجوهرات ناقصة، بس من وجهة نظرى كان فيه أكتر من شخصين فى الأوضة لأن فيه أثار أقدام ملوثة بالد-م ومطبوعة على الأرض بمقاسات مختلفة". 


زفر "جلال" بضيق وقد شعر بأنغلاق جميع الأبواب فى وجهة يعلم أنه على وشك خوض تجربة ليست بالهينة أبدًا... 


❈-❈-❈


ركض "مهران" سريعًا حتى وصل لمكان أنتظارها وقبل أن تنطق لفت نظرها قماشة بيضاء ملوثة بالد-ماء يظهر منها نصل حاد يردف بقلق: 


-"احنا لازم نلاقي زينة".


بينما "فجر"  تنصت لحديثة مطلقًا كامل أنتباهها كان منصب على النصل الذى بيـ ـده وتواردت الأفكار سريعًا لعقلها وكان جميعهم مابين السئ والأسوأ وبدون لحظة تردد ركضت بكل ما تملك من طاقة وسط الأشجار المحيطة بهم من كل جانب


والسماء فوقهم تعلن غضبها الشديد وهبطت أمطارها بغزارة وأضاء الرعد والبرق الطرق .. 


وعلى ناحية أخري.. 


كانت جالسة بطريق مظلم تضم جـ ـسـ ـدها بأرتجاف شديد تحاول طمئنه روحها الخائفة وكل شئ يمر أمام أعينها مرارًا وتكرارًا غير مبالية بالأمطار التى أغرقتها فـ لربما تكون طهارة مائها سبب فى أزالة ذنوب لا تُغفر.!! 



يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة شهد السيد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية



رواياتنا الحصرية كاملة