-->

رواية رومانسية جديدة قلوب حائرة (الجزء الثاني) لروز أمين - الفصل 15 - 2

 

رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة روز أمين
رواية قلوب حائرة
الجزء الثاني



رواية جديدة 

تنشر حصريًا 

على مدونة رواية وحكاية 

قبل أي منصة أخرى



الفصل الخامس عشر

الجزء الثاني


العودة للصفحة السابقة

عصراً داخل حديقة سيادة اللواء عز المغربى

كان يجلس هو ومنال وليالى بصحبة أيسل وحمزة فى جو يملؤهُ الأولفة بعد أن قررت منال أن تحاول جاهدة للتقرب إلى زو جها وعدم تركهِ لثُريا أكثر من ذلك


تجلس أيسل تروى لهم عن مغامراتها فى بلاد الغَربْ تحت ضحكات واستفسارات الجميع،دلف بسيارته عائداً للتو من عملهْ بعد انتهاء يومهِ الشاق،أما تلك المتمردة التى ما أن لمحت دخول سيارة أبيها حتى هبت مُنتفضة من جلستها بقلبٍ يتراقص من شِدة سعادتهْ،أسرعت إلى ذاك الذى ما أن رأها أمامهُ حتى أنفرجت أساريرهُ من طلتها التى تُجلب على قلبهِ البهجة والسرور والهناء



توقف بالسيارة فى الحال عند رؤياها وترجل منها تاركاً إياها لرجُل الحراسة كى يَصِفَها داخل الجراچ وتحرك هو ليستقبل قُرة عيناه التى رمت بحالها داخل أحضـ.ـانهُ الحنون وتحدثت بنبرات تؤكد كَم أنها تعشق ابيها وتشتاقهْ:

-بابى   



ملـ.ـس بيـ.ـده على مؤخـ.ـرة رأسها وشدد من ضـ.ـمتهِ لها وتحدث مُنْبَسِط الاسارير:

-أهلاً أهلاً بقلب بابى من جوة 


إبتعدت عنه قليلاً وتحدثت بنبرة صوت يملؤها الحماس وهى تقودهُ من يدها إلى تجمع العائلة:

-تعال يا بابى أقعد معانا واسمع حكاياتى فى ألمانيا  


إنقاد معها برضا ثم تحدث بنبرة هادئة: 

-السلام عليكم 



رد الجميع تحيتهُ ثم ألقى تحية خاصة على والداه،وقف حمزة سريعاً لإستقبال والدهُ الذى إبتسم لهُ وقام بمداعـ.ـبتهْ حيث قام بوضع كف يـ.ـده على شعر رأسه وحركها بخشونة نالت إستحسان الفتى الذى تحدث:

-حمدالله على السلامة يا بابا


رد عليه قائلاً بهدوء: 

-الله يسلمك يا حمزة 


جلس بجانب والدهُ فهتفت منال متسائلة إياه بنبرة حادّة وملامح وجه يملؤها الضيق: 

-الهانم مراتك قالت لك إنها راحت تفطر فى بيت بباها يا ياسين؟ 


أُصيبَ بالإندهاش من طريقة إلقاء سؤال والدتهُ الغاضـ.ـب وفهم بفطانته أن هذا الآمر لن يخلو من تلك اللمار ومؤامـ.ـرتها التى لم يَتَبيَّن له سرها إلى الآن،تحدث بنبرة هادئة: 

-أكيد قالت لى قبل ما تتحرك يا أمى،مش بس قالت لى،دي إستأذنت منى وأنا بنفسي اللى بعت لها العربية اللى ودتها هى والأولاد، 

واسترسل بإيضاح: 

-مليكة بنت أصول وعمرها ما تتخطاها 


إشتعـ.ـلت ليالى من دفاع زو جها المستميت عن مليكة،أما أيسل فكانت تستـ.ـشيطُ غضـ.ـباً عندما رأت حماية والدها لغريمتها الحمقاء التى تُشاركُها إهتمامه وحُبهِ الشغوف



أما منال فارَدت بنبرة بها بعض الغُلظة: 

-طب مش المفروض إن الأصول دى بردوا تخليها تستأذن منى قبل ما تاخد حفيدى وتروح بيت بباها يا ياسين؟ 


واسترسلت بنبرة حادة قاصدة بحديثها ثُريا: 

-ولا هى الأصول بتاعتها بتمشي على ناس وناس؟ 

واستطردت بنبرة ساخرة: 

-دى الهانم من ساعة جـ.ـوازك منها لحد النهاردة عُمرها ما أعتبرتنى حماتها وأحترمتنى وأخدت منى الأذن فى أى حاجة سواء تخُصها هى أو تخُص حفيدى



كان جالساً بمكانهِ يترقب لكُل ما يُقال من حولهْ،ينظر عليها بتمعُن ويستمع إلي حديثها الغريب عن شخصيتها الأنانية البعيدة كُل البُعد عن هذا التفكير والتى لا تتشبث بهذة الأمور أو كل ما يبتعد عن دائرة إهتماماتها الأولى،رفع أحد حاجبيهْ ثم تحدث مُتسائلاً بنبرة تعجبية: 

-وإنتِ من أمتى بتهتمى بالأمور اللى زى دى يا منال؟!

ده أنتِ أكتر واحدة بتدور على الراحة لنفسها وبتبعد عن أى شئ ممكن يزعجها أو يعكر صفو حياتها هى وولادها؟!



للحظة تأملت بحديثهُ وتيقنت صحته وكادت أن تعود إلى أدراجها لكنها سُرعان ما تراجعت ونفضت تلك الفكرة وابعدتها عن عقلها،فكُل ما عالق بذِهنها الآن ومُحكم السيطرة عليه هو حديث تلك الخبيثة الذي تسلل إلى عقلها وتوغل بهْ 



نظرت إليه وتحدثت بنبرة يُسيطر عليها الغـ.ـضب:

-أنا لسة زى ما أنا يا عز،عُمرى ما كُنت بتاعت مشاكل ولا بتدخل فى حياة حد،لكن الموضوع هنا يخُص حفيدى وده مش أى حفيد، إنتِ عارف كويس مقدار الولد ومكانتة المميزة عندى 


واسترسلت بإستفاضة: 

-ده غير إن الموضوع بدأ يتطور وتجاهل مرات إبنك ليا وصل معايا لحد الإهانة    


إهانة مرة واحدة يا أمى...جملة نطق بها ياسين بإندهاش،ثم استرسل بنبرة هادئة فى محاولة منهْ لإمتـ.ـصاص إحْتِدامها: 

-ما عاش ولا كان اللى يهينك يا ست الكُل،على العموم لو ده هيرضي حضرتك أنا هنبه على مليكة تستأذن منك قبل ما تُخرج من البيت بعد كدة 

واستطرد لإسترضائها: 

-ها،راضية يا أمى ولا فيه حاجة تانية مزعلاكٍ من مليكة



إنتعش قلبها وكأن حديث نجلها نزل على قلبها أزال منه كُل الأحقاد التى زرعتها تلك اللمار مُنذُ الفترة المُنصرمة وتحدثت بملامح وجه بشوشة وكأنها تحولت لأخرى: 

-ربنا يخليك ليا يا ياسين

واسترسلت بنبرة حنون: 

-ما تخليش عز يبات عند جده وهاته بدرى علشان أشوفه قبل ما ينام

واسترسلت بنبرة صادقة: 

-أنا هتجنن علشان ماشوفتوش النهاردة


إبتسم لها وأجابها بنبرة حنون: 

-حاضر يا حبيبتي 


بركاتك يا عزو،الولد عمل اللى ماقدرش جده يعمله...جُملة ساخرة أردف بها عز مشاكساً زو جتهُ مما جعل ياسين يدخُل فى نوبة من الضحك اللاإرادى 


تحدثت منال بنبرة ساخطة تدل على حِنقها: 

-متشكرة على التريقة يا سيادة اللواء 


أجابها بنبرة جادة: 

-صدقينى ما بتريق يا منال،بس أنا حقيقى أول مرة أشوفك متعلقة بحد كدة  


إبتسمت له وتحدثت بنبرة صادقة: 

-الولد نبيه جداً وعنده قُدرة عجيبة فى إنه يخـ.ـطف قلب أى حد 


هتف عز بنبرة حادة وهو يستعيذُ بالله: 

-الله أكبر يا منال،قولي بسم الله ما شاء الله ربنا يحميه 


تَهلّلَ وجه ياسين واشتدت سعادتهُ بعدما رأى تعلُق والدتهُ الشديد لقُره عينه أبن غاليته وأيضا ذُعْر والدهُ عليه وشَغَفه به



أرادت ليالى أن تُغير مجرى الحديث الذي أزعجها وتحدثت إلى ياسين بنبرة باردة : 

-إعمل حسابك يا ياسين إنك هتودينى أنا والأولاد عند بابى بعد الفطار،مامى هتتجنن وتشوفنى أنا وسيلا 


واسترسلت شارحة: 

-دى كانت عاوزة تيجى لى إمبارح هنا لكن جـ.ـوز داليدا كان عازم أصحابه فى الشُغل وماكانش ينفع تيجى من غيرها



رد عليها بنبرة صوت هادئة: 

-هاخلى طارق أو عُمر يوديكم مع الحراسة يا ليالى 


واسترسل مُفْصِحاً: 

-أنا اصلى وعدت مليكة إنى هروح أجيبها بعد الفطار على طول


إستـ.ـشاط داخل ليالى وأيسل التى وجهت سؤالاً إلى والدها بنبرة حادة على غير العادة:

-وليه عمو طارق ما يروحش يجيبها هى وحضرتك تيجى معانا عند جدو أحمد؟


إستغرب لهجة إبنته الجافة وتحدث بنبرة صارمة: 

-ما ينفعش لأنى وعدت مليكة إنى هاروح أجيبها بنفسى


واسترسل بنبرة غاضـ.ـبة لعيناى حادتان: 

-وتانى مرة ما تسمحيش لنفسك تتكلمى معايا بالطريقة دى،مش إنتِ اللى هتقولى لى أعمل إيه وأدير حياتى إزاى



أنا أسفة يا بابى،ماقصدتش أضايق حضرتك، بعد إذنك...جُملة حزينة تفوهت بها مُدللة أبيها قبل أن تُهرول مسرعةً إلى الداخل ومنهُ إلى غُرفتها 


أردفت ليالى بنبرة لائمة: 

-كدة يا ياسين تزعل البنت وتكسفها قدامنا؟ 


هتف بنبرة حادّة جعلتها تنكمش على حالها: 

-البنت غلطت وأتخطت حدودها معايا فى الكلام يا مدام،وبدل ما تلوميها وتوجهيها للصح وتقولى لها عيب تتكلم بالإسلوب ده مع أبوها،جاية تلومينى أنا؟!



أخذت من الصمت ساتراً لها أمام إنفعال ذاك الغاضب وتحدثت منال بدفاعٍ عن إبنة شقيقها وحفيدتها المُدللة: 

-ماحصلش حاجة لنرفزتك على سيلا وليالى بالشكل ده يا ياسين،البنت إسلوبها معاك كان محترم وماغلطتش علشان تكلمها بالطريقة دى؟! 



هتف عز بنبرة صارمة: 

-منال،خرجى نفسك من الموضوع وسيبى ياسين يتعامل مع مراته وبنته بالطريقة اللى هو يشوفها مناسبة


نظر ياسين على والدهُ ووجه إليه حديثهُ بنبرة شاكرة:

-مُتشكر لتفهُم سعادتك يا باشا




واسترسل وهو ينظر إلى والدته:

-أكيد حضرتك ما عندكيش أدنى شك فى غلاوة سيلا عندى،بس مش معنى كدة إنى أكون مُتهاون معاها لما تتخطى حدودها فى الكلام سواء معايا أو مع غيري 




واستطرد شارحاً موقفهُ بتوضيح: 

-وبالنسبة لموضوع مليكة فهى كلمتنى الساعة عشرة الصُبح علشان تستأذن منى،وأنا وعدتها إنى هروح أجيبها،واكيد بلغت بباها والراجل مستنينى وهتبقى وحشة فى حقى لو ما روحتش



واكمل حديثهُ وهو ينظر إلى ليالى بنظرة حادة:

-أما بقى الأستاذة ليالى اللى قررت منها لنفسها وأصدرت فرمانها إنها هتزور بباها النهاردة من غير حتى ما تبلغ المُغفل اللى هى متجـ.ـوزاه،وجاية تقولى قدامكم على أساس إنه أمر مُسلم بيه وإن موافقتى من عدمها مش مهمة بالنسبة لسيادتها 



واستطرد شارحاً تحت خجل منال من أفعال إبنة شقيقها التى وصلت لهذا العُمر ومازالت أفعالها غير محسوبة: 

-ومع ذلك أخدت الموضوع ببساطة وجيت على نفسي وما حبتش أعمل مُشكلة علشان مقدر إن أهلها واحشينها،لكن ما توصلش بإن الهانم تشجع بنتها على الغلط وتعارضنى قدامكم




تحدث عز بنبرة هادئة فى محاولة منهْ لتهدأة الوضع: 

-خلاص يا ياسين،الموضوع بسيط ومش مستاهل كلام واللى عملته هو الصح


أجاب والدهُ بإحترام: 

-يا باشا انا كُنت راضى وساكت،لكن حضرتك شُفت بنفسك هما كمان اللى مش عاجبهم 


أنا أسفة يا ياسين...جُملة حرجة خرجت من فَم ليالى 


أردفت منال بهدوء كى تُنهى ذاك الحوار المُرهق للجميع: 

-خلاص بقى يا ياسين،إسمع كلام الباشا وقفل على الموضوع


هز رأسهُ بموافقة وتحدث وهو يقف إستعداداً للمغادرة: 

-بعد إذنكم هطلع أخد شاور وأصلى العَصر وأنام شوية

تحدثت منال بنبرة سعيدة: 

-أختك جاية بكرة الصُبح هى وولادها وجـ.ـوزها علشان يحضروا العيد معانا 


أومأ لها وتحدث بنبرة هادئة:

-عارف يا حبيبتي،أنا كلمتها وعرفت ميعاد وصولها علشان أروح استقبلها بنفسي 


قال كلماتهُ وتحرك فى طريقهُ إلى الداخل وجد طارق يولج بسيارته من البوابة الحديدية وما أن رأه حتى أشار لهُ بيده لينتظره،وقف ياسين حتى صف طارق سيارتهُ داخل الجراچ وخرج وتحدث بنبرة مستاءة:

-روحت علشان أتكلم مع مليكة وأشوف إذا كانت لسة زعلانة من اللى حصل عمتى قالت لى إنها أخدت الأولاد وراحت تفطر عند بباها،أنا متأكد إنها عملت كدة علشان مش طايقة تبُص فى وشي بعد اللى عِرفته ومعاها حق 


واسترسل بنبرة جادة: 

-ياسين،إنتَ لازم تقول لمليكة على كُل حاجة وتبرأنى قدامها



تحولت ملامحهُ لغاضـ.ـبة مصدومة وهتف بنبرة حادة: 

-إنتَ إتجننت يا طارق؟

عاوزنى أروح أقول لمراتى اللى بتخاف من الهوا على عيالها إنها إحتمال تبقى عايشة فى بيت واحد مع جاسوسة؟ 


واسترسل متهكماً: 

-إنتَ عاوز تبوظ لى الفُرصة اللى ما صدقت إنها جت لى علشان سيادتك مش متحمل زعل مليكة منك كام إسبوع؟ 



تفوه بنبرة يملؤها الشَجن: 

-حُط نفسك مكانى يا ياسين،أنا فى يوم وليلة بقيت واحد جشع وطماع وبتاع مصلحته،قولى لو كُنت مكانى كُنت هتعمل إيه؟ 



اجابهُ بنبرة واثقة: 

-كنت هصبر لحد الموضوع ما يخلص على خير ومليكة تعرف الحقيقة وتكتشف إنك كنت خايف عليها وماحبتش تدخل حق أولادها فى لعبة 



تنهد ثم إقترب على شقيقهُ ووضع كف يـ.ـده فوق كتفه وتحدث مُحفزاً إياه:

-أنا عارف إن مليكة ليها مكانة خاصة عندك وإنك بتعزها زى أختك،بس صدقني يا طارق،كدة أفضل ليها وأءمن،مليكة لو عرفت مش هتعرف تخبى وهننكشف،دي مش لعبة يا طارق،الموضوع خطير ومحتاج مننا كلنا التكاتف والتنازُل لحد الموضوع ما يخلص على خير إن شاءالله 



هز رأسهُ بموافقة وتحرك ياسين إلى الأعلى أما طارق فذهب إلى أبيه ليُلقى عليه التحية قبل صعودهُ للأعلى

  


❈-❈-❈ 


داخل منزل سالم عُثمان

خرجت من حُجرتها بعدما بدلت ثيابها ببيتية مُريحة واتجهت إلى المطبخ،وجدت علياء ونُهى تتجاورتان الوقوف وتصنعتان طعام الإفطار،تحدثت إلي كِلتاهما بمرح هادئ: 

-هتفطرونا إيه النهاردة يا بنات



هتفت نهى بنبرة حماسية: 

-من حظك الحِلو ماما عاملة لنا النهاردة تشكيلة أسماك تستاهل بُقك وبُق أولادك


وأكملت علياء على حديثها بنبرة مَرحة: 

-أما بقى الحِلو قطايف محشية بالقشطة،وصوابع جولاش بالمكسرات،وچيلى أنا اللى عملاه بنفسي


إبتسمت مليكة وتحدثت باقتضاب: 

-تسلم أديـ.ـكم،أنا هروح أقعد شوية مع بابا وإخواتى وبعدها هاجى علشان أساعدكم 



أردفت علياء بنبرة حنون:

-إخرجى لهم يا حبيبتي وخدى راحتك،إحنا أصلاً خلصنا ومش فاضل غير السلطات 



خطت بساقيها خارج المطبخ فتحدثت نُهى إلى علياء:

-مليكة شكلها مش عاجبنى،زيارتها المُفاجأة دى مش طبيعية،ده غير شكلها اللى بيقول إن عندها مُشكلة




تنهدت علياء وأردفت قائلة بنبرة مهمومة:

-أكيد رجوع ليالى وسيلا من السفر مش هيعدى على حياتها مرور الكرام،البنت من وقت جـ.ـواز مليكة من ياسين وهى بتعتبرها عدوتها


أومأت نُهى وتحدثت بنبرة جادة: 

-بصراحة الوضع كُله صعب على مليكة وعلى الجميع


أجابتها بنبرة خافتة: 

-عندك حق يا نُهى 



أما بالخارج،دلف أطفال المنزل إلى الغرف كى يتسامرون ويلهون على حُريتهم،جلست مليكة بجانب سالم ونجلاه وزو جتهُ ببهو المنزل وبدأت تقص عليهم جُل ما حدث من طارق بعدما أنتوت أن تُبلغهم وتستشيرهم بقرارها 



نطق شريف الذى كان يستمع إليها بتمعُن: 

-طارق مستحيل يعمل كدة يا مليكة،ده صاحبى وأنا عارف أخلاقه كويس،أكيد الموضوع فيه لَبس؟!


تنهدت بألـ.ـم وتحدثت بنبرة تأكيدية: 

-للأسف يا شريف الخبر أكيد،أنا لما لمار قالت لى ما صدقتش وحبيت أتأكد علشان ماأظلمهوش فاتصلت بيه وسألته،وهو بنفسه اللى أكد لى صِحة الكلام


ثم أنزلت بصرها واسترسلت بنبرة حزينة: 

-وكانت حجِته ليا إنه بيجرب وبيَختبر إذا كان كلام لمار حقيقى ولا مُجرد كلام



تحدث سالم بنبرة تعقُلية: 

-ما يمكن يكون بيجرب فعلاً يا بنتى وخاف يدخل نصيب اليتامى معاه فى التجرُبة؟ 



أردفت موضحة بنبرة عاقلة:

-تفتكر رجُل أعمال بعقلية طارق وسِنه هيدخل شركته اللى قعد يبنى فيها سنين فى لعبة مش محسوبة لمجرد إنه يتأكد من كلام إتقال له يا بابا؟ 


واستطردت ببَوْح: 

-ده غير إنه هو بنفسه وقع لى بالكلام وقال لى إنه قرر يجرب بعد ما سأل على الشِركة ولقى إسمها كبير فعلاً وشاف إنها فرصة ما تتعوضش 



تفوهت سُهير بنبرة متعجبة: 

-لا حول ولاقوة إلا بالله،هى الدُنيا جرى فيها إيه بس يا ولاد 


واستكملت وهى تُشير إلى إبنتها: 

-بقى يحرضك ويشجعك على الرفض وبعدين يلف من وراكى وياخد هو الصفقة لنفسه؟ 



هز سالم رأسهُ رافضاً تصديق ذاك الحديث البعيد كُل البُعد عن طارق وأردف بنبرة تشكيكية: 

-دى مش أخلاق طارق اللى صان مال اليتامى السنين دى كُلها يا سُهير،الموضوع أكيد فيه لَبـ.ـس زى ما قال شريف 



أما سيف فتحدث كعادتهِ بحديث العقل والمنطق: 

-للأسف يا بابا،النفس البشرية أمارة بالسوء،وأسوء ما فينا بيظهر مكان ما تِظهر وتتواجد الفلوس،ممكن جداً يكون طارق طِمع فى المكسب  لوحده وحلل ده لنفسه بإنه هو اللى بيتعب ويشتغل وإن ده من حقه 



تحدث سالم وهو ينظر إلى إبنته باستـ.ـسلام بعدما شعر بصِحة حديث نجلهِ العاقل: 

-لا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم،طب وياسين هيوافق إنك تنزلى تراعى مال ولادك بنفسك يا بنتى؟ 


أجابته بهدوء: 

-أنا هتكلم معاه بالليل يا بابا وهشوف رأيه إيه 


تحدث إليها بنُصحٍ وإرشاد: 

-إوعى تتحركى خطوة واحدة من غير موافقة جـ.ـوزك يا مليكة


أجابت والدها بإستفاضة: 

-أكيد هقعد معاه وهاخد موافقته قبل ما أتحرك فى أى خطوة يا بابا،أنا بس حبيت أبلغ حضرتك وماما وأخواتى علشان تكونوا معايا فى الصورة    


أومأ لها الجميع بموافقة


❈-❈-❈ 


داخل غُرفة ثُريا، كانت تجلس فوق مقعدها الخاص تُمسك بمسبحتها وتُردد بعض الأذكار،دلفت إليها نرمين وتحدثت بنبرة هادئة: 

-خلصتى صلاة يا ماما؟ 


اجابتها وهى تُشير إليها بكف يـ.ـدها: 

-أه يا حبيبتي،تعالى عوزاكى فى موضوع


جلست بمقابل والدتها وتساءلت مستفسرة: 

-خير يا ماما؟ 


أخرجت ثُريا ظرفاً بهِ بعض العُملات الورقية ذات الفئة العالية وتحدثت وهى تُناولها إياها:

-كُل سنة وإنتِ طيبة يا نرمين


سعد داخل نرمين ليس من أجل المال فقط إنما الإهتمام والرعاية الشديدان هما ما تسعى إليهما دوماً تلك التى تبحث دائماً عن هل من مزيد،تحدثت قائلة بتعفُف: 

-أنا معايا فلوس يا ماما



أردفت ثُريا التى مازالت تُبسط ذراعها إليها بالمال: 

-دى عديتك منى يا حبيبتي وملهاش علاقة بإذا كان معاكِ فلوس ولا لاء،وطول ما أنا عايشة هافضل اديكى عديتك إنتى وأختك 



أخذتها منها وشكرتها فتحدثت ثُريا على استحياء:

-أنا ليه ملاحظة إن المعاملة بينك وبين سراج باردة وملهاش روح يا نرمين


تنهدت نرمين وتحدثت إلى والدتها:

-مش بس المعاملة هى اللي من غير روح يا ماما،حياتي مع سراج كلها باردة ومن غير روح


هزت رأسها بأسي وتحدثت بإرشاد:

-جـ.ـوزك طيب وإبن حلال يا بنتى،مش زى رجالة اليومين دول الحلانجية واللى بيلعبوا بالبيضة والحجر،وأظن إنتِ مجربة النوع ده وشفتى منه الويل 

حافظى على جـ.ـوزك وحاولى تجددى من حياتكم علشان ما تخسرهوش يا نرمين


أومأت لها بهدوء ثم تحدثت ثريا من جديد:

-أنا ملاحظة كمان إن علاقـ.ـتك بمليكة بدأت تسوء وترجع زى الأول 


إرتبكت نرمين وتحدثت نافية:

-مش صحيح يا ماما،أنا علاقـ.ـتى بمليكة كويسة جداً حتى أسأليها؟


أجابتها ثُريا بتذكير لائم: 

-وأسألها ليه ما أنا شايفة كُل حاجة بعنيا يا بنتى،ولا نسيتى كلامك إمبارح مع منال اللى كله تحريض عليها؟ 


واسترسلت بنبرة متأثرة: 

-مليكة غلبانة والزمن جاى عليها،بلاش تبقى إنتِ كمان عليها يا نرمين،إنتِ بنت أصول والمفروض العيبة ما تطلعش منك،ما ينفعش بنت أحمد المغربى قلبها يبقى فيه حِقد من ناحية حد 


بسطت ذراها وتمـ.ـسكت بكفها وتحدثت بنبرة حنون:

-إوعدينى تراجعى نفسك وتجاهديها يا بنتى 


أومأت لها خجلاً وتأثُراً ووعدتها ثم تحركتا إلى الخارج حيث يُسرا وسليم وسراج 

      




داخل منزل المهندس أحمد العشري 

يجلس هو وز وج إبنته داليدا يتحدثان لحالهِما داخل شُرفة المنزل 


أما فى البهو كانت جلسة النساء المكونه من قسمت وليالي وأيسل وداليدا التى تفوهت بنبرة حادة متناسية وجود إبنة شقيقتها: 

-ياسين المغربي ده واحد قليل الذوق ولا بيفهم لا فى إتيكيت ولا في الأصول،طول عُمره إنسان بارد



شعرت أيسل بالغضـ.ـب العارم يجتاح روحها جراء سماعها لإفتراءات تلك الداليدا التى وصمت بها والدها الغالى ووصفته بأبشع الأوصاف،هتفت بنبره حادة رافضة لكُل ما قِيل:

-بابى مش بالأوصاف البشعة اللى حضرتك ذكرتيها دى يا خالتو،ثم إن بابى عُمره ما جاب سيرة حضرتك فى أى حاجة وحشة،فياريت ما تتكلميش عنه كده تانى 


واسترسلت بنبرة فخورة: 

-ياسين المغربى أحسن راجل فى الدُنيا كُلها 


هتفت قسمت قائلة بنبرة جافة: 

-بنت،إنتِ إزاى تكلمى خالتك بالطريقة دى؟ 


قطبت جبينها بإستغراب وتحدثت بنبرة تعجبية: 

-يعني حضرتك مُعترضة على طريقه كلامي مع خالتو ومش معترضه عن اللي قالته على بابي؟! 


أردفت قسمت بنبرة صارمة: 

-اللي خالتك قالته على بباكى اللي سيادتك زعلانه عليه قوي كدة،قالته من حارقة قلبها على مامتك


ثم رفعت أحد حاجبيها وسألتها بإستنكار:

-ولا أنتِ عاجبك تفضيل ياسين للجربوعة اللى متجـ.ـوزها على ليالي هانم العشرى؟! 


هتفت بنبرة نافية:

-لا طبعاً يا نانا،لكن مش معنى إني مش موافقه على تصرُف بابى إني أسمح لأي حد يتكلم عنه بالطريقه دي أو يقول في حقه أي كلمة مش كويسة 


خلاص يا سيلا خالتو ما تقصدش...جُملة باردة تفوهت بها ليالى لتهدأة ثورة صغيرتها 


هتفت داليدا بنبرة حادة كى تُنهى ذاك الجدال الدائر:

-يا ستي أنا أسفة لحضرتك ولباباكي،مبسوطه كده يا دكتورة سيلا،

واسترسلت بحنق:

-ممكن بقى تخلينا في المهم 


هدأت الفتاة بعد إعتذار خالتها وجلست بأريحية تستمع لأحاديث جدتها وخالتها المُحرضة لوالدتها 


❈-❈-❈


بعد أدائهِ لصلاة التراويح،ذهب ياسين إلى منزل سالم عُثمان ليجلب حبيبته، قابلهُ الجميع بترحاب وجلس بصُحبتهم ما يُقارب من الساعة ثم إصطحبها والأطفال وتحركوا بالسيارة، 



كان يجلس خلف طارة القيادة وتُجاورهُ متيمة روحهِ واطفالها بالخلف،تحدث إلى مروان فى محاولة منه بالتقرب إليه:

-أخبار الجيتار إيه معاك يا مروان؟ 


تمام الحمدلله...كانت تلك إجابة الفتى المقتضبة


فتحدث ياسين من جديد لخلق أحاديث معهُ: 

-بعد العيد إن شاء الله هتفق لك مع حد كويس ييجى يدربك عليه 


هتف الفتى متسائلاً بحماس: 

-بجد يا عمو؟ 


طبعاً بجد،ده وعد رجالة...جُملة داعـ.ـب بها ياسين الفتى ونال بها إستجوادهُ


فتحدث أنس بنبرة إعتراضية:

-وأنا كمان يا بابى عاوز جيتار ألعب بيه


أجابهُ بنبرة جادة: 

-أوامر سعادتك كلها مُجابة يا أنس باشا


هتف عز الذى يتوسط شقيقاه بجلوسهُ: 

-وعزو يا بابى؟


أجابهُ ياسين بدعـ.ـابة: 

-وعزو يا بابي،ده كُله إلا عزو باشا  


نظرت عليه وتحدثت باستحسان: 

-ربنا يخليك لينا يا ياسين


إبتسم لها بهدوء 


بعد قليل، فتح باب الجناح ودلف منه هو وحبيبتهُ الصامتة،أغلق الباب خلفهُ ثم جـ.ـذبها إليه وحاوط خصـ.ـرها وقربها منه وتحدث وهو يُداعـ.ـب أنفهُ بخاصتها بدلال: 

-إيه بقى،إيه اللى مزعل حبيب جـ.ـوزه ومخليه متضايق أوى كده؟ 



شبح إبتسامة خافتة ظهر فوق ثغرها فتحدث هو من جديد وهو يغمز لها بعيناه بمشاكسة: 

-يااااه،ده الموضوع شكله عميق ومحتاج إننا ناخد له شاور الأول علشان نبقى مركزين 


إبتسمت بهدوء وتنهدت،إبتعد عنها وتحدث وهو يسـ.ـحبها من يـ.ـدها ويقـ.ـودها إلى الأريكة حتى أجلسها وجاورها الجلوس وتحدث بنبرة حنون: 

-يلا إحكى لى وقولى لى،إيه اللى مضايفك قوى كدة؟



نظرت داخل عيناه وتعمقت بهُما ثم أخذت نفساً عميقاً وتحدثت بنبره مُترقبة:

-ياسين،أنا عاوزة أنزل الشركة من أول الإسبوع الجاى علشان أدير نصيب أولادي بنفسي


وكأن بكلماتها تلك قد سكبت مادة سريعة الإشتـ.ـعال داخل قلب ذاك الولهان الذي أبتُلىّ بداء الغيرة على مدللتهُ حتى أنهُ أصبح يغارُ عليها من أشقائها،ولو كان بإستطاعتهِ أن يشُـ.ـق صَـ.ـدرهُ ويضعها بداخل ضلوعهُ ليحميها من أعيُن البشر ويُريح لوعة وغيرة العاشق لفعلها وما تأخر



جحظت عيناه وتحول بياضها إلى أحمر داكن مما يدلُ على شدة غضـ.ـبه،وهتف بنبرة شديدة الحِدة:

-نعم يا أختي 


ثم أمـ.ـسك أذنهِ بأصابع يـ.ـده وأدارها بإتجاه وجهها وتحدث بنبرة غليظة:

-سمعيني تانى كدة قُلتى إيه؟ 



يُتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة روز أمين من رواية قلوب حائرة (الجزء الثاني) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة