رواية رومانسية جديدة قلوب حائرة (الجزء الثاني) لروز أمين - الفصل 19
رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة روز أمين
رواية قلوب حائرة
الجزء الثاني
رواية جديدة
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل التاسع عشر
بِتُّ أشعرُ بأنني انحدرتُ وهبطتُ لمستوي الوصيفةِ داخل مملكةِ عرشِكَ العظيم،
بعد أن جلبْتَنِي وأدخلْتَنِي عالمَكَ الساحر محمولةً علي الأكتافِ بموكبٍ هائلٍ ونصَّبْتَنِي ملكةً علي عرشِ قلبِكَ .
خواطر مليكة عثمان
بقلمي روز آمين
علي شاطئ البحر الخاص بحي المغربي
كانت بإنتظار زو جها علي أحر من الجمر ليُفسر لها ذاك الحديثُ الهزلي التي أخبرتها به مليكة مُنذُ القليل،تحرك إليها بعدما إطمئن علي ذهاب مليكة وأطفالها بصُحبة شقيقها وسيارة الحٌٔراسة وذلك بناءاً علي تعليمات ياسين لهْ،إحتوي كَتفِها وسار بجانبها فتوقفت وسألته وهي تنظُر إليه بملامح وجه مُتأثرة تتمني نفيهُ لما عَلمت:
-طارق،إنتَ فعلاً قبلت عَرض لمار وخصصت لها مكتب في شِركتك؟
تنهد بضيق لكنهُ كان مُستعداً للمواجهة وذلك لتوقعهُ عِلمها بأية وقت،أجابها بعيناي راجية بأن تتفهمهُ:
-أه يا حبيبتي،بس أنا عندي أسبابي
واسترسل سريعاً:
-وياريت ما تسألنيش إيه هي لأني مش هقدر أقولها لك حالياً،كُل اللي ممكن أقوله إنك تثقي فيا وتصبري لحد ما ييجي الوقت اللي يكون مسموح لي فيه أقولك علي كل حاجة
كانت تستمع إليه بعدم إستيعاب،لم تفهم من حديثهُ شيئاً لكنها كعادتها وثقت به وتحدثت بإرتياب:
-يا حبيبي أنا ثقتي فيك ما لهاش حدود،بس أنا محتاجة أفهم علشان أطمن
إقترب عليها وقام برفع خُصلة هاربة من شعرها الحريري وثبتها خلف أذنها وتحدث بإبتسامة طمأنينة:
-إطمني،أنا جنبك ومعاكِ
طب ومليكة؟...هكذا سألته مُستفسرة
أجابها بنبرة هادئة:
-مليكة غضبانة من اللي حصل وأنا عاذرها،هي خايفة علي نصيب أولادها وده حقها،بس لما تفهم أكيد هتعذُرني أنا وياسين في اللي عملناه
قطبت جبينها مستغربة حديثهُ وسألتهْ بتيهة:
-هو ياسين كمان عارف الموضوع؟
واستطردت بتَشَوُّش:
-طارق إنتَ كدة قلقتني
أردف بإبتسامة مُطمئنة:
-قُلت لك ماتقلقيش،كل حاجة هاتبقي كويسة
رغم القلق الذي تسلل لداخلها إلا أنها أومأت له لثقتها به وسارا معاً يتمشيان علي الشاطئ
وصلت مليكة بصُحبة شقيقها وعالية إلي منزل عائلتها،وجدت ترحاب عالي من الجميع بها وبأبنائها الثلاث،بعد قليل إلتفوا حول سُفرة الطعام تحت سعادتهم جميعاً
تحدثت وهي تنظر لذاك السَمك المُملح بإشتهاء:
-فسيخ وملوحة.
هتفت سُهير وهي تحمل الصَحن وتُبعدهُ عنها قائلة:
-ده مش ليكِ،بابا جايب لك المشاوي إنتِ والأولاد الصغيرين ونُهي لأنها ما بتحبش الفِسيخ
إكفهرت ملامحها وتحدثت بإعتراضٍ حادّ:
-ما تهزريش يا ماما وهاتي الطبق،نفسي فيه
أردف سيف مُفصِحاً بتوعية:
-غلط عليكِ وعلي البيبي يا مليكة،لما تولدي بالسلامة إبقي كُلي براحتك
حولت بصرها إلي والدها كي تشتكيه والدتها وشقيقها:
-عاجبك كدة يا بابا،ياخدوا الطبق من قدامي وأنا نفسي رايحة له؟
ضحك سالم علي صغيرته التي تشتكي إليه كَطِفلة مُدللة وأردف إليها بنبرة حنون:
-ماما وأخوكِ خايفين عليكِ يا حبيبتي،أنا بعت جيبت لك كباب وريش من أفخم محل علشان تغذي حفيدتي اللي هتجنن وأشوفها
نطقت علياء بوعد بعدما رأت تبرُم مليكة:
-كُلي الكباب يا مليكة وليكِ عندي أكلة ملوحة أسواني مُعتبرة لما تولدي،هوصي لك عليها ماما تخلي الفسخاني يعتقها لك من الوقت لحد ما تقومي بالسلامة
أردفت نُهي بنبرة مُستاءة وهي تنظر إلي الاسماك بملامح وجه مُشمئزة:
-بجد يا جماعة أنا مستغرباكم ومش عارفة إنتوا بتاكلوا الفسيخ ده إزاي أصلاً،دي ريحته لوحدها كفيلة تقفلي مِعدتي إسبوع لقُدام
إتسعت عيناي شريف وهتف بمشاكسة مُعقباً علي حديثها بإعتراض:
-ريحته؟طب دي ريحته اللي مش عجباكِ دي هي السِر ورا عِشق الملايين ليه
ثم بسط ذراعهُ وغرز شوكتهُ وأمـ.ـسك بها قطعة من السَمك المُملح وتحدث وهو يشيحُ بها في وجه نهي بنِكَاية:
-طب جربي كدة تدوقيها وتنسي ماضيها القَذر،صدقيني هاتُقعي في عشقيها زي ما كُلنا قبلك وقعنا
بأصابع يـ.ـدها أغلقت أنفها وتحدثت بنبرة جادة:
-ما تهزرش وأبعده عني يا شريف
ضحك سيف علي مشاكسة شقيقهُ وتحدثت سُهير إلي مليكة بإستعلام:
-ياسين هاييجي بالليل يا مليكة علشان أعمل حسابه معانا علي العشا؟
بملامح وجه مُبهمة هزت مَنْكِبيَّها وتحدثت بفتور:
-ما سألتوش
وباتت تتناول طعامها بدون شَهِيَّة،تحدثت سُهير إلي سالم:
-ما تتصل بيه تعزمه علي العشا يا سالم
بدون تفكير هتفت سريعاً برفضٍ تام:
-بلاش يا بابا
نظر سالم عليها بإستغراب فتحدثت بهدوء مُصطنع في محاولة منها لتحسين الوضع:
-أصل البيت مِتكهرب شوية والكل أعصابه مشدودة بسبب مَرض ماما ثُريا
أردفت سُهير بنبرة مستاءة:
-ربنا يشفيها ويعفو عنها،والله زعلت عليها قوي
واستطردت بإبانة:
-بعد الغدا هاروح أنا وبابا نزورها ونتطمن عليها
أومأت لها باستحسان،فاسترسلت بإعلام:
-إخواتك ونهي وعالية عازمين رؤوف وسارة وطالعين يتعشوا برة،سيبي لي العيال وأخرجي غيري جو معاهم،ولما الحَرس يوصلوا يبقي سيف يجيبك
أردف سيف بإستحسان:
-فكرة هايلة يا ماما
هزت مليكة رأسها بفتور وتحدثت برفض:
-مش هاينفع يا حبيبتي علشان الأولاد
عقبت علي حديثها:
-مالكيش دعوة بالأولاد،أنا هاخلي بالي منهم
نطقت برفض:
-مش حابة يا ماما،ماليش مزاج للخروج
هتفت نُهي بترجِي:
-وحياتي توافقي يا مليكة،إحنا قربنا نسافر ومالحقناش نعمل ذكريات حلوة نفتكرها بعدين
نظر لها شريف وتحدث بمشاكسة:
-وافقي بقي وبطلي رخامة
أجابتهُ بتفسير:
-مش هاينفع يا شريف،ما قُلتش لياسين
نطق سالم بنبرة عاقلة:
-إتصلي بيه وأستأذني منه،وأكيد لما يعرف إنك هاتُخرجي مع أخواتك مش هيمانع
نظرت إلي أبيها بتشتُت وبعد مطالبات مُلحة بالموافقة من علياء ونهي وشقيقاها وافقت مُرغمة علي إقتراح والدها
سأل سالم علياء:
-الباشمهندس حسن هايوصل إسكندرية أمتي يا عالية؟
أجابته بنبرة حماسية ظهرت بعيناها:
-هاييجي بعد بكرة هو والعيلة علشان حفلة الخطوبة يا عمو
أومأ لها وتحدثت سُهير بنبرة حنون:
-ربنا يتمم لكم بخير يا حبيبتي وعقبال إسلام
أجابتها بشُكر:
-تسلمي يا طنط
❈-❈-❈
داخل منزل عز المغربي
وصل المُهندس أحمد العشري وزو جتهُ وداليدا وزو جها إلي المنزل بعدما هاتف إبنته واخبرها بحضورهم،دلفت ليالي إلي ياسين أخبرته فتحرك معها مُجبراً لإستقبالهم وتحدث بإبتسامة مُصطنعة:
-أهلاً يا خالي،كل سنة وحضرتك طيب
أجابهُ أحمد بملامح وجه حبورة:
-وإنتَ طيب يا سيادة العميد
أدار وجههُ إلي قِسمة وتحدث مُرحباً بها بزيف ويرجع هذا لعدم تقبلهُ لشخصِها والحقُ يُقال فالشعور متبادل لديها هي الآخري:
-كل سنة وحضرِتِك طيبة
رفعت حاجبيها مُستنكرة وأردفت مُستفسرة:
-حضرِتِك! إنتِ ليه طول الوقت بتعاملني علي إني غريبة عنك يا ياسين؟
واسترسلت بتنظير لم ينِل إستحسانهْ:
-أنا حماتك يعني المفروض تقول لي يا ماما
أجابها هارباً بدبلوماسية ودهاء:
-اللي تؤمري بيه طبعاً،بس مش ملاحظة إنك صُغيرة أوي علي إن واحد في سِني يقول لك يا ماما؟
إنفرجت أساريرها وضحكت بشدة بينت صَفّي أسنانها ثم تحدثت بتصديق علي حديثهُ الذي نال إستحسانها وزاد من غرورها:
-في دي بقي معاك حق،ده أنا اللي بيشوفني مع بناتي بيفتكرني أختهم
إبتسم بجانب فمه ساخراً ثم تحرك إلي دليدا وقام بالترحيب الزائف قائلاً:
-إزيك يا داليدا
بقامة مُرتفعة أجابته بتفاخُر:
-إزيك إنتَ يا ياسين
ورحب أيضاً بـ عصام زو ج داليدا
تحدثت ليالي وهي تتأهب للإنسحاب لأعلي:
-هاطلع أبلغ عمتو علشان تنزل تستقبلكم
بإشارة من كف يـ.ـده اوقفها ياسين قائلاً بنبرة مُهذبة:
-خليكِ مرتاحة وأنا هخلي عفاف تطلع تنده لها
وبالفعل إستدعي العاملة التي أتت وتحدثت بمَهَابة:
-أفندم يا ياسين بيه؟
برُقي وهدوء أردف:
-إطلعي بلغي الهانم الكبيرة إن الباشمهندس أحمد العشري وعيلته موجودين يا عفاف
تحت أمرك يا باشا...قالت كلماتها وأنسحبت نحو الدرج لتصعدهُ في حين إنسحب ياسين متوجهاً إلي والدهُ القاطن داخل المكتب ليُعلمهُ بوصولهم،هتف عِز بحِنق وملامح وجه مُكفهرة:
-إيه قلة الذوق بتاعتهم دي،فيه حد يطُب علي حد يوم العيد بدري كدة،وكمان من غير ما يبلغ أهل البيت يشوفهم مستعدين لإستقبالهم ولا لاء؟
تنهد ياسين وتحدث بلين كي يستدعي هدوء والدهْ:
-معلش يا باشا،هما قللات الذوق فعلاً، بس حضرتك بيت الكَرم وماينفعش تُرد ضِيف جاي لك لحد بِيتك
زفر وتحدث شارحاً بنبرة بائسة:
-يا ابني أنا مش معترض علي وجودهم،بس أنا في حالة ما تسمحليش أستقبل حد وأقعد أتكلم وأجامل
إقترب علي والده ونظر داخل عيناه بمؤازرة وتحدث:
-إوعي تكون فاكر إني مش حاسِس بوجعك ولا بكسرة قلبك،والله يا بابا حاسِس وكاسِرني وجعك ويعز عليا إني أشوفك بالشكل ده
واسترسل بثقة ليبث بداخلهُ روح العزيمة:
-بس أنا متأكد إنك قوي وهتتخطي الصدمة وترجع أقوي من الأول،ده أنتَ اللواء عز المغربي اللي الكُل بيحلف بذكائة وحِكمته في إدارة الآمور
شعر بالإنهيار جَراء كلمات نجلهِ التي جعلت الحَسْرة تتسلل إلي قلبهْ بعدما كان يتظاهر بالتمَاسُك،نظر إليه بعيناي مُكتظة بصرخاتٍ مكتومة ودموع حَبيسة تسْتجيرُ وتُريد من يأذنُ لها بالإنطلاق،ونطق بنبرة صوت لرجُلاً هزمتهُ همومَ زمانهِ الجَائر:
-أمك دمرت اللي باقي لي من حياتي يا ياسين
شعُوراً مُبرحاً لم يُضاهيهِ شيئاً بالكون إجتاح كيانهُ عندما رأي إنهيار أبيه بذاك المظهر المُوجع لقلبهْ،إقترب عليهْ وأمـ.ـسك كف يـ.ـدهُ ثم مال بطولهُ الفارع واضعاً بإجلال قُـ.ـبلةً بث لهُ من خلالها عن إعتذاره وتضامنهُ الكامل،ثم رفع قامته من جديد وقام بتقبيل مقدمة رأسهِ وتحدثَ بأسي:
-سحابة صيف وهتعدي يا باشا
أومأ لهُ عز ثم أخرج تنهيدة حارة عبر بها عن نـ.ـارهِ المُـ.ـشتعلة بداخل قلبهِ المُتيم،فتحدث ياسين مُحفزاً إياه:
-تعالي نطلع لخالي ونقعد معاه شوية،وبعدها خد عمي عبدالرحمن واخرجوا إسهروا مع بعض في أي مكان سيادتك تحبه
أومأ بموافقة وتحركا معاً إلي الخارج،ألقي عليهم التحية ورحب بهم وجلس مجاوراً لنجلهِ،بعد قليل نزلت منال من فوق الدرج بكامل أناقتها وقامتها المُرتفعة كما المُعتاد،وبرغم إنكسارها جراء ما حدث وضيقها من تلك الزيارة المفاجئة،إلا أن من يراها لم يخطر ببالهِ أن تلك المرأة قد طُلقت منذُ ما يقرُب من الساعتان
تحركت بكل كبرياء ورحبت بشقيقها وعائلتهُ ثم جلست ووضعت ساقاً فوق الآخري بكبرياء وتحدثت:
-نورتونا
أتت العاملة وهي تدفع أمامها تلك العربة الموضوع عليها بعض المشروبات والحلوي أصول الضيافة،تحدث إليها عز المغربي بنبرة جادة:
-بلغي المطبخ يحضروا الغدا علي السُفرة علشان الباشمهندس وعيلته هايتغدوا معانا
إعتدلت العاملة بوقفتها وقامت بوضع كفاها فوق بعضيهما وانزلت بصرها للأسفل بوقار ثم تحدثت بإحترام:
-ما حدش بلغنا نجهز غدا يا سعادة الباشا،وإحنا إفتكرنا إن الغدا هيكون في ڤيلا ثُريا هانم زي كُل المُناسبات
إبتسامة ساخرة خرجت من جانب فمه،وتحدث متهكماً وهو يرمق منال بنظرات ساخطة لاحظها الجميع:
-معلش يا بنتي،الهوانم اصلهم مش فاضين يشوفوا طلبات البيت ويتابعوا أكل أجوازهم وأولادهم،كُل واحدة عندها إهتمامتها الخاصة اللي شغلاها عن الدنيا كُلها،كان الله في العون
نكَست رأسها بخزي من إهانات ذاك الحَانق لها أمام قسمة التي نظرت إليها بشماتة،في حين إستغرب أحمد وداليدا حديث عز الذي كان يتبادل النظر بين منال وليالي،فشعرت الاخيرة بالإستياء والضيق من تلك النظرات الغاضبة
تحدث ياسين إلي العاملة كي يُهدأ ثورة والدهُ ويفض ذاك الإشتباك البَصري:
-روحي إنتِ جهزي السُفرة وأنا هكلم المطعم يبعت لنا أكل جاهز
ثم وجه حديثهُ إلي أبيه:
-معلش يا باشا،الكُل إتلخم في مرض عمتي ومجاش في بالهم يبلغوا الطباخين
وبرغم علمها بما حدث أمس من إبنتها إلا أنها تساءلت بنبرة خبيثة:
-هي ثُريا هانم تعبانة ولا إيه يا ياسين؟
أجابها بإقتضاب:
-تعبت شوية إمبارح لكن النهاردة أفضل الحمدلله
بنبرة ماكرة تحدثت من جديد:
-سلامتها،أنا كُنت مستغربة أول ما شُفت منال وحسيتها مش طبيعية وشكلها زي ما تكون معيطة
واستطردت وهي تنظر إليها بملامح وجه مُتأثرة بتصنُع:
-بس كدة خلاص عرفت سبب زعلك،أكيد زعلتي جداً عليها
وبنيرة مَاكرة أكملت بتملُق في محاولة منها لإرضائها:
-أنا عارفة إنتِ قد إيه بتحبيها وقد إيه هي غالية عندك
إبتسامة ساخرة خرجت من فَمْ عز في حين تحدث أحمد بتَغَطْرُس مَادحاً شقيقتهْ:
-منال بنت أصول وطول عُمرها بتتعامل مع الجميع بما يليق بمكانتها ومكانة عيلة العَشري العريقة
بملامح وجة حاسمة ونبرة صوت حادّة نطق عز قائلاً بدفاع:
-لا وإنتَ الصَادق يا باشمهندس،أدب ونُبل أخلاق ستات المغربي هما اللي بيجبروا أي حد علي إنه يعاملهم بإحترام وتقدير
طبعاً طبعاً يا سيادة اللواء...جُملة نطقها أحمد بخِزْي جراء إسلوب عز الحادّ معه
إبتلعت لُعابها عندما رأت حدة ملامحهُ،فصاحت تُنادي إلي العاملة لتغيير الحديث:
-چينا،چينا
أتت العاملة وتحدثت بلكنة مُتعثرة ويرجع ذلك لعدم إتقانها لنُطق العربية:
-أفَندِم مَدام
شوفي البهوات والهوانم يشربوا إيه...قالتها بتعالي وهي تنظر إلي العاملة التي إنصرفت إلي الداخل بعدما أومأت لها بطاعة ونفذت ما أُمْلي عليها
دلفت چيچى من البوابة تُجاور شيرين التي تحدثت بتهلُل وهي تقترب من جلوس خالها:
-وأنا أقول البيت منور ليه،أتاري خالو عندنا
إنتـ.ـصب أحمد واقفاً واحتضن إبنة شقيقته مُرحباً بها بحفاوة،في حين هَـ.ـمست قسمة إلي داليدا مُتهكمة بتعالي:
-عاشت نُص عُمرها في لندن ولسة بيئة زي ما هي،طالعة لعيلة بباها،ما أخدتش أي حاجة من رُقي وذوق عيلة العَشري
إبتسمت داليدا وهي ترمُق شيرين ساخرة،بعدما أنهت مصافحتها لخالها إقتربت من جلوسيهما فابتسمت لها قسمة وتحدثت بنفاق بعدما وقفت لتقوم بتقـ.ـبيلها:
-أهلاً أهلاً يا شيري،نورتي إسكندرية
ده نورك يا طنط...جُملة قالتها شيرين بطريقة مُهذبة وانتقلت بعدها للترحيب بداليدا وزوجها ثم توجهت إلي والدها وجاورتهُ الجلوس،نظرت عليه وهـ.ـمست إليه مُتسائلة بإستفسار:
-مالك يا حبيبي؟
إبتسم إليها ثم أخذ كفها بين راحتيه وربت عليه بحنان وتحدث:
-سلامتك يا حبيبتي،أنا كويس طول ما أنتِ وإخواتك بخير وكويسين
إبتسمت ووضعت رأسها علي كتفه بدلال أسعدهُ وجعلهُ يحاوط كتفها بذراعهِ
❈-❈-❈
داخل الحديقة الخاصة بمنزل عبدالرحمن المغربي
يجلس وليد يتسامر هو وهالة بعدما تحسنت علاقتـ.ـيهما بفضل محاولات هالة بالتقرب من زو جها ومشاركته الحديث عن عمله،خرجت راقية من الداخل وهتفت وهي تُشيح بيـ.ـدها بوجهٍ غَاضِب:
-إنتِ قاعدة ترغي مع جـ.ـوزك وسيباني محتاسة في المطبخ لوحدي؟
قومي يا غندورة كملي الغدا اللي هياكله جـ.ـوزك وعيالك
واسترسلت متهكمة كعادتها:
-ولا تكونيش فاكرة إني الخدامة اللي الست الوالدة جيباها لك مع الجهاز؟
قلبت عيناها بتملُل وتحدثت من بين أسنانها وهي تستعد للوقوف:
-حاضر يا طنط،أديني قايمة
واسترسلت بتذكير:
-اللي يسمعك وانتِ بتقولي كدة يقول إنك طبختي الغدا لوحدك،ده أنا تبلت لك صنية البطاطس بالفراخ وجهزتها وحطيتها في الفُرن وحمرت الرز،يعني مش فاضل غير السلطة واللي أنا واثقة إنك ما مدتيش إيـ.ـدك فيها وأنا بردوا اللي هادخل أعملها
جحظت عيناي راقية وهتفت تشتكيها لنجلها:
-شايف مراتك بتكلمني إزاي يا سبع البرُمبة؟
بفتور أشار لها بالجلوس وتحدث كي يحثها علي تغيير الموضوع:
-إقعدي يا ماما وفُكِك منها
جلست ثم وضعت صباعي السبابة والإبهام حول فكَها وتحدثت بإستياء وتبرُم:
-أقعد إنتَ كدة حامي لها لحد ما تنفِش ريشها علينا وماحدش يقدرها بعد كدة
لم يعر لحديثها إهتمام وضل ناظراً أمامهُ،ضيقت عيناها بإستغراب ثم سألته مُستفسرة:
-أمال إنتَ مين اللي قال لك إن مافيش غدا في بيت ثُريا النهاردة؟
أجابها موضحاً:
-ياسين إتصل بيا وقال لي أبلغكم،وعلي فكرة،هو قال لي إن مافيش أي تجمُعات هتتعمل للعيلة عند عمتي ثُريا تاني،ولا حتي فطار يوم الجُمعة لأن عمتي بدأت تتعب وضغط التجمُعات دي غلط علي صِحتها
ضيقت عيناها وهتفت بضجر:
-منها لله منال مرات عمك،فضلت تِحرب زي البُومة لحد ما خَربِتها علي دماغ الكُل
ثم أردفت مُتبرمة وهي تلوي فاهها بطريقة ساخرة:
-فاكرالي نفسها صُغيرة ولسة ليها نِفس تغِير علي السَبع بتاعها،ولا شيخ الشباب عَمك اللي عاملي فيها حَبِيب
واستطردت بإستهزاء:
-عِيلة أبوك دي عِيلة هَمْ وفيها كُل العِبر
ضحك وليد وهتف ساخراً:
-والله يا ماما شكلها عينك إنتِ اللي جابتهم الأرض
صاحت به بنبرة حَادّة:
-وأنا عيني مالها باللي عمله عمك يا ضنايا؟
حد كان قاله يقوم ورا ثُريا ويُقعد يضحك ويتمسخر معاها لحد ما منال قفشته وجابته من قفاه؟
قهقه وليد بشدة فتحدثت هي بتذكُر:
-إلا قولي يا سي وليد،إنتَ ليه ماجبتليش سيرة إن الحرباية اللي إسمها لمار شاركت طارق؟
قطب جبينهُ ثم سألها مُستفسراً:
-وإنتِ مين اللي قال لك علي الموضوع ده؟
أجابته بإيضاح:
-الحرباية بنفسها هي اللي قالت لي يا عين أمك
إعتدل سريعاً بجلسته وهتف مُنبهاً بنُصح وتحذير:
-بقول لك إيه يا أم وليد،أنا عاوزك تبعدي عن اللي إسمها لمار دي علي قد ما تقدري،وإوعي تديها سِرك أو تتكلمي معاها عن أي حد في العيلة،خلينا ماشين جنب الحيط زي ما أحنا
هتفت مُستعلمة بشَرَه ظهر بَيِن داخل عيناها:
-سيبك من الموضوع اللي مش هيأكِلنا عيش ده وخلينا في المُهم،إتفقت معاهم علي النسبة اللي هتطلع لك من ورا المصلحة دي ولا لسة؟
عقب علي حديثها قائلاً بتعجُب:
-شوف أنا بقول إيه وإنتِ بتسألي علي إيه؟
ضيقت عيناها مُتعجبة وكادت أن تتحدث لولا دخول عبدالرحمن الذي طل عليهما من البوابة الحديدية وسار حتي وصل لجلوسهم وتحدث مُتهكماً:
-سكتي ليه يا راقية،ما تكملي كلامك ولا هي إذا حضرتك الملائكة خِرسِت الشياطين
شايف أبوك وكلامه اللي يحـ.ـرق الد م يا وليد؟..قالتها بغيظ مُستشهدة بنجلِها الذي أجابها مُتنصلاً:
-خرجيني من بيناتكم وخليني علي الحِياد يا أم وليد
في حين سألها عبدالرحمن مُتهكماً:
-يا تري قاعدة تملي في دماغ إبنك من ناحية مين المرة دي؟
حاكم أنا عارفك،ما يهدلكيش بال إلا إذا ولعتي الدُنيا وشبطي الكُل في بعضه
إبتسمت بجانب فمها وأردفت مُتهكمة:
-أهي الدُنيا وِلعت لوحدها من ورا أخوك ومراته الحرباية،الله أعلم قالت إيه للمسكينة ثُريا خلتها وقعت من طولها وكانت هتروح فيها لولا سَتر ربنا،وأول ما فاقت حِلفت يمين مُعظم ما حد داخل بيتها تاني
إبتسم ساخراً وتحدث بتعجُب:
-الوقت ثُريا بقت مسكينة؟ مش دي اللي كانت كُل ما تيجي سيرتها تقولي عليها خبيثة وبتمَثِل الطيبة قدامنا؟
هتفت قائلة:
-أهي علي الأقل كانت لامة العيلة ومجمعانا حواليها
لا وانتِ الشهادة لله بتعشقي ترابط العيلة واللمة...نطقها ساخراً ثم استرسل مفسراً:
-أنا فاهم كويس إيه اللي مخليكي مقهورة قوي كدة يا راقية،إنتِ لا هامك عيلة ولا دياولو، إنتِ كُل اللي فارق معاكي راحتك من دخول المطبخ والأكل علي الجاهز والفلوس اللي بتحوشيها من مصروف البيت اللي بتوفرهولك ثُريا من ورا الأكل هناك بلوشي
لوت فاهها وقلبت عيناها بضجر مما جعل عبدالرحمن يُحرك رأسهُ يميناً ويساراً بيأس،ثم هب واقفاً ودلف لداخل المنزل تحت تبرمها