-->

رواية جديدة أقزام بنجايا لابتسام رشاد - الفصل 1

 

 قراءة رواية أقزام بنجايا كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية أقزام بنجايا

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة ابتسام رشاد


الفصل الأول 



إذا كان ظلام الليل مخيف، فإن نهار جزيرة الأقزام أكثر رعبًا. 


إنشطرت بنجايا وشكلت قارات، تزحزحت القارات عن بعضها نتج عنها الهلاك والدمار، وماتت كل الكائنات الحية حتى أصبحت الأرض فارغة تماما، بلا حياة. 

إلا تلك البقعة هناك إنها جزيرة الأقزام هي الوحيدة التي نجت، ومازال أهلها على قيد الحياة. 


إنهم قبيلة من الأقزام بحجم الأطفال، نجو من إنشطار بنجايا بعد أن تدمرت الأرض وما عليها، تناسلوا وعاشوا على جزيرتهم بعيدًا، تجنبوا البشر تمامًا. 


كما أنهم ذو بُنية نحيفة، قصار القامة، لا يتعدون السبعون سنتي متر، وأيضا لهم آذان طويلة بعض الشيء، مدببة من الأعلى، أما لون أعينهم وشعرهم يختلف من واحد لآخر.

 

❈-❈-❈


أبحرت سفينة القبطان "روبرت" دون علمه وبقيادة ابنته "أرورا" وابنه "ديفيد" التوأمان، برفقة أصدقائهم "ليزا" و"داني" و"والتر"، أبحرت السفينة من أستراليا، تحديدًا من "أديليد" إنطلقت عبر الخليج الأسترالي العظيم. 


سفينة عائلية إستقلها المراهقون، كل منهم مولع بشغف الإستكشاف والتجربة، لأنهم خططوا مسبقاً لخوض مغامرة عطلة نهاية العام؛ بحثًا عن جزيرة مفقودة ليحملوا لقب المستكشفين العظماء. 


كانوا يحلمون بأن يجدوا جزيرة جديدة لم يصل إليها أحد من قبل، وأيضًا يبحثون عن المتعة تدفعهم روح المغامرة، وحب التجربة، ولكن الكارثة الولدان اللذان تعلما قيادة السفينة من والدهما، لديهم خريطة ورقية مجهولة المصدر وجدها "ديفيد" منذ أيام في مكتب أبيه بين الأرفف، إحتفظ بها ورتب الأمر. 


إنطلق الأولاد بالسفينة في صباح يوم صيفي مشمس، يشتمون رائحة البحر، يسمعون صوت الأمواج تتضارب، كم هم متحمسون ليوم ممتع!

تسللوا جميعا مسرعين وصعدوا السفينة، وكل منهم يحمل معه طعام وبعض الأغراض. 


نظرت "أرورا" "لديفيد" وقالت بحماس : 

- إنطلق سريعًا بهذا الإتجاه. 


هز "ديفيد" رأسه رافضًا وقال: 

- لا، بل سنتبع الخريطة. 


تفاجأت "أرورا" وقالت: 

- لا، لا... أتقصد تلك الخريطة الورقية القديمة؟! 

ـ نعم هي، وسوف نسير عليها كما علمنا "روبرت"

ردت "أرورا" بغضب وقالت: 

- أبي سيغضب لو علم أننا أبحرنا بالسفينة أصلاً. 


تنهد "ديفيد" وأزاح شعره للوراء وقال: 


- دعينا نستمتع.. دعينا نجرب المغامرة، "روبرت" سوف يغضب منا قليلاً، ويعود ليهدأ مرة أخرى ولن يحدث شيء. 


نظرت إليه "أرورا" وبصقت بالماء وقالت: 

- وماذا عن رفاقنا، لن يوافقوا أن تسير بهم متبعًا خريطة وهمية. 

ضحك "ديفيد" وقال: 

- أنتِ الوحيدة التي لم توافقنا في هذه الرحلة؛ لذا أحضرناكِ بخدعة. 

وصرخ عاليًا: 

- المستكشفون قادمون أيها الجزيرة. 


"أرورا" غاضبة قالت: 

- أنت حقًا أحمق وستودي بنا. 


بينما و"التر" و"ليزا" و"داني" يرتبون أغراضهم ويتبادلون الحديث ويتغنون معًا سعداء، جائهم "ديفيد" ليشاركهم المرح ويتغنى معهم قائلاً: 

- قادمون، قادمون نحن المستكشفون إلى الجزيرة قادمون... 

فجأة قطع غنائهم صوت ضربة توقفت السفينة، وكأنها إصطدمت من الأسفل بإحدى الصخور، ساد الهدوء يتبادلون النظرات.


 صعدوا ليروا سبب توقف السفينة فلم يجدوا شيء غريب، ولكن رأى "والتر" بوصلة حديدة ذهبية اللون تطفو على المياة، قال: 

- أنظروا، هناك... إنها بوصلة. 

ردت "ليزا": 

- سوف أسحبها بإستخدام الصنارة. 


وبالفعل تمكنت "ليزا" من سحبها، وجدتها مجرد بوصلة حديدية لا فائدة لها، تعجبوا جميعًا لأن البوصلة حديدية ومع ذلك تطفو على الماء، تركتها "ليزا" جانبًا، ووضعت الطُعم بالصنارة لتصطاد شيئًا وبنفس الوقت تمكنت "أرورا" و"ديفد" من تشغيل السفينة لتبحر بهم مجددًا، ولم تصاب السفينة بضرر. 


استمروا في سيرهم متبعين الخريطة، يستمتعون بيوم مشمس جميل، حتى بدأ غروب الشمس... هنا شعروا بتوتر بعض الشيء وبدأوا "ليزا" و"داني" يطلبوا من "ديفيد" و"أرورا" العودة، حتى لا يتأخروا أكثر، وأنهم غير مقتنعين بأمر إستكشاف الجزر هذا. 

هنا إستجابت "أرورا" لطلبهم وصعدت لتوجه السفينة نحو طريق العودة، وقالت: 


- إهدأوا جميعًا سوف نعود قبل عودة "روبرت"  و"إميلي"... 

غضب "ديفيد" وقاطعها قائلاً: 

- لا، لن نعود حتى نستكشف جزيرة أو شيء غريب.


أخذت "أرورا" تستعطفه وقالت: 

- "ديفيد" أرجوك ساعدني لنعود، قد يحل الليل علينا... وسط المياة ونضيع هنا، "ديفيد" إن لم نعود الآن قد نهلك هنا، نحن في خطر. 

شعر الجميع بقلق وتوتر يتبادلون النظرات في صمت، رد "ديفيد" محاولاً أن يطمئنها، ويبث فيهم الأمل من جديد: 


- إهدأوا يا رفاق، إننا في مغامرة... خططنا لها من قبل، لا تتوقعوا حدوث شيء سلبي، ماذا لو اكتشفنا الجزيرة أو اكتشفنا شيء غريب حقًا؟! 


قاطعه "والتر" وقال: 

- سوف نحصل على الجائزة التي عرضتها المدرسة، وأيضا سوف نذهب إلى رحلة أمريكا نحن الخمسة كأفضل مستكشفين. 


ترددت "ليزا" وقالت: 

- حسنًا، فكرتُ مرة أُخرى الأمر يستحق... سأبقى معكم ونتابع الإستكشاف. 


جلسوا جميعا يتناولوا الطعام، حل الليل وساد الظلام وسينامون حتى يتابعوا رحلتهم صباح اليوم التالي، لذا أنزل "ديفيد" و"والتر" الهيلب إلى الماء لتثبت السفينة بمكانها. 


❈-❈-❈


أما "ليزا" حملت معها البوصلة الذهبية، ونزلت مع "أرورا" ليناموا بالأسفل، بينما تسطح الفتية بالأعلى. 


تأملت "ليزا" البوصلة على ضوء الهاتف، ثم وضعتها بجانبها ثم نظرت "لأرورا" وهي تتصفح هاتفها تحاول الوصول إلى تغطية، وقالت: 

- لقد حدث شيء غريب جداً. 


إنتبهت لها "أرورا" متفاجئة وقالت: 

- ما هو؟! 

- هذه البوصلة حديدية ومع ذلك وجدناها تطفو على الماء. 

- قد تكون هي من عطلت حركة السفينة، لذا دفعها المحرك بعدًا وأنتِ ظننتي أنها تطفو.  


هزت "ليزا" رأسها دليل على أنها صدقت تفسير "أرورا" للأمر، تحسست "ليزا" البوصلة ثم بدأت تخلد بالنوم، إلى أن غاطت في نوم عميق، إذ بها تجد نفسها تجلس على حافة السفينة، تبعد شعرها للوراء، تمسك بصنارتها ترمي الطعم، تدقق النظر لترى وحش مائي يشبه التمساح ذو جلد سميك أسود اللون، له أنياب طويلة وحادة حجمه ضعف حجم الإنسان العادي. 


رأته يقترب منها يلوذ بذيله، ويلوح بالحواء حتي يسقطها بالماء ويتمكن منها، رجعت للوراء تصرخ عاليًا.


 إجتمع رفاقها حولها، ليطمئنوا عليها، فاقت من نومها لتجدهم بجوارها، وكانت تتنهد بسرعة تتصبب عرقًا، قالت: 


- أنا بخير، لقد راودني كابوس مزعج.

 

إطمئنوا عليها وعادوا لنومهم، وما إن شق الصباح وأشرقت الشمس اطمئنوا وأخذوا يستمتعون بلا قلق أو توتر، معادا "داني" يجلس في زاوية على طرف السفينة، يريد العودة ولم يعد يستمتع بهذه المغامرة. ولكن حدث خطب ما، لاحظوا جميعًا أن هواتفهم لم تعد متصلة بالشبكة. 


أما "روبرت" و"اميلي" في غاية القلق، أبلغوا الشرطة ليلاً وجارى البحث عنهم، كما أن "روبرت" أجرى اتصالاته وطلب المساعدة من أصدقائه، لم تكن السفينة متصلة بأي أجهزة تتبع؛ لأنها مجرد سفينة عائلية للنزهة. 


تحدثت "اميلي" في قلق: 

- لقد أبحروا مع "ليزا" و"داني" و"والتر". 


سمعها وقال لمن يحدثه بالهاتف: 

- عددهم خمسة، تابع البحث مؤكد لم يبتعدوا. 

لم يكتشف "روبرت" بعد أنهم أخذوا تلك الخريطة التي عُثر عليها في أنقاض سفينة قديمة لاقت حتفها وهي تبحر عبر الخليج الأسترالي العظيم ومتجهة نحو المحيط الهندي، وكانت الخريطة محفوظة داخل قارورة؛ لذا تمكنوا من العثور عليها سليمة. 


إنطلق الفتية بالسفينة بسرعة قصوى، يتبعون خريطة ورقية قديمة، مازالوا يمرحون ويغنون ولم يقدروا حجم الخطر الذي قد يتعرضوا له. 


"ليزا" تمسك بالبوصلة وتتأمل الخريطة، تحدثت إلى "والتر" وقالت: 


- تبدو الجزيرة جميلة جداً وجذابة، حتى أنها ذات جانب نصف دائري، والآخر وكأنه مثلثين متقابلين. 


- لذا أنا متحمس جدا لإستكشافها، مازلتي تحتفظين بهذه البوصلة؟ 

- أجل، على الأقل إن لم نعثر على جزيرة، أكون عثرت على بوصلة. 


إستمروا في سيرهم مسرعين حتى منتصف اليوم تقريباً، لمحت "أرورا" طيور النورس تحلق بشكل دائري بعيدًا قالت: 

- يا شباب أنظروا هناك... إنها طيور النورس. 

فرح "ديفيد" وقال: 

- أجل، هذا رائع... سوف نبحر ناحيتها. 

تعجب الباقون، سائلهم "والتر": 

- وماذا تعني طيور النورس لكم حتى تتجهوا ناحيتها؟ 


رد "ديفيد":

- طيور النورس تسكن الجزر، وها هي تحلق هناك؛ أي أنها تحلق فوق جزيرة. 

رد "والتر": 

- إذًا هيا لننطلق نحوها. 

وبالفعل إنطلق الفتية بسفينتهم متحمسين نحو الجزيرة، وما إن إقتربوا صدمت السفينة بشيء ما بالأسفل كانت صدمة خفيفة، أفقدت الأولاد توازنهم مما أسقطهم أرضًا ولكن "والتر" هوى بالماء لأنه كان يجلس على حافة السفينة، أخذ" داني" يصرخ بفزع صراخ جنوني، لم يحاول المساعدة بل جلس بركن آمن يتشبث به جيدًا، خشية مما رأى. 


بينما "ديفيد" يحاول فك الحبل ليلقيه بالماء ويستخدمه لسحب "والتر"، أخذ "والتر" يسبح محاولاً العودة إلى السفينة، اقتربا "أرورا" و"ليزا" من حافة السفينة يناديا "والتر" ويشجعانه ليسبح ناحيتهم، لمحت "ليزا" أن شئ ما يقترب من "والتر" تحت الماء، رأته ذلك التمساح الأسود التي روادها بكابوس الأمس. 


رأته "أرورا" أيضًا، أخذا يصرخا عاليا لينتبه "والتر" لهذا التمساح، بينما والتر يسبح بقوة يصارع الموت. 

في لحظات ألقى "ديفيد" الحبل ليتشبث به والتر، وبسرعة بدأوا السحب جميعًا، كانوا يحتاجون إلى المذيد من القوة لسحب "والتر" هنا تشجع "داني" وجرى ناحيتهم؛ ليتمكنوا جميعًا من رفعه عن الماء ولكن في أخر لحظة قفز ذلك التمساح الأسود ليُصيب "والتر" بجرح في قدمه. 


تم إنقاذه وعاد إلى ظهر السفينة، ولكنه يتألم كثيراً... جرحه ينزف دمًا. 

لم ينتهي الخوف أن أنقذوا "والتر" مازلوا في قلق وتوتر تملك منهم الخوف؛ جميعهم على وشك الموت، ذلك التمساح المفترس يحوم أسفل السفينة ويحاول القفز عليها، يترك أثر خربشات أسنانه على صاج السفينة من الخلف، إستمر التمساح يسبح تحت السفينة وحولها لأكثر من ساعة، والأولاد فوقها مستسلمين للموت لم يحاولوا حتى تحريك السفينة. 


في لحظات هدوء "ليزا" تحاول إسعاف "والتر" وضمدة جرحه، نظرة إليهم جميعًا وقالت: 

- سننجوا، لن نموت هنا. 

أخذ "داني" يردد وهو مغمض العينين: 

- لن نموت.. لن نموت. 


قال "والتر" نادمًا: 

- إن متنا فأنا السبب، ليتني ما قبلت بهذه الرحلة! 

قاطعته "أرورا" موجهة إصبع الإتهام لأخيها وقالت: 

- أنت، أنت من خطط لهذه الرحلة، وأنت من أصر على المتابعة رغم رفضنا جميعًا. 

نهرها "ديفيد" وقال: 

- فعلت هذا كله من أجلكم، من أجل جائزة المستكشفين... من أجل المغامرة. 


بينما يتجادلون والتمساح يحاول إغراق السفينة وأثناء تكرار محاولاته، دفع السفينة إلى الأمام إختلت السفينة وتمايلت يمينان ويسارًا،  سقطت "أرورا" عن السفينة من الجهة الأمامية، كادت السفينة تغرق، تدافع ماء البحر وإبِتَل سطح السفينة، ولكن "ديفيد" كان رد فعله سريع، قام بربط الحبل حول خصره وعقد خطاف الحبل بقوة، وقفز بالماء. 

لم تكن "أرورا" غاصت إلى الأعماق بل كانت قريبة من السطح، تمكن "ديفيد" إمساك يدها كما أنها تسبح محاولة الخروج معه، سَبِحا معًا إلى السفينة يتنهدا فرحًا، إحتضنا بعضيهما، هز "ديفيد" رأسه قائلاً: 

- نعم رأيت ما رأيتيه. 

ردت "أرورا" وقالت: 

- لقد نجونا، لقد نجونا بسلام. 

تفاجئ الجميع ماعدا "ليزا" ولكنها سألتهما قائلة: 

- أتمنى أن يكون خير، هل سنبحر إلى "إيديليد"؟! 

أجابها" ديفيد" قائلاً: 

- ما إرتطمت به السفينة، لم تكن صخرة بل كان سور ضخم كالحائط العريض ونحن علقنا فوقه، وهو ما فصلنا عن ذلك التمساح المفترس. 

جلست أرورا على دلو مقلوب وقالت: 

- إنه حائط قوي، حتى أن الماء بالكاد تغطيه، يبدو أنه بُني أساسه من الأعماق السطح. 

ردت "ليزا": 

- إذا تضاربت الأمواج، مؤكد سنرى الجزء العلوي منه! 

طلبت منهم "أرورا" أن يقتربوا من حافة السفينة من الخلف ويدققوا النظر بالماء، سيتضح لهم ذلك السور وبالفعل رأوا السور وشاهدوا التمساح خلف السور يسبح على سطح الماء. 

"والتر" لم يهتم مازال الجرح يؤلمه سألهم: 

- هل إبتعدنا عن هذا السور؟ كيف يبدو؟

أجابته "أرورا": 

- أتعلم إنه سور قوي تم بنائه من الحجارة، ولكنه مسطح من الأعلى. 


ثم نادت إلى "ديفيد" و"ليزا" وقالت: 

- هيا لنواصل الإبحار من جديد. 


رد "ديفيد": 

- لدي خبر سيء... نفذ بطاريات هواتفنا، كما أن 

"والتر" فقد هاتفه بالماء، وايضًا لا يوجد تغطية؛ لأن هاتف "داني" مازال يعمل، لكن بدون تغطية.


تنهدت "أرورا" وقالت:

- الخريطة لا تكفي، أصلاً نحن أخطأنا الإتجاهات بعد كل ما تعرضنا له.

تدخلت "ليزا" وقالت:

- ماذا لو إستعنا بهذه؟

ورفعت البوصلة بيدها عاليا، رد عليها "ديفيد" قائلاً:

- أتمزحين! إنها قديمة جداً، وأصلاً هل هي تعمل؟


قامت "ليزا" بطرق البوصلة على الأرض عدة مرات وهي ممسكة بها، ثم رفعتها عاليًا وقالت:

 

- أبحروا بهذا الإتجاه، أنا متأكدة أنه الإتجاه الصحيح لأقرب شاطئ. 


نظرت إليها "أرورا" وقالت: 

- صدقيني لن أُناقشك، لقد تملك اليأس مني. 


عادت تبحر السفينة من جديد إلى نفس الجهة التي أشارت نحوها "ليزا"، لتكمل رحلتها لأي بر لأنهم يعلون أن العودة صعبة جداً، ولكن لا يعلمون ما الذي ينتظرهم؟ أبحرت السفينة بعد أن إرتطمت بالسور الحجري الذي أصابها بإنحنائات غائرة جعلتها تسير ببطئ. 


إستمروا بسيرهم حتى حلول الليل، إتفق "ديفيد" و"أرورا" أن يوقفا السفينة ليلاً وقاموا بإنزال الهيلب حتى لا تنجرف السفينة مع الأمواج، خاصتًا بعد أن تعرضت إلى خدوش وإنحنائات. 


قضوا الليلة، مازال "ليزا" تحتفظ بالبوصلة راودتها كوابيس مزعجة حول ديناصورات ووحوش عملاقة وهياكل عظمية، وغيرها من الأشياء كلها كصور ملتقطة عبر العصور، تجاهلت ما رأته.


 في الصباح عادوا ليبحروا من جديد ببطئ، وبعد مرور بضع ساعات رأوا مجموعة كبيرة من طيور النورس تحلق بالسماء في مجموعات نحو اليابسة هناك بالكاد تبدو لهم، وكأنها أرض زراعية أو غابة. 


فرحوا كثيراً وعاد لهم الأمل من جديد، أخذوا يحتفلوا ويغنوا، تابعت السفينة السير إلى أن إقتربت من الشاطئ، قال "داني" فرحًا: 

- لم نمت... لقد نجونا بسلام. 

ردت "أرورا": 

- أجل يا "داني" لقد نجحنا. 


قفز "والتر" إلى الماء وأخذ يسبح نحو الشاطئ، ومن بعده "ديفيد" و"ليزا"، سبحوا جميعًا وما إن وصلوا الرمال أخذوا يمزحون سويًا بقذف الرمال المبللة على بعضهم البعض، وأخيراً نزلا "أرورا" و"داني". 

ولما خرجوا من الماء جميعًا إستلقوا على الأرض ينظرون إلى السماء فرحين بالنجاة، ولكن ما رأه "داني" بنهاية منحنى الشاطئ هناك بعيدًا  لم يكن عادي. 

إنه طفل صغير يبدو بعمر الرابعة أو الخامسة،  يصطاد الأسماك ببراعة، يجر شباك صيده وكأنه صياد ماهر، لكن يبدو أن العمل شاق بالنسبة له، ولما دقق النظر لاحظ أن معه طفل آخر. 

"داني" يشاهد بتعجب، صرخ في أصدقائه قائلاً: 

- أنظروا هناك أطفال يصطادون. 

نظروا جميعًا مندهشين وقالوا بنفس الوقت:

- يا للعجب... لديهم لحية!


يُتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ابتسام رشاد من رواية أقزام بنجايا، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية