رواية جديدة حمام كليوباترا لسعاد محمد سلامة - الفصل 2
قراءة رواية حمام كليوباترا كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حمام كليوباترا
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة سعاد محمد سلامة
الفصل االثاني
«نداهة الجبل حقيقه مش خُرافة»
بغرفة حيدر
كان غارق فى لذة لقاء عاطفى مع زوجته التى تآن بلذه خاصه من لمساتهُ وهمساته لكن فجأه تبدلت تلك اللذه لشعور بالمقت ليس له بل ممن همس بإسمها شعرت بالدونيه هو معها فقط بجسدهُ لكن عقلهُ وحواسه تتخيل تلك الملعونه'عوالى' التى عادت
تُحيي بقلبهُ أمنية الظفر بها.
قطع ذلك اللقاء العاصف صوت طرق على باب الغرفه
فى البدايه تجاهل حيدر ذالك الطرق وهو مستمر فى نشوته مع من يتخيلها معه بذلك اللقاء الحميمى،لكن مازال الطرق مستمر
فتح حيدر عينيه وعاد للواقع حين نظر لزوجته التى كانت معه،إختفت اللذه الذى كان يعيش بها،نهض من عليها بتذمر وإرتدى سرواله وذهب نحو الباب،وقام بفتحه بعصبيه ونظر الى من تقف على جانب الباب قائلاً بوجوم ونبرة:
خير يا إمى،ايه صحاكِ بدري..ولا يمكن منمتيش هو الشيخ جلال بايت فين الليله؟
ردت فريحه بحنق:
بلاها تريقه،إستر نفسك وتعالى لى غرفتى...بلاش تتآخر.
قالت هذا وذهبت الى غرفتها جلست على أحد المقاعد يتآكل قلبها الحقد والضغينه تتذكر مساءً غنج"عوالى" تلك الملعونه
أمام نساء القبيله وهن يتقبلن ذاك بترحيب كما أن هنالك بعض الفتيات الصغار نظرن لها بإنبهار، كآنها قدوة يتمنين أن يتمردن ويكُن مثلها أحرار... لكن لابد من ترحل قبل أن تصع برأسهن أفكار حديثه عبثيه تحعل منهن مُتمردات
بينما عاد حيدر للغرفه وأغلق خلفه الباب
زمت زوجته دثار الفراش عليها وقالت بسؤال:
ايش إمى بتريد دالحين؟
بدأ يكمل إرتداء ثيابه ببرود قائلًا
ليش تنشدى (ليه بتسألى)فزى ساعدني ألبس تيابي.
جذبت مئزر خاص بها وإرتدته ثم ذهبت إليه تساعده فى إرتداء ملابسه الى أن إنتهى،نظر لها ووضع يدهُ حول عُنقها بحميميه وقرب من شفاها وكاد يُقبلها لكن حين رأى منها إستجابه شعر بنفور وهو ينظر لوجهها وعينيها اللتان أغمضتهما إنتظارًا لقُبلتهُ بتوق،نظر لها بحُنق ثم دفعها بعيدًا عنه وغادر الغرفه يسخر من ضعفها أمامهُ.
فتحت عينيها حين سقطت أرضًا تشعر بدونيه لم تضع الخطأ عليه تشعر بحقد:
هى الملعونه اللى شاغله بالك رجعتها لهون بيشقلب حالك.
ــــــــ...
دخل حيدر لغرفة رابحه قائلاً:
خير،أيه اللى حصل وماينتظر للصباح خلاكِ تجى لغرفتى وتقطعى خلوتى مع مرتى.
نهضت فريحه من مجلسها قائله بكُره وإختصار:
"الملعونه"
نظر لها حيدر بغضب قائلاً:
قولت قبل كده إسمها عوالي
ولا إنتِ كمان عندك غيره وحقد منها زى سلوى، طب هى مرتى وبتغار من شابه زيها، أنتِ ليش لا تغاري من عوالي، أها عشان أمها زمان رفضت زواج الشيخ جلال منك وإنك تبقى ضرتك، واخدت بنتها وفرت من القبيله،ميعرفش الشيخ جلال إنك إنتِ اللى سهلتِ لها طريق الفِرار من هون.
نظرت له فريحه بسخط قائله بغضب جم: إرحل ما عاد بدى إياك.. بيكفى حديثك الفارغ.
أمسك حيدر يدها،وتهكم قائلًا بضجر:
فى إيش تعالى وإيش إرحل دالحين، قولى اللى بدك ياه وخلصينى.
زفرت فريحه نفسها بضيق قائله:
حديثك شين، بس هقولك إن الملعونه شوفتها من شويه بتتسحب من الدار وخرجت، ما بعرف لا وين دالحين.
تعجب حيدر وقال بغضب:
وين بتروح دالحين قبل الغسق.
ردت رابحه بتحريض فهى تعلم أنها ليست المره الأولى:
ما بتعرف وين بتروح دالحين هضا عادتها من زمان، بس هلأ هى كبرت والباديه بقت خطر.
نظر لها حيدر بإستنتاج قائلاً:
يعنى إنت عارفه وينها.
ببساطة أجابته:
أكيد فى جبل النداهه.
❈-❈-❈
قبل شروق الشمس
بمكان قريب من البحر بخلفيته مجموعة هِضاب تحتض مياه البحر، كذالك تحتض
مكان خاص يجمع لقاء إثنين من العشاق
تبسمت من أسفل نقابها حين رأت "عامر" يجلس بمكان لقائهم المعتاد بين تلك الصخور.
نظرت خلفها بتوجس وترقُب ثم نحو مكان جلوسه مباشرةً إليه تشعر كآنها مثل السارقه...
بينما هو حين رأها نهض واقفًا يبتسم ينتظر إقترابها الى أن أصبحت أمامه تلتقط أنفاسها تشعر بصخب قلبها.
تحدث عامر بشوق:
"سالمه"
كنت خايف متجيش ميعادنا.
تبسمت من أسفل النقاب قائله بلهاث ليس فقط بسبب صخب قلبها،بل أيضًا شعور التوجس من أن يراهما أحدًا:
فعلاً أنا مكنتش هاجى على آخر لحظه شوفت جسور خوي
طالع من الدار... راقبته لحد ما إبتعد وجيت.
تنهد عامر بسأم يشعر بالعجز قائلا:
لحد إمتى هنفضل كده، أنا فى كل لحظه بخاف تضيعى منى.
تنهدت سالمه بقهر قائله:
اعرافنا صعبه يا عامر، أنا كمان بخاف لا فى لحظه أسمع عن جوازك من بنت من بنات "قبيلة العبيدى"، ناسي العداء اللى بين قبايلنا .
نظر عامر لها قائلاً بتصميم:
يحرم عليا الحريم من بعدك يا سالمه، إنتِ حوريتى اللى طلعت لى من البحر...فاكر أول مره شوفتك فى الميه فكرتك عروسة البحر اللى بيحكوا عنها فى الحواديت...سحرني وجهك البسام.
تدمعت عين سالمه قائله:
وأنا عند وعدى ليك يا عامر لو فى يوم إتغصبت أكون لغيرك يبقى هيزفونى للموت.
إنخلع قلب عامر وبتلقائيه وضع يده على فمهاقائلاً:
بلاه هالكلام الفارغ يا سالمه وأكشفِ عن وجههك البُرقع حتى تتملى عيني من النظر لوجههك البهي، انا خلاص هتحدث مع بوي ولو وصل الأمر هخطفك ونهرب ونعيش بعيد عن هنا.
شعرت سالمه بهزه قويه فى قلبها قبل ان يضع عامر يده على شفتيها عادت يتلقائيه للخلف لكن إنسأمت ملامحها مثل قلبها قائله:
فكرك حتى لو هربنا لبلد تانيه هنسلم من أعرافنا القاسيه دى،هيبعتوا اللى يدور علينا فى أى مكان وقبلها هيكونوا سفكوا دمنا،أنا مش هقدر أعيش حياتى فى تهديد وخوف،أنا سمعت جسور خوي وهو بيتحدث مع واحد من رجاله إن الجيش المصرى بيفكر يدخل للصلح بين القبايل هنا فى مطروح.
تنهد عامر بتمني قائلاً:
فعلاً بوي من كام يوم كان إجه له إستدعاء من المحافظ وبعت حيد بدل عنه،بس حيدر اللى لبى الأستدعاء ده ومتأكد أنه ضد الصلح...بس أنا حاولت أقنع بوى،وكمان فى شخص له تآثير على بوي وهتحدث معاها وهى هتقنعه بسهوله.
ردت سالمه بسؤال:
ومين بتكون اللى ليها تآثير عالشيخ جلال العبيدي.
تبسم عامر:
عوالي
تبسمت سالمه قائله:
هضى(هذه) أختك اللى بتكون بنت الطليانيه،هى رجعت من تانى لهنا.
تبسم عامر:
أيه هى وصلت أمس وهضي بقى ليها تآثير قوى عليه...أنا هحاول مع بوى مره أخيره لو رفض هوسطها،وهى عندها قدره تقنعه فى ثوانى.
تبسمت سالمه بإعحاب واضح بـ عوالى :
بصراحه سمعت عن عوالي هضى قبل كده ونفسى أشوفها دى الوحيده اللى عارضت أعراف البدو،وقدرت تعيش حياتها وتكمل تعليمها وتأخد شهاده عاليه... دى عملت اللى رجالة البدو نفسهم معملهوش.
شعر عامر ببعض القهر كآنه عاجزًا قائلاً:
فعلاً عوالى إخترقت أعراف البدو من البدايه لما أختارت تروح تعيش مع والدتها فى إيطاليا، بعد ما إطلقت من بوي، لما رفضت إنه يتجوز عليها.
تنهدت سالمه بيآس سأله:
هو إنت ممكن فى يوم تفكر متل الشيخ جلال وتتجوز تجمع أكتر من ست، متل والدك مع عمل وأتجوز الطليانيه وبعدها مرات عمك.
تنهد عامر بشوق ونقى ذلك قائلًا بتأكيد:
أنا وعدتك يا سالمه إنه تحرم عليا الحريم من بعدك، أنا بحلم باليوم اللى يجمعنا فيه مكان واحد من غير خوف حد يشوفنا ويزود بينا البعاد.
تبسمت له بحياء فتن وجهها بنظرهُ،لكن هبت نسمة هواء من البحر تطاير ذاك البُرقع وأخفي وجهها مره أخري، سريعًا رفع يدهُ وكاد يُزيله عن وجهها الذى لم يشبع. منه لكن سالمه عادت للخلف وتهربت من صخب قلبها قائله:
الشمس بدأت تغزل خيوط النور، لابد عاود قبل ما حدا يلمحني.
شعر عامر كان قلبه يُنتزع لكن شعر بأمل من شُعاع الشمس الذى بدا فى الافق من بعيد قائلًا:
بدى يوم نلتقى بدون خوف أحرار متل الشمس والقمر.
تنهدت سالمه تشعر بشبه يآس:
القمر والشمس مستحيل يلتقوا يا عامر.
شعر عامر بأمل وقال بتصميم:
لاء بيلتقوا يا سالمه"يا بكسوف،يا بخسوف"
وأنا مش مكسوف من إنى عشقت أجمل حوريه من بنات البدو،وقلبي حاسس إن هيجي اليوم اللى يخسف بعادتنا الأرض ويعود الوفاق بين قبايلنا.
تبسمت عينيها اللتان تظهرا له قائله بآسف:
قلبي خايف يا عامر نكون بنحلم بالحُريه وإحنا بين قُضبان قاسى بيحكمها عادات من حجر.
❈-❈-❈
قبل قليل
عادت عوالى الى منزل الشيخ جلال
لكن قبل أن تدلف الى داخل المنزل
تفاجئت بمن أطبق يدهُ على معصم يدها بقوه وسحبها للسير خلفه الى أن وقفا أسفل إحدى الشجرات بالحديقه حاولت عوالى سحب يدها بقوه من يدهُ قائله بإستهجان:
كنك جنيت كيف بتجبدنى هكى من يدى (بتسحبنى من إيدى).
نظر لها حيدر بعصبيه قائلًا بسؤال:
وين كنتِ دا الحين؟ بها الوقت؟
نفضت عوالى يد حيدر عنها بقوه قائله بإستهجان:
خطاني مالك إمره علي(سيبي مالكش دعوه بيا).
مازال حيدر ممسك بمعصم عوالي بقوه رغم محاولتها نزع يدهُ عنها وكز على أسنانه بغيظ قائلاً:
كنك ما بتعرفى مين أنا بكون!.
تهكمت عوالي بسخريه وأجابته بنبرة إستهزاء :
مين بتكون، حيدر ولد عمى المرحوم.
قالت عوالى هذا وسحبت يدها بقوه من يد حيدر الذى تراخت يدهُ قليلاً
وعاودت الحديث بتحذير:
حوِل عن نظرك عني لا تحسب آنى ساذجه،ولا هقبل أكون زوجه تانيه.
قالت عوالي هذا وإبتعدت عن حيدر وذهبت الى داخل المنزل.
بينما هسهس حيدر بوعيد:
بجالى سنين براجى وبنتظر ليش ما بيكفني هضا(هذا)هتكونى زوچتى حتى لو بالغصب.
بينما هناك من رأت ما حدث لتشعر بحسره فى قلبها من تلك الملعونه التى عادت
همست بغضب قائله:
ما بعرف فيها أيش بيخليك مشفشف واجد الجلب(محروق قلبه كتير) عليها.
زفرت نفسها بغضب وحسمت أمرها لابد أن ترحل تلك الملعونه بأقرب وقت قبل أن تأخذ منها حيدر.
بينما عوالى دلفت الى غرفتها تنفض حديث حيدر فهو لا يعنيها، إرتمت بجسدها فوق فراشها تنهدت ببسمه وهى يعود لخيالها نظرها لذاك الذى كان فى الكهف، لكن شعرت بإندهاش من رد فعله المحترم، حين رأها عاريه، غض بصرهُ واعطاها ظهره، لو غيره لكان إستغل ذلك بطريقه أخري، لكن هذا كان شهمً،تبسمت وهى تتذكر كيف قابلت شهامته بغدرها.
❈-❈-❈
مع سطوع الشمس
بكهف الجبل
بدء سيزار يعود تدريجيًا من تلك الإغماءه أو بالأصح الغفوه الذى إنسحب عقله إليها، حين شعر خيوط الشمس الأولى تُداعب عينيه تشق عتمة ذاك الجبل
شعر بثُقل وآلم فى رأسهُ وهو ينهض وضع يدهُ على مكان الآلم لكن تفاجئ بوشاح مربوط حول رأسهُ،فك ذاك الوشاح ونظر له كان من الحرير الناعم باللون الأزرق منقوش ومُطرز عليه باللون الأبيض بضع أحرف بلغه غريبه عليه تُشبه الإنجليزيه يبدوا أنه إسم.
نهض واقفًا،يتجول بعينيه بالكهف،لكن الكهف خالي،أين تلك الغادره التى غدرت بيه،لكن المكان يبدوا ساكن لا يوجد به أحد ذهب نحو بئر المياه ونظر بها المياه شبه ساكنه تكاد لا تتحرك كما أن لمعت الشمس عليها،نظر لآعلى،كان هنالك شِق فى اعلى الجبل،لابد أن هذا الشِق هو ما سبب إنعكاس القمر بليلة أمس هنا بالجبل
تجول فى زوايا الجبل عله يعثر على آثر لتلك الغادره لا يوجد سوا آثار اقدام فى الرمال أانتهت بـ شِق الجبل خرج منه الى الخارج وإختفت آثار تلك الأقدام، إذن لا تفسير لذالك هى لم تخرج من الجبل لكن أين هى إختفت.
......
بعد قليل
بالثكنه العسكريه عاد
سيزار وتوجه مباشرةُ الى غرفة الطبيب وأيقظه من النوم
إستيقظ الطبيب نظر له بإستفسار سائلًا بإستغراب:
أيه الدم اللى على هدومك ده،أيه اللى حصلك.
وضع سيزار يدهُ على مكان الإصابه برأسه قائلاً بكذب:
كنت بتمشى وإتعترت فى حجر وقعت وراسي خبطت فى حجر،قوم شوفلى الجرح وهاتلى أى مُسكن حاسس بصداع فى راسي.
نهض الطبيب من مضجعه وتوجه ناحية دولاب به بعض المواد الطبيه وقام بتعقيمها ثم قال لـ سيزار:
إتفضل أقعد هنا عالكرسى عشان أضمدلك الجرح الأول.
جلس سيزار على المقعد أمامهُ نظر الطبيب بتمعن للجرح قائلاً:
إنت إتعترت فى حجر ووقعت على راسك ولا حد ضربك بحجر على راسك.
تذكر سيزار تلك الغادره وقال بتأكيد:
لأ وقعت على حجر وإخلص دماغي بتوجعني.
رد الطبيب بعدم تصديق:جايز بس الجرح ده لازمه أقل واجب خمس عرز هعقم مقص الخياطه وأرجعلك تكون إفتكرت إنت وقعت ولا حد ضربك على راسك.
نظر له سيزار بتوعد وتحذير:
بلاش شغل دكاترة الطب الشرعي ده وأخلص متنساش إنى انا القائد هنا،وبسهوله أجازيك.
تبسم الطبيب قائلاً:
على أيه بس قلبك أبيض،
هتستحمل أخيط بدون بنج ولا...
قاطعه سيزار بضجر قائلاً:
هستحمل تخيط من غير بنج، وإخلص بقولك.
تبسم الطبيب وقام بتقطيب الجرح الذى براس سيزار الى أن إنتهى قائلاً:
فى مضاد حيوي،وكم نوع علاج لازم تاخدهم،كمان مش لازم تتعرض للشمس عالاقل النهارده لازمك راحه.
نهض سيزار قائلاً:
مينفعش راحه النهارده عندى كم مشوار لازم أعملهم
غير تدريب المُجندين.
رد الطبيب:
إن كان على تدريب المُجندين سهل نلغى تدريب بعد الضهر وكفايه تدريب الصبح،وممكن أخد انا مكانك فيه،حاول ترتاح حتى لبعد الضهر،الجرح اللى فى راسك مش صغير وممكن يلتهب من حرارة الشمس هنا.
فجأه شعر سيزار بدوخه خفيفه فقال:
تمام هاخد راحه لبعد الضهر،والمشاوير التانيه خليها لبعد العصر تكون حرارة الشمس خفت شويه.
تبسم الطبيب وعاد يقول بمكر:
إنت متأكد إنك وقعت على حجر،وقعت وقعت يعنى.
نظر سيزار له بشرر ولم يتحدث،فضحك الطبيب رغم أنه غير مُصدق، لكن وافقه بمرح قائلًا:
تمام وقعت على جحر،بس حاذر من الميه بلاش تمس الجرح.
نظر سيزار الطبيب بشرر قائلاً:
تدريب المُجندين مهمتك وكلمه كمان هحولك تأديب عسكري.
تبسم الطبيب وأشار بيده على فمه بمعنى سأظل صامتًا.
توجه سيزار الى غرفته وإرتمى بجسده فوق الفراش وأخرج ذالك الوشاح من جيبهُ ونظر له يضغى عليه أكثر من شعور، لكن أكثر شعور هو رغبته فى رؤية صاحبة ذالك الوشاح مره أخرى وسؤالها لما غدرت به بعد أن أعطاها الأمان.
❈-❈-❈
مساءً
قبل الغروب
بين الهِضاب هدأت الشمس قليلاً
كان "فهد" يقود سيارتهُ عائدًا الى القبيله
لكن أثناء سيره بذالك الطريق الواعر
توقف فجأه بعد أن كاد يصدم إحداهن.
نظر لها بغضب قائلًا بإستهجان:
العمى صابك بتجري قدام العربيه عشان عنزه.
إلتقطت نفسها بصعوبه وهى تحمل تلك العنزه الصغيره بين يديها فهى للتو نجت من موت كان مُحقق، لكن تضايقت من حديثهُ هكذا بتهجم، وظلت تقف أمام السياره صامته.
تعصب فهد قائلاً:
إنتِ طارشه كمان، إزاى بسيبوا واحده ترعى غنم وهى عاميه وطارشه ومش بعيد خارسه كمان.
شعرت بالغيظ وقالت بتهجم:
لأ مش عاميه ولا طارشه ولا خارسه،وإن كنت اتمنى أكون فعلاً عاميه عشان مشوفش وشك العكر.
تعصب فهد وترجل من السياره وذهب الى مكان وقوفها أمام السياره وقال بتهجم:
غلطانه ولسانك طويل بدل ما تحمدى ربنا إنى فرملت العربيه قبل ما تدهسك،عشان عنزتك اللى واخدها فى حضنك كآنها بنتك.
كادت أن ترد عليه بنفس طريقة التهجم لكن تحدثت تلك الفتاه الآخرى التى تظل معها طوال الوقت:
"غنوة" الشمس خلاص بقت قاسيه... خلينا نرجع للدار
"الشيخ جسور" خُلقه بضيق ومعندوش تفاهم لما بعرف إنك طلعتِ من الدار هيتعصب علينا.
رن إسم "غنوه" فى أُذن فهد،ليس فقط إسمها،بل إسم "جسور "، فلا يوجد فى الباديه كلها سوا جسور واحد.
نظر لإمتثالها لمن معها وغادرت المكان بينما هو قال:
يا ترى أيه الصله بين الغبية دى وبين "جسور الزيانى"
❈-❈-❈
بقبيلة الزياني
دلف جسور الى غرفة جدته، تبسم لها وهى تجلس جوارها سالمه يغزلن تطريز ثوبً نسائيًا
بعد أن ألقى عليهن التحيه، تسأل:
وينها غنوة ما سامع شدوها.
نظرن سالمه ورحيمه لبعضهن وصمتن.
زفر جسور نفسه بنرفزه قائلًا:
متل عادتها، إتسحبت من الدار وهرجت للباديه.
نظرت له رحيمه قائله:
وإيش فى الباديه يا ولدي، زمان كُنا نرعي الاغنام ونضل جوارها طول النهار، حتى تغيب الشمس.
تنهد جسور بضيق قائلًا:
زمان كانت الباديه آمنه يا حنى، أما الحين، كل يوم بنسمع عن إختفاء النساء وكل هضا بسبب
جماعة داعش هدول الجبناء اللى ما عينديهم شرف.
شعرن سالمه ورحيمه بالقلق، حين نادى جسور بصوت جهور على أحد رجاله، وخرج له، نهضت خلفه رحيمه وسمعته يآمر ذاك الرجل:
بتروح عالباديه.....
قبل أن يُكمل آمره للرجل رأي دخول غنوة ومعها مرافقتها صمت وأمره بالإنصراف وإنتظر حتى إقتربت غنوة
التى تشعر برجفه فى جسدها خشية غضب جسور الواضح على وجهه، لكن أنقذها وجعلها تبتلع ريقها ذاك الرجل الذى إقترب منه باسمً يقول:
بدنا نتحرك دالخين يا شيخ جسور حتى نحضر عقد القران والعُرس.
أبتلع غضبه ونظر لذاك الرجل قائلًا:
تمام يا شيخ مُنذر.
قال هذا ونظر لـ غنوة نظره جعلتها تنكمش على نفسها، فهمت مغزى النظره، أن مُخالفاتها لآوامره، لن ينتهي ببساطه، لكن أرجأ ذلك لاحقًا.
إقتربت رحيمه من غنوة تذمها قائله:
ليش إتسحبتِ وخرجتِ من الدار هالعاده ما راح تنتهي من راسك حتى يكسر لك جسور راسك.
إرتعبت غنوة بداخلها تخشى عقاب جسور، الحليم الذى حين يغضب قادر على تلجيمها جوار ذاك الخيل بالأستطبل كما هددها سابقًا إن خالفت أمره وخرجت للباديه،وهى لم تكترث لذلك.
❈-❈-❈
ليلاً
أثناء تمدُده على فراشه بالثكنه العسكريه تنهد يتذكر إختفاء آثر الأقدام،خارج كهف الجبل، ذم نفسه كيف لا يعلم أن الرياح هى من أخفت آثار الأقدام، شعر بعدم رغبه فى النوم، نهض من فوف الفراش،إرتدي ثبابه وخرج من غرفته وقف قليلًا ينظر لذاك القمر الأحدب، رغم ذاك الظلام الذى يُحيط المكان من بعيد،لكن قلبه لا يعترف بالخوف،خرج بالسيارة من ثكنته العسكريه يتجول قليلًا
لا يعرف ما الذى ساقه للذهاب الى ذاك الكهف مره أخرى، كآنه فعلاً يسمع لصوت النداهه
توقف بسيارته أمام ذالك الكهف وضع يدهُ على رأسهُ يستشعر ببعض الآلم الطفيف من ذلك الجرح الذى مازال يؤلمه...
تذكر تلك الغادره التى أعطى لها الآمان لكن هى غدرت به رغم شعور الآلم لكن تبسم يتنهد بشوق يتمنى أن يعثُر عليها ويراها مره أخرى، لكن هى أين فى هذا السفوح والدروب والطبيعه الواعره بين الصحارى والجبال، أتكون مثل ما قال له أحدهم لابد أن صوت "النداهه"
هى من سحرته حين دخل الى سفح ذالك الجبل
لكن هو رآى وجهها الفائق الجمال
لام نفسه يشعر أنه يكاد عقلهُ يهزى فكيف لتلك الجميله لابد أنها إحدى السائحات،لكن لا هو تحدث إليها وردت عليه لكنتها لم تكُن أجنبيه،أيُعقل أن تكون تلك فائقة الجمال تسكن منطقه كهذه، لا تفسير لذالك غير أنها كما أخبروه
إنها "النداهه" التى تسكُن سفح ذاك الجبل
بجساره دخل الى الجبل مره أخرى، لكن لا يوجد أى صوت اليوم، الكهف ساكن توجه الى ذاك البئر
ونظر الى لمعة القمر عليه، جلس على جانبهُ ومد يدهُ فى الماء، لكن سمع صوت يقول:
حاذر يمكن تكون نداهة الجبل ساكنه فى بير الميه.
نظر أمامه الى ذاك الصوت، نهض واقفً مثل المسحور قائلًا:
إنت مين؟.
-أنا نداهة الجبل.
لمعت عيناه ببسمه قائلًا:
أنا مش بصدق فى الخُرافات ولا التخاريف.
تبسمت له وهى تقترب بخطوات غنج:
ولما إنت مش بتصدق فى الخُرافات ولا التخاريف،ليه جيت لهنا من تاني.
-فضول.
هكذا أجابها.
تبسمت له تلاقت عينيهم ساد الصمت المكان
حتى صوت الرياح إختفى حين أصبحت أمامه مباشرةً،وضعت يده فوق موضع قلبه،تستشعر تلك الخفقات المُتلاحقه،تبتسم،بينما هو جذبها لصدره يضمها بين يديه،حتى جلس أرضًا،وهو يضمها،صمت لا يوجد سوا أنفاسهم، حتى
تنهدت تتنفس على صدرهُ قائله:
ساكت ليه؟.
رفع وجهها عن صدرهُ قائلاً:
وعاوزانى أقول أيه، مش بيقولوا الصمت فى حرم الجمال جمالًا.
تبسمت عينيها قبل شفتاها.
ضمها بين يديه أقوى كآنه يود أن يسكُن جسدها بين ضلوعه.
سألته:
هو العشق خُرافه؟.
أجابها:
وهو أما أعشق نداهة الجبل ده ميبقاش خُرافه.
-قولت إنك مش بتآمن بالخُرافات.
وضع يده فوق وجنتها ثم خلل أصابعه بين خُصلات شعرها الأسود، ونظر الى رسمة عينيها رغم زُرقة لونها لكن تبدوا مثل أعيُن فرعونيه، وإقترب من أذنها هامسًا:
عندي يقين إن
"نداهة الجبل حقيقة مش خُرافه".
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سعاد محمد سلامة من رواية حمام كليوباترا، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية