-->

رواية جديدة وبها متيم أنا لأمل نصر - الفصل 22 - 2

 

 قراءة رواية وبها متيم أنا كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية وبها متيم أنا

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر


الفصل الثاني والعشرون

الجزء الثاني

عودة للصفحة السابقة

❈-❈-❈



بعد أن انتهى دوام عملها، وبدلت ملابس العمل للعادية الأخرى فكانت في طريقها لمغادرة القسم الذي تعمل به، حتى تعود إلى منزلها، برفقة صديقتها وجارتها صبا.

- إزيك يا مودة.

قالتها ميرنا تفاجأها، وقد اعترضت طريقها توقفها، بأن تصدرت بجسدها أمامها، تمنعها عن مواصلة السير  حدقت بها مودة بتوتر واستغراب لأمرها، قبل أن تجيبها بعد مدة من الوقت:

- حمد لله يا ستي، كويسة، انتي بقى ايه أخبارك؟

- انا زعلانة على زعلك يا ستي، وحاسة نفسي حمارة اني لبخت معاكي في لحظة غضب وطلعت عن شعوري .

استرسلت بهم مرة واحدة، لتجفل مودة التي كانت تنوي على صدها وقطع الصلة معها، وقد اقتنعت بكلمات صبا بعد شجارهم الاَخير، فقالت بحرج:

- متقوليش كدة، عادي يعني، الخناق ده بيحصل دايما مع الزملا والأصحاب.

- وانا بقى معتبراني زملا ولا أصحاب؟

تلعثمت تردد بأعين تهرب من المواجهة، أمام امرأة حددت طريقها، واتحذت منهجها الخاص بها، فلا تفعل حساب اصول أو اعراف أو حرام أو حلال، بل وتتحدث بثقة عكس من ضاعت بها الثقة لضعف شخصيتها، وترددها في اتخاذ القرارات الحاسمة:

- اا أكيد صاحبتي يا ميرنا، دا انا أكلة في بيتك عيش وملح، وانا بنت أصول وافهم اوي في الحاجات دي. 

مالت برأسها لتقابل عينيها بخاصتيها، وتقبض على نظرتها الهاربة لتأسرها، فقالت بلهجة معاتبة يشوبها اللوم:

- بس انا عمري ما اعتبرتك صاحبتي، بالعكس يا مودة، انا من اول ما اتعرفت عليكي وعرفت بظروفك اللي هي مقاربة لظروفي في حاجات كتير، اعتبرتك اختي، عمرك شوفتي اخت عايزة الضرر لاختها، حتى لو حصل سوء تفاهم أو خناق او حتى قطعوا هدوم بعض، برضوا بيرجعوا ويصفو وينسوا، انتي بقى ليه شايلة مني وعايزة تبعدي؟ شايفاني ست وحشة على كلام الست صبا اللي قررت من دماغها ونصبت نفسها حاكم عليا ، عشان ترميني بتهم باطلة، طب انتي شوفتي عليا حاجة بعينك ؟

ابتلعت ريقها باضطراب، فهذه المرأة تحاصرها بحنكة وخبرة تنقصها بسنوات ضوئية حتى تلحق بها، 

لتنفي بهز رأسها بتونر:

- لأ بصراحة ما شوفتش حاجة. 

تبسمت بانتعاش وهي تفرد نفسها، لتخفف الحصار عنها، وقالت ملطفة بعض الشيء وهي تتلاعب بخصلات شعرها الحريري الغزير:

- انا يمكن اكون شقية، ودي حاجة متعبنيش على فكرة، مش احسن ما ابقى خام، وساعتها أي حد ممكن يضحك عليا بكلمتين ويستغلني، ساعتها مين هيعوضني خسارتي بقى؟ وانا واحدة وحدانيه ومليش ضهر اتسند عليه، لا ليا أب يدلعني ويصرف عليا، ولا جار يشيل ويغطي عليا في الشغل. 

مقصدها الاَخير كان جليًا بقوة لتفهمه مودة ، فتطرق رأسها بحزن، وقد لامست كلمات الأخرى الجزء الموجع لها دائمًا، وهو الوحدة وغياب الأهل، وقلة الحظ أيضًا، فخرج صوتها بضعف:

- ما خلاص يا ميرنا، هو انتي لازم تفكريني بوكستي. 

اخفت الأخيرة ابتهاجها، لترسم الجدية وقد وصلت لنقطة جيدة معها، فقالت بانفعال تدعيه:

- افهمي بقى، هو انا لو قصدي اقلب عليكي المواجع، هقولك ان انا زيك؟ فكي كدة يا بت وبطلي، انا جاية اساسًا عشان اصالحك، رغم عتبي عليكي برضوا. 

ابتسمت مودة بضعف ودون رد، فتابعت بتحفيزها، يالا بقى خلينا في المهم، قبضتي مرتبك ولا لسة؟

هذه المرة اشرق وجهها بابتسامة حقيقية بفرح وحماس تجيبها:

- ايوة قبضت، المرتب حلو اوي، وهقدر اجيب منه حاجات كتير.

- الف مبروك يا ستي وتتهني بيهم

قالتها ميرنا بابتسامة واسعة، لتردف:

- لو لسة باقية ع الاتفاق، انا مستعدة من بكرة او النهاردة حتى، اتسوق معاكي واجيبلك كل اللي يليق عليكي ويخليكي قمر


❈-❈-❈


توقف بسيارته، ليترجل منها عائدًا من عمله، بهيبة اكتسبها بحكم وظيفته وحسن أخلاقه قبلها، يسير برزانة، متخذًا طريقه نحو مدخل البناية التي يقطن بها مع عائلته وقد تأخر اليوم بدون قصد منه، وذلك لاجتماعه الهام مع رئيسه، لفت نظره فجأة بعض وجوه المارة وبعض الشباب الواقفين حتى حارس البناية، رؤسهم للأعلى في اتجاه شرفتهم، غلت الدماء برأسه، برؤيته للسبب المؤدي لذلك، وهذه المجنونة الشقراء، تتشمم حزمة من الورود بيدها، بانتشاء جعلها غير منتبهة لهذه الثورة بالأسفل، ومشهدها يبدو كلوحة فنية، ابدع في صنعها فنان مخضرم، زفر حانقًا ليتحمحم، فخرج صوته بزمجرة شرسة أجفلت الحارس ليخفض رأسه، ملوحُا له باحترام، فظل هو على نظرته الخطرة يحدج الرجل بها حتى تخطاه ليدلف داخل المبنى ويختفي داخل المصعد، فيلتقط الرجل أنفاسه اخيرًا، متمتمُا بالحمد انها مرت على خير.


❈-❈-❈


فتح بمفتاحه ليلج داخل المنزل، وبخطواته الواسعة اتخذ طريقه نحو الشرفة، وبغضبه يقتحمها، لتشهق رؤى التي كانت جالسة على عقبيها تتأمل أحد الزهور النادرة،  وقد فاجئها الظل الطويل لتجفل منتفضة حتى انكسر واحد اخر خلفها مع ارتدادها للخلف أسفل أقدام لينا، لتهتف بزعر:

- يا نهار أبيض دا القصرية انكسرت. 

خرج صوت رؤى بارتعاش وقد اصابها الجزع لتسببها عن غير قصد في تحطم هذا الشيء الثمين:

- أنا أسفة والله مكنتش اقصد.

زفر أمين يجلس على عقبية ليلملم المكسور، وينقذ النبتة بزهورها مرددًا:

- متتأسفيش يا رؤى، الغلط كان مني أنا .

- غلط ايه؟

هتف بها حسن وقد أتى على صوت التهشيم بصحبة أنيسة التي ضمتها على الفور إليها، فتولت لينا الإجابة بانفعالها المعتاد:

- الباشا طب علينا زي العفريت من غير احم ولا دستور ، خض البنت فوقعت القصرية وراها.

- انتي تستكي خالص، عشان انتي السبب في كل اللي حصل.

صدرت منه بعصبية وهو يضع النبتة بطينها داخل احد الاصايص الفارغة، فصاحت به معترضة:

- وانا السبب ليه بقى ان شاء الله؟

- عشان وقفتك في البلكونة، لميتي علينا الشارع كله، بيتفرجوا ع الأجنبية الحلوة التي بتشم الورد ومستكنيصة بريحته، في بيت الظابط وآخوه المهندس.

قالها سريعًا فلم ينتبه لما سقط منه في الوسط دون أن ينتبه بأنه غازلها دون أن يدري، اخفت أنيسة ابتسامتها، وخرج صوت لينا بارتباك رغم عنادها المعتاد:

- انا مخدتش بالي م اللي انت بتقوله، بس حتى لو كان يعني، دا ميدكش الحق انك تخضنا كدة.

تحرك فمه، بنية أن يرد، ولكن حسن كان الأسبق:

- خلاص يا جماعة حصل خير، انسو كل حاجة،، يالا بقى نكمل قعدتنا ، تعالي انتي متخفيش.

تفوه بالأخيرة نحو رؤى، ليقبلها بحنو أعلى رأسها  مخففًا عنها، قبل ان تذهب مع أنيسة، وتلحق بهم لينا؛ التى رمقته بغيظ كعادتها، وهو لم يقصر في مبادلتها الفعل.

حتى خلت الشرفة على الشقيقان ليحدجه حسن بقرف قائلًا:

- روح شطف نفسك من الطين اللي بهدل هدومك، وتعالى حصلنا. 

اومأ برأسه ينفض كفيه سائلًا:

- والدتك فين يعني مشوفتهاش، لا هي ولا شهد.

- والدتي مختلية مع شهد في أؤضتها، خلص انت بس .

قالها حسن واستدار ليغادر، ولكن الأخر أوقفه، بأن امسكه من يده ليسأله بفضول:

- هي الست أنيسة جابت ايه النهاردة م الحلويات اللي بتعملها؟

نظر حسن ليده وطرف الكم الذي لوثه الاَخر بالطين ليصيح به ناهرًا بحنق:

- يخرب بيتك .


❈-❈-❈


وفي غرفتها، وقد كانت مختلية بها في حديث مشبع بالذكريات الجميلة، حتى أنهم لم ينتبهوا لكل ما حدث في الخارج.

وقد كانت جالسة على طرف الفراش بجوارها، تضع الصندوق الخشبي بحجرها، وتخرج منه الأشياء الثمينة والتي لا تقدر بثمن في عرفها.

- شايفة يا شهد، اهي دي بقى صورتنا في يوم الفرح، ودا المنديل بتاع كتب الكتاب.

ضحكت شهد وهي تتأمل المنديل الأبيض بتطريزه القديم لتردد باندهاش:

- يا نهار أبيض، دا ازاي فضل معاكي لحد دلوقتي؟

- المحافظة عليه يا حبيبتي، وعلى كل حاجة بحبها، دا أنا أي حاجة من ريحة الغالي، احفظها في عيوني مش بس في الصندوق. 

قالتها مجيدة باعتزاز جعل شهد تطالعها بتأثر، قبل أن تتنبه جيدا على الصورة القديمة،  لتتمتم:

- دا جوزك الله يرحمه فيه شبه كتير من حسن دلوقتي، وانتي كنتي امورة أوي وانتي صغيرة. 

- اه يا حبيبتي، كنت سفيفة ورفيعة، قبل ما الزمن يتدحدر بيا واخلف جوز الحلاليف ولادي

ضحكت شهد من قلبها، والسبب خفة دم مجيدة، المرأة المتواضعة، والتي تتحدث بعفوية دون تفكير أو جهد في المزاح، ترفع الحواجز، بتباسطها دون تكلف، وكأن ما يجمعها معها هو العديد من السنوات، وليس شهور قليلة، فردت متغزلة :

- بس انتي لساكي زي القمر برضوا، طب يارب انا لما اوصل سنك، أبقى في حلاوتك كدة.

-  هتبقي أحلى كمان، دا انتي قمر اساسًا يا شهودة.

قالتها مجيدة وهي تخرج الصورة الأخرى، وقد كانت عائلية، تجمعها بزوجها وابنيها الاثنان، تطلعت بها شهد بتركيز، فهذه أول مرة ترى فيها صورة حسن وهو صغير، دغدغة جميلة شعرت بها، لينتابها فضول شديد لمعرفة المزيد عنه في هذه الفترة، هل كان شقيًا كبقية الأطفال؟ أم عاقلًا كشخصيته الاَن؟ ولكنه كان بريئًا بشدة، هذا ما تخبرها به هذه الملامح الدقيقة الوسيمة.

استدركت أنها قد أطالت بتأملها، ومجيدة لم تُنبهها أو تقاطعها، بل كانت تحدق بها صامتة، فخرج صوتها بارتباك:

- انتي ست جميلة وو عيلتك كمان جميلة زيك.......  أكيد جوزك كان محظوظ بيكي.

لم ترد بل ظلت تطالعها بصمت عدة لحظات، لتزيد من توترها، قبل أن تقول:

- انتي عارفة يا شهد انا ليه ندهتك واستفردت بيكي بعيد عن الكل هنا في اؤضتي، عشان افرجك كمان ع الصور وصندوق الذكريات بتاعي؟

اهتزت رأسها بعدم فهم، فتابعت مجيدة:

- أنا بعزك أوي يا شهد، ومن أول ما شوفتك وانا حاسة ان في صلة بتجمع ما بينا.

- وانا كمان والله، ربنا يديم ما بينا المودة.

قالتها شهد وقد وصل إليها المغزى العادي للحديث، غير هذا الذي تقصده مجيدة على الإطلاق، والتي جاء ردها بابتسامة قبل أن تباغتها بالقول:

- ممكن اسألك سؤال يا شهد، بس امانة عليكي تجاوبيني بصراحة ومن غير تفكير ولا حسابات من دماغك، اصل بقى مكدبش عليكي، الأمر دا يهمني أوي.

بريبة وتوجس اومأت شهد رأسها باستسلام لإلحاح المرأة قائلة:

- حاضر يا ست مجيدة هجاوبك بصراحة.

استغلت الاَخيرة موافقتها لتباغتها بالسؤال على الفور:

- انتي بتحسي بأي مشاعر كدة ناحية حسن ولا لأ؟

أجفلت لترتد برأسها للخلف وشفتيها تتحرك باضطراب، لا تدري بما تجيبها، فهذا السؤال لم يكن في حسبانها على الإطلاق، لتتمتم مستهبلة تدعي عدم الفهم:

- مشاعر يعني ايه؟ ممش فاهمة. 

- لأ انتي فاهمة يا شهد، وبلاش استعباط عشان انا محلفاكي أمانة.

تعرقت مع ازدياد الحرج، وقد تمكنت مجيدة من حشرها في زاوية ضيقة لتقر وتخرج مكنونات بداخلها تخشي الاعتراف بها حتى لنفسها.

- جرا ايه يا شهد؟ لدرجادي السؤال صعب، ولا هي محتاجة تفكير من الأساس، دي حاجات تتحس كدة لوحدها، معقولة انتي محستيش بيها؟

قالتها مجيدة مواصلة الضغط، لتزيد عليها وهي التي كانت تخرج الكلمات بصعوبة من فرط ارتباكها، وهذا ما تلعب عليه الأخرى:

- مش حكاية اني محساش ولا فاهمة، بس هو يعني....

- بس هو إيه؟ انتي حاسة ان حسن بيحبك ولا لأ؟

بإقرار واستسلام اومأت شهد برأسها تتمتم:

- يعني.... بقيت كتير بحس بكدة أو ممكن يكون إعجاب عادي.

- حلو اوي، طب انتي بقى، بتفرحي لما بيوصلك شعوره ده، ولا بتجزي وبتقرفي؟

- لا اقرف دا إيه يا ست مجيدة؟ حسن راجل محترم واخلاقه غاية في الروعة رغم عصبيته احيانا وتزمته معايا في الشغل، لكنه قمة في الأخلاق، يعني إحساس القرف دا ابعد ما يكون في قلبي من ناحيته. 

سمعت مجيدة لتهلل بمرح، وقد أوقعتها في الفخ:

- الله أكبر، يعني بتحبيه. 

ذهلت وافتر فاهها بانشداه لتردد بعد ذلك تبتغي النفي .

- يا ست مجيدة حب ايه بس؟ انا معرفش اللي تقصديه ولا بتتكلمي عنه ده، عن ايه بالظبط؟

- هو برضوا قالي كدة!

قالتها مجيدة بضعف وقد تبدلت ملامحها للعبوس والإنكسار، لتثير الفضول لدى شهد كي تسألها بعدم فهم:

- هو مين اللي قالك؟ وقالك ايه بالظبط؟

مطرقة رأسها بحزن وهي تحتضن الصندوق القديم في حجرها، لترفع عينيها إليها بنظرة مترقرقة بالدموع تقول بعتاب:

- حسن هو اللي قالي، لما صرح لي بمشاعره وأنا قعدت اتنطط من الفرح، عشان افاتحك عن رغبته في الإرتباط ببكي، قالي متحاوليش يا ماما وتحرجي نفسك، انا نفسي مش لاقي فرصة معاها، واخاف عليكي من كسرة الخاطر. 


- بعد الشر عليكي من كسر الخاطر، هو ليه بيقول كدة بس؟

هتفت بها شهد مستهجنة بغضب، هذا القول الذي أدخل الحزن بقلب المرأة والتي تابعت:

- هو بيقول كدة عشان هيموت عليكي وبيحبك، وانتي ولا حاسة بيه.

بانفعال شديد استنكرت شهد رغم فرحتها بهذا الاعتراف من حسن على لسان والدته:

- على فكرة بقى، هو مزودها اوي، ومش من حقه يزعلك كدة ويخليكي تشيلي مني، هو اتكلم ولا فاتحني اساسًا عشان يفتي من مخه ويقول اني رافضة.

التقطت مجيدة الهفوة التي كانت في انتظارها منذ بداية الحديث، لتهلل قائلة:

- يا حبيبة قلبي يا شهودة، يعني انتي مش رافضة الارتباط بيه، وهو اللي طلع حمار، وربنا انا كان قلبي حاسس، يا قلبي انتي...

ختمت بالاخيرة وهي تجذبها من ساعديها إليها لتُقبلها من وجنتيها، تدعي التغافل عن الصدمة التي ارتسمت على ملامحها، حتى انعقد لسانها في الرد عليها، لتكمل عليها بأن نهضت فجأة لتفتح باب الغرفة تهتف وتنادي بصوت عالي :

- يا حسن يا أنيسة، يا ولاد تعالوا هنا، عندي خبر ليكو يجنن، شهد وافقت ع الجواز من حسن، تعالى يا بشمهندس وشوف خطيبتك.

- خطيبتك.

تمتمت بها، وقبل أن تستوعب حتى لتفكر، وجدت أنيسة أول المقتحمين للغرفة، مرددة لمجيدة:

- يعني شهد وافقت بجد؟ طب وربنا انا كنت واثقة منها دي يا مجيدة، يا الف نهار ابيض، يا الف نهار مبروك. 

قالتها لتعانق المرأة تبارك وتهنئ، قبل أن تتركها متجهة إلى شهد المذبهلة،، لترفعها إليها وتعانقها بحضن أمومي تغمرها بالقبلات:

- الف مبروك يا حبيبتى،  الف مبروك يا بنتي الغالية، حسن طيب وانتي تستاهليه، وهو يستاهلك.

- انتي بتتكلمي بجد يا ماما؟

صدرت من حسن الذي ولج هو الاخر، بفرحة تتراقص بعينيه، لتطالعه شهد ترفرف باهدابها وكأنها في عالم موازي، لتتلقى كلماته وقد اقترب منها، وتناول كفها بين يديه، يعبر امتنانه بموافقتها:

- انا مش عارف اشكرك ازاي يا شهد، انا حاسس قلبي هيوقف من الفرحة عشان وافقتي، ربنا يخليكي ليا يارب.

ختم بقبلة على ظهر كفها، طالعت أثرها بصمت، لتبدوا كمن تلقت ضربة على رأسها تترنح بعدم اتزان او استيعاب، وتتوالى عليها المباركات والتهنئة من الباقين، رؤى ولينا وأمين، بلا استغراب أو تساؤل، وكأنهم هم أيضًا كانوا على علم.

- الف مبروك يا أبلة شهد، ربنا يتمملك بخير  أنا فرحانة أوي .

- مبروك يا أجمل شهد، يا صاحبة العمر يا غالية. 

- مبروك يا شهد، حسن اخويا اَه، بس انتي هتبقى أغلى منه، دي تاخديها قاعدة من دلوقتى.

- أنا هعمل كل جهدي عشان تبقي أسعد واحدة يا شهد، ربنا ما يحرمني منك.

وفي جانب وحدها وبعد أن وصلت لغرضها، فكانت تتابع بابتسامة رضا صامتة، لتنضم أنيسة بجوراها تهمس قائلة:

- والله وبرافوا عليكي يا مجيدة، عرفتي تلفي البت إزاي يا ولية؟ 

ابتسمت بثقة، تجيبها:

- مكانش ينفع معاها غير كدة، بعدين هحكيليك بالتفاصيل، المهم دلوقتي، انا عايزة السرعة، ياما نفسي اتلم على مأذون الليلة، عشان اخلص بقى.


يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر (بنت الجنوب) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة