-->

جديدة قلوب حائرة (الجزء الثاني) لروز أمين - الفصل 31 - 1

 

رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة روز أمين
رواية قلوب حائرة
الجزء الثاني



رواية جديدة 

تنشر حصريًا 

على مدونة رواية وحكاية 

قبل أي منصة أخرى


الفصل الواحد والثلاثون

الجزء الأول


يا مَلْجأِي وملاذِي،كيف السبيلُ إلي الخلاصِ 

قد جئتُ بابُكِ طارقاً،فمن سواكَ يُغيثُنِي من الأهوالِ

رُحْماكَ تنتَشِلُني من الهلاكِ المُحتمِ في بحرِ ظُلماتِي  

وتُخرجُني لنورِ رحمتِك،ومن جديدٍ تُزهرُ براعمَ زهَراتِ حياتِي 


خواطر ياسين المغربي

بقلمي روز آمين 

❈-❈-❈

دقت الساعة السابعةُ صباحاً،وبرغم عدم إتخاذ جسدهِ للراحة الكافية ولا للنوم الذي يحتاجهُ بدنه كي يستطيع المواصلة،إلا أنهُ تحامل علي حاله ونهض بهدوء منسحباً من بين أطفالهُ الثلاث كي يذهب لمن إشتاقت لها روحهُ ويطمئن عليها وابنتهُ الحبيبة،تحرك إلي الحمام ليستحم بماءٍ دافئ كي يُنشط دورتهُ الدموية ويستعيد بعضاً من طاقتهِ المُهدرة،إنتهي سريعاً وارتدي ثيابهُ النظيفة وتحرك في طريقهُ إلي المشفي بعدما أوصي شيرين علي أن تتابع أطفاله وتحتويهم أثناء غيابهُ



دخل إلي المشفي متجهاً إلي الغُرفة القاطنة بها ساكنة الروح مشتاقاً لرؤياها كي يطمأن أنها بخير،دق بابها بهدوء ففاقت سُهير الغافية فوق الأريكة واعتدلت وعَدلت من وضع ثيابها وحِجابها،ثم تحركت باتجاة الباب وهي تنظر علي غاليتها الغافية خشيةً إفاقتها،أدارت مقبض الباب وفتحتهُ بهدوء وما أن رأته يقف أمامها حتي سألته متعجبة: 

-ياسين،إيه اللي صحاك بدري كدة يا ابني؟! 



قالتها وافسحت لهُ الطريق وهي تُشير له بالدخول،فتحدث بعدما خطي بساقية للدخل وهو ينظر متلهفاً للنظرِ إلي تلك الغافية: 

-جيت علشان أطمن علي مليكة


وما أن إقترب عليها حتي تغلغل عبير رائحتهُ الفريدة إلي أنفها فاستشعرت بحضورهُ،باتت تتملل بنومتها وبدأت بتحريك أهدابها لتنظر لذاك الذي إقترب عليها وابتسامة حانية ظهرت فوق ثغرهِ بادلتهُ إياها بمثيلتها،مال عليها بطولهُ الفارع وقام بتقبيل جبينها ثم اعتدل وسألها بعيناي حنون: 

-عاملة إيه يا حبيبي 



بقيت أحسن لما شُفتك...نطقتها بإبتسامةِ مُشتاقةً وصوتٍ متحشرج جراء نومها،ضحكت عيناه وبرغم ما يحملهُ من ألامِ تأنُ الجبالِ من ثُقلِ حِملها إلا أن كلماتها نزلت علي قلبهِ كزهرةٍ برية داعبتها نسائم الصباح فأنعشتها وجعلتها تتمايلُ بدلالٍ




أمسك كفها وقام بوضع قُبلة ناعمة نالت استحسانها وجعلتها تبتسم ولمعة عشق سكنت عيناها جراء حنانهُ التي شعرت به من خلال شفتاه التي نطقت فوق كفها،جلس بالمقعد المقابل لها وسألها: 

-بقيتي أحسن؟ 


الحمدلله...نطقتها لطمأنتهُ في حين هتفت سُهير لإعلامه: 

-اسكت يا ياسين علي اللي حصل لها بعد ما مشيتو 


نظر لها بترقب واردف علي عُجاله: 

-خير يا ماما؟ 


جلست بالمقعد المقابل له بجوار إبنتها وأردفت بإبانة: 

-يادوب إنتوا مشيتوا من هِنا وهي تعبت قوي وفضلت تصرخ،دكتور أحمد ومراته الدكتورة مُنى جم بسرعة وكسروا لها حُقن وفضوها في المحلول وفضلوا جنبها،وفين وفين لما اتحسنت،وما نامتش غير بعد أذان الفجر يا قلب أمها




هتف معاتباً إياها بنبرة مُرتعبة: 

-وأنا فين في كل ده يا ماما؟ 

واستطرد غاضباً: 

-وإزاي أحمد ما كلمنيش في التليفون زي ما قُلت له


أمسكت كفهُ ونطقت بنبرة حنون في محاولة منها لاستدعاء هدوئهُ: 

-إهدي يا حبيبي ماحصلش حاجة،دكتور أحمد فعلاً كان هيبلغك،لكن أنا اللي طلبت منه ما يتصلش بيك لاني عارفة قد إيه إنك تعبان وجسمك محتاج للراحة 



اشاح بوجههُ ونظر إلي سُهير وتحدث مُعاتباً: 

-طب وليه حضرتك ما كلمتنيش إنتِ يا ماما،ده أنا مأكد عليكِ وقايل لك لو أي حاجة حصلت لها تتصلي بيا علي طول 




عقبت علي حديثهُ بإبانة: 

-كُنت هكلمك إزاي بس يا ابني وإنتَ ماشي من هنا بتنام علي نفسك


تنهد بأسي وإجتاح داخلهُ شعوراً بالعجز،ثم حول بصرهُ إلي تلك المُمددة فوق تختها ونظر عليها متألماً لحالها،ضغطت علي كف يده بمؤازرة وتحدثت: 

-خلاص بقي يا حبيبي،ما أنا كويسة قدامك أهو


أومأ لها بهدوء ووضع كفهُ يتحسس جبهتها بحنان وعيناي متأسفة،إنسحبت سُهير متعللة بذهابها إلي الكافيتريا لتناول كوباً من قهوة الصباح تبدأ به يومها،تحرك من مقعده وجاورها الجلوس وأخذها بداخل أحضانه بعدما إعتدلت،تنفست براحة بعدما أغمضت عيناها وكأنها وجدت ملاذها داخل أحضانهُ الحنون،أبعد وجهها من جديد وغاص بالنظر داخل عيناها ثم أردف بنبرة تقطرُ عِشقاً: 

-أنا بحبك أوي يا مليكة،علشان خاطري إتحملي لحد ما تقومي لي بالسلامة إنتِ ومِسك


واستطرد بوجع ظهر بصوته واظهر كم الألم الساكن داخلهُ من هول ما حدث معهُ مؤخراً وقلب حياتهُ رأساً علي عقب: 

-أنا خلاص،مابقتش حِمل صدمات تاني،كفاية عليا اللي أنا فيه 




بإبتسامة حانية وعيناي عاشقة أجابته: 

-طمن بالك من ناحيتي يا ياسين،أنا كويسة



مال علي شِفتها وقام بوضع قُبلة رقيقة نالت إستحسانها،ثم ضمها من جديد لأحضانه وبشدة ثم بات يتنفسُ بسكون،ضل علي وضعيهما بِضعةُ دقائق حتي شعر كلاهُما باستكانة داخل أحضان الأخر،قطعت هي الصمت عندما تحدثت بنبرة خجلة: 

-أنا مكسوفة من نفسي قوي من اللي عملته مع طارق


واستطردت باستنكار: 

-مش قادرة أتخيل إن أنا شكيت فيه في الوقت اللي كان بيحاول يحميني أنا وولادي من شر الخبيثة اللي اسمها لمار




أخذ نفساً عميقاً ثم ظفره بهدوء وتحدث بعدما نظر داخل عيناها الحزينة: 

-ممكن ما تفكريش في الموضوع ده وما تحمليش نفسك فوق طاقتها علشان ما تتعبيش


واستطرد شارحاً كي يُخفف من وطأة حُزنها: 

-وبعدين إنتِ معذورة في تفكيرك،الموضوع كله كان ملخبط وأنا وطارق كنا بنحاول نداري على الموضوع على قد ما نقدر علشان اللي إسمها لمار ما تلاحظش وتاخد احتياطاتها



هتفت بتيهة وهي تنظر إليه ذهول: 

-ولمار دي كمان،دي طلعت حكايتها حكاية،أنا مش مصدقه لحد الوقت اللي حصل يا ياسين،إزاي جت لها الجرأة تخدعنا وتعيش في وسطنا ثلاث سنين بحالهم،إزاي كانت عايشه في وسطنا وبتاكل من عيشنا وملحنا وفي نفس الوقت قادرة تطعنا كلنا في ظهرنا بالطريقه الباشعه دي


واستطردت بعدم إستيعاب:

-حقيقي أنا مصدومة من كل اللي حصل ومش قادرة استوعبه، 


واسترسلت بتألُم: 

-ولا عُمر،يا تري إيه احساسه،أكيد شعور الغدر والكسرة مسيطرين عليه،مافيش أصعب من غدر الحبيب،وعمر إطعن علي إيد أكتر حد أمن له في حياته،مراته اللي كانت بتنام في حُضنه 




أخذ نفساً عميقاً ثم زفرهُ بضيق أظهر كم اليأس الساكن داخلهُ  وتحدث شارحاً:

-عُمر أمره سهل ومقدور عليه يا مليكة،ده راجل،ومهما كانت الضربة قوية ووجعته مسيرة مع مرور الزمن هينسي ويكمل من تاني حياته


واستطرد وهو ينظر إليها بوجع ظهر بَيِنّ داخل مقلتاه: 

-تعرفي أنا إيه اللي قاهرني بجد،البنت يا مليكه،البنت بريئة واتظلمت وهتعيش طول عمرها شايلة وصمة عار أمها فوق جبينها


واستطرد بقلبٍ يتمزق: 

-إزاي هتقدر تكمل حياتها في وسط نظرات الناس اللي مابترحمش،ومنين هتجيب القدرة اللي تواجه بيها المجتمع اللي دايماً هيشوفها بنت واحدة مجرمة عاشت جاسوسة في بيت أبوها سنين علشان تدمر عيلتها، البنت موقفها صعب،صعب قوي يا مليكة 



تنهدت بألم فسحبها من جديد لداخل أحضانه وتحدث معتذراً بعدما وعي علي حاله: 

-شفتي إزاي جرجرتيني في الكلام وخلتيني أنسي تحذير الدكتورة

وأستطرد وهو يُقبل رأسها: 

-أنا أسف يا قلبي،حقك عليا 




إبتسمت وتنهدت براحة،ثم أراحت رأسها وظهرها علي صدره لتنالُ قِسطاً من الإستجمام والتي لا تشعُر به إلا بحضرتهْ وداخل ضمتهْ 


❈-❈-❈


داخل حديقة منزل رائف

يجلس مروان حول الطاولة المُستديرة وتجاورهُ تلك الليزا والتي أصبحت مسؤلة منه بحكم أنه الوحيد التي تقبلتهُ الصغيرة بعدما كانت تصيح دائماً وتنطق بإسم المربية الخاصة بها وتطلب الذهاب إليها،تفهم مروان طلبها وبدأ بمجاراتها وإلهائها بالألعاب وتقديم بعض الحلوي ومنها مُثلجات فاكهة الفراولة المُحببة لديها،والتي إستطاع علمها من بين كلماتها الغير مفهومة جراء حداثة سِنها  



أمسك الشوكة وبدأ بإطعامها تحت سعادة الصغيرة من ذاك الإهتمام التي تتلقاه علي يد ذاك الفتي وهذا الشعور التي حُرمت منه مُنذُ نشأتها،أما أنس فكان يجاورهما الجلوس يتناول طعام إفطارهُ بصمتٍ تام،حيث أن ثُريا قد قدمت إليهم الطعام بمساعدة العاملات وعادت إلي الداخل من جديد كي ترتدي ثيابها إستعداداً للذهاب هي ويُسرا إلي المشفى للإطمئنان علي مليكة وأخذ بعض الأطعمة لها ولوالدتها 


أشارت الصغيرة ونطقت ببعض الكلمات الغير واضحة،كان يُحادثُها بالإنجليزية الشائعة داخل دولة بريطانيا كي تفهم عليه،سألها مستفسراً وهو يُشير إلي تلك السلةِ المُحملةُ ببعض أنواع الفاكهة: 

-أتُريدين ثمرة موز ليزا؟ 


أومأت لهُ بسعادة لتفهُمهُ مقصدها وتحدثت:

-نعم


فابتسم لها وبسط يدهُ والتقط إحدي الثمار ثم نزع عنها القشرة وتحدث بسعادة لشعورهُ تحمل مسؤلية أحدهم مع مسؤلية شقيقاه الصغيران: 

-هيا إفتحي فمك،سأُطعمُكِ إياها بنفسي 



تهلل وجهها وقضمت قطعة وبدأت بمضغها،سألهُ أنس الذي تابع الحوار بإهتمامٍ بالغ:

-هو أنتَ عرفت منين إنها عاوزة موزة يا مارو؟




تابعت نظرة عنيها يا أنس،ده غير إنها نطقت كام حرف منه فقدرت أفهم...هكذا أجاب شقيقهُ فوافقهُ الأخر،نظر كلاهما علي صياح ذاك الغاضب الذي دخل للتو من البوابة الحديدية محمولاً علي كتف طارق بعدما رفض تناول طعام الإفطار بجانب جده عز وأتي يتناولهُ مع أشقائه وجدتهُ ثُريا كما تعود،وما أن رأي حمزة يُطعم الصغيرة حتي شعر بالغيرة تتسللُ إليه وتقتحم قلبهُ البرئ:

-إنتوا قاعدين تأكِلوا البنت دي وسايبين عزو جعان،والله لأقول لمامي ونانا 




هلل أنس بسعادة وتحدث مرحبآ بشقيقهُ الأصغر الي إشتاقهُ:

-عزوووووو


لم يعر لسعادة شقيقه وترحيبه أية إهتمام لحالة الغيظ الشديدة التي تملكت منه،بل ضل يرمق تلك الدخيلة بنظراتهِ الساخطة،رفع طارق حاجبهُ وهو ينظر باستنكار للصغير وتحدث ساخراً: 

-ما تهدي يا عم البوتجاز وتهدي شُعلتك دي علي المسكينة


ثم تحرك وإقترب من جلوسهم وتحدث إلي مروان بنبرة فخورة: 

-جدع يَلاَ يا مروان،طالع راجل لأبوك الله يرحمه




إنتعش داخل مروان وشعوراً بالفخر تملكهُ ككل مرة يستمع فيها إلي مدح أحدهم ومقارنتهِ بغاليه الراحل وتحدث باستحسان: 

-ربنا يخلي حضرتك يا عمو


نظر طارق للصغيرة وتحدث: 

-Hi ليزا


: Hi

-نطقتها بنعومة بعدما رفعت وجهها تتطلع إليه حين استمعت لحروف إسمها،مما جعل الصغير يشعر بالغيرة وبأن تلك الصغيرة حضرت كي تسحب البُساط من تحت قدماه وتستحوذ علي إهتمام الجميع،فهتف غاضباً: 

-أنا جعان وعاوز أكل


تحدث مروان وهو يُشير إلي المقعد المجاور لشقيقهُ: 

-تعالي يا حبيبي إقعد جنب أنوس


هتف مُعترضاً بحدة بالغة: 

-أنا عاوز أقعد في مكاني اللي البنت دي أخدته 


وما أن رأتهُ ليزا واستمعت لصياحهُ الحاد وفهمت أنهُ يقصدها من نظراتهِ الساخطة حتي مطت شفتاها بحزن وبدأت تنظر عليه وبدون مقدمات نزلت دموعها الحزينة،حزن مروان لأجل تلك البريئة فحملها من فوق مقعدها وثبتها داخل أحضانهُ ليحميها من سخط ذاك الحانق وتحدث إليه:

-إتفضل يا عزو باشا أقعد مكانك



مازال الصغير علي حِدتهِ فتفهم طارق أنه يغار علي مكانته لدي شقيقهُ ويخشي أن تأخذها تلك الدخيلةُ عليهم،فتحدث إليه بهدوء:

-مروان بيهتم بيها وبيأكلها لأن ليزا معندهاش مامي ولا أخ يأكلوها يا عزو


هتف الصغير معترضاً: 

-وهي علشان معندهاش مامي تخلص لنا كُل الأكل بتاعنا


إبتسم الجميع وأجلسه طارق فوق المقعد وتحدث: 

-ده أنتَ مسخرة يا أبن ياسين


خرجت ثُريا ويُسرا من الداخل وهما ترتديتان ثياب الإستعداد للخروج،تتحرك خلفهُما مُنى التي تحمل بعض الأكياس المعبأة بالطعام وتجاورها عَلية،تحدث طارق باحترام: 

-صباح الخير يا عمتي،جاهزين علشان نتحرك؟ 


صباح النور يا طارق،أه يا حبيبي جاهزين...هكذا نطقت ثُريا وتحركت إلي أطفال غاليها وتحدثت إلي عز مدللتاً إياه وهي تُقبل وجنتهْ: 

-أنتَ جيت يا قلب نانا،وحشتني


أجابها باقتضاب ومازال علي وضعه: 

-شفتي يا نانا،مروان قاعد يأكل البنت دي وسايبني وأنا جعان ومش أكلت ولا أي حاجة 


ضحك مروان وأجلس ليزا بالمقعد المجاور له وتحدث وهو يقوم بحمله فوق ساقيه لنيل إرضائه:

-هو ده بقي اللي مزعلك،تعالي يا سيدي وأنا هأكلك بنفسي


تحدثت مُنى إلي طارق بتوقير: 

-أنا هروح أحط الحاجة في شنطة العربية يا طارق بيه


وافقها ثم سأل مستفسراً: 

-هي نرمين مش جاية معانا ولا إيه يا يُسرا؟ 


أجابتهُ بإيضاح: 

-هتروح لها أخر النهار يا طارق 


واسترسلت بإبانة: 

-ما انتَ عارف نرمين ما بتصحاش غير متأخر 


أومأ بتفهُم وتحدثت ثُريا إلي عَلية بتوصية:

-خلي بالك من الأولاد لحد ما أرجع يا عَلية،تقعدي معاهم في الجنينة لحد ما أطمن علي مليكة وإن شاء الله مش هتأخر 


واستطردت وهي تنظر لتلك الصغيرة بإبتسامة حنون:

-ماتسبيش البنت لوحدها وخلي عينك عليها،ولو طلبت أي حاجة إندهي لمروان وهو بيفهم كلامها 


أومأت لها ثم تحدثت:

-حاضر يا هانم،السلام أمانة للست مليكة لحد ما ازورها بالليل 


أجابتها بهدوء: 

-هيوصل إن شاءلله يا عَلية 


أردف مروان قائلاً باستفسار: 

-هو احنا مش هنيجي مع حضرتك علشان نتطمن علي ماما؟ 


أردفت يُسرا قائلة: 

-مش هينفع نزحم المستشفي كل شوية كدة يا حبيبي،كفاية الزحمة والفوضي اللي كانت في المستشفي إمبارح بسببنا


واستطردت بإيضاح: 

-خليك لبكرة وأنا هاخدكم مع سارة،هي كمان عاوزة تروح تطمن علي مليكة 


وافقها الفتي،وأردفت ثُريا بتذكير لإياه: 

-إنتَ مش كُنت بتقول إنك هتفطر وتروح تطمن علي حمزة وسيلا وتقعد معاهم شوية؟ 


أومأ لها بموافقة،وتحرك الثلاث واستقلوا السيارة متجهين في طريقهم إلي المشفي


❈-❈-❈


وصلت ثُريا وطارق ويُسرا إلي المَشفي ودخلوا إلي الغرفة ليجدوها مكتظة بكُلٍ من،ياسين وسُهير وسالم وشريف وعلياء اللذان حضرا بعدما أبلغتهم سُهير عبر الهاتف وهي داخل الكافيتريا،وأيضاً منال التي حضرت لتطمئن علي زوجة إبنها وحفيدتها المُنتظرة


تحدثت ثُريا وهي تقترب من مليكة بعدما ألقت التحية علي الجميع: 

-عاملة إيه النهاردة يا مليكة،يارب تكوني بقيتي أحسن؟ 


الحمد لله يا ماما أنا بخير...هكذا نطقت وتحدثت  منال بإنسحاب: 

-أستأذن أنا علشان أروح قبل ما سيلا وحمزة يصحوا 


تحدثت مليكة بعيناي شاكرة: 

-متشكرة لحضرتك يا طنط،برغم الظروف اللي حضرتك والبيت فيها  إلا إنك جيتي تطمني عليا    


أجابتها بإنكسار لسيطرة حزنها علي رحيل ليالي وما تعرض لهُ صغيرها من خيبات وطعنات جعلتهُ يفقد الثقة والقدرة علي التفكير الصحيح: 

-ما تشكرينيش يا مليكة،إنتِ مرات إبني وده واجب عليا


واستطردت بانسحاب: 

-بعد إذنكم


تحدث ياسين إلي طارق: 

-من فضلك يا طارق توصل ماما لحد البيت


تحدثت معترضة بهدوء: 

-ملوش لزوم يا ياسين،السواق مستنيني قدام المستشفي


إنسحب طارق معها إلي الأسفل ورافقها إلي أن إستقلت السيارة وتحركت عائدة إلي المنزل،وعاد هو الآخر من جديد إلى الأعلي  


نظرت مليكة عليه وتحدثت بنبرة خجلة: 

-أنا مدينة ليك بإعتذار قدام الكُل يا طارق


وأستطردت بإيضاح: 

-أنا ظلمتك في موضوع لمار وشكيت فيك،أنا حقيقي مكسوفة منك قوي واتمني إنك تسامحني


نظر الجميع إلي الأسفل ثم وضع شريف ذراعهُ فوق كتف صديقهُ الذي يجاورهُ الوقوف وهتف مؤكداً بنبرة حماسية: 

-أنا مش قُلت لك وقتها إن الموضوع أكيد فيه لبَسّ،وإن مش دي أبداً أخلاق طارق المغربي اللي أنا أعرفه


أكدت ثُريا على حديثهُ قائلة بإنصاف: 

-والله يا أبني أنا كمان قُلت لها نفس الكلام،بس هنقول إيه،شيطان ودخل وقدر يزرع الشك بينا


إتسعت عيناي طارق وتحدث إلي مليكة بذهول مفتعل: 

-يا نهار أبيض يا مليكة،ده أنتِ سيحتي لي عند العيلة كلها


واستطرد بفكاهة كي يزيل عنها ثُقل الذنب التي تشعر به من ناحيته ويظهر داخل عيناها بشدة: 

-وأنا أقول الفترة اللي فاتت الكل بيبص لك بإحتقار كدة ليه يا واد يا طارق،أتاريكي خليتي فضيحتي تلف إسكندرية كلها يا هانم


إبتسم الجميع علي إستحياء نظراً للظروف التي تمر بها العائلة من حالة حِداد وتحدثت هي بأسي وعيناي أسفة: 

-سامحني يا طارق


إحنا مفيش بينا الكلام ده يا مليكة،موقف وعدي وراح لحاله،وإنتِ كُنتي معزورة في تفكيرك...هكذا عقب علي أسفها مما جعلها تخجل أكثر من كرم أخلاقهُ ورُقيها


نظر ياسين إلي شقيقهُ وشكرهُ بعيناه علي كرم أخلاقه وحديثهُ الذي نزل علي قلب زوجتهُ فزال ثُقل همها إلي حدٍ ما،ثم نظر إلي حبيبتهُ وربت علي كف يدها بمؤازرة،مما أراح قلبها وجعلها تشعُر بالسكون والطمأنينة داخلها 


تحدثت علياء إلي طارق بفكاهة: 

-إنتَ ظلمت مليكة علي فكرة يا طارق،لأن أنا أول مرة أعرف الموضوع ده النهاردة 


أجابها ساخراً:

-واديكي عرفتي يا حضرة المحامية،وبردوا من مليكة هانم


إبتسمت له وبدأ الجميع  يتبادلون الأحاديث بهدوء وتفهُم 


❈-❈-❈ 


عصراً

داخل غرفة عُمر،دخلت إليه منال بعدما أخبرتها العاملة أنهُ رفض تناول الغداء أيضاً،وجدته يقف أمام تخته ويقوم بغلق زرائر قميصهُ ويبدو من هيأته الإستعداد للخروج،تحركت إليه وتحدثت بنبرة حنون وهي تضع يدها علي ظهره: 

-إنتَ رايح فين يا حبيبي؟ 


أجابها باقتضاب وملامح وجه حادة: 

-رايح الجهاز مع ياسين


هتفت مستفسرة بارتياب: 

-رايح تعمل إيه يا عُمر،إوعي تقول لي إنك رايح علشان تشوف الحقيرة اللي كنت متجوزها؟


هتف بصياحٍ حاد: 

-أيوة يا ماما رايح لها


تبقي أتجننت رسمي يا عمر...نطقتها بصياحٍ حاد


بنبرة إنهزامية عقب قائلاً: 

-وهو أنتِ فاكرة إن لسة فيا عقل بعد كُل اللي أنا عرفته؟ 


قالها والتقط حلة بدلته وتحرك باتجاة الباب،هرولت خلفه وتحدثت بصياح:

-إستني يا ابني متوجعش قلبي معاك،كفاية اللي أنا فيه،يا عُمر


تركها ونزل يهرول علي الدرج،وجد والده يخرج من المكتب جراء إستماعه لصياح تلك المنال التي وما أن رأته حتى صاحت مستنجدةً بإياه:

-تعال يا عز شوف إبنك عايز يعمل إيه،إبنك رايح يقابل الحقيرة اللي خربت بيتنا وكانت السبب في قتل مرات أخوه



بقلبٍ متألم نظر علي صغيرهُ مُمزق الكيان ثم تحدث إليها بهدوء:

-سيبيه يا منال،أخوه معاه 


هتفت بنبرة مُعاتبة: 

-يعني انتَ عارف وموافق على اللي هيعمله ده يا عز؟


أجابها بنبرة حاسمة:

-قُلت لك سيبيه يا منال


نظره له عمر وتحدث بهدوء: 

-متشكر يا بابا 


قالها وتحرك الى الخارج علي عُجالة واستقل سيارتهُ متجهاً إلي جهاز المخابرات بعدما أبلغهُ ياسين أنه بانتظاره وانهُ أخرج لهُ تصريح بزيارة استثنائية من رئيس الجهاز شخصياً،وافق عليها مضطراً نظراً للظروف التي تمر بها عائلة المغربي


عودة إلي منال التي تحدثت بنبرة لائمة،خشيةً إصابة صغيرها بالإكتئاب جراء مواجهتهُ مع تلك الخائنة: 

-مكنش لازم تسمح له يشوفها،الولد مصدوم ومش حمل الخطوة دي


أجابها بنبرة جادة: 

-المواجهة هي الحاجة الوحيدة اللي هتقدر تخرجه من الكابوس اللي هو عايش فيه


تنهدت فتحدث بنبرة جادة:

-إطلعي شوفي ولاد ياسين وحاولي تخليهم ينزلوا يقعدوا شوية معايا في الجنينة،وياريت تخلي بالك منهم اليومين دول


واستطرد بإبانة: 

-ياسين الله يكون فى عونه،بيجري وبيتحرك في كذا إتجاه ومش هيقدر يقعد معاهم طول الوقت،والولاد محتاجين يحسوا بإننا معاهم وحاسين بوجعهم


أومأت بموافقة وصعدت تفعل ما أملاهُ عليها

تابع قراءة الفصل