رواية جديدة البحث عن هوية لهالة محمد الجمسي - الفصل 6
رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة
هالة محمد الجمسي
رواية البحث عن هوية
رواية جديدة
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل السادس
وماذا بعد؟!
وضع رامي يده في جيبه البذلة يبحث عن رنين الهاتف الذي يستمع له ولكنه لم يعثر على شيء، صوت رنين الهاتف والنغمة التي يحفظها رامي عن ظهر قلب تعطي أنذار أن هاتفه بالقرب منه، ربما وقع منه هذا هو ما حدث به رامي ذاته، أدار رأسه إلى الخلف حيث مصدر الصوت
كان الهاتف يرقد في يد حاتم وهو لا ينقطع عن الرنين هتف رامي وهو ينهض من مكانه:
_من صاحب هذا الأتصال الذي لا ينفك عن التوقف؟
التقط حاتم شهيق وزفير قبل أن يتابع:
_والدتك، ليس هناك من يصر على محادثتك وقت تجاهلك له سوى هي
قال رامي في صوت به نبرة استجداء:
_لست عاق يا صديقي، لقد نسيت الهاتف هذا هو كل شيء
قال حاتم في لهجة تعجب:
_ يلازمك الهاتف مثل ظلك في كل وقت هي المرة الأولى لك أن تنسى مرافقته لك، وأتمنى أن تكون الأخيرة
شعر رامي بالقلق يسيطر عليه وهو يمسك الهاتف في عجالة في حين قال حاتم وهو يشاهد وجه رامي الذي ظهر به الاضطراب وأصبح واضح جداً:
_لعله خير، تمالك أنفاسك أولاً
ثم أدار بصره إلى حيث تجلس غادة تنظر في الأوراق أمامها، تبادلا نظرة واضحة نظرة حاتم تحمل نظرة أتهام، نظرة لا تبشر بخير
هل يشعر أن الفتاة محتالة؟ هكذا فكرت غادة، أو يشعر أنها سارقة؟ ربما هذا هو ما يفكر به، بعض من الغيرة في نظرته لا ريب أن الطبيب غيور على صديقه هناك أخرى تزاحم مساحته في عقله وتفكيره، فتاة من الشارع أجل
هكذا تصف غادة ذاتها، وليس هناك مجال إلى الشك أن تلك نظرة حاتم لها،
الفتاة شعرت بالأرتباك والإحراج وانكمشت في المقعد أكثر وأكثر نظرة حاتم الآن زادت قتامة وشيء من العدائية يبث منها، تكاد تلمس هذا الأمر في نظرته، كأنه يحدث ذاته أن رامي المغفل المغرر به وقع في شرك فتاة لا تفقه شيء عن حياتها وطبيب شاب يهتم
سليل أسرة عريقة
كيف يمكن أن ينظر أي شخص إلى هذا الأمر؟ أنها تعلم جيداً
كيف هي نظرات الآخرين إلى الأمر
ترجمها لها حاتم في تلك النظرة
بلعت ريقها في صعوبة ثم تظاهرت بالنظر في الأوراق، شعرت أنها نعامة تدس رأسها في الرمال أنها غبية أيضاً الجميع يراقبون النعامة، الجميع يعلمون أن النعامة ظاهرة إلى العيان، ولكنها لم تعد تجرؤ على النظر إلى الآخرين هؤلاء الذين يتمثلون في صورة الطبيب الشاب حاتم، رفعت ورقة ثانية إلى أعلى غطت جزء من وجهها كانت حركة دفاعية سوف يبدو أمام الجميع أنها تبحث عن أمر ما، حتى إذا كان هذا الفعل مزيف ولكنه يعطي إلى جوارحها شيء من الهدوء، مما دفع حاتم أن يتجه إلى جوار رامي،
وتساءلت هي في صمت هل انطلت عليه الخدعة؟ أو هو فهم جيداً مخاوف الفتاة؟
كان رامي قد أنهى الاتصال بالفعل ثم نظر إلى حاتم في أمتنان يشوبه أعتذار قائلاً :
_لا ريب أن المجيء إلى هنا قد أرهقك، أعلم أن ساعات نومك في الصباح إذا تم اقتطاعها لا تهنأ بها ولا يعود لك النوم مرة ثانية
هز حاتم كتفيه وتابع:
_والدتك حين أتعبها الأتصال على هاتفك ولم تتلق منك إجابة، قامت بالاتصال على هاتفي، مما دفعني إلى فتح باب شقتك توقعت أن أجدك نائماً ولكن لم أعثر لك على أثر، توقعت وجودك هنا، لأني أعلم جيداً أن هذا الوقت ليس وقت المستشفى
ثم قال وهو يربت على كتف رفيقه:
_كنت أريد أنا أيضاً الأطمئنان
قال رامي وهو يهمس في أذن حاتم في لهجة تحمل المرح وغير التصديق:
_هل أثرت مخاوفك؟ شعور الأبوه تحرك داخلي في أتجاهي!
نظر حاتم له في لهجة تحذير وغضب وقال:
_هل سوف تمضي النهار هنا؟
ألقى رامي نظرة إلى غادة ثم قال:
_نتابع تمارين استعادة الذاكرة في الغد
رفع حاتم حاجبه في ضيق، شعرت غادة بتوتر الأجواء في المكان وجه حاتم الغاضب يجعل سحابة من القلق والتردد تحيط بها، فكرة أن تلمس الكراهية من شخص ما أمر مؤلم، فكرت أن تصرح إلى حاتم لا داعي لتلك الدروس بعد اليوم، هي لا تتقدم خطوة واحدة ولكنها شعرت أنها سوف تبدو ناكرة إلى الجميل وسوف تظهر رامي الطبيب المتطوع أنه أبلة لهذا آثرت الصمت في حين قال رامي وهو ينظر إلى حاتم:
_فكرة المفاتيح المشتركة مع كل منا تعطي نتائج إيجابية
هز حاتم رأسه علامة الموافقة، في حين تابع رامي:
_العائلة تطالب بوجودي في حفل زفاف شقيقتي، ولا مفر أو مهرب من المناسبات السعيدة لا بد أن يزينها حضور الغائبين
قال حاتم وهو يبتسم مؤكداً على نظرية صديقه:
_يكتمل بك الفرح هناك
ألقى رامي نظرة إلى غادة ثم قال:
_الى اللقاء إذن في الموعد المتفق عليه
هزت غادة رأسها علامة الموافقة، في حين ألقى رامي تحية وداع قائلاً:
_سوف انتظر الغد
اتجه رامي إلى حيث سيارة حاتم ثم استقلها وقال وهو ينظر إلى حاتم:
_هل تقود أنت؟ أو سوف تترك لي القيادة؟
قال حاتم في لهجة حاسمة:
_سوف أقود أنا، وأنت يا صديقي العزيز لا تتحدث عن التمارين النفسية
أعترض رامي وهو يشيح بيده:
_كيف عرفت أن التمارين النفسية هي ما أريد الحديث لك عنه؟ أنت بارع يا صديقي
قال حاتم وهو ينقر بأصبعه على مقود السيارة:
_رامي لا تبدأ لا تفعل هذا، أعلم جيداً ماذا يدور في عقلك
هز رامي كتفيه وهو يقلد طريقة حاتم وأسلوبه و أعقب:
_أذن دع تولى قيادة السيارة لي
أنطلق حاتم بالسيارة وهو يقول في حسم:
_مستحيل، لا يمكنك قيادة السيارة هذا أمر مباشر لك
قال رامي وهو يسند رأسه على الزجاج:
_إذن أنت تريد أن تنصت لي، هذا أمر جيد
هتف حاتم وهو ينظر إلى الطريق في إهتمام:
_هناك الكثير من الحالات المرضية التي تستدعى أهتمامي في المستشفى والمركز الخيري أيضاً
تجاهل رامي كلمات حاتم ثم تابع:
_الفتاة لا تملك في تلك الأزمة سند، أنها ترتكز بكل خوفها على أشجان، تختبيء خلفها، أنا أعرف جيداً أنك تريد
هتف حاتم في استنكار:
_أريد!؟ رامي لا تتحدث عن أشياء لا تمر في عقلي
أكد رامي في لهجة لا تقبل المناقشة:
غادة مثل ألف حالة إنسانية أنت قد تبنيت الوقوف إلى جانبها، الفتاة تمر بحالة من اليأس، ربما يتطور الأمر ربما يدفعها هذا إلى الأنت#حار
إشارة المرور أجبرت حاتم على التوقف ألقى نظرة إلى صديقه ثم تابع:
_رامي أنت تدرك جيداً أن الطب النفسي لا أختص به،
رفع رامي يده إلى أعلى وتابع:
_أنا أيضاً لا أختص به، أنا طبيب جراحة عظام، ولكن الحالة الإنسانية جعلتني أمارسه
أشار رامي إلى الضوء الأخضر وقال:
_أكمل القيادة، يمكنك السير الآن
انطلقت السيارة تتابع سيرها في حين أعقب رامي:
_خفل زفاف شقيقتي الوحيدة، لقد أصرت والدتي أن أكون أنا وكيل شقيقتي في الزواج، وأصرت أن أتأبط ذراعها يوم العرس وأقوم على تسليمها إلى زوجها، رغم أن شقيقتي تكبرني بعامين ولكن الأم إذا أصدرت الأمر لا يمكن لأحد مخالفته أنت تدرك جيداً أن تلك الأمور في العائلة فرمانات واجبة النفاذ
ارتفعت ضحكة رامي، ثم تابع:
_سوف أغيب عنك يا صديقي لمدة سبع أيام، سوف أترك لك الهدوء والملل، أعلم جيداً أن الحياة دون رامي قطع من الموت والليل المظلم، لهذا سوف أوصى ببعض الأمور
قال حاتم في اعتراض:
_توصى!؟ وصية وأنت على قيد الحياة! لا تبدأ اللعبة
تابع رامي وهو يتجاهل نبرات التحذير في صوت حاتم:
_أريدك أن تكمل تمارين الذاكرة مع الفتاة
شرد حاتم لحظات، ظهرت علامات التفكير العميق على وجهه ثم قال:
_سوف أقوم على ارسال الفتاة إلى مازن مرعي الطبيب النفسي، وسوف أتابع تطورات الأمور معه
هز رامي رأسه علامة الرفض وقال:
_لا هذا لن يفيد الفتاة ، أنها في حاجة إلى شخص تثق به، أنها تشعر بالخوف والشتات، لن يفيد شخص مجهول في الأمر، سوف يزيد الأموؤ تعقيداً
أعقب حاتم في سرعة:
_أنا أيضاً لست في قائمة عائلتها أنا طبيب مجهول في نظر الفتاة
هز رامي رأسه علامة النفي وقال:
_أنا وأنت وأشجان جزء من اليوم الذي تعيشه، يد الأمان التي تشعر بها ترافقها، ما دون ذلك مخيف، حاتم أستمع لي الفتاة بالفعل شبح الخوف يتملك كيانها، خوف لا أعرف مصدره، ولكن أنا على يقين أن الفتاة في مرحلة لا تبشر بخير، أما أن نمد لها يد العون فتجتاز هذا الأمر، أو نتجاهل هذا الأمر تماماً وسوف تكون النتائج كارثية، غادة لا تختلف عن أي مريض آخر يحتاج إلى التدخل الجراحي، هي هنا تحتاج تدخل إنساني وأنا أعلم أنك لن تترك شخص يطلب مساعدتك وعونك أنا أعلم جيداً أن حاتم سوف يكمل مع الفتاة ما يمليه صوت الضمير
تمتم حاتم وهو ينظر له في نفاذ صبر:
_مراوغ مقامر وتجيد أضابة الهدف وإحراز النتائج
ارتفعت ضحكة رامي ثم قال وهو ينظر إلى صديقه في ظفر:
_كتاب مفتوح أنا لديك، هذا شيء يجعلني سعيد، أن قراءاتك لي صائبة دائماً
أطلق رامي صفير ذو نغمة عالية وقال:
_سوف أنتظرك مساء الأحد، أنت أول المدعوين في حفل الزفاف
نظر له حاتم في استنكار وتابع:
_سوف أقوم على إرسال باقة من زهور، أنت تعرف أن مواعيد العمل
هتف رامي في لهجة تحمل الجدية:
_لا، غير مسموح بتلك الأمور، غير متعارف بها في عالمي، في واقع الأمر يا صديقي سوف تكون أنت شاهد الزواج الأول
قال حاتم في لهجة تحذيرية:
_غير معقول
تابع رامي في حسم:
_لقد طلبت مني والدتي هذا الأمر، أنت الشاهد الأول في حفل زفاف شقيقتي، سوف يكون عقد القرآن في الساعة الثانية عشرة ظهراً
❈-❈-❈
راقبت غادة السحابة البيضاء في السماء، كانت تموج في صور عديدة، طائر يفرد جناحية تارة، أو كرة بيضاء تهتز في قوة، أو وجه رجل ينظر لها في غضب، وضعت أشجان يد على كتف غادة مما جعل الأخيرة تنتفض في عنف و تهب من جلستها واقفة في عنف مما دفع أشجان أن تمسك كتفيها في حسم قائلة:
_أنت بخير؟ أليس كذلك؟
تمتمت غادة في اضطراب:
_أجل أجل، فقط تفاجئت
نظرت أشجان في شك إلى الشارع ثم قالت:
_هل شاهدت في الجوار شيء مزعج؟ هل هناك ما أثار خوفك هنا؟
هزت غادة رأسها علامة النفي وتابعت:
_لا لا فقد كنت أنظر إلى السماء، والسحب بدت لي مخيفة
أمعنت أشجان النظر إلى الفتاة، ثم قالت وهي تنظر إلى السماء:
_السماء صافية، ليس هناك غيوم بها
قالت غادة في صوت خجول:
_أنها بعض الخيالات الوهمية هذا هو كل شيء
هزت أشجان رأسها علامة التفهم ثم أستدركت قائلة:
_جيد ومبشر جداً أن بدأ العقل يحرك الخيال
أعترضت غادة في صوت خافت:
_ولكن
أوقفت أشجان سيل الكلمات التي كادت غادة تبوح به قائلة في كلمات واثقة لا يقبل المناقشة:
_غادة، يجب أن تتركي خيالك أيضاً يبوح بما لديه، حتى إذا تم تشكيل الخيال هذا في صور حيواناتك تطاردك، دعيه يخرج، يتشتت أو يتجمع لا فرق، دعي كل افكارك التي تختبيء هناك تخرج إلى السطح، البعض منها سوف يكون وهمياً ربما الكثير منه وهمياً لا بأس بهذا سوف يخرج إلى السطح ثم يتلاشي لأنه مجرد وهم، إلى أن تخرج الأسباب الحقيقة إلى النور
يومئذ سوف تتجلى الحقائق التي يرفض عقلك أن يبسطها لك أمامك، ليس عليك أن تتحدثي في كل وقت أنها خيالات، هذا ليس ذنب أمسكتك بجرمه، دعيه يخرج إلى النور حتى يحرقه النور، وتحدثي عنه
حتى إذا كان الأمر مستحيل ولا يصدقه العقل، أن أخطر ما نواجه في الحياة ليست تلك الأشياء التي تمت مواجهتها، ولكنها تلك الأشياء التي لم تتم مواجهتها وتم الهرب منها، هل فهمت ما الذي أقصده بكلماتي؟
همست غادة في خفوت:
_وجه السحابة كان يحمل صورة رجل غاضب، رجل ثائر
يكاد ينفث نار من فمه، شعرت في تلك اللحظة أن النار سوف تلتهم وجهي وجسدي
شعرت اشجان بالتعاطف مع الفتاة مما جعلها تقول في أسى:
_لا بأس، الرجل ليس سوى ظل من مخاوف أنت تعانين منها
تمتمت غادة في صوت به رجفة فزع:
_ولكن وجه الرجل
تساءلت أشجان في سرعة:
_ما به وجه الرجل؟ هل الملامح مألوفة لديك؟
هتفت غادة في حيرة:
_كان وجه رجل عجوز هذا هو كل شيء
بلعت غادة ريقها في عصبية، ثم اتخذت بضع خطوات بعيد عن اشجان ثم عادت تنظر إلى السحاب وكأنها تريد رؤية وجه الرجل من جديد
مما دفع أشجان أن ن
تجلس إلى جوارها قائلة:
_غادة عليك الراحة الآن، ربما أخذ قسط من النوم يفيد هذا الكيان المجهد
لم تعترض غادة نهضت في هدوء إلى غرفتها، أغلقت الأنوار وأحكمت أغلاق النوافذ، وضعت رأسها على الوسادة، كانت تشعر بالاجهاد الشديد، تكاد تئن من كثرة الألم الذي تتحسسة كل عظمة في جسدها، التفكير المؤلم أيضاً يضاف إلى قائمة الأمراض الأشد خطورة، كثرة الأسئلة التي لا تحمل إجابة مثل الطعنات التي تنهل من الدماء والهروب منه إلى النوم دواءفي تلك الحالات، غرقت في النوم، وهي تشعر أنها أفرغت عبء ثقيل من أكتافها،
وفي أحلامها شاهدت أشجان وهي تتحدث لها ورامي أيضاً كانت كلمات بلا معنى تلا تلك الكلمات صمت كبير ثم ظهرت السحابة البيضاء ووجه الرجل العجوز كان يتضخم ويتضخم ثم تلاشى الرأس تماماً، وظهر هيئة جسد بلا رأس يسير على عكاز
مما دفع غادة إلى الهروب وهي تصرخ طالبة النجدة، تعثرت في الأرض وشعرت بجسدها يهوى في الرمال بل يغوص بها
ثم امتدت يد تحاول أن تنتشلها من هذا كله كانت اليد تجذبها في قوة وثبات إلى أن استطاعت الوقوف على قدميها وأختفت اليد وصاحبها دون أن تتعرف على شخصية المنقذ
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي من رواية البحث عن هوية لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية