-->

رواية جديدة وبها متيم أنا لأمل نصر - الفصل 25 - 1

    قراءة رواية وبها متيم أنا كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية وبها متيم أنا

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر



الفصل الخامس العشرون

الجزء الأول


تقلبت يمينًا ويسارًا عدة مرات بمقاومة غريزية لعدم الاستيقاظ، وهذا الصوت المزعج لا يتوقف، دوي مكتوم من هاتفها الذي لا تعي أين وضعته بعد أن غلبها النوم اثناء محادثة الأمس.

توقف فجأة الصوت لتتنفس براحة باعتقاد ساذج ان ألضجيج قد انتهى، قبل أن يعود مرة أخرى لتنتفض مجبرة على الأعتدال تبحث أسفل الوسادة وبجوارها على الفراش، تريد العثور عليه حتى تغلقه نهائيًا.

اَخيرًا عثرت عليه، وقد كان على حافة الفراش وعلى وشك أن يقع.

تناولته سريعًا وقبل أن تهم بغلقه، تفاجأت بالأسم المدون، " سون سون💗 My Love" يتصل بك.

- يا مصيبتي.

دمدمت بها مرفرفة بأهدابها بعدم استيعاب قبل أن يعود إليها وعيها جيدًا وتتذكر وضعها الجديد، وخطيبها المزعج الذي لم يرحمها منذ الأمس باتصالاته، وقد دون بنفسه هذا اللقب المخجل لها على الهاتف الذي تناوله منها في جلسته معها، بجرأة لم تعتاد عليها من أحد قبل ذلك.

همت لتنفيذ ما نوت عليه بإغلاق الهاتف ولكن قلبها لم يطاوعها، وفتحت تجيبه رغم تعب الرأس الذي يفتك بها:

- الووو... صباح الخير. 

- صباح الورد والفل والياسمين، اخيرًا القمر حن ورد عليا، وحشتيني.

قال الأخيرة بحرارة جعلتها تبتلع ريقها بتفكير مضني للبحث عن كلمات تناسب رقته، فجاء ردها بتعلثم:

- ااا وانت كمان... وانت كمان وحشتني يا...حسن.

- أحلى حسن دي ولا ايه؟ حبيبي يا مقاول حياتي انت.

ابعدت الهاتف عن أذنها مغمغمة بصوت خفيض يشوبه الإستغراب:

- دا شارب ع الصبح دا ولا ايه؟

- شهد!

- أيوة يا حسن انا معاك هو .

قالتها وقد عادت بالهاتف ملبية النداء، لتتابع بحرج:

- بس يعني..... هي الساعة كام معاك دلوقت؟

- الساعة سبعة، بتسألي ليه؟

قالها ببساطة وكأنه يخبرها بأخبار الطقس، أغمضت عينيها لتتمالك حتى لا تخطيء في الرد، فخرج صوتها اَخيرًا برجاء:

- يا حسن انا بسأل عشان مستغربة، إمتى لحقت تنام؟ عشان تصحي بدري كدة؟ دا احنا فضلنا ع الشات لقريب الفجر.

جاء رده بمكر مشاكسًا:

- اَه لما نمتي مني....

ضغطت على شفتها بحرج، ولم تستطع الرد عليه ليزيد عليها بضحكه مستطردًا"

- يا قاسية يا ام قلب جامد، دا انا فضلت اهاتي وابعت في الرسايل انده عليكي لما تعبت وفي الاَخر استسلمت وودعتك مجبر، بس بصراحة بقى، أنا معرفتش انام غير يدوب ساعتين خطف، وصحيت بسرعة عشان اكلمك واتصبح بصوتك، ها بقى عاملة إيه؟

- هاا

قالتها لينطلق بموجة من الضحك مرة أخرى، فتغضنت ملامحها بحنق حقيقي هذه المرة حتى كادت أن تبكي في ردها عليه:

- إنت بتضحك عليا يا حسن عشان مش مركزة، وانت فايق ومروق، ربنا يسامحك.

بمهادنة سريعة منه، رد بصوت جمع بين اللطف والحنان:

- لا لا لا من غير زعل يا قلبي، انا بس بناكفك عشان تفوقي وتصحيلي، الساعة سابعة وانا قايلك من امبارح هعدي عليكي بالعربية عشان نتفسح.

- طب والشغل يا حسن؟

قالتها متحججة لتتنصل قليلًا من حصاره وهذه الشبكة من المشاعر التي يحاوطها بها، في وضع جديد لم تعتاد عليه قبل ذلك، فحياتها الجافة وداومة العمل والمسؤولية جعلتها وكأنها اسلوب حياة في الوحدة والتكيف معها، ولكنه كان لها بالمرصاد:

- مجاتش على يوم يا شهد، ثم اعملي حسابك يا قمر، احنا من هنا ورايح هنبقى مع بعض على طول، حتى الشغل هحاول انظمه معاكي، عشان نخلق وقتنا الخاص بينا، على ما نجتمع في بيتنا لوحدنا يا قلب سون سون. 

- يا لهوي تاني سون سون.

تمتمت بها بعدم انتباه لتصل إليه، فقال حازمًا يجفلها:

- أيوة يا شهد، هتدلعيني بسون سون أو سونة، وانا هقولك يا شوشو، دي مفيهاش جدال ما بينا، عشان يبقى في علمك يعني، تمام يا شوشو.

- تمام يا سون سون

قالتها بابتسامة جميلة ارتسمت على ثغرها، وقد نجح في استدراجها لتجاريه فيما يريد .


❈❈-❈


ليلة طويلة من السهد والتفكير المقلق قضتها، رغم ادعائها السعادة والتصنع معه بذلك، لتضيف على إرهاق ذهنها بمعلومات الأمس التي زادت عليها بأضعاف، حتى أنها لم تحتمل مرافقته الغرفة إلى الصباح، وتركته فور شعورها باستغراقه في نوم عميق، لتأتي إلى غرفتها الخاصة بالتصوير والبث المباشر لمتابعينها، وجلست بشرفتها حتى غفت على كرسيها، ولم تستيقظ سوى على لمساته في الصباح الباكر، ليكون وجهه اول ما تقع عليه عينيها في بداية يومها؛

- صباح الخير.

قالها بصوت متحشرج بأثر النوم، شعر رأسه المبعثر بعدم اهتمام، عاري الجذع بهيئة طبيعية كباقي البشر، قبل ان يرتدي حلته، ويرتدي معها ثوب القوة والسلطة المتمسك بها منذ نشأته العسكرية مع والده، بوسامة غير متكلفة، هذا الوجه الذي كانت تعشقه قديمًا، قبل أن تكبر وتعي بالعيوب القوية بشخصيته، والغير قابلة على الإطلاق لتغيرها.

- صباح النور

تمتمت بها بعد فترة من تأملها الصامت له، مع استرخائها للمسات اصابعه الحانية على بشرتها، فعاد بمخاطبتها:

- صحيت وملقتكيش جمبي، قومتي ليه وسيبتني؟

اعتدلت هذه المرة لتجيبه بارتباك:

- ممعلش، بس انا بصراحة مكنش جايلي نوم، خوفت لازعجك، واقلق نومك إنت كمان معايا 

بحنان نادرًا ما يصدر منه، تفاجأت به يقترب يقبلها على وجنتها، يجفلها بقوله:

- وماله يا قلبي كنت صحيت معاكي عادي يعني. 

قالها ثم توقف برهة ليخيب ظنها البريء بقوله:

- ساعتها كنا هنستغل الوقت بقى في أي حاجة، شغل، رياضة، نكمل ليلتنا الحلوة، المهم اننا نتعب وننام بعدها، بدل ما تقعدي لوحدك. 

اخفت بصعوبة عدم رضاءها، لتومي برأسها تدعي الاقتناع مغتصبة ابتسامة كرد له، فنهض فجأة مررًا كفه الكببرة على شعر رأسها قائلًا بمداعبة:

- يا للا فوقي بقى واصحي، يا تفردي ضهرك ع السرير، بدل نومة الكرسي المتعبة دي.

بفعل كانت غير مخططة له على الإطلاق، اعتدلت تمسك بكفه توقفه، قبل أن يبتعد لتسأله:

- كارم هو انت بتحبني؟

القى نظرة على كفها المطبق على يده، ليطالعها بابتسامة متسلية ورد غير مفهوم:

- أنت شايفة إيه؟

ودت أن تخرج ما في صدرها وتصارحه بكل مخاوفها وهواجسها، بالإضافة لجرح قلبها من خياناته المستمرة لها، ولكن غموض نظراته وتلاعبه المقصود حتى في الرد عن هذا السؤال الهام لها، جعلها تتراجع بتصميم أكبر على المضي قدمًا في النهج الجديد معه، وهو التعويض عما كسر بداخلها أو خسرته، بالحصول على أكبر قدر من المكاسب منه، فقالت بابتسامة متلاعبة:

- مش بالشوف يا كارم، بالأثبات يا قلبي، اثبتلي انك بتحبني.

اطلق ضحكة مجلجلة ليقرصها في خدها قائلًا :

- حبيبتي الطماعة، كل حاجة عندها بتمن..... لكن انا برضو سداد.

ختم بتقبيل الجزء الذي قرصه، قبل أن يتركها ذاهبًا، ولكنها استدركت تهتف لتوقفه مرة أخرى قبل أن يمسك بمقبض الباب:

- طب انا عندي ليك طلب يا كارم.

طرد من صدره زفير كثيف قبل أن يلتف نحوها يقول بسأم:

- عايزة ايه تأني يا رباب؟

- عايزة اغير السواق والحارس. 

سألها باهتمام مستغرب الطلب:

- ليه يعني؟

كان من الممكن أن تخبره بالسبب الحقيقي وهو التشكيك في الأثنان، ولكن بعند منها، فضلت عدم الافصاح، قائلة بكذب:

- هو كدة انا عايزة اغيرهم، مش انت بتحبني وبتنفذ كل رغباتي، انا بقى بقولك اهو اني مش طايقة الاتنين.

رمقها لمدة من الوقت صامتًا بتفكير، ثم ما لبث أن يأخذ القرار وهو يتحرك ذاهبًا:

- حاضر يا رباب، اصبري بس على ما الاقي اللي يحل مكانهم.

- يعني اصبر لأمتى بالظبط؟

هتفت بها خلفه، ولكن لم يستجيب وتابع طريقه نحو الوجهة التي يقصدها، لتسقط هي على الكرسي من خلفها، ودائرة من الحيرة تبتلعها


❈❈-❈


خرج من غرفته يتخايل بخطوات متأنية مقصودة في طريقه ليتناول وجبة افطاره على المائدة التي ارتصت بالإطعمة الخفيفة بعدة انواع، وكان في انتظاره والدته وشقيقه الذي كان يرمقه بامتعاض معلقًا:

- اهو خرج اهو المحروس، بقالنا ساعة ننده ومنتظرين طلتك البهية يا سي الحبيب.

ناظره حسن من طرف أجفانه ليدنو من والدته طابعًا قبلة على خدها قائلًا بتجاهل متعمد للاخر:

- صباح الخير يا ست الحبايب، سامحيني لو اتأخرت عليكي، بس انتي عارفة بقى المشغوليات 

ضحكت مجيدة تنقل بنظرة ماكرة نحو ابنها الأكبر، قائلة باندماج معه:

- صباح الخير يا قلب ماما، عارفة يا حبيبي ومقدرة، طول الليل سهران، انا خدت بالي من نور الأوضة اللي ما اطفاش غير بعد الفجر. 

تنهيدة طويلة خرجت من حسن وهو يجلس ورأسه تهتز بدراما مستهبلًا:

- حقيقي بجد السهر تعبني أوي يا ماما.

- يا قلب امك يا خويا.

عقب بها أمين متهمكمًا بغيظ، لتباغته مجيدة بتوبيخها:

- ولد عيب، هي الالفاظ اللي بتتقال هناك في القسم، هتتقال هنا كمان في البيت؟

صاح بها أمين منفعلًا يستنكر قولها:

- امال عايزاني اقول ايه بس يا ماما مع فقع المرارة ده، يعني المحروس يفضل يحب طول الليل في التليفون، وجاي معانا احنا الصبح يعملي فيها التعبان، وانتي كمان بتجاريه في الدلع المرئ بتاعه ده؟

تخصرت مجيدة تقارعه بقولها:

- وما ادلعهوش ليه يا حبيبي ان شاء الله؟ مدام مراضيني وهيريح قلبي بجوازه....

- وهجيبلك أحفاد يا ماما.

قالها حسن بإضافة دغدغت مشاعرها وزادت من حنق الاَخر، وهو يتابع تأثر والدته:

- يا نور عيني يا حبيبي انت، ربنا يرضى عنك يارب زي ما مراضيني.

قالتها وتناولت طبقًا كبيرًا من البيض المقشر لتضعه أمامه، بتدليل صريح، تقبله منها بابتسامة ممتنة، طابعًا قبلة أخرى على كف يدها، ليصيح بينهم أمين معترضًا:

- الله بقى، دا احنا دخلنا كمان في التفرقة، بتفرقي بين ولادك يا مجيدة، تزغطي في الباشا وتدعيلوا، وانا بقى اتفلق.

بهزة برأسها التي التفت نحوه، أومأت بتأكيد وإصرار:

- اعمل زيه وانت تتساوى في المعاملة، بسيطة أهي.

لوك أمين اللقيمة في فمه، وتعبير الحنق يعلو قسماته، ثم جاء دوره في اصنطاع الدراما لينكر بكذب مفضوح:

- يعني بتذليني يا مجيدة، عشان ملقتش بنت الحلال اللي ترضا بيا، عكس المحروس اللي ربنا وفقه في اللي البنت اللي بيحبها، محظوووظ .

- الله اكبر. 

هتف بها حسن مكبرًا، وفمه ممتلئ بالطعام، لينهض فجأة، رافعًا طبقه معه قائلًا:

- يا ناس يا شر كفاية قر، انا نفسي اتسدت يا ماما، هروح اريح في اوضتي بقى عشان حاسس اني فرهدت، طاقة الجو هنا مش مبشرة خالص يا ماما على مشاعر الواحد وأحاسيسه، عن اذنك بقى.......

قالها والتف مغادرًا، غمغمت من خلفه مجيدة بنزق نحو الاخر:

- كدة برضوا تسد نفس اخوك، اخص.

- اسم الله على اخويا اللي نفسه اتسدت، دا هبش طبق البيض كله.

قالها أمين ردًا عليها، قبل ان ينتبه لقول الاَخر، والذي التف إلى والدته يخاطبها قبل دخول غرفته"

- متنسيش بقى يا ست الكل تجيبلي كوباية الشاي وحتة كيك معاهم، ماشي. 

- ماشي يا روح قلبي.

قالتها مجيدة ليباغتها أمين بسؤاله:

- كيك إيه؟ هو انتي عملتي كيك؟

ردت مجيدة تدعي الانشغال في الطعام:

- لا يا حبيبي، دي الست أنيسة ادتني صنية من اللي عملتهم هدية امبارح في الخطوبة وانا حطيتها في التلاجة عشان اخوك لما يحب ياكل منها.....

- على جثتي......

هتف امين يقاطعها ليتابع وهو ينهض ملوحًا بسبابته، وبتهديد صريح:

- يعني هو يحب في التليفون وياكل كيك كمان، على جثتي يا مجيدة، الصنية في التلاجة محدش هيهوب ناحيتها، ولو حصلت أخدها معايا القسم، هعملها يا مجيدة، وان شالله حتى افرقها ع المساجين.

قالها ونهض مغادرًا من أمامها، لتعقب من خلفه:

- دا انت بقيت صعب اوي يا أمين .

رمقها مضيقًا عينيه بشر قبل أن يختفي داخل الطرقة المؤدية للمطبخ،  لتنطلق هي بضحك مكتوم من خلفه متمتمة:

- يا ولاد المجنونة.


❈❈-❈


- والله ما سرقت، والله ما سرقت حاجة، جيبولي المصحف احلف لكم لو عايزين، انا مسرقتش وربنا اعمل ايه عشان تصدقوني...

- بــــــس، وقفي بقى الله يخرب بيتك .

هدر بها ضابط التحقيق بعد أن فاض به من ثرثرتها المستمرة من وقت أن دلفت إليه.

افتر فاهها لتفتح مرة أخرى في وصلة البكاء والتنديد بظلمها، ف أشار الضابط يوقفها بكف يده التي لوح بها أمامها، ليفاجئها بجهاز الحاسوب الذي تلاعب به قليلًا، ليخرج لها دليل إدانتها:

- إيه ده؟

لوح لها بسبابته كي تقترب من سطح المكتب؛ الذي ثبت عليه الحاسوب لمستوى نظرها، كي تشاهد المعروض على شاشته.

دنت برأسها لتجد نفسها في  موقع اظهرها بالكامل وكأن كاميرا مخصوصة وضعت لها في زاوية مختفية، لتظهر بوضوح صورتها من وقت أن جلست على الكرسي الخشبي بجوار المكتب الزجاجي لصاحبة المحل، ثم جلسة التأمل في كل ما حولها حتى أتتت على الخاتم الذي كان على الارض، وتناولته لتتأمل به بانشداه قبل أن تضعه بجيب سترتها؛ الذي اخذ نصف الشاشة ، قبل أن يظهر طول جسدها بالكامل وهي تغادر مع ميرنا، بصدمة جعلت رجفة من الزعر تزحف على طول سلسلة ظهرها، بنظرة ساهمة تسمرت مودة عدة دقائق تبتلع ريقها قبل ان تصيح بإنكار مكشوف وسيل من الدموع يبلل وجنتيها:

- دي واحدة غيري والنعمة يا باشا، مش انا، مش انا والنعمة........

أوقفت لتبكي بحرقة افقدتها الباقي من حجج كاذبة تخلتقها لتنجي نفسها، مما جعل الضابط يفقد اعصابه، ليضرب بكف يده على سطح المكتب صائحًا بعنف ونفاذ صبر على رجل الأمن خارج الغرفة.

- يا مدبولي، انت يا مدبولي، دخل الست اللي عندك.

على الفور دلف الرجل ليمتثل بتحية عسكرية ملوحًا له، وبصوت جهوري:

- تمام با فندم.

ثم بنصف استداره التف برأسه للخلف قائلًا:

- اتفضلي هانم .

قالها لينحي نفسه من أمام السيدة التي دلفت بهيئة ملوكية، تلقي نظرة ازدراء نحو مودة التي جف ريقها وانسحبت الدماء منها لتبدوا بهيئة كانت ستبدو مثيرة للشفقة نحوها، لو في وضع اخر غير هذا الوضع المدانة فيه.

- اتفضلي اقعدي يا هانم.

قالها الضابط مبادرًا بالحديث مع المرأة التي جلست على المقعد، لتقول وعينيها عادت مرة أخرى لمودة:

- الف شكر يا سعادة الظابط، انتو جيبتو الحرامية؟

صاحت مودة مستهجنة بإصرار غبي على الإنكار:.

- حرامية مين يا ست؟ هو انا اعرفك؟

بهدوء قاتل، رددت ناهد من خلفها ترمقها بنظرة كاشفة :

- يعني انتي متعرفنيش يا مودة ولا حتى اشتريتي مني الفستان اللي انتي لابساه ده؟

ابتعلت مودة لتنزل بنظرها نحو ما تريديه، وقد ضُحضت منها جميع الحيل، في جريمة سقطت بها من رأسها حتى أخمص قدميها، بدون قصد منها، انها لم تدخل المحل بغرض السرقة أصلا، لقد كانت تبتغي شراء الفستان وفقط، من أين ظهر لها هذا الخاتم لتتعامل معه بطبيعتها وتضعه بجيب السترة بدون تفكير، ليتها علمت بقيمته كي تُشغل عقلها قبل أن تأخذه كما تأخذ زجاجات الروائح والأشياء الخفيفة  التي تسعدها من غرف رواد الفندق، والتي لا تعني لهم شيء، لكن بالنسبة لها، هو السعادة نفسها.

- فوقي يا مودة، انتي سرحانة في ايه؟

صدرت من الضابط بصوت عالي أجفلها لتنتفض مزعورة على واقعها الأليم، ثم تتابع قول الضابط للمرأة:

- يعني انتي كدة يا ناهد هانم، بتأكدي إن البنت دي هي اللي سرقت؟

- انا متأكدة مية المية يا باشا.

قالتها المرأة بثقة قبل أن تُجفل بسقوط مودة مغشيًا عليها على الأرض الصلبة أسفلها.

ليصيح على أثرها الضابط منزعجًا:

- يا مدبولي، انت يا مدبولي، تعالى شوف البنت دي ولا جيبلها أي زفت يفوقها.

تابع قراءة الفصل