-->

رواية جديدة وبها متيم أنا لأمل نصر - الفصل 27-2

     قراءة رواية وبها متيم أنا كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية وبها متيم أنا

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر


الفصل السابع العشرون


العودة للصفحة السابقة


- بسسسس اوقف هنا.

قالتها شهد ليذعن حسن لطلبها ويوقف السيارة بالقرب من الشارع المتواجد به منزلها، قائلًا:

- طب ما احرك العربية شوية واوقفها قصاد البيت، ولا هو الشارع ضيق ومش هينفع اخرج منه يعني؟

بابتسامة ردت وهي تتناول الأكياس الممتلئة عن أخرها بالملابس:

- لا يا حبيبي الشارع يسمح طبعًا، بس انا مش عايزة الفت نظر الجيران، ويمسكوا سيرتي بقى، راحت مع خطيبها، رجعت مع خطيبها .

اوقف محرك السيارة والتف لها يقول باستهجان:

- طب وفيها ايه يعني يا شهد؟ ما يقولوا اللي يقولوه.

- مش انا خاطبك وقاري فاتحة قدامهم كلهم.

تنهدت تشيح بوجهها وابتسامة عزبة تزين ثغرها، قبل أن تعود إليه شارحة:

- يا حسن افهمني، انا بتكسف والله من تعليقاتهم، يعني مش كفاية منظري النهاردة قدام العمال لما سحبتني من أيدي قدامهم، قال إيه، عشان ابعد عن الشمس لا تحرقني، انا كدة هبان طرية في نظرهم يا حسن. 

بابتسامة عبثية ارتسمت على ملامحه علق بمكر زاد من خجلها:

- ومالوا بقى لما تبقي طرية، هي دي صفة وحشة يا شهد؟

ضحكت لتخبئ بكفها على عينيها فجعلته يضحك هو الاخر، لتعلق بقلة حيلة:

- يا عم ارحمني بقى، اقسم بالله انا بجد مستغرباك، هو انت كدة من الأول ولا انا اللي مكنتش واخدة بالي منك ولا إيه بالظبط؟

رد بضحكة مشاكسة:

- ما انا قولتلك يا ست البنات، أنا ابن مجيدة، يعني تتوقعي مني أي حاجة. 

ازداد اتساع ابتسامتها لترد ببهجة تغمرها كل ما ذكر لها اسم والدته، والتي منذ أن تمت خطبتها به، وهي تحاوطها بحنانها والسؤال الدائم عنها وعن أخبارها، باهتمام في أقل تفاصيل يومها، حتى في انتقاء الملابس الاَتي تخصها، وذلك بإصرار من حسن ليعيدها إلى عهدها القديم في الدلال الذي تناسته برحيل والدها:

- ماشي يا بن حضرة الناظرة، هنفوت لك لاجل خاطرها بس.

 همت أن تترجل، ولكنه أوقفها فور أن وضعت يدها على عتلة الباب قائلًا:

- طب مش تخلي عندك دم بقى، وتعزميني حتى على كوباية شاي.

طالعته بتحذير تهز رأسها قائلة:

- ما احنا قولنا مينفعش، دا غير ان احنا اساسًا معظم اليوم مع بعض، وبالليل بنبقى ع التليفون، خليها قريب بقى نعزم ابلة مجيدة على عشا او غدا.

يفهم وجهة نظرها التي تزيد من قدرها في قلبه ولكنه يصر على منكافتها بقوله:

- ماشي يا ست شهد، نصبر على ما تيجي ميعاد العزومة، 

قرب رأسه منها متابعًا بهمس ومرح:

- حتى عشان بالمرة نستعجل بميعاد الجواز، ما هو انا لازم الاقيلي منفعة.

ابتعدت برأسها عنه لتترجل على الفور قبل أن تلقي قولها الاَخير:

- خلاص يبقى هنأجل العزومة يا حسن.

اغلقت الباب ليتمتم من محله خلف عجلة القيادة:

- دا على أساس ان أبلة مجيدة هتسيبك، غلبانة والله يا شهد.


❈-❈-❈


تركته وسارت بقلب يخفق بسعادة تحاول جاهدة للملمة  ابتساماتها مع تذكرها لكل كلمة جميلة أو مشاكسة منه لها، تلقي التحية على هذا، وتتلقى سلام هذا من أهل المنطقة، برزانة تخشى اهتزازها، بسبب ابن مجيدة الذي يدهشها كل يوم بأفعاله المجنونة معها.

حمدت الله أنها وصلت المبنى لتدلف إليه بخطوات مسرعة وما همت أن تضع قدمها على أول درجة من سلم البناية حتى تفاجأت بذراع قوية تجذبها بقوة، وقبل أن تستوعب وجدت نفسها في الجزء المظلم المطل على المنور. 

شهقت بفزع بعد أن تفاجأت بصاحب الوجه البغيض أمامها يحادثها:

- إزيك يا سيادة المقاول ولا نقول يا عروسة أحسن؟

قال الاَخيرة وعينيه هبطت على الأكياس الممتلئة بيدها

بنظرة كارهة حدجته، غير مبالية بهذا الغضب الذي يشتعل بعينيه لترد:

- عروسة ولا مش عروسة، انت مالك؟ لا انا عايزة كلامك ولا عايزة سلامك، والحركة الزبالة دي أنا هحاسبك عليها.

قرب وجهها منها وعينيه العميقة تصدح بالتحدي وأشياء أخرى لم تفهمها ليقول:

- طب ما تحاسبيني دلوقتي على طول يا شهد، مستنية إيه؟

توقف وعينيه تجول على ملامحها قائلًا بنبرة متمهلة:

- يعني لو عايزة تضربي مثلًا اضربي، ولو عايزة تصرخي وتلمي عليا الجيران، برضوا اعمليها، انا مشتاق أوي لحسابك يا شهد.

لأول مرة ينتابها الخوف منه، لقد رأت به تحفزًا لأقل هفوة منها وكأنه على استعداد، أو بالأصح مرحبًا لغرض ما في نفسه، هي منذ البداية تعلم بطبيعته الغير سوية، لكنها لم تتخيل أن تطرفه يبلغ إلى هذا الحد من العداء نحوها، أو ربما هو الشيء الاَخر، والذي ترفضه بشده من شخص مثله.

تحركت فجأة تريد تجاهله وتركه ولكنه سبق بوضع ذراعه أمامها يمنعها من المضي، فهدرت هامسة به بغضب:

- ابعد عن وشي يا إبراهيم، انا لا فاضيالك ولا فاضلة للعته بتاعك.

- امال فاضية لمين؟

قالها ليعدل من وقفته ويصبح أمامها متابعًا:

- للمهندس اللي بيتسرمح بيكي ويشتريلك هدايا وبعدها يقف على اول الشارع زي الحرامية وينزلك.

برقت عينيها بإجفال غير مستوعبة لمراقبته لها، استغل صمتها ليردف:

- هو انتي مش كنتي حالفة انك مش هتتجوزي يا شهد،  رديتي يمينك بكفارة، ولا هو مكانش فيه حلفان أصلًا؟

قال الاَخيرة ليزداد اشتعال عينيه، واظلام وجهه بإجرام كان يبث بقلبها الرعب في هذه اللحظة، وهو يذكرها بإهانتها له قديمًا حينما رفضت الإرتباط به، بأسلوب جاف يقارب الطرد، ابتلعت ريقها متجنبة الخوض في هذه الواقعة، لتتبادل معه حرب النظرات دون رد حتى وصل إلى أسماعها صوت إحدى الجارات تنزل على الدرج لتستغل هفوته في النظر لأعلى، فأزاحته لتسرع الخطا وتقابل المرأة التي كانت تقترب من وسط الدرج، والتي من جهتها قابلتها بابتسامة مرحبة:

- يا أهلا يا ما شاء الله بالعروسة، شكل المقاول بتاعنا بتجهز نفسها، صح ولا أنا بكدب؟

باضطراب جاهدت لأخفائه، ردت شهد تدعي الإندماج مع المرأة:

- صح يا أم مروة، عقبال مروة يارب.

توقفت لتتبادل معها المزاح وظل إبراهيم محله في هذا الجزء المظلم،  بيده سيجارة كان يهم بإشعالها، ولكن الحريق بداخله جعله، يلقيها على الأرض ويدعسها بعنف، وكأنه يفرغ بها طاقة غضبه.


❈-❈-❈


عاد اَخيرًا من الخارج، ليدخل بخطواته السريعة نحو مكتبه، متجاهلًا النظر نحوها، وقد انتفضت واقفة بمجرد رؤيته، لتبادره القول:

- هو انت كنت فين من الصبح؟ أنا جلجلت عليك.

أجفلته لهفتها وهذه الرقة في استقبالها له، ابتلع ريقه، ليجيبها بنبرة عادية متجنبًا النظر نحوها على قدر ما يستطيع:

- عادي يعني كان واريا مشوار مهم.

- مشوار مهم في إيه بالظبط؟ دا انت سيبت الشغل فجأة من غير حتى ما تبلغ بسبب انصرافك. 

جلست على الكرسي المقابل لمكتبه لتصعقه بفعلها،  وتزيده توترًا، طرد من صدره كتلة من الهواء مشبعة بإحباطه، يعيد بذهنه بمجموعة الوعود التي قطعها على نفسه، ليتماسك في الرد عليها وهو يشغل نفسه بالعمل على الحاسوب:

- ما انا قولتلك يا صبا، كان مشوار مهم، يعني مكنش عندي وقت استئذن ولا اقول لحد.

ردت بيقين ترسخ داخلها:

- لأ هو مكانش مشوار، انت زعلت مني، بس انا والله.....

- خلاص يا صبا، الموضوع دا انتهى، ارجوكي متفتحيش فيه تاني 

قاطعها بقوله، لينهي هذا الحديث الثقيل على قلبه من بدايته، ولكنها لم تستسلم وتابعت بلهجة نادمة:

- حتى لو كان خلص زي ما بتجول، دا ما يمنعش اني غلطت معاك وانت رئيسي وو.......

توقفت وتوقف عقله هو بانتظار القادم منها، لتردف:

- والله العظيم انا من ساعة ما طلعت وانا لا على حامي ولا على بارد، كنت منتظرة عودتك على نار عشان اجولك، أنا أسفة يا مستر شادي، حجك على راسي من فوج.

قالها بلهجتها الجنوبية لتنزل على أسماعه بمفعول السحر، لم يشغله اعتذارها،  على قدر ما شغله الرقة التي تتحدث بها، مجبرًا لا مخيرًا،  ارتخت تعابير وجهه ليرد مهونًا وقد أشفق أن يجعلها بهذا الحزن، وهو المخطيء من وجهة نظره:

- خلاص يا صبا، مفيش داعي لدا كله، انسي ارجوكي. 

تابعت تستجديه أعينها برجاء:

- يعني انت مش زعلان مني؟

ماذا يفعل؟ تطلب منه الصفح وهو المتيم، تناجي غفرانه، وهو المذنب في حق نفسه بعشقه المستحيل لها، ماذا يفعل وسحرها يكاد أن يذهب بعقله، ويفقده اتزانه؟ ماذا يفعل وبنظرة واحدة منها تجعله ينسى عهودًا ووعود، بل وتجعله ينسى تاريخه؛ إن ترك نفسه لهواها، في الإنسياق خلف الوهم الذي ينسجه خياله، أن تكون قد تعلقت به.

نفض رأسه فجأة من أفكارها لينهي الحديث:

- خلاص يا صبا مش زعلان منك والله، قومي بقى خليني استغل الساعة دي واكمل الشغل اللي ورايا.

قال الاخيرة، واتجه عائدًا ينكفئ على العمل به باندماج جعلها تنهض بحرج لتجلس على مكتبها، واحساس الذنب في حقه ما زال يحزنها 


❈-❈-❈


بعد أن فرغت من بكاءها تمكنت رباب من قراءة الفاتحة على والديها لتخرج بعد ذلك مغادرة، تسير بين القبور سريعًا باستحياء وقد اثرت فيها كلمات شقيقيها، بعد نقده لما ترتديه وكان رأيه صوابًا هي فعلا أخطأت وكان يجب عليها أن ترتدي شيئًا ما فوق ملابسها المكشوفة تلك، لتراعي على الاقل حرمة المكان. 

كانت منشغلة بحالها، غافلة عن ثلاثة شبان خلفها يلاحقنها بخفة حتى تفاجأت بهم يعترضون طريقها، في منطقة خالية تقريبًا من البشر، وقبل أن تصل لسيارتها التي كانت مصطفة خارج المدفن، فصرخت بهم بغضب:

- ايه يا بني آدم انت وهو؟ أبعدوا عن طريقي أحسن لكم، انا مش ناقصة قرف 

الثلاثة كانت هيئاتهم غير متزنة على الإطلاق، بالإضافة إلى اتساخ ملابسهم بشكل جعل معدتها تنقلب، مع قرفها الواضح لتشوه وجوههم بندبات وحفر، دب،بقلبها الرعب وهي تجد أوسطهم يضحك لها بابتسامة قميئة أظهرت أسنانه البارزة باعوجاج، وهو يخبرها بأعين مشتعلة تطوف على جسدها باشتهاء:

- لو قرفانة نستحما يا قمر، ولا يكون عندك فكر.

عقبت بعدم فهم:

- تستحمى ولا تقعد بوسخك، انا مالي يا زفت انت، إبعد عن وشي ياللا انت والأوباش اللي معاك دول، خليني اعدي بقولك.

بسخرية واضحة خاطب الشاب زملائه:

- إللحق، دي بتقول عليكم أوباش. 

استجاب الأثنين الآخرين لاستظراف صاحبهم بضحكات بلهاء لتكمل الصورة الغبية عنهم، طالعتهم رباب بعدم احتمال لتصيح بهم:

- يخرب بيتك غبائكم، إبعد يا بني انت وهو خلوني اروح .

عاد أوسطهم بالضحك مرددًا لها:

- في إيه يا عروسة، ما احنا قولنالك هنستحمى، يعني هتنبسطي معانا متخافيش، فكي كدة دا احنا هنروقك. 

صعقت بجزع وهي ترى الرغبة الظاهرة في أعين الثلاثة بتصميم واضح، فكانت ترتد بأقدامها للخلف، تبحث بعينيها في الأرجاء حولها عن أي بشري، إن كان رجل أو امرأة، لا تصدق أن تكون هذه نهايتها، تلعن غباءها في طرد الحارس والسائق، تلعن تهورها ان تأتي إلى هنا في هذا الوقت .

شجعت نفسها حتى لا تبدوا بهذا الضعف أمامهم، فقالت بقوة تدعيها، رغم اهتزاز صوتها:

- اقسم بالله لو ما اختفيتوا من قدامي دلوقتي لا اكون مبلغ جوزي وهو اللي هايخفيكم ورا الشمس، انتوا مش عارفين أنا متجوزة مين؟ وجوزي من عيلة مين؟

أصدر أحدهم صوت شخرة ساخرة ليقول بتهكم:

- طب ما تعرفينا طب يا مرات المهم، خلينا نتأنس معاه هو كمان.

صاحت به تخرج الهاتف من حقيبتها:

- ماشي خلي الشجاعة دي تنفعك، انا هاعرفكم من هي  رباب، مرات كارم رجل الأعمال، ابن اللوا حمدي فخر.

- شيلاه يا لوا.

هتف بها أحدهم وهو يختطف منها الهاتف بقفزة أذهلتها، وقبل ان تصرخ عليه، وجدت نفسها محاصرة بين ذراعي احدهم من الخلف والاَخر أطبق على قدميها يهم برفعها معه، لتخرج منها صرخة عليه شقت حلقها، مفضلة الموت على هذا المصير، قطعها صوت عياري ناري اطلق بالقرب منهما، جعل الثلاث يتركونها لتقع على الأرض وتفاجأ بالجسد الضخم لحارسها، يطلق واحدة أخرى وهو يركض نحوها ونحو الثلاثة الفارين يردد بالسباب والتهديد والوعيد عليهم، بأعين خاوية كانت تطالع حالة الكر والفر أمامها، شهقات مستمرة بتقطع، وقد دمر الفزع اعصابها، لتظل على جلستها على الأرض الترابية التي لوثت ملابسها الفاخرة، ممسكة بكوع يدها الذي اصيب من الوقعة.

وصل إليها حامد أخيرًا، ليطمئن عليها ويسألها:

- العيال ولا الكلب هربوا وسط المقابر، انتي عاملة إيه دلوقتي يا هانم؟

بصوت خرج بصعوبة ردت وهي ترفع يدها إليه:

- ساعدني يا حامد، ساعدني اقوم.

اعطى لها كفه لتنسند عليها وتحرك اقدامها بصعوبة تجرها جرًا حتى اقترب بها ليجلسها على نصف حائط غير مكتمل البناء، يصلها ظل شجرة قديمة في المنطقة،  وعاد ليخاطبها:

- سامحيني يا هانم اني جيت متأخر، بس انا روحتلك ع النادي ملقتكيش،  ولولا الباشا، قالي ادور عليكي هنا مكنتش هعرف طريقك، بس الحمد لله قدر ولطف.

استوعبت الكلمات لتسأله:

- يعني هو كارم اللي قالك تجيني على هنا، طب هو مجاش ليه؟ انا عايزة اكلمه خليه يجيني دلوقتي ويربي الاوباش دول، خليه يجيني يا حامد. 

- ماشي يا هانم، بس هو انتي فين تليفونك طيب؟

سألها لتجيبه ببكاء مختنق:

- خدوه مني يا حامد وكانوا هياخدوني أنا كمان، ياريتني ما جيت هنا، ولا طردتكم من العربية، الحيونات دول اتحرشوا بيا ورموني ع الأرض......

واصلت ببكاء حارق، وأقترب حامد يقول مهونًا:

- معلش يا هانم، نحمد الله انها جات على قد كدة، بقولك ايه، خدي اشربي العصير ده، انا كنت جايبوا لنفسي وهشربوا قبل ما اتفاجأ بالعيال الهبلة دي.

رفعت رأسها تقول رافضة:

- لا انا مش عايزة اشرب حاجة، انا عايزة اروح. 

لوح لها بالعلبة المغلفة ليغزر الأنبوب المجوف الصغير داخله، ويعطيه لها قائلًا بحزم ولطف:

- يا هانم اشربي وخدي نفسك عشان تتمالكي اعصابك وتقدري تمشي الخطوتين دول لحد العربية، وانا من جهتي، هاشوف أي طريقة اجيبلك بيها تليفونك من العيال دي.

تناولت منه وتخاطبه برجاء قبل أن تضع الأنبوب في فمها وترتشف منه العصير:

- اتصل بكارم الأول، انا عايزة كارم .

أومأ لها ليتلاعب على شاشة الهاتف ثم يضعه على أذنه، يتابعها وهو ترتشف بنهم، وقد أثر فيها الخوف والعطش مجتمعين. حتى أذا توقفت وطالعته بتساؤل، رد عليها بعجالة:

- بتصل يا هانم بس هو مبيرودش،  ححاول تاني.

كان التوتر والألم مبلغ مبلغه منها، فقالت وهي تهم بالنهوض:

- طب خلاص بقى، أنا تعبانة أوي.......و..... مش هستني .... انا..... 

قطعت لتطالعه بجزع فسألها باستفهام:

- مالك يا هانم؟

زاد هلعها وهي تحاول تحريك القدمين التي لم تعد تشعر بهم، لتتدمدم بعدم استيعاب:

- رجلي......

- مالها رجلك يا هانم؟

قالها حامد وهو يجلس بجوارها على نصف الحائط، وهي تشعر بخذر  ينتشر من أسفل الأقدام لأعلى حتى وقعت علبة العصير منها، وترنحت بجلستها حتى كادت أن تسقط بظهرها للخلف، لولا ذراع حامد التي تلقفتها، ليربت بكفه على خديها:

- حاسة بأيه يا رباب هانم؟

وكأن لسانها اصابه الشلل كما أصاب باقي اعضائها، ولم يتبقى سوى عينيها التي ترفرف بأهدابها برؤية مشوشة، تبسم حامد ليزيد بضمها إلى صدره قائلًا بنبرة تغيرت عن سابقيها:

- ايه اللي حصلك يا رباب هانم؟ ما ترودي يا رباااب.

دوى الهاتف ليضعه على أذنيه يجيب المتصل:

- أيوة يا جميل كله تمام وعال العال.

خطف قبلة من وجنتها بصوت عالي وصل للمتحدث من الجهة الأخرى قائلًا:

- جهزي كل حاجة عندك، الليلة دخلتي ع العروسة. 



يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر (بنت الجنوب) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة