جديدة قلوب حائرة (الجزء الثاني) لروز أمين - الفصل 33 - 2
رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة روز أمين
رواية قلوب حائرة
الجزء الثاني
رواية جديدة
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل الثالث والثلاثون
الجزء الثاني
بدولة ألمانيا
وبالتحديد داخل حديقة سليم قاسم الدمنهوري وقبل غروب شمس اليوم،وسط أجواء رائعة تتسم بالبهجة والسرور،تجلس فريدة وتجاورها أسما صديقتها واطفالهم يلتفون جميعهم حول الطاولة المستطيلة المتواجد عليها أصنافاً عِدة من المقبلات والخبر
أما سَليم وصديقهُ المقرب عَلي غلاب فكان يقفان أمام مِشْواة اللحم الموضوع فوقها اللحم المُتبل بأنواعهُ ويتابعا تسويتهُ علي الفحم لتقديمهُ إلي أسرتيهما الصغيرتان
هتفت أسما بنبرة عالية لتحثهم علي الإسراع:
-هو إحنا مش هناكل النهاردة ولا إيه يا أساتذة
واستطردت بدعابة:
-الولاد أكلوا الطحينة والعيش حاف من جوعهم
عقب زوجها علي حديثها لائماً بعذوبة:
-هو انتِ دايماً كدة مستعجلة علي كل حاجة،إصبري يا مدام علشان تاخدي حاجة نضيفة
أردفت فريدة بطُرفة:
-يارب بس بعد كل الصبر ده ما تحرقوش اللحمة زي المرة اللي فاتت وترسي في الآخر علي تونة مُعلبة
تصدقوا بالله إنتوا ما بيطمر فيكم حاجة،صدق اللي قال عليكم عاملين زي القُطط بتاكلوا وتنكروا...نطقها سليم لائماً بها فريدة التي أطلقت ضحكاتها هي وأسما
نظر علي إلي نجلهِ سَليم الذي بلغ الحادية عشر من عمره واصبح فتي واردف قائلاً بتكليف:
-سولي،هات الأطباق إنتَ وعلوة وتعالوا خدوا اللحمة
وضعت تلك الصغيرة كفها فوق فاهها وهي تكظم ضحكاتها علي ذاك الذي كان يوبخها مُنذ القليل علي مناداته بذاك الإسم وطلب منها بتعنيف بألا تنطق بذاك الاسم أمامهُ من جديد
رمقها بحدة وباعتراضٍ حاد هتف بنبرة غاضبة وهو يجذب ذاك الصَحن المستطيل من فوق المنضدة بحِدة ويتحرك في طريقهُ إلي والده:
-أنا قُلت لحضرتك قبل كدة إني ما بحبش حد ينده لي بإسم سولي ده
واستطرد برجولة مُبكرة:
-أنا راجل يا بابا،ومافيش راجل بيتقال له يا سولي
بتفاخر وانسجام هتف سليم قائلاً:
-عاش يا سليم،راجل بجد
إنتعش داخلهُ من مدح ذاك الذي دائماً يعتبرهُ غريمهُ ومزاحماً له في حب تلك الصغيرة التي عشقها بمفهومهُ الضيق للعشق،مُنذُ أن رأها تنطق بحروف إسمه بعامها الثاني
بعد قليل كان الجميع يتناول الطعام بشهية عالية ويرجع ذلك للأجواء الجميلة،تحدثت فريدة إلي كِلا المتجاوران بالجلوس:
-تسلم اديكوا يا هندسة،اللحمة حلوة أوي والسوي بتاعها مظبوط جداً المرة دي
أجابها وهو يقتطع بالشوكة والسكينة من شريحة اللحم المتواجدة بداخل صحنه:
-بألف هنا يا حبيبي
إبتسمت له وشكرته بعيناها ثم إقتطمت قطعة من اللحم وتحدثت إلي أسما:
-لينا فترة ما أتجمعناش علي الأكل في البيت بسبب الشغل ودراسة الولاد وتمريناتهم
واستطردت بحنين:
-حقيقي كانت وحشاني اللمة واشتقت لها جداً
تحدثت أسما مؤكدة علي حديثها:
-فعلاً يا فيري،لمتنا وحشتني قوي
تحدث علي غلاب إليها بفكاهة:
-هانت خلاص يا باشمهندسة،الأجازة الصيفية قربت وهننزل نقضي أجازتنا في مصر،وخدي عندك شهر ونص بحالهم تجمعات وخروجات لحد ما هتزهقي
بنبرة حماسية عقبت أسما علي حديث زوجها:
-أنا عن نفسي مستنية الاجازة تيجي علي نار،نفسي أتكلم مصري مع ناس غيرنا بقي
هتفت الصغيرة قائلة ببرائة:
-إحنا إتكلمنا مصري مع الضيف اللي إتعشي معانا إمبارح بالليل
بغيرة شاعلة رمقها الفتي بنظرة حادة متوعداً إياها علي جلوسها والحديث مع أحدهم حتي من قبل أن يستمع لتفاصيل الحكاية،مما جعلها ترتعب وتعض أصابعها ندماً علي ما تفوهت به أمام ذاك الغيور
إرتبكت فريدة بعدما رأت علامات الضيق إرتسمت فوق ملامح سليم التي تحولت إلي حادة بعد تساؤل علي المستفسر:
-ضيف مصري؟
شعرت بالخجل من حالها فكان يجب عليها أن تؤكد علي طفلاها بألا يتحدثوا أمام أحداً عن زيارة ذاك الغريب لهم،هتف علي مؤكداً علي حديث شقيقتهُ:
-آه عمو المصري،جه واتعشي معانا كمان
ده مين ده يا سليم؟...سؤال فضولي وجههُ علي لصديقهُ الذي رد باقتضاب:
-ده عميل شغال هنا في شركة بتاعة واحد صاحبه،وكان جاي يستفسر عن نظام كاميرات المراقبة عندنا في الشركة وعن الأسعار
واسترسل سريعاً ليُنهي الحديث بذاك الموضوع الأمني البحت،مختصاً بحديثهُ أسما:
-جبت لك البسبوسة من المحل اللي بتحبيها منه يا أسما
ميرسي يا سليم،متشكرة قوي...نطقتها بحفاؤة واستكمل الجميع تناولهم للطعام مع تبادلهم لبعض الأحاديث الشيقة
❈-❈-❈
ليلاً داخل المشفي
كان يجاور زوجته الجميلة بجانب والدتها بعد أن ذهب الجميع واتجه كُلٍ الى وجهته،أصر ياسين علي المبيت بصُحبتها ليؤازرها ويخفف عنها وطأة حُزنها الذي أصابها جراء ما حدث لطفلتها الوليدة
أما ياسين فقد ذهب عصراً إلي منزله كي يطمأن علي أولاده وثريا التي أصابها الإرهاق،وأيضاً أخذ حماماً دافئاً أزال به إرهاقهُ وعاد من جديد إلي المشفي ليطمأن علي حبيبتهُ وصغيرتهُ التي من المفترض أنها أنارت بوجودها عتمة ليله لكنهُ لم يشعر بذاك لشدة خوفهِ من فقدانها وحينها ستحزن حبيبته،وأيضاً لأسبابهِ الكثيرة المحزنة من حوله
كان يجلس بالمقعد المجاور لها،مُمسكاً بكف يدها ليمدها بالقوة من خلال ضمته،دخلت الطبيبة وتحدثت وهي تتجه إلي المحلول المعلق وتستعد لأن تضع داخلهُ أحد الأدوية المسكنة عن طريق الحَقن:
-عاملة إيه يا مليكة
أجابتها بخفوت:
-الحمد لله يا دكتور،حاسة نفسي أحسن
سألتها الطبيبة من جديد:
-طب أخبار المغص والصداع إيه؟
عقبت بهدوء:
-المغص راح الحمد لله والصداع خف كتير عن الأول
أمسكت يدها ووضعت به جهاز مقياس الضغط ثم تحدثت بنبره تفاؤلية وهي تنظر علي الرقم:
-الضغط نزل كثير الحمد لله
واسترسلت شارحة بحماس:
-لو فضلنا على كده يومين بالكتير وهتروحي البيت إن شاء الله
سألها ياسين باستفسار:
-أفهم من كدة إن حالتها إستقرت يا دكتور
بهدوء ردت:
-الحمدلله يا سيادة العميد،ضغط الحمل ما يقلقش،بينزل بمجرد الأم ما بتولد
سألتها تلك الحزينة بقلبٍ مترقب:
-وبنتي يا مُنى؟
نظرت لها مُنى وابتسامه بشوش إرتسمت فوق ملامحها وتحدثت بنبرة يملؤها التفاؤل:
-أنا مش عاوزاك تقلقي ولا تخافي بخصوص البنت يا مليكة،إحنا ياما وَلِدنا حالات أصعب من حالة بنتك،وبعد ما بيقعدوا في الحضانه كام يوم بفضل ربنا بيخرجوا وبيبقوا زي الفل،خليكي في نفسك وفي حالك علشان اللبن لا قدر الله ما ينقطعش من الزعل
واسترسلت لتحميسها:
-ولا عاوزة بنتك تخرج من الحَضَانة ما تلاقيش لبن علشان تشربه؟
ربنا يطمن قلبك يا دكتورة...جُملة نطقتها سُهير ثم تحدثت إلي إبنتها:
-إرمي حمولك علي الله يا بنتي وإن شاء الله مش هيخزلك
نطقت بيقين:
-ونعم بالله يا ماما
خرجت الطبيبة،وضع ياسين كف يدهُ فوق وجنتها وتحدث بحنان:
-حاولي تنامي شوية يا حبيبي علشان جسمك يرتاح
بردوا مش هتروح تنام في البيت...جُملة حنون نطقتها بعيناي متوسلة عقب عليها بصرامة:
-ريحي نفسك،قُلت لك مش هسيبك لا انتِ ولا مِسك
خرجت منها إبتسامة خفيفة وتحدثت:
-ربنا يخليك ليا يا ياسين،وتفضل دايماً سندي وأماني
ويخليكي ليا يا قلب ياسين...نطقها وملس علي خدها بحنان فابتسمت له وأغمضت عيناها في محاولة منها للنوم
❈-❈-❈
ليلاً
داخل حُجرة المكتب الخاصة بمنزل سليم قاسم الدمنهوري المُغلقة عليه جيداً
كان يتحدث عبر الهاتف مع أحدهم الذي دق لهُ وسألهُ عن ما إذا كان لديهِ علم بجريمة مقتل زوجة رجل المخابرات المصري، فتحدث سليم بلُغة ذاك المُتصل:
-نعم سيدي لقد علمت بأمر تلك الجريمةُ الشنعاء واطلعتُ علي تفاصيلها عبر الأخبار التي تناقلتها الصُحف الألمانية
عقب الرجُل علي حديثهُ باستحسان:
-حسناً سيد سَليم،هذا جيد وسيوفر علينا جهد التَبْيين والوقت الضائع به
واستطرد متسائلاً بترصد:
-هل لجأ إليك أحدهم فيما يخص تلك التسجيلات المحذوفة؟
أجابهُ سَليم بثباتٍ يُحسب لهُ:
-نعم سيد ألبرت،لقد تواصلت معي الشُرطة الألمانية وطلبت مني المساعدة فيما يخص القضية،لكني أنكرتُ وادعيتُ عدم إستطاعتي للوصول إلي الأجزاء المحذوفة من التسجيل
واستطرد بإيضاح:
-ويرجع هذا السبب لإتفاقنا المُسبق.
هتف باستجواد مادحاً تصرفه:
-تصرف سديد سيد سَليم،ولكن أخبرني
واستطرد متسائلاً:
-ألم يتواصل معك أحداً من رجال جهاز المخابرات المصرية بشأن القضية؟
بنبرة زائفة لكنها واثقة أجابهُ:
-لا سيدي،لم يتواصل أحداً معي سوي رجال الشرطة الألمانية كما أخبرتك
تحدث الرجل بهدوء:
-حسناً
واسترسل أمراً بنبرة جادة:
-سأنتظر حضورك غداً بمكتبي ومعك نُسخة من ذاك التسجيل لتُسلمني إياه
بأمرك سيدي،سأصل في الموعد المحدد ومعي طلبك...هكذا نطق سَليم ثم قام بغلق الهاتف بعدما أنهي حديثهُ مع ذاك الشخص،تنهد ونظر أمامهُ بملامح وجه مُبهمة ثم أغمض عيناه بإرهاق وألقي برأسهِ إلي الخلف مُسنداً إياها بخلفية المقعد الخاص بمكتبهُ الخشبي
باغتهُ دخول تلك التي إقتحمت عليه الحُجرة وقطعت شرودهُ حيثُ دلفت إليه دون إستئذان مما جعلهُ ينتفض بشدة بجلستهِ بفضل دخولها المفاجئ،نهرها متحدثاً بحِدة:
-إنتِ إتجننتي يا فريدة،إيه الدخلة اللي تقطع الخَلف دي؟
أطلقت ضحكة عالية وتحدثت وهي تتوجه إلي حيثُ جلوسهُ:
-فيه إيه يا سليم،مالك إتخضيت كدة ليه زي ما تكون عامل عملة وخايف تنكشف؟
ثم استرسلت بدُعابة وهي تربع ساعديها أمام صدرها وتنظر إليه بترقُب مُفتعل:
-إوعي تكون بتلعب بديلك من ورايا يا سولي؟
رفع أحد حاجبيه إستنكاراً لحديثها ثم باغتها بجذب جسدها لتقع فوق ساقيه تحت ضحكاتها الإستحسانية من فعلته،عدل من وضعيتها وتحدث مداعباً إياها وهو يغمز لها بإحدي عيناه:
-وهو انتِ مدياني فُرصة ولا وقت علشان ألعب فيه يا قلب سولي
واسترسل ساخراً:
-وبعدين فين ديلي ده اللي هلعب بيه يا حسرة،ده أحنا بنروح الشغل مع بعض وبنرجع البيت في نفس العربية
وغمز بعينه واردف بوقاحة:
-ده حتي الچاكوزي لما بنبلبط فيه مع بعض
ضحكت بدلالٍ أنثوي نال إستحسانهُ واشعل بدنهُ،استطرد مستكملاً وقاحتهُ:
-بقول لك إيه يا حبيبي
همهمت بعيناي عاشقة:
-أممم
بعيناي ولهة تنظر لشفتاها المنتفخة تحدث بنبرة أظهرت كم هيامهُ بزوجته الجميلة واشتياقهُ لها:
-ما تيجي نفصل شوية ونروح علي أوضة الچاكوزي وننسي هناك الدنيا واللي فيها
عقبت مبررة:
-بطل شقاوة يا سليم،الوقت إتأخر وإحنا عندنا شُغل بدري
فريدة،وحياة سليم عندك لتوافقي...نطقها بعيناي متوسلة إياها،لم تستطع مقاومة عيناه العاشقة فتحدثت إليه وهي تسند جبهتها علي خاصته:
-أنا تحت أمر سليم وحَياة سليم
ضمها إليه وتحدث بنبرة رجل عاشق أنفاس زوجته:
-بعشقك يا فريدتي،بعشقك
قال كلماتهُ وحثها علي الوقوف ثم تحرك مصطحباً إياها واتجها معاً إلي غرفة الچاكوزي المجهزة خصيصاً ليسترقا معاً داخلها لحظات رائعة ويجددا من خلالها عشقهما الأبدي الذي يزداد مع مرور السنين،فلا زمنَ يؤثر بهِ مهما طال ويطفئ رونقهُ ولهيبهُ المُشتعل،ولا أزمات تجعلُ يداهم تُفلت من ضمة كلاهُما المتشبثة بالأخر بقوة،سيضل عشقهما الذي واجه الكثير من الصعاب ساكناً بثنايا قلبيهما حتى نهايه العمر .
تُري من ذاك الرجُل المريب الذي كان يحادثهُ سَليم ولأيةُ جهةً ينتمي؟
ولما يخفئ الأمر عن شريكة حلوهُ ومُره؟
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة روز أمين من رواية قلوب حائرة (الجزء الثاني) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية