-->

جديدة قلوب حائرة (الجزء الثاني) لروز أمين - الفصل 40 - 2

 

رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة روز أمين
رواية قلوب حائرة
الجزء الثاني



رواية جديدة 

تنشر حصريًا 

على مدونة رواية وحكاية 

قبل أي منصة أخرى


الفصل الأربعون

الجزء الثاني


عودة للصفحة السابقة

بعد أن إطمأن علي حمزة وأيسل وتأكد من دخولهما في النوم صعد إلي خاطفة أنفاسهُ حيثُ أصبح لم يعُد يطيقُ الإبتعادُ عنها ولو مجرد سويعات،فقد سويعات ويعودُ إليها مهرولاً كي يرتمي داخل أحضانها لينعم بدفأها وحنانها الذي عاش عمراً كاملاً في البحث عنهْ وبالأخير عثر عليه بعد عناء


دخل من باب الحجرة دون إحداث ضجيجاً كي لا يُزعج عزيزتاه،نظر علي مهد صغيرتهُ وجدها غافية داخلهُ بسلامٍ،إقترب عليها وبات يدقق النظر لها ويراقب حركاتها التي تؤسر بها قلبهْ


تهلل وجههُ ودونْ إدراكٍ منه إرتسمت إبتسامة واسعة حين رأها تضع إبهامها داخل فمها وتمتصهُ وكأنها تتخيلهُ صدر أمها


شعر بإنتعاشة وانتشاء بروحه كَكُل مرةٍ يري فيها تلك الساحرةُ الصغيرة خاطفة قلبهُ تماماً مثلما فعلت والدتها بقلبهِ المُغرم بعيناها،بحذرٍ شديد مال بطولهُ الفارع مقترباً من وجنتها الوردية وقام بوضع قُبلةً متلهفة مع اتخاذه الحذر والحِيطة كي لا يزعجها وتستيقظ من غفوتها


إنتصب من جديد وصوب بصرهِ علي باب الشُرفة وتأكد أن متيمتهُ داخلها حيثُ كان موارباً،تحرك إليه وجدها تجلس فوق المقعد الهزاز مسترخية حيث تلقي برأسها للخلف مع غلقها لعيناها في محاولة منها لأخذ قسطاً من الإسترخاء علها تزيل من خلاله توتر يومها،وقف خلفها وقام بالإنحناء ليُقبل جانب كريزتيها،إبسامة جذابة إرتسمت فوق ثغرها فور تأكدها من حضور حبيبها الذي تحدث بجانب أذنها بنبرة أسرتها:

-حبيب جوزه اللي مدلع نفسه


رفعت بصرها لتنظر داخل مقلتيه بسحرٍ أسر قلبهُ وتحدثت بنبرة أنثوية أشعلت صدره:

-وحشتني


وإنتِ كمان وحشتيني يا عمري...نطقها بعيناي مشتاقة،تحرك حتي وقف أمامها ثم أمسك كف يدها وحثها علي الوقوف وعلي الفور استجابت،جلس هو فوق المقعد وجذبها برقة لتجلس بمكانها المُفضل فوق ساقيه وقام باحتضانها ودفن رأسهُ داخل صدرها مما أسعد تلك العاشقة التي لفت ذراعيها حول عنقه بعناية وهمست:

-بحبك يا مالك قلبي 


بعيناي مغمضتان إبتسم باسترخاء ثم تنفس بانتشاء وراحة أظهرت كم السكينة التي توغلت بروحهِ من مجرد الإرتماء داخل أحضانها الدافئة والتي لم يشعر بها إلا من خلال ضمتها وفقط


أجابها وهو يُشدد من ضمتهِ لها: 

-حبيبي إنتَ


سألته بنبرة هادئة: 

-أنا كُنت فاكرة إنك هتبات في ڤيلا الباشا النهاردة

واسترسلت بايضاح: 

-أقصد يعني علشان أيسل ماتضايقش


رد عليها بارتياح ظهر بصوته: 

-أيسل الحمد لله أحسن كتير الفترة دي،من وقت ما بدأت تنتظم في جلساتها مع الدكتور وأنا حاسس بتغيير كبير في شخصيتها


إبتسمت لتيقنها من السبب الخفي وراء تحسن الحالة المزاجية لتلك المتمردة لكنها احتفظت به لنفسها،واسترسل هو من جديد:

-إنتِ مش متخيلة أنا قد إيه ارتحت بسبب الموضوع ده يا مليكة


أجابته بابتسامة: 

-ربنا يهديها وترجع زي الأول وأحسن ويريح قلبك يا ياسين 


يارب يا حبيبي...نطقها وشدد من احتضانها ثم استمع كلاهما لصوت ذاك المشاكس الذي تحدث تحت انتفاض جسد مليكة وفزعها أثر المفاجأة:

-بابي


رفع ياسين وجههُ لينظر علي ذاك الواقف بجوارهما بهيأة مبعثرة،عيناي ناعسة وشعر رأس مشعثاً حيث فاق من غفوته مشتاقاً إلي أبيه وبدون تفكير تحرك من غرفته المشتركة مع أنس وجاء إلي غاليه كي يغفو بأحضانه،هبت مليكة واقفة وتحدثت وهي تنحني من صغيرها كي تُصبح في مستواه: 

-مالك يا قلبي إيه اللي صحاك؟ 


رد الصغير وهو ينظر إلي أبيه: 

-عاوز أنام في حُضن بابي


إنتفض قلبه وهتف سريعاً وهو يحملهُ ويضمهُ ويثبتهُ داخل أحضانه: 

-تعالي يا حبيبي 


لف الصبي ساعديه الصغيران حول عنق أبيه ودفن وجههُ داخل ثنايا عُنقه وبنبرة طفولية تحدث بصوتٍ ناعس: 

-أنا بحبك قوي يا بابي


ضمهُ ياسين إلي صدره واسترخي فوق مقعده إلي الخلف وتحدث بنبرة تقطرُ حناناً وهو يُقبلهُ من وجنته: 

-وبابي بيحب عزو قوي


جلبت مليكة من الداخل غطاءاً وغمرت به جسد الصبي ثم قامت بوضع قُبلة حنون فوق جبينهُ مع لمساتها الحنون لشعر رأسهِ مما جعل الصغير يبتسم بحبور ويغمض عيناه مستمتعاً بحنان والديه الذي غمراه به


جلست بمقعدٍ مجاور في حين تحدث الصغير بعدما وضع قُبلة علي عنق والدهُ عبر له من خلالها عن كم الحب والاشتياق الذي يحملهما داخل قلبه إلي والدهُ: 

-بابي،أنا عاوز أنام في حُضنك علي السرير بتاعك إنتَ ومامي


بنبرة حنون طمأنهُ وأشبع حنينهُ: 

-حاضر يا قلبي،هنيمك في حضني أنا ومامي


حبيبي يا بابي...نطقها بنبرة أظهرت نُعاسهُ وبعد قليل دخل بغفوة من جديد،فحملهُ ياسين ووضعهُ ليتوسط التخت وتمدد العاشقان وغفيا بسلام جانب صغيرهما

 


❈-❈-❈



بعد مرور حوالي إسبوعان أخران 

كان ينتظرها خارج البوابة الحديدية للجامعة بعد أن أبلغتهُ عبر الهاتف الجوال أنها بصدد الخروج،لاحظ تأخرها فتحرك باتجاه الباب كي يراقب الوضع الداخلي،بات يبحث متجولاً بعيناه عن تلك المتمردة التي بدأت مؤخراً بشغل حيزاً ليس بالقليل من تفكيره،وأخيراً وبعد معاناة عثر عليها من بين جموع الطلبة،ضيق عيناه باستغراب بعدما رأها تقف مقابلة لشابٍ أنيق يبدو عليه وكأنهُ بأوائل العقد الثالث من عمره


إنهُ أستاذها الذي يُدرسها ويدعي باسم عبدالكريم،حيثُ أوقفها حينما كانت تتحرك بطريقها إلي البوابة بعد أن هاتفت كارم وأعلمته بخروجها


تعلل بتفوقها وبات يتحدث إليها ويُشيد عن حضورها الطاغي اليوم داخل المحاضرة،جُل هذا فقط للتقرُب منها والتعرف عليها أكثر بعد أن نالت إعجابهُ ورأي أنها من الممكن أن تكون الزوجة المناسبة لإبن رجل الأعمال الشهير وخصوصاً بعد علمه بشخص أبيها ومكانة عائلتها المرموقة من حيث الجاه والسلطة والمال



عودة لذاك الذي احتدم صدرُه غيظًا فور رؤيتهُ للمشهد حتي أنهُ شعر بالدماء تغلي بداخل عروق جسدهِ بالكامل وتحرك إليها علي عُجالة حتي إقترب من وقفتهما وتحدث بنبرة عملية أظهرت كم إحترافيتهُ في التحكم بانفعالاته: 

-بعد اذنك يا دكتورة،ياريت تتفضلي معايا علشان كدة هنتأخر علي ميعاد رجوعنا


إرتبكت حين رأتهُ واقفاً أمامها بهيأتهِ الخاطفة لأنفاسها،أومأت له وكادت أن تتحرك لولا ذاك المغرور الذي حدثهُ بنبرة متعالية وهو يشملهُ بتقليل من قمّة رأس إلى أخمص قدمه: 

-إيه قلة الذوق اللي إنتَ فيها دي؟

ثم رفع قامتهُ واسترسل بغرور:

-إنتَ إزاي تقتحم وقفتنا وإنتَ شايفها واقفة معايا وبنتكلم 


إبتسامة ساخرة خرجت من جانب فمه وتحدث مقللاً من شأنه: 

-أفندم! إنتَ بتكلمني أنا بالطريقة دي؟! 


عقب دكتور باسم بغرور بعدما استُفزَ من حديث ذاك الكارم: 

-بكلمك بالطريقة دي!،يظهر إنك مش عارف إنتَ بتتكلم مع مين

ثم رفع وجههُ للأعلي واسترسل بنبرة أعلي غروراً:

-أنا دكتور باسم عبدالكريم،إبن رجل الأعمال الشهير عبدالكريم السيوفي اللي أكيد تعرفه


أجابهُ كارم بغرور مماثل تحت ذهول أيسل التي تقف بالمتتصف تنظر حائرةً إلي هذا تارةً وذاك تارةً أخري: 

-يظهر إن إنتَ اللي مش عارف إنتَ واقف قدام مين،ومن الأفضل ليك إنك ما تعرفش 


ضحك باسم ساخراً وأردف متهكماً علي شخص كارم: 

-هتكون مين يعني،حِتة security ما يسواش تعريفة  


إلي هُنا لم يعُد باحتمالها الصمت فتحدثت بنبرة دفاعية عن ذاك الفارس الذي أصبح بين ليلةٍ وضحاها فارس أحلامها التي طالما حلُمت به وتمنت رؤياه:

-من فضلك يا دكتور،سيادته بيكون رائد في جهاز المخابرات الحربية وليه وضعه وكيانه اللي ما ينفعش حضرتك تيجي وتقلل منهم


دكتورة أيسل...نطقها بحِدة محذراً إياها بعيناي تطلق شزراً لسببان،أولهما كشفها عن هويتهُ أمام ذاك الغريب وهذا ما يُعد مخالفاً لتعليمات الجهاز ولقوانين سلامتهُ الشخصية،والسبب الآخر ذكوري بحت،حيثُ إستشاط ورفض الرجل داخلهُ دفاعها بدلاً عنه


غضبت من إسلوبهُ الحاد في معاملتها وخاصتاً أنهُ حدث أمام أستاذها الجامعي مما جعل داخلها يحتدم غيظاً لكنها فضلت الصمت كي لا تغضبهُ أكثر بعد ان أصبح يعني لها الكثير


في حين إقترب كارم من ذاك المغرور حتي كاد أن يلتصق به وتحدث متهكماً عليه بنظرات تطلق شزراً: 

-إسمعني كويس وإفهم الكلام اللي هقولهُ لك ده يا إبن


واسترسل محذراً إياه بابتسامة ساخرة: 

-يا أبن رجل الأعمال،تبعد عن الدكتورة نهائي وكل علاقتك بيها كأستاذ تكون داخل مقر قاعة المحاضرات


واستطرد بتهديداً صريح: 

-غير كدة هعتبره تعرض لسلامة أمن وتعريض حياة الدكتورة للخطر وهبتدي أشوف شُغلي اللي أنا مُكلف بيه


واستكمل بنظرات متوعدة: 

-وربنا يكفيك شر رجالة المخابرات لما بيقوموا بشغلهم وخصوصاً مع الناس اللي ليهم معزة خاصة زي اللي بينا كدة



إبتلع باسل لُعابهُ واتخذ خُطوة للخلف كي يستطيع إلتقاط أنفاسهُ التي حبسها بفضل نظرات ذاك الشرس الفتاكة


إبتسم كارم علي تعبيرات وجه الأخر واسترسل بنبرة تهديدية: 

-ياريت بعد كدة تحترم نفسك وإنت بتتكلم مع الناس وتبطل تتباهي بفلوس بابي،مفهوم الكلام يا شاطر ولا؟


نطقها بعيناى تحذيرية فأومأ باسم برأسهِ بعدما ابتلع لعابهُ من شدة توترهُ بفضل هيأة كارم الصارمة وملامح وجههُ التي توحي بالخطر


باستحسان مال كارم برأسهِ بخفة ثم حول رأسهُ إلي تلك الغاضبة وتحدث بهدوء وهو يُشير لها بيده إلي الأمام بعدما استعاد رجولته التي هدرت مُنذ القليل علي يد ذاك الإمعة:

-إتفضلي قدامي يا دكتورة


لم تُرد الذهاب قبل أن ترد لهُ صفعته،بحركة إستفزازية نظرت إلي باسم وتحدثت بابتسامة خافتة كنايةً في كارم:

-بعد إذن حضرتك يا دكتور


تنفس بانتشاء وشعر ببعضٍ من رد كرامته وتحدث بابتسامة استفزازية وكأنه وجد مُتنفساً ليتحدي ذاك الصقر بعد هزيمة ساحقة تلقاها علي يداه: 

-إتفضلي يا دكتورة. 


تحركت إلي الأمام تحت نظرات ذاك الذي كاد أن يفترسها من شدة غيظه الذي كظمهُ وبكل برود نظر إلي باسم وأشار بسبابته نحو وجهه ومال بجانب رأسه في حركة تهديديه وكأنهُ يذكرهُ بما نبههُ إليه منذ القليل


بجسدٍ ممشوق تحرك بخطيً سريعة لكي يلتحق بتلك التي هرولت إلي الخارج مما يدل علي مدي إستشاطتها،لحق بها وضل محاوطاً إياها بعيناه وهو يتفقد المكان بعناية فائقة حتي إقتربوا من محل السيارة وقام بتخطيها ليقوم بفتح الباب لها وبالفعل دخلت وألقت بحالها فوق مقعدها بضيق


،أغلق لها الباب بحِدة أظهرت إستشاطته منها وتحرك للجهة الأخري كي يستقل السيارة وينطلق،قطع طريقهُ إبنة خالته التي أتت مُسرعة من الداخل كي تلحق به قبل المغادرة  وتحدثت إليه بإبتسامة مُشرقة:

-إزيك يا سيادة الرائد


أهلاً يا مايان...نطقها بملامح وجه جادة وتحدث منسحباً  تحت نظرات أيسل الثاقبة والمراقبة لهما من خلف زجاج نافذة السيارة: 

-معلش يا مايا هبقي أكلمك في التليفون علشان لازم أتحرك حالاً


إبتسامة رقيقة إرتسمت علي ثغرها وتحدثت بنبرة حالمة جعلت من قلب أيسل جمرة مشتعلة: 

-أوك يا كارم،هستني مكالمتك


أومأ لها واستقل مقعده وانطلق في طريقه إلى الأمام تحت صمت كليهما التام مع نظراتها المشتعلة بعدما رأت ارتياحاً فوق ملامحهُ أجاد صنعهُ بمهارة عالية كي يوصلها لتلك الحالة وبالفعل حدث ما سعي إليه



كسرت تلك المتهورة حاجز الصمت بينهما وهتفت بنبرة حادة بعدما فقدت صبرها وهي تنتظر هذا الغامض والتي لم تتعرف بعد علي طبعه إلي الأن:

-ممكن أفهم إيه اللي حضرتك عملته مع الدكتور ده؟

ثم أنتَ بأي حق تدخل تجيبني من جوة الجامعة؟ 


واسترسلت هاتفة بسخطٍ بنبرة حادة:

-وبعدين إنتَ إزاي تسمح لنفسك تتكلم معايا بالطريقة دي وتعلي صوتك عليا قدام دكتور باسم؟!


بنبرة جادة لملامح وجه مُبهمة تحدث إليها: 

-ياريت يا دكتورة توطي نبرة صوتك وإنتِ بتتكلمي معايا ده أولاً


واسترسل بإبانة وهو ينظر أمامهُ بتركيز دون النظر إليها مما جعلها تغضب:

-ثانياً دخولي لحضرتك داخل الحرم الجامعي ده من صميم شُغلي،لأن لو تفتكري سعادتك إتصلتي بيا وقولتي إنك خارجة حالاً وما خرجتيش 


ونظر لها واستطرد بايضاح: 

-فـ كان لازم أدخل أأكد علي أمانك اللي أنا مسؤول عنه قدام رؤسائي



نزلت كلماتهُ الحادة علي قلبها الحالم فاوجعتهْ وأكثر ما جعلها تتأثر هو إنهيار احلامها حيث اعتقدت أن استشاطة أعصابهُ التي حدثت مُنذُ القليل كانت بفضل غيرتهُ عليها والان انهارت أحلامها


بنبرة حزينة سألته مستفسرة:

-وهو ده بقي السبب اللي خلاك تدخل تدور عليا جوة الجامعة؟


رفع حاجبهُ مستنكراً سؤالها المطروح في غير وقته وتحدث بزيف كي يستحضر غضبها أكثر كنوعٍ من العقاب علي ما بدر منها أمام ذاك المغرور المُسمي بباسم:

-اُمال حضرتك كُنتي فاكراني داخل لك جوة ليه؟!


 ترقرقت الدموع من عيناها ونظرت إليه بانكسار وظهر الحزن فوق ملامحها المتألمة،أردف متسائلاً بعدما أصابهُ الضيق لأجل دموعها: 

-ممكن أعرف إنتِ زعلتي ليه من كلامي؟



ومين قال لك إني زعلت...نطقتها بصوتٍ مختنق مُتأثراً بفضل إحتباس دموعها،زفر بضيق بعدما مل من تمثيل دَور الغير معني بما حدث،وبدون سابق إنذار هتف بحنق أظهر كم غيرتهُ عليها مما جعل حزنها يتلاشي وكأنهُ لم يكُن من الأساس: 

-الدكتور ده كان بيتكلم معاكي في إيه؟


بتلألأ دموعها أجابته:

-يهمك قوي تعرف؟ 


أيسل...دون إدراكٍ منه نطق إسمها بدون ألقاب وبعيناي حادة ولهجة تحذيرية ويا ليتهُ لم ينطقهُ،إرتعش جسدها وأصابتهُ قشعريرة سرت بجميعهُ

 

أخفت اضطرابها وسيطرﭢ على حالة الوله التي إمتلكت كيانها فور استماعها لحروف إسمها من بين شفتاه،حتي ولو نطقها بتلك الحِدةِ إلا أنها أقسمت بداخلها أنها ولأول مرةٍ تستمعُ إلي إسمها بكُل ذاك السحر وكأنها إستمعت لمقطوعة موسيقية من أعذبِ الألحانِ


بدهاء وسُرعة بديهة أجابتهُ بعدما طرأت لدي مخيلتها فكرة وقررت أن تبتزهُ وتساومهُ عليها فتحدثت بنبرة رقيقة جعلتهُ يُعلن الرايةِ البيضاء:

-هجاوبك بس بشرط


رفع حاجبهُ منتظراً إملاء شرطها فاستطردت هي بنظرات متدللة أسرت بها قلبه: 

-تقول لي مين البنت اللي دايماً بتقف تتكلم معاك قدام الجامعة 


إبتسامة جذابة خرجت من بين شفتاه وهو ينظر عليها بعيناي سعيدة ثم أجابها بإبانة: 

-دي مايان بنت خالتي،ساكنة هنا في القاهرة مع أهلها


بس كدة؟...نطقتها بعيناي تنتظر معرفة المزيد، إبتسم لها وأجابها: 

-صدقيني ما فيش أكتر من كدة 


تنفست براحة ظهرت داخل عيناها فتحدث بمشاكسة: 

-دورك


أخذت نفساً عميقاً ثم أجابته بارتياح: 

-ده أستاذي وكان بيتكلم معايا وبيعبر لي عن اعجابه بذكائي ومدي سرعة استيعابي لشرحه


أراد مداعبتها بعد أن شعر بصدق حديثها فسألها مقرراً جملتها: 

-بس كدة؟


ضحكت بطريقة ساحرة جعلت من قلبهُ صارخاً مطالباً إياه بالرضوخ لقلبها والإعتراف بعشقها الذي بدأ يتغلغلُ داخل قلبه ويتملك منه،


تحمحم كي يجلي صوتهُ الذي تأثر بضحكة عيونها وتحدث بنبرة مترجية:

-أيسل،أنا هطلب منك طلب وعاوزك توعديني إنك تنفذيه علشان خاطري


عالم ساحراً وجديداً عليها إستحوذ علي كُلها وحولها إلي فراشة حالمة سارحة في سماء عِشق حبيبها الراقي،وما شعرت بحالها إلا وهي تومي برأسها بموافقة حمسته واسترسل مطالباً إياها بعيناي يستحوذُ عليها الغرام: 

-ممكن ما تسمحيش للشخص ده أو لغيره في إنه يتكلم معاكِ خارج نطاق الدراسة أو يحاول يتقرب منك 


كَست حُمرة الخجل وجنتيها مما زاد من سحرها وأجابتهْ بطاعة ونبرة خافتة أثارته:

-حاضر


استمتع بحمرة وجهها و!بتسم بحبور عندما لاحظ عشقها الواضح بعيناها و قال بابتسامة جذابة:

-هو أنا قولت لك إن شكلك زي القمر النهاردة


إحساس عميق وشعوراً من نوعٍ خاص بخلاف هزة عنيفة إجتاحت كيانها بالكامل مما جعلها تُنزل بصرها ساحبةً عيناها عن هيمنة عيناه وسطوتها علي قلبها قليلُ الخبرة


لم يرد أن يزيدها عليها ففضل الصمت مع إستمراره لمتابعة عيناها التي أصبحت كالإدمان بالنسبة لهْ، ولم يعُد بمقدورهُ الإبتعادُ عن النظر إليها وكأنها سحرًُ يجذبهُ ويُعيدهُ إليها كلما ابتعد،وكأن صفاء زرقتها أصبحت سمائهُ الساطعة 



ضل هكذا حتي وصلاَ إلي منتصف الطريق الصحراوي المؤدي إلي الأسكندرية،كان يراقب الطريق جيداً وبلحظة تفاجأ بخروج سيارة رُباعية الدفع خرجت من العدم وتتجه في الطريق المُعاكس ويبدو أنها تقصدهم،علي الفور تحدث عبر سماعة البلوتوز الموضوعة بأذنه إلي فرقة الحراسة التي تتبعهُ: 

-خدوا كامل الإستعداد يا شباب لأن فيه هدف تقريباً قاصدنا


ثم نظر إليها سريعاً في إنعكاس المرأة وهتف علي عُجالة: 

أيسل،إنزلي بجسمك كله تحت حالاً ومتطلعيش نهائي غير لما أقول لك


هو فيه إيه يا كارم؟...نطقتها بعيناي مرتعبة وجسدٍ ينتفضُ رُعباً


أجابها بصوتٍ هادئ كي يبث روح الطمأنينة والثقة داخل كيانها: 

-إسمعي الكلام يا حبيبي وخليكي واثقة فيا



بطاعة أومات بعيناي يملؤها الذُعر وبالفعل نزلت بأرضية السيارة واضعة كفاها فوق رأسها وبلحظة إستمعت إلي طلقات نار وكأنها دخلت بالخطأ داخل حرباً شرسة بين رجال العصابات المعروفة دولياً،


إستمعت إلي صوت كارم وهو يهاتف قوات الدعم ويطلب منهم العون كي يتم القبض علي هؤلاء الخوارج قبل هروبهم 


صرخت بكل ما أوتيت من قوة عندما وجدت السيارة تهتز بهما بعدم إتزان جهة اليمين واليسار وصوت طلقات الرصاص تنهالُ علي السيارة مما نتج عنه إحداث أصواتاً مزعجة ناتجة عن إصطدام الرصاص بالصاج المصفح والمُصنع خصيصاً ليكون ضد الرصاص لضمان أمانها الكامل 


 بقلبٍ ينتفضُ ويشعر أن النهاية الحتمية قد أتت ولا مفر 

وضعت كفاها تسد بهما أذنيها لكي لا تستمع إلي صوت طلقات الرصاص المرعبة لكيانها وبدأت تردد الشهادة بصوتٍ مرتجف: 

-أشهد أن لا إله إلاّ الله،وأشهد أن محمداً رسول الله 

يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة روز أمين من رواية قلوب حائرة (الجزء الثاني) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة