-->

رواية جديدة وبها متيم أنا لأمل نصر - الفصل 30 - 1

 


 قراءة رواية وبها متيم أنا كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية وبها متيم أنا

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر


الفصل الثلاثون

الجزء الأول


منكفئة على بعض الحسابات والأوراق الهامة التي تعمل عليها؛ كانت تجاهد وبصعوبة في التركيز لأنهائهم، فنظراته المصوبة نحوها بهذا القرب، وقد كان جالسًا مقابلًا لها على الطرف الآخر من المكتب، مستندًا بمرفقه يطالعها برأس مائل يشاكسها بتلاعب حاحبيه حتى لم تعد قادرة على كبت الضحك أكثر من ذلك لتهتف به محتجة:

- ما كفاية بقى يا عم، هو انت حد مسلطك عليا؟

بنظرة البريء المتهم بالظلم اشار بسبابته على صدره قائلًا:

- أنااا، أنا يا شهد متسلط عليكي؟ طب ليه؟ دا انا حتى قاعد بريء ومؤدب.

- أووي

قالتها ساخرة لتتابع مرددة بضحك مكشوف:

- مؤدب اوي بصراحة يعني، أموت واعرف، هي لو مكنتش أبلة مجيدة شديدة وصعبة في تربيتك على حسب كلامك، ساعتها كانت اخلاقك هتبقى ازاي يا حسن؟

رد مضيقًا عينيه يقارعها بمناكفة:

- يعني انتي شايفاني مش متربي؟ ليه يا شهد واخدة عني الفكرة الوحشة دي؟ ايه اللي أوحالك بكدة؟

ضربت بكفيها ضاحكة بملأ فمها مرددة خلفه بسخرية:

- إيه اللي أوحالي؟ انت كمان بتسأل وعايز إجابة؟ يا حسن اعقل عايزة اخلص الحسبة المنيلة دي، بقالي ساعة بعيد وازيد على نفس البند من أفعالك.

- تاني برضوا هتقولي أفعالك؟

دمدم بها ليباغتها فجأة بخطف المستند قائلًا بعملية:

- طب هاتي بقى وخلينا نشوف الحسبة دي، حتى عشان نروح بقى كفاية.

ردت معترضة بعند محبب:

- طيب ما تروح انت يا سيدي حد ماسكك؟

رد غامزًا بعينيه:

- الهوى هو اللي ماسكني ومثبتني، اعمل ايه بقى في قلبي؟

- سلامة قلبك.

قالتها بدلال الأنثى، وقد ابهجتها كلماته ومزاحه اللطيف الذي ينزل على قلبها كنسمة رقيقة مرطبة في عز حر الصيف القاسي، أو كغيث يسقط على الأرض القاحلة، لتُزهر وتخضر بالوان مخلتفة للورود.

وجاء رده بزوق لا يخلو من المداعبة:

- شالله يسلمك يارب ويحفظك، وينولك اللي في بالك، وتتجوزيني.

- وايه؟

تفوهت بها لتنطلق بموجة أخرى من الضحك المتواصل، حتى تخضب وجهها بالحمرة التي كانت تجعلها شهية في عينيه كقطعة فروالة طازجة، لتعلق اخيرًا:

- إنت مشكلة يا حسن، أقسم بالله ملكش حل.

- لا والله في حل، اتجوزيني وانا اقولك الحل فين.

قالها متابعًا لمزاحه الذي لا ينتهي، وقبل أن تتمكن شهد من الرد عليه، تفاجأت بالصوت القبيح:

- بسم الله ما شاء، منورييين.

توقفت عن الضحك والتفت رأسها نحوه لتفاجأ به ساحبًا معه همها الثقيل شقيقتها، والتي القت تحيتها بابتسامة ماكرة:

- مساء الخير عليكم يا جماعة؟

ردد حسن خلفها التحية، ولكن شهد انتفضت تسألها بقلق:

- خير يا أمنية في حاجة؟

تولى ابراهيم الرد وهو يقترب مصافحًا حسن بمودة كاذبة:

- هيكون في إيه بس يا شهد؟ عامل ايه يا بشمهندس؟ كويس؟

بادله حسن المصافحة بابتسامة صفراء:

- كويس ولله الحمد، أزيك انت؟

- وانا كمان اشطة

قالها ليتجه نحو شهد التي كانت تطالعهم بتوجس، وشعور بعدم الارتياح يكتنفها بمجيئهم، فقالت امنية مخاطبة لها:

- احنا كنا بنتفسح قريب من هنا، طأت في دماغي اجي اشوف مكتب ابويا الله يرحمه، انتي بتشتغلي فيه لوحدك يا شهد؟

قالتها بنظرة خاطفة نحو حسن أيضًا لتثير حفيظتها،

فهمت شهد على خبث تلميحها المبطن، وحدجتها بنظرة محذرة تقول مشددة على أحرف الكلمات:

- احنا في مكتب شغل، يعني الباب مفتوح لأي حد يدخل، زي ما دخلتي كدة انتي وخطيبك، من غير احم ولا دستور حتى، هو انتوا كنتوا فين بالظبط؟

رد ابراهيم وعينيه تتجول في انحاء المكتب ، لتقف على الصورة المؤطرة الكبيرة على أحد الحوائط لوالد شهد:

- ما قالتلك كنا قريبين من هنا يا شهد، الله يرحمك يا عمي ويبشبش الطوبة اللي تحت راسك، كنت طيب وأمير، وبتموت فيا.

قال الأخيرة موجهًا أنظاره نحو حسن الذي ردد خلفه هو الاَخر:

- كان بيموت فيك! ...... طب كويس.

قالها بعدم اكتراث ليزيد من احتقان الاَخر، وعلقت شهد وهي تنهض لتلملم الملفات والأوراق الهامة من فوق سطح المكتب:

- معلش هنقطع عليك حبل ذكرياتك مع الوالد الله يرحمه ويحسن إليه، عشان يدوب عشان ميعاد المرواح أزف.

تدخلت أمنية قائلة:

- كدة على طول ماشين، هو احنا لحقنا نقعد عشان تمشوا وتسيبونا؟

صاحت بها شهد وقد كانت على حافة الإنفجار:

- تقعدوا فين، احنا هنمشي كلنا، بقولك ميعاد المرواح أزف.

قالتها وهي تضع الملفات في أحد ادراح المكتب، لتغلقها جيدًا بالقفل، قبل أن ترفع رأسها على قول الأخرى:

- ربنا يعينك يا أختي، بكرة بقى لما اساعدك، هشيل عنك كتير اوي.

- نعم؟

تفوهت بها شهد كسؤال، وقد ظنت أنها سمعت خطأ، لتردف لها بتأكيد:

- بقولك هساعدك يا حبيبتي، يعني تتشطري كدة وتجبيلي مكتب في الأوضة الصغيرة اللي جوا دي، أو حتى جمبك هنا، عشان امسكلك الحسابات، واشيل عنك بقى.

افتر فاهها في محاولة لاستيعاب ما تقوهت به،  وحركت رأسها باستنكار يقارب السخرية لتردد:

- نعم يا ختي؟ سمعيني تاني؟

 

--

 

- باباااا

هتف بها الأطفال بلسان واحد وهم يركضون نحو مدخل باب القصر الذي ولج منه بغتةً، ليرفعهم إليه ويقبلهم.

ميسون التي تفاجأت بحضوره تسمرت على أريكتها باضطراب افقدها توزانها، فبرغم غضبها والقهر الذي يشق قلبها منه، إلا أنها لا تنكر هذا الصخب الدائر بصدرها الاَن، لوعة الإشتياق التي فاقت ألم الفراق، تجاهد لضبط انفاسها المتلاحقة حتى لا تفضحها، وهو يقترب منها بحضوره الطاغي والأطفال، حتى بلغ منها الإرتباك أن تشعر ببرودة طفيفة بأطرافها ترقبًا لتحيته، أو ربما عودته، أو ربما مصالحتها.

- هاي ميسون .

قالها بإماءة خفيفة برأسه نحوها، أصابتها بخيبة أمل بدلت بها كل المشاعر التي داعبت خيالها منذ قليل، انه حتى لم يكلف نفسه عناء مصافحتها، أن تعانق كفه كفها، أن تشعر ولو لثواني قليلة بدفء قربه الذي حرمها منه منذ شهور، جلس أمامها على أحد المقاعد وهو ما زال يحتضن طفلها الأصغر، واليد الأخرى تناكف الاَخر بالتمرير على شعر رأسه الكستنائي القصير، يتجاهلها عن عند عمد وكأنها جماد كالأريكة التي تجلس عليها، جاف وقاسي معها، ومع ذلك يمارس دور الأب الحنون مستغلًا عدم نضج الأطفال في السؤال عن بعده.

ابتلعت غصتها وقد تصلب جسدها، لترتدي هذا القناع الصقيعي في ادعاء عدم الأكتراث ردًا لكرامتها المهدرة، لتهتف بتجهم:

- إياد ، زياد، روحوا انتوا الاتنين على اوضكم وكفاية لعب

بدا على وجه الأول الاعتراض ولكن الأصغر كان أكثر جرأة في التعبير عن احتجاجه:

- انا عايز أفضل مع بابي، مش عاور اروح اوضتي.

زادت بحدة وشراسة يحركها العند:

- أنا قولت روحوا دلوقتي...... عايزة اكلم بابا في موضوع مهم.

سمع الاَخير لينزل بطفله على الأرض، يهادنه ويطالب الاَخر لاتباع الأمر:

- اطلعوا دلوقتي على أؤضكم واجهزوا، عشان نص ساعة كدة وهنخرج نتفسح.

هلل الإثنين بكلمات المرح، قبل أن يركضن سريعًا لتبديل ملابسهم في انتظاره، وحين خلى المكان عليهما سألها:

- نعم يا ميسون عايزة إيه؟

اردف بسهولة زادت من سخطها لترد بانفعال متخلية عن واجهة القوة التي تتصنعها:

- عايزة اعرف ايه أخرتها؟ اخرة الهجران دا إيه يا عدي؟

مط بشفتيه يضع قدمًا قوق الأخرى ليجيبها ببرود:

- السؤال ده تجاوبي عليه انتي يا ميسون.

سألته بخفوت وقد توجست من إجابة تُحزنها:

- يعني إيه؟ وضح أكتر.

بلهجة المسيطر الواثق نهض فجأة عن مقعده يصعقها بقوله:

- لا انتي فاهمة كويس يا ميسون، حددي انتي عايزة ايه وانا تحت أمرك في كل اللي تطلبيه، عن أذنك بقى اروح اشوف والدتي في جناحها.

بصق كلماته وتحرك ذاهبًا نحو مقصده، غير عابئًا بأثر القرار عليها، وقد توقف النفس بصدرها، أو هو مفعول الصدمة التي أصابت قلبها فنسي أن يعمل.

بهذه السهولة يخيرها على الفراق! بهذه السهولة يلفظها من حياته،  وكأن ما بينهم لم يكن شيء ذا قيمة يستدعي المحاولة لإصلاحه، وان كان هو كذلك فكيف سيكون وضع الأطفال؟

 

--

 

وفي داخل مقر عمله بقسم الشرطة، وبعد أن عاد من مأمورية سريعة لم تستغرق منه وقتًا كبيرًا أو جهد مضاعف، في القبض على أحد المجرمين المبلغ عنهم في أحدى المدن الساحلية، وكأن مزاجه الرائق بهت أيضًا على حظه اليوم حتى في العمل، جلس بأريحية على مكتبه ليتناول الهاتف لإجراء المكالمة التي يؤجلها منذ الصباح،، فجاء الرد بعد فترة وليس على الفور كالمرة السابقة:

- ألوو مين معايا؟

- ألوو أنا أمين يا لينا، عاملة ايه بقى؟

صمتت لبرهة قبل أن يصله ردها:

- اَه.... هو انت اتصلت بيا قبل كدة من الرقم ده، عشان حاسة ان الأرقام دي مش غريبة عني.

أبعد الهاتف عنه قليلًا، ليغمغم بصوت خفيض لم يصل إليها:

- من مرة واحدة وحفظتي الأرقام،  دا انتي اروبة وحقنة كمان.

- ألوو يا حضرة الظابط، روحت فين؟

هتفت بها من الناحية الأخرى حينما طال صمته، ورد يجيبها على الفور:

- أيوة يا لينا أنا معاكي،، ااه انا كنت بتصل بخصوص السلسلة اللي قولتي عليها.

ردت بلهفة:

- أيه ده بجد؟ لقيتها يا أمين.

تبسم بمكر يجيبها:

- انا لقيت واحدة، بس انتي لازم تقولي عن المواصفات عشان اتأكد.

- مواصفات ايه؟ هي لدرجادي العربية عندك سداح مداح، ولا هما كتير أوي كدة.

فهم مقصدها فتابع بخبث دون أن يصحح لها الخطأ:

- الله يا لينا، كتير ولا قليلين بقى، مش تقولي عن مواصفات سلستلك عشان لو مش مطابقة ادور بقى على صاحبة النصيب.

زفرت بصوت عالي كاد أن يثقب أذنه، لتردف بحنق:

- السلسلة دهب واحد وعشرين، وو....

- خلاص يا لينا انا واثق فيكي، خلي بقية المواصفات لما اقابلك وتشوفيها بنفسك.

- تقابلني فين؟

- هبلغلك ع المكان بس قوليلي انتي بتخرجي امتى من الشغل؟

 

--

 

-- جيتي لوحدك يعني المرة دي يا نور، دا حتى قبل ميعاد الجلسة.

تفوهت بها الطبيبة التي كانت جالسة أمامها، تطالعها بتمعن، وقلمها الذي تدون به الملاحظات داخل دفترها تتلاعب به، شاعرة بأن بها شيئًا ما متغير.

لترد الأخرى بعد أن ارتفعت أنظارها إليها، بنبرة خاوية:

- يمكن عشان اختصر واخلص بقى، بدال ما احنا بندور في دايرة مفرغة كدة، مفيهاش أي نتيجة.

تبسمت المرأة ترد عن قناعة:

- انتي بتقولي مفيش، بس انا متأكدة ان في نتيجة بدليل قعدتك قدامي دلوقت.

بسخط لم تقوى على كبته وشراسة المضطر لفعل شيئًا ما مرغمًا، هتفت بها:

- عشان انا اللي قررت اتكلم بعد ما تعبت وفاض بيا، هتكلم عشان تعرفي اني على حق.

حافظت الطبيبة على هدوئها وزادت في اللطف كي تمتص غضب الأخرى:

- طيب براحة على نفسك، لو انتي حاسة إن الكلام هيتعبك، بلاها منه.

صاحت بها معترضة:

- لأ مش بلاها، ومتكررهاش تاني عشان ممكن اخرج دلوقتي وساعتها مفيش رجوع عن قراري.

بكل سهولة قارعتها الطبيبة:

- براحتك يا نور للمرة الألف بقوهالك، أنتي حرة .

- لأ مش حرة.

قالتها لتصمت برهة تبتلع الغصة التي تشق حلقها من الألم ، ثم أردفت رافعة راية الاستسلام، مسبلة أهدابها بتوتر جعل ارتعاش طفيفًا يغلف صوتها:

أنا عمري ما كنت حرة، ولا عمري كنت الشخصية اللي انا عايزاها، أنا واحدة بائسة ابتدت حياتها بحلم جميل كنت عايزة أحققه، لكن للأسف تمن تحقيق الحلم دا كان غالي غالي أوي، تمنه كان اللعنة اللي هتفضل مرافقاني وتمنع عني أجمل أمنية تتمناها واحدة، وهي إنجاب طفل....

توقفت وكأن الكلمات اختنقت بجوفها، شعرت بمعاناتها الطبيبة، ولكنها ظلت صامتة تعطيها المجال كاملا دون تشوش لتخرج ما في صدرها، فخرج صوتها بعد فترة من الشرود جعلتها تبدوا وكأنها داخل الذكرى:

- أنا هحكي من البداية.

 

--

 

بداخل السيارة التي كان يقودها حسن، تجاوره شهد على المقعد الأمامي، وقد احتلت شقيقتها وخطيبها ابراهيم المقعد الخلفي، بعد أن تطوع حسن بدعوتهم ليُقلهم للمنزل، وياليته ما فعل.

- عارفة يا شهد، ابراهيم النهاردة خدني على أحلى كازينو ع الكورنيش، دا غير الهدية الغالية اللي جبهالي، بوكس كبيرة مليان بكل حاجة بحبها.

هتفت بها أمنية في رغبة لإظهار نفسها، وبثرثرة لم تكف عنها من وقت دلوفها السيارة بصحبة المذكور والذي انتفش ريشه يوزع الأنظار بين من يحتلان الكرسين الأماميين، ليضيف بزهو لا يليق به:

- تعيشي وتدلعي احبيبتي، انتي اؤمري بس وكل تشاوري عليه يا نونتي يُجاب.

رددت شهد خلفه بعدم استثاغة لدلاله السمج.

- نونتي؟

بانتشاء مستفز ردت أمنية:

- اه نونتو، ما انا صغيرة ومن حقي ادلع ولا انت ايه رأيك يا بشمهندس؟

تفاجأ حسن بخطابها له في شيء خاص كهذا ، فقال بحرج:

- اه طبعًا من حقكم، ربنا يهنيكم ببعض.

قالها ليزفر بسأم، يشعر بانسحاب الهواء من السيارة، فهذه الفتاة تملك موهبة غير عادية في السماجة وثقل الدم، بالإضافة لخطيبها صاحب سابقة الشجار معه قبل ذلك يشعر أن به شيء غريب لا يعلمه، وقد تدخل سائلًا له:

- طب وانت يا بشمهندس، بتدلع خطيبتك ولا هي اللي بتدلعك؟

هم أن يجيبه ولكنه انتبه على رفض شهد الصامت، وهي تحذره بعينيها، بشكل اثار استغرابه، فرد ينهي بذكائه:

- والله يا استاذ ابراهيم، دي حاجة بيني وما بين خطيبتي، تقدر تعتبرها كدة اسرار، محبش يطلع عليها غيرنا.

رده كان قاطعًا لدرجة اجفلت أمنية التي تبادلت نظرة ساخطة مع خطيبها الذي افحمه الرد وزاد من ظلام قلبه وعينيه تتابع الجهة الظاهرة من وجه شهد، ونظرات الوله في أعين هذا الأحمق خطيبها المزعوم، ومداعباته كف يده الخبيثة في الأمام، والتي تحط على كفها كلما حانت الفرصة.

- وقف هنا خلاص.

هتفت بها شهد تفيقه من شروده، لتتابع موجهة الحديث نحوه:

- ابراهيم هينزل هنا عشان بيتهم اخر الشارع .

أجفلته بفعلتها ليضطر مجبرًا للترجل فور توقف السيارة، تدخلت امنية بإصرار على حرق دمها:

- وينزل ليه؟ طب ما يجي يتغدى معانا، واهو بالمرة البشمهندس يدوق أكلنا.

قالت الأخيرة بمكر اشعل رأسها، همت أن تنفعل عليها ، ولكن حسن كان الأسبق بحكمته:

- الفرص جاية كتير ان شاءالله، بس احنا نكتب الكتاب الأول.

قال الأخيرة ليقفز ابراهيم على الفور بعدم تحمل، مودعًا بقوله:

- عن اذنكم .

نظرت في أثره امنية بقهر، تود القفز من خلفه لتلحق به، وظلت تحدج شقيقتها بنظرات نارية من مراَة السيارة، حتى أذا توقف حسن بالقرب من بنايتهم، ترجلت على الفور بعد أن اردفت بجلافة:

- حمد لله وصلنا، سلام يا بشمهندس.

طالعت شهد مرورها وهي تخرج زفيرًا من العمق بقنوط،

مما جعل حسن المنتبه على تبدل حالها أن يسألها:

- مالك يا شهد؟

تطلعت إليه بحيرة المغلوب على أمره، تريد البوح عما يقلقها، وبنفس الوقت تخشى القادم، ابراهيم وما أدراك ما ابراهيم، شقيقتها المجنونة وما اغبى منها ان تحدثت هي عن حقيقته المتلونة ورغبته الدفينة بها وفي أذيتها ، تعلم انها لن ترحمها، ان لم تسبب لها فضيحة من الهواء، فكيف السبيل للخلاص مع عقلية كهذه، والنجاة ممن يتربص بها،

- يا شهد اتكلمي، مالك يا ماما؟

عاد حسن يسألها بإلحاح على المعرفة، فتبسمت برقة تنكر بدلال تأثيرها عليه:

- مفيش يا سيدي، مفيش يا سي سون سون.

 

--

 

حينما خرج وقد كان في طريقه للمغادرة، وقعت عينيه على ابن عمه رجل الأعمال الهمام زوج البلوجر الشهيرة، التي رفضته قبل ذلك ولم تبالي بمشاعره نحوها.

وقد كان كارم يسبقه في الخروج نحو سيارته والحرس الخصوصي، الرجال الأشداء الذين تلقفوه كشخصية هامة ومؤثرة في المجتمع، ولكنه كان خارجًا من القسم،

ترى ما الذي أتي به إلى هنا؟ أهي زيارة ودية لأحد الأقرباء من العائلة الكريمة؟ أم هي زيارة بغرض مصلحة ما يبتغيها؟ يرجح الاَخيرة ولكن الفضول بداخله، يدفعه للتأكد،

توقف فجأة ينتوي العودة للداخل، حتى يبحث ويسأل، ولكنه تفاجأ من ناحية أخرى بوجه مؤلوف، هذه الجميلة ابنة الرجل الصعيدي التي كانت حاضرة خطبة أخيه وشهد، تقف من مسافة ليست بالبعيدة، بجوار امرأة يعرفها من كثرة التردد على القسم بصفتها..... محامية حقوقية في قضايا النساء.

بدون أي تردد أو تفكير في أسئلة تحرك باتجاههما ليرى ما المشكلة.

تابع قراءة الفصل