رواية جديدة وبها متيم أنا لأمل نصر - الفصل 30 - 2
قراءة رواية وبها متيم أنا كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية وبها متيم أنا
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الثلاثون
الجزء الثاني
كانت تقف بجوار سيارة
المرأة التي عثرت على عنوانها من إحدى الجروبات وناقشتها بالأمس عن موضوع مودة
وظرفها المادي الضعيف عن توكيل ما يدافع عنها، تفهمت المرأة الوضع وتطوعت للدفاع
عنها، الفرصة التي تلقفتها صبا بكل ترحاب، رغم يأسها من نتيجة تذكر بعد هذه الشروط
التي وضعتها المرأة على لسان عدي عزام.
كانت في هذا الوقت تتناقش
معها عن بعض النقاط قبل دخول القسم:
- يا مدام انا فاهمة اني
وضعها صعب، لكن مع ذلك لجألتلك يمكن تلاقي حل، بصراحة انا احترت واحتار
دليلي وصعبان عليا يضيع مستقبلها.
جاء رد المرأة يسبقه
تنهيدة بقنوط:
- والله يا صبا انا متطوعة
عشان خاطرك وداخلة ادافع بضميري المهني رغم صعوبة القضية بعد حالة التلبس،
لكن احنا بنعمل اللي علينا وربنا عليه التوفيق.
- السلام عليكم.
قالها لتلتف نحوه صبا
فتوسعت أعينها بجزع، لظهوره المفاجئ لها، تمتمت ترد التحية بارتباك ملحوظ:
وعليكم السلام ورحمة الله
وبركاته، اهلا يا سعادة الظابط.
إنتبه أمين على حالة
الإجفال التي انتابتها، مع انسحاب الدماء من وجهها بزعر يتفهمه، فقال ملطفًا بلهجة
بدت عادية، وقد امتدت يده لتصافحها:
- جايبة في إيدك مدام صفاء،
أكيد جاية تدافع عن قضية نسائية كعادتها.
ضحكت المرأة معقبة وهي
تبادله المصافحة:
- ومالها القضايا النسائية
يا باشا، دا حتى هي اللي مشغلة القسم.
ضحك أمين بملأ فمه مع
المرأة ليذهب عن صبا بعض التوتر، فتابع بمزاحه:
- لا بصراحة عندك حق، دا
حتى المثل بيقول ابحث عن المرأة.
قالها بمناكفة للمرأة
التي ردت رافعة حاجبها بتحفز:
- اشعر ان خلف جملتك
الاخيرة بعض التلميح المبطن، والغير مريح يا سعادة الباشا
تابع بضحكه للمرأة حتى
لمح طيف ابتسامة على وجه صبا جعلته يتشجع ليسألهما:
- يعني الموضوع فيه واحدة
ست، طب قولولي بقى يمكن اساعد.
تراقصت مقلتي صبا تتنقل
بين الأثنين بتردد وقد تلجم لسانها من الحرج، رغم رغبتها القوية لتقبل مساعدته،
فهي في أشد الحاجة إليها، لكن جرأة المرأة قصرت عليها الطريق:
- بصراحة هي فعلا قضية
نسائية، بس دي حالة انسانية واحنا داخلين فيها بقلبنا تطوع، على أمل اننا نلاقي حل.
ظهر الإهتمام على وجهه
ليتوجه بخطابه نحو الاثنتين قائلًا بجدية:
- خلاص مدام كدة، تعالوا
معايا المكتب جوا عشان اعرف منكم بالتفصيل.
❈-❈-❈
بعد قليل
وباهتمام غير عادي كان
يطالع الأوراق التي في الملف، وبنفس يستمع إلى حديث مودة وتعقيب المرأة الحقوقية،
مع تذكره لملاحظات الضابط الملكف بالقضية، زميله عصام، حتى تكمتل الصورة برأسه،
ليردف بسؤال سبقه العديد من الأسئلة الأخرى:
- يعني انتي متأكدة انك
لقتيها على الأرض، مش انتي اللي فتشتشي ولا سرقتيه؟
ردت مودة بدفاعية جعلت
صوتها يخرج ببحة مختنفة:
- والله ما كنت قاصدة اسرق،
دا انا كنت قابضة مبلغ حلو وعايزة اشبرق نفسي، طلعت مع ميرنا اللي دخلتني ع المول
وسهلت عليا اشتري حاجات كتير بعلاقتها مع اصحاب المحلات، وانا كنت هطير من الفرحة
والله لحد اما شوفت الفستان دا اللي لابساه دلوقتي في فترينة العرض، راحت مدخلاني
ع الست النحس دي.......
قطعت لتستطرد ببكاء حارق:
- انا عارفة اني غلطت لما
حطيته في جيبي، بس وحياة ربنا ما كنت اعرف ان قيمته غالية اوي بالشكل ده.
تحمحمت صبا التي كانت
جالسة بالقرب منها أمام أمين لتقول بحرج مدافعة رغم كل شيء:
- انا آسفة في اللي هقوله،
بس دي خصلة في مودة، ممكن نقول عليها زي المرض كدة، هي بتاخد الحاجات الخفيفة، ودا
لظروفها المادية الصعبة والحرمان اللي عاشت فيه، أنا مش ببرر، لكن هي عمرها
ما خدت حاجة غالية، لأنها ما تقدرش.
علقت المرأة بلمحة من
الفراسة:
- بس انت مش واخد بالك يا
فندم، ان خاتم بالقيمة دي ويكون مرمي ع الأرض، إنها حاجة غريبة ومش مفهومة، يعني
فرضنا وقع من صاحبته؟ محستش بيه؟
اهتزت رأسه بإماءة خفيفة
معبرة عن اقتناعه، ليضيف عليها:
- لا دا كمان الهانم
مكتشفتش السرقة غير بعد ساعات!
خيم الصمت على ثلاثتهن
بتفكير جاد في جملته، فتابع بسؤاله لصبا:
- إنتي قولتي من شوية إن
الست عايزة ضمان من مودة عشان تتنازل وتخليها تخرج تدور عليه، هو انتي اتفاوضتي
معاها؟
هذه جاء ردها مباشر دون
تردد وقد توسمت فيه الخير:
- مش انا اللي بتفاوض، دا
انا كلمت مدير الفندق بتاعنا، اصلي عرفت انه يبقى صاحب المول من كلام مودة.
قاطعتها ميرنا تتدخل في
قولها:
- دي ميرنا هي اللي قالتلي،
انا مكنتش اعرف إن يملكه.
- ميرنا دي هي نفس البنت
اللي دخلت معاكي المحل.
قالها بتركيز شديد،
لتضيف على قوله مودة:
- ايوة، ما هي اللي قالتلي
اخلي صبا تكلم عدي باشا يضغط ع الست.
- عدي مين؟
- عدي عزام.
- عدام عزام يدخل لك انتي؟
قالها بريبة وصلت في
البداية كامتهان لها، فتابع يصحح قوله الغير مقصود:
- انا مش قصدي اقل منك انا
بس مستغرب.
بزفرة مشبعة بالأحباط
قالت صبا توضح:
- ما احنا شغالين موظفين
عنده في نفس الفندق، انا بصراحة رغم ان الطلب كان تقيل على قلبي، اضطريت افاتحه
وهو حر بقى لو مش عايز يوافق، لقيته بيقولي ان الست عايزة مودة تمضي على وصل بتمن
الخاتم، يا اضمنها أنا .
- نعم!
- والله زي ما بقولك كدة.
- طب وانتي إيه دخلك؟
قالها باستهجان ورأسه
تدور بالأفكار المتناطحة بحيرة من هذا الأمر، وردت صبا بعدم معرفة:
- بصراحة مش عارفة ايه وجهة
نظرها في انها تورطني معاها، دي صاحبتي وانا عايزة اساعدها، ايه المشكلة في كدة؟
- وانت كان رأيك ايه يا
صبا؟
سألها مباشرة أمام مودة
التي احتجت بعفويتها المعتادة:
- لا طبعا، مينفعش صبا
تتحمل المسؤلية معايا، انا ممكن امضي على الوصل عشان اخرج، وان شاء الله هقلب
البيت لحد اما الاقيه، ما هو بالعقل كدة هيكون راح فين يعني؟
- ربنا يستر وتلاقيه،
لتزيد عليكي مصيبة الوصل كمان.
عقبت بها المحامية
المدافعة، فجاء رده بحزم:
- لا هي هتمضي ولا صبا
هتضمنها، انا هلاقيلها صرفة .
- صرفة ايه؟
خرجت بلهفة على ألسنة
الثلاثة في نفس الوقت، فرد يذهلهن بعرضه:
- انا هخرجها واروح معاها
البيت على مسؤوليتي، مع فرد أمن تبعي يدور معاها كمان، عشان نشوف الخاتم ده
اللي قالب الدنيا يا ست مودة.
ابتسامة سعيدة ارتسمت على
وجوه الثلاثة، وقد استطاع بحنكته رفع الهم الذي أثقل ظهورهن، وهللت مودة ببهجة
الشعور بقرب الفرج:
- ربنا يخليك يا سعادة
الباشا، اللهي يارب ما يوقعك في ضيقة ابدًا، ويرزقك بكل اللي بتتمناه.
❈-❈-❈
- أنا كنت بنت وحيدة
لوالدتي، مكانتش امي مثالية وبرضوا مكنتش وحشة، ربتني لوحدها ودا لأنها كانت زوجة
تانية، لراجل ميعرفش واجباته غير في الصرف على البيت وتأدية حقه الشرعي معاها
وكأنه واجب مفروض عليه، يعني حاجة تجرح كرامة أي ست، مهما كانت قوية وادعت الا مبلاة
بتكسرها، لذلك انا كنت بغفر لها كل قسوتها معايا ومهما عملت كنت بديها عذرها، لكن
عمري ما سامحت والدي رغم انه مكانش مأثر معايا نهائي كأب.
كنت بتقهر لما اشوف نظرة
الحب في عيونه لمراته التانية ، وشه اللي بينور مع كل كلمة تقولها، يسمع منها
ويشاركها الرد بحماس، عكس امي اللي كان بيستخسر فيها حتى النظرة العادية، او
بالأصح ما بيطقش يقعد ولا يسمع لها، لدرجة انه لما كان يقعد معانا ع السفرة، بُقه
مكانش بيتحرك غير للأكل، ونادر أوي ما تطلع منه كلمة.
ذنبها الوحيد هو انها
كانت بنت عمته اللي فرضوها عليه بحكم انها اتربت في بيتهم،
شعور الفرض والغصب بيجعلك
تكره الشيء حتى لو كنت بتحبه، الشعور ده أنا فهمته كويس أوي لما عيشت التجربة.
لما اتجوزت جوزي الأول،
كمال عز الدين، منتج الأفلام المعروف واللي شافني وسط مجموعة من الوجوه الجديدة
اللي كان بيختبرها المخرج، انا كنت ساعتها متخرجة جديد من المعهد وكلي أمل أحقق
طموحي في التمثيل، لو حد بس اداني فرصة، كل اللي كنت محتاجاه كان فرصة، والفرصة مع
واحدة في حالتي عمرها ما كانت بتيجي غير بدفع التمن، او واسطة معروفة تزوقك في
المجال، مكنتش املك الواسطة ولا الحظ النادر في ان الاقي اللي يقتنع بيا، يعني
مكانش قدامي غير دفع التمن، يا إما من كرامتي وشرفي ودي حاجة كنت افضل اموت
ولا انها تحصل، لا إما بزوجة تانية من المنتج اللي عمره كان وقتها خمسين وانا يدوب
تلاتة وعشرين، على أمل الفرصة وافقت ان اكرر دور أمي كزوجة تانية بعد البيبان ما
اتقفلت في وشي من كل ناحية.
اجبرت نفسي على واحد
مكنتش شايفة فيه أي قبول، احساس اتطور بعد الجواز لكره وبغض شديد لما اكتشفت
عيوبه، انسان مقرف لا يعرف انسانية ولا أي رحمة في التعامل مع واحدة ست من وجهة
نظره هي اداة للمتعة اشتراها بفلوسه......
توقفت فجأة لتبكي لأول
مرة بتذكرها للجحيم الذي عايشته مع هذا الرجل،
ظلت الطبيبة صامتة تتابع
نهنهاتها الموجعة بتأثر تخفيه بجمودها حتى تمكنت من إخراج الكلمات بصورة صحيحة
مخاطبة الطبيبة:
- عارفة يعني أيه تكرهي
انسان مغصوبة عليه وع العشرة معاه؟...... يعني تكرهي السرير اللي بيشاركك فيه،
تكرهي الطبق اللي أكل منه، تكرهي هدومه تختلط بهدومك، تكرهي نفسك وتتمني الموت بعد
ما يتقفل قدامك كل طريق للخلاص.
حتى الفرصة اللي كنت بحلم
بيها اكتشفت انها كانت الخدعة عشان اقع في المصيدة، الدور اللي اخدته في الفيلم
اللي دفعت تمن فرصته من عمري كان دور واحدة تافهة، فرحانة بجمالها ولبسها، يعني
حاجة كدة تعدي قدام الناس من غير ما يحسوا بيها، التمثيل الحقيقي كان مني انا قدام
المخرج وجمع الممثلين، اضحك وانا بتحرق جويا من القهر.
صبرت على أمل ان الاقي
الحل بس اثناء الصبر ده حصل اللي مكنتش اتمناه ابدًا:
التفت فجأة برأسها نحو
الطبيبة قائلة
- تعرفي بقى اني حملت وسقطت
نفسي من كمال تلت مرات.
- تلت مرات يا نور؟
قالتها الطبيبة كاستفسار
لتجيبها الأخرى بإماءة من رأسها ودموع أصبحت تنهمر كالسيل دون توقف وهي تردف بحرقة:
- مكانش ينفع احتفظ بطفل
يربطني في العذاب مع بني ادم زي ده ويدفع معايا تمن غلطتي، انا جربت احساس الكره
بين ابويا وامي، يعني عارفة كويس بالماَساة اللي كان هيعشها ابني أو بنتي، طفل يجي
بالغصب من جوازة بالغصب، دا لا يمكن يبقى سوي.......
سألتها الطبيبة لاستفسار
أكثر:
- وكنتي بتسقطي الجنين
بعلمه؟
حركت برأسها نافية وقد
تقلصت تعابيرها لتردف بصوت مبحوح:
- لأ ، أو كنت أظن.... مش
عارفة، لكن اللي كنت متأكدة منه، هو انه مكانش بيهتم غير بالعلاقة اللي برضوا كان
بيجبرني عليها، بس........
قطعت وصوت أنفاسها ازدادت
حدتها، مع الصعود والهبوط بصدرها بتسارع مريب جعل الطيبة تعاود بسؤالها:
- بس إيه يا نور كملي.
التفت رأسها فجأة بحدة
تقول:
- ممكن أكمل في وقت تاني
عشان مش قادرة.
❈-❈-❈
في مخزن القصر الذي جعله
مقر له بصحبة رجال حراسته، الذي زاد بعددهم لمواكبة الظرف الجديد في البحث وتأديب
من تجرأ على أسرته، وقد كان في هذا الوقت يتحدث على هاتفه بانفعال:
- يعني ايه مش لاقينه؟ يعني
إيه مش لاقينه؟....... مش عايز اعذار، الواد ده يتجاب زي البهيمة ولو من تحت
طقاطيق الأرض......... وزع رجالتك، شوية في البحث في الأماكن اللي كان بيروحها،
وشوية تراقب سكنه وسكن اهله، متسيبش خرم ابرة من غير ما تدور، تقب وتغطس
تجيبه....... مش عايز رغي تاني واقفل بقى؟
انهى ليتخصر زافرًا
أنفاسه بخشونة، قبل أن يستدير بجسده نحو الرجل المقيد على كرسيه، وهو يكاد أن يموت
من الرعب، ورجال بأجسام مخيفة تحيطه من كل جهة، تقدم نحوه ليضع قدمه على الكرسي
المقابل له يتابع التحقيق معه:
- كمل بقى وقولي يا عم
كريم، ايه كان بيحصل وانتوا بتوصلوا الهانم؟
بجسد يرتجف وصوت يخرج
بارتعاش ردد الرجل برجاء يقارب البكاء:
- والله يا باشا انا ما كنت
فاهم ايه اللي بيحصل، انا كنت بلاقيها فجأة توقفنا وتزعق من غير سبب ان في حد
بيراقبها، ينزل الزفت حامد يدور ويرجع يقول مفيش، انما ايه اللي بيحصل والله ما
اعرف.
قرب رأسه بأعين صقرية
زادت من جزع الرجل ليسأله بهدوء مريب:
- يعني انت مشوفتش أي تصرف
من اللي اسمه حامد ده وخلاك تشك فيه؟
اهتزت رأس الرجل بتشنج
ينفي:
- لا والله، او يمكن مكنتش
فاهم، واحد متولي حراسة الهانم بنفسها، أنا هشك فيه ازاي بس؟ وانت الباشا اللي
مأمنه على حياتها وحياة البيه الصغير .
ارتدت رأسه للخلف بإجفال،
فكلمات السائق البسيط على قدر عفويتها، على قد ما اصابت الهدف بداخله، هو من أخطأ،
وعليه الاَن تصويب الخطأ.
- كارم باشا.
هتفت بها أحد الرجال من
خلفه قبل أن يقترب منه هامسًا:
- الهانم مرديتش تروح معانا.
هدر به معنفًا بغضب:
- يعني إيه مرديتش تروح
معاكم؟ ما اديتهاش ليه التليفون اللي باعته معاك؟ انت نفسك متصلتش بيا ليه تبلغني؟
- يا باشا ما هي مرديتش
تاخد التليفون، كنت هاوقفها ازاي بس وامنعها؟
زمجر بوحشية يدفع الرجل
من أمامه، ليخرج ذاهبًا بخطواته السريعة مغمغمًا:
- بتتحداني وتتحامى في
اختها وجوز اختها، على أساس اني هسمح ولا اديها فرصة للبعد أصلًا!
❈-❈-❈
- نورتي اوضتك يا رورو .
قالتها كاميليا وهي تضغط
على قابس المصباح الكهربائي، ليُضيء الغرفة بأكملها، دلفت بداخلها رباب لتفاجأ بكم
الصور الكثيرة لها بأحجام مختلفة تزين الحوائط، مع العديد من متعقاتها القديمة
كالدمى، والهديا العديدة لها، اقتربت من إحدى الزوايا، تتناول دمية قماشية كانت
الهدية الأولي من شقيقتها بعد اول راتب تحصلت عليه من عملها، ضمتها بتأثر لتنقل
بنظرها نحو كاميليا قائلة:
- هو انتي كنتي عارفة اني
راجعالك؟
ردت شقيقتها التي كانت
متكتفة بذراعيها، بابتسامة واثقة:
- وكنت متأكدة كمان، ولا
انتي فاكرة يعني ان الأوضة دي جهزتها للذكريات وبس.
- طب ازاي؟ إذا كنت نفسي......
توقفت فجأة بأعين غائمة
تناظرها باضطراب وتردد، فتابعت كاميليا تكمل لها:
- انتي نفسك مكنتش مقررة
ولا عاملة حسابك على ده، اننا نرجع تاني لبعض.
اكتنفها شعور بالخزي حتى
لم تقوى على مواجهتها حتى بالنظر، لتطرق برأسها نحو الدمية، أشفقت كاميليا لتلطف
الحديث بحكمتها:
- هوني على نفسك يا قلبي،
أنا قولتلك ان مهمها حصل ما بينا ، عمر الدم ما هيبقى مية ، ومهما انتي بعدتي ولا
سافرتي، برضوا مكانك هيفضل وسطنا، والأوضة دي هتفضل على حالها مستنياكي .
تعلم أنها صادقة في
محبتها ولن تحنث بوعد حتى لو غير منطوق، وهذا ما يزيد عليها، ويجعلها ساخطة على كل
السنوات التي مرت عليها وهي منبوذة باختيارها، وحيدة، حمقاء، دمية كالتي تحملها
الان.
شعرت بها كاميليا فلم
تنتظر الإذن لتقترب منها وتضمها إليها، تلقفت الأخرى الدعوة لتضغط بذراعيها حولها،
تذرف الدموع بلوعة اشتياق كانت تنكره؛ خلف كبرياء زائف ، الحاجة المؤلمة للدفء
وحنان الأشقاء، وقد افتقدته كثيرًا، كثيرًا جدًا.
قبلتها كاميليا على
جبهتها قبل أن تتنبه معها على طرق باب الغرفة والخادمة تقول بلهاث::
- طارق باشا بيتخانق مع
واحد تحت بيقول انه جوز الهانم .
❈-❈-❈
حينما عادت صبا إلى
منزلهم وقد غمر قلبها بعض الارتياح، بعد تأكيد الضابط أمين على اخراج مودة والذهاب
بها الى منزلها، للبحث عن الخاتم، رافعًا من ظهرها هم لا قبل له، كانت شاردة لدرجة
جعلتها لم تشعر لهدوء المنزل سوى بعد فترة من الوقت، هتفت بصوتها تنادي علّ أحدا
يجيبها:
- يا أهل الدار، انتوا فين
يا جماعة؟
خرج إليها صوت زبيدة
والدتها من غرفة النوم:
- تعالي هنا يا بت انا
جاعدة
دلفت أليها على الفور،
لتفاجأ بها جالسة على ركبتيها فوق الفراش، تحاول غلق سحاب حقيبة السفر المفتوحة،
بعد أن حشرتها بالملابس الكثيرة.
- بتكومي في شنطة سفر ابوي
ليه ياما؟
قالتها من قبل حتى القاء
التحية، مما جعل زبيدة ترد بغيظ:
- طب ارمي سلام ربنا الأول،
معلموكيش خالص في المدارس؟
ضحكت لها معقبة بمزاح:
- لا يا ست زبيدة معلمونيش،
المهم بس جاوبني، هو ابويا عنده سفر ولا ايه؟
ردت والدتها وهي تهبط
بقدميها عن السرير، لتبحث في ادرجة الكمود عن جوارب القدم لزوجها:
- أبو جوز عمتك فوزية
اتوفى، ابوكي مسافر يحضر العزا وبالمرة يطل على اخواتك.
رددت صبا خلفها بعدم
استيعاب:
- ابو جوز عمتي! يا لهوي
ياما الراجل اللي عنده مية سنة ده، ما متش غير النهاردة؟
- يخرب مطنك.
تفوهت بها زبيدة باستهجان
لتردف بتوبيخ:
- عيب عليكي يا بت، دا عند
ربنا دلوك، اترحمي عليه تاخدي صواب.
بابتسامة لم تقوى على
كتمها:
- ماشي يا ست الكل، الله
يرحمه، المهم بجى، حضرتي الغدا ولا لسة؟
تقلص وجهها بيضيق تجيبها:
- حضرته يا جلعانة، روحي
غيري هدومك على ما خلصت اللي في يدي يكون ابوكي جه، وناكل احنا التلاتة مع بعض.
بتفكير سريع استدارت عنها
لتقول بعجالة:
- طب مدام كدة، يبجى اروح
اطمن انا على رحمة اصلها كانت تعبانة امبارح .
قالتها وتحركت على الفور
لتغادر نحو الشقة المقابلة، ضغطت على جرس المنزل بخفة، وانتظرت قليلًا قبل أن
ينفتح الباب أمامها، تخيلت أن تجده، ولكنها تفاجأت بامرأة غريبة تقف أمامها
تسألها، وكأنها من أهل المنزل:
- نعم مين حضرتك؟
ردت بسؤال إندفع بريبة منها:
- انا صبا، انتي اللي مين؟
وقبل أن تجيبها المرأة
اتى صوت شادي من الداخل يهتف سائلًا:
- مين اللي ع الباب يا
سامية؟
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر (بنت الجنوب) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية