-->

رواية جديدة ذنبي عشقك لميرا كريم - الفصل 38

 

قراءة رواية ذنبي عشقك كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية ذنبي عشقك رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة ميرا كريم


الفصل الثامن والثلاثون



لا تنطفئ، ربما كنت لأحدهم سراجاً وأنت لا تشعر."

- جلال الدين الرومي

❈-❈-❈


لم ينم سوى بضع ساعات قليلة بسبب تفكيره و حُزنه على تأثرها بما حدث لشقيقها فلم تنـ فك عن بكائها إلا بعد تأدية صلاة الفجر التي أَمها بها وبعد تضرعها لربها ودعواتها التي خصت الجميع بها غفت من شدة تعبها والآن هاهي مُستغرقة في نومها على شِقها وهو مُمـ دد جوارها يطالع إنطفائها وذبول وجهها بتنهيدات مُثقلة، لايقوى على تركها ورغم تأخره على عمله إلا أن لا شيء يهمه الأن سوى أن يكُون جوارها فقد رمشت بأهدابها لتَـ هُب النسائم على قلبه، وقبل أن تستيقظ بالكامل كان يداعـ ب غرتها المُتهدلة على جبينها هامسًا:

-صباح الخير يا شمسي 


حانت منها بسمة هادئة وفتحت عيناها الذابلة و المتورمة بعض الشيء هامسة بصوت يحمل بقايا نعاسها:

-صباح الخير


قـ رص وجنتها بلطف وهمس بصوته العميق غير راضيًا:

-عاتب عليكِ


تأهبت بنظراتها متسألة: 

-ليه؟ 

أقترب أكثر لحين اختـ لط انفاسه بأنـ فاسها ثم همس وهو يضـ ع قُـ بلة مطولة على عيناها التي اغلقتها بدورها:

-عيونك الدبلانين من كتر العياط دول ذنبهم ايه...


قال ما قاله وابتعد إنش واحد عن وجهها، لتطالعه هي والحُزن يغلف حروفها:

-قلبي واجـ عني عليه اوي 


طمئنها متفائلًا من أجلها وهو يحتوي جـ سدها بين ذراعيه:

-هيبقى كويس إن شاء الله


حاوطـ ت خـ صره بدورها واسرعت تؤمن على قوله وهي تُسـ ند على صـ دره جانب وجهها: 

-يارب يا "سليم" يارب


تنهد عميقًا قبل أن يضع قبلة  على قمة رأسها يستمتع بعبيرها 

وهو مغلق العينين لحين باغتته بقولها: 

-"سليم" هو ممكن اروح اطمن عليه النهاردة


أجابها متفهمًا شعورها ولين قلبها:

-ممكن طبعًا...بس نشرب القهوة وتفطري... وهوديكِ


تسائلت مُتعجبة بعدما رفعت رأسها:  

-هتوديني طيب وشغلك؟


أجابها بنبرة حنونة ونظراته تشملها بدفئها:

-وجودي جنبك اهم...إلا إذا مش عايزاني معاكِ


شهقت بخفوت تستنكر ما تفوه به بنبرة صادقة وهي تتحـ سس بأناملها ذقنه الناعمة:

-اصلًا اصلًا انا مش عايزاك تفارقني ومش ببقى مطمنة غير بيك 


راقه حديثها وتلك اللمسات الحثـ ية التي تتحرك بها أناملها ليشاكسها بنظرات مازالت تستغربها وتتمنى أن تعتادها ولا تخجل منها:

-اصلًا...اصلًا 

هزت رأسها بالايجاب وبسمتها الخجلة تتسع على شفاهها، ليتنهد هو مُسهدًا ولم يشعر بذاته إلا و هو يمـ يل عليها و يحتوى مصدر ضحكاتها بشفا هه في قـ بلة نهـ مة للغاية سـ لبتها أنفاسها وثباتها معًا، قـ بلة أراد بها أن ينـ زع الحُزن والخـ وف من جوفها فما كان منها غير أن تتجاوب معه باستحياء لطالما كان يليق بها تخـ لل أناملها بين خُصلاته بحركات عفوية فوضوية افقدته صوابه وجعلت القُبـ لة تأخذ منحى أخر أكثر تعمقًا حتى أن يـ ده تسـ للت لجـ سدها لتبعثر شتاتها وحينها تململت بين يـ ده ليضطر أن يتدارك ويكـ بح ذاته عنها بأن فصل قُبـ لته وسند جبينه على جبينها مُحذرًا بتحشرج أمام 

ثغـ رها:

-لو مقومتيش دلوقتي من هنا انا مش مسؤول عن اللي هيحصل


شهقت بخفوت وأومأت برأسها لعله يفسح المجال لها وحين ابتعد هبت من جلستها ونهضت مُتـ هربة بأنفاس متلاحقة:

-طيب عقبال ما تاخد شاور هعملك قهوتك 


زفر أنفاسه الحارة المُعذبة من تأثيرها عليه قبل أن يُشـ دد عليها:

-ماشي بس مفيش نزول من غير ما تفطري

هزت رأسها بطاعة ولم تنتظر أكثر بل خرجت راكضة ليبتسم وهو ينظر لظهرها وينهض بعدها من الفراش يتوجه إلى المرحاض مباشرتًا لعله يطـ فأ تلك النـ يران المُسـ تعرة التي نشـ بت من قربه لها.

❈-❈-❈


دقائق عدة وانتهى وكان يقف أمام خزانته ينتقي منها ما سيرتديه وهو عا ري الجـ زع، في تلك الأثناء اعدت هي قهوته وتقدمت منه تطالع ظهره، ولوهلة تركزت عيناها على أعلى كتفه بنظرة مُدققة قبل أن تهمس:

-القهوة يا "سليم "


التفت يلـ تقط منها فنجان قهوته ببسمة هادئة مُستحسنًا صنيعها وهو يرتشف منه:

-تسلم ايدك يا شمسي 


قالها و ولاها ظهره أثناء ارتشافه رشفة أخرى ينوي اخراج أحد بذلاته، في حين هي دفعها فضولها لتتحـ سس موضع تلك الندبة الغريبة متسائلة:

-من إيه الجرح ده يا "سليم" 


تصـ لب جـ سده وابتلع ما بفمه ببطء بعد سؤالها قبل أن يلتفت ببسمة باهتة يسير نحو الكومود يضع الفنجان من يـ ده ويجيبها بنبرة ثابتة تخفي الكثير خلفها:

-رصـ اصة واحد حب يسيبلي تذكار علشان افضل فاكر اللي حصل العمر كله


استغربت استخفافه بالأمر قائلة:

-تذكار...مش ملاحظ انك اخد الامور ببساطة اوي يعني كان ممكن الرصـ اصة دي تقتـ لك مش تيجي في كتفك بس


ابتسم بسمة لم تصل لعينه وقال متنهدًا:

-وقتها كان هيبقى عمري كده


نفت برأسها تستصعب الأمر قبل أن تنـ دفع تحاوط خـ صره مُتلهفة قائلة والخوف ينهـ ش حروفها:

-بعد الشر عليك مش قادرة اتخيل أن ممكن حاجة وحشة  تحصلك بسبب شوية مجـ رمين خسارة فيهم الرأفة...ربنا يحفظك ويخليك لينا

بهتت معالمه بعد قولها وكرد فعل لجـ سده ضـ مها له بقوة وكأنه يريد الاحتفاظ بها بين جنبات صدره الذي يطرق كالطبول يتوجس من رد فعلها فماذا إن عرفت الواقعة كاملة، هل حقًا عليه إخبارها أم يصمت ويُخـ ذل ثقتها، حسنًا هو لم يُذنـ ب وهو على  يقين تام بذلك ولكن ها هي ستتفهم ذلك أم سَيتغير رأيها.


❈-❈-❈


أما عن "بسمة" فكانت تجاهد لتتعايش مع وحدة أيامها، جالسة بملامح باهتة على مقعدها الخشبي وامامها كوب الشاي الساخن ترتشف منه ببطء

ممـ يت كمرور أيامها فلا صديق يؤتمن ولا اهل ولا احد يهمه أمرها فكم كانت تتمنى أن يُطرق بابها وتجد من يسأل عن أحوالها فـ لطالما تسأل ذاتها دومًا ماذا إن مرضت! و ماذا إن قضى نحبها! ترى سيتواجد من يشعر بها...ترى حقًا ستكون الوحدة ملازمة لها حتى أخر أيامها ويصبح ذلك مصيرها ترى ستظل تتجرع تلك المرارة وحدها، ومرورًا مع افكارها تجسدت صورته أمامها لتنمو شبح بسمة ممـ زقة على وجهها، فأفعاله ومؤازرته ستظل مطبوعة على جدار قلبها وحقًا ستظل تمتن له المتبقي من عمرها، ورغم موقفه الأخير إلا أن لا شيء سَيغير عِرفانها فقد قررت أن تفعل بنصيحته وتستأنف حياتها ولا تنظر ورائها  لذلك باعت خاتمها التي ملكته سابقًا من مُدخراتها وقد قررت جانب عملها أن تُحسن دخلها وتفعل اشياء تحبها لتعزز ثقتها بنفسها فقد قامت بشراء مَكينة حياكة صغيرة لطالما كانت بارعة في استخدامها، ودفعت قيمة أول دُفعة وكان كل ما تملكه وقتها والباقي قُسم على دُفعات شهرية، وها هو على الموعد يدق بابها يعلن عن قدوم عامل التوصيل لتسليمها إياها فأخذتها منه وصرفته بوقتها وقد حملتها وسارت بها لتلك الطاولة الوحيدة التي توجد داخل الغرفة التي أصبحت مأوى لها، فأخذت تتحـ سس بيـ دها عُلبتها الكرتونية قبل أن تفضها وحينها ترأى أمامها أحلامها و تفائلت ببداية موفقة تُجني منها قوت يومها داعية الله أن يوفقها و يصبح لها سـ يط خاص بها بين جيرانها. 

❈-❈-❈


بعد تفكير دام طويلًا قرر أن 

يتخذ قرار مُغاير فقد التقط ذلك الهاتف الذي أعطاه له ال"غجري" لكي يتواصل معه وهاتفه وفور أن جاء رده قال مُتحمسًا: 

-ايه رأيك في حد يشيل الليلة

 

-يعني ايه؟ 


-واحد من المعلمين الكبار اوي هيخلص في المـ خدرات 

المرصـ ودة في المينا...


-بس ده مكنش اتفاقنا يا "سلطان" احنا اتفقنا ان انا اللي هخلطها واصرفها بمعرفتي واجيبلك نصيبك


وهنا اخشوشنت  نبرة "سلطان" وقال بنفاذ صبر: 

-رجعت في كلامي ومش هقعد حاطط 

ايـ دي على خدي يا غجري واستناك تجيبلي نصيبي انا عايز الفلوس في اسرع وقت ومعنديش استعداد أفضل اكتر من كده مستخبي 


طال صمت ال"غجري" الذي ينم على تفكيره وفي الأخير جاء  رده من الطرف الآخر: 

-ماشي بس المبلغ لازم يكون يستاهل  


-الراجل ده فلوسه دايمًا حاضرة والبضاعة عنده مبتخسرش يعني مش هيقول لأ...انا هعرفك عليه وتمم معاه واتفق على معاد التسليم وظبط مع رجالتك 

-ماشي مش هنختلف


-وحاجة كمان عايزك تضربلي بسبورين وتشوفلي أي مركب خارجة بره البلد وتظبطني عليها بعد التسليم


اتاه صوت ضحكات ال"غجري" من الجهة الآخرى ولم يتفهم ما ورائها، لحين أيد رغبته:

-وماله...حاجة كمان

-لأ… اسمع بقى هتقابل الراجل إزاي وتتفق معاه

ليسترسل معه "سلطان" ويخبره بما عليه فعله ومن بعدها اغلق الخط قائلًا مُلتاع يُصبر ذاته:

-على الهادي  كله جاي  

❈-❈-❈


تركها لتستعد وتوجه لغرفة والدته بهدوء وهو حاملًا كوب من الحليب بيده وباليـ د الآخرى عُلب الدواء التي نفذت منها وهو على علم بها فوضـ ع الكوب من يـ ده  اعلى الكومود ثم أخذ يُرتب العُلب داخل الدرج بهدوء وبرَوية شديدة كي لا يقلق منامها وإن انتهى مال نحو الفراش يـ ضع قُبـ لة مُطولة متبوعة بتنهيدة على جبينها مما جعلها تشعر به وتفتح عيناها تطالع محياه قائلة:

-"سليم"...صباح الخير يا حبيبي

  

حانت منه بسمة ناقـ صة تختلف عن غيرها قبل أن يجلس جوارها و يجيبها:

-صباح الخير...حقك عليا قلقتك يا "ليلى" 


نفت برأسها تطالعه عن كثب ثم تسألت والقلق يظهر جلي على وجهها:

-سيبك مني وقولي مالك شكلك مش عاجبني 


لطالما كان كالكتاب المفتوح أمام والدته...فمن غيرها تحفظ طباعه وكل خلجة به عن ظهر قلب...ورغم علمه بذلك عاند كعادته و ادعى الثبات يجيبها:

-مفيش حاجة انا كنت بكمل الادوية اللي نقـ صت وجيبتلك كمان لبن يا ريت تاخدي بيه العلاج اللي قبل الفطار


امتنت "ليلى" له ببسمة حنونة: 

-كتر خيرك يا حبيبي حاضر بس 

متقلقش عليا 


-إزاي بس يا "ليلى" انا معنديش اغلى منك...ليصمت برهة ويتابع باهتمام بعدها: 

-على فكرة انا وصيت واحد زميلي من فترة يشوفلي دكتورة كويسة تتابع معاكِ وتطمني عليكِ


عقبت "ليلى" راضية بقضاء ربها: 

-والله ما مستاهلة دكاترة مفيش حد هيغير مشيئة ربنا


-ونعم بالله يا "ليلى" بس برضو لازم نطمن أول بأول والكشف هيبقى روتيني مش اكتر زي ما كانت بتعمل "ميسون" كده


وعلى ذكرها تنهدت "ليلى" قائلة:

-البنت من ساعة ما حست أن في حاجة بينك وبين "شمس" ومبقتش تيجي زي الأول واخبارها اتقطعت...بس ربنا مش بيعمل حاجة وحشة وشالك الأحسن لتبتسم ساخرة حين تذكرت قوله وتضـ ربه بخفة على يـ ده قائلة:

-فاكر لما قولتلي اللي هرتحلها هجرجرها من ايدها واقولك يا "ليلى" مش هتجـ وز غيرها


حانت منه بسمة هادئة وأكد لها وعينه تفضح ما يكنه:

-فاكر وده اللي حصل يا "ليلى"... وقتها كنت فاكر ان مفيش واحده تستاهل قلبي يدق من تاني علشانها بس جت" شمس" وقلبـ ت موازيني كلها وكسـ رت القاعدة


أيدت قوله بمحبة صادقة: 

-"شمس" طيبة و بنت حلال وشيلاني وشيلاك من على الأرض...وتستاهل تتحب 


تنهد تنهيدة مُثقلة وكأن شيء يجـ ثو على صـ دره قبل أن يجيبها بنبرة يظهر الصدق جلي بها:

-عارف يا "ليلى" واحساسي بيها عدى الحب بمراحل ومبقتش متخيل إزاي كنت عايش من غيرها


وهنا دعت" ليلى "من قلبها: 

-ربنا يهنيكم يا ابني وما يغير عليكم ابدًا


أمن على دعوتها راجيًا تحقيقها قبل أن يغير سير الحديث: 

-المهم دلوقتي انا كلمت الحاج" عبد الحميد" وبكرة هروح اجيبلك الايجار وهطمن الدنيا ماشية إزاي هناك معلش انا عارف إني مقصر بس انتِ عارفة ظروف الشغل


-عارفة يا حبيبي وعذراك ربنا يقويك ويخليك لينا 


ابتسم البسمة المنـ قوصة ذاتها فور حديثها لتسأله هي بيقين بعدها:

-قولي بقى مالك انا فهماك وعارفة لما بيكون حاجة شغلاك


نفى برأسه وظل ملتزم بصمته لتُخمن هي:

-زعلان على زعل" شمس" مش كده. 


مرر يده على وجهه وأكد لها: 

-اه يا "ليلى" و...


-و... إيه يا حبيبي كمل انا سمعاك ومحدش هيفهمك أدي


تردد يتابع ولكن مع حثها له وقلقها قرر أن يبوح و يخفف حمولة قلبه لعله يجد مُستراح لأفكاره عندها: 

-خايـ ف ثقتها فيا تتهز

 

استغربت "ليلى" ما تفوه به وردت بثقة نابعة من أفعاله التي تَشهد عليها تجاهها: 

-ليه بتقول كده؟ انت عمرك ما هتعمل حاجة تزعلها


ابتلع رمقه ببطء وأيدها بنبرة خرجت منه مُتخلية عن ثباته: 

-صح بس في حاجات بيرتبها ربنا ومبيبقاش لينا دخل فيها 


اجابته كانت مُبهمة ولكن كونها تعلمه حق المعرفة باغتته بسؤالها: 

-مخبي ايه يا "سليم" ومخليك خايف كده

طالعها بنظرة خائرة بعد سؤالها وكاد يستفيض معها لولًا اندفاع الباب ودخول "شمس" قائلة: 

-انا جهزت

قالتها مُندفعة دون لباقة لذلك تداركت حين وجدت نظراتهم تنحصر عليها: 

-اسفة يا ماما صباح الخير


قالتها واقتربت تقبل يـ دها بود وبكل نفسٍ راضية، لتربت "ليلى" على رأسها بحنو وتعلق على اندفاعها: 

-صباح النور يا بنتي، ولا يهمك انا عذراكِ ربنا يطمنك على اخوكِ.


ابتسمت "شمس" بلطف وأمنت على قولها، ليعقب "سليم" ايضًا على اندفاعها وهو ينهض:  

-معلش يا "ليلى" اصل انا وعدتها اوديها ل "صالح" وهي قلقانة ومش عارفة تصبر... 


أومأت "ليلى" برأسها، لتسأل "شمس" باهتمام صادق وهي تربت على كتـ فها:

-حابة اساعدك يا ماما تقومي


-لأ يا بنتي انا هكمل نوم وقولي ل "صباح" تأخر الفطار شوية


هزت رأسها بطاعة واستأذنت بعدها: 

-حاضر عن اذنك يا ماما


ابتسمت "ليلى" بود وقالت داعية:

-مع السلامة ربنا معاكم يا ولاد

لتخطوا "شمس "للخارج وإن كاد يلحق بها باغتته والدته بقولها:

-" سليم"...لسه كلامنا مخلصش


ابتسم ببهوت ثم منحها إيماءة بسيطة قبل أن يغادر تارك والدته تتسأل في نفسها ترى ما ذلك الأمر الجـ لّل الذي يؤر ق فلذة كـ بدها.

❈-❈-❈


صوت جَلبة وتحريك أثاث جعله يتقلب في نومته ويضع الوسادة على رأسه وإن استوعب عدم وجودها في في الفراش هب جالسًا يخاطب ذاته متوجسًا:

-يارب ميكونش اللي في بالي...


قالها ونهض كي يتفقد مصدر الصوت فإن غادر الغرفة ووقف اعلى الدرج رأى من موضعه ما كان يخشاه، الاثاث مُتحرك من موضعه ومدبرة المنزل فور أن رأته تركت من يدها قائلة:

-هروح اجيب اللي قولتيلي عليه يا ست "رهف"


أومأت "رهف" لها وهي تقف على السُلم المُتحرك تنظف الثرايا متسقة الوضع مرتدية قميص ذو حملات بيتي من خامة القطن يصل لركبتها وتربط شعرها بوشاح صغير كي تحميه من الاتربة أثناء حملة تنظيفها،

ليبتلع رمقه بحلق جاف ويتدلى الدرج هامسًا بنفاذ صبر بسبب قميـ صها الذي يعـ تلي ليكشف 

فخـ ذها كلما رفعت يـ دها:

-لأ كده كتير و ربنا.


انتبهت هي عليه وألقت تحية الصباح من موضعها:

-صباح الخير يا "نضال" كل ده نوم 

اقترب بحرص يطالع الفوضى 

ضـ اربًا كف على آخر مُتعجبًا أمرها:

-بتعملي ايه في البيت يا "رهف" حرام عليكِ 


أجابته وهي تتابع ما تفعله: 

-حبيبي بنضف البيت علشان بكرة


انعـ قد حاجبيه وتسائل مُترقبًا: 

-هو في إيه بكرة؟


أجابته مُتحمسة والبسمة تعـ تلي وجهها: 

-"سعاد" جاية من السفر أنت نسيت ولا إيه؟


انحلت عقدة حاجبية وهز رأسه متذكرًا:

-اه...طيب البنت اللي بتساعدك راحت فين


-بعتها تجيب شوية حاجات من السوبر ماركت


-مش عارف أيه لازمة اللي انتِ بتعمليه ده ما البيت زي الفل والبنت اللي بتشتغل واخدة بالها منه


نفت بقناعة ربة منزل مازالت متمسكة بإعتيادها:

-مش زي يا "نضال" انا طول عمري بحب اعمل كل حاجة بإيدي و وافقتك على شغلها علشان مزعلكش


عقب على تبريرها مُخمنًا وهو يقترب ويتمـ سك بالسُلم ليتأكد من ثباته: 

-بقى كده بتاخديني على أد عقلي يعني؟


رفعت منكبيها تجيبه ببسمة مُتلاعبة: 

-هو انت فيه أد عقلك يا حبيبي


توعد لها ناظرًا لاعلى والمكر يتراقص داخل خضراويتاه: 

-"رهف" انزلي هفهمك غلطك بس وارجعي تاني


نفت برأسها تتوجس منه وحثته قائلة:

-بطل بقى يا "نضال" ويلا اطلع اجهز اتأخرت على المستشفى


اعترض بشدة وطفر بمخاوفه وهو يُشدد قبـ ضته على السُلم أكثر حرصًا على سلامتها:

-مش طالع وهاخد اليوم اجازة وانزلي بقى انا خايف تقعي انا هعملها بدالك 


-مش هتعرف


زفر أنفاسه وقال متـ وعدًا وعينه تُرسل شـ رارات تعلم ما سَيحل بعدها:

-انزلي يا "رهف" بدل ما و ربنا هشيلك واطلع بيكِ على فوق بالبتاع اللي انتِ لبساه ده ومجنن امي ومش هيبقى في تنضيف من الأساس


قهقهت على قوله وعقبت مُتدللة:

-انت بتلكك يا دكتور


أكد على إتهامها بغمزة ماجـ نة: 

-بصراحة اه بتلكك هتنزلي ولا استغل الموقف لصالحي


شهقت حين وجدته يصعد اول درجة لعندها وقالت خانعة لرغبته:

-لأ خلاص هنزل وهسيبك تعملها


قالتها وأخذت تدلى الدرج ولكن دون سابقة فَتل رأسها ليلتقطها هو بين ذر اعيه ويتسائل بلهفة:

-مالك يا "رهف"


أجابته وهي تتشبث به كي تستعيد توازنها:

-مفيش دوخت تقريبًا علشان عملت مجهود ومفطرتش لسه


زفر أنفاسه حانقًا من استهتارها وهدر معاتبًا:

-طيب بذمتك ينفع كده؟


بررت وهي تبتسم مطمئنة:

-مرضتش افطر مع الولاد وماما "كريمة" قبل ما ينزلوا وقولت استناك تصحى علشان تعملي بإيدك الشاي بالحليب وانت اللي اتأخرت في النوم...


استاء من ذاته بعد اعذارها وقال بمراعاه طيبة وهو يحاوط ذراعها ويقودها في طريق المطبخ: 

-حقك عليا...بصي هعملك جردل شاي بحليب وهنغطس فيه انا وانتِ وبعدين نشوف إيه أخرة حملة التنضيف اللي على شرف "سعاد" دي


قهقهت على قوله و وضعت يدها خلف ظهره تسير معه وهو يغدقها بدعاباته وخِفته التي دومًا تضيف رونق خاص لحياتها. 

❈-❈-❈


توقف"سليم" بسيارته أمام المشفى وقبل أن تتدلى نظرت خلفها تشعر بالضـ جر من ملاحقة سيارة الحرس لها في حين هو تفهم ما أصابها وطمئنها:

-قولتلك السبب قبل كده 


رفعت "شمس" عيناها له ترمش بأهدابها ليتابع هو متفهمًا:

-عارف انك مش بتحبي كده بس انا معنديش استعداد اخاطر بسلامتك...


تنهدت وسايرت أمرها ولكن كان دون قصد يتجهم وجهها فرغم طمئنته للعديد من المرات لها إلا أنها تشعر أن يوجد شيء مريب بخصوص حِرصه الزائد لا يريحها 

فإن تدلوا من السيارة طالعته بنظرة تفهم هو بها ما يجتاحها ليزفر أنفاسه دفعة واحدة  ويؤشر للحراسة أن لا يلحقون بهم. 

ليندثر وجومها وتحين منها بسمة بسيطة جعلته يهز رأسه بلافائدة قبل أن يتمـ سك بيدها ويخطو بها.

❈-❈-❈ 


بعد بعض الوقت كانت هي مواجه له تساعده في تناول الطعام و تقترح عليه قائلة:

-ايه رأيك بكرة اكلم "بدور" تجيب "رامي" 


ابتلع "صالح" ما بفمه بصعوبة بالغة ثم قال بنبرة تعكس خِـ زيه من أفعاله السابقة:

-لأ مش عايزهم يشوفوني وانا كده خليهم مرتاحين بعاد عني يا "شمس"


تنهدت"شمس" قائلة وهي تضع الطبق من يدها داخل الصنية: 

-بس رامي ابنك يا صالح 


كرر "صالح" خلفها بنبرة يظهر الندم جلي بها: 

-ابني...انا عمري ما كنت اب عدل اكيد بيكـ رهني

 

حفزته "شمس" على المثابرة: 

-اكيد لسه قدامك فرصة تعوضه عن اللي فات 


ابتسم بسمة مريرة يسخر بها من ما جنته يـ ده وغمغم يائسًا: 

-تفتكري ينفع ده انا في يوم حطيت المطـ وة على رقبته علشان...صمت لبرهة وارتعشت نبرته وقد غرغرت دموع الخـ زي عيناه ثم تابع:

-علشان اغصـ بك ترجعي معايا وتتجـ وزي "سلطان"! لتفر دموعه الحا رقة يستكتر على ذاته عطفها:

-انا اصلًا معرفش إزاي انتِ قاعدة قدامي دلوقتي وسامحتيني و انا مستهلش... 


وعند تكرار ذات المشهد أمامها غصة مريـ رة تكونت بحلقها، فنعم نالت منه الكثير والكثير ولكن ماذا تفعل هو بالأخير شقيقها ترى هل تلام على مسامحتها له! 

حقًا لا تعرف كل ما تعرفه أنها تصرفت بِفطرتها الطيبة وما حتمه عليها لين قلبها.

فقد ابتلعت غصتها لتدثـ رها 

بجـ وفها وقالت لتخفف وطأة الأمر عليه:

-قولتلك انت اخويا وطالما حسيت بغلطك وندمت تبقى اكيد تستاهل فرصة تانية


ظلت الدموع تعرف طريقها وهو يستمع لها، لتربت هي على يـ ده بمؤذرة وعينها تغيم تأثرًا به:

-ربنا غفور رحيم يا" صالح" قرب منه وخلي التوبة من قلبك خالصة ليه وهو اكيد مش هيردك


أومأ لها ورفع عينه الباكية لاعلى هاتفًا بنبرة مُعـ ذبة صادقة لم تشكك في ندمها:

-يارب سامحني...يارب اغفر ليا اللي عملته انا استـ قويت كتير بس توبت ورجعت ليك سامحني يارب  

ظل يناجي ربه بينما هي كانت تتمنى من قلبها أن تمر تلك المِحنة على خير فلا يساعها تحمل خسارته مثل عزيز قلبها.


بينما في الخارج وبعد أن استفسر من الأطباء عن حالته باستفاضة ها هو يقف في أحد الزوايا يهاتف "جلال" قائلًا:

-عملت ايه؟


اجابه "جلال" من الطرف الآخر:

-خدت امي و رجالتك وصلوني المكان اللي قولتلي عليه


-كويس اوي 


استفهم "جلال" والقلق ينـ هش قلبه: 

-ليه طلبت مني اسيب البيت من غير ما احـ سس حد؟ 


-زيادة احتياط مش اكتر


-لأ انا مش مطمن وحاسس إني اتكشفت وحتى لما كلمت الغجري زي ما قولتلي اجس نبضه قالي أن الحوار هيتأجل لغاية ما سلطان يظهر وحتى سلطان متصلش بيا ولا اعرف حاجة عنه والمفروض كان يتتم التسليم خلال الاسبوع ده


زفر "سليم" انفاسه واجابه بثقة: 

-لو سلطان مكلمكش خلال الاسبوع ده يبقى فعلًا اتكشفت

وفي الحالتين انت في أمان عندك متخافش 


-طيب والبضاعة، وكل اللي بنخطط ليه هيروح فشوش


-لأ مش هيروح رجالتي جوة المينا وحاطين رجالة الغجري تحت عينهم ليل نهار لو لاحظوا أي حركة هيبلغوني وهيتعمل اللازم


-طيب انا مطلوب مني اعمل ايه؟


-تفضل مكانك ولو كلمك تبلغني.


-ماشي يا باشا ربنا يكملها بالستر

ذلك أخر شيء تفوه به "جلال" قبل أن يغلق "سليم "الخط زافرًا انفاسه دُفعة واحدة وهو يمـ سد جبهته لعله يرتب أفكاره تزامنًا مع اقترابها وسؤالها:

-" سليم" انت كويس


رفع عينه القاتمة لها ثم أجابها ببسمة بالكاد رسمها:

-اه كويس...


تعلم أن شيء يشغله ولكن كونها تعرفه تعلم انه لن يبوح لها لذلك قررت أن تتمهل و تسبر أغواره بذاتها: 

-طيب نمشي


-اللي يريحك


-انا اطمنت عليه وهو نام دلوقتي بعد ما خد الدوا 


-وانا كلمت الدكتور لو جد جديد هيكلمني


هزت رأسها تمتن لإهتمامه بشقيقها، ثم تعلقت بذراعه قائلة وبسمة ناعمة تعتلي ثغرها:

-طيب يلا بينا...

ابتسم بسمة هادئة اولًا قبل أن يسير معها لحين غادروا المشفى ومن بعدها صعدوا للسيارة وانطلق بها  وخلفهم سيارة الحراسة.

❈-❈-❈


طوال الطريق كانت تتشبث بذراعه وتُسند عليه رأسها بينما هو كان غارق أثناء قيادته في دوامة عاصفة من الأفكار لا مثيل لها،  وفور وصولهم أمام المنزل وبعد أن اصتف سيارته رفعت رأسها وهمست برجاءٍ:

-عايزة اقعد قدام البحر معاك بس من غير حراسة ممكن...


تناوب النظر بين الشاطئ  النائي والخالي نسبيًا وبين رجاء زيتونها ليمنحها موافقته بإيماءة من رأسه، لتبتسم هي وتتلهف في نزولها وهو يفعل مثلها وبعدها عانـ ق يدها وخطى بها على الرمال الناعمة بخطوات مُتمهلة ونسمات الهواء العليل تراقص شعرها، وفي ذات المكان الذي شَهد على مشهد سابق لهما توقف سَاهم النظرات نحو البحر يطالع امواجه الثائرة و المتلاطمة  كالحيرة التي تضـ رب رأسه وتُغرقه بها، بينما هي جلست على الرمال الناعمة وانتظرت أن يفعل مثلها ولكن هو ظل سَاهمًا لحين جـ ذبت يـ ده وحثته قائلة:

-"سليم"سرحان في إيه...اقعد

 

انتبه لشروده وتحمحم يتدارك وهو يجلس جوارها: 

-أسف...اصل المكان ده بيفكرني بحاجات كتير


أومأت تؤيده بنبرة عكست مرارة ذكرياتها وهي تعانق يـ ده وكأنه تطمئن ذاتها أن شَقائها ولى:

-قصدك لما لقتني مرمية و"صالح" بيضـ ربني 


نفى برأسه واجابها وعينه تشملها بدفئها: 

-مش ده اللي جه في بالي


تنهدت وتسألت وهي تشرأب برأسها: 

-اومال إيه! 


صمت لهنيهة يتناول نفس عميق من الهواء المحمل بيود البحر لعله يساعده على الاسترخاء قبل أن يجيبها: 

-فاكرة يوم ما رفضـ تيني


رمشت بأهدابها وصرحت بخطئها وهي تلملم غرتها خلف أُذنها: 

-فاكرة وفاكرة كمان أد إيه كنت غبية وقتها


وهنا سَكنت نظرة غريبة عينه لم ترى مثلها و قال بنبرة مُبهمة لم تتفهم ما ورائها: 

-انتِ مش غبية يا "شمس" لأن لو مكنتيش عملتِ كده وقتها كان ألف حاجة هتيجي في بالي


قالها وهو يحاوط ذراعها ويضمها له وكأنه يخشى ضياعها، بينما هي رفعت رأسها له تستراب مما نطق به:   

-مش فاهمة حاجة يا "سليم" أنت بقيت بتتكلم بالالغاز 


طالع وجهها القريب وأخذ يسير ببطء على تفاصيلها قبل أن يفسر لها: 

-كل اللي اقدر اقولهولك أن لو في حاجة كان مفروض اقولها ومقولتهاش خليكِ واثقة أن كان ليا اسبابي


انكمشت معالمها الجميلة مُتسائلة والقلق يغـ زو قلبها: 

-افهم من كلامك انك مخبي عليا حاجة؟ 


لم يجب وظلت نظراته متجمدة على وجهها لتتنهد هي من طريقته تلك التي تثـ ير اعصابها وتهمس تعاتبه بقولها: 

-"سليم" انت عارف إني مش بحب طريقتك دي لو سمحت اتكلم


اعتصر عينه يستجمع رباط جأشه اولًا قبل أن يتخلص من ذلك الحمل الثقيل الذي يجثو على صـ دره ولكن باغتته هي بقولها لتصعبها عليه: 

-على العموم انا بثق فيك اكتر من نفسي ومتأكدة ان مستحيل هيكون في حاجة تقدر تخـ ذل الثقة دي

قالتها بعدما شعرت بتخبطه و ظنت أنها تهونها عليه بقولها غافلة تمامًا انها زادت الأمر سوءٍ عليه فقد تلجـ م لسانه ولم يكن منه غير أن يُشدد على ضمها هامسًا ببسمة بالكاد رسمها و بنبرة حاول التحكم بها لتخرج ثابتة قدر المستطاع: 

-متخديش في بالك انا اصلًا اعصابي مشدودة من الشغل وبقول أي كلام


نظرت له بحب تتعاطف مع تخبطته تستاء من ذاتها: 

-انا كمان كنت بايخة وضغط عليك بزعلي على صالح حقك عليا

تنهد عميقًا قبل أن يزيح خصلاتها المتطايرة مع الهواء ليستطيع التمعن بوجهها ثم همس باحتياج وكأنه في أَمس الحاجة لاحتوائها: 

-طيب في مجال تعوضيني على فكرة

تأهبت بنظراتها وقالت بحماس غافلة عن مقصده: 

-قولي اي حاجة وهعملها علطول


اقترب بذات النظرات التي لم تعتادها ثم همس في أُذنها بشيء جعلها تتوهج بشدة قبل أن تبتلع رمقها و تومأ له ليبتسم بسمة عَاشقة وينهض يمد يـ ده لها لتمنحه خاصتها بكل رضا وتنهض تعـ انق أصابعه وتتشبث به باليد الآخرى وتخطوا معه نحو المنزل بعد أن نوي هو ترك حيرته جانبًا وقرر إطفاء عقله قليلًا كي يهنأ بقربها.  


❈-❈-❈   


ظل يدور حول نفسه لا يستسيغ أن يظل ساكنًا مكتوف الأيدي وينتظر أن يَخرب كل ما سعى إليه لذلك تسلل في الخفاء واستغل نوم والدته وذهب للمنطقة يُعسعس على خبر عنه 

مع أي من رجاله داخل تلك الأوكار التي تعودوا دومًا التجمع بها من أجل سهراتهم...

وبالفعل إن وصل إلى هناك استقبلوه الرجال بحفاوة ورحبوا به وإن تسأل بشكل محسوس عنه لم يفُيده أحد بل بالعكس سخروا منه كونه هو ذراعه اليمين ولا يعرف خبر يقين 

فكان حانقًا يلـ عن كل شيء وهو يتركهم ويسير في طريق العودة وعلى حين غرة اعترضت سيارة دفع رباعي  طريقه وقبل أن يستوعب ما يحدث كان يخرج منها اثنان أقوياء البنية ويحملوه من أرضه تحت مضضه ويصعدون به للسيارة التي انطلقت واختفت عن الأنظار كأن شيء لم يكن.

وبعد مرور بعض الوقت وخاصًة هناك على ذلك الطريق  النائي الذي قلما يمر به أحد توقفت السيارة وفُتح بابها وقـ ذف "جلال" منها متأو هًا بقوة حين ارتطـ م جـ سده بالارض الاسفلتية وتبعها 

ركـ لاتهم وضـ رباتهم القاسـ ية له.

ليلعـ نهم ويسـ بهم بصوت جهوري اثار ضحكات من يقف منتـ شي يشاهده باستمتاع قائلًا:

-على الهادي يا "جلال" مالك الرجالة بتعمل معاك الواجب


قالها "سلطان" وهو يستند بكل غطـ رسة على مقدمة سيارة آخرى كانت مصطفة بجانب الطريق، انتبه "جلال" على صوته وميزه ثم رفع نظراته من موضعه مغمغمًا:

-الواجب بيتعمل مع الغرب يا "سلطان" مش مع الحبايب 


تهكم "سلطان" صادرًا صوت 

بــ ذيء من فـ مه:

-بأمارة إيه لمؤاخذه ؟


تحامل "جلال" على ذاته وارتكز على كفيه لحين رفع جـ سده لتأتي ركـ لة أخرى من رجال "سلطان" تد كه مُسـ طح في أرضه من جديد، ليكتم صر خته بجوفه لبرهة ثم يغمغم بنبرة متألـ مة:

-قولهم كفاية يا "سلطان" واتكلم معايا راجـ ل  لراجـ ل


-وماله نتكلم


قالها ببسمة شيـ طانية مغلفة بالشـ ر وهو يؤشر للرجال أن تكف، ليتناوب "جلال" النظرات بينهم لحين تأكد من تراجعهم وينهض من جديد واقفًا بضعف يبـ صق الد ماء من فمه، ليطالعه "سلطان" بنظرات قاتـ لة متسائلًا:

-اتفقت مع الحكومة عليا ليه يا "جلال" وانت لحـ م كتافك من خيري


زاغت نظرات "جلال" قبل أن يستنكر قائلًا:

-محصلش


زمـ جر "سلطان" غاضبًا وانقـ ض يقـ بض على عنـ قه مهسهسًا: 

-كداب انت الوحيد اللي كنت عارف إن أنا والغجري اتصالحنا وانت برضو اللي كنت بتوصله اخباري قبل ما تلعب على النحيتين لصالح ابن*** الظابط، قولي خونـ ت العيش والملح ليه يا "جلال" ليه طلعت خايـ ن وخسـ يس


دفعه "جلال" عنه وزعق

بحـ قد دفين لم يستطيع إخفاءه اكثر: 

-الخسـ يس هو اللي يستغل قلة حيلة و عوزة الناس ويرميهم في السـ جن...الخسـ يس هو انت يا "سلطان" مش انا 


حـ ك "سلطان"ندبة حاجبه وتعجب قائلًا: 

-ده انت شايل من زمان بقى!


هز" جلال" رأسه بقوة وقال بنبرة ممـ زقة من شدة القـ هر: 

-عمري ما نسيت أن ابويا مـ ات في السجن بسببك وعمري ما نسيت أنك استغليته وخليته شال قضية مش بتاعته وأخرتها مـ ات بعيد عننا وراح في الرجلين


برر "سلطان" متجـ برتًا وببسمة مُسـ تفزة للغاية:  

-ابوك عمره كده وهو اللي جه ليا وباس على رجلي علشان افك زنقته وبعدين مضربتـ وش على ايـ ده علشان يوافق وخد حقه تالت ومتلت

 

احتدت نظرات "جلال" من شدة غيـ ظه وعقب بغضب اهـ وج وهو يدفـ عه بصدره: 

-وحقي انا فين يا "سلطان" 

حق يتمي من بعده وحق السمعة اللي فضلت ملازماني...عمري ما سامحتك وكان لازم ادفعك تمن كل اللي عملته في ابويا وفيا وفي غيري


نظرة من عين "سلطان" كانت كفيلة بجعل الرجال يتأهبون خلفه ليـ د س يـ ده بجيبه يخرج منها مِديـ ته الحـ ادة ويشهرها ينوي الشـ ر أمام نظرات "جلال" المُهتزة بالخوف هادرًا:  

-انت ملكش حق عندي انا اللي ليا عندك تمن خـ يانتك وانا بقى مش زيك انا لحـ مي مر اوي ومعرفش اصبر على حقي

 

قالها اندفع نحوه غارس مِديـ ته في بطنه لتجحظ عين "جلال" وتنكمش معالمه متألـ مة ينظر لموضع المِـ دية المُستقرة في جـ سده وتلك البقعة التي لونت قميصة بنظرة باهتة قبل أن يخـ ور على ركبتيه، لينحني "سلطان" يمـ سك بالمـ دية ثم يركـ له بصـ دره لينزعها عنه بلا رحمة،

ليصـ رخ "جلال" متألـ مًا 

ويسقـ ط على الأرض يتـ لوى من شدة ما يجتاجه بينما "سلطان" كان ينوي أن يطـ عنه طـ عنة أخرى ولكن صوت سيارة قادمة من بعيد جعله يغض الطرف ويشير لرجاله مًسرعًا يهرولون صاعدين للسيارة التي احضروه بها ويفروا بينما هو نظر لجـ سد "جلال" المسجي بنظرة منتصرة 

مُتـ شفية قبل أن يبـ صق عليه ويلحق بهم بالسيارة الآخرى تارك "جلال" يتـ لوى

نا زفًا و في حالة ير ثـى لها. 


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ميرا كريم من رواية ذنبي عشقك، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية



رواياتنا الحصرية كامل