-->

رواية جديدة وبها متيم أنا لأمل نصر - الفصل 36-2

 

قراءة رواية وبها متيم أنا كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية وبها متيم أنا

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر


الفصل السادس والثلاثون

الجزء الثاني


العودة للصفحة السابقة

عاود ابراهيم يقول بفحيح:

- لو انتوا هترضوها على نفسكم، تبقوا تستاهلوا اللي يجرالكم،  انا راجل دمي حر.

- يعني هنعمل ايه؟

سألته أمنية بعدم فهم قبل أن تتفاجأ به،وهو  يتناول هاتفه من فوق سطح الطاولة ليضعه بجيبه، ومفاتيح السيارة التي أتى بها، موجهًا حديثه نحوهن:

- هتخرجوا معايا انتوا التلاتة دلوقتي، البت دي لازم تشوفكم وانتوا خارجين وبتحرجوها،  عشان مترفعش عينها في عين الناس دي اللي فرحانة بيهم. 

انصاعت أمنية كالمغيبة لتنفيذ أمره، أما نرجس، فكانت مترددة بجبن منها، في مواجهة شهد، وبنفس الوقت تريد الذهاب معه وتركها، لتثأئر لنفسها بعد أن همشتها بهذه الطريقة، وكأنها غريبة وليست من أهل المنزل، تطلعت نحو شقيقتها تود المؤازرة منها،  ولكن الأخرى كانت غير منتبهة وقد بدا التوتر عليها، وهي تقول:

- بقولك ايه يا ابراهيم، الناس بقت تاخد بالها مننا، وابوك زي ما انت شايف، رايح يشهد مع الراجل الصعيدي على عقد المحروسة، لم الدور يا بني احسن،  احنا مش قد غضبه، دا باينه دا كمان مطبخها معاهم.

للمرة العاشرة تتوالى معه الصدمات وقد تيقن من صحة ما تردف به والدته حينما ابصر بعيناه المذكور وقد اتخذ مكانه على طاولة عقد القران، زاد المرار بحلقه فلم يعد قادرًا على الصمود أكثر من ذلك.

التف بحدة نحوهن قائلًا:

- خليكم مرزوعين، وانا ماشي وسيبهالكم.

قالها وتحرك بخطواته السريعة مغادرًا، وتبعته أمنية غير أبهة بأي شيء غيره، ضربت سميرة بقبضتيها على فخذيها أسفل الطاولة تقول بحسرة:

- يا عيني عليك يا بني حاسة بيه، بس مش قادرة احصله ليتخرب بيتي كمان. 

طالعتها نرجس بأسف لم تتقبله الأخرى،  لتأخذ دور ابنها في الحقد مرددة:

- انتي لازم تعمليلك كرامة، فاهمة ولا؟ البت دي لازم تعرف ان عندك عزة نفس، مش بهيمة ولا خيبة.


❈-❈-❈


بعد انتهاء عقد القران والذي تم في أجواء من المرح بفضل التعليقات التي كان يطلقها رجل الدين ( المأذون) والرد عليه من العريس المعروف أصلا بخفة ظله؛ والتي كانت تجبر العروس على الضحك، لتتغلب على خجلها الفطري، 

لتشتعل الساحة بعد ذلك بالرقص وتصفيق الأحباب الذين التفوا حولهم بمشاركة فعالة، تنبع من فرح حقيقي لارتباط الاثنين.

مجيدة والتي كانت على حالة من الغبطة فاقت التصور، بعد أن أكرمها الله اخيرًا بالزوجة الصالحة لابنها الأصغر،  وحالة من الأمل تزداد كل لحظة بفك عقدة الاَخر، مع استشعارها بالكيمياء التي حلت جديدًا بين أمين ولينا التي بدأت ترى تجاوبها بوضوح.

لم تنسى ولو لحظة ترديد الأدعية الحافظة من كل شر، خصوصًا وقد انتبهت جيدًا لجمود نرجس وعدم تقدمها لمباركة شهد على عقد القران، هي وشقيقتها الأخرى، والتي لم تُخفى الحقد الظاهر على قسماتها، بالإضافة إلى الإنصراف المخزي من طرف شقيقتها، وهذا المدعو ابراهيم خطيبها فور البدء في إجراءات عقد القران:

وتساؤل يدور بذهنها:

- لما كل هذا الكره نحو شهد؟ 


❈-❈-❈


- وبعدين بقى؟  هتفصل كدة ساكت لحد امتى يا ابراهيم؟

سألته بتوجس وقد طال انتظارها لدرجة زرعت بقلبها الشكوك، فحقيقة الوضع حتى ولو كان يحق له الغضب والأعتراض، لا تستوجب كل هذا الجمود والتجهم بشرود، وكأن الأمر.......

هذه المرة خرج قولها بانفعال حينما لم تجد تجاوبًا منه:

- على فكرة بقى، هي مش مستاهلة الزعل دا كله، ايه قيمتها دي كمان عندك؟ دا انا اللي هي اختي مش هاممني، وعلى يدك سيبتها وخرجت عشان خاطرك..

التفت رأسه بحده نحوها يحدجها بشرار عينيه، وللمفاجأة، وجدها تواجه بتحدي، بل وزاد بعينيها شك جعله يعيد التفكير سريعًا في الرد عليها بخبث:

- انتي شايفة انه ميستحقش، بس انا اللي هاممني الكرامة، البت دي قلة قيمتنا كلنا لما فاجأتنا بعملتها ولا اكننا ناس غريبة عنها، دي عمرها ما حصلت في الدنيا ، العروسة تعقد في يوم خطوبتها من غير ما تبلغ أهلها،  إلا اذا كانت مش معترفة انهم أهلها

استطاع التأثير بالضغط على هذه النقطة الحساسة، حتى بدا الاعتراض يعلو تعابيرها، لتردف بكبرياء زائف:

- في ستين داهية،  انا كمان مش معتبراها اختي.

اصدر صوتًا بزواية فمه، يبدوا كنصف ضحكة ساخرة ليردف لها:

- ما هو دا اللي هي عايزاه يا اختي، عشان بعد كدة لما تقش الجمل بما حمل، ما يبقالكمش حق تطالبوا بيه.

حمق تفكيرها يساعده كثيرًا في التفريغ عن غضبه، بل ويجعله يكتشف مواهبه الخارقة في برمجتها لصالحه، لذلك لم يفاجئه ردها:

- دا انا كنت اطبق في زمارة رقبتها لو حصل، أنا صاحيالها قوي.

قابل انفعالها بضحكة مستهزئة زادت من غيظها لتباغته القول:

- بس عشان كمان نبقى عادلين، ابوك هو اللي مشجعها مع الراجل الصعيدي، طيب ابو ليلة واهو غريب ومش مننا، انما ابوك بقى يعمل كدة ليه؟

ضغط بقبضتيه حتى ابيضت مفاصله، ليردف كازًا على أسنانه:

- ابويا راجل كبير، وهي بتدخلوا من ناحية الصحبية اللي كانت بينه وبين ابوها، عقله ميجبش لؤمها معاه، ومع ذلك انا لا يمكن افوتها المرة دي، لازم اخد موقف يعرفه اني مش موافق على عمايله دي، ع الأقل عشان يقدر خاطركم بعد كدة.

سألته بفضول:

- يعني هتعمل ايه؟

اجابها بنزق:

- مش محتاجة سؤال، انا النهاردة مش بايت فيها،  وبكرة لما اقابله مش هسكت له، ان شالله حتى اتخانق معاه. 

تطلعت أمامها نحو المنطقة التي توقفت بها السيارة منذ قليل لتردف بتفهم:

- اه عشان كدة بقى انت واقف قصاد المخزن الخلفي للدكان. 

- ايوة يا اختي فهمتيها لوحدك؟

قالها ثم انتبه عليها، ليمشط بعينيه على وجهها بزينته المتقنة ثم هذا الفستان المحكم على منحانيتها المكتنزة، رغم شعورها بوقاحة النظرات لكن ذلك لم يمنع أن تكتنفها دغدة لذيذة تعطيها الثقة بأنوثتها التي تؤثر به، حاولت نهره فخرج صوتها مهتزًا:

- شيل عينك يا ابراهيم عيب.

ابتسامة خبيثة ارتسمت على ملامحه، وقد كانت أمامه كصفحفة كتاب مفتوح، فقال مستغلًا ضعفها أمامه:

- بقولك ايه، لسة محدش رجع من الخطوبة الزفت دي، تعالي اقعدي معايا الشوية دول ونسيني على ما يجوا.

باعتراض واهي هزت رأسها تقول:

- لا يا ابراهيم مينفعش، الدنيا ليل دلوقتي،  اخاف لتزودها معايا، ما انا فاهمة اوي انت عايزني معاك ليه.

نهض فجأة مترجلًا من السيارة يأمرها بحسم قائلًا:

- مدام عارفة ايه لزوم الرغي؟ اخلصي ياللا هما دقيقتين مش هيزيدوا.


❈-❈-❈


توقفت سيارة الأجرة على جانب الطريق، ليترجل منها العم كريم بعد انتهاء نوبة عمله، تاركًا السيارة الفخمة لأصحابها، كان حاملًا على يديه متطلبات المنزل من فواكه وخضروات وبقالة، يخترق الطرقات الملتوية الصغيرة من زقاق لاَخر، مسافة ليست ببعيدة، ولكن ما يصعب الأمر هو الصعود والهبوط على الأرض الغير سوية، بالإضافة إلى الظلام الذي يقابله كثيرًا في عودته ليلًا، مما قد يجعله عرضة لقطاعي الطريق ومعتادي الإجرام.

يخطوا بتسارع، وقد اصبح على مقربة من منزله ولكن وقبل أن يصل اليه، بوغت بيد قوية تسحبه بسرعة البرق ليجد نفسه داخل منزل جاره المتوفي منذ سنوات عديدة، والذي تصدعت جدارنه وتهدمت معظمها، ليصبح مسكنًا للأشباح

- بسم الله الرحمن الرحيم، انت مين؟

تمتم بها بصوت مرتعش، يشعر ببوادر ازمة قلبية من الرعب الذي شل اطرافه، وعقله يخبره أنه من أحدهم، تكلم الاخر وهو يكشف عن وجهه الملثم.:

- أنا حامد يا عم، اهدى بقى.

شهق العم الكريم يسحب أنفاس كثيفة بخشونة، ليستعيد ثباته قبل أن يتمالك، ليدفعه بكفيه محتجًا:

- روح يا شيخ الله يلعنك، كنت هتجيبلي سكتة قلبية بعبطك ده، إنت اتجننت؟

ضحك بسماجة وهو يرخي قبضته عنه يقول باستظراف:

- معلش يا اسطا، جات شديدة عليك دي، بس اعملك ايه بقى؟  ما انا ملقتش طريقة تانية عشان اقابلك، ولا انت كنت هتوافق يعني لو دخلت استنيتك في بيتك.

- بيت مين؟

هتف بها ليتابع موبخًا، رغم الزعر الذي كاد يشل اطرافه:

- طب كنت اعملها يا حامد، عشان كنت بلغت عنك وخلصت من خلقتك، انت ايه اللي جايبك اساسًا؟

- الهوا هو اللي جابني.

اردف بها حامد ساخرًا ليضيف :

- دي برضوا مقابلة يا عم كريم  تقابلني بيها، وانا اللي اديتك الأمان عشان اجي اقابلك وابلغك باللي طالبه منك.

ازداد انفعال الرجل ليهتف بسخط:

- اسم الله عليك وعلى جمالك، يعني انتي جاي تقطعني الخلف، وليك عين كمان تطلب مني؟

تغيرت نبرة الاَخير، ليرد بلهجة راجية:

- ايوة جاي اطلب منك يا عم كريم، عشان بصراحة بقى انا معنديش حد اثق فيه يوصل الأمانة دي لأهلي، 

ارتد الرجل للخلف برعب، فور أن وقعت عينيه على الظرف الممتلئ بالنقود، ليزداد ارتجافه حتى خرج صوته بلعثمة وارتعاش:

- الله يخرب بيتك، انت انت اا عايزني أروح برجلي لبيت أهلك اللي متراقب والبس مصيبة، انت طلعتلي منين يا واد انت؟

ضحك بخشونة مرددًا:

- طلعتلك من الضلمة، ولا انت مش واخد بالك؟

اكمل بضحكه الساخر، ليزيد من حنق الرجل، والذي يأس منه، فتحركت أقدامه للخلف ينوي المغادرة قائلًا:

- طب يا خويا خليك في الضلمة اللي جيت منيها،  أنا معايا عيال عايز اربيهم.

هم حامد أن يقطع عليه طريقه، ولكنه تفاجأ بمجموعة من الرجال الضخام تشبه فرقة الموت، تقتحم  فجأة وتحاوطه هو والعم كريم، والذي صرخ برجاء:

- انا مليش دعوة  بالواد ده، انا راجع لولادي.....

اوقفه كبيرهم بأشارة من كفه قائلًا:

- احنا عارفين ومراقبين من بدري، زوق عجلك انت يا عم كريم، وبرضوا لا شوفت ولا سمعت بأي حاجة. 

- ابدا والله ما هتكلم ، عمري ما هتكلم .

ردد بالكلمات الرجل وهو ينسحب من البيت المظلم، ليهرول هاربًا إلى منزله، والذي توقف بمدخله فور أن دلف إليه، ليشرئب برأسه نحو الخارج، بفضول دفعه للمعرفة، ليصعق برؤية حامد محمولا على كتف أحد الرجال كخرقة بالية، يذهبون به نحو سيارتهم التي كانت مركونة في مكان قريب، مشهد اقشعر له بدنه، وهو يعلم بما ينتظره.


❈-❈-❈


- تعالى اقعدي يا مودة.

تفوه بها الضابط عصام اَمرًا بلطف، فاستجابت له باحترام لتجلس على الكرسي المقابل لمكتبه، والذي اشار عليه بيده، منكسة الرأس بخوف أو ربما خجل،  تأملها قليلًا قبل أن يقول:

- ارفعي راسك وردي عليا لما اكلمك، انتي خلاص كلها يوم ولا يومين وتخرجي، مدام صفاء المحامية بتعمل المستحيل عشان تخرجك.

ردت بصوت خرج كالهمس:

- عارفة يا فندم.

خاطبها بلهجة تميل للنصح:

- مش مهم تعرفي وبس، المهم تاخدي بالك بعد كدة، الأخطاء الصغيرة في الحاجات بتجر وراها مصايب، مش عيب ان البني ادم ينشأ في ظروف وحشة، العيب انه ياخدها حجة عشان يمشي في طريق الغلط.

رفعت رأسها تقول بدفاعية:

- بس انا والله ما كنت اعرف بقيمة الخاتم.......

- خلاص يا مودة.

قالها مقاطعًا وبحزم يتابع:

- انا مش بتكلم ع اللي راح، انا بتكلم ع اللي جاي، حاولي تصبري شوية عشان ما يتكررش معاكي اللي حصل، حتى لو هيتعبك الحرمان، أكيد في يوم هتشبعي، وتلاقي كل اللي اتحرمتي منه، فاهماني يا مودة؟

اومأت برأسها وكلماته رست في قلبها قبل عقلها:

- أكيد يا باشا فهمت.


❈-❈-❈


انتهى من حمامٍ دافئ أرخى به عضلات جسده المتشجنة، نتيجة الإجهاد في عمله المتواصل طوال اليوم دون توقف، دلف إلى الغرفة بالمنشفة الصغيرة يجفف شعر رأسهِ، ولكنه انتبه على الإضاءة التي كانت تصدر من هاتفه على الكمود المجاور لفراشه، تناوله سريعًا، ليفتر ثغره بابتسامة، فور علمه بهوية المتصل، رد على الفور دون انتظار:

- قلبي بقى، عاملة ايه يا بيبي؟ 

جاءه الرد بصوتها الرقيق:

- كويسة يا حبيبي والحمد لله، وانت عامل ايه؟

طرد دفعة من الهواء الساخن ليرد وهو يقف أمام المراَة ليمسح على النقط المتبقية من الماء على أطراف وجهه:

- يعني عايزاني ابقى ازاي بس في بعدك؟ مش ناوية تحني وترجعي بقى؟

تلجلجت قليلًا وخرج قولها بارتباك:

- ااا يا كارم ما انا كنت عايزاك تيجي الأول عشان نقعد مع بعض، بس انت مبتجيش.

استدار بجسده ليعود لفراشه قائلًا:

- ما انا قولتلك يا بيبي ان شغل الشركة كله كان متكوم فوق راسي اليومين اللي فاتوا، على العموم عدي راجع الليلة، يعني اعدي بالمرة بقى اخدك انتي والولد، ولا انتي موحشكيش كوكي حبيبك؟

قال الاَخيرة بتمهل وإغواء وصوت أنفاسه الساخنة وصلت إليها، ليذكرها بسحر لمساته الخبيرة وتأثيرها عليها، إعترضت تصيح به:

- يووه يا كارم، ما بلاش الاعيبك دي بقى وكلمني جد.

اطلق ضحكة انتشاء وتسلية ليقول بثقة:

- ماشي يا رباب هتكلم جد، بس انتي مش شايفة ان زيارتي لبيت ناس بيكرهوني منظرها مش حلو؟ يا بيبي تعالي البيت وافتحي براحتك معايا مية موضوع، كفاية بقى انا صبري بدأ ينفذ.

شاب قوله لمحة من السيطرة والتهديد رغم محاولاته الدائمة في معاملتها بلطف، ابتلعت ريقها الجاف لتردف بإلحاح ورجاء:

- يا حبيبي افهمني بقى، البيت اساسًا هيبقى فاضي، ما انت عارف كاميليا وجوزها بيبقوا في الشغل لحظة الصبحية، يعني انا وانت هنبقى براحتنا. 

صمت قليلًا قبل أن يجيبها على مضض، برغبة قوية منه لعدم الضغط عليها، تقديرًا لما مرت به:

- ماشي يا رباب، هعدي عليكي عشرة الصبح، نتكلم شوية قبل ما اروح شغلي، كدة كويس؟

- كويس طبعًا، كويس يا كارم .

قالتها بنبرة قلقة رغم إذعانه لرغبتها، فما ينتظرها من مواجهة معه، ليست بالهينة. 

ولحسن الحظ او سوءه بالأصح، لم ينتبه هو جيدًا لنبرتها، وقد وصله اتصال اخر على نفس الهاتف، ونظرا لأهمية الأمر طلب منها انهاء المكالمة من جانبها ليرد على المتصل الاخر:

- ايوة يا بني، وصلتوا لحاجة؟

اجابه الاَخر بمغزى:

- كان عندك حق يا باشا لما خلتنا نراقب كريم السواق، الأمانة دلوقتي معانا.

- بتقول ايه؟

هتفت بها بعدم تصديق في البداية، قبل ان يتدارك سريعًا ليأمر رجله بحزم:

- الواد دا يجي الفيلا عندي في الحال، وخلو بالكم، مش عايز أي حد يحس بيكم.


❈-❈-❈


بداخل المخزن وقد استجابت لرغبته، ليقتطف القبلات واللمسات الجريئة منها، يساعده ضعفها لتبدوا في يده كالعجينة يشكلها كيفما يشاء، تطيعه كالمغيبة ولكن حينما يصل إلى نقطة ما؛ تقربها من خطر الوقوع في المحظور، توقفه على الفور، وهذا ما كان يحدث الاَن:

- كفاية، كفاية، خليني امشي بقى.

وكأنه لم يسمع بل زاد بضمها يلثمها بحرارة قاربت العنف؛ ازعجها بشدة لتتشجع في إبعاده عنها بقوتها المعهودة قبل ذلك.

- يا ابراهيم بقولك كفاية، كفاية يا أخي.

مع قولها الأخيرة، استطاعت تدفعه بغشم جعله يقع ارضًا، فصاح بها ناهجًا بأنفاس لاهثة:

- انتي بتكرريها تاني معايا يا بت؟ مش مالي عينك انا ؟

زمت شفتيها تقول بدلال، وهي تلملم ما بعثرته يداه على ملابسها:

- ليه يا حبيبي؟ عايزني اسيبلك نفسي لحد ما تضيعني؟

رمقها ببغض شديد، ليشيح بوجهه عنها زافرًا بحنق، وقد افسدت مزاجه، بعد أن نسي بها قليلًا همه، ولكنها عاودت:

- انا بحبك اه وبعملك اللي انت عايزه عشان واثقة فيك يا ابراهيم، لكن مش هبلة عشان اسلملك كدة واحنا لسة ع البر.

التف إليها رافعًا طرف شفته العليا باستنكار، ليتحرك بخطواته حتى وصل إلى أحد أجولة الحبوب جلس عليه، ليخرج من جيب قميصه علبة السجائر، سحب واحدة يضعها بفمه، قبل أن يشعلها بعود الثقاب الذي كتم نيرانه أسفل حذائه، واستمر على صمته، لتستطرد راغبة في مشاكسته:

- انت زعلت مني يا ابراهيم؟

رد بصوت خشن:

- وانتي مالك ازعل ولا اتفلق حتى، مش خايفة على نفسك يا ختي؟

تبسمت بابتهاج داخلها، وظن خادع بتأثيرها عليه، فقالت بمغزى:

- والله ان كنت هماك اوي كدة، اهو المأذون موجود، وانا موجودة، ولا هي المحروسة وخطيبها كانوا أحسن مننا لما شبكوا وكتبوا الكتاب في ليلة واحدة. 

الحمقاء الغبية ضغطت على زر الخطر دون قصد، وبغفلة منها أكملت وهي ترتدي حجابها، بدون أن تنتبه على ملامحه التي توحشت حتى نهض ليقف مستمعًا  لها بتحفز وهو على حافة الإنفجار:

- اهو دلوقتي البشمهندس بقى جوزها رسمي، يعني لو طلب منها أي شي، هتسلمه من غير جدال، لا دا تلاقيه بترحيب منها كمان، ما هي قاعدة بقالها سنين عطشانة، وفجأة لقت البحر اللي تغرق فيه.......

قطعت متفاجئة به أمامها، ونظرة من قعر الجحيم أدخلت في قلبها الرعب،  وقبل أن يخرج السؤال منها، باغتها بصفعة قوية بكفه الكبيرة، سقطت على الجهة اليمني من وجهها لتهتز بعدم اتزان حتى كادت أن تقع، او يحدث برأسها ارتجاج، قبل أن تتماسك لتطالعه بذهول، وخيط دماء سال من جانب فمها، ترافقه دمعة ساخنة، بشفاه مرتعشة وكأن الكلمات اختنقت بجوفها، وبدون أدنى ذرة من ندم، مد ذراعه يشير بسبابته أمامها، بصوت شرس:

- امشي اخرجي حالًا، غوووري من وشي.

يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر (بنت الجنوب) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة