-->

رواية جديدة جونجان (غابة الذئاب والسحر الأسود) لفاطمة الألفي - الفصل 23

 

قراءة رواية جونجان (غابة الذئاب والسحر الأسود) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية جونجان (غابة الذئاب والسحر الأسود)

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة فاطمة الألفي


الفصل الثالث والعشرون

 "روح شريرة"


داخل المشفى 


بغرفة الصغير انتفض جسده عدة مرات وكأنه في حالة صرع لم يستطع أحد السيطرة عليه

وصرخت " ريم" تستنجد بزوجها الذي استيقظ من نومه بفزع واقترب منها يمسك بجسد صغيره الذي لازال ينتفض بشده واستكان فجأة كما بدأ فجأة ولكن تطلع لهما بعينين حمرويتين بلون الدماء، ابتعدت عنه " ريم" بخوف في تلك اللحظة الذي صوب بها "سادم" أنظاره بقوة داخل مقلتيها وكأنه وجدت شخصًا أخر غير وجه صغيرها في تلك اللحظة.



جلست بالمقعد دون حراك ثم ابتلعت ريقها بصعوبة لتعود تنظر له بحذر وجده مُغمض العينين وجسده مُستكين داخل فراشه، عاد زوجها يجلس على الأريكة بتعب ونظر لها قائلا: 

- ساتحدث مع الطبيب في الصباح وسنجد حلا للأمر لا تقلقي


هزت راسها بالايجاب وقلبها ينتفض ذعرًا ولكنها لم تقدر على الحديث ظلت تطلع لابنها بشرود وتذكرت أمر القلادة التي كانت دائما تحاوط عُنقها وعندما ولدت طفلتها الأولى نزعتها من عُنقها لتضم عُنق طفلتها، فقد كانت قلادة مُميزة تمتلك حجرًا من الفيروز وداخل الحجر يوجد حجرًا كريمًا أخر ولكن لم تتذكر أسم ذاك الحجر .



شردت أيضا بذكريات الماضي وعندما أنجبت طفلها "سادم" الذي فرحت به والدتها وانتقت له اسمه "سادم"

وأنسابت دموعها عندما تذكرت والدتها وهي تختضر بعد ولادتها لسادم بأيام قليلة..


فلاش باك..


كانت " سيرين" في حالة إيعاء شديد وطريحة الفراش تغفو لحظات ثم تعود للواقع ثانيًا 

دنت منها "ريم" تجفف لها حبات العرق المُتساقطة على جبينها وعندما فتحت "سيرين" عينيها بوهن، أمسكت بكف ابنتها وقالت بصوت مُتعب:


- "ريم" حبيبتي اعتني بنفسك جيدًا وبصغارك يا قُرة العين ونبض القلب، لقد تحملت الكثير وأنتِ طفلة صغيرة ولكن الله كان معي ولم أشعر بالوحدة بعد فراق والدكِ ، لقد واجهنا الكثير والكثير من الصعاب ولكننًا تحاملنا وصبرنًا، لم يكن والدكِ الشخص الأول الذي ولج لقلبي وتسلل لاعماقي ولكنه كان الشخص الوحيد الذي يستحق كل خفقة قلب وكل طرفة عين،


 واسميت طفلك "سادم" على إسم الشاب الذي اقتحم قلبي دون أرادتنًا، كلما تنظرين له تذكري أن تطلبي الدعاء لي، لانه يذكرني دائما بالجرم الوحيد الذي اقترفته في حياتي، لقد قتل نفسًا وأنا مُنساقة خلف مشاعر واهية كاذبة ولكنني شعرت بالشفقة على كل ما حدث له ، رغم كل ما حدث بالماضي إلا أن مازال قلبي نابضًا بحبه وهذا بلاء لا دخل لي به، لقد أودع الله حبه في قلبي رغم اختلافنًا الشديد ولكن توحدت القلوب، والقلادة التي تُحاط بعنق صغيرتك" سيران" ستظل تحميها من أختراق جسدها من عين الجن و الانس، ابنتكِ يا "ريم" والقلادة المُحصنة أياكِ أن تضيعها، وكلما ضاق صدرك ألجئي إلى الله العلي القدير الذي لن يُضيعكِ 


قالت ريم بتسأل:

- وما سر هذه القلادة يا أمي؟

- سرها عظيم فهي قلادة مُباركة وأتت لي وأنا في أجمل بقاع الأرض، رأيت منامًا منذ فترة بسيطة، رأيت المارد دهمان يطاردني ويبحث عني وعن نسلي ولكن تلك القلادة جعلت بيننا حجزًا لكي لا يراني وهذه مشية الله تعالى، جعل بيني وبينهم سدًا



ولكني أخطئت عندما وقفت أمامه وتحديته بالماضي، كان عليَّ أن أُحاربه بأرادة الله وكتاب الله لا بثقتي وقوتي، فأنا ضعيفة والقادر الغالب هو الله تعالى.

قاطعتها بفضول قائلة: 

- وماذا حدث بالماضي ومن ذاك المارد " دهمان" ؟


تنهدت بعمق واستجمعت أنفاسها لتخبرها عن وجود ذلك المارد بحياتها وهي فتاة شابة في مُقبل عمرها وما السر الذي ربط بحياتها وحياة "دهمان" هذا الذي وهبه والدها روحها وحياتها عند ولادتها .



كل ذلك وريم تستمع لوالدتها غير مُصدقة بما تقص عليها وكأنها تُشاهد فيلمًا عالميًا لا يمس للحقيقة بصلة إلى أن أنهت "سيرين" الحديث وهي تشدد في توصية ابنتها على عدم التخلي عن القلادة وأن تظل تُحصن نفسها

واولادها من الشيطان الرجيم لكي لا تصل لهم لعنة دهمان .

وانهت كلماتها ولفظت أنفاسها الأخيرة بعد نُطقها للشهادتين..



فاقت "ريم" من ذكرياتها وظلت تتطلع لابنها الساكن أمامها دون حراك وهي تُردد بخوف " لعنة دهمان" هل من الممكن أن يكون ذلك المارد أصاب ابني باللعنة وسيُطالب بروحه 

نفضت راسها نافية بعدم تصديق ما تفكر به وقالت بصوت عالٍ: 


- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.... أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامه

ظلت تُردد بعض الأذكار إلى أن شعرت بالهدوء والسكينة والطمأنينة..


❈-❈-❈ 


في الصباح علمت "جميلة" بعودة ابنها وتوجهت إلى غرفته تُيقظه وتتسأل عن سبب عودة المُفاجئة وهل "سيران" اتت معه وتركت البطولة ام ماذا حدث؟

جلست على طرف الفراش وهزت كتفه برفق:

-"كارم" هيا استيقظ ، أريد التحدث معك


فتح عينيه بكسل وعندما رءا والدته أمامه زفر بضيق وعلم ما سبب وجودها الآن بغرفته، اعتدلت وجلس على الفراش يتطلع لها بحنق وهو يقول: 

- اتحفيني يا سيدة القصر اي ريح أتت بكِ لغُرفتي المتواضعة ؟


-لا وقت لمزاحك هذا، هيا أخبرني لما عُدت من "روما" بهذا التوقيت وهل خطيبتك أتت معك وعلمت بما حدث لشقيقها ام ماذا حدث؟

تأفاف بضيق وقال بأقتضاب لكي ينهي الحوار بينهما:


- "سيران" أنهت خطبتنا أمس بعد المباراة

جحظت عينيها بصدمة وقالت بعدم تصديق: 

- ماذا .... ؟! هل حدث ذلك بالفعل ام تمزح معي

التقط الخاتم من اعلى الكومود كما وضعته ليلة أمس وفرد كف والدته ثم وضع داخله الخاتم وقال :

- لا هذا حدث بالفعل والدليل معكِ الان 

شهقت بصدمة وهي تنظر للخاتم الذي بيدها وعادت تتطالع ابنها بعدم فهم تطلب منه تفسيرًا لما حدث 


نهض عن فراشه وهم بالتوجه إلى المرحاض ولكنها لحقت به واوقفته: 

- ظل مكانك أريد معرفة سبب إنهاء الخُطبة ، ماذا فعلت لها لكي تفسخ خطبتها لابد وأنك كنت تتفتل مع الفتيات وتركتها، هيا أخبرني بفعلتك الحمقاء

صرخ منفعلا: 


- أجل أنا أحمق الذي نفذ رغبتكِ في الارتباط من فتاة لم أكن لها مشاعر وفعلتها من أجلك فقط، ظللتي فوق أذني تخبريني كم هي جميلة ورقيقة وجذابة وتُحبني وسأكون سعيدًا معها ، ضربتي بمشاعري أنا عرض الحائط ، أخبرتك لن أُفضل الزواح إلا عن قصة حُب، اوهمتيني بالحُب الذي سانعم به ايام الخُطبة وفعلت ذلك لكي اتسكع حقا وافعل ما يحلو لي دون قيود سيدة القصر ، ولكن لم أحسُب حساب لتلك النهاية، لم أشعر أنني بالفعل أحببتها لم أشعر بفقدها إلا عندما تركتني ورحلت فجأة ، في بدء الأمر كنت أشعر بالامبالاة ولكن كُنت حزينًا بسبب غيابها وأشعر بالذنب وعندما علمت بعودتها ، ركضت إليها فرحًا مُتلهفًا لرؤيتها لكنها صدمتني بفك الخطبة ونزع الخاتم دون أن تتفوه بكلمة لم توبخني حتى على فعلتي ولن تواجهني، خسرتها حقًا يا أمي وأنا الآن نادم على كل لحظة قاستها من أجلي، نادم على عدم معرفتي بمدا حُبها الذي سكن قلبي دون أن أشعر ولكن بعد فوات الاوان فلم يعُد الندم يجزئ نفعًا ..



"الندم هو الإبصار الذي يأتي متأخرًا "

تركها تتطلع لطيفه الذي تواري عن أعينها وتهرب منها خلف باب المرحاض ، انسابت دموعه حقًا وضرب الحائط بقبضته بقوه ثم زفر أنفاسه ووقف أسفل رشاش المياه لتنهمر على جسده المُخترق الذي يشتغل والبركان بسبب خذلانه لها وخيانته، حزينًا على كل ما فعله، مُحطم على قلبه الذي أصبح خاوي بدونها وروحه المُعذبة بغيابها عنه، ليته علم بمشاعره الحقيقية قبل أن تحكم عليه بالنهاية ..



"الأعتذار أحيانًا يكون الندم على الكلمات المؤلمة أو الأعتذار لا يجدي ولا فائدة منه، كما أن الإنسان يقسى على نفسه عندما يضع نفسه فيما ليس له، يتملكه الندم عندما يغلق أذنيه، عن كلام عقله.

❈-❈-❈


مر اليومين عليها كالدهر وهي تنتظر إنهاء المُباراة للعودة إلى عائلتها ورؤية شقيقها وما حل به، نالت لقب بطولة العالم للإسكِواش فئة الفتيات ولكنها غير سعيدة باللقب بسبب الحالة التي عليها شقيقها وهو بلد وهي ببلدة أخرى .


التقطت لها بعض الصُحف العالمية صور خاصة بها وارتدت الميدالية الذهبية وتوجت أسم بلدتها مصر وشرفتها في تلك البطولة، سعيدة بالفوز ولكن فرحتها لم تُكتمل بسبب غياب عائلتها فقد كان يعدها شقيقها بالحضور في النهائي واشهار علم مصر والفرحة العارمة بالنصر ولكنه هو الآن راقد بفراشه ساكنًا دون حراك.


رفعت علم مصر عاليًا وأجرت بعض اللقاءات عبر التلفاز واعتذرت عن بعضهما بسبب عودتها لموطنها الحبيب .

وعاد الفريق بأكمله وهم فرحين بحصولهم على البطولة، جلس الكابتن "زياد" بجوارها يواسيها على ما تمر به من حزن فقد أخبرته قبل ذلك بالحالة الصحية الخاصة بشقيقها ورغم كل هذا فازت بالبطولة فهو دائما فخور بها لأنها بطلة تحدت كل الصِعاب .



ربت على كفها لتتطلع له بعيون دامعة ولكن بسمة طفيفة تنير وجهها ، حدثها بود قائلا: 

- لا تقلقي شقيقك سيكون بخير باذن الله

هزت راسها بايماءة خفيفة وكأنها كانت تنتظر شخصًا أخر أن يجلس جوارها ويُشاطرها حزنها ولكنه خذلها وتخلى عنها، جال بخاطرها البحث عن " لاواي" فهو وعدها سيكون جانبها اين اختفى الآن ؟



أقلعت الطائرة تُحلق في سماءً روما عائدة إلى أرض الوطن مصر الحبيبة ولوت ثغرها بضجر فقد ظنته حقا سيرافقها كما وعدها وكانت تنتظر قدومه على أمل اللقاء ولكنه خاب ظنها لتلك المرة..

ولكنه كان يُطالعها وواقفًا جانبها حقًا ولكن لم يراه أحد ولا يشعُر بوجوده أحد ، كانت متخفي عن الأنظار وعنها هي الأخرى فكيف سيجلس جوارها وهو جني ولا يحمل اوراق سفر خاصة به، لا يمتلك الا قوته الخارقة فقط ...


 


عندما هبطت الطائرة بمطار القاهرة الدولي ترجلت "سيران" مُسرعة في خطواتها تنهى أجراءات خروجها سريعًا ثم ودعت المُدرب والفريق واستقلت أول سيارة أجرة من أمام المطار  لتقلها إلى حيث المشفى، وفي غضون ثلاثون دقيقة كانت تترجل من السيارة أمام المشفى واعطت السائق نقوده ثم رحل وهي سارت في طريقها بخطوات واسعة مُتلهفة لداخل المشفى


 وقفت أمام فتاة الإستقبال تتسأل عن غرفة شقيقها لتركض إلى المصعد استقلته وصعدت داخله إلى الطابق المنشود الذي يوجد به غرفة شقيقها 

استوقفها صوته المُنادي باسمها بلكنة المؤلفة على سماعها:


- "سيران"


توقفت مكانها ودارت وجهها للخلف لتجده أمامها، رفعت حاجبيها مُندهشة قدومه وسارت بخطواتها تقترب منه وهو أيضًا يقترب بخطواته الواثقة قالت بذهول:

- "لاواي" كيف هذا؟

تبسم لها وقال مُعتذرًا: 

- أعتذر عن عدم رؤيتك بالطائرة فقد كُنت بالمقعد الخلفي ولم استطيع الحديث معكِ، انتظرتك عند المُغادرة ولم أعثر عليكِ إلا عندما اوقفتي السيارة لحقت بكِ إلى هُنا 

لم تُصدق أنه أمامها ولم يتخلى عن وعده لها وبالنهاية هو أمامها الآن منما جعلها تبتسم له وتمسك بيده لكي تولج به داخل غرفة شقيقها وهي تُحدثه قائلة:

- سعيدة برؤيتك" لاواي" هيا معي لترا عائلتي



طرقت باب الغرفة ووجلت لداخل وبجانبها "لاواي" الذي وقف مكانه ريثما تُصافح عائلتها أولًا

وقفت "ريم" عن مقعدها تنظر لها باشتياق أسرعت "سيران" تُعانقها بشوق جارف واستقام والدها أيضًا يقترب منها في خطواته، تركت عناق والدتها لتنجرف لأحضان والدها الحبيب الذي اشتاقت له كثيرًا 

ضمها " مراد" بقوة وطبع قُبلةُ رقيقة على خُصلاتها البنية : 


- مُبارك الفوز يا بطلة العالم

تذكرت "ريم" أمر البطولة وعادت تضمها إليها وتهمس بصوت حزين:

- مُبارك يا حبيبتي، لم يسعنا الحظ لنكون جوارك 


- أعلم والدتي الحبيبة، ثم أبتعدت عن أحضانها ونقلت عينيها على جسد شقيقها المُمدد أمامها على الفراش دون حراك، تقدمت إليه تمسح على وجهه البريء الساكن بهدوء وانهمرت دموعها عندما وجدته لم يتطلع لها ولم يشعر بوجودها عيناه تتطلع في الخواء بشرود 


دنت منه تُقبلة على وجنتيه ومسدت على خُصلاته السوداء الناعمة برفق وقالت بصوت خافت:

- أشتقت إليك يا صغيري... هيا أنهض من فراشك لتتابع أنجاز شقيقتك، إلا تخبرني بأنِ مثلك الأعلى وتود أن تكون بطل أيضا ولكن في لعب كورة القدم التي تُفضلها، هيا أنهض يا بطل وشقيقتك جانبك لن تتخلى عنك.


لم يستمع لها ولم ترف أهدابه وكأنها سراب أمامه ، تطلع والديها للشاب الذي دلف معها ولكن واقفًا بصمت تام.


قطع الصمت صوت والدها قائلا وهو يقترب منها يمحي دموعها المُتساقطة وهو يقول: 

- سيتحسن بأذن الله سيمر الأمر 

أومت برأسها وتذكرت أمر " لاواي" فنظرت له وقالت:

- " لاواي" هذا صديقي تعرفت عليه في "روما" وهو يعمل طبيب وسيجد علاجًا لشقيقي 

صافحة" مراد" بود وفعلت "ريم" أيضا وهي تبتسم له وقالت بأمل:  


- ستجد له علاجًا بالتأكيد

هز "لاواي" رأسه بالايجاب ثم اقترب من "سادم" يتفحص جسده وينظر داخل مقلتيه المفتوحتين بدقة ثم عاد يتطلع لهم قائلا بجدية: 

- هل يمكنكما الانتظار بالخارج ريثما انهي فحصي ولكي لا يشعر أحد بوجودي هُنا، فأنا طبيب غريب عن المشفى.



تفهم والديها الأمر وحاوط "مراد" كتف زوجته مغادرين الغرفة، أما "سيران" فضلت أن تظل جوار شقيقها وامسكت بكفه ثم نظرت إلى"لاواي" لن استطيع تركه بعد الآن.

لاحت أبتسامة طفيفة وقال بمرح: 

- حسنًا لا بأس ستكونين مُساعدتي من الآن 

بأدلة البسمة برقة ثم تنهدت قائلة:

- هيا تابع فحصك.

 


أمسك برأس "سادم" يحركها يمينًا ويسارًا ونظر بحدة داخل مقلتية ليرا تغير لونهما جحظت عيناه بصدمة وعاد يتطلع ل " سيران" التي تُراقبه بعدم فهم ولم يحمل بيده سماعة طبيبة أو أي شيء

تنحنح "لاواي" واراح جسد "سادم" ثم طالعها بنظرات صادمة وقال بصوت خافت: 

- داخل جسد شقيقك روح شريرة 

-ماذا .. ؟ قالتها بصدمة 

- صدقيني الأمر صعبًا للغاية، تلك الروح الشريرة تُريد أذاءه 


هزت رأسها نافية وقالت بعدم تصديق:

- لا ... لا هذا عبث 

- ثقي في، ثم صوب أنظاره بمقلتيها وعاد يهمس بصوت خافت:

- إلا تثقين بي؟ دعِ الأمر لي ولا تقلقي.



- أثق بك، ولكن لم أُصدق تلك التراهات، لا أؤمن بوجودهم  

كظم غيظه فهو أمامها بالفعل وهي تتحدث عن عدم وجودهم 

استرسل حديثه بثبات وقال:

- حسنًا .. أتركِ لي الأمر وسوف تُشاهدين بنفسك، ولكن يجب أن تكوني قوية وتتحملين القادم 

- أنا قوية ولكن ليس أؤمن بالارواح الشريرة ولا الجن والعفاريت هذا خيال لا يمس للواقع بصلة

كركر ضاحكًا وهز رأسه نافيًا وحدث نفسه:

- سأجعلك تؤمنين بهم وتتزوجين منِ أيضًا وهذا وعدي لكِ يا ساحرة القلوب.



-"لاواي" ما المُضحك في كلامي؟ هل ستجد علاجًا لمرض شقيقي أم لا؟

- سأجد لا تقلقي، ثم أستطرد قائلا: 

- يجب عودة " سادم" إلى غرفته بالمنزل وهذا أول طريق العلاج 

- والمشفى .!؟

- المشفى لم تُقدم لشقيقك العلاج الكافي، حالته تسوء هُنا، يجب العودة إلى غرفته وسأظل جواره وأراقب تصرفاته

- حسنًا ساتحدث مع والدي وأعلمه بذلك.



بالفعل غادرت "سيران" غرفة شقيقها وجدت والديها ينظرون لها في قلق، أخبرتهم بأنها حالة نفسية فقط وعليهم العودة إلى المنزل وسيتابعه" لاواي" ويمكث معهم  لمتابعة حالة " سادم" 

وافقهم " مراد" الرأى وبالفعل أنهى إجراءات خروج "سادم" من المشفى وعادوا جميعهم إلى الڤيلا، حمله " لاواي" وصعد به إلى غرفة دون أن يعلمه أحد بغرفة "سادم" منما جعل " سيران" تنظر له بدهشة فكيف علم بأن تلك الغرفة حقًا خاصة بشقيقها ولكنها تلاشت الأمر في الوقت الحالي.



أراح جسده على فراشه ثم دار بعينه داخل الغرفة يجوبها بنظراته الفاحصة وشعر بوجود تلك الروح تسكن غُرفته، ولكن تسأل داخله، ماذا فعله الصغير لكي يسكن جسده الضئيل هذه الروح الشريرة التي أقسمت على إذاءه، وقعت أنظاره على سلة المهملات بها قصاقيص من الأوراق البيضاء، حدثه هاجسة بالبحث داخل تلك القصاقيص الورقية ليعلم السبب



دنا من السلة وأنحنى بجذعه ينظر داخلها وقعت عينيه على أقلام الرصاص الخشبية المُنكسرة، وورقة مكتوب داخلها نعم، لأ

لم يفهم لما كُتب ذلك فأعطى الورقة لشقيقته لعلها تفهم ما قصده شقيقها:

كانت تطالعه بدهشة وشهقت بصدمة عندما وقعت انظارها على الأقلام والورقة البيضاء وظلت تبعث داخل السلة بلهفة لتجد نصف الورقة الآخر وعاد تنظر له بتسأل هل  "روح تشارلي" هي التي تسكن جسد "سادم" حقًا؟


هز رأسه موكدًا لها ذلك ولكنه سألها ؛

- أين علمتي بأنها روح "تشارلي"؟


قالت بأسف: 

- الأقلام والورقة والكلمات المدونة يستخدمونها الصغار في لعبة استدعاء روح تشارلي وهذا يكون تحدي بين الصغار والشباب ولم أظن بأن عقله أوصله بأن يخوض هذه اللعبة، هذا جنون كيف لشخص بعمرة أن يفعلها وينساق وراء فضوله لهذا الحد ومع من فعلها ولما حدث له ذلك، سأجن سافقد صوابي لم استعب فعلته الحمقاء التي أودت لحالته تلك


كانت تنهار أمامه جذبها لصدره وحاوطها بذراعيه وهو يحاول تهدئتها وظل يهمس بجانب أذنها قائلا:

- لازال طفلًا ويُريد تجربة كل شيء جديد عنه، سنحل الأمر لا تقلقي وستنتهي اللعنة ونُحرر روحه من جسده لا تخافين لن أدع شقيقك يُصاب بأي أذي ثقي في..

❈-❈-❈


توجهت "ريم" لغرفتها لكي تنعش جسدها بالماء وتبدل ثيابها التي كانت بها بالمشفى منذ تعب صغيرها وعندما انتهت توجهت إلى غرفته تطمئن عليه ولكن وجدت " سيران" و" لاواي" جانبه ويتحدثون باهتمام 

عندما شعرت سيران بوجود والدتها أخفت عليها ما عرفته وطلبت منها أن تذهب لغرفتها لتستريح وهي منذ تلك اللحظة ستتولى أمر شقيقها ولن تتركه.



شعر والدتها بالارهاق فهي لم تذق طعم الراحة ولا النوم منذ أن مرض صغيرها ولذلك انصاعت لمطلب ابنتها وعادت إدراجها ثانيًا إلى غرفتها، واستقلت بالفراش ثم دثرت نفسها وخلدت على الفور لنوم عميق..

وقرر والدها  " مراد" العودة إلى متابعة أعماله داخل شركته الخاصة، بعدما شعر ببعض الارتياح بعودة سيران والطبيب الذي ستولى حالة صغيره لذلك وجب عليه الذهاب لعمله..


❈-❈-❈


أما عن الوضع داخل منزل "جميلة"

كانت قلقه على حالة ابنها الذي ثار غضبه ولا تعلم ماذا عليها أن تفعل، هل ستتركه بتلك الحالة ام وجب عليها التدخل والذهاب إلى صديقتها لمعرفة الأمر ، فقد علمت من التلفاز بعودة سيران إلى موطنها ولكن ظروفهم الان غير سامحه بالحديث عن أي شيء فيكفي ما جرا ل " سادم" 



ظلت حائرة مغلوبة على أمرها ماذا تفعل من أجل سعادة كبيرها الذي أرادت له حياة سعيدة مُستقرة مع الفتاة التي تُحبه وهو أيضا لم يعترض عليها والان يُحبها وهو من أفصح عن مشاعره بنفسه دون إجبار منها.


مكست راسها بحزن وهي شاردة فيما فعلته وهل تلوم نفسها بالتدخل في حياة أبناءها ام تظل واقفة مُتفرجة على ما يفعلونه دون تدخل منها ولكن هي غير واثقة من تصرفاتهم الهوجاء.


وجدت يد والدها الحانية تُربت عليها بحنو وجلس جانبها متسألا:

- ماذا بكِ يا جميلتي

طالعته بعيون دامعة وفرحة خفية فهل حقًا يتذكرها والدها بالفعل 

طال تطلعها ليسود الصمت بينهما ثم عاد "عزيز" قائلا:

- ماذا حدث لك يا جميلة ابيكِ يا قطعة مُصغرة من نيروزي

جلست على ركبتيها أمامه وعينيها تنساب بالدموع ووضعت كفها على أرجله قائلة بلهفة:

- حقًا والدي الحبيب تتذكرني ؟



احتضن وجهها بين راحتيه وقال بصوته الدافئ:

- وكيف لا اتذكر ابنتي وروح فؤادي؟ وكيف لاب أن ينسى قطعة من روحه ، أعتذر عن نسياني لبعض الاشياء ولكن قلبي لازال يشعر بكِ ويتفقدكِ يا صغيرتي مهما كبر بي العمر ستظلين القلب النابض الذي يمد جسدي ويُحيني، بعد فراق والدتكِ لم يبقى لي من الدنيا سواكِ 

عانقته بقوة وتركت لدموعها العنان وترتجف بين ذراعيه وهو يشدد في ضمها لاحضانه بحنو ورفق ويهمس بصوته الحاني:

- لا تبكي يا جميلتي كل شيء سيمر أعدك بذلك



ابتعدت عنه وهي تكفكف دموعها وعادت تجلس جواره ولكنها وضعت راسها على كتفه وهو حاوطها بذراعه ، همست قائلة بحزن: 

- لا أعلم كيف حدث ذلك لابنائي، هل أنا التي أخطئت في تربيتهم أم ماذا لم أعد أعلم أي شيء يا أبي ؟

كان يظن بأنها تحكي عن صغيرها " عزيز" فقال لها بهدوء: 

- "عزيز" طفل صغير مُراهق لم يدرك فعلته 

ابتعدت عن والدها وطالعته بدهشة وتسأل: 

- " عزيز" وماذا فعل هو الآخر ؟



استرسل والدها قائلا كل ما أخبره الصغير من تحدي بينه وهو وبعض اصدقائه وما حدث ل " سادم" نتيجة لعبتهم وتحديهم استدعاء روح تشارلي كما يزعمون وتلك الروح يظنون أنها حضرت بالفعل وسكنت جسد سادم لانه لم يعتذر وغادر اللعبة دون أرادة " تشارلي" 


شهقت بصدمة ووضعت كفها على فاهها لا تعلم بأنها تركت صغيرها دون رقابة منها لكي يصل به الحال لإذاء نفسه، هل اهتمت بمشاكل الكبار وكل ما يخص حياتهم ونست الاهتمام بالصغير ومشاركة كل ما يتعلق به وهو في مرحلة النضوج وبحاجة إليها.


 يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة فاطمة الألفي من رواية جونجان، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة