رواية جديدة وبها متيم أنا لأمل نصر - الفصل 37 - 2
قراءة رواية وبها متيم أنا كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية وبها متيم أنا
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل السابع والثلاثون
الجزء الثاني
❈-❈-❈
ظل حامد على موقفه مذهولاً لا يصدق ما يردف به هذا المعتوه، وفرق القوة بينهم سوف تكون لصالحه على الأكيد.
هذا قبل أن يباغته الاَخر بضربة قوية بالقدم التي طوحها في الهواء لتقع على ركبتيه اسقطته ارضًا، وقبل أن يستوعب وجد سيلا من الضربات الموجعة، يتلقفها جسده بعشوائية وسرعة، لا تمكنه من الصد او الوقوف، فاستمر كارم مستغلاً خبرته السابقة في السيطرة على خصومه مهما كان احجامهم، وقد حصد العديد من البطولات اثناء دراسته.
ولكن ما سبق كان تمهيدًا، قبل أن يهجم مرة واحدة ليجثم بجسده عليه، فجلس بثني ركبتيه ، واحدة على نصف ظهره، والثانية على الرقبة من الخلف، ليصبح وجه حامد متساويًا بالتراب الذي دخل لحلقه مع الصرخات التي كانت تصدر بصوت عالي، بعدم احتمال لألم الذراع الذي لفه كارم نحوه للأعلى، ليصبح نقطة ضعف جيدة بيده للضغط عليها، مع بدأ تحقيقه:
- عرفت جيرمين منين من غير لف ولا دوران؟
خرج صوت حامد برجاء:
- والله ما كنت اعرفها، دي واحدة رقاصة اسمها سوزي هي اللي دلتني عليها، انا اخري كنت بروح الكباريه عندها.
رد كارم بخشونة وقسوة:
- تقول على مكانها بالظبط، هي والكلبة التانية اللي هربت معاها، جيرمين كات عايزة تعمل كدة في مراتي ليه؟
صرخ حامد بدفاعية:
- والله ما اعرف مكان جيرمين فين، ولا اعرف سر العداوة اللي ما ببنها وبين الهانم مراتك، الحاجة الوحيد اللي سمعتها بالصدقة هي ان في فيدوهات ما بينهم، لكن هي ايه الفيدوهات دي، برضوا معرفش.
- ردد كارم يغمغم بتساؤل خطر:
- فيدوهات ايه دي اللي ما بين مراتي وجيرمين؟
تابع حامد استعطافه:
- روحوا عند سوزي، هي اللي جابتلي باقي الفلوس، يبقى أكيد تعرف مكانها مش انا.
نفض كارم رأسه مؤجلًا البحث في الإجابة عن السؤال الهام الاَن، ليستفيق سريعا، ويواصل التحقيق مردفًا بحدة:
- سيبنا من جيرمين وسوزي، خلينا في الهانم مرات واللي نعمتك، بتحط ايدك عليها لييييه؟
زاد من الضغط على عظم الساعد حتى اصبح على وشك الكسر، لتخرج تأوهات الاَخر ببكاء، وهذا يستمر بدون رحمة مستطردًا بشراسة:
- اختارلك حاجة من الاتنين، افقع عينك اللي بصت لها ولا اكسر ايدك اللي لمستها؟ اختااار.
لم يقوى حامد على الاختيار وكان بكاءه هو الرد، فجاء فعل الاَخر مرافقًا لقوله:
- انا بقول نبتدي بالإيد وبعدها نفقع العين.
صدرت صرخة قوية خرجت من القبو لتصل حتى حراس المنزل في الخارج، وقد تمكن من كسرها بدون تهاون، قبل أن يجفله أحد الحراس بقوله:
- كارم باشا في ناس عايزينك.
- ناس مين؟
سأله قبل أن يتفاجأ بحضور مجموعة من رجال اغرباء يتقدمهم، جاسر الريان برفقة حارسه الشخصي إمام، وكانت المفاجأة هو الرجل الثالث، والذي هتف يأمره حازمًا بحكم وظيفته:
- ارفع ايدك عنه يا كارم، متأزمش الموقف اكتر من كدة.
نهض عن الرجل ليغمغم بعدم تصديق:
- امين ابن عمي! انت يا أمين!
تدخل جاسر متكفلًا بالرد:
- امين ابن عمك جايلك بصفة شخصية عشان نلم الموضوع، خليه يقبض عليه ويجيب منه كل المعلومات اللي عايزينها، مفيش داعي تأذي نفسك بأذيته.
علق أمين هو الاَخر بعدم رضا:
- وايه اللي فاضل تاني؟ دا كسر دراعه، ورقده زي الجثة، سيبني اخده يا كارم قبل ما يموت في إيدك ، على الأقل نلاقي منه فايدة.
❈-❈-❈
- اخيرًا جيتي يا نور، دا انا افتكرت خلاص استغنيتي؟
قالتها الطبيبة ببعض العتب اللطيف، وجاء ردها برقة كعادتها
- لا والله يا دكتورة، دي شوية ظروف كدة حصلت في البيت عندنا، هي اللي عطلتني.
سألتها الطبيبة بمغزى:
- أرجوا متكونش الظروف دي تخص الاعتراف اللي فات، دا احنا حتى مكملناش.
ردت بابتسامة ضعيفة تنفي:
- لا اطمني.... الحمد لله مصطفى متفهم، ياريت كل الناس زيه.
- ربنا يحفظكم لبعض.
قالتها الطبيبة بتمني قبل أن تتابع قائلة:
- طب كدة بقى نخش ع الجلسة، اتفضلي معلش، ومددي ع الشليزلونج.
نهضت مزعنة لطلبها دون مجادلة، وبعد لحظات قليلة من الاسترخاء، بدأت الجلسة بسؤال الطبيبة
- احنا كنا وقفنا في المرة اللي فاتت عند كمال عز الدين، جوزك السابق والأطفال اللي......
- سقطهم.
تفوهت بها بشرود وقد عادت بذاكرتها، داخل هذه الحقبة السوداء من عمرها، فقالت الطبيبة:
- بس انا عندي فضول أسألك وياريت تجاوبي المرة دي، كمال عز الدين، كان بيعرف بتسقطي الأطفال ولا لأ؟
صمتت قليلًا قبل أن تجيبها:
- أنا كنت فاكرة انه ميعرفش، لأني مكنتش بجيب سيرة الحمل من أساسه، اول اما اعرف اجري بخوفي على واحدة صاحبتي في المجال، كانت دايمًا بتطمني وبعدها تاخدني من إيدي على دكتور قريبها، ويتم الأمر في سرية تامة.
سألتها الطبية:
- مفيش مرة راجعتي نفسك فيها يا نور وقعدتي تفكري انك تحتفظي بالبيبي
دمعة ساخنة سقطت على جانب وجهها وخرج صوتها باختناق:
- مكنش ينفع حتى التفكير، انا كنت بحارب عشان اخرج من عيشته اللي كان غاصبني عليها، ودا طبعا بفضل الأوراق اللي مضتها بغبائي مع عقد الفيلم، حمل وجنين معناها ورقة جديدة للضغط عليا، وفي كل الأحوال مكنش ينفع.
- اتخلصتي منه ازاي؟
سألتها الطبيبة بتأثر، فخرجت منها تنهيدة مطولة يتخللها الارتجاف ثم قالت:
- فرصة العمر اللي كنت بحلم بيها اتحققت لما قابلت مخرج كبير اَمن بموهبتي، وعرض عليا دور مهم في بطولة جماعية، انا ساعتها اخدتها حياة أو موت، كتمت ع الخبر ولاعبت كمال لحد اما قدرت اوصل للأوراق اللي كان ماسكها عليا وسرقتها وحرقتها، بعدها خرجت من عنده واخدة حريتي بالفستان اللي عليا ورفعت قضية طلاق وكسبتها، والدنيا زهزت معايا، الفيلم نجح واتعرفت انا وانفتحت ابواب الشهرة قدامي، واما افتكرت الدنيا ضحكتلي خلاص، حصلت الحادثة......
توقفت لتثير فضول الأخرى في متابعة الأسئلة:
- حادثة ايه اللي حصلت معاكي؟
التفت رأسها نحوها لترد بوجه غلفه الغموض:
- الحادثة حصلت لكمال مع ابنه الوحيد من مراته الأولى.
قالتها وعادت مرة أخرى لشرودها تتابع:
- عربية انقلبت بيهم، الولد مات ووالده تقريبًا اتشل او حصل حاجة في ضهره منعته من المشي، المهم اني لما سمعت قولت اعمل بأصلي واروح ازوره في المستشفى، ويارتني ما روحت.
" - جاية ليه يا نورهان؟
هتف بها بأعين مشتعلة فور أن ولوجوها لداخل الجناح الخاص به في المشفى، وقد كان ممدًا على سريره الطبي، يغطي نصف جسده ملاءة بيضاء، وجروح متفرقة في الوجه، بالإضافة لكسر واضح بذراعه الأيمن. باغتها بهذا التحفز المبالغ فيه رغم صعوبة وضعه بهذه الحالة، حتى خرج صوتها باضطراب:
- يعني هكون جاية ليه؟ أكيد عشان اطمن واعمل الواجب، ربنا يصبر قلبك على الفقيد.
صرخ غير ابهًا بخطورة الانفعال على صحته:
- تطمني برضوا ولا تفرحي؟ يعني مكفاكيش اللي عملتيه فيا، وولادي اللي موتيهم في بطنك، عشان تيجي دلوقتي وتشمتي في اللي راح، اطمني اوي يا نجمة يا مشهورة، أنا اتقطعت ذريتي من الدنيا خالص بفضلك، يعني هفضل كدة وحيد لحد ما اموت وانتي السبب .
صراخه اجبر الممرضات على الدخول فورًا لرعايته ومهادنته، مع استدعاء الطبيب المكلف بعلاجه:
- كمال بيه، براحة على نفسك، انت مش حمل الجهد المضاعف ده
واصل أمام حالة الذهول والفزع التي بدا جليًا على ملامحها، وكأنه لم يسمع شيئًا:
- كنتي فاكرة اني مش هعرف باللي عملتيه، لكن ربنا فضحك عشان اعرف جحودك، يا ناكرة الجميل، زي ما حرمتيني من ولادي، انتي كمان ربنا هيجازيكي، الولاد اللي موتيهم بإيدك ولا هتشوفي ريحتهم تاني يا نور، هتخرجي منها وحيدة، زي ما هخرج انا منها وحيد، منك لله، منك لله"
على صوت بكاءها الحارق ولسانها يتمتم بنبرة تخللتها الندم والحسرة:
- مكانش بيكدب، مكانش بيكدب، انا ربنا بيجازيني زي ما قال، انا ربنا بيجازيني.
اغلقت الطبيبة دفترها، وتوقفت تتابعها، مرجئة التحدث حتى تنتهي وتهدأ، وقد وضعت اخيرًا يدها على موضع الجرح.
❈-❈-❈
بداخل الجناح الذي خلى من أفراد اسرته الصغيرة بالقصر، قضى ليلته السابقة على فراش أحد اطفاله، وقد باءت جميع المحاولات في استردادهم بالفشل، مع هذا التعنت التركي والعنجهية المتأصلة، ولكنه لن يستسلم، ولن يعطيها حريتها في الانفصال، الا وابناءه في حوزته، انها الاَن مجرد استراحة ليرتب أولوياته، والأولى له في هذه اللحظة يعلمه جيدًا، ويسعى لتحقيقه، وقد ساهمت زوجته العزيزة في تسهيل الأمر.
خرج بكامل أناقته، بخطوات مسرعة نحو الهبوط للطابق الأول، في طريقه للخروج، ولكنه توقف فجأة على نداء شقيقه من خلفه:
- عدي .
اجبر نفسه على الإلتفاف ليرد بابتسامة مصطنعة:
- نعم .
القى مصطفى بنظرة شاملة على هيئته، وهذه الحيوية، بمظهر مضاد تمامًا عن المتوقع، لر فشل في نجاح المهمة التي سافر من أجلها في استعادة أطفاله، ليثير بداخله الإرتياب وهو يخاطبه:
- حمد الله ع السلامة الأول، انا جيت امبارح متأخر من الشغل وما شوفتكش لما وصلت من السفر.
- الله يسلمك.
تمتم بها باقتضاب متململًا في وقفته، مما جعل الاَخر يردف ساخرًا:
- واضح ان معطلك عن مشوارك المهم، بس بصراحة انا كنت عايز اعرف وصلت لايه مع جد ميسون.
زفر يمسح بأطراف أصابعه على جانبي فكيه يردف كلماته بقصد:
- انا فعلا مستعجل، بس دا ما يمنعش اني اقولك عن صلف الراجل وتعتنه المبالغ فيه معايا، والشروط التعجيزية اللي فرضها عليا في رؤية الولاد.... فاكرني مدام لوحدي ومن غير ضهر مش هعرف اتصرف.
ابتسامة جانبية لاحت على وجه مصطفى واضعًا كفه في جيب بنطاله، ليرد بثقة وقد وصله مغزى كلماته:
- واضح انك جاي معبي، مع ان شكلك يا أخي، ميدلش أبدًا انك زعلان .
رد عدي بتحدي:
- عشان مش هسيب نفسي قصاد التنازل او اقعد تحت رحمتهم واعطل خططي، هعيش حياتي وانفذ اللي في مخي، واهي بركة انها جات منهم،
- يعني ايه؟
سأله بنبرة قلقلة تغاضى الاَخر عنها ليلتف بجسده عنه قائلًا:
- ما انا قولتلك اني هعيش حياتي، سلام بقى وبكرة تفهم قصدي.
نظر مصطفى في أثره وهو يغادر من أمامه، يغمغم بعدم ارتياح:
- واضح اوي ان الموضوع المرة دي مش مجرد نزوة، وباين ميسون كان عندها حق
❈-❈-❈
بتوتر شديد وحيرة من الأمر تعصف بها، ولجت بداخل المقهى الذي ذكره لها، تقدم قدم وتؤخر الأخرى، لا تعرف من أين أتتها الجرأة لتفعل؟
اشار إليها بكفه من موضعه، لتنتبه على وجوده في جانب منزوي الى حد ما عن باقي الرواد
خطت نحوه، حتى إذا وصلت إليه، أجلسها بإشارة من كفه قبل أن يعود إلى مقعده:
- اتفضلي يا صبا، الف شكر انك لبيتي الدعوة.
قالها بنبرة ممتنة بشدة، وجاء ردها بخفوت وخجل:
- بصراحة انا نزلت بالعافية، بعد ما جولت لأمي اني نازلة اجيب من المكتبة كريمات وحاجات للبنات، يعني عشان المناسبة اللي عندنا.
اطرق برأسه يخفي انفعاله لمجرد ذكر الأمر أمامه، حاول استجماع شجاعته، للدخول في الموضوع مباشرةً، ولكن كيف يبدأ؟
- مستر شادي انا مستعجلة والله....
- عشان العريس....
أجفلها بمقاطعته، ليزيد من دهشتها حينما تابع:
- انتي عندك استعداد توافقي عليه يا صبا بناءً على الموصفات اللي قالها والدك؟
قطبت تطالعه بعدم فهم، لا تستوعب تدخله في هذا الشأن الخاص، ثم ابتلعت ريقها تجيبه ببعض الزوق رغم احتجاجها:
- انا اسفة يا مستر، بس بصراحة انا مستغربة السؤال،.... وحضرتك يعني جولت ان انك عايزني في موضوع مهم.....
قالتها لتسبل اهدابها عنه بحرج، ترجو الا تكون بالغت في اعتراضها، ولا تعلم ان ردها كان سببًا في حثه على الدخول مباشرة في حديثه:
- ما هو دا الموضوع يا صبا .
رفعت رأسها إليه باستفهام، ف التقط نظرتها ليردف: - عشان انا عايز اتجوزك يا صبا.
برقت عينيها وتوسعت بذهول، لا تصدق ما وصل لاسمعاها، فتابع يطلق سراح الكلمات المحبوسة بداخله:
- ايوة يا صبا انا بحبك، حتى وانا عارف بفرق السن اللي ما بينا، حتى وانا عارف انك تستاهلي واحد اصغر واحلي مني، واحد يدلعك ويعيشك العيشة اللي تستاهليها، تقدري تعتبريه جنون، او أي حاجة في دماغك، بس دا اللي انا بشعر بيه من ساعة ما شفتك اول مرة خارجة من بيتكم بعد ما سكنتوا جديد جمبنا، احساس اتطور معايا لحد ما بقى زي الوحش جوايا......
الى هنا ولم تملك ادنى شجاعة لمواجهته، وهذا البريق الخاطف بعينيه كصرخات ألم، اسبلت أهدابها عنه وقد زحفت سخونة غير طبيعية لوجنتيها، ما هذا الرجل؟ وما هذا الذي يحمله بداخله نحوها؟
انها حتي لا تقوى على النظر إليه، وهو يتابع الاَن بصوت صدر بتحشرج:
- انا كان لازم اقولك الكلمتين دول يا صبا، عارفك مخضوضة، بس انا مش عايز منك رأي دلوقتي، انا بس كان لازم ابلغك باللي جوايا وانتي حرة في كل الحالات، حتى لو رفضتيني أنا مديكي عذرك.
اومات برأسها وبصعوبة جمة ملكت صوتها لترد بكلمات متقطعة:
- طب... انا عايزة امشي دلوقتي، ممكن؟
اخرج تنهيدة متعبة يقول:
- طبعا تقدري تمشي يا صبا، بس ارجو ان ميكونش هزيت صورتي جواكي، انا كل اللي طالبه هو حلال ربنا، وانتي طبعا ليكي حرية الاختيار.
❈-❈-❈
ترجل من سيارته بعد أن اصطفها في مكان قريب، قبل أن يتقدم بخطواته داخل الموقع الجديد، والذي كانت تقف به بجوار مساعدها عبد الرحيم، تلقي عليه بعض التعليمات من اجل التحضير لبدء العمل باكرًا به.
كانت مندمجة في النقاش بتركيز شديد، حتى أنتبهت على هتافه من خلفها بجرأة ممازحًا:
- في الصحرا ولوحدكم تاني يوم بعد ما كتبنا الكتاب كمان! بتخونيني يا شهد؟
حطت كفها على فمها لتكتم شهقة الحرج امام عبد الرحيم الذي لم يخفي ضحكاته، ليستقبل مصافحة الاخر بعد ذلك بكل ترحاب؛
- عامل ايه يا عبد الرحيم؟
- تمام يا بشمهندس، تشكر وتسلم ع السؤال.
اوما له بابتسامة قبل ان ينقل نحوها قائلًا:
- وزوجتي العريزة بقى عاملة ايه؟
ردت بجدية تحذره بعيناها:
- الحمد لله كويسة، روح انت يا عبد الرحيم ومتنساش اللي قولناه من شوية.
تحرك الاَخير على الفور ليغادر مستشعرًا حرج الموقف، بصفته كالعزول بينهما، وردد بطاعة:
- ولا يكون عندك فكر، كل هيبقى تمام وفل الفل كمان، سلام يا بشمهندس.
قال الاَخيرة وهو يعتلي الدراجة النارية خاصته، بادله الرد حسن ملوحًا بكفه، قبل ان يلتف نحو زوجته، يجفلها بقبلة سريعة على وجنتها.
هذه المرة لم تكتم شهقتها والتي صدرت بصوت عالي محتجة بقولها:
- ايه ده يا حسن انت اتجننت؟
لف ذراعه حول كتفيها مرددًا بسماجة:
- طب وفيها ايه لما اديكي بوسة بريئة على خدك البريء، مش انتي زوجتي برضوا؟
استلت نفسها من تحت ذراعه لتردد وهي تبتعد عنه مغادرة:
- لا يا خويا، لا زوجتك ولا اعرفك حتى.
تحرك خلفها يلاحقها بقوله:
- وكتب الكتاب اللي تم امبارح يا مفترية كان إيه؟
ردت تغيظه وهي تعدو بخطوات سريعة:
- كان خطوبة وبس، يعني اعتبرها ورقة ملهاش أي لازمة.
- نعم يا اختي.
هتف بها قبل ان يوقفها عنوة بعد أن اعترض طريقها يتابع بحزم محبب:
- كرري كلامك كدة من تاني يا حلوة.
تصنُع الجدية على وجه مشرق بابتسامة مستترة جعلها لم تقوى على كبت ضحكتها وهو تلكزه بقبضتها ليبتعد:
- إنت باينك قايم فايق وعايز تهزر، ما تبعد يا عم خليني اعدي
قبض على كفها الصغيرة يردف بمكر:
- انتي قد الضربة دي يا شهد؟
جلجلت بضحكتها تنفي باستسلام:
- لا مش قدها طبعًا، سيب إيدي بقى وبطل غلاسة.
صمت بتسلية رافضًا تركها، فقاومت تحاول نزعها بنفسها، متمتمة:
- انا اللي عايزة افهمه دلوقت، انت ايه اللي جابك ورايا؟ جايلي ع الموقع ليه يا حسن؟
- قلبي اللي جابني.
- سلامة قلبك، جيب من الاَخر طيب.
اجاب اخيرًا بعد فترة أخرى من الصمت، مستمعًا بمناكفتها:
- تمام يا ستي انا مش هتقل عليكي أكتر من كدة، انا جاي اساسًا بصفة رسمية، الست الوالدة هي اللي بعتاني، اصلها عاملة عزومة كدة، وعايزة العيلتين يتجمعوا.
تبسمت بفرح مرحبة، ثم ما لبثت أن تخبت ابتسامتها سريعًا لتردف باستدراك:
- مجيدة عاملة كدة مخصوص عشان مرات ابويا صح؟ دا طبعا بعد ما شافتها مكشرة في الفرح.
عقب على قولها بتسامح:
- وماله يا شهد، ما هي يمكن تكون الست واخدة على خاطرها، واحنا دلوقتي بقينا عيلة، يعني لازم المودة تفضل ما بينا.
اومأت تبستم له بامتنان شديد، فتابع لها بالأمر الاَخر:
- وعشان كمان الموضوع اللي لمحتلك عليه امبارح، مش فاكرة.
- موضوع ايه؟ فكرني يا حسن.
رد بجيبها غامزًا بطرف عينيه:
- امين ولينا يا قلبي، مش اَن الأوان بقى نلم شملهم على بعض، واهو نبقى عملنا خير يقعد لنا في عيالنا.
ضحكت ضاربة كفيها بعضهم، ثم قالت بحماس:
- تمام يا حسن، واهو يبقى وفقنا راسين في الحلال.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر (بنت الجنوب) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية