رواية جديدة ذنبي عشقك لميرا كريم - الفصل 40
قراءة رواية ذنبي عشقك كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ذنبي عشقك رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة ميرا كريم
الفصل الأربعون
لقدّ استنـ زفَ الطريق الطويل مشاعِري وتوقعاتي،
لا أشعرُ الآنَ بشيء ولا أتوقَّع شيئًا.
-محمود درويش
❈-❈-❈
-وحشتيني اوي يا زبادي
برقت عينها وتأهبت حواسها هامسة بأسمه بنبرة ترتجف مثل جـ سدها من شدة الخوف:
-"سلطان"
وهنا تهاو ى قلبها وفرت د مائها حين أتاها صوت ضحكته المقـ يتة ذاتها التي لطالما كانت تجعلها تكـ ره حياتها وتبعها رده:
-اه "سلطان" انا عارف أن الباشا جـ وزك مش معاكِ عند المحروس اخوكِ وعلشان كده عايزك تسمعيني
كان يخُبرها وهو يضغط على كل كلمة وكأنه يتعمد يُوصل لها أن لا شيء يُخفي عليه، لترفع هي
الهاتف عن أُذنها تطالع شاشته وتتأكد من الاسم الذي يظهر أمامها ثم اعادته مُتلهفة بسؤالها:
-أنت إزاي بتكلمني من رقم بدور هي فين...و رامي
-في الحفظ والصون
قالها واتى صوت "رامي" مُرتعـ ب يحمل بقايا بكائه بعدها:
-عمتو انا خايف تعالي خديني
شهقت شهقة قـ وية كتمتها بكف يـ دها وقد غرغرت الدموع عينها مطمئنة إياه:
-متخافش يا حبيبي متخافش
لم يأتيها رده بل صوت ذلك المقـ يت مُسترسلًا:
-متخافيش لغاية دلوقتي هما بخير لكن مضمنش لو مسمعتيش الكلام هعمل فيهم إيه
تساقطت دموعها وتسائلت بحروف متعثرة لا تعرف كيف تسيطر على أعصابها:
-انت عايز إيه تاني حـ رام عليك
رد من الطرف الأخر بصوت جهوري نفضها:
-عايزك ومش عايز من الدنيا غيرك
ردت من بين شهقات بكائها بصوت ممـ زق من شدة القـ هر كقلبها:
-انا عمري ما كنت ليك ولا هكون ارحمني بقى وابعد عني مستكتر ليه عليا الراحة حرام عليك سيبنا في حالنا
-وانتِ مرحمتنيش ليه...عمل علشانك إيه انا مقدرش اعمله انا مفيش ست ملت عيني غيرك وعملت المستحيل علشان تبقى ليا وفي الأخر هربتي مني ورحتي اترميتي في حضن اللي قـ تل اخوكِ
افضى ما بجعبته وكأنه يحق له عتابها والتشفي في اختيارها، لتنفي هي برأسها لا تستسيغ ما نطق به:
-بلاش تخريف انت اللي كنت السبب في مـ وته مش هو انت اللي ورطته انا سمعتك بودني بتتكلم مع "عماد"
رد بصوت مُتـ جبر لا يحمل ذرة نـ دم قهـ رها:
-اه انا اللي ورطه علشان الروس تتساوى بس مش انا اللي
ضـ ربت عليه نار وقتـ لته وهو اعـ زل وعمره ما عرف يمسك سـ لاح
رفض عقلها التصديق صا رخة بكل ما بها ودموعها تزف حديثها مما جعل عيون أحد الممرضات تتعلق بها:
-كداب انت كداب وأنا لا يمكن اصدقك
-براحتك كل اللي لازم تعرفيه أنك لو مجتيش ليا راكـ عة وتطلبي مني اسامحك...اترحمي على ابن اخوكِ وامه
تلقفت بالكاد أنفاسها المتقطعة بسبب بكائها ورجته بكل ذرة بها:
-لأ يا "سلطان" اوعى تأ ذيهم وحياة اغلى حاجة عندك
-خدي قرارك وهكلمك تاني ومن هنا لوقتها لو فكرتي تقوليله هحـ سرك عليهم...وهقـ تله المرة دي قصاد عينك وزي ما عملتها قبل كده وبعت اللي يقـ تله وخابت اوعدك المرة الجاية هتصيب
قالها متوعدًا بحروف تنقط بالشـ ر وقطع الاتصال لتنفي هي برأسها وتكبت شهقاتها لا تعلم ما يتوجب عليها فعله لنجاتهم ونجاتها، لتقترب منها ذات الممرضة مُتسائلة:
-انتِ كويسة يا مدام محتاج مساعدة
نعم تحتاج مُساعدة ولكن من سيتفهم وضعها سوى ربها فقد طالعتها بنظرة عاجـ زة ونفت برأسها تسير مهرولة ودموعها تسبق خطواتها وهي تطلب العون والقوة من ربها.
❈-❈-❈
أما هناك وفي ذات المخزن المُتـ طرف وفور أن قطع المكالمة ابتسم بسمة مُنتشية تقطر بسمها أمام نظرات "بدور" المُرتـ عبة هي وصغيرها المنكمش على ذاته متشبث بها
فقد رشقها ببسمة مُتـ جبرة وهي مربـ طة ومكـ مم فمها وتهكم على ذعرها:
-متخافيش اكيد مش هتتخلى عنكم وهتيجي اصل انا عارفها مضحية بزيادة وبتخاف حد يتأ ذي بسببها حتى لو على حساب نفسها
نفت "بدور" باكية تهز برأسها فإلى الأن لم تستوعب كيف احضروها إلى هنا كل ما تتذكره أنها كانت في طريق عودتها سالكة طريق جانبي مختصر بعدما جلبت صغيرها من الروضة ولم تشعر إلا بمن يأتي من خلفها ويكـ مم فمها وقبل أن تصـ رخ مُستغيثة كان يرفعها رفع عن الأرض هي وصغيرها وآل الحال بها إلى هنا، لتصرخ تحتج على ما ينويه ولكن صـ رختها خرجت مكتومة تحت الكمام جعلته يقترب ينحني بجذعه جاذ بها من حجاب رأسها مُصطحب معه شعرها بقبضة من حديد مهسهسًا بوعـ يد بلا رحمة أمام وجهها:
-بت احمدي ربنا إني عديت تهريبك ليها يوم الفرح ومجبتش اجلك واحمدي ربنا برضو اني جبتك مع ابنك...وياريت تعدي الجمايل ومتوجعيش دماغي إلا وربنا هخـ لص عليكِ وقتي واتا ويكِ هنا
تأ وهت بقوة تحت كمامها بينما صـ رخ صغيرها بهستيرية
لتعـ نيفه لها وكرد فعل بريء منه انقض على ذراعه الممسك بها وغـ رس أسنانه الصغيرة به ليزمجر "سلطان" ويحل قبضته عنها ويدفع الصغير بغـ ل يسقطه على الأرض متهكمًا:
-عاملي دكر يا ابن "صالح" و بتدافع عن اللي منك طب دي تبقى عيبة في حق ابوك معملهاش قبلك
قالها واعتدل يُمـ سد ذراعه متابعًا تحـ ذيره بغيظ:
-تتـ رزع جنب امك و مش عايز اسمع صوت ولا نفس وادعوا أنها تحسبها صح وتيجي تخلـ صكم مني قبل ما اطلع قـ رفي فيكم
انكمش الصغير وتشبث باكيًا يُخفي وجهه في جسد "بدور" التي هزت رأسها بطاعة و اعتصرت عينها بقوة لتفرغ ما بها ولكن ظلت عيناها تعاندها و تذرف الدمعات مجددًا من تلقاء ذاتها تنعـ ي حظ تلك المسكينة التي لم تهنأ بحياتها بسبب ذلك اللـ عين الذي يستغل بكل تجـ بر نقاط ضـ عفها.
❈-❈-❈
فور أن عادت للمنزل بواسطة سيارة الحراسة، ودون أن تتفوه بشيء مع أحد دخلت غرفتها تنفرد بذاتها، وتتسائل داخل عقلها هل حقًا ما تفوه به ذلك المقـ يت صحيحًا وإن كان لمَ لم يصارحها "سليم" بالأمر من قبل وما غايته من تكتمه...وماذا عن تهـ ديد ذلك المقـ يت لها، هل حقًا يستطيع إيـ ذاء "بدور" و ابنها لا لن تتحمل إن إصابهم مكروه بسببها فكانت ضائعة متخبطة لا تعرف ما يتوجب عليها فعله وكم شعرت بالرثاء على حالها فقلبها ممـ زق لأشلاء بين أحبابها.
فبعد مرور بضع الوقت الذي قضته هي في نحيبها شعرت به يدلف للغرفة ويغلق بابها مُتلهفًا ينير إضاءتها متسائلًا وهي مُستكينة تواليه ظهرها:
-وحشتيني يا شمسي
لم تجب أو حتى تتلهف لحضوره كعادتها مما جعله يجعد حاجبيه مُستغربًا وهو يقترب بخطوات مُتروية لها:
-قاعدة ليه كده ومش بتردي ليه "صباح" قالت انك من ساعة ما رجعتي ومخرجتيش من الأوضة
ايضًا لم يأتيه رد منها ليقف مواجه لها ويرى بوضوح شحوب وجهها و أثر بقايا دموعها ليجلس جوارها مُمسكها برفق من ذراعها ويعاتبها وهو يظن أن دموعها بسبب شقيقها:
-تاني يا "شمس" مش قولنا بلاش عياط وصالح هيبقى كويس
رفعت عيناها الدامـ ية له بنظرة لم يرى مثلها نظرة تحمل مزيج من الحيرة واللوم والخذلان معًا
وقبل أن يستفهم ما بها باغتته بسؤالها:
-انت اللي ضـ ربت نا ر على "عزيز".
وكأن قولها بمثابة رصـ اصة
اخـ ترقت صميـ مه واخترقت معه أغواره التي تهـ دمت بدورها حين توتر وزاغت نظراته متسائلًا:
-انت جبتي الكلام ده منين؟
نفـ ضت يـ ده الممسكة بها وكررت سؤالها وكأنها لم تستمع له من الاساس وهي تهـ ب من مكانها:
-جاوبني انت اللي ضـ ربت نا ر على" عزيز"؟
زفر أنفاسه بقوة ومرر يـ ده على وجهه يهدأ من روعه قبل أن يحاول إحتوائها:
-"شمس" اهدي الموضوع مش زي ما انتِ فاكرة
ومع قوله ذلك تأكدت خَبرية ذلك المقـ يت لها، لتنفي برأسها لا تستوعب اختزاله لثقتها مغمغمة بقـ هر يستوطن حياتها:
-ليه خبيت عليا؟
وقف مواجه لها يكـ وب وجهها بكفوفه وعينه تتوسـ لها أن تُصدق حُجته التي ذكرها:
-خوفت اخـ سرك...
انكمش وجهها وكررت تستخف بمبرره وعيناها تفيض بدمعها تجـ ذب يـ ده بعيدًا عنها:
-تخـ سرني...ده مبررك معقول سليم باشا الكومي فرق معاه يخسرني انا
زمجر غاضبًا من محاولاتها الأبتعاد عنه ليُصر على الإقتراب حين طوق خـ صرها يلصـ قها به لعلها تشعر بوجيب قلبه المُرتعب مؤكدًا بصدق دون أن يدعي الأمر وعينه ترتكز داخل عينها تستهدف إقناعها:
-ايوة فارق معايا انا ما صدقت لقيتك يا "شمس" ولما عرفت اصل الحكاية كان نفس توقيت رفضك عرض الجواز وقتها كنت هتجنن، و زعلت لجرحك لكرامتي لكن لما فكرت لقيت أن لو كنتِ وافقتي كنت هشك انك عايزة تنـ تقمي مني ولقتني غصب عني بكلم "بدور" علشان توصلني ليكِ
علشان كنت بكابر وبعاند و مكتنش قادر اعيش من غيرك...
صدقيني اللي فات انا مليش دخل فيه انا كنت بشوف شغلي ومعملتش حاجة غلط انا كنت بدافع عن نفسي قصاد شوية مجـ رمين لو مكنتش ضـ ربت عليهم نا ر كان زماني ميـ ت برصـ اصهم
كان صوته راجي وعينه تفيض بصدقها ولكن هي عقلها كان مُتوقف عن العمل حين دفـ عته في صـ دره ليبتعد عنها بكل ما أوتيت من قوة غير مُصدقة ما تفوه به صارخة بنحيب تدافع باستماتة عن اخيها:
-اخويا مش مجـ رم و عمره ما مسك سلاح مستحيل اصدق
تهدلت معالمه واحتل الألم عيناه بعد قولها ولكن بالآخير تراجع خطوتان وذكر براهين الأمر وعينه القاتمة تلتمع تضامنًا مع انهيارها:
-لأ لازم تصدقي الجـ رح اللي في كتفي ده من الحادثة دي وجوز "صباح" كان أمين شرطة و كان معايا في اللجنة ومـ ات يومها واتصـ اب اتنين عساكر زمايله...صدقيني
نفت برأسها وكأن عقلها يأبى التفكير او استيعاب الأمر وكل ما فعلته أنها بالكاد ألتقطت أنفاسها من بين نحيبها كي تغمغم بصوت مذبـ وح ينم عن حُـ رقة قلبها:
-حتى لو صدقتك اخويا كان ملهوش ذنب وانت عارفة كده "سلطان" هو اللي ورطه
أكد قولها، وتمسك بوعده لها بعيون تتوسل عينها:
-مصدقك وعمري ما شككت في كلمة قولتيها و وعدتك هجيبلك حق اخوكِ منه وعمري ما نسيت وعدي...وعلشان كده عايزك تصدقيني انا مأذنبتش يا شمس
طالعته لبرهة قبل أن تغمغم بضياع وهي تُخفي وجهها الغارق بدموعها:
-مبقتش عارفة اصدقك ولا اصدق مين انت خذلتني بسكاتك يا "سليم" خذلتني
أقترب من جديد يحتويها ويـ دس رأسها بين جنبات صـ دره هامسًا بصوت مهزوز تخلى عن ثباته بسبب إنهيارها:
-كنت هقولك والله العظيم كنت هقولك بس أنتِ لما قولتيلي أن مفيش حاجة ممكن اعملها تخذلك صعبتيها عليا.
قالها بصدق وهو يحتويها أو بالآحرى يتشبث بها بقوة يخشى فقدانها بينما هي استكانت بين احضانه لوهلة قبل أن تستجمع شتاتها وتخرج من حيز يـ ده مُتسرعة في قرارها الناجم عن قـ هر نهـ ش قلبها ويكاد يزهـ ق روحها:
-لو في حد صعبها على حد فهو انت...طلقني يا "سليم" انا مش هقدر اعيش معاك وانا عارفة ان كان ليك يـ د في مـ وت "عزيز"
برقت عينه وتجمدت معالمه لا يستوعب طلبها وإن فعل شعر بأن قلبه يتـ لوى داخل صـ دره يُعـ لن عدم قدرته دونها ليغمغم وعينه لأول مرة تلمع بدمعها:
-اطلبي موتـ ي هيكون اهون عليا من إنك تطلبي مني أطلقك...
أزاحت برأسها و ولته ظهرها تخفي وجهها ويتعالى نحيبها، ليقترب منها جا ذبها له ملصق ظهرها بصـ دره راجيًا وكل ذرة به تنتفض تأثرًا بسبب نحيبها الذي يقـ طع نيا ط القلب:
-"شمس" انا بحبك ومقدرش اعيش من غيرك وعارف أنك كمان بتحبيني علشان خاطر اللي بينا فكري بعقلك انا مش هلومك دلوقتِ على طلبك ده لإني عذرك...ومقدر انتِ حاسة بإيه كل اللي بطلبه منك انك تهدي وتفكري.
قالها وهو يضع قُبلة على شعرها عاصـ رًا عينه ليتخلص من تلك الدموع التي تحـ رق قلبه بسبب إنهيارها بينما هي كان جـ سدها ينتـ فض بقوة ولم تنفك عن نحـ يبها وإن كاد يديرها له هرولت من امامه تاركة الغرفة ومتوجهة نحو تلك الغرفة التي شَهدت على أول ايامها داخل البيت ليهرول هو خلفها يحاول اللحاق بها ولكن هي أصرت على إنفراضها بذاتها حين دفعت الباب و وصدته من الداخل خلفها ليزمجر غاضبًا ويضـ رب الحائط عدة مرات بيـ ده حتى أدمـ اها وسؤل لحوح دار برأسه وقتها كيف علمت ومن ذلك الذي ينـ بش خلفه وعلى دراية بالأمر.
❈-❈-❈
بعد بعض الوقت كان يقود سيارته بسرعة مُتـ هورة وهو لا يستوعب ماحدث فقد هـ لك من كثرة التفكير حتى أنه ذهب لعند والدته وسألها واخبرته أنها كانت في أبهى حالاتها وقصت له ما دار في الصباح قبل ذهابها لشقيقها
وإن سأل الحرس اجابوه أنها منذ أن خرجت من المشفى وهي تبكي ولم تنطق بكلمة واحدة،
وحينها قرر التوجه للمشفى ليسأل ذلك المـ لعون شقيقها
فبضع دقائق وكان يصل للمشفى يقطع الرواق لعنده بخطوات يتأكلها الغـ ضب وإن وصل دفع الباب مما جعل "صالح" ينتفض في الفراش متوجسًا لينـ قض "سليم" عليه قابـ ضًا على حاشية ملابسه هادرًا بنظراته المُـ رعبة:
-انت اللي قولتلها مش كده...كنت عارف من الأول صح؟!
زاغت نظرات "صالح " ونطق مُرتـ عبًا من هيئته:
-وربنا ما اعرف بتتكلم عن إيه يا باشا
استوحـ شت نظرات "سليم" أكثر وهدر غاضبًا:
-انت هتستهبل يا روح أمك الحرس قالوا أنها خارجة من عندك بتعيط
تخوف "صالح" من بطشه وحمى وجهه بذراعه قائلًا:
-يا باشا هي كانت قاعدة و وربنا ما اعرف راحت فين بعد ما بدور اتصلت بيها دي حتى سابت شنطتها هنا واستنتها ترجع ومرجعتش
اهتزت نظرات بين هيئته
المثـ يرة للشفقة وبين حقيبتها الموضوعة على المقعد القريب ليستشعر صدقه، ليتراجع شيء فشيء مُتسائلًا:
-"بدور" كانت عايزاها ليه سمعت قالوا إيه؟
نفى "صالح" وانزل يـ ده يجيبه متوجسًا:
-لأ ياباشا اصل انا قولتلها تتكلم بره ومتجبش سيرتي
انتفخت اوداج "سليم" ثم مرر يـ ده على وجهه يحاول التحكم في شتات نفسه وقبل أن يغادر الغرفة دخلت الممرضة ذاتها تسأل "صالح" بدورها:
-اختك مرجعتش برضو
نفى "صالح" برأسه ونظر ل "سليم" نظرة مُتوجسة لتتابع بعدها مُشفقة على حالها:
-لا حول ولا قوة إلا بالله اكيد حاجة حصلت اتصل اطمن عليها
ضاقت عين "سليم" وباغتها بسؤاله:
-انتِ شوفتيها قبل ما تمشي
أومأت الممرضة وأخبرته:
-اه كانت بتتكلم في التليفون وهي بتعيط وبعدين سألتها إذا كانت محتاجة مساعدة بس هي مشت ولا كأنها سمعتني
جز "سليم" على نواجذه بقوة والصورة تتضح شيء فشيء أمامه ليغادر الغرفة تارك "صالح" يُهلل خلفه مُتسائلًا:
-باشا هو في إيه، أنا مش فاهم حاجة، يا باشــــــــــــــ ا
لم يعيره "سليم" اهمية بل تابع سيره واخرج هاتفه يجري اتصالًا
وإن أتاه الرد قال أمرًا:
-هبعتلك رقم تجيبلي سجل المكالمات بتاعته وتحطه تحت المراقبة
أجابه زميله من الجهة الآخرى:
-بس يا "سليم" بيه لازم أمر النيابة
زمجر "سليم "وهدر بعصبية مُفرطة اجفلت زميله من الطرف الأخر:
-اتصرف يا" احمد" الموضوع يهمني وانا هتحمل المسؤلية كاملة
-أوامرك يا "سليم" بيه
قالها "أحمد" من الطرف الآخر قبل أن يغلق "سليم" الخط ويتوجه من جديد لسيارته وينطلق بها لمنزل "بدور" لكي يتأكد من ذلك الشـ ك الذي راوده نحوها.
❈-❈-❈
أوكل رجاله بإلهاء سيارة مراقبة الشرطة المرابضة أمام منزله بإن ارتدى واحد منهم بذات بنيته ملابسه ورقعة عينه وصعد للسيارة وانطلقت بهم وإن تأكد من تتبعهم لهم اخذه واحد من رجاله الذي يعتمد عليه بواسطة سيارته الصغيرة وذهب لعند ذلك الرجل الذي اخبره عنه "سلطان" ليتمم معه الاتفاق وبالفعل رحب الرجل وعَجل بالأمر وتم التخطيط لكل شيء وتحديد موعد التسليم على أن يكون في صباح اليوم التالي وها هو ال"غجري" يصعد للسيارة من جديد هو ورجله الذي يعتبر ذراعه اليمين، ففور إغلاقه بابه قال ببسمة منتشية:
-الراجل ده قلبه حامي اوي يا معلمي واحلى حاجة انه هينجز
أيده ال"غجري" بإيمائة من رأسه:
-اوي يا "محسن" ودخل دماغي
-بس شكله واصل وزي ما قال "سلطان" و فلوسه حاضرة والعملية هيخرج منها مكسب محترم
اعتلى جانب فم ال"غجري"وقال بخبث مقـ يت يليق به:
-مصلحة "سلطان "الغبي اختصر عليا كتير اوي
-بس انت ثبت" سلطان" صح يا معلمي وعرفت تلين دماغه
ربت الـ غجري على كـ تفه بفخر قائلًا:
-ما البركة فيك
اجابه "محسن" مُتحسرًا:
-والله يا معلمي دي كانت عملية شؤم والواد الخيخة اللي بعته" سلطان" معايا هو اللي كشفنا
وما نابني منها غير إني فضلت كانن ومستخبي لغاية ما الموضوع ينام والقضية تتقفل
-بس لولا أنك عارف الظابط اياه بتاع الكمين مكنش "سلطان" دلوقتي بقى تحت ضرسي
-انا تحت طوعك يا معلمي ولحـ م كتـ افي من خيرك بس انا نفسي اعرف ناويله على إيه
ابتسم ال"غجري" بسمة مفعمة بالشـ ر وهو يتحـ سس رُقعة عينه العَطبة قائلًا بوعـ يد نابع من حـ قده الدفين:
-ناوي ابرد نا ري و اخلـ ص منه القديم كله.
هز "محسن" رأسه متفهمًا ما ينتويه قبل أن ينطلق به من جديد بالسيارة ولكن تلك المرة لوجهة مختلفة تحسبًا للقادم.
❈-❈-❈
مرت ساعات الليل الأولى عليها بصعوبة بالغة ما بين نحيبها وبين القلق الذي ينهـ ش روحها ويـ دمي قلبها فكانت تترقب مهاتفة ذلك اللعـ ين بأعصاب تالفة، ورغم محاولات "ليلى" و"صباح" الشتى في خروجها من الغرفة وتفهم ما بها إلا أنها أصرت أن تنعزل عن كل شيء وتنفرد بذاتها لعلها تستطيع ترتيب أفكارها، و استساغة أسباب "سليم" التي لم تكن كافية بالنسبة لها،
ولكن ماذا عن البراهين التي ذكرها، وهنا توقدت شُعـ لة عقلها الذي كان يعـ جز عن العمل من وقتها....وبعد تفكير عُضال وبعيدًا كل البُعد عن رغبات قلبها المنشطر قررت أن تجـ ازف كعادتها المُتسرعة و تتخذ قرار مصيري بالخلاص ولكن ليس من أجلها بل من أجل سلامة أحبابها.
❈-❈-❈
أما عنه فكان مازال داخل مكتبه يدور حول ذاته كـ اليث الجريح الذي يعاند المـ وت من أجلها فصدى طلبها يطن برأسه وذات السؤال يلح عليه من اين علمت بالأمر فإن لم يكن شقيقها هو من أخبرها من فعل وإن كانت كل الشواهد تؤكد أن "بدور" أخر من حكاها ترى ايضًا من اين علمت؟! هل من الممكن أن يكون لذلك اللعـ ين "سلطان" يـ د في الأمر حسنًا وإن يكن اين "بدور" وصغيرها فبعد أن ذهب لذلك المنزل الذي استأجره من أجلها لم يجد أثر لها وذلك ما يُشتت عقله ويجعل الهواجس والأفكار تتأرجح برأسه ماعدا فكرة واحدة راسخة ولاشيء سيُزحزح ثباتها إلا وهي لن يُفرط في شمسه مهما كانت عواقب رد فعلها وكيف يفعل وقلبه وكيانه وارضه تدور حولها.
طرقات على باب مكتبه جعلته يتأهب ويأذن للطارق بالدخول إذا بـ "أحمد" زميله و الاقل منه رُتبة يفوت لعنده يؤدي التحية ويُعلمه بعدها:
-"بدور" ملهاش أثر يا "سليم" بيه لا هي ولا ابنها ومفيش حد في المنطقة يعرف عنها حاجة والتليفون بتاعها مقفول وصعب نحدد مكانها
جـ ز "سليم" على نواجـ ذه وكور قبضة يـ ده بقوة ليتحكم في زما م غـ ضبه بعدما صابت هواجسه ثم سأله مترقبًا:
-واللي طلبته منك عملت فيه إيه؟
-كلمت المختص ومحتاج شوية وقت علشان نقدر نتتبع تليفون مدام حضرتك
مرر يـ ده على وجهه ثم زفر أنفاسه دُفعة واحدة وقال بملامح واجمة:
-تمام يا "احمد" بلغني لو في جديد
قالها تباعًا لرنين هاتفه ليتناوله متلهفًا دون أن يتفقد الرقم ظنًا منه أنها هي ولكن اتى نحيـ ب سيدة من الطرف الأخر وتبعه خَبريتها التي استمع لها بعروق نافرة وتبعها سؤاله المقتضب:
- مستشفى ايه؟
صمت لبرهة يستمع لجوابها ثم قال:
-دقايق وهبقى عندك
قالها واغلق الخط مزمجرًا من بين اسنانه المصطكة:
-غبي... غبي
ليتسأل "احمد" متوجسًا:
-خير يا "سليم" بيه
اجابه "سليم" وهو يتناول متعلقاته الشخصية ويخطو للخارج:
-مش خير ابدًا...
ضـ رب "أحمد" كف على آخر وهو ينظر لإبتعاد الآخر الذي كان يخطوا للخارج بخطى واسعة، غاضـ بة تنم عن حدوث أمر جلّل لم يُحسب حسابه.
..يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ميرا كريم من رواية ذنبي عشقك، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية