رواية جديدة نزيلة المصحة لريناد يوسف - الفصل 11
قراءة رواية نزيلة المصحة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية نزيلة المصحة
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
الفصل الحادي عشر
جلس الطبيب حمزه مقابل ود، وكانت غارقة وسط كومة من الاوراق تقلب بهم وبجوارها حقيبة سوداء مربعة صغيره مفتوحه، بداخلها المزيد من الاوراق،،
اردف الطبيب حمزه بهدوء : تحبي اساعدك لو بتدوري على حاجه معينه؟
ردت عليه ود وهي لازالت منغمسة فيما تفعله،، بدور علي اوراق الاسهم اللي فالبنك، والسندات وعقود الشركة والفيلا والعربية كلهم هنا،
والفيزا كارد بتاعتي اللي هنا واللي شايله فيها اغلب فلوسي وحسام ميعرفش عنها حاجه،، وفاكر ان اللي معايه فالفيلا والفلوس اللي فيها هما كل اللي معايا..
حمزه : طيب وهتعملي ايه بالفيزا دلوقتي؟
ود : هحول كل اللي فيها لحساب ماما كريمه، حسام هيلاقيني وهيموتني يادكتور مش هايسيبني،، وخصوصاً بعد ماأثبت للعالم اني مجنونه وبكده يقدر ياخد كل حاجه بسهوله جداً
ولو داحصل هيورث كل فلوسي واملاكي ودا لا يمكن اسمح بيه،،
عشان كده انا هكتب كل حاجه بإسم ماما كريمه،، عشان لو انا مت هي متتبهدلش من بعدي، وابقي اديت تعبي وشقايا للي يستحقه..
حمزه : ود حسام مش هيقدر يوصلك او يأذيكي، انتي هنا فأمان منه
ود : انت متعرفش حسام يادكتور يقدر علي ايه فمتقولش ميقدرش،،
حسام هيوصلي وهيرجع يعمل فيا اللي كان بيعمله هو واهله مره تانيه او هيرجعني الفيلا اللي الموت اهون من رجوعي ليها الف مرة،، حسام طاقة شر بتقدر تتنقل لاي مكان وفأي وقت،، حسام مش بنى آدم طبيعي دا شيطان،،
وهنا ادرك الطبيب حمزة بإنه ظفر بلحظته المناسبه وفُتحت امامة طاقة امل للنفاذ منها لداخل ود،، ويجب ان يعبر منها سريعاً وجعلها تتحدث عن حسام وما حدث لها منه،، قبل ان تُغلق تلك الطاقه فهي مثل بوابة الانتقال عبر الزمن تفتح لثوانٍ معدوده،، فيعبر منها من استطاع اليها وصولاً واما من لم يستطع فعليه الانتظار لمرة قادمة لا يعلم موعد قدومها الا الله..
فأردف سائلاً بنبرة هادئه تجعل من امامه يواصل حديثه دون ان يشعر..
أذاكي للدرجادي ياود؟
❈-❈-❈
صمتت ود ولم تجبه ولكنها نظرت لمعصم يدها التي تمسك بها الاوراق،، وكان الجرح القديم لا الجديد،،
وعلي الفور بدأت تظهر امام عينيها ومضان مما كان يحدث معها،،،
فأغمضت عيناها تحاول ان تجعل الومضات تختفي،،، فكم تكره تذكر تلك الاوقات،، ولكن كان ذلك بدون جدوى،،
فكأن الطبيب حمزه حينما ذكر كلمة الاذي قد استحضرهم جميعاً، مثلما تُستحضر روحاً شريره لمكان ما بتعويذه وتأبي الانصراف قبل ان تنتقم من كل من يقطن فى هذا المكان..
فاغمضت عيناها بوجع ورفعت يداها تضغط علي جانبي رأسها بعد ان افلتت ماكانت تمسك بيدها من اوراق،،
وهنا اكمل الطبيب حمزه كلامه فقد علم انه ضغط على موضع الالم وامسك طرف الخيط الذي سيوصله الي كل مايريد معرفته :
قولي ياود،، قولى عمل فيكي ايه،، وليه خلاكي كنتي هتموتي نفسك مرتين،، قولي ياود انا سامعك..
فتحت ود عيناها ببطئ ونظرت للطبيب حمزه بعيون زائغة من الالم، فوجدت منه ابتسامة هادئه مشجعه وتبعها بإتكائة من عينيه تحثها علي التحدث،،
وكل هذا بجانب لهفة وفضول فى مقلتيه لم تخفيا عليها،،
فلم تستطع هذه المره تجاهل كل هذا،، فتخلت عن صمتها لأول مره منذ شهور طويلة ونظرت بعيداً للنافذه واردفت :
الخيانه وحشه اوي ، الخيانه والخذلان والجرح حاجه صعبه فوق مااي حد يتصور،،
انك تحب حد وتنساله اي حاجه وحشه عملها معاك قبل كده، وتغفرله كل حاجه لما تشوف انه اتغير عشانك،
وتفتح معاه صفحه جديده بيضه بلون قلبك، وتكتب فيها سطور محبتك ليه بدمك،،
وهو كمان يبادلك نفس الحب ونفس الاهتمام ويديك كل اللي بتتمناه من الدنيا،،
وتيجي فجأه تكتشف ان كل دا كان كدب،، وإن كل اللي كنت عايش فيه عباره تمثيليه كبيره،،
وانك بالنسبه لحبيبك اللي اديته كل مشاعرك واسرفت فيها بدون حساب مش اكتر من مجرد ماكنه ATM يديك كروت مشاعر كدابه وعارف كلمة سرك اللي هي نقاط ضعفك،،، وانت فالمقابل تديه فلوس،،
صدقني الحته دي أصعب من الف طعنة خنجر يتغرز فجسمك..
ولما تكون معتقد ان دا قمة الالم اللي ممكن اي حد يتعرضله، وتكتشف بعد كده ان فيه الاسواء،
وإن الموت رفاهيه انت مش طايلها،، بيبقي وقتها على الدنيا السلام،، ومش بس الدنيا دا علي المشاعر والانسانيه وكل حاجه حلوه فالوجود السلام..
صمتت ود قليلاً ليري الطبيب دمعة تفر هاربة من عينيها،،
فعلم كم انها تتألم فى هذه اللحظه، ورغم ان دمعتها هذة احرقت روحه،
الا انه أبى ان تسكت الآن،،
فالكلام برغم صعوبته بالنسبة لها، الا انه في حالتها يشبة الولادة،، وقت قليل من الألم حتى وإن بلغ عنان السماء ، ثم تأتي بعده الراحه، ويتحرر الجسد من سائر الالم..وتولد روحاً جديدة نقيه..
فحثها على الاستمرار مشجعاً :
ايه هو الاسواء اللي اكتشفتيه واتعرضتيله ياود؟
احكيلي عشان اعرف دنائة البشر ممكن توصل لحد فين،، قوليلي عشان متفاجئش او اعترض لما حد يحكيلي ان فيه حاجه مشابهه حصلت معاه واعرف ان دي حاجات بتحصل فعلا.
فجمعت ود شتات قلبها وتحدثت بكل قهر :
بعد ماعرفت انه متجوز عليا من سنين ومخلف كمان،،
ورحتله وواجهته بعد ما رحت شقته التانيه وشفت مراته وابنه وصورهم مع بعض وشفت القسيمه بعيني ومسكتها بإيدي،،
بدال مايكون مكسور قدامي وآسف وندمان، واشوف فعنيه ولو شوية شفقه عليا وعلي٦ مشاعرى وعلى حالتي،،
لقيته بيقابل دا كله بمنتهي البرود!! برود يكاد يكون اقرب للشماته،،
زي مايكون فرحان اني مبخلفش وابنه خلفه من غيري،،
فى لحظه كل الحب اللي كنت بشوفه فعنيه اتحول لحقد وغل وكره معرفش كان مستخبي فين جواه ومكنتش واخده بالي منه واحنا بالقرب اللي مخليني طول الوقت فاكره اني قارياه وقادره اعرف حتي بيفكر فأيه من غير مايقوله!!
ومش كده وبس،، دا كمان الاسواء من دا كله ان لما حبيبك يتلذذ بعذابك وينتشي من المك بتبقي هنا وصلت لقمة ال... تصدق مش لاقيه كلمه توصف الاحساس!! بس خلينا نقول قمة كل حاجه وحشه..
تصور يادكتور انه مكفهوش اني عرفت بخيانته ليا،،
دا كمان كان عايز ياخد مني كل املاكي وفلوسي فى سبيل انه يطلقني لما طلبت منه الطلاق!!
ولما مرضتش خطفنى وحبسني وكان بيضربني كل يوم ويعذب فيا،،
كان حابسني انا وماما كريمه مع بعض فأوضه وحده وفضل حابسنا فيها لمدة شهرين ،،
تصور تقعد شهرين بحالهم قاعد فأوضه متشوفش النور ولا الهوا بتاع ربنا، ولا يتفتحلك باب او شباك غير عشان يدخلك منه الاكل،،
او عشان تتسأل سؤال بيتكرر كل يوم كذا مره،، ولما تجاوب نفس الاجابه اللي مينفعش تجاوب غيرها، تنضرب نفس الضرب وتواجه نفس الغضب بتاع كل مره!!
وحتي ماما كريمه لما كانت تدافع عني كانت تنضرب هى كمان ياقلبي،، عشان تاخد مني شوية ضرب وفاكره بكده انها بتقلل نصيبي من العذاب والوجع، متعرفش ان حسام كان بيعرف مكيال كل يوم اللي بيديهوني وكان بيزيد عليه مش بينقصه ابداً..
ولغاية ماتعب من اصراري على الرفض وعرف انه مفيش فايده فيا اتبع معايا اسلوب تاني خالص،،
اسلوب يوجع اكتر،، كان ياخدني كل ليله من الاوضه اللي احنا فيها لأوضه تانيه ويكتفني علي كرسي ويجبرني اني اتفرج عليه هو ومراته وهما مع بعض،،
كنت بغمض عيوني عشان مشوفش لكن مكنتش بعرف اقفل وداني عشان متسمعش،،
متسمعهوش وهو بيقولها نفس الكلام اللي كان بيقولهولي ونفس عبارات الغزل،،
لكن الاختلاف انى هنا كنت حاسه الكلام طالع من قلبه اكتر،، ومع اني مكنتش طايقاه وقتها الا ان لسه كان فيه حته بتوجعني من عمايله،، حته مش مصدقه ان كل اللي بيحصل دا حقيقي،،
ومره بعد مره لقيتني مش قادره استحمل اكتر،،
وهو شاف اني خلاص انهارت وجبت آخري،،
جاني بالاوراق مره تانيه وقالي امضي،، امضي وهتتخلصي من كل دا واتمتعي بحريتك،،
وانا وقتها شفت ان دا اسلم حل فعلاً وتغور فلوس الدنيا كلها،،
وبأدين بتترعش مسكت القلم عشان امضي وهان عليا شقى عمري بس اخلص منه ومن القرف بتاعه،،
ومديت ايدي عشان امضي لكني لما رفعت عيني عليه،، شفت فعنيه لمعه عمري ماشفتها قبل كده،،
لمعة فرحه كأنه انتصر فأكبر معركه فحياته،،
وبمجرد ماشفت فرحته عقلي استحضر كل حاجه عملها معايا وقررت اني مش هخليه يفرح بإنتصاره عليا ابداً..
رميت القلم من ايدي وبصيتله بتحدي وقلتله للمره المليون :
مش همضي ياحسام واعلي مافخيلك اركبه،، وفجأه اتحولت لمعة الفرح اللي فعيونه لظلام دامس،،
ولقيته مره وحده قام ولسه هينزل عليا برجله ضرب، لكن لقيت المرادي امه سعاد اللي كانت واقفه علي الباب وسامعه الحوار من اوله هي اللي تولت المهمه بداله،،
وجات عليا جري، ونزلت فيا ضرب بكل قوتها، ولما ماما كريمه جات تدافع عني وتخلصني من بين اديها، حسام مسكها وكتف حركتها، وخلاها واقفه تتفرج عليا من بعيد ومفيش فأيدها غير انها تصرخ بإسمي،، وتتحسبن فيهم وهي شايفه سعاد بتضرب فيا بغل سنين،،
وانا مع ضعف جسمى من كتر ضرب حسام وعذابه فيا مكنتش حتي قادره ارفع ايدي ادافع بيها عن نفسي،،
وايدي مكنتش قادره تحمى اكتر من وشي ،،
وفضلت تضرب فيا لغاية ماتعبت وسمعتني اقذر الشتايم واحطها،، وفالاخر تفت عليا وسابتني ومشيت..
وكل دا كان بيحصل قدام اللي كانت واقفه هي كمان قدام باب الاوضه شايله ابنها وبصالي ومبتسمه بشماته منقطعة النظير..لكن هي وشماتتها وفرحتها فيا كانوا آخر همي، لاني مكنتش شايفاها اساسا ولا معترفه بيها انها ست زيها زيي او انها منافس ليا فأي حاجه،، وعارفه ان اللي بينها وبين حسام وامه اعمال وسحر مش اكتر،، حلقة شياطين..
امه خرجت وخرج بعد منها حسام وقفل الباب وسابني انا وماما كريمه مع بعض،، هي حاضناني وتبكي من القهر والزعل عليا وانا ابكي من الوجع..
وبعدها استكنا فحضن بعض من التعب والوجع ،، ماما كريمه راحت في النوم وانا فضلت صاحيه مقدرتش انام،،
وفضلت اتأمل فملامح ماما كريمه اللي تعبت ودبلت وكبرت يجي عشرين سنه فوق عمرها فالشهرين دول ،،
وافتكرت بابا وحنيته،،
افتكرت ماما اللي مليش معاها ذكريات كتير هما لمحتين او تلاته من طفولتي وبصورة ضبابيه باهته لكني بشتاقلها وواحشاني جداً..
شفت اني هكون احسن وانا معاهم،، وماما كريمه هتخلص من حسام وتكون احسن من بعدي،،
وكنت حاطه بإسمها مبلغ محترم للزمن،، من كل صفقة شغل اعملها كنت بطلعلها نصيب احطهولها في البنك واقول يبقوا امان ليها ياعالم بكره فيه ايه؟
وغير كده كنت شاريالها شقه فى اسكندريه وكاتباها بإسمها اللي هي دي ،،
وكل الاوراق بتاعتي المهمه وكل حاجه تخصني جبتها فيها فغفلة من حسام ،،
مقولتش لأي حد عنها اي حاجه،، وخليتها سر بيني وبين نفسي وبس، ومكنتش عارفه انا بعمل كده ليه؟!!
ولا كنت فاهمه نفسي وقتها بفكر ازاي وانا بعمل كده،،
لكن عشان فيه حكمه في كل حاجه بنعملها،، الحكمه من اللي حصل دا ظهرت مع مرور الوقت ومع الاحداث اللي حصلت بعد كده..
المهم حسيت اني هكون مطمنه عليها لو سبتها،، فقمت بضعف وكتبتلها ورقه شرحتلها فيها كل حاجه، وكتبتلها انها تسامحني،،
وقولتلها انا آسفه على كل وجع هتحس بيه بسبب موتي،، وطبقت الورقه وحطيتها فشنطتها،،
وبصيت حواليا ادور علي حاجه تنفع انهي بيها حياتي،، لكني ملقتش،، وبعد شوية بحث لقيت مراية صغيره علي التسريحه،،
اخدتها ولفيتها بقماشه وكسرتها،، واخدت منها حته مسننه مسكتها فأيدي،، ورحت نمت جنب ماما كريمه وبوستها وودعتها،،
وبعد كده حطيت القزازه علي ايدي وهانت الدنيا عليا وشفتها متسواش عندي جناح باعوضه باللي عليها،،
وفلحظه مشيت القزازه علي ايدي قطعتها وغمضت عنيا وحضنت ماما كريمه وانتظرت الراحه الابديه..
ولما فتحت عنيا لقيتني فمكان ابيض وكل حاجه حواليا كانت بيضه،،
وقولت اكيد دي الحياة البرزخيه اللي كنت بسمع عنها،، لكني افتكرت اني قتلت نفسي،، واني مش هدخل جنه ولا ربنا هيسامحني،،
واتأكدت من دا لما سمعت اصوات حواليا وكانت اصوات اجهزه،، واتلفتت حواليا بضعف وشفت اني فأوضه فمستشفي وماما كريمه نايمه جنبي على الكرسي،، وعرفت وقتها ان حتي الموت استكتر نفسه عليا..
وابتديت أئن من الم جسمي والم ايدي والخدر اللي فدراعي،، ومع صوت انيني صحيت ماما كريمه ولما لقتني مفتحه عنيا فضلت تحضن وتبوس فيا وتبكي وتحمد ربنا،، وتقول كلام كتير اوي انا كنت سامعاه بس مش فاهماه،،
وشويه ولقيت حسام داخل علينا،، ووقف قصادى، وبصلي بعيون حمره تشبه عيون الغول،، وفضل باصصلي شويه وبعدها خرج من غير مايتكلم كلمه وحده..
وعرفت من ماما كريمه انه اتجنن لما جه الاوضه علي صراخها لما صحيت ولقت نفسها غرقانه فدمي،،
ولما شاف المنظر فضل يسب ويلعن وشالني وجابني علي المستشفي فى لمح البصر عشان يحاول ينقذ الفيلا والشركه والعربيه قبل مايروحوا مع موتي للجمعيات الخيريه...
واللي لو كان يعرف وقتها انها كدبه وان مفيش حاجه زي دي وان هو الوريث الوحيد ليا لو متت كان سابني اموت او كان خلص عليا هو بنفسه من زمان،،
❈-❈-❈
وفضلت في المستشفي يومين وبعدها خرجني ورجعني الفيلا،،
لكن الوضع اختلف،، ومبقاش يحبسني فالاوضه مره تانيه،، سابني فالفيلا كلها انا وماما كريمه،،
لكن دا مكنش لاي سبب غير اني افضل تحت عيون الكل طول الوقت عشان مااحاولش اموت نفسي مره تانيه..
وابتدا من يومها ينسج خطه جديده هو وامه،، وكل دا بتوجيهات مراته اللي كانت طول الوقت هي العقل المدبر والمخطط ليهم،، واللي لاحظت ان الاتنين ماشيين تحت امرها وبيسمعولها فأي حاجه تقولها بطريقه مريبه..
وبعد كام يوم اتفاجأنا انا وماما كريمه بحسام بيقولنا نلبس عشان رايحين مشوار،،
وطبعا مكناش نملك حق المعارضه فلبسنا من سكات وطلعنا معاه وركبنا العربيه ومشى بينا ولقيناه بيقف قدام عماره ..
نزل وامرنا ننزل وطلعنا معاه لغاية. ماوقفنا قدام شقه،، رفعت عيني عاليافطه اللي عليها لقيتها عيادة دكتور نفساني،،
ابتسمت وانا بفهم خطته الجديده.. ودخلت معاه العياده ودخلت عند الدكتور انا وهو وابتدا يتكلم مع الدكتور ويشرحله ان حالتي بقالها فتره مش مستقره واني تعبانه نفسياً لدرجة اني حاولت الانتحار وشد ايدي بعنف خلاني اتألمت ووراله اثر الجرح..
الدكتور بهدوء ابتدا يسألني كام سؤال ولما لقاني جاوبتهم كلهم بمنتهي الدقه والتركيز بص لحسام ورجع بصلي وابتسم وهو بيقوله :
يااستاذ المدام معندهاش اي حاجه،، هي بس اتعرضت لشوية ضغوطات من ضغوطات الحياة زي اللي كلنا بنتعرضلها لكن هي متحملتهاش مش اكتر ..
وهنا هي مش محتاجه اكتر من دعم وحد يقف جنبها ويقويها ويعينها علي اي حاجه وحشه بتواجهها...
ودا دورك انت يااستاذ حسام مش دور اي حد تاني،،، ودلوقتي انا هكتبلها حاجه مهدئه للاعصاب تاخدها عند اللزوم او وقت ماتتعرض لضغط عصبي وهي مش محتاجه غيره..
وكتبلي في الروشته نوع الحبوب، واخدها حسام منه وطبقها وحطها فجيبه بسعاده،، وبقي معاه اول دليل علي اني مجنونه وفاقده للاهليه وبتعالج عن دكتور نفسي،،
وبكده يقدر يطعن فالوصيه الوهميه وياخد مني كل حاجه بمنهي السهوله..
وقبل مانخرج من عند الدكتور فضل حسام يتلفت فزوايا مكتب الدكتور لغاية. ماثبت علي زاويه وابتسم،، بصيت فنفس المكان اللي بيبص فيه شفت كاميرا مراقبه،،
وفهمت ان دا اثبات تاني اقوي معاه عشان يثبت اني بتردد علي عيادة دكتور نفسي في حين لو محدش اعترف بروشتة الدكتور..
وروحنا يومها وحسام كان في منتهي السعاده لدرجة انه اداني تليفوني عشان اباشر شغل الشركه المتعطل بقاله فتره من البيت،،
وسمحلي بأن اروي السكرتيره بتاعتي وصاحبتي تجيني الفيلا عشان اشوف الشركه عملت ايه طول المده اللي فاتت،،
وغير كده جابلي ٤ علب من المهدئ اللي كتبهولي الدكتور وحطهملي فأوضتي..
وجاتني اروى وأول ماشافتني وشافت منظري شهقت وجريت عليا وحضنتني،، وابتدت تسألني فيه ايه،، وايه اللي عامل فيا كده،، وكنت فين طول الفتره اللي فاتت،، وإني ازاي اسافر زي مابلغها حسام من غير مااقولها بنفسي ؟
طبعاً انا كنت قبل كده عامله توكيل لحسام بإدارة الشركه فغيابي وهو دا اللي نفع طول الفتره اللي فاتت دي،، وهو اللي كان بيمضي عالقرارات والمعاملات،، وكان ممشي الشغل،، وغير كده كانت الشركه وقفت واتقفلت،،
لكنها دلوقتي فحاجه لايفينت جديد لخط انتاج الشركه ومشاركه في موسم الصيف لعروض الازياء وعمل كولكشن جديد،، ودا من غيره طبعاً الشركه هتقع وسط شركات تصميم الازياء المنافسه وميبقاش ليها اي اسم في الفاعليه بتاعة المهرجان..
وبرغم اني حاولت اني اكذب علي اروي بأي حاجه الا ان حالتي والجرح اللي فأيدي شرحولها كل حاجه قبل مني وخمنت اللي بيحصل وانا مقدرتش اخبي وشرحتلها كل حاجه،،،
وهي كانت بتسمع فى ذهول تام، وبعد ماسمعت كل كلامي دخلت فنوبة ثوره وفضلت تزعق لولا ماحطيت ايدي على بوقها ومنعتها، واترجيتها انها متتكلمش عالاقل بصوت عالى ..
قالتلي ايه اللي مصبرك وانها هتبلغ البوليص عن حسام وهتقول انه كان خاطفني ومعذبني وانها هتخلصني منه وهتقوملى اكبر محامى فى البلد،،
لكني قولتلها ان حسام خلاص حبك حبكته وبقى عنده اثبات ودكتور نفسى يشهد معاه اني رحتله وان حالتي العقليه مش مظبوطه وأي حاجه هقولها مش هتتاخد بعين الاعتبار،،
لكنها صممت وقالت انها مش هتسيبني فالوضع دا وان اللي انا فيه دا ضعف وقلة حيله واستسلام،، وخرجت يومها من عندى وهى ناويه لحسام على كل شر،،
لكن اللي حصل انها موصلتش بيتها يومها ولا حد عرفلها طريق غير بعد ٣ ايام لما لقوها ميته على طريق مصر اسكندريه الصحراوي نتيجة حادثة عربيه،، وبعد تشريح الجثه اتضح انها اتعرضت للعنف قبل الحادثه ودا اللي خلي البوليص يتأكد ان الحادثه كانت بفعل فاعل،
وانا بمجرد ماعرفت الخبر مكنتش محتاجه اعرف طبعاً مين اللي عمل كده،،
وان كنت بخاف من حسام قيراط، بعد ماقتل صاحبتي وسكرتيرتي بقيت بخاف منه فدان،
وللأسف مفيش فأيدي دليل عشان ادينه بيه فجريمة القتل،، ولا كلامى حد هياخد بيه حتي لو قعدت اتكلم طول العمر، هبقي أكنى بأدن في مالطه
وسكتت من يومها لكن حزني علي صحبتي خلى نفسيتي زي الزفت ودايماً مصدعه وتعبانه،
والصداع مابيروحش مهما اخدت مسكنات،، لغاية مافيوم لقيتني رحت ناحية العلب اللي جابهملى حسام بتوع المهدئ اللي كتبهملي الدكتور النفساني،، وفتحت علبه واخدت منها حبايه وشربتها،،
ومنكرش يومها الراحه اللي حسيت بيها لدرجة اني نمت ملو عينى نوم لأول مره من ايام طويله..
وبعد ساعات طويله من النوم صحيت وانا حاسه روحي خفيفه وفايقه وحاسه ان عندي نشاط رهيب،،
خرجت للجنينه وابتديت اشوف احواض الورود بتاعتي اللي دبلت بعد ماكانت ابتدت تفتح والوانها الجميله تظهر وتخلي الجنينه شكلها وريحتها منتهي الروعه،، ابتديت اسقي فيهم واهتم واقطع الفروع الميته وانضف الارض من الحشايش،، ونضفتها وخليتها ترجع زي الاول،
كل دا كنت بعمله ومش واخده بالي للى واقفه ومراقباني من فوق بعيون زي عيون الصقر وهي شايله ابنها،،
خلصت الجنينه ودخلت الفيلا لقيت ماما كريمه واقفه في المطبخ تعملي اكل، وسعاد واقفه هي كمان تعمل اكل ليهم،، وخلصت ماما كريمه الاول وجابت الاكل وجات ورايا على الاوضه وهي فرحانه اني اخيراً ابتديت ارجع لطبيعتي..
اكلت يومها ملوا بطني زي مانمت ملو عيني وقعدت افكر مع نفسي هعمل ايه فاللي جاى وهتصرف ازاي،،
انا على قيد الحياة وهفضل عايشه طول ما حسام فاهم انه بموتي هيخسر كل حاجه،، وطول منا عايشه هعيش لنفسي واهتم بيها،، حتي لو كنت عايشه تحت حصار،،
ورجعت تاني لنفسي وحياتي،
واول حاجه عملتها اني رحت مركز واديت لنفسي وقت رجعت فيه جمالي من تاني،، صبغت شعري وغيرت لونه،، واعتنيت ببشرتي اللي اتبهدلت طول الفتره اللي فاتت دي،، ودخلت حمامات بخار وسبا وخرجت من المركز وانا ود بتاعة زمان،،
ومروحتش يومها عالفيلا رحت الشركه،، وحسام كان سايبني يومها اخرج واروح واجي براحتي لانه عارف ومتاكد ان روحي موجوده فى الفيلا وان طول ماماما كريمه فى الفيلا عنده انا اسيرته مهما بعدت،، وحتي لو لفيت الدنيا هرجعله مره تانيه ولوحدي،،
كان دايما عارف نقاط ضعفي وبيعرف ازاي يدخلي منها..
المهم رحت الشركه وكل الموظفين رحبوا بيا واتحمدولي بالسلامه وابتديت اشوف ايه اللي فاتني طول فترة غيابي،،
ولقيت الشركه بقت في قاع الشركات،، ومبيعاتنا قلت للربع تقريباً،، ومتعملش اي ماركتينج من اي نوع من يوم ماغبت،، ولا جددوا الحملة الاعلانيه بتاعة التليفزيون ولا اي حاجه..
عملت كل دا يومها بنفسي وبالتليفون، وحولت فلوس الحمله الاعلانيه من حسابي اللي فالبنك،،
وروحت يومها وانا حاسه ان اللي جاي هيكون احسن بأمر الله،، وان اللي نجاني من الموت علي ايد حسام قادر يخلصنى منه،،،
وكنت فاكره اني شفت الاسواء علي الاطلاق،، وان مفيش حاجه اسواء من كده ممكن تحصلى،، لكن للأسف كنت غلطانه..
❈-❈-❈
انهت جملتها واغمضت عينيها بألم وبدأت انفاسها تعلوا وتهبط وجسدها يهتز بقوة جعلتنى ارتبك ولا اعرف ماذا افعل،، فهرعت اليها وكدت ان امد يدي لتثبيتها،، ولكن سبقتني اليها السيدة كريمه،، حين القت اكواب القهوة من يدها، وجاءت الي ود مسرعة في لهفه، وقامت بإحتضانها وشرعت فى قراءة القرآن عليها بصوت عالٍ تقطعه بين الحين والآخر وهي تتلفت حولها و تصيح :
ابعدوا عنها متأذوهاش،، ابعدوا عنها،،،
ماااجِئتُم بِهِ السِّحرُ إِنَّ اللَّـهَ سَيُبطِلُهُ إِنَّ اللَّـهَ لا يُصلِحُ عَمَلَ المُفسِدينَ ،، وَيُحِقُّ اللَّـهُ الحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَو كَرِهَ المُجرِمونَ).
بسم الله ارقيكي،، بسم الله الله ارقيكي،،
لا اعلم كم مر من الوقت وانا اقف حائراً لا اعرف ماذا افعل وانا اراها تتقلب فى احضان السيدة كريمه كسمكة أُسقطت حية فى زيت ساخن،،
وقد ابيضت شفتاها وانقلبت عيناها للأعلي كانها تصارع سكرات الموت،،
والغريب كل الغرابه ان السيدة كريمه تتعامل مع الموقف بمنتهي الحرفيه وعدم الخوف والثبات كأنه شيئ اعتادت عليه،، او كأنها صادفت هذه النوبه من ود الاف المرات!!!
واخيراً بدأت ود تهدأ وتستكين ،، وجسدها يتخلص من انتفاضته،،
وكان من الجلى لي او لأي طبيب آخر انها حالة صرع واضحة وضوح الشمس،، هذا هو تفسير العلم،، ولكن بعد كلام السيدة كريمه عما تعرضت له ود من سحر واعمال سفليه،، هنا كان يجب على عقلي ان يدخل سبباً آخر غير التفسيرات العلميه في حسبانه...
ونامت ود اخيراً مستسلمة مستكينه فى احضان كريمه،، وقد تحولت كلياً من سيدة كانت في كامل رشدها منذ قليل،، الي سيدة غاب عنها الرشد والوعي تماماً.
زفر الطبيب حمزه بقلة حيله، وهو ينقل انظاره مابين معشوقته المسكوبة ارضاً ويتحسر عليها،، وبين تلك النائمة والتي يبدوا ان علاجها لن يكون نفسياً فقط،، فقد فعل فيها هذا الوغد وعائلته الافاعيل..
وتحرك مغادراً الغرفة الي المطبخ،، وقام بإعداد قدحاً جديداً من القهوة له بدلاً عن الفقيد السابق ،،
وخرج به، ووقف مقابل النافذه وبدأ فى ارتشافه وهو يفكر ويسأل نفسه :
كيف لي ان اتركها الان وهي بهذا القدر من الضعف؟ وفي نفس الوقت لا استطيع ان اترك عملي في هذا الوقت بالذات ،،
حالة من الحيرة سيطرت عليه اوقفت عقله تماماً عن الاهتداء لأحد الحلول
وانهي قدحه وظل ممسكاً به فارغاً وهو غارق في محاولاته الفاشله في ايجاد الحل المناسب..
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية